اللاهوت الطقسي

الفصل العاشر



الفصل العاشر

الفصل العاشر

العيد الشهرى New Moon

وتعرف أيضاً “برؤوس الشهور أو الأهلة
(عدد10: 10و28: 11-15)كانت مواسم مقدسة يعيِّدون فيها. كان يوم ظهور
الهلال يذكرهم بأن الله هو رب الطبيعة ومسيرها بقدرته، وهو الذى خلق الشمس والقمر
والنجوم لتكون لآيات وأوقات وسنين، وهو الذى جعل الشمس لحكم النهار والنجوم لحكم
الليل (انظر تكوين 1: 14-18).

لقد كانت شعوب كثيرة وثنية تعيِّد أيضاً فى رؤوس
الشهور وتقدم عبادتها وذبائحها لألهتها الكاذبة، فأراد الرب أن يصحح أخطاء هذه
الشعوب فعلم شعبه أن العبادة والذبائح يجب أن تقدم للرب وحده، لقد قال إشعياء
النبى مشيراً إلى عهد النعمة وإلى عبادة الرب والتعبد له وحده: “ويكون من
هلال إلى هلال ومن سبت إلى سبت أن كل ذى جسد يأتى ليسجد أمامى قال الرب ” (إشعياء23:
66)

كان بنو إسرائيل يراقبون ظهور الهلال الجديد فى
أول كل شهر قمرى وعندما يرونه كانوا يعلنون عنه بإيقاد النار فوق الجبال والأماكن
المرتفعة، كما أمرهم الرب بضرب الأبواق على الذبائح فى رؤوس الشهور إعلاناً عنها
وإحتفالاً بها (عدد10: 10، مزمور81: 3و4)

باستثناء رأس الشهر السابع الذى كان يُعتبر أول
السنة المدنية (عيد الأبواق)، وكان يحتفل به إحتفالاً خاصاً (لاويين 23: 24). كان
القمر يشغل مكاناً هاماً فى حياة اليهود لأنه هو الذى يحدد لهم مواقيتهم، لأن
شهورهم كانت شهوراً قمرية، تُحسب بناء على دورة القمر. لهذا كان تحديد وقت ظهور
الهلال الجديد أمراً بالغ الأهمية، حيث أن ظهور الهلال كان يعنى بداية شهر جديد.

وكان يُمتنع فيها – كما فى السبوت – القيام بأى
عمل دنيوى فيما عدا تجهيز الطعام الضرورى (انظر خروج 12: 16) ويعملون فيها
أعمالاً دينية (عدد10: 10، أخبار أيام الأول 23: 30، أخبار أيام الثانى 2: 4،
عزرا 3: 5، نحميا 10: 33، إشعياء 1: 13و14، حزقيال 45: 17و46: 6، هوشع 2: 11)
.
وكثير من الأسر كانت تعمل احتفالات خاصة وتقرب قرابين خاصة بمناسبة الهلال كما نرى
ذلك فى (صموئيل الأول 20: 5).

كانت قرابين الرب فى رأس كل شهر تتضمن:

أولاً: محرقة من ثورين من
البقر وكبش واحد وسبعة خراف حولية صحيحة مع تقدماتها وسكائبها (عدد 28: 11-14)

ثانياً: ذبيحة خطية تيس من
الماعز (عدد 28: 15)

ثالثاً: المحرقة اليومية
الدائمة صباحاً ومساءً (عدد 28: 15)

رابعاً: ما يقدمه الشعب
تطوعاً من الذبائح الإختيارية.

أما التقدمات الطعامية فكانت:

(أ) لكل ثور كان يقدم ثلاثة أعشار الإيفة من
الدقيق ملتوتة بالزيت المرضوض بإعتبار ربع الهين من الزيت لكل عُشر (عدد 28: 12)

(ب) وللكبش كانت التقدمة عُشرين من الدقيق
الملتوت بنفس النسبة من الزيت.

(ج) ولكل خروف كانت التقدمة عُشراً واحداً من
الدقيق يلت بربع الهين من الزيت.

(محرقة رائحة سرور وقوداً للرب): كانت
الذبائح تُحرق جميعها على المذبح لأنها محرقة للرب، والتقدمة الطعامية من الدقيق
الملتوت كان يوقد تذكارها ويأخذ الكهنة الباقى (لاويين 2: 2و3).

أما السكائب فكانت كالآتى:

(أ) نصف الهين من الخمر الجيدة للثور الواحد.

(ب) وثلث الهين للكبش.

(ج)
وربع الهين لكل خروف.

كانت خدمة
اليوم تبدأ بتقديم المحرقة الصباحية الدائمة وتُختم بالمحرقة المسائية الدائمة،
أما قرابين العيد فكانت ذبيحة الخطية فى الغالب تقدم أولاً إلتماساً لمراحم الله
وطلباً لمغفرة خطاياهم، ثم تليها المحرقة ليقبلها الله رائحة رضى وسرور. والوحى
يذكر المحرقة أولاً فى كثير من المواضع بالنسبة لجلال قدرها. هذا بالإضافة الى ما
كان الشعب يقدمه من المحرقات وذبائح السلامة الإختيارية.

ويعلِّق العلامة أوريجانوس على هذا العيد
بقوله:

[الإحتفال الثالث هو عيد الهلال، اليوم الذى فيه
أيضاً تقدم ذبيحة. يكون هذا الإحتفال عند ظهور القمر من جديد. نقول أن القمر صار
جديداً عندما يقترب جداً من الشمس بإتصاله به.. أى منفعة للإحتفال بعيد الهلال
الجديد؟ إنه يعنى اقتراب القمر من الشمس جداً ويتحد بها. المسيح هو شمس البر،
والهلال يعنى كنيسته الممتلئة من نوره، تتصل به وتتحد معه بقوة، كقول الرسول: “وأما
من التصق بالرب فهو روح واحد ” (كورنثوس الأولى 6: 17).

إنها تحتفل بعيد الهلال إذ تصير جديد بتركها
الإنسان العتيق ولبس الإنسان الجديد بحسب الله فى البر وقداسة الحق (أفسس4: 24).
بهذا يستحق الإحتفال بعيد التجديد أو عيد الهلال.. . النفس التى إتحدت بالله وعرفت
بهاءه ونوره، التى ليس لديها فكر أرضى أى الإنشغال بأمر دنيوى أو شهوة إعجاب الناس
بها، هذه التى سلمت نفسها لنور الحكمة وحرارة الروح وأصبحت غير مادية بل روحية، لا
يمكن أن يراها البشر ولا هى تتعلق بنظرات البشر بها، لا يدرك الإنسان الطبيعى
الروحى ولا يصل إليه، مثل هذه النفس تستحق بحق أن تحتفل بالعيد وتقدم ذبيحة الهلال
للرب الذى جددها]. ([1])

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى