كتب

نقد إنجيل يهوذا



نقد إنجيل يهوذا

نقد
إنجيل يهوذا

 

من
حيث اكتشاف انجيل يهوذا ..هذا الإنجيل يركّز علي يهوذا الاسخريوطي، و بالنسبة
لجميع المسيحيين فإن يهوذا هو التلميذ الذي خان السيد المسيح وسلّمه في مقابل 30
من الفضة، ولكن هذه البردية المّكتشفة و التي ترجع لأواخر القرن الثالث تصف شخص
مختلف ..فهي تصف يهوذا بأنه كان صديقا وفيا للسيد المسيح، وقد طلب منه السيد
المسيح أن يخونه حتى تتحقق النبوة ويسلمه فتتحرر روحه ويصعد إلى السماء.

أما
عن اكتشافه فهو مكتوب باللغة القبطية باللهجة الصعيدية، وقد تُرجم من اليونانية في
حوالي عام 280م كما قال
Herb
Krosney
الذي كتب كتاب The Lost Gospel المحتوي علي ترجمة هذه المخطوطة، و قد تم اكتشافه عام 1970 في مصر في
الصحراء بالقرب من المنيا. والمخطوطة عبارة عن 66 صفحة بها إنجيل يهوذا في تسعة
صفحات، ورؤية يعقوب، و خطاب من بطرس لفيلبس.

مقالات ذات صلة

(وهي
جميعها كتب مزيفة منحولة، نُسبت زيفا لهؤلاء القديسين)

أبعاد
المخطوطة: 16 × 29 سم

مع
ملاحظة أن هذه هي النسخة الوحيدة (لإنجيل) يهوذا وقد كُشف عنها النقاب في يوم 9
ابريل علي القناة الخاصة ب
The
National Geographic Society
،
و ستوضع هذه المخطوطة بعد الانتهاء من فحصها في المتحف القبطي بالقاهرة.

(1)    ومن
الجدير بالذكر أن هذا الإنجيل لم يخبرنا بشيء جديد عن السيد المسيح و لم يخبرنا
بشيء جديد عن يهوذا الاسخريوطي سوى حكاية خيالية تصف أن يهوذا عندما خان السيد
المسيح ما كان يفعل سوي ما أمره به السيد المسيح بتسليمه، وإنه كان التلميذ المفضل
لدي السيد المسيح، كما أنه كان الوحيد من التلاميذ الذي فهم السيد المسيح

(2)    وأهمية
هذا الإنجيل (مع التحفظ علي كلمة إنجيل) تعود إلى أنه أكد لنا ما نعرفه عن الفكر
الهرطوقي الممل الخاص بالغنوسيين، وهذا الكتاب قد اُدين بالفعل من قِبَل قادة
الكنيسة الأول مثل إيريناؤس الذي وُلد ما بين عامي (115-120):

They declare that Judas
the traitor was thoroughly acquainted with these things, and that he alone,
knowing the truth as no others did, accomplished the mystery of the betrayal;
by him all things, both earthly and heavenly, were thus thrown into confusion.
They produce a fictitious history of this kind, which they style the Gospel of
Judas

(3)    واضح
هنا أن ايريناؤس يقول أن الغنوسيين قد ابتكروا تاريخ خيالي و مزيف في عقولهم
وصاغوه في الكتاب المسمي إنجيل يهوذا. ولا داعي للانزعاج فهذا النص غير مسيحي علي
الإطلاق، فهو لم يظهر إلا بعد حوالي 150 عام من موت السيد المسيح. قبل اكتشاف
مكتبة نجع حمادي التي احتوت علي الكتابات الغنوسية، لم نكن نعرف عن الفكر الغنوسي
سوي ما نقرأه في كتابات آباء الكنيسة الأولين في ردودهم علي هذا الفكر الهرطوقي.

(4)    من
المعروف أن الفكر الغنوسي يقول بعدة آراء: فقد آمنوا أنَّ المسيح ‏كان مُجرّد خيال
وشبح (‏
phantom‏)، وأنَّه أحد الآلهة العلويّة وقد نزل علي ‏الأرض في جسد خياليّ
وليس فيزيائيّ، ماديّ، حقيقيّ، إنَّه روح إلهيّ ليس له ‏لحم ولا دم ولا عظام،
لأنَّه لم يكنْ من الممكن، من وجهة نظرهم، أنْ يتّخذ ‏جسدًا من المادة التي هي شرّ
في نظرهم! لذا قالوا أنَّه نزل في صورة وشبه إنسان ‏وهيئة بشر دون أنْ يكون كذلك،
جاء في شكل إنسان دون أنْ يكون له مكوّنات ‏الإنسان من لحمٍ ودمٍ وعظامٍ، جاء في
” شبه جسد ” و ” هيئةالإنسان “، وقالوا ‏أنَّه لم يكنْ يجوع
أو يعطش أو ينام، ولم يكن في حاجة للأكل أو الشرب 000 إلخ‏ وأنَّه كان يأكل ويشرب
وينام متظاهرًا بذلك تحت هيئة بشريّة غير حقيقيّة. وشبّهوا ‏جسده بالنور أو شعاع
الشمس، فإنَّ النور وشعاع الشمس يمكن لهما أنْ يخترقا ‏لوحًا من الزجاج دون أنْ
يكسرا هذا اللوح ” . كان مجرد خيال.

(5)         
سنعرض الآن أفكار قادتهم:

 ‏1 – فالنتينوس (حوالي
137م): وقال أنَّ المسيح لم يتّخذْ جسدًا إنسانيًا حقيقيًا بل إتّخذ هيئة الجسد،
مظهر الجسد ‏وهيئة الإنسان لأنَّه لا يمكن أنْ يأخذ جسد من المادة التي هي شرّ
بحسب اعتقاده! إتّخذ جسدًا سمائيًا وأثيريًا، وهو، حسب قوله لم يُولد من العذراء
ولكن جسده ‏الهوائيّ مرّ من خلال جسدها العذراوي .

2-
سترنيوس (‏
Saturnius‏) وقوله أنَّ المسيح كان بلا ميلاد وبلا جسد وبدون ‏شكل وكان
مرئيًا افتراضًا، كان كائنًا روحيًا وقد بدا وكأنَّه إنسان .?و نتيجة لذلك: فلما
وُضع علي الصليب ‏ليُصْلَب بدا لهم وكأنَّه يُصْلَب ولكن لأنَّه شبح وروح وخيال
فقد ظهر في مظهر ‏وهيئة وشكل الذي يُصلب ولكن في الحقيقة لم يُصلب بل شُبِّه لهم
أنَّه يُصْلَب!! ‏بدا لهم معلقًا علي الصليب ولكنّه في الحقيقة غير ذلك!! بدا لهم
يسفك الدم ‏وينزف أمامهم ولكن لأنَّه شبح وروح وخيال وليس له لحم ولا دم ولا عظام،
فقد ‏كان يبدو هكذا لهم مظهريًا فقط، شُبِّه لهم!! ظهر وكأنَّه مات علي الصليب وهو
‏الإله الذي لا يموت!! إذن فنحن نعرف أن الغنوسيين (الخياليين) يقولون بروحانية
جسد المسيح أي أنه لم يكن جسد حقيقي ولكنه جسد روحي .. وهذا يتأكد في مؤلفهم
الهرطوقي الذي يسمونه أعمال يوحنا: أنَّ المسيح عندما كان ‏يسير علي الأرض لم يكنْ
يترك أثرًا لأقدامه وعندما كان يوحنا يُحاول الإمساك به ‏كانت يده تخترق جسده بلا
أي مقاومة حيث لم يكنْ له جسد حقيقيّ. وكانت ‏طبيعة جسده متغيّرة عند اللمس، فتارة
يكون لينًا وأخري جامدًا ومرّة يكون ‏خاليًا تمامًا .فالفكر الغنوسي يتركز في أن
جسد السيد المسيح لم يكن جسدا حقيقيا ولكنه كان جسدا روحيا، و نحن نعرف أن لهم
العديد من الكتب الأبوكريفية التي نسبوها للتلاميذ في حين أن التلاميذ أبرياء منها
تماما (مثل المكتبة المُكتشفة في نجع حمادي).أما بالتدقيق في إنجيل يهوذا فإنه
يؤكد هذا الفكر الغنوسي القديم .. حيث أن هذا الإنجيل الأبوكريفي يقول بأن السيد
المسيح قد طلب من يهوذا أن أن يسلمه لكي يتحرر السيد المسيح من هذا الجسد و يعود
للعالم الروحاني الذي أتي منه،و يكون قد تمم الخلاص هكذا.. هذا ما ورد في انجيل
يهوذا الأبوكريفي، وهو بكل وضوح يؤكد أن هذا الإنجيل لا ينتمي للمسيحية الحقيقية،
لكنه ينتمي للهرطقة الدوسيتية الغنوسية حيث يحاول الكاتب إثبات أن جسد السيد
المسيح كان جسدا روحيا و له اشتياق للعودة إلي عالمه الروحي و ترك العالم الأرضي،
و لهذا قد طلب من يهوذا أن يسلّمه، وكما أوضحنا في بدايات المقال كيف أن ايريناؤس
هاجم هذا الإنجيل الأبوكريفي .. فلم الضجة الإعلامية التي قام بها الكافرون أعداء
الكتاب المقدس و أعداء المسيحية؟؟ثانيا لإثبات أن هذا (الإنجيل) خاص بالغنوسيين ..
نحن نعرف أن من افكار و عقائد الغنوسيين أنهم كانوا ينظرون للمادة علي أنَّها شر
ّ! وآمنوا بمجموعة كبيرة من الآلهة، فقالوا ‏أنَّه في البدء كان الإله السامي غير
المعروف وغير المدرك الذي هو روح مطلق، ‏ولم تكن هناك المادة، هذا الإله الصالح
أخرج، إنبثق منه، أخرج من ذاته، عدد ‏من القوات الروحيّة ذات الأنظمة المختلفة
التي أسموها بالأيونات (‏
Aeons‏)، هذه ‏القوات المنبثقة من الإله السامي كان لها أنظمة مختلفة
وأسماء مختلفة وتصنيفات ‏وأوصاف مختلفة، وهذا نفس ما تحدث عنه إنجيل يهوذا في
عملية الخلق .. و يمكنك مراجعة نص هذا الإنجيل للتأكد من هذا الكلام .. إذن هذا
المخطوط لا يمت للعقيدة المسيحية بصلة، و لكنه يعرض الفكر الغنوسي الهرطوقي ليس
إلا .كما أن هناك بعض من الكافرين يدّعون بأن هذا الإنجيل قال أن هناك من سيأتي
بعد المسيح وهو أقوي منه .. ولكن حتى هذا الإنجيل الهرطوقي لم يقل بمثل هذه
الخرافات … (ارحموا نفسكم بقي).أما من حيث ما جاء في الكتاب المقدس عن يهوذا
الكافر فهو ما يلي: كان يهوذا الاسخريوطي واحدا من التلاميذ ال 12 و كان هو
المسئول عن صندوق المال وكان يسرق ما يُلقى في الصندوق و ظهرت مطامعه و كُشفت
شخصيته المادية الوضيعة عندما سكبت مريم الناردين غالي الثمن علي السيد المسيح و
غضب يهوذا من هذا ليس لخوفه علي الفقراء بل لأنه كان سارقا و يقول الكتاب أن
الشيطان تملّكه وهذا لأن يهوذا كانت ميوله تتجه نحو مجيء مسيح قائد حربي قوي،غني،
و لكن لم يكن المسيح هكذا لأنه قال مملكتي ليست من هذا العالم فلذلك خاب ظن يهوذا
الاسخريوطي و لما كان مسئولا عن صندوق المال و كان يسرق من هذا الصندوق، اغتاظ
عندما وجد مريم تسكب طيب ثمنه 300 دينار علي السيد المسيح، و اعترض بأن الصندوق
كان أولى بال 300 دينار، أي إنه كان يريد أن يحتال علي هذه الأموال، وحينما رد
عليه السيد المسيح بأن ما فعلته مريم كان لتكفينه.. اصبح يهوذا حانقا علي السيد
المسيح و ذهب إلى قادة اليهود ليسلمهم يسوع الناصري و قبض 30 من الفضة ثمنا لهذا و
بهذا هو تمم النبوة التي جاءت في العهد القديم في سفر زكريا وكانت نهاية يهوذا
كالآتي: بعدما سلم السيد المسيح، ندم علي ما فعله و أعاد الفضة إلي الكهنة و تركها
في الهيكل و انصرف ومضي و شنق نفسه علي طرف هوة في وادي ابن هنوم و انقطع الحبل و
سقط في الوادي علي الصخور فانسكبت احشاؤه.

السؤال
الذي يطرح نفسه هنا هو الآتي: نحن لدينا آلاف المخطوطات تضم الاناجيل الأربعة
بالإضافة لسفر الأعمال و جميع هذه المخطوطات متطابقة تماما، و جاءت فيها قصة يهوذا
الاسخريوطي كما نقلناها تماما، في حين أن إنجيل يهوذا الإسخريوطي المزيف لا يوجد
له سوي مخطوطة واحدة و بها العديد من الفجوات و السطور التي لم يستطع العلماء
قراءتها .. فما الذي يدفعنا إلي تكذيب آلاف المخطوطات التي تضم العهد الجديد، و
تصديق مخطوطة واحدة وحيدة متهالكة غير واضحة تضم هذا الإنجيل المزيف؟؟لنحلل معا
قصة يهوذا كما جاءت في كتب العهد الجديد و نقارنها بالقصة التي وردت في هذا
الإنجيل المزيف … لقد جاء في هذا الكتاب المزيف أن التلاميذ لم يعرفوا شيء عن
الإتفاق الذي دار بين السيد المسيح و يهوذا (وهو أن يهوذا سلّم السيد المسيح بناءا
علي أوامر السيد المسيح له) .. فإذا افترضنا أن التلاميذ لم يكونوا يعرفوا شيء عن
هذا الإتفاق الوهمي ..فهل لم يكونوا يعرفون ما فعله يهوذا في نفسه بعدما سلم
المسيح؟؟ لقد قام يهوذا بالانتحار لأنه ندم علي تسليم السيد المسيح .. فإذا كان
هناك اتفاق بينه و بين السيد المسيح و مكتوب في هذا الكتاب المزيف أن السيد المسيح
قال ليهوذا أن تسليمه للمسيح هو عمل عظيم و ظل المسيح يمتدح يهوذا .. فما الذي دعي
يهوذا للانتحار؟؟ نحتاج لإجابة من كل من يتشدق بهذه الخرافات التي جاءت في هذا
الكتاب المزيف و كل من يعتنقها و يصدقها .ثانيا من الناحية التاريخية عن إثبات
انتحار يهوذا .. لقد ذُكر أن يهوذا انتحر في البشارة بحسب القديس متي كما سبق و
ذكرنا، و في نفس الوقت ذُكرت قصة انتحار يهوذا بالتفصيل في سفر أعمال الرسل لكاتبه
القديس لوقا، فنري هنا أن خبر انتحار يهوذا مؤكد عندنا في موضعين و ليس موضع واحد
في الكتاب المقدس .وليس جديد علينا رؤية هذه الكتابات المزيفة التي ينسبوها إلي
قديسين هم أبرياء منها ..فأن الغنوسيين الذين ذكرناهم في بداية الحديث هم أصحاب
هذه الكتب المزيفة الهرطوقية و لهم العديد من الكتب علي هذا المنوال وهي: أعمال
يوحنا، إنجيل بطرس،إنجيل الحقيقة، إنجيل فيلبس، أبوكريفا يعقوب، أعمال أندراوس،
أعمال بطرس و بولس، بالإضافة إلى الرسائل الأبوكريفية التي وُجدت في المخطوط الذي
نتحدث عنه، و هذه الكتب انتحلت أسماء هؤلاء القديسين، إذ ليس لهؤلاء القديسين أي
صله بها إذ أنها كُتبت بعد نياحتهم بقرون .وقد جاء العديد من الخرافات في هذا
الكتاب المزيف و لكن ليس هناك مجال الآن لعرضها و مناقشتها و دحضها.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى