علم الكتاب المقدس

طرح المشكلة



طرح المشكلة

طرح
المشكلة

تطرح
المشكلة بأكثر عنف في مواقف ثلاثة:

1-
الموقف الأول هو رفض مبدئي لكل تدخل أو ظهور إلهي في تاريخ العالم, وهو بالتالي
رفض الطابع الإلهي للتوراة رغم الإيمان بالله. هذه الفئة من الناس تعتقد بأن الله
قد خلق العالم ثم تركه ولا يعود يتدخل فيه وأن العالم إنما يسير على منوال الساعة,
فلا حاجة بالتالي للصلاة إلى الله ولانتظار أي شيء منه. أما التوراة فهي مجموعة
مؤلفات استقيت من مصادر عديدة كغيرها من المجموعات التي ظهرت في الصين والهند
وبلاد أخرى. والتوراة كتاب بشري حسن وغير حسن فيه أشياء صالحة كما فيه أشياء
فظيعة.

 

2-
الموقف الثاني هو موقف أناس قد يكونون مؤمنين إلا أنهم يتكلمون باسم العلم وعلى
صعيد الحقائق القابلة للإثبات العلمي. هؤلاء يرفضون حقيقة بعض الوقائع الواردة في
التوراة قائلين أن التوراة تخطئ في بعض الحالات: فالطوفان مثلاً عبارة عن أسطورة,
وخروج إسرائيل من مصر لم يحدث فعلاً الخ.. إنهم يعترفون بطابع التوراة الإلهي
خلافاً للموقف الأول, ولكنهم يقولون: إذا أخطأت التوراة هنا فما من أحد يستطيع
إقرار عدم خطأها هناك.

 

3-
الموقف الثالث هو موقف من يعترفون بالكتاب وبما يرويه ولكنهم ينكرون التفسير
المسيحي للكتاب. فصحيح مثلاً أن اليهود خرجوا من مصر ولكن لماذا نفسر عبورهم البحر
الأحمر بمساعدة الله لهم؟ فموسى كان رجلاً حكيماً وعالماً في زمنه, عالماً بالمد
والجزر فغادر مصر في أيام الفصح والقمر بدر وعبر البحر الأحمر في أضيق مكان وقت
الجزر, ثم أتى المصريون مع المد فغطتهم المياه. وكذلك قصة جبل سيناء ولوحي العهد.
فقد صعد موسى حقيقة إلى الجبل وحدث فعلاً ما ترويه التوراة. ولكن هذا كان نوعاً من
زوبعة أو بركان فخدع موسى الشعب إذ كان أفهم منهم.

 

وهكذا
يمكن تلخيص الاعتراضات المختلفة على الكتاب بأن جميع المعترضين يسيرون بإظهار
متناقضات الكتاب, تلك المتناقضات التي كشفتها العلوم الفلكية والجيولوجية
والبيولوجية وغيرها (مثلاً قصة دوران الشمس حول الأرض, وقصة خلق العالم في ستة
أيام, وقضية قدم الكون الذي يبلغ في الحقيقة مليارين وستماية مليون سنة, وكيف خلق
النور أولاً ثم الشمس مصدر النور, وكيف خلق الله الإنسان ونفخ الحياة في أنفه
بينما وجدت أولاً خلية أعطت بالتطور سائر الكائنات الحية ومنها الإنسان, وكيف
الأرنب ليس من الحيوانات المجترة خلافاً لما يورده الكتاب الخ..), ثم المتناقضات
الأخلاقية (كيف لجأ ابراهيم أبو الآباء إلى الكذب جاعلاً امرأته أخته أمام
المصريين للإبقاء عليها, وكيف سلب يعقوب حق البكورية من عيسو احتيالاً, والعبارات
المنافية للأخلاق الخ..), ثم المعجزات والعجائب التي يجمعون على إنكارها. فكيف
نجاوب عن كل هذا؟ من البديهي أنه لا يمكننا إقناع الطرف الآخر كلياً عن طريق حججنا
إذ ليس من وصفة عجائبية في هذا المضمار. بل ينبغي محبة الطرف الآخر والصلاة من
أجله وعدم إدانته إذ قد يكون سائراً في الطريق نحو الإيمان وقد يكون أحسن منا.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى