اللاهوت العقيدي

الباب الثامن



الباب الثامن

الباب الثامن

طقس الإفخارستيا والليتورجية (القداس) في مصر

ليتورجية القديس مرقس
الرسول

يضع بعض العلماء
ليتورجية القديس سيرابيون (أسقف تمي مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية) كأول وثيقة
تحمل نصاً إفخارستياً وصلت إلى العالم من مصر. وسيرابيون ظهر في التاريخ كأسقف قبل
سنة 340م، وهي السنة التي أرسل فيها القديس أثناسيوس الرسولي رسالة فصحية إليه
ويلقِّبه فيها “إلى الأخ المحبوب والخادم الشريك معنا”. ثم اختفى اسمه بعد سنة
362م. ولا يُعرف بالضبط متى رُسم أسقفاً ومتى تنيح([1]).

مقالات ذات صلة

ولكن يرى كثير من
العلماء أن ليتورجية القديس مرقس الرسول هي في الواقع الوثيقة التي منها يمكن
استقراء أول إفخارستيا رسولية ظهرت في مصر([2])، وظلت قائمة
منذ القرون الأُولى حتى، الآن إنما اعترتها بعض التعديلات التي يصعب معرفتها
وحصرها.

غير أن التحديد الإسمي
لليتورجيات لم يكن بهذه الصورة أو بهذا التحديد في القرن الأول، إذ أن كل ليتورجيا
أخذت من الأخرى بلا أي تحيز أو حرج باعتبار أن التقليد كله واحد ومنحدر من أصل
واحد (وهو بحسب ما اكتشفناه قدَّاس الرسل أي تقديم الحمل).

زمن كتابة أو تدوين
ليتورجية القديس مرقس الرسول:

(أ) يقول العالِم وليم
بالمر([3])
في كتابه أصل الليتورجيات:

[ولو أن زمن كتابة
الليتورجيات عموماً غير مؤكد وسبب حوار كثير، إلاَّ أن علماء الطقوس المشهورين مثل
موراتوري وغيره يؤكدون أن نص ليتورجية تعاليم الرسل (لهيبوليتس) هو من مدوِّنات
القرن الثالث، وكذلك وبنفس التأكيد أي دون حاجة إلى الشك في الليتورجيات
الأخرى (أي ليتورجيات القديس مرقس الرسول وليتورجية القديس يعقوب الرسول) التي هي
من نفس الزمن …]

(ب) أمَّا العالِم
والمؤرخ الطقسي “ماسون نيل”([4])
الذي قضى حياته في البحث في تاريخ وأصول الليتورجيات، فإنه انتهى من بحثه إلى هذه
النتيجة:

1 إن هذه
الليتورجيات (ليتورجية تعاليم الرسل لهيبوليتس، وليتورجية القديس مرقس، وليتورجية
القديس يعقوب الرسول، وليتورجية كليمندس (وهي واردة في تعاليم الرسل
الكتاب الثامن)، هذه الليتورجيات ولو أنها ليست من مؤلفات نفس الرسل الذين تحمل
أسماءهم، إلاَّ أنها امتداد (تطوير) “شرعي” وقانوني لتقليد هؤلاء الرسل
الشفاهي غير المكتوب بخصوص الذبيحة المسيحية، بحيث أننا يمكن أن نقول إنه في أغلب
الأجزاء المهمة يُحتمل أن تكون هي بنفس كلمات الرسول. ولكن في كل الأجزاء عموماً
نجد نفس الإنشاء والأسلوب المنحدر من الرسول بدون أي تغيير.

2
وإن تاريخ ليتورجية القديس يعقوب من حيث تركيبها العام هو من زمن سابق على سنة
200م.

3 وإن زمن
ليتورجية القديس مرقس الرسول هو من نفس زمن ليتورجية القديس يعقوب سنة 200م. هذا
وإن الإضافات الواضحة التي دخلت على أصل كل ليتورجية لا يمكن بأي حال أن تغيِّر من
حقيقة أصالة كل ليتورجيا بوجه عام.

4 وإن زمن
الليتورجية المنسوبة لاكليمندس الروماني (تعاليم الرسل الكتاب الثامن
الأصل اليوناني) لا يتعدَّى سنة 260م.

(ج) وتوجد أيضاً أبحاث
قام بها جماعة العلماء الذين اضطلعوا بتسجيل هذه الليتورجيات وترجمتها في مجموعة
الباترولوجيا في طبعة إدنبره، حيث جمعوا آراء العلماء وليم بالمر، وبرت، وترولوب،
ونيل، والسمعاني الذين اتفقوا على أن ليتورجية القديس يعقوب وليتورجية القديس مرقس
هما من تركيب الرسولين إذا استثنينا بعض الإضافات([5]).

(د) هذا ويوجد علماء
آخرون يرون أنه حتى هذه الإضافات التي يعتبرها العلماء السابقون دخيلة على
ليتورجية القديس يعقوب وليتورجية القديس مرقس، هي ليست دخيلة بل أصيلة ومن نفس عمل
الرسولين، من أمثال هؤلاء العلماء: بونا، بيلارمين، وبارونيوس، وليو الألاثيوسي([6]).

(ه) ولكن هذا لا يمنع
وجود اعتراضات من علماء آخرين لهم وزنهم العلمي يرون أن هذه الليتورجيات ليست من
أصل رسولي ولا من زمن رسولي وأنها من عصور متأخرة نوعاً، أمثال: كيف وفابريكيوس،
ودوبين، وباسناج وتيمون([7]).
غير أن الكشوف الحديثة والبرديات والمخطوطات التي عُثر عليها مؤخراً بتدبير من
الله لا تأتي في صف هؤلاء العلماء المعترضين، بل وتلغي تماماً كل شك أثاروه تجاه
أصالة قِدَم ليتورجية القديس مرقس الرسول، وتُنهي نهائياً على أي اعتراض آخر من
هذا النوع، لأن منها نصوصاً من القرن الثالث دخلت المجال العلمي ونالت تحقيقاً
وموافقة إجماعية وألقت أضواءً جد رائعة على نصوص إفخارستية القديس مرقس.

الليتورجيات التي
تفرَّعت من ليتورجية القديس مرقس الرسول:

لقد استرعت ليتورجية
القديس مرقس الرسول انتباه كثير من العلماء واعتبروها الأصل الذي انحدرت منه
ليتورجية القديس باسيليوس والقديس غريغوريوس بوضعهما الحالي في الطقس القبطي([8]).
أمَّا الليتورجية المسمَّاه بليتورجية القديس كيرلس فهي طبعاً نفس ليتورجية القديس
مرقس الرسول، وفي الواقع يرجع الفضل في وصول ليتورجية القديس مرقس لأيدينا الآن
إلى البابا كيرلس الكبير الملقب بعمود الدين (تنيح سنة 444م)، لأنه هو الذي نقلها
إلينا مع إضافات يقول عنها العالِم القبطي أبو البركات المعروف بابن كبر قسيس
كنيسة المعلَّقة (القرن الثالث عشر) في كتابه: “مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة”:

[وجرت العادة عند
المصريين أن يقدِّسوا بقداس القديس الشهيد مار مرقس
الرسول
الإنجيلي كاروز الديار
المصرية، الذي أكمله الأب القديس كيرلس
الأول البطريرك الرابع والعشرون].

وهذا يعني أن القديس
كيرلس الكبير أضاف إليه بعض الأواشي أي الصلوات التي كانت تبدو في القرن الخامس
أنها ناقصة في النسخة الأصلية التي للقديس مرقس الرسول وأنها لازمة وملحَّة
لاعتبارات لاهوتية. ولكن من المؤكد أنه حافظ على كل ما جاء في أصل الليتورجيا من
جهة صلواتها وكلماتها وأسلوبها وروحها العام كأثر رسولي جدير بالتقديس([9]).

ويقول أبو البركات في
كتابه “مصباح الظلمة”، في حاشية من عنده، أن القديس كيرلس الكبير وضع الأواشي فقط،
ولكن سوف يتأكد لدى القارئ أن الأواشي قديمة قِدَم أول إفخارستيا وأنها كانت جزءاً
هاماً في الإفخارستيا وبنفس ترتيبها ومضمونها الموجودة به الآن. وهذه الإشارة تؤكد
لنا أن قداس القديس مرقس الرسول كان موجوداً في الكنيسة ومعمولاً به في القرن
الرابع.

كذلك من الليتورجيات
التي تفرَّعت من ليتورجية مرقس الرسول، القداس المسمَّى بالقانون الأثيوبي أو
ليتورجية جميع الرسل.

المخطوطات والأصول
الأُولى لليتورجية القديس مرقس الرسول:

ينبغي
أولاً أن نشير في بداية هذا البحث إلى أنه يوجد أصلان لليتورجية القديس مرقس
الرسول: أصل يوناني صِرْف كانت تصلِّي به الكنيسة اليونانية (الروم) في مصر
إلى وقت قريب، وأصل قبطي مأخوذ عن أصل يوناني أيضاً ومترجم للعربية تصلِّي
به الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر، وتوجد منه نسخ باللغة اليونانية وباللغة
القبطية وباللغة العربية. والفرق بين الليتورجيتين

هو في الإضافات، ولكن ظهر من البحث العلمي أن ليتورجية
الأقباط أكثر أصالة.
وسنحاول حصرها جميعاً وتسجيلها هنا.

أولاً: ليتورجية القديس
مرقس الرسول اليونانية التي تصلِّي بها الكنيسة اليونانية:

ويوجد منها خمس مخطوطات:
ثلاث منها دخلت في عصر الطباعة:

(أ) الأُولى في مكتبة
مسينا بجامعة مسينا تحت رقم 117، من القرن الثاني عشر. وقد طبعها سوانسون في كتابه([10]).

(ب) النسخة الثانية في
مكتبة الفاتيكان بروما تحت رقم 1970 (يوناني) من القرن الثالث عشر. وقد طبعها
سوانسون أيضاً في كتابه المذكور بالهامش.

(ج) النسخة الثالثة في
مكتبة الفاتيكان بروما أيضاً تحت رقم 2281 وعلى رق الغزال وتاريخها هو سنة 1207م.
وفي حواشيها تعليمات ومذكرات باللغة العربية! وقد طبعها أيضاً سوانسون في كتابه.

(د) النسخة الرابعة في
سيناء في مكتبة دير سانت كاترين، وهي على رق الغزال من القرن الثاني عشر. ويوجد
لها ترجمة مقابل اليوناني باللغة العربية!! وهي لم تُطبع ولكن يوجد لها نسخة
بالميكروفيلم في متحف المتروبوليتان بنيويورك وفي مكتبة جامعة الإسكندرية، نقلها
العالِم القبطي المرحوم دكتور مراد كامل مع المرحوم الأستاذ يسى عبد المسيح بتكليف
من مكتبة المتروبوليتان بنيويورك، ولكن للأسف لا نعرف رقم الميكروفيلم.

(ه) النسخة الخامسة
موجودة في مكتبة البطريركية للروم الأرثوذكس بالإسكندرية وهي منسوخة على الورق
العادي، ومن القرن السادس عشر، وعليها مذكرة بخط الأسقف أمفيولوخيوس أسقف القلزم
(بمصر) يقول فيها إن الذي نسخها هو البطريرك ميليتوس بجاس سنة 1585م
وهي لم تُطبع.

ثانياً: ليتورجية
القديس مرقس الرسول التي تصلِّي بها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية:

أ مخطوطات:

(1) مخطوطات تحوي الثلاث الليتورجيات معاً (الباسيلي والغريغوري والكيرلسي) قبطي وعربي:

مكتبة الفاتيكان:

قبطيات: مخطوطة 17
(سنة 1288)، مخطوطة 24 (القرن الرابع عشر) مخطوطة 25 (سنة 1616م).

مكتبة المتحف
البريطاني:

ملحق عربي 18
(12)، رقم 17725 (سنة 1811م).

مكتبة البوديليان:

مخطوطة فهرس 360 رقم
(13)، وهي التي استخدمها العالِم برايتمان وترجمها إلى اللغة الإنجليزية عن
العربية.

مكتبة ليبزج:

مجموعة تشندورف رقم
12 (فوللرز نيبولدز كتالوج رقم 1084) القرن الرابع
عشر على رق غزال.

المكتبة الأهلية
بباريس:

مخطوطة قبطية رقم 26،
رقم 28، رقم 31.

(2) مخطوطات تحوي: ليتورجية القديس باسيليوس مع ليتورجية
القديس مرقس الرسول فقط:

مكتبة البوديليان: (هنتجتون)
572 رقم 13، رقم 14.

(3) مخطوطات تحوي: ليتورجية القديس غريغوريوس مع
ليتورجية القديس مرقس الرسول فقط:

مكتبة الفاتيكان: قبطيات: مخطوطة
رقم 20 (سنة 1315م)، مخطوطة رقم 51.

(4) مخطوطات تحوي
ليتورجية القديس مرقس الرسول فقط:

مكتبة
الفاتيكان:
قبطيات:

مخطوطة رقم 21 (سنة
1333م)، مخطوط رقم 22 (سنة 1580م).

المكتبة
الأهلية بباريس:
قبطيات:

مخطوطة رقم 41.

مكتبة
روما:

في
مجموعة الليتورجيات الكنسية رقم 1754 ت 7 فهرس.

هذا بخلاف المخطوطات
الوارد ذكرها في كتاب “الرهبنة القبطية في عصر القديس أنبا مقار” للمؤلف([11])،
وهي أجزاء من مخطوطات الخولاجيات ووارد بها أسماء المكتبات والبلاد التي حُملت
إليها هذه المخطوطات.

ب مطبوعات:

تحوي الثلاث ليتورجيات
للقديس باسيليوس والقديس غريغوريوس والقديس كيرلس الكبير:

باللاتيني: طبعة طوخي.

بالإنجليزي: طبعة رودول.

ج
البرديات المكتشفة حديثاً:

وهذه البرديات تحمل
نصوصاً مطابقة تماماً لليتورجية القديس مرقس الرسول أو مشابهة إلى حد كبير، وهي
تلقي ضوءاً على شكل ليتورجية مرقس الرسول في القرون الأُولى، وعلى ضوء هذه النصوص
سنجد كيف نستخلص أصل هذه الليتورجيا قبل الإضافات الحديثة بل وقبل الإضافات التي
أدخلها القديس كيرلس الكبير. ولكن الأمر المذهِل للعقل أن البرديتين اللتين
اكتُشفتا في مكانين مختلفين وفي زمانين متباعدين، وُجد أن كُلاًّ منهما يحمل
جزءاً من ليتورجية القديس مرقس الرسول مكمِّلاً للآخر،
بحيث أن البردية
الأُولى تنتهي عند آخر أوشية وفي بداية الطلبة، والبردية الثانية تبتدئ بأول
الطلبة عينها!!

 

أولاً: بردية ستراسبورج

 

اكتُشَفت حديثاً سنة
1928، وهي تشمل الأجزاء الأُولى من ليتورجية القديس مرقس الرسول
([12])، وهي
المسمَّاه بمخطوطة “استراسبورج”:

هذه المخطوطة باللغة
اليونانية المتقنة على ورق البردي، وهي في حوزة مكتبة جامعة استراسبورج. وتحوي أجزاءً
من “مقدِّمة أنافورا”
Proanaphora القديس مرقس الرسول. وقد قام العالِمان م. أندريو،
ب.
كوللومب بطبع صورة للمخطوطات. وابتُدئ في فحصها سنة 1928، فوُجد أنها تحوي الصلوات
التضرعية التي تُقال بعد تلاوة قانون الإيمان وقبل تسبحة الثلاث تقديسات، وأيضاً
صلوات من أجل الكنيسة الجامعة ومن أجل الأحياء وعن المنتقلين.

وقد
استدل
العلماء
على أن زمن كتابة المخطوطة يرجع إلى ما قبل منتصف القرن الرابع، أي قبل زمن البابا
كيرلس الكبير. ويبدو أن القديس أثناسيوس الرسولي كان يصلِّي بها، لأن الصلوات
الواردة فيها مطابقة للصلوات التي وردت عابرة في كتابات البابا أثناسيوس (ما بين
سنة 295 373م). وقد ألقت هذه المخطوطة ضوءاً كبيراً على قِدَم
استخدام ليتورجية القديس مرقس الرسول في الكنيسة القبطية، كما كشفت عن حدود فاصلة
بين بعض الصلوات (الأواشي) الأصلية والمضافة بصورة تكاد تكون قاطعة.

وتُعتبر هذه المخطوطة
المكتشفة حديثاً أقدم من أية مخطوطة أخرى كانت معروفة لليتورجية القديس مرقس
الرسول بمقدار 800 سنة على الأقل! ومن العوامل التي تجعل هذه المخطوطة ذات اعتبار
كبير في دراسة أصل وتاريخ الليتورجيا في مصر أنها تكشف عن خلوها من الآثار
البيزنطية التي دخلت على الليتورجيا القبطية بعد القرن الرابع، مع أنها باللغة
اليونانية المتقنة جداً.

والذي زاد من أهمية هذه
المخطوطة إلى درجة عالية هو احتواؤها على صلوات من أجل الكنيسة الجامعة، وبذلك
تُعتبر مصر بواسطة هذه الوثيقة هي التي أمْلَت على العالم كله
وبالأخص روما قانون الصلاة من أجل الكنيسة في الليتورجيا([13]).

ويؤكد العالِم “جريجوري
دكس” أن بردية استراسبورج هذه هي نص قانوني أصيل لليتورجيا القديس مرقس الرسول([14]).

نصوص
الليتورجية الواردة في هذه البردية

مترجمة عن النص
اليوناني والإنجليزي
([15]):

1 الجزء
الأول من الأنافورا
بعد [ارفعوا قلوبكم] وبعد [فلنشكر الرب]:

[لأنه بالحقيقة مستحق
وعادل أن نُسبِّحَك ونرتِّل لك. ونباركك (ونخدمك) ليلاً ونهاراً … ونشكرك أنت
الذي خلقت السماء وكل ما فيها، والأرض وكل ما عليها، البحار والأنهار وكل ما فيها.
أنت الذي خلقت الإنسان كصورتك وشَبَهِك. وخلقت كل الأشياء بواسطة حكمتك، ابنك،
النور الحقيقي، ربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح. الذي من قِبَله نشكر ونقرِّب لك معه
ومع الروح القدس هذه الذبيحة الناطقة، هذه الخدمة غير الدموية، هذه التي
تقدِّمها لك كل الأمم من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى اليمين، لأن اسمك
عظيم بين كل الأمم وفي كل مكان يُقدَّم بخور لاسمك القدوس وذبيحة طاهرة وصعيدة].

2 الصلاة
من أجل الكنيسة:
وهي متصلة بالصلاة سابقتها بدون فراغات:

[ونحن نسأل ونطلب إليك
اذكر الكنيسة المقدَّسة الواحدة الجامعة، كل الشعوب وكل القطعان (الرعية). السلامة
التي من السموات أنزلها على قلوبنا جميعاً بل وسلامة هذا العمر، أنعم بها علينا.
ملك الأرض (احفظه)، انظر أن يفكر بالسلامة نحونا ونحو اسمك القدوس … (واحرس)
القائد والجند والوزراء والمشيرين.

(سطر واحد ناقص) …

أعدَّها
للزرع والحصاد … (كلمات قليلة ناقصة) … من أجل فقراء شعبك، ومن أجل الأرملة
واليتيم والغريب والضيف، ومن أجلنا كلنا نحن الذين نترجاك وندعو باسمك القدوس].

3 تذكار
المنتقلين:
وهي صلاة متصلة بسابقتها بدون فراغات:

[أولئك الذين رقدوا
نيِّح نفوسهم. اذكر الذين قدَّمنا تذكارهم في هذا اليوم، والذين ذكرنا أسماءهم
والذين لم نذكرهم([16])،
واذكر أيضاً آباءنا الأرثوذكسيين والأساقفة في كل مكان، وأعطِنَا نصيباً وميراثاً
مع كافة قديسيك الأنبياء والرسل والشهداء …

…………………………

…………………………

…………………………

…………………………

 

 

 

 

{

 

 

أربعة أسطر مفقودة

هَبْ لهم الآن بواسطة
ربنا ومخلِّصنا الذي به المجد إلى الأبد].                                                                                                                                                                                                (انتهى
النص)

ملاحظات هامة:

(أ) يُلاحِظ القارئ أن
الفراغات التي بين السطور لا تحتمل أكثر من كلمات قليلة جداً غير واضحة أو مشوَّهة
وغير مقروءة، أي أنه ليس في الليتورجيا مكان لصلوات أخرى بين هذه الصلوات، ما عدا
الأربعة السطور الأخيرة التي بعد تذكار المنتقلين (ربما تكون أوشية القرابين).

(ب) يقرر العالِم “لوِي
بوييه
Louis Bouyer” في كتابه عن الإفخارستيا (صفحة 201) أن الصلوات التي جاءت في هذه
البردية تعتبر نصاً صادقاً لليتورجيا التي
بين أيدينا
الآن بنفس كلماتها، وإن كانت هناك بعض زيادات موجودة الآن في نفس الصلوات فهي ليست
من تأليف حديث على أي حال، بل إنها مأخوذة من صلوات أخرى على نفس المستوى من
القِدَم ونفس المستوى من التقليد الطقسي، بل وتعود إلى زمن أسبق من زمن الليتورجيا
في وضعها الأول([17])!!
ويقصد هنا الليتورجيا العبرية في المجامع بصورتها التي مارسها الرسل والتلاميذ في
حياتهم الأُولى.

(ج) هنا نريد أولاً أن
نلفت نظر القارئ إلى أهمية وضع هذه الصلوات بالنسبة لمثيلتها من الصلوات التي جاءت
في الخولاجي الحديث والتي يصلِّي بها الكهنة اليوم، لأن هذا
سيكشف لنا
بمنتهى الوضوح الزيادات التي دخلت على الأواشي.

 

جدول رقم (1)

صلاة الإفخارستيا

كما جاءت في بردية
القرن الرابع (ستراسبورج)

صلاة الإفخارستيا

كما هي في الخولاجي
الحديث المطبوع سنة 1902م

 

ارفعوا قلوبكم
هي عند الرب فلنشكر الرب:

لأنه مستحق وعادل

لأنه مستحق وعادل

 

“بدون فراغ”

 

ومقدَّس ولائق ونافع
لنفوسنا وأجسادنا وأرواحنا أيها الكائن السيد الرب الله ضابط الكل في كل زمان
وبكل مكان لربوبيتك

(نسبِّحك ونرتل لك)
“ممسوحة نوعاً ما”

أن نسبِّحك ونرتل لك

ونباركك (ونخدمك)

ونباركك ونخدمك
ونسجد لك

ونشكرك …

ونشكرك ونمجدك
ونعترف لك

ليلاً ونهاراً

ليلاً ونهاراً بشفاه
غير هادئة وقلب لا يسكت وتمجيدات لا تنقطع

أنت الذي خلقت
السماوات وكل ما فيها

أنت الذي خلقت
السماوات وما في السموات

والأرض وكل ما على
الأرض

والأرض وكل ما فيها

البحار والأنهار وكل
ما فيها

البحار والأنهار
والينابيع والبحيرات وكل ما فيها.

أنت الذي خلقت
الإنسان كصورتك وكشبهك

أنت الذي خلقت
الإنسان كصورتك وكشبهك

وخلقت كل الأشياء

وخلقت كل الأشياء

بواسطة حكمتك نورك
الحقيقي ابنك

بواسطة حكمتك نورك
الحقيقي ابنك
الوحيد.

ربنا ومخلِّصنا يسوع
المسيح.

ربنا وإلهنا ومخلِّصنا
وملكنا كلنا يسوع المسيح.

هذا الذي من قِبَله
نشكر ونقرِّب لك معه ومع الروح القدس

هذا الذي من قِبَله
نشكر ونقرِّب لك معه ومع الروح القدس

 

الثالوث المقدَّس
المساوي غير المفترق.

هذه
الذبيحة الناطقة وهذه (لهذه) الخدمة غير الدموية

هذه الذبيحة الناطقة وهذه (لهذه)([18])
الخدمة غير الدموية

هذه التي تقدِّمها لك
جميع الأمم من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى اليمين. لأن اسمك عظيم
في
جميع الأمم. وفي كل مكان يُقدَّم بخور لاسمك القدوس وذبيحة طاهرة وصعيدة

“لا توجد فراغات في
الأصل”

هذه التي تقرِّبها لك
جميع الأمم من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى اليمين. لأن اسمك عظيم
يا رب
في جميع الأمم. وفي كل مكان يُقدَّم بخور لاسمك القدوس وصعيدة طاهرة

وعلى هذه الذبيحة
وهذا القربان.

ويتضح من هذه المقارنة
مقدار التطابق الشديد في التركيب الإفخارستي مع مطابقة تكاد تكون شاملة في المعاني
والكلمات والجمل، أمَّا الزيادات فهي إمَّا تكرار لنفس المعنى أو زيادة صفة
لاهوتية على اسم المسيح أو الثالوث. لذلك يمكننا بكل ثقة وتأكيد أن نقول إن صلاة
الإفخارستيا التي يقولها الكاهن اليوم بعد
[مستحق وعادل] هي نفسها التي كان يصلِّي بها البابا أثناسيوس الرسولي
ومَنْ
قبله!

 

جدول رقم (2)

صلوات الأواشي
(التضرعات) كما جاءت

في بردية القرن
الرابع

صلوات الأواشي كما
هي الآن

في الخولاجي المطبوع
سنة 1902

 

(ملاحظة): العناوين
الجانبية المرقمة غير موجودة في الأصل وهي من وضعنا

 

 

1 أوشية
سلامة الكنيسة وكل
الشعب:

 

1
أوشية السلامة والشعب وفي وسطها

2
أوشية الملك:

 

نسأل ونطلب إليك

نسأل ونطلب من صلاحك
يا محب البشر

 

اذكر الكنيسة
المقدَّسة الواحدة الجامعة،

 

اذكر يا رب
سلامة كنيستك الواحدة الوحيدة المقدَّسة الجامعة الرسولية هذه
الكائنة من أقاصي المسكونة إلى أقاصيها،

 

كل الشعب وكل الرعية،

كل الشعوب وكل الرعية([19]) باركهم،

 

السلامة التي من
السموات أنزلها على قلوبنا جميعاً،

السلامة التي من
السموات أنزلها على قلوبنا جميعاً،

 

بل وسلامة هذا العمر
أنعم به علينا.

بل وسلامة هذا العمر
أنعم به علينا
إنعاماً.

 

2 أوشية
الملك:

 

 

ملك أرضنا
احفظه. وانظر أن يفكِّر بالسلام،

الملك والجند
والرؤساء والوزراء،

 

نحونا ونحو اسمك
القدوس،

والجموع
وجيراننا ومداخلنا ومخارجنا زيِّنهم بكل سلام،

 

واحرس القائد والجند
والوزراء
والمشيرين،

يا ملك السلام أعطنا
سلامك لأن كل شيء أعطيتنا،

 

 

اقْتنِنَا لك يا الله
مخلِّصنا لأننا لا نعرف آخر سواك

 

 

 

فلتحيا نفوسنا بروحك
القدوس. ولا يقوى علينا نحن عبيدك موت الخطية ولا على
كل شعبك.

 

“يوجد فراغ قليل لا
يحتمل

أوشية المرضى مضافة كلها

 

وجود هذه الأواشي”

أوشية المسافرين مضافة
كلها

 

3- أوشية الثمار:

3- أوشية الثمار:

 

… … … “ناقص
الكلام ممسوح”

… … … “ناقص
الكلام ممسوح”

أصعدها كمقدارها
كنعمتك فرِّح وجه الأرض، ليُروَ حرثها وتكثر أثمارها.

 

أعدَّها للزرع
والحصاد

أعدَّها للزرع
والحصاد

 

… … … “ناقص
الكلام ممسوح”

دبِّر حياتنا كما
يليق. بارك إكليل السنة بصلاحك،

 

من أجل فقراء شعبك من
أجل الأرملة واليتيم والغريب والضيف ومن أجلنا كلنا نحن الذين نرجوك ونطلب اسمك
القدوس.

من أجل فقراء شعبك من
أجل الأرملة واليتيم والغريب والضيف ومن أجلنا كلنا نحن الذين نرجوك ونطلب اسمك
القدوس …

 

“بدون فراغ في الأصل”

.. إلخ إلى نهاية
الأوشية كما هي في الخولاجي (زيادة)

 

 

 

أوشية الملك إعادة
مرة أخرى

 

 

ملك أرضنا عبدك

 

 

“بدون فراغ في الأصل”

إحفظه بسلام
وعدل وجبروت، ولتخضع له كل البربر الأمم الذين يريدون الحرب في جميع ما لنا من
الخصب.

 

 

تكلَّم في قلبه من
أجل سلامة كنيستك الواحدة

 

 

الوحيدة المقدسة
الجامعة الرسولية

 

 

إعطِ أن يفكر بالسلام
فينا وفي اسمك القدوس

 

 

لكي نحن أيضاً نعيش
في سيرة هادئة ساكنة

 

“بدون فراغ في الأصل”

ونوجد كائنين في كل
تقوى وعفاف بك.

 

4 أوشية
المنتقلين:

4 أوشية
المنتقلين:

 

 

أباؤنا وإخوتنا

 

أ
أولئك الذين رقدوا نيِّح نفوسهم

أ الذين
رقدوا،
إذ
قبضت نفوسهم نيِّحهم

 

ب
اذكر أيضاً الذين قدَّمنا تذكارهم في هذا اليوم

ذاكراً
أيضاً جميع
القديسين الذين أرضوك منذ البدء

 

ج
والذين ذكرنا أسماءهم والذين لم نذكرهم

ز
“المجمع بأكمله وبعد المجمع يكمَّل”:

 

د
اذكر أيضاً آباءنا الأرثوذكسيين

د
اذكر أيضاً آباءنا القديسين الأرثوذكسيين.

 

ه
والأساقفة في كل مكان

ه رؤساء
الأساقفة
الذين سبقوا فاضطجعوا

هؤلاء الذين فصَّلوا
كلمة الحق باستقامة.

 

و
وأعطنا نصيباً وميراثاً مع كافة قديسيك.

و
وأعطنا نحن أيضاً حظاً ونصيباً معهم

 

ز الأنبياء
والرسل والشهداء … … …

ب
ذاكراً أيضاً هؤلاء الذين نذكرهم في يومنا
هذا.

 

… … … …

“هنا
طلبة الشماس وذكر أسماء عظماء الآباء الرهبان”

 

… … … …

 

 

“أربعة سطور مفقودة” …

 

ج
هؤلاء كل واحد يا رب الذين ذكرنا أسماءهم والذين لم نذكرهم.

 

هب لهم الآن بواسطة
ربنا ومخلِّصنا الذي به المجد إلى الأبد.

الذين في فكر كل واحد
منا والذين ليسوا فينا.

… إلخ “حتى النهاية
مضافة”.

 

 

و
وأعطهم وإيانا نصيباً وميراثاً مع كافة قديسيك (مكرر)

(انتهى النص)

 

ومن هذه المقارنة يبدو
واضحاً كل الوضوح أمام القارئ أن ترتيب الأواشي
كان أصلاً:

أولاً: يبدأ بصلاة
واحدة طويلة من أجل الكنيسة والشعب وكل الرعية ومن أجل الملك وحكومته وجيشه، ومن أجل ثمار الأرض ومن أجل
المنتقلين، وقد أعطيناها أرقاماً بالخط الأسود
الثقيل.

ثانياً: ولكن عندما
بدأ القديس البابا كيرلس الكبير بالإضافات، لم يستطع أن يفصل بين منطوق سلامة
الكنيسة والملك فتركهما معاً في الأوشية الأُولى.

ثالثاً:
أضاف بعدها أوشية للمرضى ثم أوشية للمسافرين وهما أوشيتان
تكمِّلان فعلاً سلامة الشعب.

رابعاً: ثم عاد إلى
أوشية الثمار.

خامساً:
وبعد أوشية الثمار خصَّص المؤلف (وهنا
يبدو أنه بعد زمن القديس كيرلس الكبير)
أوشية للملك مرة
أخرى، ولكن بدون أن يذكر مقدِّمة لها كالعادة، لأن مقدمتها مذكورة مع أوشية سلامة
الكنيسة والشعب، فيختصر الأوشية في بدايتها إلى كلمتين فقط “عبدك ملك الأرض”.
وبعدها يرد الشماس ثم الشعب. وهذا في الواقع يبدو غريباً وغير متماشٍ مع طقس تركيب
الأواشي، وبذلك يكشف عن أن هذه الأواشي مضافة في زمن متأخر، لأن وضعها الأصيل كان
ينبغي أن يكون بعد أوشية سلامة الكنيسة مباشرةً حيث ذكر الملك بعد الكنيسة أيضاً.

وواضح جداً الفارق بين
وصف “الملك” كما جاء في أصل الأوشية القديم مع سلامة الكنيسة، وهذا كان
يعني الدعاء للإمبراطور أو الملك الروماني، وبين استحداث وصف جديد للملك وهو “ملك
أرضنا”
وهذا يعني الدعاء لملك مصر، وهذا بالتالي يفيد أن استحداث أوشية جديدة
“لملك أرضنا” بعد الأوشية الأُولى جاء متأخراً.

سادساً: ثم بعد
أوشية الملك عاد إلى أوشية المنتقلين، ولكن هذه أيضاً أُضيف إليها في منتصفها
المنشور الخاص بأسماء المنتقلين الذي كان يُتلى بواسطة الشماس أو الكاهن المساعد([20])،
ثم عاد بعد نهاية المجمع إلى كمالة أوشية المنتقلين وختمها بنفس ختام الأوشية
الأصلي. وبذلك يتضح أمامنا كل الزيادة التي أُضيفت على أوشية الراقدين بسهولة.

كما يتضح أمامنا أيضاً
الإضافات التي أُضيفت بواسطة القديس كيرلس الكبير على الأواشي من بدايتها حتى
أوشية الراقدين.

سابعاً: فإذا عُدنا
إلى
شهادة العالِم أبو البركات المعروف بابن كبر التي أدلى بها عن آخرين أسبق منه
بخصوص الإضافات التي أضافها البابا كيرلس الكبير على قداس القديس مرقس الرسول نجده
يذكرها في موضعين كالآتي:

1 في
الموضع الأول عند ذكر القداديس المعمول بها في الكنيسة (الباب السابع) حيث يذكر أن
القديس كيرلس الكبير أكمل قداس مار مرقس الرسول.

2 في موضع
آخر عند ذكر مؤلفات القديس كيرلس الكبير (الباب السابع) يذكر أن القديس كيرلس
الكبير أكمل قداس القديس مرقس الرسول بأجوبة الشماس وأوشية البطريرك.

وقد
عثرنا على إشارة أخرى في نسبة قداس القديس مرقس الرسول للقديس كيرلس الكبير في
خولاجي قديم وَجَدتُه بمكتبة مطرانية أسيوط وهو مخطوط قديم رقم 550/3 منسوخ، يبدو
من نص أسماء المجمع الواردة فيه ومن أوصاف الأسماء
والصفات البسيطة أنه غاية في القدم. يقول في مقدِّمته:

النص العربي

النص القبطي

قداس الطوباني

مرقس المنسوب

لأبينا كيرلس

o anavora Mpimakarioc

Markoc ama tou

ouciwtatou kurillou

ويُلاحَظ أن هذه
الديباجة عتيقة للغاية وهي واردة في بداية القداس نفسه، أي قبل ذكر مناداة الشماس:
“تقدَّموا تقدَّموا”. أمَّا كلمة (منسوب) فجاءت مقابلها في القبطية عبارة أصلها
اليوناني يكون كالآتي:

¤ma toà Ðsiot£tou Kur…llou

وهي تعني: “مع جزيل
القداسة كيرلس”.

4 كذلك
وجدنا في نفس الخولاجي المذكور في موضع سابق يقول أيضاً إن هذا القداس ترجمه كيرلس
الكبير:

النص العربي

النص القبطي

بداية زينة

القداس الطاهر

الذي لأبينا القديس

مرقس الرسول

الذي ترجمه

كيرلس الحكيم

المثلث الطوبى

بسلام الله. آمين

Arxh mpicolcel

nte ;agia nanavora

nte peniwt eqouab

Markoc piapoctoloc

qhetaf erbaibaiwn mmoc

nje Kurilloc picovoc

mptricmakarioc

‘en ouirhnh nte vnou;
amhn
.

ويُلاحَظ أن هذه الديباجة
واردة قبل الدخول في صلاة الصلح وتبدو أكثر حداثة في لهجتها من الديباجة الأخرى
السابق ذكرها.

وقد قمنا بالبحث عن
ترجمة صحيحة مباشرة لكلمة
erbaibaiwn
وصحتها
erbebaioun فوجدناها مقتبسة من الفعل اليوناني bebaiÒw والذي يعني “رتَّب” أو “حقَّق” أو “أسَّس”، وبالتالي
فهي تعني أكثر من مفهوم “ترجمة”.

ثامناً:
وبهذا نفهم أن الأواشي المذكورة في المخطوطة البردية التي
من القرن الرابع كانت بدون مردات للشماس، وكان الشعب يرد ب (آمين) و (كيرياليسون)
فقط كالتقليد، وأن كيرلس الكبير هو الذي بدأ بفصل الأواشي كالعادة المتبعة في
أيامه عن بعضها حتى يعطي فرصة لمرد الشماس والشعب عن كل أوشية بمفردها. وهذا يفسر
لنا تفتيت أوشية السلامة الأصلية التي كانت أوشية واحدة إلى أربع أواشي منفصلة
بمرداتها حيث بدت الضرورة مُلحَّة لوضع أوشيتي المرضى والمسافرين أيضاً في أماكنها.

تاسعاً: أمَّا أوشية
البطريرك التي أضافها القديس كيرلس الكبير، فلها مميزات خاصة دون بقية الأواشي
الأخرى التي جاءت في ليتورجيات القديسَيْن باسيليوس وغريغوريوس:

لا يُذكر فيها إلاَّ
اسم البطريرك وحده فقط ولا يُذكر معه الأساقفة، أمَّا في الأوشية المماثلة في
الليتورجيات الأخرى فيُذكر فيها البطريرك والأساقفة وكل رتب الكنيسة.

ومن
هنا لزم بعد ذلك إضافة أوشيات أخرى في قداس مار

مرقس خاصة للأساقفة وبقية رتب الكهنوت، فأُضيفت
وغالباً في زمن آخر بعد القديس كيرلس الكبير ويُذكر فيها بقية رتب
الكنيسة.

أمَّا بقية الأواشي
ولماذا جاءت كل أواشي ليتورجية مار مرقس الرسول قبل التقديس (أي الرشومات) دون
بقية الليتورجيات الأخرى حيث تأتي فيها الأواشي بعد التقديس على الخبز والخمر،
فسنعود إلى شرحه وتوضيحه في موضع
آخر.

ملاحظات على صلاة
المجمع (الراقدين)

في قداس القديس مرقس
الرسول (الكيرلسي):

المجمع المذكور في
أنافورا القديس مرقس الرسول له خصائص هامة:

أولاً: لا يحوي في
المقدِّمة ما هو مذكور في أنافورا القديس باسيليوس (الطقس القبطي):

[لأن هذا يا رب هو أمر
ابنك الوحيد أن نشترك في تذكار قديسيك].

ثانياً: في مخطوطة
ستراسبورج (القرن الرابع) يبدأ المجمع مباشرةً هكذا:

[واعطنا نصيباً
وميراثاً مع كافة قديسيك، الأنبياء والرسل والشهداء …].

ومن هذا يتبيَّن لنا
الزيادة التي حدثت في مقدمة المجمع بعد القرن الرابع كالآتي:

(المطبوع بالأسود هو
المشترك بينهما والمطبوع بالبنط العادي هو الزيادة).

مخطوطة ستراسبورج

(القرن الرابع)

مخطوطة برايتمان
الموازية للمطبوع حالياً

 (القرن 13)

وأعطنا نصيباً
وميراثاً مع كافة قديسيك

الأنبياء والرسل
والشهداء

 

 

آباؤنا وإخوتنا الذين
رقدوا، إذ قبضت نفوسهم نيحهم، ذاكراً أيضاً جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء:
آباءنا الأطهار رؤساء الآباء والأنبياء والرسل والإنجيليين والمبشرين والشهداء
والمعترفين.

ثالثاً: في ترتيب
الأسماء:

عثرنا على مخطوطة قديمة
ثمينة للغاية ربما يرجع تاريخها إلى ما قبل القرن الثاني عشر، وهي مودعة بمكتبة
مطرانية أسيوط تحت رقم 550/3 خولاجي، جاء فيها ترتيب الأسماء مطابقاً حرفياً لما
هو وارد في مخطوطة برايتمان. ولكن بمطابقة هاتين المخطوطتين مع جزء مخطوطة أخرى
عثرنا عليها في أرضية مكتبة دير القديس أنبا مقار، وجدنا الكاتب ينحاز لأنبا مقار
ويصفه مثل أنبا أنطونيوس. كما وجدنا بدل لحن “العظيم أنبا أنطوني
pini]; Abba Antoni”، يقول “العظيم أنبا مقار”.
وقد جئنا على ذكرها هنا لكي
نوضح قدرة
رهبان أنبا مقار وجرأتهم في
التأليف.

جزء مخطوطة دير أنبا
مقار

(القرن الثاني أو
الثالث عشر)

مخطوطة أسيوط
ومخطوطة برايتمان

(وهي تخالف كثيراً
ما هو مطبوع الآن)

سيدي
الأب البار العظيم أنبا مقاره وأبينا أنبا أنطونه وأبينا أنبا مقار وأنبا مقار.

(أنظر
صورة المخطوطة في نهاية الكتاب)

 

القديس مرقس الرسول
الإنجيلي الشهيد والقديس ساويرس البطريرك والقديس كيرلس والقديس باسيليوس
والقديس غريغوريوس وأبانا البار العظيم أنبا أنطوني وأبانا أبا بافلا وآباءنا
المقارات الثلاثة وأبانا أبا يوحنا (القصير)، وأبانا أبا بيشوي وأبوينا الروميين
وأبانا أبا موسى، والتسعة والأربعين شهيداً وأبانا أبا يوحنا كاما (الأسود) وكل
مصاف القديسين.

ويُلاحَظ في كافة هذه
المخطوطات القديمة أنها لا تذكر اسمَيْ الأبوين الروميين بل تترك هذا اللقب بدون تحديد
أسماء مما يزيدنا ثقة بصحة البحث الذي قمنا به سابقاً عنهما في كتاب “الرهبنة
القبطية في عصر القديس أنبا مقار” (الباب الرابع الفصل الرابع صفحة 218 وما بعدها).

رابعاً: إعطاء السلام
لأرواح القديسين:

وقد عثرنا على جزء
مخطوطة نعتقد أنها تشير إلى طقس غاية في القِدَم، ولكن الكتابة تدل على زمن ما بين
القرنين العاشر والثاني عشر.

وفيها يُعطَى السلام
لأرواح القديسين الذين انتقلوا، عوض مجرد الاشتراك في ذكراهم. ولكن الذي لفت
أنظارنا جداً وجود أسماء باباوات روما ما قبل مجمع نيقية سنة 325
مع ذكر اسم البابا ديسقوروس. وهذا يؤكد لنا جامعية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
واتساع روحها في جمع هذه الأسماء معاً بروح مسكونية منقطعة النظير: انظر اللوحة المصوَّرة في آخر الكتاب.

[السلام لديسقوروس
المعترف. السلام ليوحنا ذهبي الفم. السلام لكلستينوس وسفيريانوس. السلام للبطاركة
والأنبياء. السلام للسبع طغمات([21])
التي للكنيسة].

 

خامساً: ختام المجمع:

واضح أن الأوشية التي
يقولها الكاهن في ختام مجمع أنافورا القديس مرقس الرسول باللحن الحزين (لحن أيوب)
أقتُبِست بشيء من الاختصار ووُضعت كختام لمجمع أنافورا كل من القديس

باسيليوس
والقديس غريغوريوس (الطقس القبطي).

ختام مجمع أنافورا

القديس باسيليوس
والقديس غريغوريوس

ختام مجمع أنافورا

القديس مرقس
(الكيرلسي)

 

 

 

هؤلاء الذين
بسؤالاتهم وطلباتهم ارحمنا كلنا معاً وأنقذنا من أجل اسمك القدوس الذي دُعي
علينا.

ليس
أننا أهلاً يا سيدنا أن نتشفع عن طوباوية أولئك القديسين. بل لأنهم هم الوقوف
أمام منبر ابنك الوحيد، ليصيروا عوضاً عنَّا يتشفعون في مسكنتنا وفي ضعفنا. كن
غافراً لآثامنا لأجل طلباتهم المقدَّسة، ولأجل اسمك
القدوس الذي دُعي علينا.

سادساً: تُقال هنا
أسماء البطاركة (وبحسب خولاجي أسيوط 550/3، تُقال هذه الأسماء كلها لا سرًّا ولا
جهراً أي بصوت منخفض
وفي بعض
الكنائس تُقال جهراً).

سابعاً: البركة التي
تُقال بعد المجمع:

لاحظنا في المخطوطات
القديمة جميعاً أن هذه البركة مذكورة في أنافورا كل من القديس باسيليوس والقديس
غريغوريوس ولكن في مخطوطة برايتمان وخولاجي أسيوط 550/3 غير مذكورة في أنافورا
القديس مرقس الرسول. وعلى العموم فإن هذا التقليد الطقسي قد سقط للأسف من ترتيب
الأنافورات كلها الآن … وذلك بالرغم من اهتمام الخولاجيات حتى المطبوع منها
بذكر ضرورة تلاوة البركة في هذا المكان المخصَّص لها حسب الطقس قديماً.

وهذه البركة هي البركة
الختامية التي تُقال في ختام كل صلاة، سواء في خدمة باكر أو عشية أو نهاية خدمة
القداس، وهي التي تبتدئ هكذا:

[الله
يتراءف علينا ويباركنا، يُظهر وجهه علينا ويرحمنا. يا رب خلِّص شعبك بارك ميراثك …
إلخ].

ولكن في خولاجي أسيوط
تأتي البركة بكلمات أخرى غير المطبوعة في الخولاجيات الآن.

ومجيء البركة هنا
ينبِّه ذهننا إلى أن أوشية المجمع كانت تجيء قديماً في نهاية خدمة الأنافورا؟ ولنا
في أنافورا سيرابيون ما يُثبت هذا إلى حد كبير، فالصلاة من أجل الراقدين تأتي في
نهاية خدمة القداس. وفي التعليمات الخاصة بهذه
البركة يقول الخولاجي المخطوط 550/3 بمكتبة مطرانية
أسيوط:

[وبعد أن تُقال البركة
يضع الكاهن الخديم لفافة حرير على يده اليمنى ويلتفت بيده هذه إلى الشعب ويده
اليسرى مبسوطة أمام الصينية وعيناه ناظرتان إلى الجسد الطاهر ويتلو البركة. وهي
بطول السنة ولكل أوان. والحذر أن ترشم قط لا في أول تلاوتها ولا في نهايتها ولا في
النهاية. وهذه البركة هي:

“الآباء
الراسمون خطيتي (أي الشيوخ الأكبر مني العارفون بخطاياي هم الذين ينبغي أن) يقولوا
البركة. أيها الثالوث المقدَّس الآب والابن والروح القدس. بارك شعبنا المسيحي بالبركة
السمائية. أرسل علينا نعمة روح قدسك. ودع أبواب الكنائس المقدَّسة مفتوحة لنا.
وكمِّلنا في الأمانة الثالوثية إلى النفس

الأخير وهنا تُقال البركة الموافقة للوقت إن
كان عيداً أو خلافه” ثم يقول: بالسؤالات والطلبات التي
تصنعها عنا كل حين سيدتنا كلنا والدة الإله … إلخ.

وبعد قراءة البركة يقول
الشماس: العظيم أنبا أنطوني … إلخ].

ثامناً: أوشية الراقدين
بعد ذكر أسماء مجمع الآباء والقديسين:

تمتاز
أنافورا القديس مرقس الرسول بتلاوة أوشية الراقدين بعد ذكر المجمع، ولكن المعروف
أن هذه الأوشية التي للراقدين هي من تأليف مبكر للغاية، ربما من صنع القديس كيرلس
الكبير، وكان موضعها الأول في أنافورا القديس مرقس الرسول، ولكن استُخدمت بعد ذلك
في رفع بخور كل من عشية وباكر.

وهكذا وبنفس الأسلوب
أُقْتُبِسَ كثير من الصلوات والأواشي من أنافورا القديس مرقس الرسول واستُخدمت في
الأنافورات الأخرى المعروفة مثل تلك التي للقديسَيْن باسيليوس وغريغوريوس
المعتبرتين وليدتين لأنافورا القديس مرقس الرسول.

 

ثانياً: بردية دير
البلايزة

وعلاقتها بليتورجية
مرقس الرسول

 

في سنة 1907 عثر
العالِمان فلندرز بتري وكرام
Flinders
Petrie & W.E. Crum

أثناء أبحاثهم الحفرية في خرائب وحيطان دير البلايزة بالقرب من أسيوط على بردية من
ثلاث ورقات غير كاملة مع 30 40 قطعة صغيرة جداً ملازمة لهذه الورقات
الثلاثة، وهي الآن في حوزة مكتبة البوديليان بأكسفورد.

وقد قام أولاً العالِم Dom P. Puniet بطبعها مقتصراً عمله على الثلاث ورقات فقط، ولكن تبعه العالِمان
روبرتس وكابيل
C.H. Roberts &
Dom B. Capelle
سنة 1949م. بفحص
كل البردية، وجمعا فرافيتها إليها بدقة تبدو في الصورة مدهشة، وبصبر بالغ إلتأَمَت
هذه القطع مع الورقات وأعطت بيانات أَوفَى جداً عن الليتورجيا، وذلك باعتمادهم على
أبحاث وتصورات العالِم شيرمان
Th.
Shermann
عن هذه البردية، وقد
انتهى هذان العالِمان إلى التقرير الآتي:

1 إن هذه
البردية تعود نساختها إلى القرن السادس، وهي جزء من خولاجي، أي كتاب صلوات كنسية
ليتورجية.

2 محتويات
هذه البردية هي أنافورا (قداس) يعود زمن الصلاة به إلى القرن الثالث سنة 200
سنة 300م. وذلك وفقاً لتقرير العالِم شيرمان أيضاً. وإن أجزاء من الصلوات تعود إلى
زمن قديم جداً. وأمَّا العالِم برايتمان الذي قام هو الآخر بفحصها وطبعها والتعليق
عليها فيقول إنها من القرن الرابع، أي من نفس زمن بردية ستراسبورج السابق
شرحها.

ونحن نقدِّم هنا
محتويات هذه البردية مترجمة عن الأصل اليوناني و الترجمة الإنجليزية، معتمدين على
أبحاث روبرتس وكابيل وعلى مراجعة لوي بوييه ومراجعة بالمر وملاحظات وتقارير
العالِم ليتزمان([22]).

 

محتويات بردية دير
البلايزة:

ترجمة لوي بوييه في
كتابه عن الإفخارستيا:
(انظر: الصورة
الفوتوغرافية في نهاية الكتاب).

 […، الذين يبغضونك.

أمَّا شعبك الذي يصنع
إرادتك فلتحل عليه بركتك. أقم الساقطين، ردّ الضالين إلى طريق الحق، عزِّ صغيري
القلوب.

لأنك أنت فوق كل رياسة
وسلطان وقوة وسيادة وفوق كل اسم، ليس في هذا الدهر فقط بل وفي الدهر الآتي أيضاً.

ألوف الملائكة
المقدَّسين، وأجناد رؤساء الملائكة التي بلا عدد يخدمونك مع الشاروبيم المملوئين
أعيناً والسيرافيم ذوي الستة أجنحة، الذين بجناحين يغطون وجوههم وبجناحين يغطون
أرجلهم ويطيرون باثنين. والكل على الدوام (في كل زمان) يقدِّسونك. فمع هؤلاء الذين
يقدِّسونك، هكذا اقبل منَّا نحن أيضاً تقديسنا قائلين: قدوس قدوس قدوس رب الصباؤوت،
السماء والأرض مملوءتان من مجدك.

املأنا نحن أيضاً من
مجدك، وتفضل وارسل روحك القدوس على خليقتك هذه
أيضاً.
واجعل هذا الخبز جسداً لربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح والكأس أيضاً دماً للعهد
الجديد لربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح.

وكما كان هذا الخبز
مرَّةً مبعثراً فوق الجبال والتلال والأودية، ثم اجتمع معاً ليكون جسداً
واحداً!!، وأيضاً هذا الخمر الذي خرج من كرمة داود المقدَّسة، وهذا الماء الذي
خرج من الحمل الذي بلا عيب، امتزجا معاً صائرَيْن سرًّا واحداً، هكذا أيضاً اجمع
الكنيسة الجامعة التي للمسيح يسوع،

 

 

{

 

النص

هنا

ممسوح

نوعاً
ما

لأن ربنا يسوع المسيح
في الليلة التي أُسلم فيها، أخذ خبزاً على يديه المقدستين وشكر، وباركه، وقدَّسه،
وقسَّمه وأعطاه لتلاميذه ورسله قائلاً خذوا كلوا منه كلكم، هذا هو جسدي الذي يُبذل
عنكم لمغفرة الخطايا.

وهكذا أيضاً بعد العشاء
أخذ الكأس، وبارك وشرب منه، وأعطاه لهم قائلاً خذوا اشربوا منه كلكم، هذا هو دمي
المسفوك عنكم لمغفرة الخطايا. كل مرة تأكلون من هذا الخبز، وتشربون من هذه الكأس، تبشرون بموتي، تعترفون
بقيامتي، تذكرونني (بدون واو العطف
kaˆ) (أي
تصنعون ذكري كنتيجة مباشرة للأكل من الجسد والشرب من الدم).

الشعب:

بموتك يا رب نبشِّر
وبقيامتك نعترف ونتضرع …

… تفضَّل علينا نحن
عبيدك بقوة روحك القدوس لتشديد ونمو (ارتقاء) إيماننا وليكون لنا رجاء الحياة
الأبدية بربنا يسوع المسيح الذي لك معه يا أبانا ومع الروح القدس المجد إلى الأبد
آمين.

الاعتراف بالإيمان: (عنوان في
المخطوطة):

أؤمن بالله الآب ضابط
الكل وبابنه الوحيد ربنا يسوع المسيح وبالروح القدس وبقيامة الأجساد في الكنيسة
المقدسة الجامعة.]                                                                                                                                                                                                                  انتهى
النص في بردية دير البلايزة

مميزات هذه البردية:

1 تأتي هذه
البردية مكمِّلة تقريباً للبردية السابقة، وذلك بتدبير الله حتى تتكامل أمامنا
صورة لإفخارستية مرقس الرسول بليتورجيتها كما كانت في القرن الرابع أو كما كان
يُصلِّي بها القديس أثناسيوس مثلاً.

2
الليتورجيا في هذه البردية تُعتبر صورة أصيلة من قداس مرقس الرسول. وسوف نضع في
نهاية هذا الكلام مقارنة بينهما في جدول واحد ليظهر بوضوح أن ليتورجية مرقس الرسول
الحالية استطاعت أن تستوعب كل ما جاء في مخطوطة دير البلايزة، وفي نفس المواضع،
وبنفس التركيب والروح.

3 يلاحظ
ليتزمان أن تركيب التسبحة الشاروبيمية جاءت هنا مطوَّلة عن ليتورجية سيرابيون التي
جاءت مختصرة عنها. ولكنها مشابهة في الإضافات إلى ليتورجية مرقس الرسول([23]).
كما يُلاحَظ أنها جاءت في النهاية بدون [مبارك الآتي باسم الرب] التي أتت في مرد
الشعب في قداس القديس غريغوريوس.

4 يلاحِظ
لوي بوييه أن استدعاء الروح القدس الأول (وقد جاء قبل التقديس “أي الرشومات”) حسب
مميزات الليتورجيا القبطية، جاء بصورة مزادة، إذ امتدت الصلاة لتشمل تحويل الخبز
إلى جسد والخمر إلى دم، في حين أن استدعاء الروح القدس في ليتورجية الرسل
(هيبوليتس) لم يصاحبه طلب التحويل.

5 ومجيء
استدعاء الروح القدس مع طلب التحويل يشير إلى تغير حدث في تركيب الليتورجية وفي
شكلها العام، ولكن يُعتبر هذا التغيير مبكراً جداً وربما يكون من أول التغييرات
التي حدثت لليتورجية مرقس الرسول، لأن بعد ذلك استُحدثت صلاة
للحلول
بأكملها ووُضعت بعد صلاة التقديس بكلمات الرب
Institution، وسيأتي الكلام على ذلك.

6 بخصوص
التقديس على الخبز والخمر (الرشومات):

[لأن ربنا يسوع المسيح
في الليلة التي أُسلم فيها،

أخذ خبزاً على يديه
المقدَّستين وشكر وباركه وقدَّسه،

وقسَّمه وأعطاه
لتلاميذه ورسله قائلاً:

خذوا كلوا منه كلكم،
هذا هو جسدي

الذي يُبذل عنكم لمغفرة
الخطايا.

هكذا أيضاً بعد العشاء
أخذ كأساً وشكر وشرب منه

وأعطاه لهم قائلاً
اشربوا منه كلكم، هذا هو دمي

المسفوك عنكم لمغفرة
الخطايا

كل مرَّة تأكلون من هذا
الخبز وتشربون من هذه الكأس

تبشرون بموتي وتعترفون
بقيامتي تذكرونني].

يُلاحِظ العالم ليتزمان
ملاحظات هامة ودقيقة للغاية نوردها كالآتي:

(أ) النص هنا بخصوص
التقديس (فقط) يخلو من تأثيرات سريانية واضحة. ولكنه يميل في تركيبه الإفخارستي
إلى الليتورجيا السريانية أكثر منه إلى ليتورجية سراييون مثلاً، مما يكشف عن بداية
التغيير.

(ب) يشترك مع ليتورجية
قوانين الرسل
Ap. Const. في كونه حذف كلمة [الذي للعهد الجديد] بعد كلمة (هذا دمي). مما يشير
إلى وجود ترابط بين ليتورجية الرسل (هيبوليتس) وبين ليتورجية مرقس الرسول.

(ج) يتقارب من ليتورجية
القديس باسيليوس في كونه أضاف [ورسله] إلى كلمة [وتلاميذه]، كذلك في استخدامه لكلمة
Ðmo…wj بالمثل” بدل كلمة “æsaÚtwj = وهكذا” (مشيراً إلى الكأس). وكذلك في استخدامه
لكلمة [وبارك
eÙlog»saj] على الكأس بدل كلمة (وشكر).

(د) هذا
النص أيضاً يتقارب مع نص ليتورجية القديس يعقوب الرسول والنص الليتورجي الذي جاء
في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس من جهة إضافة
[يُعطَى
لمغفرة الخطايا]،
من جهة إضافة [وبعد
العشاء]،
ومن جهة استخدام الكلمة (خذوا)
قبل كلمة
(اشربوا)، وهي إحدى خواص الليتورجية القبطية.
ومن جهة استخدام الجملة الأخيرة بأكملها [كلما أكلتم من هذا الخبز وشربتم من هذه
الكأس تبشرون بموتي …].

(ه) يتقارب
النص هنا من نص “هيبوليتس” في جعل التذكار [تذكرونني] نتيجة مباشرة للأكل من الجسد
والشرب من الدم وليس بالكلام فقط. مما يفيد أن التركيب الأصلي لليتورجية قائم على
وعي رسولي عميق للإفخارستيا.

(و) من
المميزات الفردية لنص التقديس في هذه الليتورجيا قوله في الجسد [خذوا كلوا منه
كلكم] على مثال ما جاء بخصوص الكأس. كذلك في قوله (وشرب) و (أعطاه) الذي هو من
مميزات الطقس القبطي عموماً.

7
يُلاحظ ليتزمان
([24]) مع
العالمين روبرتس وكابيل([25])
أن التركيب العام لكل الليتورجيا يتمشَّى مع نفس تركيب ليتورجية مرقس الرسول،
فالعلاقة بينهما وثيقة مثل [اشربوا منه كلكم]، [وشرب منه (وذاق)]، (تصنعون ذكري)،
(“خذوا” اشربوا)، [“وأخذ” كأساً]. كما يلاحظ أن كلا النصَّين إنجيلي
وإضافاته إنجيلية، وهو أحد مميزات الليتورجية القبطية عموماً.

8 في هذه
الليتورجية يبدأ ظهور محاولة عمل تطابق وتوازٍ بين ما يُقال على الخبز وما يُقال
على الكأس الذي سينمو بعد ذلك بصورة كبيرة.

9 يُلاحظ
ليتزمان أن تمسُّك الأقباط في ليتورجيتهم بأن الرب شرب من الكأس قبل أن يعطيه
لتلاميذه هو تقليد قديم جداً يحتفظ بآثار طقس العشاء في داخل الإفخارستيا، لأن
رئيس المتكأ كان يستحيل عليه أن يوزِّع كأس
البركة إلاَّ إذا ذاق منه أولاً كقانون حتمي.
وظلَّ هذا القانون محتفظاً بسلطانه بصورة واضحة في قوانين الرسل في
طقس إقامة عشاء الرب المدعو بالأغابي.

وهذا التقليد
الإفخارستي عند الأقباط له ما يؤكده عند القديس إيرينيئوس في شرحه لإنجيل متى 26: 2729. حيث يقول فيه [وعند الشكر أخذ
كأساً وشرب منه
وأعطاه لتلاميذه قائلاً اشربوا]([26]).

10 كذلك
يجد العلماء ومن ضمنهم ليتزمان أن في استدعاء الروح
القدس الأول جنحت الليتورجيا إلى وضع
غريب وهو
تسمية الذبيحة أو الصعيدة بكلمة [خليقة] أو المخلوقات
t¦ kt…smata. ولكن عندما بحثنا عن هذه التسمية للخبز
والخمر كصعيدة مرفوعة لله وجدنا أن لها أصولاً وتقليداً قديماً له معنى بعيد، وقد
استخدم القديس إيرينيئوس نفس هذا الاصطلاح هكذا:

[لأن الرب
أعطى تلاميذه الوصية أن يقدِّموا لله
أبكار ثمارهم
التي هي من “خليقته”
ليس كأن الله يقف محتاجاً إليها
ولكن لكي لا يكونوا هم كأنهم بلا ثمر أو بلا شكر، وهو نفسه أخذ
هذه
الأشياء المخلوقة: الخبز، وشكر
قائلاً: “هذا جسدي”
والكأس أيضاً بالمثل الذي هو جزء من هذه الخليقة
التي ننتمي
نحن إليها، وقال إنه دمه. وهكذا علَّمهم الصعيدة = التقدمة
(Anaphora) الجديدة التي للعهد الجديد التي
استلمتها الكنيسة من الرسل
وهي تقدِّمها
في كل أنحاء العالم لله الذي يقيم حياتنا بباكورة مواهبه الخاصة التي للعهد الجديد.
]([27])

وهذا الاصطلاح نفسه
الذي تستخدمه هذه الليتورجيا [أرسل روحك على خليقتك هذه] هو نفسه الذي استخدمته
ليتورجية القديس مرقس الرسول وبقية الليتورجيات القبطية الأخرى، إنما بتعبير آخر
هو [أنت الذي وضعنا أمام مجدك القدوس قرابينك “ممَّا لك”…]. هنا “ممَّا
لك”
تعبير على أنها “خليقته”. والمعنى هنا بحسب القديس إيرينيئوس سرِّي للغاية
فيما يخص الإفخارستيا، فنحن نقدِّم باكورة أثمارنا كإفخارستيا للشكر، والله في هذه
الإفخارستيا، ومن الباكورة المقدَّمة إليه، يهبنا بحلول روحه القدوس عليها، باكورة
مواهبه التي هي الخليقة الجديدة للعهد الجديد، أي جسد المسيح ودمه!

11 يلاحظ
أن هذه المخطوطة تبدأ بجملة ناقصة [… الذين يبغضونك، وأمَّا شعبك الذي يصنع
إرادتك فلتحل عليه بركتك].

هذه الجملة في الواقع
هي نهاية أوشية الاجتماعات التي تنتهي في ليتورجية القديس مرقس الرسول هكذا:

[وليهرب من قدام وجهك
كل الذين يبغضون اسمك القدوس. وأمَّا شعبك فليكن بالبركة ألوف ألوف وربوات ربوات
يصنعون إرادتك].

وهكذا تكشف لنا هذه
البردية عن أن أوشية الاجتماعات التي تأتي قبل الطلبة، والتي تبدأ
بعدها مباشرةً التسبحة الشاروبيمية قديمة وأصيلة أيضاً في ليتورجية
القديس مرقس الرسول، حيث تبدو فيها الإضافة: [فليكن بالبركة ألوف ألوف وربوات
ربوات] واضحة جداً، وهذه الإضافة وُضعت لتتناسب أصلاً مع التسبحة الشاروبيمية التي
تصف الملائكة بألوف ألوف وربوات ربوات، ولكن اعترضتها الطلبة وفصلت بين الأوشية
والتسبحة.

12 الطلبة
الواردة في هذه الليتورجية قبل التسبحة الشاروبيمية، وإن كانت تبدو مختصرة، إلاَّ
أنها تُعتبر الأساس الذي بُنيت
عليه الطلبة الكبيرة
الواردة في ليتورجية مرقس الرسول. ونلاحظ أن هذه الطلبة القصيرة الواردة هنا في
بردية دير البلايزة لها مثيل مشابه في صلاة القديس كليمندس الروماني في رسالته
الأُولى (سنة 95م) إلى كورنثوس، حيث يوجِّه تضرعاً إلى المسيح رأساً يظهر منه أنه
اقتباس من صلاة ليتورجية محفوظة يقتبس منها هذه الصلاة ويقدِّمها لأهل كورنثوس،
حيث يقول كليمندس في الفصل 38:

[حصن الذين في المخاطر،
خلاص الذين في اليأس … لأنك أنت يا رب معين لنا وناصر، خلِّص الذين في الشدائد،
المنسحقين أشفق عليهم، أقم الساقطين، الذين في بؤس الحاجة انتشلهم، المرضى اشفهم،
ردّ الضالين من شعبك، أشبع الجياع، حلّ المربوطين، افدِ المقيَّدين، أقم الضعفاء،
عزِّ صغيري القلوب].

ولكن الذي يسترعي
انتباهنا هو أن موضع هذه الطلبة التي جاءت بنفس كلماتها بين أوشية الاجتماعات وبين
تسبحة الشاروبيم هو واحد في كلتا الليتورجيتين، ليتورجية بردية دير البلايزة
وليتورجية القديس مرقس الرسول. وهذا يشير إلى وحدة الأصل فيهما معاً.

13 أمَّا
بخصوص الاعتراف الأخير والذي جاء مبسَّطاً غاية البساطة فقد ظنه العلماء السابق
ذكرهم جميعاً أنه خاص بالمتناولين أو ربما خاص بالمعمَّدين، فتكون الليتورجيا كلها
خاصة بالمعمَّدين. ولكن في الحقيقة بعد أن قمنا بأبحاث خاصة في مجال اعتراف الكاهن،
عثرنا على نص وارد في كتاب مصباح الظلمة في إيضاح الخدمة للعالِم أبو البركات
الملقَّب بابن كبر قسيس كنيسة المعلَّقة (من القرن الثالث عشر) نقله هذا العالِم
عن نص الليتورجيا حسب الدسقولية يقول فيه في نهاية ترتيب القداس في الباب السابع
عشر: [وإذا تكاملت الصلوات كلها يعترف الكاهن “بالثالوث”]. إذاً، فأمامنا
ليتورجية كاملة واعتراف خاص بالكاهن. فإذا علمنا أن اعتراف الكاهن الموجود في كافة
الليتورجيات المعروفة الآن يشمل ضرورة الاعتراف بلاهوت المسيح فقط، أي اعتراف
عقائدي لاهوتي حيث لا يُذكر فيه الآب أو الروح القدس، وهذا يشير إلى تأثير المجامع
المسكونية وزمان دخول البدع والهراطقة، إذاً، نستدل بكل وضوح
أن هذه
الليتورجية سابقة على زمن المجامع أي قبل سنة 325م
حينما كان الإيمان بالآب والابن والروح القدس وقيامة الأجساد هو مضمون العقيدة حسب
تسليم الرسل، لذلك يتأكد لدينا صحة قول العالِم
Th. Shermann الذي يصمم على أن هذه الليتورجية هي من القرن الثالث (200300م).

14 يرى
العالِمان “روبرتس” و “كابيل” أن أنافورا دير البلايزة من أقدم الصلوات المعروفة.
ولكن أُعيدت صياغتها لكي تناسب ممارسات الليتورجيا في القرن السادس.

ويقرر هذان العالِمان
أنه حتى إلى هذا العصر كانت الحرية مكفولة لرؤساء الكنائس الكبرى أن يغيِّروا في
نصوص الإفخارستيا حتى في الأجزاء الرئيسية، لكن في حدود التقليد المعروف والثابت
وبحسب نصوص أقدم عهداً ومعترَف بها.

كما يقرر أيضاً أنه
بالرغم من هذه التعديلات والإضافات بقيت جميع الليتورجيات في مصر ذات طابع قبطي
غايةً في التميُّز([28]).

15 يوجد
في هذه الأنافورا قبل صلاة التقديس على الخبز والخمر (الرشومات) صلاة تضرُّعية
(أوشية) من أجل وحدة الكنيسة وهي تطابق الطلبة التي وردت في سيرابيون وفي الديداخي
(فصل 4: 9)، حيث تطلب الأنافورا اتحاد الكنيسة على مثال اتحاد حبَّات القمح التي
كانت مبعثرة في الجبال. ولكن تختلف هنا هذه الصلاة عن مثيلاتها في سيرابيون
والديداخي كونها بدل أن تقول: [فصار “خبزة واحدة”] تقول: [فصار “جسداً
واحداً”
]، وهي بذلك تشير إلى نمو في المفهوم السري، كذلك تمتد الصلاة لشتمل
استخدام امتزاج الماء بالخمر وتحولهما بالسر إلى “دم المسيح الخارج من جنبه
ممزوجاً بماء”،
لتشبِّه به اتحاد المؤمنين أيضاً. والنص هنا يأتي شديد التطابق
مع النص الوارد في أنافورا القديس غريغوريوس التي عند الأقباط، وسيأتي الكلام عنه
في موضعه.

 

جدول رقم 1

ليتورجية بردية دير
البلايزة

منسوخة في القرن
السادس (برايتمان)

وهي
تمثل طقس (سنة 200
300م) مهم للغاية

ليتورجية القديس
مرقس الرسول

الخولاجي المطبوع
سنة 1902م.

(القمص عبد المسيح
المسعودي)

 

أوشية الاجتماعات:

… … … …

… … … …

… … … …

قم أيها الرب الإله
وليتفرَّق جميع أعدائك.

… … … …

وليهرب من قدَّام
وجهك كل

الذين يبغضونك

مبغضي اسمك القدوس.

أمَّا شعبك.

أمَّا شعبك فليكن
بالبركة

 

ألوف ألوف وربوات
ربوات

الذين يصنعون إرادتك فلتحل
عليه بركتك.

الذين يصنعون إرادتك:

 

الطلبة:

 

(د) حل المربوطين.
خلِّص الذين في الشدائد. أشبع الجياع.

 

(ج) عزِّ صغيري
القلوب.

(أ) أقم الساقطين.

(أ) أقم الساقطين. ثبت
القائمين.

(ب) رد الضالين إلى
طريق الحق.

(ج) عزِّ صغيري
القلوب.

(ب) رد الضالين. أدخلهم
جميعاً إلى طريق خلاصك. ونحن أيضاً أنقذنا من خطايانا.

 

صائراً حارساً
وساتراً علينا في كل شيء.

لأنك أنت فوق كل
رياسة وسلطان وقوة.

لأنك أنت هو الله
الذي فوق كل رياسة وكل سلطان وكل قوة،

 وفوق كل اسم ليس في
هذا الدهر فقط بل وفي الدهر الآتي أيضاً. ألوف الملائكة المقدَّسين، “وأجناد” رؤساء الملائكة “الذين بلا عدد” يخدمونك.

وكل اسم يُسمَّى ليس
في هذا الدهر فقط بل وفي الدهر الآتي.
أنت الذي يقوم أمامك
ألوف ألوف وربوات ربوات الملائكة ورؤساء الملائكة المقدَّسين
يخدمونك.

 

أنت الذي يقوم أمامك
حيواناك الكريمان جداً.

مع الشاروبيم
المملوئين أعيناً والسيرافيم ذوي الستة الأجنحة الذين بجناحين يغطون وجههم.

ذو الستة الأجنحة
الكثيرو الأعين السيرافيم والشاروبيم

فبجناحين يغطون
وجوههم
من
أجل لاهوتك الذي لا يُستطاع النظر إليه ولا التفكير فيه.

وبجناحين
يغطون أرجلهم ويطيرون باثنين.

وباثنين يغطون أرجلهم
ويطيرون بالاثنين الآخرين.

والكل
على الدوام يقدسونك.

لأن في كل زمان يقدسك
كل أحد.

فمع
هؤلاء الذين يقدسونك اقبل تقديسنا منا نحن أيضاً
قائلين:

لكن مع كل مَنْ يقدسك
اقبل تقديسنا منا نحن أيضاً يا رب إذ نسبحك معهم:

 

جدول رقم 2

ليتورجية بردية دير
البلايزة

منسوخة في القرن
السادس (برايتمان)

وهي تمثل طقس (سنة 200300م) مهم
للغاية

مخطوطة برايتمان

هنا

(الخولاجي مختلف)

قدوس قدوس قدوس رب
الصباؤوت

قدوس قدوس قدوس رب
الصباؤوت،

السماء والأرض
مملوءتان من مجدك.

السماء والأرض
مملوءتان من مجدك الأقدس.

 

قدوس. قدوس. قدوس
بالحقيقة أيها الرب إلهنا.

 

بالحقيقة السماء
والأرض مملوءتان من مجدك الأقدس، من قِبَل ابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلِّصنا
وملكنا كلنا يسوع المسيح.

“املأنا نحن أيضاً من
مجدك”.

“أملأ هذه الصعيدة
التي لك يا رب بالبركة”.

وتفضَّل وأرسل
روحك القدوس
“على خليقتك هذه”.

“التي من قِبلك” بحلول
روحك القدوس عليها.

وبالبركة بارك.

 

وبالتقديس قدِّس.

واجعل هذا الخبز
جسداً لربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح،

قرابينك هذه
المكرَّمة التي بُدِيء بوضعها أمامك

والكأس أيضاً دماً
للعهد للعهد الجديد لربنا ومخلِّصنا يسوع المسيح

هذا الخبز وهذه الكأس.

لأن ربنا
يسوع المسيح

لأن([29]) ابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلِّصنا وملكنا كلنا
يسوع المسي
ح.

في الليلة التي أُسلم
فيها.

في الليلة التي أَسلم
ذاته فيها.

 

ليتألم عن خطايانا
والموت الذي قَبِلَه بذاته.

 

بإرادته وحده عنَّا
كلنا.

أخذ خبزاً على يديه
المقدَّستين.

أخذ خبزاً على يديه
المقدَّستين
اللتين بلا عيب ولا دنس الطوباويتين المحييتين.

 

ونظر إلى فوق إلى
السماء نحوك يا الله أباه وسيد كل أحد.

وشكر / وباركه /
وقدَّسه

وشكر / وباركه /
وقدَّسه

وقسمه وأعطاه
لتلاميذه ورسله قائلاً:

وقسَّمه وأعطاه
لتلاميذه

الكرام القديسين ورسله الأطهار قائلاً:

خذوا كلوا منه كلكم
هذا هو الذي يُبذل عنكم لمغفرة الخطايا.

خذوا كلوا منه كلكم
لأن هذا هو
جسدي الذي يُقسم عنكم وعن كثيرين يُعطى لمغفرة
الخطايا

هذا اصنعوه لذكري.

وهكذا أيضاً بعد
العشاء أخذ الكأس

هكذا الكأس أيضاً بعد
العشاء مزجها من خمر وماء

وبارك.

 وشكر / وباركها /
وقدَّسها.

وشرب منه وأعطاه لهم
قائلاً:

وذاق وأعطاها أيضاً
لتلاميذه الكرام القديسين ورسله الأطهار قائلاً:

خذوا اشربوا منه كلكم.
هذا هو دمي

المسفوك عنكم لمغفرة
الخطايا.

خذوا اشربوا منها كلكم
لأن هذا هو دمي
الذي للعهد الجديد الذي يُسفك عنكم وعن
كثيرين يُعطى لمغفرة الخطايا هذا اصنعوه لذكري.

كل مرة تأكلون من هذا
الخبز وتشربون من هذه الكأس تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي تذكرونني.

لأن كل مرة تأكلون من
هذا الخبز وتشربون من هذه الكأس تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي وتذكرونني
إلى أن
أجيء.

يقول الشعب:

يقول الشعب:

نبشِّر بموتك ونعترف
بقيامتك،

بموتك يا رب
نبشر وبقيامتك
المقدسة وصعودك إلى السموات نعترف نسبحك نباركك نشكرك
يا رب.

ونتضرع.

ونتضرع إليك يا
إلهنا.

 

 

 

؟

 

 

 

(الحلول):

وأرسل إلى أسفل من
علوك المقدس ومن مسكنك المُستَعَد ومن حضنك غير المحصور ومن كرسي مملكة مجدك
البارقليط روحك القدوس الكائن بالأقنوم غير المستحيل ولا متغير، الرب المحيي
الناطق في الناموس والأنبياء والرسل، الحال في كل مكان المالئ كل مكان ولا يحويه
مكان الفاعل الطهر
على الذين أحبهم بمسرتك بسلطان وليس كالخادم.

 

(*)

… … … … … …
… … ناقص

البسيط في طبيعته
الكثير الأنواع في فعله ينبوع النعم الإلهية المساوي لك المنبثق منك شريك كرسي
مملكة مجدك مع ابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلِّصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح.

إلينا نحن عبيدك.

علينا نحن عبيدك،

امنحنا قوة الروح
القدس الذي لتشديد ونمو إيماننا في الرجاء الذي للحياة الأبدية الآتية، بواسطة
ربنا يسوع المسيح الذي له معك أيها الآب ومع الروح القدس المجد إلى الأبد. آمين([30]).

وعلى هذه القرابين
التي لك المكرَّمة السابق وضعها أمامك.

1 ومن هذه
المقارنة يبدو واضحاً أن جميع النصوص التي جاءت في ليتورجية بردية دير البلايزة
واردة في ليتورجية مار مرقس (حسب الخولاجي المطبوع) كأصل يُزاد عليه دائماً ولكن
لا يُحذف منه، باستثناء:

(أ) “املأنا نحن
أيضاً من مجدك”
التي صارت في ليتورجية مرقس الرسول “املأ هذه الصعيدة التي
لك يا رب بالبركة”.
والنص الأول هو أقدم تقليدياً من النص الثاني.

(ب) “على خليقتك هذه
أيضاً”
صارت في ليتورجية مرقس الرسول “الصعيدة التي من قبلك”. وواضح أن
الثانية محاولة لتحسين ما جاء في الأُولى.

2 ولكن من
الملاحَظ أن المعاني أدق وأوضح وأعمق في بردية دير البلايزة، وعلى سبيل المثال:

(أ) جاء في ليتورجية
مرقس الرسول: “ألوف ألوف وربوات ربوات الملائكة ورؤساء الملائكة” … هنا المعنى
يمتد إلى أن عدد رؤساء الملائكة ألوف ألوف وربوات ربوات أيضاً مع الملائكة، وهنا
المعنى تسبب من سقوط كلمة “جنود” أو “أجناد” المضاف إلى رؤساء الملائكة كما جاءت
في النص القديم لمخطوطة دير البلايزة “وأجناد رؤساء الملائكة الذين بلا
عدد”، حيث تنحصر الكثرة العددية في الجنود وليس في رؤساء الملائكة.

(ب) كذلك في ليتورجية
مرقس الرسول لم يخصص أي من الاثنين: الشاروبيم أو الساروفيم الذي له أعين كثيرة.
لأن المعروف في التقليد أن الشاروبيم هم المملوؤن أعيناً كناية عن الحكمة والبصيرة،
وليتورجية دير البلايزة أوضحت هذه الصفة أي الأعين الكثيرة. أمَّا السيرافيم
فمعروف في التقليد أيضاً أنهم متَّقدون ناراً كناية عن الغيرة الإلهية. وسوف نجد
في ليتورجية سيرابيون أنه يذكر السيرافيم فقط باعتبار أنهم        اثنان ولا يذكر
الشاروبيم، وهذا التقليد كان أوريجانوس يعلِّم به، وسيأتي ذكره في موضعه.

(ج) تذكر ليتورجية مرقس
الرسول “لأن في كل زمان يقدِّسك كل أحد”. هنا يبدو أن النص متحوِّل
عن معناه الأصلي بسبب الترجمة. والأصل في ذلك واضح في ليتورجية دير البلايزة: “والكل
على الدوام
يقدسونك”، حيث “الكل” هنا هم الشاروبيم والسيرافيم وألوف
ألوف وربوات ربوات الملائكة. وحيث “على الدوام” معناها “بلا انقطاع”،
أو “بغير سكوت” كما جاءت في تعاليم ديديموس الضرير، التي
فُهمت خطأ “في كل زمان”.

(د) كلمة “اصنعوا هذا
لذكري” أو “تذكرونني” التي جاءت في ليتورجية مرقس الرسول جاءت كأنها في سياق
الكلام كعمل متمم ل “تبشرون بموتي وتعترفون بقيامتي” و “تذكرونني”، ولكن في الأصل
كما في ليتورجية دير البلايزة وهي مطابقة في هذا لليتورجية هيبوليتس
يأتي الذكر كغاية ونهاية وعلة معاً لإقامة الإفخارستيا كلها وبالتالي الأكل والشرب
من الجسد والدم والبشارة والاعتراف بالموت والقيامة، وهذا التعبير الدقيق للغاية
استطاعت ليتورجية دير البلايزة أن تصيغه بمنتهى الاختصار هكذا: “كل مرة تأكلون…/ وتشربون…/ وتعترفون بقيامتي!!” هنا الذكر يأتي كنتيجة حتمية لكل أفعال
الإفخارستيا!

(ه) يلاحَظ أن طلب حلول
الروح القدس يخلو من أية إشارة لعملية التحوُّل. فحلول الروح القدس جاء كعمل منفرد
بذاته. ثم “اجعل هذا الخبز جسداً وهذا الكأس دماً” هو عمل آخر مطلوب من الله الآب.

 

دراسة للعناصر الأساسية
في ليتورجية مار مرقس

«القداس الكيرلسي»

 

من جهة العناصر
الأساسية التي تتكون منها ليتورجية مار مرقس (الكيرلسي)، فهي لا تختلف عن
الليتورجيات عامةً. والعناصر الأساسية هي كالعادة:

1مقدِّمة
الليتورجيا
التي تُدعى
Préface أو Action de
Grâce
.

2بداية
التسبحة الشاروبيمية
وتُدعى
Pro
Sanctus
أو Embolisme du Sanctus.

3- التأسيس وهي
كلمات الرب يسوع على الخبز والخمر
Dominical
Words
وتُدعى “رسم السر” أو Institution أو القانون Canon.

4- الاستدعاء: أي
الدعاء بالاسم، وهو
Epiclesis أو Invocation ويُسمَّى بحسب الفعل المترتب عليه = “الحلول” إمَّا “للكلمة”
أو “للروح القدس”.

ولكن من جهة ترتيب هذه
العناصر الأساسية والتعبيرات الخاصة بها، فإن ليتورجية مار مرقس تُعتبر ليتورجية
مميزة للطقس الشرقي عامةً والطقس الإسكندري بصفة خاصة جداً.

ويأتي ترتيب صلوات
ليتورجية مار مرقس (القداس الكيرلسي) كالآتي:

1 صلاة
الشكر (المقدِّمة) وتشمل:

(أ)
سلام الكاهن للشعب وهو على هيئة ديالوج حوار مع الشعب “الرب
مع جميعكم”.

(ب) رفع القلب =Sursum Corda حسب التعبير الليتورجي الشائع: “ارفعوا قلوبكم”.

(ج) الدعوة للاشتراك في
الشكر (في الإفخارستيا) “فلنشكر الرب”.

(د) “مستحق ومستوجب”
مع أفعال التسبيح السبعة.

(ه) المضمون الذي تنطوي
عليه صلاة الشكر (المقدِّمة).

الشكر على
خلقة العالم وخلقة الإنسان.

– الشكر على حق تقدمة
“الذبيحة الناطقة والخدمة غير الدموية”.


الشكر على عظمة اسم الله (وردت في “الديداخي”: نحن نشكرك من أجل اسمك القدوس).

[وهنا تعترض الأواشي]

ثم يعود لتعظيم اسم
الله في بداية التسبحة الشاروبيمية هكذا:

“لأنك أنت هو الله الذي
فوق كل رياسة وكل سلطان وكل قوة وكل سيادة وكل اسم!”

2 الصلوات
التوسلية (الأواشي):

وتنتهي بالصلاة من أجل
قبول القرابين.

3 مقدمة
التسبحة الشاروبيمية:

وهي
تكملة لصلاة المقدمة حيث المقدمة تمهد أساساً للتسبحة الشاروبيمية. والصلة بينهما
تتركز في وصلة “تعظيم اسم الله” الذي هو موضوع التسبحة الشاروبيمية نفسها “قدوس”.

4 التسبحة
الشاروبيمية.

5 الاستدعاء
الأول:
(الصغير)

وهو
عبارة عن وصلة انتقال من التسبحة الشاروبيمية لبداية التأسيس (التقديس على الخبز
والخمر).

6 رواية
التأسيس:

تلاوة كلمات الرب على
الخبز والخمر للتقديس.

7
التذكار.

8
الاستدعاء الثاني:

مع طلب تأثيرها الروحي.

9
الذكصولوجيا الأخيرة.

والآن نبدأ في دراسة
الليتورجيا، ولتسهيل ذلك نقسِّمها إلى عناصرها الأساسية:

 

مميزات الليتورجية
الإسكندرية (المصرية)

التي تميزها عن كافة
الليتورجيات السوريانية وما تفرَّع عنها

أولاً: من أهم
الصفات الأساسية، مجيء صيغة “لتقديم الذبيحة” أو “تقريب الذبيحة”
وكلمة الذبيحة هنا ذات اعتبار هام جداً في مقدِّمة الليتورجية
(مع “مستحق وعادل”) ومركَّبة عليها بإحكام، في حين أن في كافة القداسات الأخرى
تأتي هذه الصيغة في نهاية “التذكار”
anamnesis”،
حيث تأتي حينئذ لا باسم “تقريب ذبيحة” بل “نقرِّب لك قرابينك من
الذي لك”. وفي الحقيقة بينما كافة الليتورجيات السوريانية البيزنطية الأخرى لا
يمكن أن تغفل ذكر التجسُّد والفداء كموضوع للشكر (فكر متأخر زمناً)، إلاَّ أن
مقدِّمة القداس المرقسي أغفلت ذكر التجسُّد والفداء عن عمد، إذ جعلت عوضاً عن ذلك الشكر على الذبيحة الناطقة التي هي موضوع الليتورجيا
بأكمله([31])(برهان قدم زمن
تأليفها).

ثانياً: أمَّا
الميزة الأساسية الثانية التي فيها تختلف عن باقي الليتورجيات الأخرى جميعاً بما
فيها نفس القداسات المصرية الأخرى، فهي مجيء الصلوات التشفعية، أي الأواشي العامة
“الشفاعة العظمى
Great
Intercession
”، بعد
مقدِّمة
الليتورجيا “مستحق وعادل أن نشكرك” وقبل بداية التسبحة الشاروبيمية، في حين
أن كافة الليتورجيات الأخرى سريانية ومصرية، تضعها بعد “الاستدعاء” أي في النهاية
تقريباً.

ثالثاً: موضوع “الاستدعاء” الأصلي Epiclesis، أي التضرُّع لحلول الروح القدس على الصعيدة، يأتي قبل التأسيس
مباشرةً، أي قبل تلاوة “كلام الرب يسوع” على الخبز والخمر. على أنه، مؤخراً، وُضع
استدعاء آخر في كافة الليتورجيات المصرية – بما فيها ليتورجية مار مرقس أيضاً –
بصيغة عقائدية مطوَّلة في مكانه الحديث، تمشياً مع الوضع السرياني والبيزنطي بعد «التذكار»:
[ففيما نحن أيضاً نصنع ذكر آلامه المقدَّسة وقيامته من الأموات … إلخ].



([16]) يقول العالم “بول ف. بالمر” في كتابه عن الأسرار والعبادة (صفحة
67):

في
نفس تاريخ هذه البردية نجد أنه في ليتورجية مرقس الرسول، كما في ليتورجية
سيرابيون، إشارة واضحة إلى وجود سجل أسماء تُكتب فيه أسماء الأحياء والمنتقلين
لتُتلى أثناء الخدمة. ولو أن في هذه الليتورجية هنا تقتصر الإشارة على المنتقلين
فقط. ولكن في مخطوطة أخرى من القرن السابع اكتُشفت حديثاً وقام بتحقيقها وطبعها
العالِم كْرَم.

W.E.
Crum, Proced. of the Soc. for Biblical Archaeology,
XXX (1908) pp. 255-299.

وُجد
هذا السجل مكتوباً وفيه مذكور اسم بطريرك الإسكندرية والأسقف الخاص بالكنيسة
وأسماء الذين قدَّموا القرابين كل واحد باسمه – وهذا الترتيب الطقسي لا يزال
معمولاً به في الطقس الغربي حتى الآن – كذلك وُجد فيها صلاة من أجل خلاص الكهنة
الأطهار الواقفين حول الذبيحة والعلمانيين محبي المسيح ومن أجل خلاص وصحة أجساد
الذين قدَّموا (القرابين والضحايا أي النذور) الرجال فلان وفلان والنساء فلانة
وفلانة. ويعتبر العالِم دكس في كتابه صفحة 505 أن هذا الطقس من النقاط الهامة جداً
التي تربط الطقس القبطي بالطقس الروماني في القرن الرابع.

(*) [هذا الفراغ وضع مؤرخي الليتورجيا في تمزُّق وحيرة صعبة، فهل هنا
يوجد حلول ثاني مخاطب للروح القدس؟ أو يوجد هنا مثل نص هيبوليتس مجرد صلاة لاتحاد
المسيحيين لبناء جسد المسيح باعتبار أن ذكر الروح القدس هنا هو لختم هذا الاتحاد؟
بلا شك لا نملك الإجابة إلاَّ إذا اسعدتنا الفرصة بكشف مخطوطة أخرى تحت رمال مصر =
لوي بويه صفحة 202].

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى