بدع وهرطقات

الخط المشترك بين القمص متى المسكين وماكس ميشيل



الخط المشترك بين القمص متى المسكين وماكس ميشيل

الخط
المشترك بين القمص متى المسكين وماكس ميشيل

الأنبا
بيشوى

 

بالرغم
من عدم توافق كل منهج مكس ميشيل مع منهج القمص متى المسكين إلا أن مكس ميشيل قد
تأثر بالفعل بكثير من تعاليم القمص متى المسكين. وفيما يلى سوف نورد مقتطفات من
تعاليم كل من القمص متى المسكين وماكس ميشيل وعلى القارئ أن يستنتج بنفسه نقاط
التلاقى بينهما. وهذه التعاليم لكليهما هى تعاليم غير قويمة ولا تتفق مع العقيدة
الأرثوذكسية، وسوف نرد عليها حسبما يتفق.

 

عقيدة
الكفارة والفداء

يدّعى
القمص متى المسكين وعنه ماكس ميشيل وغيرهما، أن الله لا يغضب بسبب الخطية، ولا
يعاقب الخطاة على خطاياهم. ويستبعدون فكرة إيفاء العدل الإلهى حقه على الصليب.
وفكرة العقوبة فى حكم الموت الذى صدر ضد الإنسان. وبهذا تتميع فكرة الفداء وعقيدة
الكفارة بما يؤدى إلى إهدار قيمة العقيدة المسيحية. إنه موضوع خطير إلى أبعد
الحدود..!

 

وإليكم
مقتطفات قليلة (على سبيل المثال فقط) من تعاليمهما فى هذا الصدد.

 

القمص
متى المسكين (كتاب الإنجيل بحسب القديس مرقس صفحة 607):

“فعار
الابن يلحق الآب ولا محالة!! والعار لعنة، واللعنة إن أصابت الابن أصابت الآب
حتماً… هذا هو الترك الحتمى الذى أجراه الله على المسيح حتى يمكن أن يجوز اللعنة
وحده من أجل البشرية التى يحملها. فلولا هذا الترك الإلهى لما صح الصليب ولما صارت
اللعنة لعنة بل ضحكاً!! هنا صار الصليب صليباً حقاً وزادت مرارته ألف مرة. فترك
الله الآب له هو أشد هولاً من آلام الصليب مراراً، بل هو الموت حقاً الذى ذاقه
المسيح بالترك قبل أن يذوقه بالموت على الصليب. فالمسيح صلب مرتين، صلب بترك الآب
له عمداً وصلب بيد الأشرار قهراً. أو هو صليب ذو وجهين، وجه سماوى قاتم قتام
الظلام الحالك لا نور فيه لاختفاء وجه الآب، ووجه أرضى إظلمت له الدنيا كرجع وصدى
لظلمة السماء، فاختفى نور الشمس لاختفاء نور وجه الآب عن الابن رب الخليقة
ونورها..”

 

الرد:

إن
معلمنا بولس الرسول يرفض هذا المفهوم فيقول “لأن الذين استنيروا مرة وذاقوا
الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر
الآتى وسقطوا، لا يمكن تجديدهم أيضاً للتوبة إذ هم يصلبون لأنفسهم ابن الله ثانية
ويشهرونه” (عب 6: 4-6). وهو يقصد أنه لا يجوز أن تعاد المعمودية للذين سقطوا
بعد عمادهم لئلا يعتبر هذا صلب مرة ثانية للسيد المسيح بالنسبة لهؤلاء الناس
وتشهير به بعد قيامته المجيدة وصعوده إلى السموات.

أما
عن ترك الآب للإبن فإنه مستحيل؛ فإن القمص متى المسكين قد اختلط عليه الأمر بين
الآلام التى احتملها السيد المسيح ناسوتياً وبين ما يخص لاهوته المتحد بالناسوت،
والذى لا يمكن أن يقاسى آلاماً ولا أن يلحق به عاراً. إن اللاهوت غير متألمّ
بطبيعته ولكن شخص الابن الوحيد الجنس من الآب حينما أخذ جسداً قابلاً للموت وجعله
واحداً مع لاهوته فإنه قد قبل الآلام والموت فى هذا الجسد كما قال القديس أثناسيوس
الرسولى فى كتابه عن تجسد الكلمة فى الفصل التاسع الفقرة 1: “وإذ رأى الكلمة
أن فساد البشرية لا يمكن أن يبطل إلا بالموت كشرط لازم. وأنه مستحيل أن يتحمل
الكلمة الموت لأنه غير مائت ولأنه ابن الآب. لهذا أخذ لنفسه جسداً قابلاً للموت
حتى باتحاده بالكلمة، الذى هو فوق الكل، يكون جديراً أن يموت نيابة عن الكل”
(ترجمة القس مرقس داود، الطبعة الثانية- صفحة 39).

 

فهل
قرأ القمص متى المسكين كتاب “تجسد الكلمة” للقديس أثناسيوس حتى يقول أن
عار الصليب كان من الممكن أن يلحق الآب لو لم يترك الابن؟ وهل هناك ترك بين لاهوت
الآب ولاهوت الابن؟ أم أن العار لم يلحق بطبيعة الابن الإلهية ولكنه بشخصه الإلهى
قد احتمله ناسوتياً من أجل خلاصنا؟!!

 

ألم
يقرأ القمص متى المسكين ما ورد فى المزمور 22 عن صلب السيد المسيح “ثقبوا يدى
ورجلى.. يا خائفى الرب سبحوه.. لأنه لم يحتقر ولم يرذل مسكنة المسكين ولم يحجب
وجهه عنه، بل عند صراخه إليه استمع” (مز 22: 6، 23، 24). إذن لم يحجب الآب
وجهه عن الابن ولا تركه وإنما تركه يتألم دون أن يتركه. بمعنى أن “الرب فسر
أن يسحقه بالحزن” (اش 53: 10).

 

نظرية
استرضاء وجه الله

القمص
متى المسكين (كتاب القديس بولس الرسول صفحة 295):

“نظرية
استرضاء وجه الله: وتقوم على أساس تصادم العدل عند الله فى مواجهة الخطية، فالله
قدوس والخطية إساءة مباشرة لقداسته، وهنا عدالة الله تنبرى للخاطئ الذى أساء إلى
قداسة الله وكرامته فلا تتركه دون عقاب. وهكذا يقف الخاطئ أمام عدل الله مداناً
إلى أن ترفع الإساءة ويكفر عنها. وإذ لا توجد خليقة ما قادرة أن تعوض عن إساءة
الخطية عن عمد ضد الله الذى لا يحد، لهذا لزم أن يكون للوسيط هذه اللامحدودية.
لذلك لزم أن يتجسد ابن الله ليسترضى أولاً عدل الله حتى ينسكب حب الله ورحمته
للإنسان. فهنا عدل الله فى مواجهة الحب والرحمة، حيث على الابن المتجسد أن يسترضى
العدل أولاً ليسترد الحب والرحمة لبنى الإنسان.

 

هذا
المنطق الديالكتيكى، بقدر ما أنه يدخل فى الحبك الفلسفى التأملى بقدر ما يبتعد عن
البساطة التى فى المسيح ومن واقع الفداء بصورته المجروحة الدموية…

 

لذلك
فصورة الله فى هذه النظرية (وهو طالب من يسترضى عدله وكرامته) لا تتناسب الآن مع
“هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل
تكون له الحياة الأبدية” (يو3: 16) حيث الله الآب هنا هو الذى يطلب استرضاء
الإنسان المظلوم المخذول المهان والمطرود، ساعياً أن يرده إلى كرامته الأولى…

 

نجد
فى نظرية الفداء كاسترضاء الله أن عملية الفداء تنتهى باسترضاء الابن للآب، وحينئذ
ينتهى الحوار وتنتهى الرواية المأساوية باسترداد كرامة الله.

وإن
كان بعض الآباء الأول قد استخدموا هذه النظرية، أى نظرية الفداء القائم على
استرضاء الله، فذلك لم يكن من واقع إيمانهم الشخصى المباشر فى فهم وتفسير الفداء
بحد ذاته، ولكن كان بسبب الدفاع الذى قاموا به ليردوا على سؤال الوثنيين: [لماذا
صار الله إنساناً؟]

هنا
أدخل هؤلاء الآباء الفداء باعتباره الضرورة التى حتمت تجسد ابن الله وبنوا عليها
هذه النظرية التأملية الفلسفية التى تنتهى بحقيقة واحدة وهى ضرورة تجسد
الله.”

 

ماكس
ميشيل (عظة بعنوان اقتناء بر المسيح 28/4/2001):

 

“هناك
إساءة فهم بالغة اقتناها كثير من المسيحيين وتعلموها وعلموا بها حينما فهموا أن
ذبيحة المسيح قدمت ترضية لله الآب أو أن ذبيحة المسيح قدمت لترد غضبه –هى فعلاً
ردت غضبه- لكن ليس بالمعنى اللى إحنا تعلمناه سابقاً وسمعناه كثيراً أن الله ما
كانش قادر يغفر للإنسان يعنى يسامحه من غير أن يوجد شخص آخر يعاقب بدله.

 

فصار
هناك نظرية وعلشان أنا أدلل على النظرية بتاعتى أبتدى أتصيد لها عبارات زى بدون
سفك دم لا تحصل مغفرة وما أكملش الموضوع هو مش عايز الباقى هو يهمه يصطاد العبارة
اللى بتؤيد الفكرة اللى عنده أن الله الآب السماوى شخص لا يغفر من غير ما يشوف
الدم بيسيح، لا يمكن أن يغفر من غير ما يسيح دم أى دم، دم ثيران دم كباش دم حمام
دم بنى آدمين، وفى الآخر دم ابنه…”.

 

الرد:

هل
يليق أن يقول القمص متى المسكين أن الفداء ليس لإيفاء دين الخطية التى سقط فيها
الإنسان بل أن “الله الآب هنا هو الذى يطلب إسترضاء الإنسان المظلوم المخذول
المهان والمطرود، ساعياً أن يرده إلى كرامته الأولى”. فهل الله الآب هو الذى
ظلم الإنسان وخذله وأهانه حينما طرده من الفردوس بعد السقوط؟ أم أنه فى محبته قد
أراد خلاص الإنسان وشفائه من الخطية وآثارها داعياً إياه إلى التوبة من خلال إظهار
بشاعة الخطية بآلام وجراحات الجلد والصليب؟ ما هذه الجسارة فى إتهام الله الآب
بأنه ظلم الإنسان حينما طرده من الفردوس؟! ولذلك فهو يسترضى الإنسان تصحيحاً للظلم
الذى أوقعه عليه!! فابهتى أيتها السموات واقشعرى أيتها الأرض من تعاليم متى
المسكين.

 

أما
مكس ميشيل فإنه يسخر من الغفران لدى الآب برؤيته لدم المسيح المسفوك وكأنه يستخف
بأهم أركان العقيدة “لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا” (1كو 5: 7)
فلا مجال للهروب من أن الخلاص قد تم بسفك دم يسوع المسيح كفارة عن خطايانا كقول
الرب فى ليلة آلامه “هذا هو دمى الذى للعهد الجديد الذى يسفك من أجل كثيرين
لمغفرة الخطايا” (مت26: 28).

ونعود
إلى الرد بالتفصيل على إدعاءات القمص متى المسكين ومكس ميشيل.

 

يقول
المزمور “الرحمة والحق تلاقيا. البر والسلام تلاثما. الحق من الأرض أشرق
والبر من السماء إطلّع” (مز85: 10-11). فكما أن الصليب هو إعلان عن محبة الله
حسب قول السيد المسيح “هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك
كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يو3: 16)، فإن الصليب أيضاً إعلان
عن قداسة الله الكاملة وعن عدالته المطلقة. كما هو مكتوب “بدون سفك دم لا
تحصل مغفرة” (عب9: 22).

 

فالغفران
الإلهى هو غفران مدفوع الثمن. لأن الخطية والبر لا يتساويان عند الله. ولكى يعلن
الله بره الكامل وقداسته المطلقة فلابد أن يعلن غضبه على الخطية. كقول معلمنا بولس
الرسول “لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم الذين
يحجزون الحق بالإثم” (رو1: 18). ويقول أيضاً معلمنا بولس الرسول “مخيف
هو الوقوع فى يدى الله الحى” (عب 10: 31)، ويقول “لأن إلهنا نار
آكلة” (عب12: 29). وقيل عن عمل السيد المسيح الفدائى المذكور فى سفر الرؤيا
“وهو يدوس معصرة خمر سخط وغضب الله القادر على كل شئ” (رؤ19: 15).

 

إذاً،
الله يغضب بسبب الخطية وهذا واضح تماماً فى كتب العهد القديم وكتب العهد الجديد
المقدسة. لا أحد يستطيع أن ينكر غضب الله بسبب الخطية، بل لابد أن تُعلن قداسة
الله الكاملة كرافض للخطية والشر فى حياة الإنسان أى كرافض لخطية الإنسان. عدل
الله فى محاسبته على الخطية معناه أن تظهر قداسة الله الكاملة بأن تنال الخطية
قصاصاً عادلاً. حتى لو دفع الثمن من يحمل خطية الإنسان عوضاً عنه، مانحاً الخاطئ
فرصة للتوبة والحياة، بعد أن يكتشف بشاعة الخطية ويكرهها قابلاً محبة الله الشافية
والغافرة التى يمنحها الروح القدس فى الأسرار.

 

كان
الإنسان الضائع الذى سقط فى فخ إبليس، وسقط تحت الغضب الإلهى يحتاج إلى من يخلّصه.
كقول الرب “من يد الهاوية أفديهم. من الموت أخلصهم” (هو13: 14). وكان
الأمر يحتاج إلى من يسحق سلطان الموت ويهزم طغيانه، ويحتاج إلى من يستطيع أن يحرر
المسبيين ويخلصهم من أسر إبليس وينقذهم من الغضب الإلهى.

 

يتضح
ذلك من كلام السيد المسيح لبولس الرسول حينما ظهر له وهو فى طريقه إلى دمشق وقال
له “قم وقف على رجليك لأنى لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادماً وشاهداً بما رأيت
وبما سأظهر لك به منقذاً إياك من الشعب ومن الأمم الذين أنا الآن أرسلك إليهم
لتفتح عيونهم كى يرجعوا من ظلمات إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى الله حتى ينالوا
بالإيمان بى غفران الخطايا ونصيباً مع المقدسين” (أع 26: 16-18).

 

إن
السيد المسيح إحتمل الغضب. الألم الذى إحتمله هو نتيجة الغضب المعلن ضد الخطية. الغفران
فى المسيحية، ليس غفراناً بلا ثمن بل هو غفران مدفوع الثمن. والذى دفع الثمن هو
السيد المسيح بدافع محبته لكى يخجل الخطاة بهذا الحب العجيب…

فالإنسان
يخجل من خطاياه التى تسببت فى آلام المخلص وإحتماله التعيير وموته كما قال بفم
النبى “تعييرات معيّريك وقعت علىّ” (مز69: 9).

 

إن
الإنسان حينما ينظر إلى صليب الرب يسوع المسيح يقف مبهوراً من محبته، ومخزياً من
كل خطية تسببت فى صلبه. إنه يرى فى الصليب الحب بأجلى معانيه. ويرى أيضاً العدل
يأخذ مجراه. ويسمع كلمات الرسول منذراً إياه هو وغيره من المؤمنين: “قد
إشتريتم بثمن فمجدوا الله فى أجسادكم وفى أرواحكم التى هى لله” (1كو6: 20).
وأيضاً قوله “أنكم لستم لأنفسكم” بل للمسيح (1كو6: 19). أليست هذه هى
الأنشودة الرسولية “كى يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذى مات لأجلهم
و قام” (2كو5: 15).

 

إن
الله لكى ينقذنا من نتائج خطايانا، “أرسل ابنه كفّارة لخطايانا” (1يو4:
10) وأدان الخطية كقول معلمنا بولس الرسول “الله إذ أرسل ابنه فى شبه جسد
الخطية ولأجل الخطية دان الخطية فى الجسد” (رو8: 3). إدانة الخطية فى الجسد،
تعنى أن الخطية قد أدينت على الصليب. فالله “لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا
أجمعين” (رو8: 32). الله لم يشفق على ابنه حينما حمل خطايانا فى جسده بل أعلن
غضبه على الخطية لكى تنال الخطية دينونة عادلة. وهنا يتبرر الله كقدوس وكرافض
للشر.

 

إن
الله يريد أن يعلن نقمته وغضبه ضد خطية الإنسان. فمن يقبل أن يحمل المسيح خطاياه
عنه، فإنه يرى بعينيه الخطية قد سُمرت على الصليب. ويعلم بهذا أن خطاياه قد غفرت.
يرى بعينيه الخطية وقد أدينت دينونة عادلة. وهكذا قال معلمنا بولس الرسول “إذ
محا الصك الذى علينا فى الفرائض الذى كان ضداً لنا وقد رفعه من الوسط مسمراً إياه
بالصليب” (كو2: 14).

ويشرح
القمص تادرس يعقوب هذه الآية ويقول [ماذا يعنى تمزيق صك الدين الذى علينا الذى
أعلنته فرائض الناموس؟ إلا إيفاء الدين تماماً بالصليب.]

 

وقد
أشار القديس يوحنا ذهبى الفم إلى أهمية رفع الغضب الإلهى لإتمام المصالحة فقال
[ولكى تعلموا أننا أخذنا الروح القدس كعطية تصالح الله معنا.. وأن الله لا يرسل
نعمة الروح القدس إذا كان غاضباً منا. لكيما إذا اقتنعت بأن غياب الروح القدس هو
دليل غضب الله، تتأكد أن إرساله مرة أخرى هو دليل المصالحة لأنه لو لم تكن
المصالحة قد تمت لما أرسل الله الروح القدس ] (العظة الأولى عن عيد حلول الروح
القدس).

 

هذا
المسلسل الرهيب الذى لو تركناه فسوف يؤدى إلى الإستخفاف بالخطية وهلاك الرعية..
وهنا نتذكر قول معلمنا بولس الرسول “مخيف هو الوقوع فى يدّى الله الحى”
(عب10: 31). “من خالف ناموس موسى فعلى شاهدين أو ثلاثة شهود يموت بدون رأفة.
فكم عقاباً أشر تظنون أنه يحسب مستحقاً من داس ابن الله وحسب دم العهد الذى قدّس
به دنساً وإزدرى بروح النعمة” (عب10: 28،29).

 

“فإننا
نعرف الذى قال لى الإنتقام أنا أجازى يقول الرب. وأيضاً الرب يدين شعبه. مخيف هو
الوقوع فى يدى الله الحى” (عب10: 30-31). وقوله أيضاً “لذلك ونحن قابلون
ملكوتاً لا يتزعزع ليكن عندنا شكر به نخدم الله خدمة مرضية بخشوع وتقوى. لأن إلهنا
نار آكلة”. (عب12: 28-29).

نحن
اليوم حينما نقول “سامحنا يارب” عندما نخطئ. يقول لنا الرب: نعم أسامحكم
لكن لابد أن تفهموا أن خطيئتكم ثمنها مدفوع. ثمناً غالياً…

 

إذا
تجاهلنا العدل الإلهى.. فما الداعى للصليب أصلاً؟.. ما لزومه؟ هل الصليب مجرد
تمثيلية لكى يظهر لنا السيد المسيح محبته فقط؟!! ثم ما معنى كلمة
“الفداء”؟ حينما يقول “ليبذل (المسيح) نفسه فدية عن كثيرين”
(مت20: 28) أو “الذى بذل نفسه فدية” (1تى2: 6). هل أصبحت كلمة الفداء
كلمة ليس لها معنى؟

 

إنهم
يرفضون أن يقدم الفادى نفسه فى موضع الخاطئ. أى يضع نفسه فى مكان الخاطئ بينما
الكتاب واضح إذ يقول أشعياء النبى”والرب وضع عليه إثم جميعنا” (أش53: 6)
وقال يوحنا المعمدان “هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم” (يو1: 29).
ويقول أيضاً أشعياء النبى “جعل نفسه ذبيحة إثم” (أش53: 10). وفى رسالته
الأولى يقول معلمنا بطرس الرسول “عالمين أنكم أفتديتم لا بأشياء تفنى… بل بدم
كريم كما من حمل بلا عيب” (1بط1: 18-19) ويقول معلمنا بولس الرسول إن
“المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا” (غل3: 13). ويقول
“قد أشتريتم بثمن فمجدوا الله فى أجسادكم وفى أرواحكم التى هى لله”
(1كو6: 20). ويقول “إذ محا الصك الذى علينا فى الفرائض الذى كان ضداً لنا وقد
رفعه من الوسط مسمراً إياه بالصليب” (كو2: 14).

ماذا
يعنى تمزيق صك الدين الذى كان علينا؟ إلا إيفاء الدين تماماً بالصليب. فلماذا نحسب
الدين إهانة للمخلص المحبوب؟

 

بولس
الرسول يقول فى جسارة “لأنه جعل الذى لم يعرف خطية خطية لأجلنا لنصير نحن بر
الله فيه”.

القديس
مار أفرام السريانى يقول [السبح للغنى الذى دفع عنا ما لم يقترضه وكتب على نفسه
صكاً وصار مديناً] (الترنيمة الثانية عن الميلاد).

القديس
أمبروسيوس يقول [ بالجسد علّق على الصليب ولأجل هذا صار لعنة. ذاك الذى حمل
لعنتنا] (شرح الإيمان المسيحى – الكتاب الثانى- الفصل 11).

 

والقديس
أثناسيوس يقول [ ولأن كلمة الله هو فوق الكل فقد لاق به بطبيعة الحال أن يوفى
الدين بموته وذلك بتقديم هيكله وآنيته البشرية لأجل حياة الجميع. ] (تجسد الكلمة
فصل 9 الفقرة 2).

وقال
القديس أثناسيوس الرسولى فى كتاب تجسد الكلمة الفصل الثامن [وهكذا إذ أخذ من
أجسادنا جسداً مماثلاً لطبيعتنا، وإذ كان الجميع تحت قصاص فساد الموت، فقد بذل
جسده للموت عوضاً عن الجميع، وقدمه للآب. كل هذا فعله شفقة منه علينا، وذلك: أولاً
لكى يَبطل الناموس الذى كان يقضى بهلاك البشر، إذ مات الكل فيه، لأن سلطانه قد
أكمل فى جسد الرب ولا يعود ينشب أظفاره فى البشر الذين ناب عنهم. ثانياً: لكى يعيد
البشر إلى عدم الفساد بعد أن عادوا إلى الفساد، ويحييهم من الموت بجسده وبنعمة
القيامة، وينقذهم من الموت كإنقاذ القش من النار] .

 

الفداء
حب وليس عقوبة

القمص
متى المسكين (كتاب الفدية والكفارة صفحة 21):

 

“صار
مصلوباً “لأجلنا” وليس “عنا”. لأن كلمة “عنا” هنا
خطيرة للغاية، إذ تجعل قبوله الموت واللعنة كاستحقاق شخصى وهذا يلغى الفدية إلغاء،
ولكنه قبل اللعنة “لأجلنا” وعن محبة فقط، عن حب وطاعة لأبيه، فصار هذا
فدية محبة بكل المعنى والموازين.

 

يستحيل
أن يجمع الله الآب فى قلبه نقمة العقوبة ليصبها فى ابنه ليموت هنا وبدلاً منا، مع
نعمة المحبة التى أرسل بها ابنه باذلاً إياه كأقوى تعبير عن حبه من أجلنا حتى لا
نهلك. كذلك، فالآلام العنيفة التى تحملها الابن المتجسد مع عذاب الصليب والتشهير
به حتى الموت، لم تكن لتنفيذ عقوبة فرضها الآب عليه عوضاً عنا، بل لتنفيذ تكليف
محبة أكملها الابن فى جسم بشريتنا لتكون ميراثاً لنا. الآلام لم تكن ثمن عقوبة بل
ثمن محبة، والصليب لم يكن ثمن عقوبة بل ثمن محبة، والموت لم يكون ثمن عقوبة بل ثمن
محبة: “الذى أحبنى وأسلم نفسه لأجلى”.

 

(كتاب
القديس بولس الرسول صفحة 291): “وهذا هو السر الأساسى فى تجسد ابن الله، أنه
عمل حب بالدرجة الأولى بعيداً عن إحساس ومفهوم العقوبة، فلا الله الآب عاقب ابنه،
بل عن حب بذله: ولا الابن عاقب نفسه، بل أحبنا وأسلم ذاته من أجلنا: ولا نحن وقع
علينا عقاب فى الحقيقة، بل فزنا بالبراءة والمحبة والتبنى. وبالرغم من ذلك نفذ عدل
الله وتم حكم الناموس ومات الخاطئ. فالمسيح مات بالجسد الذى هو جسدنا وخطيتنا
عليه، فتم فينا نحن –وليس فى المسيح- عدل الله.”

 

ماكس
ميشيل (عظة بعنوان اقتناء بر المسيح بتاريخ 28/4/2001):

 

“ذبيحة
المسيح عبارة عن انه مات من أجل خطايانا لأنه حمل خطايانا مفيش مسألة إنتقام ولا
حاجة ده مسألة حب مش إنتقام دا هو اتحد بينا حمل خطايانا فمات. آدى الذبيحة.. هو
مات من الخطية مش مات من تسييح دمه. مات لأنه حمل الخطية.”

 

الرد:

إن
الله إذا غفر بدون قصاص كامل للخطية يكون كمن يتساوى عنده الخير والشر. وإذا كان
الغفران هو علامة لرحمته فأين قداسته الكاملة كرافض للشر إن لم تأخذ الخطية قصاصاً
عادلاً؟

نحن
نفهم أن الله يقول أنا أغفر لكم. لكنى أغفر لمن يدرك قيمة الغفران أن ثمنه غالى
جداً؛ ولمن يقبل نعمة الشفاء من الخطية بفعل التجديد والتطهير الذى يعمله الروح
القدس.

 

ما
الفائدة أن مريضاً يطلب من الطبيب أن يسامحه على مرضه دون أن يطلب منه الشفاء؟!!
الأجدر بالمريض أن يطلب من الطبيب أن يشفيه بكل الأدوية الضرورية. وهكذا لا يكفى
طلب المغفرة من الله بدون وجود سبب للمغفرة، بل يلزم طلب المغفرة على حساب دم
المسيح وطلب الشفاء وقبول تعاطى الدواء الذى يمنحه الطبيب السماوى وهو تجديد
الطبيعة بالمعمودية وممارسة الأسرار المقدسة. والكتاب يقول عن شفاء مرض لذة الخطية
التى دفع ثمنها السيد المسيح “الذى بجلدته شفيتم” (1بط2: 24).

 

وقيل
أيضاً أنه “مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره
شفينا. كلنا كغنم ضللنا مِلنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا”
(أش53: 5،6).

الإنسان
يشعر أن ثمن خلاصه مدفوع، وأن السيد المسيح اشتراه بدمه. فلم يعد ملكاً لنفسه.
وأنه قد دُفن مع المسيح وصُلب معه فى المعمودية. فحينما تأتى الخطية وتقول له خذ
نصيبك من المتعة، يقول لها أين هو نصيبى من لذة الخطية؟! هل الميت له نصيب فى
ذلك؟!! لهذا يقول القديس بولس الرسول “احسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية ولكن
أحياءً لله بالمسيح يسوع ربنا” (رو6: 11). فالإنسان يرى أن خطيته قد دُفع
ثمنها لكى ينال الغفران.

 

يأتيه
الشيطان ويقول له إرتكب الخطية مرة أخرى. فيجيبه: كيف ذلك؟!! هذه الخطية ثمنها
غالى.. الغفران مدفوع الثمن بالكامل. لأن “أجرة الخطية هى موت” (رو6:
23).

 

فالموت
الذى أستحقه أنا، المسيح مخلصى دفع ثمنه بالكامل. الإنسان يخجل من نفسه كلما ينظر
إلى الصليب ويشعر بالخزى، يحتقر نفسه.. يكره نفسه.. يكره النفس التى تطالب بالخطية
وبلذتها.. يبكت نفسه ويقول فى مقابل هذه اللذة الرخيصة العابرة قد جُلد المسيح
الذى أحبنى بالسياط وسمر بالمسامير. إذاً فكل لذة محرَّمة يقبلها الإنسان قد دفع
ثمنها السيد المسيح بالجلدات الحارقة فى جسده المبارك تلك التى احتملها فى صبر
عجيب وهو برئ.

 

ضمير
الخطية

القمص
متى المسكين (كتاب الإنسان والخطية صفحة 13):

“بكل
الأسف والحزن أن الشيطان قد نجح فى تلويث ضمير المؤمنين مرة أخرى. فكثير من
المعلمين لا يزالون يؤمنون ويعلمون أن خطايا المؤمن لا تزال لها قدرة أن تدينه
وتميته، وأنه بسبب خطاياه لا يمكن أن يقبل لدى الله أو يرى نور الحياة الأبدية،
وأنه واقع تحت الدينونة الأبدية، وأن انهزامه أمام خطايا الجسد حتى والعاملة فيه
بحسب ناموس الخطية قادرة أن تحرمه من ملكوت الله.

نقول
أنه هكذا نجح الشيطان فى أن يعيد للخطية سلطانها المميت مرة أخرى، وأن يعيد حكم
الموت على الإنسان، وكأن المسيح لم يصلب ولم يسفك دمه ولم يمت ولم يقم من الموت
ولم يعلم ولم يهبنا حياته الأبدية.

 

وهكذا
نجح الشيطان بحسب التعليم غير المنتسب للفداء أن يؤسس فينا ضمير الخطية مرة أخرى
كأننا مستعبدون لها، ويوقفنا أمام الله كمدانين ونحن أبرياء، كمحكوم علينا بالموت
ونحن أبرار فى المسيح وأحياء فيه.”

 

ماكس
ميشيل (عظة حاجة الناس إلى مجد الله 16/11/2003):

 

قصد
الله من نحو الإنسان، قصد الله من التجسد قصد الله من أن الذى تجسد هذا هو بهاء
مجده.. أن أُعطى مجده. إنسى بأه البرنامج بتاع إنك خاطى وساقط ومش نافع والله فى
المراحم الكبيرة أوى أوى أصدر عفواً ملكياً بالعفو عن خطاياك.

 

الرد:

هناك
أمثلة لا حصر لها عن أهمية التوبة وتبكيت النفس فى الكتاب المقدس وكتابات الآباء
القديسين. فقد أعطى السيد المسيح مثل الابن الضال ليؤكد على أهمية التوبة
والاعتراف بالخطية والرجوع إلى حضن الآب السماوى الذى يقبل التائب. ولأهمية هذا
المثل فى حياة الناس جعلت الكنيسة المقدسة فصل إنجيل الابن الضال يقرأ فى الأحد
الرابع من الصوم الكبير لحث الناس على التوبة. كما جعلت عبارة الابن الضال الشهيرة
“أخطأت يا أبتاه إلى السماء وقدامك ولست مستحقاً أن أدعى لك إبناً بل اجعلنى
كأحد أجراءك” (انظر لو 15) تردد كل يوم فى قطع صلاة الغروب من صلوات الأجبية.
كما أنه مدح العشار الذى قال “اللهم ارحمنى أنا الخاطئ” (لو 18: 13)
ودان الفريسى، وأيضاً الكنيسة المقدسة تضع هذه الصلاة فى كثير من طقوسها وفى صلوات
الأجبية (صلاة الغروب). كما ذكر الكتاب قصة المرأة الخاطئة التى بللت قدمى الرب
بدموعها ومسحتهما بشعر رأسها فى بيت الفريسى، فقال لها “مغفورة لك خطاياك..
إن إيمانك قد خلصك فاذهبى بسلام” (انظر لو 7) ويقرأ هذا الفصل من الإنجيل
يومياً فى الخدمة الثانية من صلاة نصف الليل.

وعن
دور الروح القدس قال السيد المسيح أنه “يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى
دينونة” (يو 16: 8). فعند عظة القديس بطرس الرسول الأولى فى سفر الأعمال نخس
الناس فى قلوبهم “وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع أيها الرجال الاخوة.
فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران
الخطايا” (أع 2: 37-38).

 

وقد
عاش الآباء القديسون طوال حياتهم فى البرارى فى حياة التوبة من صوم وصلاة ودموع
وميطانيات حتى أن القديس صيصوى فى ساعة وفاته سمع صوتاً يقول “إئتونى بتائب
البرية” وللوقت فاضت روحه. والتاريخ ملئ بأمثلة لا حصر لها عن تائبين وتائبات
مثل القديس موسى الأسود والقديسة مريم المصرية إلخ.

 

سر
الاعتراف

القمص
متى المسكين (كتاب الفدية والكفارة صفحة 19):

“ومن
روائع الطقس الكنسى الذى أهمل أمره وانسى ذكره، طقس “اعتراف الشعب” بدون
وسيط على دم المسيح فوق المذبح، إذ من صميم لزومية رفع البخور، وأن الكاهن يدور
دورته على الشعب ويقدم الشورية لكل مؤمن واقف فى الكينسة (وكان يلزم أن يتأنى ويقف
أمام كل واحد لحظة) حتى يقول اعترافه على الشورية سراً، بعدها يتجه الكاهن إلى باب
الهيكل ويقف ويقدم البخور إلى فوق وهو يصلى رافعاً عينيه نحو الله ويقول: “…
اقبل إليك اعترافات شعبك… إلخ” ويتقدم ويبخر أما المذبح وفوقه –فوق الكأس-
لينقل إلى دم المسيح خطايا شعبه ليكفرها أى يغفرها.

وإن
كان لا يزال بعض الكهنة يمارسونها شكلاً فى الطقس، إلا أنها توقفت عملياً منذ
القرن الثالث عشر، وحل محلها الاعتراف على الكاهن.”

 

ماكس
ميشيل (جريدة الجوهر العدد الأول صفحة 8):

“قد
استقر فى الكنيسة فى عصورها الأولى اعتبار الاعتراف بالخطايا جزء أساسى من
الممارسة الإفخارستية (حتى تكون ذبيحتكم نقية) يذكر هذا كتاب الديداكى (أى تعالم
الرسل الإثنى عشر) –وفى يوم الرب بعد أن نجتمع نكسر الخبز للتناول يجب أولاً
الاعتراف بكل التعديات والزلات حتى أن تقبل الذبيحة وتكون غير دموية…

 

ولكن
هل علم آباء الكنيسة الأرثوذكس الأولين فى أى من كتاباتهم أن المؤمن المجاهد فى
درب التوبة يصير موقوفاً عن نوال الغفران حتى يأتى إلى الكاهن وينال منه الحل؟!

وهل
تظل صلاته اليومية (فى صلاة أبانا الذى فى السموات) اغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن
أيضاً للمذنبين إلينا موقوفة وغير مستجابة ولن يستمتع بالغفران إلا بعد الاعتراف
للكاهن.

هل
هذه تعاليم آباء الكنيسة أم تعاليم لاهوتى العصور الوسطى؟!

 

إذا
كان هو تعليم آباء الكنيسة فأين هى وما هى النصوص الكاملة لأقوال الآباء التى تشرح
هذا وما هى شواهدها؟

وإذا
كانت مدسوسات العصور الوسطى فهل نرجع إلى تعليم الآباء الأرثوذكس الأولين…”

 

الرد:

كما
أسس السيد المسيح سر الإفخارستيا الذى هو سر التناول المقدس، فهو أيضاً الذى أسس
سر الاعتراف، وهو أيضاً الذى أسس سر المعمودية، وأسس أسرار الكنيسة كلها.

فى
بداية إنجيل معلمنا مرقس الرسول يقول عن يوحنا المعمدان: “كان يوحنا يعمِّد
فى البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا. وخرج إليه جميع كورة اليهودية
وأهل أورشليم واعتمدوا جميعهم منه فى نهر الأردن معترفين بخطاياهم” (مر1: 4،
5).. ومعمودية التوبة لمغفرة الخطايا ليست منفصلة عن الاعتراف.. بل مقترنة به من
البداية كما جاء فى (مر1: 4، 5). إنهم اعتمدوا معترفين بخطاياهم أى أنهم مارسوا
التوبة والاعتراف مع المعمودية على يد يوحنا ابن زكريا الكاهن ابن الكاهن.

 

وأيضاً
ذكر أنه “فى تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز فى برية اليهودية، قائلاً
توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات.. واعتمدوا منه فى الأردن معترفين
بخطاياهم” (مت 3: 1-6).

وفى
خدمة الآباء الرسل بعد إتمام الفداء؛ حيث كانوا يدعون الناس للتوبة والاعتراف
وقبول المصالحة مع الله فى المسيح، “وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون
مقرِّين ومخبرين بأفعالهم” (أع19: 18).

ففى
رسالة يعقوب الرسول عندما قال “أمريض أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة فيصلّوا
عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب. وصلاة الإيمان تشفى المريض، والرب يقيمه. وإن كان قد
فعل خطية تغفر له” (يع5: 14، 15) ولئلا يظن البعض أنه بدهن المريض بالزيت
والصلاة من أجله، تغفر له خطاياه؛ أكمل مباشرةً وقال “اعترفوا بعضكم لبعض
بالزلات، وصلوا بعضكم لأجل بعض لكى تشفوا، طِلبة البار تقتدر كثيراً فى
فعلها” (يع5: 16). فعندما قال: إن كان قد فعل خطية تُغفر له، استدرك سريعاً
وقال “اعترفوا” أى لا تُغفر لهذا المريض الخطية إلاّ إذا اعترف. ولئلا
يكتفى أحد بالاعتراف سراً، قال “اعترفوا بعضكم لبعض” قال “أمريض
أحد بينكم فليدع قسوس الكنيسة” (يع5: 14)..

ولا
يُمارَس الاعتراف على أى شخص، بل هناك وكيل، فيقول معلمنا بولس الرسول: “هكذا
فليحسبنا الإنسان كخدام المسيح ووكلاء سرائر الله” (1كو4: 1، 2) ويقول أيضاً
“وأعطانا خدمة المصالحة.. واضعاً فينا كلمة المصالحة” (2كو5: 18، 19)
“نسعى كسفراء عن المسيح كأن الله يعظ بنا، نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله”
(2كو5: 20).. وقد قال السيد المسيح لبطرس “أعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، فكل
ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً فى السماوات، وكل ما تحلّه على الأرض يكون
محلولاً فى السماوات” (مت16: 19)، وهكذا قال لجميع الآباء الرسل. فكيف يحل أو
يربط وهو لم يعرف الخطية؟!

 

وحتى
فى العهد القديم كان الشخص يأتى بذبيحة ويضع يده على رأس الذبيحة ويعترف بخطاياه
أمام الكاهن، فيأخذ الكاهن الذبيحة ويذبحها ويرش الدم ويكفر عن الخطية، وهكذا تموت
نفس بريئة عوضاً عن نفس خاطئة.. هذا ما نجده مثلاً فى سفر اللاويين “ويضع يده
على رأس ذبيحة الخطية ويذبحها ذبيحة خطية.. ويكفر عنه الكاهن من خطيته التى أخطأ
فيُصفحُ عنه” (لا4: 33، 35) “فإن كان يُذنِبُ فى شىء من هذه يقر بما قد
أخطأ به ويأتى إلى الرب بذبيحة لإثمه عن خطيته التى أخطأ بها.. ذبيحة خطية فيكفر
عنه الكاهن من خطيته” (لا5: 5، 6)، وأيضاً “كلم الرب موسى قائلاً: قل
لبنى إسرائيل إذا عمل رجل أو امرأة شيئاً من جميع خطايا الإنسان وخان خيانة بالرب؛
فقد أذنبت تلك النفس. فلتقر بخطيتها التى عملت، وترُدَّ ما أذنبت به بعيْنِهِ،
وتَزِدْ عليه خُمسَهُ وتدفعه للذى أذنبت إليه” (عد5: 5-7) فلابد من الإقرار
بالخطية أمام الكاهن.

 

وقد
وردت نصيحة فى سفر الأمثال: “من يكتم خطاياه لا ينجح، ومن يُقِر بها ويتركها
يُرحم” (أم28: 13) والإقرار هو بالإفصاح بالكلام، أى مُمارسة الاعتراف، إذاً
لا يكفى أنه يترك الخطية، ولكن ينبغى أيضاً أن يعترف بها. وفى سفر يشوع ابن سيراخ
يقول “لا تستحى أن تعترف بخطاياك” (سيراخ4: 31)

 

دم
المسيح

 

القمص
متى المسكين (كتاب الإنجيل بحسب القديس مرقس صفحة 209):

“هل
تستطيع أن تتحدانى وتذكر لى خطية ما لا يقوى عليها دم المسيح… ألا تعلم أن ألوف
ألوف وربوات ربوات يقفون الآن حول العرش، كلهم كانوا خطاة ومن عتاة صانعى الاثم،
وقد لبسوا تيجان الخلاص ولا يكفون عن الشكر والتسبيح!! فلماذا تتوانى؟ أقدم وامسك
بالدم واخطف لك نصيباً فى ملكوته.”

 

ماكس
ميشيل (عظة بعنوان رش دم يسوع على من جرحوك):

“أول
ما تشوف خطية تطلع لها على طول بدم يسوع.. دم يسوع يحررنى من خطيتى وخطية أخوك
تطلع له دم يسوع. ترش عليه دم يسوع..اغفر له ارسل عليه غفران دم يسوع وسلطان روح
يسوع… أول حاجة تغوص فى غفران دم يسوع..”

 

الرد:

إن
سلطان مغفرة الخطايا قد منحه السيد المسيح لتلاميذه بنفخة الروح القدس بعد قيامته
أى فى سر الكهنوت (انظر يو 20: 22-23). ومسألة رش دم يسوع ليست فى سلطة كل فرد
عادى بل من خلال أسرار الكنيسة مثل المعمودية والاعتراف والتناول من جسد الرب
ودمه.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى