بدع وهرطقات

النسطورية



النسطورية

بدعة
نسطور

اولا
مقدمة:

1-
ولد نسطور بجرمانيقية المعروفة الان بمرعش فى سورية واظهر فى مبدأ امره غيرة ضد
الاريوسيين.

2-
ارتقى الكرسى القسطنطينى وحارب جميع الهرطقات التى كانت موجودة فى عصره

3-
وراح ينادى ببدعة جديدة هى: “ان مريم لم تلد الها،بل مايولد من الجسد ليس الا
جسدا، وما يولد من الروح هو روح، وان الخليقة لم تلد خالق، بل ولدت انسانا هو آلة
اللاهوت”.

ثانيا
الفكر النسطورى:

1-
رفض عقيدة الاتحاد حسب الطبيعة: أى رفض الاتحاد بين اللاهوت والناسوت.

2-
اعتبار العلاقة بين اللاهوت والناسوت هى اتصال وليس اتحاد.

3-
اعتبار ان الكلنة هو ابن الله، وان يسوع هو ابن العذراء مريم،والتعليم بابنين
وبأقنومين (ابن الله – ابن الانسان.)

4-
اعتبار ان الانسان يسوع مختار من الكلمة وقد انعم علية الكلمة بكرامتة والقابة
ولذلك نعبدة معة بعبادة واحدة.

5-
رفض تسمية السيدة العذراء والدة الالة ويسميها ” ام المسيح” يرفض
“ثيئوتوكوس” وينادى ب”خرستوطوكوس” (والة المسيح الانسان)

6-
رفض الاتحاد الاقنومى.

 

الرد
على الفكر النسطورى:

الايمان
الصحيح بشأن طبيعة السيد المسيح حسب تعاليم البابا كيرلس عمود الدين:

1-
ان الرب يسوع كاملا فى لاهوتة وكامل ايضا فى ناسوتة وان اللاهوت والنلسوت متحدان
اتحادا حقيقيا تاما فى الجوهر وفى الاقنوم وفى الطبيعة من غير انفصال وبدون امتزاج
اوتغير.

2-
ان الاقنوم الثانى فى الثالوث المقدس اتخذ من السيدة العذراء جسدا بشريا ونفسيا
انسانيا ناطقة كاملة وان المولود منها هو الالة الذى لة طبيعة واحدة متجسدة لها
صفات وخصائص الطبيعتين معا.

3-
وتتضح صحة وسلامة عقيدة الطبيعة الواحدة لله الكلمة المتجسد من الادلة الكتابية
الاتية:

1-
يو 1: 14 والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا
نعمة وحقا

2-
أع 20: 20

3-
كو 1: 14،15

4-
رؤ1: 17،18

5-
يو3: 13

6-
مت12: 8

7-
مت9: 6

8-
مت25: 41

9-
يو8: 58

10-
يو9: 5.

11-
يو14: 6

12-
1كو2: 8

13-
فى2: 6-8

14-
رؤ1: 17،18

 

ثانيا
طرق مواجهتها من الكنيسة:

1-
ارسال اساقفة الكنائس الرسولية رسائل لتوضيح الايمان له

2-
عقد البابا كيرلس السكندرى مجمع مكانى بالاسكندرية حرم بدعة نسطور وحرمه

3-
وضع البابا كيرلس تحريمات اثنى عشر

4-
عقد ثيودوسيوس قيصر مجمعا مسكونى فى افسس سنة431 م حضرة مائتين اسقفا برئاسة
البابا كيرلس السكندرى وحكم المجمع بما يلى:

 

أ-
حرم ومقاومة هذه البدعة.

ب-
حرم نسطور ونفيه الى ديره ثم نفيه الى اخميم بمصر حيث مات بها.

ج-
وضع مقدمة قانون الايمان وهى:

 


نعظمك يا ام النور الحقيقى ونمخدك ايتها ايتها العذراء القديسة والدة الاله لانك
ولت مخلص العالم أتى وخلص نفوسنا المجد لك يا سيدنا وملكنا المسيح فخر الرسل اكليل
الشهداء تهليل الصديقين ثبات الكنئس غافر الخطايا نكرز ونبشر بالثالوث المقدس
لاهوت واحد نسجد لة ونمجدة يارب ارحم يارب ارحم يارب بارك آمين.”

 

5-
امر الامبراطور بحرق جميع مؤلفات نسطور وقمع البدعة النسطورية من جميع انحاء
الامبراطورية

 

6-
تم خلع عدد كبير من الاساقفة الذين يؤمنون بالنسطورية ونفوا من كراسيهم

 

ثالثا
الكنائس التى تؤمن بالبدعة النسطورية:

1-
وضع الاساقفة النسطورين المنفيون من كراسيهم اساس الكنيسة النسطورية الشرقية.

2-
وقد وجدوا ملجا لهم فى مدرسة أدسا التى اعتبرت من اعظم المراكز اللاهوتية فى بلاد
ارمنيا وسوريا وفارس وكان رئيسها هوايباس من تلاميذ ثيودوروس ونسطور.

3-
واغلق الامبراطور زينون مدرسة أدسا سنة 489 م ولكنهم انتقلوا الى نيسيبس.

4-
نال النساطرة مساندة ملوك الفرس.

5-
انتشرت النسطورية من بلاد فارس الى:

أ-
الهند

ب-
الصين

ج-
الجزيرة العربية

د-
الشرق الاقصى

6-
وكان لهم بطريرك كاثوليكوس يقيم فى بغداد وله فى القرن الثانى عشر الميلادى نحو
خمسة وعشرون مطرانا

7-
وظل النساطرة يتمتعون بحماية الخلفاء فى بغداد ولكن التتار اضطهادهم وقضوا على
غلبيتهم فى القرن الرابع عشر

8-
ولازال هناك اقلية نسطورية تسكن جبال كوردستان بالعراق وينقسمون الى:

 

أ-
الكنيسة الاشورية النسطورية الكوردية: اماكن نواجدهم: العراق – ايران – شيكاغو

ب
– انضم جذء منهم الى الكنيسة السرانية اللاخلقيدونية سنة 1958 م               

 

رابعا
الكنائس التى لاتومن بالبدعة النسطورية:

أ-
جميع الكنائس الرسولية وهم:

1-
عائلة الكنيسة الارثوذكسية الشرقية اللاخلقيدونية القديمة

2-
عائلة الكنيسة الارثوذكسية الشرقية الخلقيدونية

3-
عائلة الكنيسة الكاثوليكية الغربية الخلقيدونية

ب-
جميع الكنائس البروتستانتية فى العالم

 

هرطقة
نسطور: حول طبيعة المسيح (اقنومان في المسيح)

كان
نسطور بطريركا للقسطنطينية من سنة 428 م حتى حرمه مجمع أفسس المسكونى المقدس سنة
431 م وكان يرفض تسمية القديسة العذراء مريم بوالدة الاله (ثيؤطوكوس) ويرى أنها
ولدت إنسانا وهذا الانسان حل فيه اللاهوت لذلك يمكن أن تسمى العذراء ام يسوع وقد
نشر هذا التعليم قسيسه أنسطاسيوس وأيد هو تعليم هذا القس وكتب خمسة كتب ضد تسمية
العذراء والدة الاله.

ويعتبر
بهذا انه انكر لاهوت المسيح وحتى قوله أن اللاهوت قد حل فيه لم يكن بمعنى الاتحاد
الأقنومى وإنما حلول بمعنى المصاحبة او حلول كما يحدث للقديسين

اى
ان المسيح صار مسكنا لله كما صار في عماده مسكنا للروح القدس وهو بهذا الوضع يعتبر
حامل الله كاللقب الذى أخذه القديس أغناطيوس الانطاكى

وقال
ان العذراء لا يمكن ان تلد الإله فالمخلوق لايلد الخالق وما يولد من الجسد ليس سوى
جسد

وهكذا
يرى أن علاقة طبيعة الميسح البشرية بالطبيعة اللاهوتية بدأت بعد ولادته من العذراء
ولم تكن اتحادا وقال صراحة ” انا افصل بين الطبيعتين ”

وبهذا
الوضع تكون النسطورية ضد عقيدة الكفارة

لأنه
إن كان المسيح لم يتحد بالطبيعة اللاهوتية فلا يمكن أن يقدم كفارة غير محدودة تكفى
لغفران جميع الخطايا لجميع الناس في جميع العصور

والكنيسة
حينما تقول أن العذراء والدة الاله إنما تعنى أنها ولدت الكلمة المتجسد وليس انها
كانت اصلا للاهوت حاشا فالله الكلمة هو خالق العذراء ولكنه في ملئ الزمان حل فيها
وحبلت به متحدا بالناسوت وولدته والاثنا عشر حرما التى وضعها القديس كيرلس فيها
ردود على كل هرطقات نسطور فقد حرم من قال ان الطبيعتين كانتا بطريق المصاحبة ومن
قال إن الله الكلمة كان يعمل في الانسان يسوع أو أنه كان ساكنا فيه كما حرم من فوق
بين المسيح وكلمة الله وأنه ولد كإنسان فقط من إمراة

من
هو نسطور؟

ميلاده
ونشأته

في
خريف سنة 425 توفي اتيكوس أسقف القسطنطينية وبهذا شغر الكرسى القسطنطينى. فرشح بعض
الأكليروس كلٌ من بروكلوس سكرتير اتيكوس وفيليبوس أحد كهنة العاصمة الذى عُرِفَ
بشغفه بالآثار وباهتمامه بتاريخ المسيحية. ولكن الشعب آثر سيسينيوس أحد كهنة
الضواحي الذي اشتهر بمحبة المسيح وبتواضعه وزهده وعطفه على الفقراء. فتم انتخابه في
الثامن والعشرين من شباط سنة 426. ثم اختار الله له ما عنده فاصطفاه لجواره في
ليلة عيد الميلاد سنة 427. وعاد كلٌّ من بروكلوس وفيليبوس إلى سابق نشاطهما. ولكن
الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني آثر الخروج من هذا الخلاف المحلى بإختيار أحد الذين
لا يعرفهم كلا الفريقين وإختيار عن خلف للأسقف المتنيح لسينسينيوس من خارج العاصمة
فاتجهت أنظاره نحو أنطاكية، نحو الراهب نسطورويوس رئيس أحد أديارها الذي كان قد
اشتهر بفضله وفصاحته.وقد عُرِفَ بشغفه بالآثار وباهتمامه بتاريخ المسيحية، ولم
يستطع المؤرخون الاتفاق على أصله أو مكان وزمان ميلاده, ولكن يؤرخ ذلك بالربع
الأخير من القرن الرابع, وهناك من يظن انه سوري أو فارسي، وأما بعض النساطرة
فيظنون انه من اصل يوناني.

 

ويقول
الأنبا إيسوذورس فى الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج 1 ص 483: ” ولد
نسطوريوس في الربع الأخير من القرن الرابع الذى من مرعش (وهى مدينة جرمانيقية، وهى
الآن مرعش بشمال سوريا) من أبوين سوريين وفارسيين، وهو ابن عم ثيودوريطس المؤرخ
أسقف قورش، ترهبن فى دير مارابروبيوس بجوار أنطاكية
Euprepius
(أنطاكية تقع في شمال غرب سوريا على ضفاف نهر العاصي قرب مصبه) “.. درس
اليونانية ومبادئ العلوم في مرعش ثم انتقل إلى أنطاكية وهناك تشبع بمبادئ مدرسة
إنطاكية اللاهوتية, وتتلمذ على يد الفيلسوف العظيم ثيودوروس الموبسيوستي وكذلك أخذ
العلوم الدينية.

 

وفى
أنطاكية. قدم نذر الرهبنة فى دير
Euprepius يوبريبيوس في ضواحي أنطاكية. ثم سيم كاهناً على مذابح كنيسة
أنطاكية وكلّف بتفسير الأسفار المقدسة لتفوقه في اللغة والأسلوب،

 

من
هناك عيّن شماساً ثم قسيساً فى كاتدرائية أنطاكيا. ككاهن، وعظ كثيراً وبقبول ملحوظ،
مع تمتعه أيضاً بسمعة كونه ناسكاً صارماً وكثيراً ما أظهر حماساً عظيماً.. ورغبة
فى مدح الجموع له خاصة فى عظاته. (11)

Cf.
Hefele, C.J., quoting Socrat. Hist. Eccl. Lib, vii. C. 29; Theodoret. Haeret,
Fabul. lib. iv. c. 12; Evargrius. Hist. Eccl. i. 7; Gennad. De Scrip. eccl. c.
53 Vincent. Lirin. c. 16
.

 

 وسرعان
ما حصل على شهرة واسعة كواعظ قدير, كما كان يتسم بأنه رجل مخلص وأمين ويتسم
بالتقوى الرهبانية, وروح الحماس المشتعلة ضد كل الهرطقات, وجمال صوته وسمع به من
فى القسطنطينية فوقع اختيار السلطات على نسطوريوس، فقام إلى القسطنطينية في أوائل
سنة 428.وهذا ما دفع به في عام 428م لينتقل القسطنطينية ليشغل منصب رئيس أساقفتها
لأن الإمبراطور ثيودوريوس الثاني قرر أن يختار أجنبيا للجلوس على كرسي القسطنطينية
التي كانت تعد بحق وقتها روما الجديدة. وكان الجميع ينتظرون في القسطنطينية منه أن
يكون استمرارا ليوحنا فم الذهب، واسترجاع لموقفه العظيم في مواجهة الأريوسية
والنوفاتية،.

 

وجاء
في “أسطورة” سريانية أن نسطوريوس عرّج في طريقه إلى القسطنطينية على
معلمه القديم الأسقف ثيودوروس فأقام عنده في موبسوستي يومين كاملين. وأن ثيودوروس
شيعه حتى مشهد القديسة تقلا وقال له عند الوداع: “إني أعرفك يا بُني. لم تلد
امرأة أشد حماساً منك. فعليك بالاعتدال إن رمت النجاح في معالجة الاختلافات في
الرأي”. فأجاب نسطورويس: “ولو عشت أنت يا سيد في زمن المسيح لقيل لك
وأنت أيضاً ذاهب”.

 

 نسطور
رئيس أساقفة القسطنطينية

فور
تولي نسطور منصب أسقف القسطنطينية في 10 أبريل/ نيسان 428م أظهر غيرة شديدة في
مواجهة أي هرطقة, أظهر إعجاباً عظيماً بعمل الوعظ، حتى انه قال فى عظته الأولى
موجهاً كلماته للإمبراطور على مسمع من الجمهور: “هبني بلادا بدون هرطقة,
أمنحك السماء بديلا. إستأصل أيها الإمبراطور الهراطقة، وأنا أستأصل معك جنود الفرس
وأملكك فوق ذلك جنة الخلد (يقصد الملكوت) “.(12)

Cf.
Hefele, C.J., quoting Socrat. Hist. Eccl. vii. 29

 

*
وبعد ذلك بأيام قليلة اندفع نسطوريوس في سبيل الإيمان القوي فقام بحملة مسعورة ضد
الأحزاب والمذاهب والشيع والهرطقات الدينية. وكان أول هجومه جماعة الأريوسيين.
فاستصدر أمراً بإغلاق كنيسة الآريوسيين في القسطنطينية في الأسبوع الأول من رئاسته.

 

وفي
الثلاثين من أيار صدرت أوامر أمبراطورية تستأصل الهرطقة في جميع مظاهرها وأنواعها،
فشلمت في حكمها:

 

 الآريوسيين
والمقدونيين والأبوليناريين والنوفاتيين والأفنوميين والفالنتينيين والمونتانيين
والمركيونيين والبوربوريين والمصلّين والأفخيتيين والدوناتيين والبولسيين
والمركلوسيين والمانويين والمكدونيين والأربعت عشرية وغيرهم.

 

*
صمم على حرم الأريوسيين من الكنيسة الصغيرة التى كانوا لا يزالون يمتلكونها فى
القسطنطينية والتى كانت قد أقفلت، فأمر بإقتياد شعبها الأريوسيين ليشعلوا النار
فيها بأنفسهم، والتى بسببها نال نسطور من الهراطقة ومن كثير من الأرثوذكس لقب
“حارق متعمد”

 

*
ونُفِّذت هذه الأوامر بحزم، فأغلقت كنائس هؤلاء المبتدعين وأدى إغلاقها إلى
استعمال العنف في بعض الأحيان وإلى خسائر في الأرواح.

 

وقام
بالعديد من حملات الهدم والحرق فى سبيل تحقيق هدفه.

 

*
كما قام بحرب شعواء ضد بعض العادات والتقاليد المعروفة والمقبولة في المدينة. مثل
المسارح والغناء والرقص والملاهي.

 

*
كما هاجم أيضا تطرف الرهبان والأكليروس.

 

بداية
البدعة النسطورية

فى
رسالة.. ليوحنا أسقف أنطاكية، يؤكد نسطور أنه فى وقت وصوله إلى القسطنطينية وجد
خصوماً (متضادين) موجودين فعلاً. لقّب أحد أطرافهم القديسة العذراء بلقب
“والدة الإله” وآخر بأنها مجرد “والدة إنسان”. وحتى يتم
التوسط بينهما قال إنه اقترح عبارة “والدة المسيح” معتقداً أن كلا
الطرفين سوف يرضى بها (13)…

 Cf. Hefele, C.J., quoting Mansi, t. v. p. 573;
Hardouin, t.i.p. 1331
.

من
ناحية أخرى فإن سقراط يقص أن “الكاهن أنسطاسيوس صديق نسطور، الذى أحضره معه
إلى القسطنطينية قد حذَّر سامعيه يوماً ما، فى عظة أنه لا يجب أن يطلق أحد على
مريم لقب والدة الإله
qeotokoV (ثيئوتوكوس) لأن مريم كانت إنسانة والله لا يمكن أن يولد من
إنسان”. (14)

 

According
to Cyril of Alexandria (Ep. vi. p. 30, Ep. ix. P.37, Opp.t.v.ed. Aubert; and in
Mansi, t. iv. P. 1014
).

 

لقد
تدخل نسطور فى النزاع القائم وأراد التوفيق فسقط فى هرطقة ولما كان تعبير والدة
الإله تعبيراً مقبولاً شعبياً لتكريم السيدة العذراء فهى أم لامخلص هذا الهجوم على
المعتقد القديم والمصطلح الكنسى المقبول حتى ذلك الوقت، قد سبب هياجاً عظيماً
وإضطراباً وسط العامة من الشعب الذين يحبون العذراء ويتشفعون بها والإكليروس.
وتقدّم نسطور نفسه ودافع عن خطاب صديقه فى عدة عظات. وإتفق أحد الأطراف (المتضادة)
معه، وعارضه الأكثرية العظمى من الشعب والإكليروس بما فيهم الأساقفة حيث أنه لم
يذهب معه من أساقفته إلا 16 أسقفا إلى مجمع أفسس…

 

ولكن
يؤكد المؤرخون أن نسطور مع صديقه أنسطاسيوس كانا أول من أثار هذه البدعة. فبعض من
عظاته التى لا زالت محفوظة جزئياً هى كافية لتأكيد الخط الهرطوقى الذى تمادى فيه،
فقد بدأ بالقول أن مريم لم تلد إلاهاً ومن ثم بنى على هذا الهراء نظرياته الأخرى
عن المسيح ذاته وعلاقة الكلمة بالجسد فى السيد المسيح. ففى خطبته الأولى هتف
بعاطفة “إنهم يسألون إن كان من الممكن أن تدعى مريم والدة الإله. لكن هل لله
أم إذاً؟ فى هذه الحالة يجب أن نعذر الوثنية التى تكلمت عن أمهّات للآلهة، لكن
بولس لم يكن كاذباً حينما قال عن لاهوت المسيح (عب7: 3) أنه بلا أب، بلا أم، بلا
نسب. (+) لا يا أصدقائى لم تحمل مريم الله.. المخلوق لم يحمل الخالق إنما حملت
الإنسان الذى هو أداة اللاهوت. لم يضع الروح القدس الكلمة، لكنه أمد له من العذراء
المطوبة، بهيكل حتى يمكنه سكناه.. أنا أكرِّم هذه الحُلة التى استفاد منها من أجل
ذاك الذى احتجب فى داخلها ولم ينفصل عنها.. أنا أفرِّق الطبائع وأوحِّد التوقير.
تبصَّر فى معنى هذا الكلام. فإن ذاك الذى تشكّل فى رحم مريم لم يكن الله نفسه لكن
الله إتخذه.. وبسبب ذاك الذى إتَّخَذَ فإن المُتَّخَذْ أيضاً يدعى الله.”
(15)

Cf.
Hefele, C.J., pp. 12-13, quoting Marius Mercat. ed. Garnier-Migne, p. 757

 

أما
خطبته الثانية فتبدأ بتعبير لاذع ضد أسلافه، كما لو أنه لم يكن لديهم الوقت لقيادة
الناس نحو معرفة أعمق بالله. ومن هنا يتحول ثانية إلى موضوعه الرئيسى أن المسيح له
طبيعة مزدوجة وكرامة موحَّدة. فيقول: “حينما تتكلم الأسفار المقدسة عن ميلاد
المسيح أو موته فهى لا تدعوه الله أبداً بل المسيح أو يسوع أو الرب… مريم إذاً
يمكن أن تدعى خريستوتوكوس
CristotokoV (والدة المسيح) وحملت ابن الله بقدر ما حملت الإنسان، الذى بسبب
اتحاده (يقصد اتحاد فى الكرامة وليس فى الطبيعة كما سبق أن ذكر فى خطابه الأول.)
بابن الله (بالمعنى الخاص) يمكن أن يدعى إبن الله (بالمعنى الأوسع). وبنفس الطريقة
يمكن أن يقال أن إبن الله مات وليس أن الله مات.. إذن فلنحفظ اتصال الطبيعتين
fusewn thrwmen sunafeian الغير مختلط ولنعترف بالله فى الإنسان وبسبب هذا الإتصال الإلهى
نوقر ونكرّم الإنسان المعبود مع الله الكلى القدرة.” (16)

Cf.
Hefele, C.J., quoting Loofs, Nestoriana, p. 249
.

 فى
خطابه الثالث يقول: “إن الأريوسيين يضعون اللوغوس فقط تحت الآب لكن هؤلاء
الناس (الذين يعلِّمون بالثيئوتوكوس
qeotokoV ويتكلمون عن ميلاد الله) يضعونه تحت مريم أيضاً، مؤكّدين أنه أحدث
منها، ومعطين اللاهوت خالق الكل، أماً زمنية كأصل له. إذاً لم يكن ذاك الذى حملته
إنساناً إنما الله الكلمة، إذاً لم تكن هى أم ذاك الذى ولد، لأنه كيف تكون هى أم
ذاك الذى له طبيعة مختلفة عنها؟ لكن إن كانت تدعى أمه، إذاً فإن ذاك الذى ولد ليس
ذو طبيعة إلهية، لكنه إنسان حيث أن كل أم تحمل من له نفس جوهرها (مادتها). لم يولد
الله الكلمة إذاً من مريم، لكنه سكن فى ذاك الذى ولد من مريم.”

من
السهل أن نرى أن نسطور قد تبنّى وجهة نظر معلمه ثيئودور الموبسويستى.. وقد أنذره
كثير من كهنته بالإنسحاب من شركته ووعظوا ضده. وصرخ الشعب “لدينا إمبراطوراً،
لكن ليس لدينا أسقفاً”. والبعض ومنهم علمانيون تكلّموا ضده علناً حينما كان
يعظ، وبالأخص شخصاً بإسم يوسابيوس وهو بلا شك نفس الذى صار فيما بعد أسقف دورليم،
والذى على الرغم من كونه علمانياً فى ذلك الوقت، إلا أنه كان أول من كانت له نظرة
ثاقبة وعارض الهرطقة الجديدة. لهذا السبب استعمل نسطور له ولآخرين لقب
“الرجال البؤساء” (17)

Cf.
Hefele, C.J., quoting Marius Merc. l.c. p.770 ; Cyrill. Opp. t. iv. P.20;
Tillemont, t. xiv. P. 318

 

وإستدعى
الشرطة ضدهم، وتم جلدهم وسجنهم، وهؤلاء الآخرين هم بالتحديد بعض الرهبان، الذين
وصل إلينا فى أيامنا هذه (المتكلم هنا هو المؤرخ هيفيلى عن المرجع الذى ذكره.)
إتهامهم الموجه للإمبراطور ضد نسطور. (18)

 Cf. Hefele, C.J., quoting Hardouin. t. i. p. 1136;
Mansi, t. iv. P.1102

 

وفقاً
لهذا التقييم للأمر، فإن نسطور لم يجد النزاع قائماً بالفعل فى القسطنطينية، ولكنه.

ولقد
كان -لكن بطريقة أكثر حذراً- أن دخل بروكلوس أسقف سيزيكوس ضمن القائمة. كان فيما
سبق، كاهناً على القسطنطينية، وعين بواسطة البطريرك سيسنيوس أسقفاً لسيزيكوس. لكن
سكان تلك المدينة لم يقبلوه، ولذلك استمر يعيش فى القسطنطينية. فبدعوة من نسطور
للوعظ فى إحدى أعياد العذراء عام 429 استغل الفرصة ليصف، فى حضوره، الكرامة
والوقار الذى لمريم كوالدة الإله فى كثير من العبارات البليغة والمأخوذة من الكتاب
المقدس، وليدافع عن العبارة الموضوعة للمساءلة فى أسلوب ماهر (19)…

 Cf. Hefele, C.J., quoting Marius Mercator l. c. p.775
sqq.; Mansi t. iv. p.578

 

عظات
نسطور التى أظهر فيها هرطقته

وجد
نسطور أنه من اللازم إلقاء عظة ثانية للتو حتى يحذّر، كما قال، من كانوا حاضرين ضد
تقديم الإكرام الزائد لمريم، وضد الرأى الذى يقول أن كلمة الله (اللوغوس) يمكن أن
يولد مرتين (مرة أزلياً من الآب والمرة الثانية من مريم). فقال (نسطور) إن ذاك
الذى يقول ببساطة أن الله مولود من مريم يجعل من العقيدة المسيحية سخرة للوثنيين،
لأن الوثنيون سوف يجاوبون “لا أستطيع أن أعبد إلهاً يولد ويموت ويدفن”…
هل أقيم الكلمة من الأموات؟ وإذا كان معطى الحياة (اللوغوس) قد مات، من يمكنه أن
يعطى الحياة إذاً؟ إن سر الألوهة يجب أن يعبّر عنه بالأسلوب التالى: “أن
الكلمة الذى سكن فى هيكل شكَّله (كوَّنه) الروح القدس هو شئ والهيكل نفسه المختلف
عن الله الساكن فيه هو آخر”.

فى
خطاب آخر ألقى بعد ذلك ضد بروكلوس؛ شرح أنه يستطيع أن يسمح بتعبير ثيئوتوكوس
qeotokoV إذا فهم بالصواب، ولكنه أجبر على معارضته لأن كلاً من الأريوسيين
والأبوليناريين حموا أنفسهم وراءه. إن لم يتم التمييز بين الطبيعتين بما يكفى، فإن
أريوسياً قد يأخذ كل نصوص الأسفار هذه التى تشير إلى الضعة والمذلة
tapeinwsiV (تابينوسيس) التى كانت للمسيح كإنسان، مثل عدم معرفته وغيره،
ويحوله إلى طبيعته الإلهية ليثبت بها نظريته فى أن الابن أقل من الآب. علاوة على
ذلك فإن نسطور ينسب لأولئك الذين يستخدمون لقب ثيؤتوكوس
qeotokoV
الرأى بأن اللاهوت، من وجهة نظرهم، بدأ أولاً خلال مريم، وهذا بالطبع لم يؤكده أحد،
وأنه تجنباً لهذا الرأى يقترح بدلاً من عبارة “الله ولد من مريم” أن
يسمح بعبارة “الله مر من خلال مريم”.

هناك
مقتطفات لعظة أخرى موجهة كليةً ضد تبادل الخواص
communicatio idiomatum (أى تبادل الألقاب الإلهية والإنسانية للسيد المسيح فى مقابل
خواصه الإنسانية والإلهية) وبالتحديد ضد عبارة “تألّم الكلمة”، ولكن
يبقى خطابه الرابع ضد بروكلوس هو الأكثر أهمية ويحوى الكلمات التالية: “إنهم
يدعون اللاهوت معطى الحياة قابلاً للموت، ويتجاسرون على إنزال اللوغوس إلى مستوى
خرافات المسرح، كما لو كان (كطفل) ملفوفاً بخرق ثم بعد ذلك يموت.. لم يقتل بيلاطس
اللاهوت – إنما حُلة اللاهوت. ولم يكن اللوغوس هو الذى لف بثوب كتّانى بواسطة يوسف
الرامى… لم يمت واهب الحياة لأنه من الذى سوف يقيمه إذاً إذا مات.. ولكى يصنع
مرضاة البشر اتخذ المسيح شخص الطبيعة الخاطئة (البشرية).. أنا أعبد هذا الإنسان
(الرجل) مع اللاهوت ومثل آلات صلاح الرب.. والثوب الأرجوانى الحى الذى للملك…
ذاك الذى تشكَّل فى رحم مريم ليس الله نفسه.. لكن لأن الله سكن فى ذاك الذى اتخذه،
إذاً فإن هذا الذى اتُّخِذَ أيضاً يدعى الله بسبب ذاك الذى إتخذه. ليس الله هو
الذى تألم لكن الله اتصل بالجسد المصلوب… لذلك سوف ندعو العذراء القديسة
ثيئوذوخوس
qeodocoV (وعاء الله) وليس ثيئوتوكوسqeotokoV
(والدة الإله)، لأن الله الآب وحده هو الثيئوتوكوس، ولكننا سوف نوقّر هذه الطبيعة
التى هى حُلة الله مع ذاك الذى إستخدم هذه الحُلة، سوف نفّرق الطبائع ونوحّد
الكرامة، سوف نعترف بشخص مزدوج ونعبده كواحد.”

من
كل ما تقدم نرى أن نسطور… بدلاً من أن يوحّد الطبيعة البشرية بالشخص الإلهى، هو
دائماً يفترض وحدة الشخص الإنسانى مع اللاهوت… لم يستطع أن يسمو إلى الفكرة
المجردة، أو يفكر فى الطبيعة البشرية بدون شخصية، ولا اكتسب فكرة الوحدة التى
للطبيعة البشرية مع الشخص الإلهى. لذلك فإنه يقول حتماً أن المسيح إتخذ شخص
البشرية الخاطئة، ويستطيع أن يوحِّد اللاهوت بالناسوت فى المسيح خارجياً فقط، لأنه
يعتبر الناسوت شخصاً كما هو مبيَّن فى كل الصور والتشبيهات التى يستخدمها. إن
اللاهوت يسكن فقط فى الناسوت كما يقول، فالناسوت هو مجرد هيكل وحلة للاهوت، أما
اللاهوت فلم يولد من مريم فى نفس الوقت مع الناسوت، ولكنه مرّ فقط خلال مريم.
واللاهوت لم يتألم مع الناسوت، ولكنه بقى غير متألم فى الإنسان الذى يقاسى الألم،
وهذا لا يكون مستطاعاً إلا إذا كان للطبيعة البشرية مركزاً وشخصية خاصة تملكها.
أما إذا كان الشخصى فى المسيح هو اللاهوت، واللاهوت فقط (بمعنى أن شخص المسيح هو
نفس شخص كلمة الله)، إذاً، إذا تألم المسيح يجب أن اللاهوت أيضاً يكون قد دخل فى
آلامه، والطبيعة البشرية لا يمكن أن تتألم وحدها، لأنه لا يكون لها كيان شخصى خاص.
هكذا أيضاً (إذا كان الشخصى فى المسيح هو اللاهوت، واللاهوت فقط) فإن شخص واحد فقط
هو الذى يمكن أن يولد من مريم، ولأن الشخصى فى المسيح هو اللاهوت فقط (فى هذه
الحالة)، يجب أن يكون هذا قد اشترك فى الميلاد رغم أنه فى ذاته هو غير قابل
للميلاد والألم.

 

كتابات
نسطور المتأخرة:

نسب
البعض كتاب “بازار هيراقليدس”
Bazar of Heracleides
إلى نسطور باعتبار أنه كتبه فى منفاه باسم مستعار. وقد حاول فى هذا الكتاب -كما
يبدو- تبرئة نفسه. ولكنه -على العكس-أكّد هرطقته المعروفة فى اعتقاده بأن شخص يسوع
المسيح ليس هو نفسه شخص ابن الله الكلمة. أى الاعتقاد باتحاد شخصين اتحاداً
خارجياً فقط فى الصورة. وهذا يهدم كل عقيدة الفداء لأن الله الكلمة لا يكون هو هو
نفسه الفادى المصلوب مخلّص العالم ولا يصير لكلمات يوحنا الإنجيلى الخالدة
“هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل
تكون له الحياة الأبدية” (يو3: 16) أى معنى. بل كيف يتحقق قول الرب بفم نبيه
أشعياء ” أنا أنا الرب وليس غيرى مخلّص” (أش43: 11).

وفيما
يلى النصوص التى نسبت إلى نسطور فى الكتاب المذكور “بازار هراقليدز”
Bazar of Heracleides:

 

1-
هما شخصان
Two prosopa: شخص ذاك الذى ألبَس وشخص (الآخر) الذى لَبِس.

2-
لذلك فإن صورة الله هى التعبير التام عن الله الإنسان. فصورة الله المفهومة من هذا
المنطلق يمكن أن نظن أنها الشخص الإلهى. الله سكن فى المسيح وكشف ذاته للبشر من
خلاله. مع أن الشخصان
Two prosopa هما فى الحقيقة صورة واحدة لله.

3-
يجب ألا ننسى أن الطبيعتين يستلزمان أقنومين وشخصين
Two persons (prosopons) متحدين فيه بقرض بسيط (simple loan)
وتبادل.

 

====

المراجع

(+)
بلا أب تعنى بلا أب بشرى وإلا كيف تفسر أن السيد المسيح قال فى العديد من المرات
بلسانه مناجياً الإله ” يا أبتاه ” و ” أنا فى الآب والآب فى
” و الظهور الإلهى الذى قال فيه ألاب: ” هذا هو أبنى الحبيب.. ”
وبلا أم تعنى بلا أم إلهية، ولكن له أم بشرية حيث قال أليصابات للعذراء مريم: ”
من أين تأتى أم ربى إلى.. ”

 

النسطورية
أو تعاليم نسطوريوس بطريرك القسطنطينية

ولكن
يقول الأنبا إيسوذورس فى الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج 1 ص 483: ” ولما
أستحوذ على المنصب ورقى إلى هذا المنصب الرفيع، وعظم شأنه سلك الكبرياء والعظمة كل
مسلك وأعجب بذاته وكان يوماً ما يعظ فى الكنيسة فوجه خطاباً نحو الإمبراطور
ثيودوريوس الثاني وقال له: “، فلم يلبث مدة حتى سقط فى الهرطقة مجدفاً على
الكلمة المتجسد فميز الإله عل حدة والإنسان على الأخرى وفصل المسيح إلى طبيعيتين
وأقنومين وأستنتج من هذه المقدمات أمرين أحدهما أن العذراء لم تلد سوى الإنسان
ولذلك لا يجب أن تلقب بأم الإله والثانى أن الإله لم يولد ولم يتألم ولذلك لا
ينبغى أن يقال أن الإله مات “.

 

إنكاره
كون السيدة العذراء والدة الإله

وابتدأ
فيها بإنكار كون السيدة العذراء والدة الإله إذ قال: “إني أعترف موقناً أن
كلمة الله هو قبل كل الدهور إلا أني أنكر على القائل بأن مريم والدة الإله فذلك
عين البطلان لأنها كانت امرأة والحال أنه من المستحيل أن يولد الله من امرأة ولا
أنكر أنها أم السيد المسيح إلا أن الأمومة من حيث الناسوت”، وهو بذلك قسَّم
السيد المسيح إلى شخصين (طبيعتين) معتقداً أن الطبيعة الإلهية لم تتحد بالإنسان
الكامل وإنما ساعدته في حياته فقط.

 

وهذا
التفكير قد جرأه على أن يلغى من ترنيمة الثلاث تقديسات الكنسية العبارة الأخيرة
(1) ومن المعروف فى التقليد الكنسى أن الثلاث تقديسات هى التى تمجّد الملائكة الرب
الإله في ملكوت السموات بترتيل ترنيمة الثلاث تقديسات: “قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ
قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ” (إشعياء 6: 3)
وقيل أنها تسبحة قديمة ترجع إلى عصر الرسل. قيل أنه نظمها يوسف الرامي ونيقوديموس
عند تطييب جسد السيد المسيح إذ ظهر لهما ملاك يسبح المصلوب عند دفنه.

 

قدوس
الله، قدوس القوى، قدوس الحي الذي لا يموت، الذي ولد من العذراء (2)،

ويؤكد
الأنبا إيسوزوروس (3) إلغاء نسطور عبارة من الثلاثة تقديسات ” الذي ولد من
العذراء ” فيقول: ” قرأت ذلك فى كتاب قديم موجود الآن فى البطريركية
مكتوب عليه كعبة أمانة آبائنا السريان كان موجود عند السعيد الذكر عريان بك تادرس

 

بداية
الإنشقاق فى القسطنطينة

 كان
الشقاق لا يزال مستحكماً في العاصمة بين أتباع آريوس وأتباع أبوليناريوس. وكان من
الطبيعي أن يشترك في الجدل بين هذين المعسكرين بعض الكهنة والشمامسة الأرثوذكسيين.
ويستدل مما جاء في بعض المراجع الأولية، أن كاهنا أنطاكياً من ناحية نسطوريوس يدعى
انستاسيوس تدخل في الجدل القائم وقال أن مريم بشر وكبشر لا يمكنها أن تلد إلهاً
ولذا فإنه لا يجوز القول عنها أنها والدة الإله
Theotokos.
وتضيف هذه المراجع نفسها أن نسطوريوس أبى أن يلوم انستاسيوس وأنه تحاشى هو بدوره
استعمال التعبير “والدة الإله”. وجاء في مخلفات المجمع المسكوني الثالث
أن دوروثيوس أسقف مركيانوبوليس حرم استعمال الاصطلاح “والدة الإله” وأن
نسطوريوس سكت عن هذا التحريم ولم يقطع دوروثيوس من الشركة.

 

المرجع
التاريخى لتعبير أم الإله

والاصطلاح
-الإيمان ب- “والدة الله” قديم العهد فيما يظهر. فالكسندروس الإسكندري
استعمله بدون تلكف وغريغوريوس النزينزي لعن من لا يعتبر مريم أم الله.

ورأى
نسطوريوس أن هذا الاصطلاح لم يرد في الأسفار المقدسة وأن الآباء لم يستعملوه في
نيقية. وذكر القول النيقاوي “ابن الله تجسد من الروح القدس ومريم
العذراء” فرأى في هذا اعترافاً بطبيعتين، طبيعة ابن الله المساوي للآب في
الجوهر وطبيعة الإنسان المولود من العذراء. فرأى في الاصطلاح “والدة
الإله” خلطاً بين اللاهوت والناسوت. واقترح القول “والدة المسيح”.

اللاهوت
والناسوت: علَّمت الكنيسة منذ البدء أن مخلصنا الوحيد إله كامل وإنسان كامل رب
واحد لمجد الله الآب. فقام آريوس وأنكر على الكنيسة الاعتقاد بطبيعة لاهوت الكلمة
المتأنس فعقد المجمع المسكوني الأول وحكمت عليه وعلى تعليمه وقررت حقيقة كمال
لاهوت المخلص. ثم قام أبوليناريوس وقال بنقص في طبيعة المسيح البشرية فعلَّم أن
اللاهوت في المسيح قام مقام العقل في الإنسان. فعقدت الكنيسة المجمع المسكوني
الثاني وحكمت على ابوليناريوس وقررت حقيقة كمال ناسوت المخلص.

 

ولما
لم تقم الكنيسة بتحديد هذا الفرق بعبارات مضبوطة تشير فيها وجه العلاقة بين
الطبيعتين الإلهية والبشرية ووجه الإتحاد بين اللاهوت والناسوت فى المسيح. فأدى
هذا إلى تفاوت في فهم التعبير ونشأ عنه اختلاف في العليم وخصام ونزاع أفضى فيما
بعد إلى الانشقاق النسطوري والأوطاخي.

1-
رفض عقيدة الإتحاد حسب الطبيعة كاتا فيزن أي رفض الإتحاد بين اللاهوت والناسوت.

2-
إعتبار أن العلاقة بين اللاهوت والناسوت هي إتصال
Conjoining وليس اتحاد Union.

3-
إعتبار أن الكلمة ابن الله، وأن يسوع هو ابن العذراء مريم. والتعليم بابنين
وأقنومين (إبن الله – إبن الإنسان).

4-
اعتبار أن الانسان يسوع مختار من الكلمة وقد أنعم عليه الله الكلمة بكرامته
وألقابه ولذلك نعبده معه بعبادة واحدة.

5-
يرفض تسمية السيدة العذراء والدة الإله ويسميها ” أم المسيح “…. يرفض
” ثيئوتوكوس ” وينادي ب ” خرستوطوكوس ” (والدة المسيح
الإنسان).

ويقصد
بالمسيح الثاني وليس المسيح الأول لأنه يعلم بمسيحين.

6-
إن الله ليس هو الفادي: وبالتاي يفقد الفداء قيمته وفاعليته ولا محدوديته!!

وعن
هذا نقول أنه إذا لم يكن يسوع المسيح هو هو نفسه الله الكلمة فما قيمة صلب يسوع
المسيح؟

لقد
قال القديس بولس الرسول أن: ” يسوع المسيح هو هو امساً واليوم إلى الأبد
” (عب 13: 8) وقال الرب في سفر إشعياء ” أنا أنا الرب وليس غيري مخلص
” (أش 43: 11).

7-
رفض الاتحاد الأقنومي (
Hypostatic
Union
):

ذلك
لأن نسطور قد جعل في المسيح أقنومين منفصلين ومتمايزين فكما أنه رفض الوحدة بحسب
الطبيعة هكذا رفض الوحدة بحسب الأقنوم، وإعتبر أن الكلمة قد إتخذ شخصاً من البشر
وإتصل به في وحدة خارجية بحسب الشخص الخارجي أو الهيئة، التي هي في نظره صورة الله
التي إتحدت بصورة الإنسان يسوع المسيح الذي سكن فيه الكلمة ووحده بكرامته وأسبغ
عليه بألقابه.

وتعليم
كيرلس يقول أنه لا يوجد شخص بشري إتحد به أقنوم الكلمة، وأن كلمة الله بحسب
ألوهيته هو غير متألم ولكن إبن الله تألم بالجسد أو حسب الجسد.

جاء
بشخصه أي أن آلام الجسد هي آلامه هو. وهكذا نسب إلى شخصه الآلام والموت.

دخوله
إلى المجد معناه أن يتمجد جسده بمجد اللاهوت.

السيد
المسيح اخفى مجده إلى القايمة ومن بعدها الصعود.

وهكذا
يدخل المسيح من مجد إلى مجد.

قال
القديس اثناسيوس في رسالته إلى إبكتيتوس: ” يا للعجب أن كلمة الله المتجسد هو
في آن واحد متألم وغير قابل للألم “. وقال أيضا في نفس الرسالة ” لقد
جاء الكلمة في شخصه الخاص “

وقال
في الفصل التاسع من كتاب تجسد الكلمة:


إن كلمة الله إذ لم يكن قادرا أن يموت أخذ جسداً قابلاً للموت، لكي باتحاده
بالكلمة الذي هو فوق الكل يصير جديراً أن يموت نيابة عن الكل “.

 

بالاتحاد
بكلمة الله غير المحدود صار الجسد المحدود يموت نيابة عن الكل…. نقل كلمة الله
إليه (أي إلى الجسد) الجدارة أو الإستحقاق. وما يخص الجسد ننسبه إلى كلمة الله مثل
الميلاد والآلام. إننا ننسب غير المحدودية إلى الذبيحة على الصليب، لأن
الإستحقاقات الأدبية للكلمة تخص هذه الذبيحة. الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة
تجمع خصائص الطبيعتين بغير امتزاج ولم تنهدم خصائص الطبيعتين بسبب الاتحاد ولكن كل
هذه الخصائص تنسب إلى كلمة الله المتجسد الواحد لسبب إتحاد الطبيعتين.

إنه
اتحاد يفوق الوصف والإدراك ولكنه اتحاد حقيقي لا يمكن أن ينفصل.

وفي
القسمة السريانية نقول: { لاهوته لم ينفصل قط لا عن جسده ولا عن نفسه هكذا نؤمن
وهكذا نعترف وهكذا نصدق.. واحد هو عمانوئيل إلهنا وغير منقسم من بعد الاتحاد، وغير
منفصل إلى طبيعتين }.

 

بعض
من تعاليم نسطور

رفض
الاتحاد بين الطبائع

الله
منزه عن التجسد

الله
منزه عن الاتصال والاتحاد بالمادة

اللاهوت
يتصل بالروح الانسانية كوسيط وليس بالجسد الانساني للمسيح.

اللاهوت
اتصل بروم المسيح لذلك فالاتصال بالجسد هواتصال بوسيط

الفصل
بين الطبيعتين وتوحيد الكرامة

الانسان
والله يعبدا معا لأن الله الكلمة أعطى للمسيح الإنسان ألقابه

كلمة
الله إذ علم بسابق علمه أن يسوع سوف يكون قديسا، فقد اختاره وأنعم عليه بألقابه
الإلهية، موحدا اياه معه في الكرامة. وأنه قد رافقه في البطن، وفي الميلاد والصلب
وقواه ثم أقامه من الأموات أي أن المسيح الكلمة يرافق المسيح الانسان.

ومن
الواضح من الأقوال التي ذكرها القديس كيرلس عن نسطور أن نسطور قد علّم بإبنين
ومسيحين الواحد منهما الله والكلمة والآخر إنسان، وقد نتج عن الهرطقة النسطورية
أمران خطيران:

أولاً:
إنزال يسوع الناصري إلى مرتبة نبي أو انسان قديس حل عليه أقنوم الكلمة بعد أن
اختاره بسابق علمه وقوّاه. وقد رفض القديس كيرلس هذا التعليم الذي ظهر أثره جليا
بعد ذلك في القرن السابع الميلادي.

ثانيا:
الشرب بالله في العبادة بأن يُعبد إنسان مع الله بعبادة واحدة نتيجة أن الله قد
أعطى هذا الإنسان كرامة مساوية لكرامة الله وهذا قد فتح الطريق لرفض المسيحية بعد
ذلك.

عند
جماعات كبيرة من الناس قُبِل الأمر الأول باعتباره شيء ممكن ورُفِض الأمر الثاني
باعتباره شِرك بالله وكفر، وبهذا قدم نسطور أسوأ صورة للمسيحية تؤدي إلى رفض ما
فيها من حق وقبول ما هو ليس فيها في آن واحد.

لذلك
فإن نسطور قدم المسيحية بصورة يسهل مهاجمتها ورفضها

وبناء
على التعليم النسطوري يترتب أنه لما فارق الروح الجسد على الصليب، أي فارق اللاهوت
المتصل بالروح الجسد، أصبح جسداً غير متصل باللاهوت نهائيا.

ففصَل
اللاهوت عن الجسد فصلا تاما في حال موت السيد المسيح

لم
يكتف بفصل الطبائع من جهة الاتحاد بل فصل الاتصال أيضاً

 

هذه
هى البدعة (الهرطقة) النسطورية التي حرمها المجمع المسكوني في أفسس 431 م:

 

عاشرا:
رؤية موجزة لفكر نسطور العقائدي

ثمة
إشكاليتان أساسيتان في فكر نسطور اللاهوتي، وسوف نتعرض لهما بصورة موجزة:

1:
موقف نسطور من مفهوم والدة الإله
theotokos

من
الواضح أن نسطور لم يكن هو – ولا حتى صديقه أناستاسيوس – أول من واجه هذا التعبير,
إذ قد تعرض له ديردوروس الطرسوسي و ثيودوروس الموبسيوستي وكلاهما رفضه – وإن كان
ثيودوروس أقل قليلا من معلمه ديودوروس – تبعا لمدرسة أنطاكية في تصورها
الكريستولوجي كما أسلفنا القول.

وفي
رأي نسطور فإن كلمة “ثيوتوكوس” لم تميز بدرجة كافية بين الناسوت
واللاهوت في المسيح. ولقد قال في خطبته الأولى: ” إنهم يسألون إن كان من
الممكن أن تدعى مريم والدة الإله. لكن هل لله أم إذا؟ وفي هذه الحالة يجب أن نعذر
الوثنية التي تكلمت عن أمهات للآلهة. لكن بولس عندها يكون كاذبا لما قال عن لاهون
المسيح (عب 7: 3) أنه بلا أب, بلا أم, بلا نسب. لا يا أعزائي لم تحمل مريم الله..
المخلوق لم يحمل الخالق إنما حملت الإنسان الذي هو أداة اللاهوت. لم يضع الروح
القدس الكلمة, لكنه أمد له من العذراء المطوبة هيكلا حتى يمكنه سكناه.. أنا أكرم
هذه الحلة التي استفاد منها من أجل ذلك الذي احتجب في داخلها ولم ينفصل عنها..أنا
أفرق الطبائع وأوحد الكرامة. تبصر في معنى هذا الكلام. إن ذاك الذي تشكل في رحم
مريم لم يكن الله نفسه لكن الله اتخذه.. وبسبب ذاك الذي إتخذ فإن المتخذ أيضا يدعى
الله”.

غير
أن د. ق. حنا الخضري يعرض بعض النقاط الرئيسية التي دفعت نسطور لرفض لقب والدة
الإله:

1-
خوفه من الخلط بين المفهوم المسيحي لمريم العذراء والمفهوم الوثني للإلهات العذارى.

2-
مكانة مريم والخوف من التحول إلى عبادتها.

3-
رأى نسطور في اصطلاح أم الله رائحة الهرطقة.

 

2
– فكرة الاتحاد بين شخصين في المسيح

هناك
من يرى أن مشكلة نسطور الرئيسية هي في أنه آمن بان ثمة شخصين مستقلين في المسيح
وأن ما حدث هو اتحاد خارجي فقط في الصورة، مثلما قال بذلك ديردوروس الطرسوسي.وربما
يظهر ذلك بوضوح من الفقرة المقتبسة فيما يتعلق بالميلاد من العذراء مريم في الفكرة
السابقة. وفي خطبة أخرى نقلت عنه قال فيها: ” إنهم يدعون اللاهوت معطي الحياة
قابلا للموت, ويتجاسرون على إنزال اللوجوس إلى مستوى الخرافات المسرح، كما لو كان
(كطفل) ملفوفا بخرق ثم بعد ذلك يموت.. لم يقتل بيلاطس اللاهوت – بل حلة اللاهوت.
ولم يكن اللوجوس هو الذي لف بثوب كتاني بواسطة يوسف الرامي.. لم يمت واهب الحياة
لأنه من الذي سوف يقيمه إذا مات.. ولكي يصنع مرضاة البشر اتخذ المسيح شخص الطبيعة
البشرية.. أنا أعبد هذا الإنسان مع اللاهوت ومثل آلات صلاح الرب..والثوب الحي الذي
للملك.

غير
أن هناك الكثيرون ينفون ذلك ويؤكدون أن نسطور لم يؤمن مطلقا بوجود مسيحين أو ابنين
ودائما ما يؤكد وحدة البرسبون (الأقنوم). “فبحسب مفهوم نسطور أن عملية
الاتحاد بين الهيئتين أو البروسبونين تمت عن طريق تبادل الهيئتين واختراقهما
الواحدة للأخرى وبذلك أصبحت هيئة العبد هي هيئة الله وهيئة الله هي هيئة العبد (في
2: 6 – 11) فإن هيئة العبد “يسوع” أصبح معبودا ومكرما كاللاهوت واللاهوت
أصبح بدوره عبدا”.

وأخيرا
فإن هذه المشكلة لابد أن نفهمها في سياق كل ما سبق ذكره بشأن الاختلاف بين مدرسة
أنطاكية التي كان ينتمي إليها وبين مدرسة الإسكندرية التي شكلت عدوه الرئيسي.
وأيضا ما يتعلق بالصراعات لفرض السطوة والنفوذ. كما يمكننا أن نزعم أنه بلا شك فإن
اللاهوت الكريستولوجي في تلك الفترة لم يكن قد وصل إلى مرحلة كافية من النضج التي
تؤهله لقبول أو رفض فكرة ما بشكل قاطع وسليم.

كلمة
أخيرة

هل
كان نسطور هرطوقيا حقا؟ أي هل كانت عقيدته فعلا تنكر بعض من أهم مبادئ الإيمان
المسيحي القويم؟ أم تراه قد أدين لافتقاده إلى الأساليب والحيل الماكرة والعقل
المتزن غير المتهور, وكذا لشراسة وسعة حيلة كيرلس عدوه السكندري اللدود؟ هل من
أدانوه فهموا عقيدته بشكل صحيح؟ أم تراهم أدانوا فقط صورة مشوهة من أفكاره؟ ثمة
أسئلة لم يتوصل العلماء إلى إجابات لها، هذه الأسئلة تزداد تعقيدا لميل بعض
المؤرخين إلى تفسير الصراع النسطوري في ضوء أحداث وموضوعات تالية بعدها. حتى أن
الكثير من البروتستانت رأوا في نسطور رائد ومبشر بالبروتسانتية، ليس لشيء سوى رفضه
للقب “والدة الإله”.

وربما
أن نسطور يكون قد أخطئ في بعض الأفكار والاتجاهات ولكن بلا شك فإن ما تعرض له كان
مجحفا بشكل كبير. ونحن نحتاج اليوم أن نعيد النظر بشكل موسع وموضوعي – بقدر
الإمكان – إلى الفكر الكريستولوجي الخاص بنسطور وكذا مواقفه ضد بعض التعبيرات التي
مازالت تستخدم حتى الآن – وكثيرا ما تستخدم بشكل خاطئ أو غير دقيق. علينا الآن
ونحن ندرس نسطور أن نسعى بكل اجتهاد لتنقية هذا الصراع من كل العناصر غير الشريفة
التي شابته – وهي في تصوري كثيرة للغاية – وإن نعمل على دراسة القضايا اللاهوتية
دراسة لاهوتية فقط. أعترف أن هذه الفكرة تبدو بعيدة المنال بل وربما خيالية
ومستحيلة، لكنني أؤمن أن ثمة إمكانية لحدوثها إن أردنا نحن ذلك.

وفي
النهاية يبقى نسطور نموذجا لرجل مخلص وخطيب بارع لكنه قليل الدهاء, آمن بفكرة
ونادى بها بكل ما أوتي من قوة، ودفع ثمن إيمانه غاليا جدا من شهرته وكرامته
ومكانته و تاريخه واسمه الذي ظل لقرون عديدة ملطخا بوصمة الهرطقة.

 

القديس
كيرلس الكبير في رسالته إلى أكاكيوس أسقف ميليتين
Melitene
وهي الرسالة رقم (40) من الرسائل التي أرسلت منه وإليه (أي القديس كيرلس) يقول في
الفقرة (10) من الرسالة:

[
قد وجدنا أن نسطور قد ألغى تماماً ميلاد ابن الله الوحيد بحسب الجسد لأنه ينكر أنه
وُلد من إمرأة بحسب الأسفار المقدسة إذ يقول: ” لا تقول الأسفار الإلهية في
أي موضع أن الله وُلد من العذراء، أم المسيح (خريستوطوكوس
Christotokos) بل تقول أن يسوع المسيح، الإبن والرب، قد وُلد ].

وطالما
يعلن هذا بوضوح كيف يمكن أن يشك أحد أنه، بقوله هذه الأمور. يقسٍّم الإبن الواحد
إلى إبنين. واحد منهما – ناظراً إليه في إنفصال عن الآخر – يقول عنه إنه إبن ومسيح
ورب، إنه الكلمة المولود من الله الآب، أما الآخر، وهو أيضا في إنفصال عن الآخر،
يقول عنه إنه إبن ومسيح، ورب. وغلنه ولد من العذراء القديسة؟ “

فقرة
(12) في نفس الرسالة يقول القديس كيرلس: [ عندما كان نسطور يعظ في الكنيسة كان
يقول: ” لهذا السبب أيضا يسمى المسيح (الله الكلمة) لأنه لا إتصال لا ينقطع
Uninterrupted Conjoining مع المسيح ” وأيضا يقول ” إذن فلنحفظ اتصال الطبيعتين
الغير مختلط
Unconfused Conjoining
of Natures
، ولنعترف بالله في
الإنسان وبسبب هذا الإتصال الإلهي، نوقّر ونكرم الإنسان المعبود مع الله الكلي
القدرة ” ]

فقرة
(13) [ وهكذا أنت ترى كيف أن تفكيره متناقض لأنه مملوء بكليته بعدم الوقار، إذ
يقول: ” أن كلمة الله يُدعى وحده المسيح، وله إتصال دائم مع المسيح “.
لذلك ألا يقول بوضوح تام أن هناك مسيحين
Two Christs؟
ألا يعترف أنه يكرّم ويوقر إنسانا – لا أعرف كيف – يُعبد مع الله؟ ” ]

فقرة
(16) [ نسطور يتظاهر بأنه يعترف أن الكلمة، بينما هو الله، تجسد وتأنس، ولكن إذ لم
يعرف معنى التجسد، يتحدث عن طبيعتين لكي يفصلهما عن بعضهما البعض، فاصلا الله وحده
على حده، وأيضا الإنسان بدوره (على حدة)، وهو متصل بالله بعلاقة خارجية فقط بحسب
مساواة الكرامة أو على الأقل القدرة الحاكمة. لأنه يقول ما يلي: ” الله (الله
الكلمة) لا ينفصل عن الواحد (يسوع الناصري الإنسان) المرئي، وبسبب هذا، أنا لا
أفصل كرامة الواحد الغير منفصل. أنا أفصل الطبيعتين لكني أوحد العبادة ” ]

من
الواضح أن نسطور علّم بشخصيتين إتحدا في شخص واحد في يسوع المسيح ولذلك رفض لفظ
” ثيئوتوكوس ” لوصف ميلاد الله المتجسد من العذراء القديسة مريم، واعتبر
أن المولود منها وهو إنسان لا غير، متصلا بالكلمة إبن الله.

وفيما
يلي بعض مقتطفات من أقواله:

1)
} هما شخصان: شخص ذاك الذي ألبَس وشخص الآخر الذي لَبَس {

LH
193 (Bazar of Heraclides), quoted by Bernard Dupay, OP
، “The Christology of Nestorius”, Syriac Dialogue, Pro
Oriente, OP. Cit., P. 113

 

2)
} لذلك فإن صورة الله هي التعبير التام عن الله للإنسان. فصورة الله المفهومة من
هذا المنطلق يمكن أن نظن أنها الشخص الإلهي. الله سكن في المسيح وكشف ذاته للبشر
من خلاله. مع أن الشخصان هما في الحقيقة صورة واحدة لله {

Rowan
greer, ” The Image of God and the Prosopic Union in Nestorius”
، Bazar of Heraclides in Lux in
Lumine, Essays to honor W. Norman Pittenger, edited by R.A. Morris Jr.
New York 1966,
P.50

 

3)
} يجب ألا ننسى أن الطبيعتين يستلزمان أقنومين وشخصين فيه متحدان بقرض وتبادل
بسيط{

R.
Nau, Le Livre d’Heraclide de Damas (=L.H.), Paris 1910; P. XXVIII

 

===

المراجع

(1)
وتصلى الكنيسة القبطية أيضاً بالصلاة التالية ” السلام لك، السلام لك. نسألك
أيتها القديسة الممتلئة مجدا العذراء كل حين، والدة الإله أم المسيح، أصعدي
صلواتنا إلى ابنك الحبيب ليغفر لنا خطايانا.

السلام
للتي ولدت لنا النور الحقيقي المسيح إلهنا، العذراء القديسة، اسألي الرب عنا،
ليصنع رحمة مع نفوسنا، ويغفر لنا خطايانا.

أيتها
العذراء مريم والدة الإله، القديسة الشفيعة الأمينة لجنس البشرية، اشفعي فينا أمام
المسيح الذي ولدته لكي ينعم علينا بغفران خطايانا.

السلام
لك أيتها العذراء الملكة الحقيقية، السلام لفخر جنسنا، ولدت لنا عمانوئيل. نسألك: اذكرينا،
أيتها الشفيعة المؤتمنة، أمام ربنا يسوع المسيح، ليغفر لنا خطايانا.

 

(2)
قدوس الله، قدوس القوى، قدوس الحي الذي لا يموت، الذي ولد من العذراء، ارحمنا.
قدوس الله، قدوس القوى، قدوس الحي الذي لا يموت، الذي صلب عنا، ارحمنا. قدوس الله،
قدوس القوى، قدوس الحي الذي لا يموت، الذي قام من الأموات وصعد إلى السموات،
ارحمنا. المجد للآب والابن والروح القدس، الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور. أمين.
أيها الثالوث القدوس ارحمنا. أيها الثالوث القدوس ارحمنا. أيها الثالوث القدوس
ارحمنا.

يا
رب اغفر لنا خطايانا. يا رب اغفر لنا آثامنا. يا رب اغفر لنا زلاتنا. يا رب افتقد
مرضى شعبك، اشفهم من أجل اسمك القدوس. آباؤنا وإخوتنا الذين رقدوا، يا رب نيح
نفوسهم. يا من هو بلا خطية، يا رب ارحمنا. يا من بلا خطية، يا رب أعنا، واقبل طلباتنا
إليك. لأن لك المجد والعزة والتقديس المثلث. يا رب ارحم. يا رب ارحم يا رب بارك.
أمين.

 

 بدء
قانون الإيمان: ” نعظمك يا أم النور الحقيقي، ونمجدك أيتها العذراء القديسة،
والدة الإله، لأنك ولدت لنا مخلص العالم، أتى وخلص نفوسنا.

المجد
لكَ يا سيدنا وملكنا المسيح، فخر الرسل، إكليل الشهداء تهليل الصديقين، ثبات
الكنائس، غفران الخطايا.

نبشر
بالثالوث القدوس، لاهوت واحد، نسجد له ونمجده. يا رب ارحم. يا رب ارحم. يا رب بارك.
أمين.

(3)
الأنبا إيسوزوروس كاتب كتاب الخريدة النفيسة فى تاريخ الكنيسة ج 1 ص 483 – 484

 

كنيسة
الفرس النسطورية يقتلون المسيحيين غير النسطوريين

كتب
صموئيل بولس فى مقالة بعنوان نهاية أم بداية 1: ” كانت البداية عقب انتهاء
مجمع أفسس، حيث أعلن أرباب النسطورية، من أساقفة المشرق، تحزبهم لنسطور، والانشقاق
عن كنيستهم السريانية الأرثوذكسية، وذهبوا إلى المناطق الخاضعة لنفوذ الفرس في
المشرق، وأسسوا لأنفسهم كنيسة خاصة بهم أطلقوا عليها اسم (كنيسة الفرس النسطورية).
وذهب تلميذهم النجيب (الأسقف النسطوري: برصوما النصيبيني)- المضطهد والسفاح – إلى
العراق، وقطع لسان جاثليق المشرق (باباي) لرفضه قبول تعاليم نسطور، ثم قتله. وقتل
رهبان دير مار متى، كما قتل سبعة آلاف نفس من المسيحيين العراقيين، واستطاع بدعم
من ملك الفرس الوثني، تحويل جل المسيحيين العراقيين الى النسطورية، وتوغلت الهرطقة
النسطورية إلى كل مكان في المشرق، فتعاظم نفوذهم في منطقة ما بين النهرين، ولم
تمضي سوى عدة عقود قليلة، حتى أصبح لهم مركزاً هاماً في مملكة (الحيرة)، ومنها
انطلقوا إلى الأراضي الحجازية نفسها، فاختلطوا بالعرب “الأحناف”، وجذبوا
الكثيرين منهم لهرطقتهم، وصارت لهم مراكز هامة في الخليج، وخصوصاً ”
البحرين”، ثم أوجدوا لهم مركزاً خطيراً داخل مكة نفسها، وكان يترأسه أحد
أقارب مؤسس الإسلام، وهو القس ورقة ابن نوفل ابن أسد، والذي رافقه منذ صباه، بجانب
من رافقوه من الرهبان النساطرة الذين تعربوا، أمثال: بحيرا، وعيصا، وعداس (وللأخير
هذا مسجداً يحمل اسمه بمدينة الطائف بالقرب من مكة) تقديراً وعرفاناً من المسلمين
لدوره الكبير في نصرة الإسلام!!! وتمدنا المصادر النسطورية نفسها، بالكثير من
المعلومات التي تتناول علاقة بطاركة النساطرة بمؤسس الإسلام، واتصالاتهم السرية
معه منذ بداية المجاهرة بدعوته:

 

(كان
الفطرك ” البطريرك ” ايشوعياب الثاني يكاتب صاحب الشريعة الإسلام ويهدي
له ويسأله الوصية برعيته في نواحيه، فأجابه محمد إلى ذلك، وكتب إلى أصحابه كتباً
بليغة مؤكدة، وبره صاحب الشريعة عليه السلام! ببر كان فيه عدة من الإبل وثياب
عدنية وتأدى (وبلغ) ذلك إلى ملك الفرس، فأنكره على الفطرك فعله ومكاتبته، وخاصة
عند ورود هداياه، فداراه ايشوعياب حتى سلم منه. وعاش ايشوعياب إلى أيام عمر ابن
الخطاب (عليه السلام!) فكتب له كتاباً مؤكداً بالحفظ والحيطة وأن لا يؤخذ من
إخوانه وخدمه الجزية وأشياعه (النساطرة) أيضاً.وهذا الكتاب محتفظ به لهذه الغاية)

 

[
أنظر: ماري في المجدل، أخبار بطاركة المشرق، روما 1899 ص 62 ].

ويقول
صاحب تاريخ السعردي: (كان ايشوعياب قد أنفد هدايا إلى النبي – عليه السلام!- وفي
جملتها ألف أستار فضة، مع جبريل أسقف ميشان، وكان فاضلاً عالماً. وكاتبه وسأله
الإحسان إلى النصارى. ووصل الأسقف إلى يثرب وقد توفي محمد. فأوصل ما كان معه إلى
أبي بكر، وعرفه ما الناس عليه من ملك الفرس، وأنهم يخالفون الروم. فسمع قوله وقبل
ما كان معه، وضمن له ما يحبه، وعاد إلى الجاثليق ايشوعيباب مسروراً).[ التاريخ
السعردي ج 2، ص 618، 619 ].

ويقول
صليبا بن يوحنان الموصلي:

(وفي
أيامه ” أي أيام أيشوعياب ” بدأ يظهر أمر العرب بني إسماعيل.. ولما كشف
الله لهذا الأب [!] ما يؤول إليه هذا الظهور من السلطان والملك والقوة وفتح البلاد
جمع رأيه وسابق بعقله وحكمته إلى مكاتبة صاحب شريعتهم وهو بعد غير متمكن، وأنذره
بما يصير إليه أمره من القوة، وقدم له هدايا جميلة. فلما قوي أمره وتمكن، عاد كاتبه
واخذ منه العهد والزمام لجميع النصارى ” النساطرة ” في كافة البلدان
التي يملك عليها هو وأصحابه من بعده،،أن يكونوا في حمايته آمنين على جاري عادتهم
في إقامة الصلوات والبيع والأديرة).[ أنظر: صليبا في المجدل، ص 54، 55 ]. ويذكر
السعردي أيضاً إن بطريرك النساطرة أيشوعياب الثاني قد التقي وجهاً لوجه مع عمر ابن
الخطاب، فيقول: (وتوفى أبو بكر وولى الأمر بعده عمر ابن الخطاب.. ولقيه ايشوعياب
وخاطبه بسبب النصارى ” النساطرة”، فكتب له عهداً).[أنظر: التاريخ
السعردي ج 2، ص 620 & ماري في المجدل ص 62 ].ويذكر عن هذا البطريرك النسطوري
أيضاً أنه قدم دفاعاً حاراً عن أترابه المسلمين قائلاً عنهم: (إن المسلمين ليس فقط
لا يهاجمون الديانة المسيحية [!!!] بل انهم يوصون بإيماننا خيراً [!!!]، ويكرمون
الكهنة وقديسي الرب، ويحسنون إلى الكنائس والأديرة)!![ أنظر الأب: ألبير أبونا: تاريخ
الكنيسة السريانية الشرقية. ج 2 ص 67 ].

 

العذراء
مريم والدة الإله

هذه
الصفحة منقولة من ك مذكرة علم اللاهوت المقارن – الكلية الإكليريكية اللاهوتية
للقبط الأرثوذوكس – بقلم المتنيح العلامة اللاهوتى الأنبا غريغوريوس أسقف عام
للدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمى ص 96 – 100

 

أيد
نسطور جملة (1) القسيس التابع له أناستاسيوس وقال: أن لقب والدة الإله له مذاق
وثنى وهو يتعارض مع التعبيرات الواردة فى الكتب المقدسة مثل ” بلا أب ولا أم
” الواردة فى الرسالة إلى العبرانيين 7: 3 ويقول نسطور أيضاً لقد كانت مريم
أماً للطبيعة الناسوتية فقط، لإنما الرب الإله هو وحده ثيؤوتوكوس وكل ما يمكن أن
يقال عن مريم بحق أنها كانت مستودعاً للإله ولدت المسيح، فهى والدة المسيح فلقد
كانت الطبيعتان الإلهية والإنسانية مفترقتين بكل وضوح،

إنما
كان هذا إقتران أو مصاحبة بينهما أو سكنى اللاهوت نتج عنها إتحاد أخلاقى أو أدبى
أو مشاركة عاطقية، ويقول نسطور صراحة: أنى أفصل بين الطبيعتين، أما الإحترام الذى
أقدمة لهما فمتصل.

ويتضح
مما سبق أن افتحاد الذى يقول به نسطور هو إتحاد يمكن أن يوصف بحق بأنه ”
إتحاد ميكانيكى ” جمع فيه بين طبيعتين غير متجانستين ولا متوافقتين فى
جوهرهما وذلك بفعل قوة إلهية جبارة، فهو إذا إرتباط صناعى أكثر منه إتحاد حقيقى.

 

لقب
والدة الإله

على
ما يقول المؤرخ سقراط (2) عن نسطور: ” أنه أخذ يندد فى مواعظة بتلقيب مريم
العذراء ب ” والدة الإله ” ولم يكن هذا اللقب أمراً جديداً فى الكنيسة
فقد نص عليه الكتاب المقدس بعهديه:

**
قال أشعياء النبى: ” لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا،
وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ، وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا، مُشِيرًا،
إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ ” (أش 9: 6) وما دام
المولود إلهاً فوالدته تدعى بحق والدة الإله.

**
وقالت أليصابات عند لقاء العذراء مريم: ” فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ
تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ ” (لوقا 1: 43) وأم الرب ووالدة الإله بمعنى
واحد.

 

**
ثم أن مريم العذراء دعيت فى مواقع كثيرة من العهد الجدبد أم يسوع (أع 1: 14) و
(مرقس 3: 31 – 32) و (يوحنا 19: 25، 26)

 

**
وليس ثمة فرق بين أم يسوع ووالدة الإله ما دام يسوع هو الإله الظاهر فى الجسد –
” وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: الإِلهُ ظَهَرَ فِي
الْجَسَد..) (1 ى 3: 16)

 

**
وقد عرفت مريم بوالدة الإله فى الليتورجيات لاقديمة كما ذكرها بهذا اللقب آباء
الكنيسة الأوائل ومنهم: أوريجينوس، والأسكندر بابا الإسكندرية 19، ويوسابيوس
القيصرى المؤرخ (فى كتابه تاريخ الكنيسة ك 5: ف 3) والقديس أثناسيوس الرسولى فى
خطبه ضد الأريوسيين خطبة 3 ف 33، والقديس كيرلس الملقب بعمود الدين (فى كتابه 10 –
19) وغيرهم

وقد
قام أناستاسيوس (قسيس وتابع لنسطور) يقول فى عظاته: ” لا يجوز لأحد أن يدعوا
مريم.. والدة الإله لأن مريم لم تكن إلا إمرأة ومن المستحيل أن يولد إله من أمرأة

 

فأثار
بأقواله هذه مشاعر المؤمنين، ومن ثم أصبح هذا اللقب يميز المؤمنين من الهراطقة.

إن
تلقيب مريم بوالدة الإله هو تكريم لها هى جديرة به، وهو على ما أسلفنا يطابق نصوص
الكتب المقدسة وأقوال الآباء، ولكن رفض نسطور لهذا اللقب ليس لمجرد أهانة لمريم
العذراء، أو سحب كرامة منها وإنما بحمل معنى أبعد من هذا وذلك أن لقب والدة الإله
كما يظهر من التعبير اليونانى يركز الإنتباه أولاً على لاهوت المولود من لاعذراء
أكثر مما يوجه النظر إلى كرامة العذراء نفسها وهذا معناه أن المولود من مريم هو
الإله المتأنس، وان ابن الإله لم يفقد بشأنه شيئاً من اللاهوت الذى كان له منذ الأزل
ثم أن هذا التعبير ” والدة الإله ” يوضح حقيقة أخرى أن المولود من مريم
لابد أن يكون له كل ما للأنسان فناسوته حقيقى، ليس خيالاً، ولقد ولد وهو الإله
المتأنس ولادة حقيقية، ولم تكن ولادته خيالية أو ظاهرية.

ولكن
سميت مريم العذراء بأم الإله، وأم النور الحقيقيى، كما جاء فى مقدمة قانون الإيمان
النيقاوى، إلا أن التعبير ” والدة الإله ” أكثرها وضوحاً فى بيان أن
العذراء مريم حملت فى أحشائها الإله المتأنس وأنها ولدته أو خرج من بطنها، فهى
إذاً أصلاً للاهوت أو مصدراً له حاشا، إذ هى مخلوقة به، لكنها حملته ثم ولدته فهى
بحق تدعى والدة الإله بهذا المعنى، وبهذا المعنى عينه تفهم الألقاب الأخرى مثل
” ام الإله ” و “ام النور الحقيقى ” وما إلى ذلك.

 

===

المراجع

(1)
لنسطور عظات لا تزال باقية فى الترجمات اللاتينية فى مؤلفات ماريوس ميركاتور
Marius Mercator وهو أغريقى أرثوذكسى مدنى (علمانى) كان فى القسطنطينية فى زمن
نسطور وكان مهتماً إهتماماً بالغاً يالنزاع القائم حول هذه الموضوعات، خمس من هذه
العظات ضد تلقيب مريم بوالدة الإله
adv.
dei genetricem Mariam

وأربعة منها ضد هرطقة بيلاجيوس
adv.
dei haresim pelagionam

أما مؤلفات نسطور الأخرى فقد أبيدت ولم يبق منها شئ غير شذرات وردت كإقتباسات فى
كتابات معارضيه مثلاً فى أعمال مجمع أفسس وفى كتابات كيرلس ألسكندرى خاصة كتبه
الخمسة التى كتبها ضد تجديف نسطور رداً على حروم كيرلس الأول، فلم تبق إلا فى
ترجمة ماريوس السالف الذكر.

(2)
فى كتابه تاريخ الكنيسة 7: 32
Genetrix

 

حروم
البابا كيرلس الإثنى عشر:

كان
البابا كيرلس مجمع مكانى بالأسكندرية وعرضت فيه هرطقة نسطور وقرأت فيه رسائلة التى
أرسلها إلى البابا كيرلس، كما تليت رسائل البابا له ورسائل البابا الأخرى التى
أرسلها إلى أخوته الأساقفة والرهبان والشعب فى مصر والخارج فوافق المجمع على رأى
البابا كيرلس.

 ثم
وضع القديس كيرلس 12 حرمان إلى نسطور، وهى مكتوبة فى أثنى عشر بنداً للعقيدة
المسيحية الصحيحة اثنى عشر بنداً يشمل كل بند منها على قضية إيمانية وحرم كل من
يعمل بخلافها، وهى معروفة باسم “حرومات القديس كيرلس”
The Anathemas of SR. Cyril وختم كل واحدة منها بحرم من لا يؤمن بها كالآتى: –

1
– من لا يعترف بأن عمانوئيل هو إله حقيقى وأن البتول القديسة مريم هى والدة الإله
حيث ولدت جسدياً الكلمة المتجسد الذى هو من الإله كما هو مكتوب: ” إن الكلمة
صار جسداً “.. فليكن محروما (أناثيما)..

2
– من لم يعترف بأن كلمة الإله متحد مع الجسد كالأقنوم، وأن المسيح عينه – هو لا
ريب – إله وإنسان معاً متحداً مع جسده.. فليكن محروما..

3
– من فصل بعد الإتحاد المسيح الواحد إلى اقنومين، وقال بأن إتحادهما من قبيل
المصاحبة فقط أو بالقدرة أو بالسلطان وليس أتحادهما بوحدانية طبيعية فليكن محروما
(أناثيما)..

4
– من فرق بين اقوال المسيح المذكورة فى الأناجيل، وفى الرسائل أو نطق بها الآباء
القديسين، أم قالها المسيح عن ذاته ونسبها إلى أقنومين أو إلى أثنين كل قائم بذاته
ويفهم أن البعض منها لائق بالأنسان وحده كأنه غريب عن كلمة الإله وأن البعض الاخر
ملائم للإله، فيخصة وينسبه إلى كلمة الآب وحده.. فليكن محروما (أناثيما)..

5
– من تجاسر وقال إن المسيح الذى يستعمل سلطانه الإلهى هو إنسان ساذج (يعتقد المعنى
إنسان عادى بدون كلمة الإله)، ولم يقل أنه إله حقيقى وإبن واحد طبيعى – الذى
كالإتحاد الأقنومى – أشترك معنا فى اللحم والدم لكون الكلمة صار جسداً.. فليكن
محروما (أناثيما)..

6
– من قال إن كلمة الآب هو إله أو رب المسيح ولم يعترف بأن المسيح ذاته إله وإنسان
معاً كقول الكتاب المقدس: الكلمة صار جسداً.. فليكن محروما (أناثيما)..

7
– من قال إن الإله الكلمة لم يتأنس فى الإنسان يسوع، وأن عظمة إبن الإله الوحيد
قائمة فى آخر دونه.. فليكن محروما (أناثيما)..

8
– من تجاسر وقال: إنه ينبغى السجود لأنسان ساذج الذى معه الإله الكلمة، لكونه
متخذاً منه ومعه تعظم، ويدعوه إلهاً بحسب واحد فى غيره، ولم يعترف بأنه سنيغى
لعمانوئيل سجود واحد، كما ينبغى، لكونه الكلمة صار جسداً.. فليكن محروما (أناثيما)..

9
– من قال إن ربنا يسوع المسيح الواحد ممجداً من الروح القدس، بقدرة غريبة عنه،
وانه بنعمة هذه الروح كان يستعمل تلك القدرة والسلطان على إخراج الأرواح، وبه
أمتلأ من النعمة الإلهية، ولم يقل إنه كان ممتلئاً من روح خاصة التى كان يعمل بها
تلك الآيات.. فليكن محروما (أناثيما)..

10
– لقد نص الكتاب المقدس على ان المسيح صار رسولاً وعظيم أحبار إيماننا، وانه قرب
نفسه لله من أجلنا ومن أجل خلاصنا، فمن قال إن كلمة الإله الذى تجسد وصار إنساناً
كإعترافنا لم يصر رسولاً ولا حبراً، بل قال أن المسيح كان إنساناً ساذجاً من أمرأة،
وأنه آخر دون الكلمة، ومن قال أيضاً إن المسيح قرب نفسه للإله الآب لأجل نفسه، ولم
يقل أنه قرب نفسه (للموت) لأجل خلاصنا نحن البشر فقط لأنه لم يعرف خطيئة وليس
بحاجة إلى ذلك القربان.. فليكن محروما (أناثيما)..

11
– من لم يعترف بأن جسد الرب هو معطى الحياة لأنه هو كلمة الإله، وقال إنه آخر دونه
إجتمع معه، أو قال إنه كان يعطى الحياة، لأن الإله الكلمة كان ساكناً فيه غير متحد
معه بإتحاد أقنومى، ولم يقل كما سبق أنه معطى الحياة لكونة صار كلمة الإله خاصة
الذى هو قادر أن يحيى الكل.. فليكن محروما (أناثيما)..

12
– من لم يعترف بأن الإله الكلمة تألم فى الجسد وصلب فى الجسد،،انه ذاق الموت فى
الجسد أعنى إن جسده تألم وصلب وذاق الموت ولم يعترف إنه صار بكر الأموات وأنه إله
فهو حياة، ومعطى الحياة.. فليكن محروما (أناثيما).

 

.
فكتب كيرلس رسالة لنسطوريوس “يعلمه فيها كيف يجب أن يؤمن”. وأضاف إليها
اثني عشر بنداً السابقة يشمل كل واحد منها على قضية وحرم ضد من يعلم غير ذلك وكلفه
أن يوقع هذه البنود!

 

ووصل
الوفد الإسكندر إلى العاصمة في السابع من كانون الأول وأمّوا دار الأسقفية في
أثناء خدمة القداس الإلهي وطلبوا مواجهة نسطوريوس فأرجأ الأسقف المقابلة إلى الغد.
ولما اطلع على الرسالة والبنود رفض مقابلة الوفد الإسكندري. ولم يكتب نسطوريوس ضد
كل بند بنداً كما شاع بعد ذلك.. ولكنه أخبر يوحنا أسقف أنطاكية بالبنود الاثني عشر.
وما أن اطلع هذا على نص البنود حتى وصمها بالأوبولينارية وشجع علماء الكرسي
الأنطاكي على دراستها والرد عليها. فكتب ثيودوريطس (تاودوتوس) أسقف قورش اثني عشر
فصلاً كما صنف مؤلفاً آخر في تجسد الكلمة. ووضع إيبا أسقف الرها دافع بها بها عن
نسطوريوس. وألَّف اندراوس أسقف سميساط أيضاً كتاباً ضد كيرلس وبنوده.

 

وعندما
بعث البابا كيرلس هذه البنود السابقة طالباً منه التوقيع عليها، غير أنه ابى ورفض،
وقابل ذلك بكتابة بنود ضدها تؤيد بدعته ونشرها فى الشرق واستعان بيوحنا أسقف
إنطاكية الذي رأى في أفكار كيرلس نوعا من هرطقة الأبوليناروسية، وكان يميل إلى
الإعتناق بتعاليمة.

 

ومن
الواضح فيما يتعلق بجميع النقاط تقريباً التى تضمنتها تلك الحروم، أن كل فريق قد
وقع فى صورة قائمة كل النتائج التى يمكن إستخلاصها من تعليم الفريق الآخر ولم يكن
نسطور يجيب على حروم البابا كيرلس بالنفى المباشر إلا نادراً، كان دائماً يتصور فى
باطن كل فكره سبباً لرفضها على أنها فكرة باطلة، ولهذا كان يسنكرها وكذلك الأمر
فيما يتصل بحرم البابا كيرلس إذ يبدو أنها كانت تنصب على ما يمكن أن يستنبط من
تعليم نسطور أكثر مما كانت تنصب على تعبيرات نسطور نفسها.

بعض
هذه الحروم أتهم بها البابا كيرلس بهرطقة الأبيوباريوسية

على
أن حروم البابا كيرلس لاقت قبولاً إجماعياً ولو أن بعض هذه الحروم أتهم
بالأبيوباريوسية ولا سيما من جانب المدرسة الأنطاكية ولهذا عارضها على الخصوص أسقف
أنطاكية يوحنا الأنطاكى وثيودوريت.

وقد
قرئت هذه الحروم مع الرسالة التى زيلت فيها فى مجمع أفسس، وصودق عليها، ولكن لم
يلتفت إليها فى مجمع خلقيدونيا.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى