علم المسيح

يوم الدينونة العظيم



يوم الدينونة العظيم

يوم الدينونة
العظيم

 

«وَمَتَى
جَاءَ ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ ٱلْمَلائِكَةِ
ٱلْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ.
وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ ٱلشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ
بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ ٱلرَّاعِي ٱلْخِرَافَ مِنَ ٱلْجِدَاءِ،
فَيُقِيمُ ٱلْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَٱلْجِدَاءَ عَنِ
ٱلْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ ٱلْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ:
تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا ٱلْمَلَكُوتَ ٱلْمُعَدَّ
لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي.
عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَاناً
فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضاً فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوساً فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ.
فَيُجِيبُهُ ٱلأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ
جَائِعاً فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَاناً فَسَقَيْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ
غَرِيباً فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَاناً فَكَسَوْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ
مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ فَيُجِيبُ ٱلْمَلِكُ
وَيَقُولُ لَهُمُ: ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ
بِأَحَدِ إِخْوَتِي هٰؤُلاءِ ٱلأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.

 

مقالات ذات صلة

«ثُمَّ
يَقُولُ أَيْضاً لِلَّذِينَ عَنِ ٱلْيَسَارِ: ٱذْهَبُوا عَنِّي يَا
مَلاعِينُ إِلَى ٱلنَّارِ ٱلأَبَدِيَّةِ ٱلْمُعَدَّةِ
لِإِبْلِيسَ وَمَلائِكَتِهِ، لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ
تَسْقُونِي. كُنْتُ غَرِيباً فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَاناً فَلَمْ تَكْسُونِي.
مَرِيضاً وَمَحْبُوساً فَلَمْ تَزُورُونِي. حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضاً
قَائِلِينَ: يَارَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعاً أَوْ عَطْشَاناً أَوْ غَرِيباً
أَوْ عُرْيَاناً أَوْ مَرِيضاً أَوْ مَحْبُوساً وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟ فَيُجِيبُهُمْ:
ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ
هٰؤُلاءِ ٱلأَصَاغِرِ فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا. فَيَمْضِي
هٰؤُلاءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَٱلأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ
أَبَدِيَّةٍ» (متى 25: 31-46).

 

كانت
خاتمة هذا الخطاب للتلاميذ على جبل الزيتون مؤثرة ومفيدة للغاية، إذْ صوَّر المسيح
فيها اجتماع البشر في يوم الدين، عندما يتَّخذ المخلص الرؤوف صفته كالديَّان،
ويجيء في مجده وجميع الملائكة القديسين معه، ويجلس على كرسي مجده. حينئذٍ يجتمع
أمامه جميع الشعوب، وكالراعي الصالح الذي يعرف خاصته، يفرز الخراف فيضعها عن يمينه
في مقام الرضى والإِكرام، ويضع الجداء (الذين ليسوا خرافه) عن يساره في مقام الرفض
والإبعاد، ولا يجد الذين على اليسار لنفوسهم عذراً، عندما يرون المسيح الذي يرثي
لضعفات البشر، لأنه جُرِّب مثلهم، والذي في حبه المتناهي مات عنهم فدية، لأنهم لم
يلتجئوا إليه للخلاص.

 

ثم
يعلن هذا الديَّان النصيب الصالح الذي للخراف، وهو الميراث المُعدّ لهم منذ تأسيس العالم،
لأنهم مباركو أبيه الذين أعده لهم. ويعلن نصيب الجداء الذي لم يعدَّه لهم، وهو
النار الأبدية التي أعدها لإبليس وملائكته. لقد اختاروا الانقياد إلى إبليس
وملائكته رغم إرادة اللّه والوسائط التي أعدَّها لهم لأجل الخلاص، فلا عذر لهم إنْ
أرسلهم اللّه إلى محل إبليس، الرئيس الذي تبعوه في حياتهم الأرضية، وفضَّلوا طاعته
على طاعة المخلِّص الجالس على كرسي الدينونة. أما السبب الأصلي للدينونة فهو عدم
إيمانهم به. ولأنهم لم يؤمنوا ولم يعملوا ما يطلبه من تابعيه، وقد أهملوا العمل
الخصوصي الذي يذكّرهم به، وهو معاملة البؤساء ولا سيما أتباعه منهم، الذين دعاهم
«إخوتي هؤلاء الأصاغر».

 

في
هذا المثل يوضّح المسيح أن إطعام الجائعين وكساء العراة وافتقاد المسجونين وإضافة
الغرباء وزيارة المرضى، وأمثال ذلك من الإحسان الذي يفعله الإنسان حباً للمسيح،
يكون كأنه لذات شخص المسيح، فيُثاب الفاعل، ليس على ما فعل فقط، بل على قصده في
فعله. وأما الذي لعدم حبه للمسيح لا يفعل هذا الإِحسان، فكأنه منعه ليس عن
المساكين بل عن المسيح ذاته. وفيه أيضاً يبيّن المسيح أن الخير الذي يهمله
الإنسان، وليس فقط الشر الذي يعمله، يوقعه في الهلاك. وهذه من أصعب الدروس،
وقليلون جداً هم الذين يحفظونها.

 

استسلم
يهوذا الإسخريوطي تماماً لقيادة إبليس الذي لم يفلته ولو قليلاً إلى أن أوصله إلى
النار المُعدَّة لإبليس وجنوده. ظهر انفصال يهوذا القلبي عن المسيح قبل هذا الوقت
بثلاثة أيام لما اعترض على مريم إذْ دهنت قدميّ المسيح بالطيب في بيت عنيا، ولم
ينتبه لذلك باقي التلاميذ لسلامة قلوبهم. ويُرجَّح أنه بينما كان المسيح يكلم
التلاميذ على جبل الزيتون، دبَّر يهوذا حُجّة معقولة ليتركهم ويعود إلى المدينة
ليسعى بما وسوس إليه إبليس الشرير. نتصوَّر أن ضميره حاربه جداً وهو يفتكر كيف يستخدم
مقاصد اليهود ضد المسيح وسيلة ليربح أولاً مالاً، وثانياً صداقتهم للحصول على
معيشته، عندما تتوقّف إعالته من إيراد الصندوق الذي كان يختلس منه. ألم ينتبه إلى
تصريحات المسيح بأن ملكوته ليس زمنياً؟ وبأن نصيب تابعيه هو الخسائر والمقاومات
والإهانات والاضطهادات المهينة؟ أوَلَمْ ينتبه أيضاً إلى تكرار المسيح عبارات
تدلُّ على معرفته أسراره؟ فما دام لا مَيْل له للتوبة والتقوى، لا بد أن هذه
العوامل تزيد انفصاله عن المسيح. حينئذٍ دخل الشيطان فيه، وترأس على قلبه.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى