اللاهوت الروحي

الباب الأول



الباب الأول

الباب
الأول

كنيسة
الخلاص

“بشروا من يوم إلى يوم بخلاصه” (الأجبية)

* التذكارات الكنسية.

مقالات ذات صلة

* كتب الصلوات الطقسية.

* الأسرار الإلهية.

 

الفصل الأول: التذكارات
الكنسية

الفصل الثاني: كتب
الصلوات الطقسية

الفصل الثالث: الأسرار
الإلهية

 

تقديم

إن
كنيستنا المجيدة الخالدة نستطيع أن نسميها بحق (كنيسة الخلاص) إذ تقدم لنا أن
الخلاص هو:

 

*
غاية تجسد المسيح:

إذ
يذكر بولس الرسول ذلك في قوله “إن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة
الذين أولهم أنا” (1تى15: 1). وهذا هو عين ما قرره الملاك الذي ظهر ليوسف
خطيب العذراء إذ طمأنه عنها وقال له “.. فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع. لأنه
يخلص شعبه من خطاياهم. (مت21: 1).

 

*
غاية كرازة الرسل:

وكان
الخلاص أيضاً هو محور كرازة الرسل حتى قيل عنهم “هؤلاء هم عبيد الله العلي
الذين ينادون لكم بطريق الخلاص”.(أع17: 16).

وبولس
الرسول يقول: “غير طالب ما يوافق نفسي بل الكثيرين لكي يخلصوا” (1كو33: 10).

ويقول
أيضاً: “صرت للكل كل شئ لأخلص عل كل حال قوماً” (1كو22: 9).

 

*
غاية إيمان الجميع:

إذ
يقول بطرس الرسول “نائلين غاية إيمانكم خلاص النفوس” لهذا فقد كان
الخلاص ولا زال هو:

 

*
غاية رسالة الكنيسة:

فما
رسالة الكنيسة إلا رسالة الخلاص. فالدسقولية تقول “فليهتم الأسقف بكل أحد
ليخلصه”.

ولكي
نوضح أن غاية رسالة الكنيسة هي الخلاص نورد بعض البراهين الصريحة على ذلك من واقع:

*
التذكارات الكنسية.

*
كتب الصلوات الطقسية.

*
الأسرار الإلهية.

 

الفصل الأول: التذكارات
الكنسية

أولاً: تذكارات سنوية.

ثانياً: تذكارات شهرية.

ثالثاً: تذكارات أسبوعية

رابعاً: تذكارات يومية.

لقد
وضع الآباء في الكنيسة عدة تذكارات لإظهار عمل المسيح الخلاصي منها:

أولاً: تذكارات سنوية

تحتفل
الكنيسة في كل عام بتذكار مناسبات معينة فيها أتم رب المجد عمل الخلاص وهي:

1-
أسبوع الآلام:

ففي
هذا الأسبوع من كل عام نذكر ما قاساه رب المجد في الجسد خلال الأيام الأخيرة من
حياته على الأرض جسدياً من أجل خلاص البشرية.

وتتلى
في الكنيسة أحداث كل يوم من هذه الأيام. وفي ختام الأسبوع أي يوم الجمعة العظيمة
يبدأ الاحتفال بتذكار يوم الصلب من الصباح حتى الغروب، وتقرأ أحداث كل ساعة من
ساعات هذا اليوم التاريخي الذي فيه تم الخلاص بالفداء على عود الصليب.

 

فليتك
يا أخي تعيش في هذا الأسبوع مع المسيح في آلامه لتعرفه وشركة آلامه متشبهاً بموته.
فلا تحضر هذا التذكار كما لقوم عادة بل ليكن حضورك بفهم ومشاركة روحية صادقة لتجدد
فيك مباهج الخلاص.

 

2-
الأعياد:

وما
الأعياد إلا احتفالات تذكارية يذكر فيها المؤمنون ما صنعه الرب من أجلهم. وأهم هذه
الأعياد التي ترتبط بالخلاص:

 

(أ)
عيد الميلاد:

ففيه
نذكر تجسد رب المجد من أجل خلاص العالم “ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع
الشعب. إنه قد ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب”. (لو10: 2).

فهل
عندما تحتفل بذكرى المخلص، تستقبله في قلبك ليخلصك من خطاياك وآثامك.

 

(ب)
عيد القيامة:

فيه
نذكر قيامة الرب من بين الأموات منتصراً على شوكة الموت قاهراً غلبة الهاوية. وإذ
نذكر هذا نأخذ من انتصاراته نصرة لنا على سلطان الظلمة فنسلك في حياة غالبة
“كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضاً في جدة
الحياة” (رو4: 6).

 

وفي
قيامته من الموت نرى قوته فنرى أنه لم يمكث تحت سلطان الموت لأن ليس للموت سلطان
عليه وإنما كان موته من أجلنا نحن الخطاه وصار لنا بقيامته التبرير: “أسلم
لأجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا”. (رو25: 4).

 

ثانياً: تذكارات شهرية

وتحتفل
الكنيسة في يوم 29 من كل شهر من الشهور القبطية بتذكار ثلاثة أعياد سيدية هي:

عيد
البشارة 29 برمهات.

عيد
الميلاد 29 كيهك.

عيد
القيامة 29 برمهات.

وقد
وضعت لهذا اليوم قراءات خاصة تسير جميعها إلى الخلاص الذي صار للبشرية في مثل هذا
اليوم.

 

واضع
أمامك جزءاً مما يقال في هذا الاحتفال:

“في
هذا اليوم العظيم الذي هو التاسع والعشرون من هذا الشهر.. كان الخلاص والفرح لجنس
البشرية المحيية والميلاد البتولى والقيامة الشريفة التي بها كان الخلاص من يد
العدو، والمعتقلون في الجحيم خلصوا، وأشرف عليهم مجد لاهوت المسيح ونور قيامته،
وعادوا إلى الفردوس مرة أخري..”

(طرح
واطس. كتاب دورتي عيد الشعانين والصليب)

 

فتأمل
يا أخي حرص الآباء على انتهاز كل فرصة لإظهار فرحهم بخلاص الرب، فلا يكتفون
بالاحتفال بهذه الأعياد مرة كل عام، بل كما ترى يعيدون بذكرها كل شهر من شهور
السنة.

 

 فليتك يا أخي تكون لك
غيرة الآباء وروح الأجداد الذين ما غابت عن أذهانهم

هذه
التذكارات.

 

ثالثاً: تذكارات أسبوعية

علاوة
على التذكارات السنوية والشهرية نرى الكنيسة مهتمة أيضاً بتذكار الخلاص في كل
أسبوع، فترتب أياما لذكرى الصلب وأخرى لذكرى القيامة:

 

1-
تذكار الصلب:

وضعت
للمؤمنين أن يصوموا يومي الأربعاء والجمعة من كل أسبوع.. حتى نتذكر في يوم
الأربعاء مشورة يهوذا الخائن واتفاقه مع اليهود على تسليم سيده مقابل ثلاثين من
الفضة، وفي يوم الجمعة نذكر الخلاص بالصليب والفداء بالدم الذي أهرق “كفارة
لخطايانا، ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً”. (1يو2: 2).

 

فليتك
يا عزيزي عندما تصوم هذين اليومين لا يكون صومك على سبيل عادة أو كواجب ثقيل.. بل
تطلع إلى الخلاص الذي صار لك بالصليب.. فان كنت مستعبداً للخطية ولا زلت تحت سلطان
الشهوات، اشترك مع المسيح في هذين اليومين في موته بصلب ذاتك عن طريق الصوم إذ هو
إماتة بالنية والمشيئة، حتى تستطيع أن تقول: “مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل
المسيح يحيا في” (غل20: 2).

 

2-
تذكار القيامة:

 “كانت
قيامة الرب من بين الأموات يوم الأحد”. (مت1: 28). لهذا فقد رتبت الكنيسة
احتفالا بهذه الذكرى إقامة القداسات الإلهية في صباح كل أحد من كل أسبوع. وفي
صلوات القداس نذكر حياة السيد المسيح وعمله المبارك لأجل خلاص البشرية من احتمال
الآلام وقبول للصليب ثم قيامة من الأموات وصعود إلى المجد.. حتى كما اشتركنا معه
في آلامه نصل نحن أيضاً معه إلى قيامة الأموات لنكلل معه في المجد..

 

 فهل
يا ترى عندما نحضر القداس نشترك فيه بحواسنا وبكل مشاعرنا.. أم أن حضورنا عادة ليس
إلا، ووقوفنا بملل ووجودنا بلا فهم..

ارفع
بصرك يا أخي إلى يسوع معلقاً على الصليب ينزف دماً ثم ادخل معه إلى القبر.. ولا
تمكث كثيراً في ظلامه المخيف.. بل تمتع بنور قيامته ومجد قدرته.

 

رابعاً: تذكارات يومية

 لم
تكتف الكنيسة بالتذكارات السنوية والشهرية والأسبوعية فرتبت هذه التذكارات اليومية
حتى لا يمر يوم دون أن يذكر المؤمن خلاص الرب.

 

 فرتب آباء الكنيسة أن
يصلى في اليوم سبع مرات كما قال داود النبي “سبع مرات في النهار سبحتك على
أحكام عدلك” (مز164: 119). ولكل صلاة مناسبة معينة منها:

 

1-
تذكار آلام السيد:

 فقد
رتبت صلاة نصف الليل على ثلاث خدمات تذكاراً لصلوات السيد المسيح الثلاث في بستان
جثماني حيث كان يتصبب عرقه كقطرات دم. (لو44: 22).

 

2-
تذكار تعليقه على الصليب:

 ففي
صلاة الساعة السادسة (12ظهراً) تذكار لتعليق مخلصنا على الصليب. لهذا نجد مكتوباً
في هذه الصلاة “يا من في اليوم السادس وفي الساعة السادسة سمرت على الصليب من
أجل الخطية التي تجرأ عليها أبونا آدم في الفردوس، مزق صك خطايانا أيها المسيح
إلهنا نجنا..

 

 وفي ختامها نقول
“نشكرك يا ملكنا ضابط الكل أبا ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح ونمجدك لأنك
جعلت أوقات آلام ابنك الوحيد أوقات عزاء وصلاة.. وامح عنا صك خطايانا.. كما مزقته
في هذه الساعة المقدسة بصليب ابنك الوحيد يسوع المسيح ربنا مخلص نفوسنا”.

 

3- تذكار موته:

 فقد
رتبت صلاة الساعة التاسعة (3ظهراً) بمناسبة موت المخلص بالجسد ولهذا تقول الطلبة
“أمت حواسنا الجسمانية أيها المسيح إلهنا ونجنا..”.

4-
تذكار إنزاله عن الصليب:

 بمناسبة
إنزال المخلص عن الصليب رتبت الكنيسة صلاة الغروب وهي تقابل الساعة الحادية عشر من
النهار (أي الخامسة بعد الظهر).

5-
تذكار دفنه:

 في
الساعة الثانية عشر (6مساء) وتسمى صلاة النوم، تذكر دفن المخلص في القبر ليدفن
آثامنا، ولهذا تدور صلوات هذه الساعة حول طلب الخلاص من الدينونة الرهيبة فيقول
المصلى: لو كان العمر ثابتاً وهذا العالم مؤبداً لكان لك يا نفس حجة واضحة، لكن
إذا انكشفت أفعالك الرديئة وشرورك القبيحة أمام الديان العادل فأي جواب تجيبني..
لكن اتخذ صورة العشار قارعاً صدري قائلا “اللهم اغفر لي فأني خاطئ”.

6-
تذكار قيامته:

 هذا
هو موضوع صلاة باكر إذ يذكر المصلى قيامة المخلص في الصباح أول الأسبوع، ويطلب
إشراقة نور القيامة لتضئ له الحياة، ويذكر أنه بقيامة الرب قد أتم الخلاص فيقول
“أيها النور الحقيقي الذي يضئ لكل إنسان آت إلى العالم، بمحبتك للبشر، وكل
الخليقة تهلك بمجيئك. خلصت أبانا آدم من الغواية، وعتقت أمنا حواء من طلقات الموت
وأعطيتنا روح البنوة..”

فهل
يا أخي حينما ترفع هذه الصلوات تعلق ذهنك بتذكارات مناسباتها لتذكر ذلك الخلاص
الذي قدمه لك الرب بموته وقيامته؟

 

الفصل الثاني: كتب
الصلوات الطقسية

أولاً: الأبصلمودية.

ثانياً: الأجبية.

ثالثاً: الخولاجي.

توضح
لنا كتب الصلوات والقراءات التي وضعها الآباء في الكنيسة مدى اهتمامهم بإبراز
رسالة الخلاص، وفيها الكثير من النصوص الصريحة. ولكني أقتصر على اقتطاف عدة عبارات
لتكون موضع تأمل ودراية بكنوز البيعة الثمينة من الكتب الآتية:

 

أولاً: الأبصلمودية

 وهو
كتاب التسبحة أي الصلوات التي تسبق رفع بخور عشية وباكر، وهو ملئ بمعاني الخلاص
وإيضاحاته، ولكنى أقتصر على نص واحد منها: (إذا ما أحببنا اسم الخلاص الذي لربنا
يسوع المسيح وصنعنا الرحمة بعضنا من بعض نكمل الناموس.. فان كنا معوزين من أموال
هذا العالم، وليس لنا شئ نعطيه صدقة، فلنا الجوهرة اللؤلؤة الكثيرة الثمن، الاسم
الحلو المملوء مجداً الذي لربنا يسوع المسيح.

 

 إذا
لازمناه في إنساننا الداخلي فهو يجعلنا أغنياء حتى نعطى الآخرين ليس أموال هذا
العالم الزائل التي نطلبها بل خلاص نفوسنا بتلاوة إسمه القدوس).

كم
أحب أن أطلق على هذه القطعة اسم (أنشودة الخلاص) إذ توضح لنا غاية الناموس ألا وهي
الخلاص، ففي هذا العرض البديع نرى شقي الخلاص.

 

 تمتعك
الشخصي به:

إذا
أحببنا اسم الخلاص..

إذا
لازمناه في إنساننا الداخلي..

 

 تقديمه
للآخرين:

صنعنا
رحمة.. نعطى الآخرين.. خلاص نفوسنا. أخي الحبيب إن الآباء بهذا الكلام يناشدونك أن
تلازم الخلاص وتعمل على تقديمه للآخرين..

 

ثانياً: الأجبية

وهو
كتاب السبع صلوات التي تصلى في الكنيسة وأيضاً في الصلوات الانفرادية للمؤمن. وهذا
الكتاب غنى هو الآخر بما فيه من نصوص عن الخلاص، ولكني أقتصر على ما يأتي:

 

1-
صلاة الساعة السادسة:

(صنعت
خلاصاً في وسط الأرض كلها أيها المسيح إلهنا عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود
الصليب فلهذا كل الأمم تصرخ قائلة المجد لك يارب) يتغنى المرنم بالخلاص الذي صنعه
رب المجد على الصليب وقدمه لجميع الأمم التي من أجل هذا تصرخ ممجدة الرب.

 

2-
صلاة الساعة التاسعة:

“بشروا
من يوم إلى يوم بخلاصه..” (مز95). حرص الآباء على وضع هذا المزمور في مقدمة
هذه الصلاة ومنه دعوة صريحة للتبشير بخلاص الرب من يوم إلى يوم.. فهل تنفذ ما
تصليه؟ أم أن صلواتنا مجرد ترديد ألفاظ بلا استعداد للعمل بما يريده الرب منا.. إن
الوصية صريحة لنا أن نبشر من يوم إلى يوم بخلاصه..

 

3-
صلاة نصف الليل:

(بعين
متحننة يارب انظر إلى ضعفى فعما قليل تفنى حياتي. وبأعمالي ليس لي خلاص فلهذا أسأل
بعين رحيمة يارب انظر إلى ضعفى وذلي ومسكنتي).

 

ما
أجمل هذه الطلبة التي فيها يقر المصلى بضعفه وذله ومسكنته وعدم اعتماده على أعماله
في الخلاص بل على رحمة المخلص وتحننه.

 

ثالثاً: الخولاجي

وهو
كتاب صلوات القداسات التي وضعها القديس باسيليوس والقديس إغريغوريوس والقديس كيرلس.

وهذا
الكتاب أيضاً لا يقل في غناه بعبارات الخلاص وإظهاره عن بقية كتب البيعة.. وسنقتصر
على ذكر ما يأتي:

 

1-
القداس الباسيلي:

(خلصت
حقاً)

أي
لقد نلت الخلاص حقاً.. وتتكرر هذه العبارة ثلاث مرات في القداس. مرة عقب صلاة
الشكر بعد تقديم الحمل، ومرة عقب إنجيل القداس، ومرة ثالثة عقب تحاليل ما قبل
الاعتراف الأخير.

 

2-
القداس الإغريغوري:

 (أنت
يا سيدي حولت لي العقوبة خلاصاً.. أنت الذي خدمت لي الخلاص لما خالفت ناموسك).

 

ما
أجمل هذا التعبير: يسوع حول لنا العقوبة خلاصاً إذ تحمل هو نفسه عقوبة الخطية
نيابة عنا.. يسوع نفسه خدم لنا الخلاص، لم يأتمن ملاكا ولا رئيس ملائكة ولا رئيس
آباء ولا نبياً على خلاصاً..

 

 3-
القداس الكيرلسي:

(الساقطين
أقمهم والقيام ثبتهم، الضالين ردهم.. أدخلهم جميعاً إلى طريق خلاصك).

 

لقد
كانت الغاية واضحة أمام القديس مار مرقس الرسول واضع هذا القداس المسمى باسم مدونه
القديس كيرلس..

فغاية
الخلاص هي محور صلاته، فيطلب من أجل الجميع أن يدخلهم الله إلى طريق الخلاص الذي
علمنا إياه كما سجل القديس باسيليوس في قداسه:

(تجسد
وتأنس وعلمنا طرق الخلاص)

 

فهل
دخلت يا أخي المبارك في طريق الخلاص، وهل تسير فيه؟

أم
أنك تقف من بعيد وتكتفي بمجرد التطلع إلى السائرين فيه؟

 

الفصل الثالث: الأسرار
الإلهية

أولاً: سر المعمودية

ثانياً: سر المسحة

ثالثاً: سر التوبة

رابعاً: سر الشركة

ومن
بين ما يوضح أن غاية الكنيسة هي الخلاص هو ما اشتملت عليه من أسرار مقدسة تعتبر
مركز الدائرة فيه. وإن كانت جملة الأسرار الكنسية سبعة، إلا أنه يوجد أربعة أسرار
منها نستطيع أن نسميها أسراراً خلاصية وهي:

 

سر
العماد، وسر المسحة المقدسة، وسر التوبة، وسر الشركة. أما بقية الأسرار فهي أسرار
اختيارية أي ليست إلزامية لكل مؤمن وهي: سر الكهنوت، وسر الزيجة، وسر مسحة المرضى.
فليس بالضرورة لكل مؤمن أن يتمم هذه الأسرار فيكون كاهناً أو متزوجاً وإن كان كل
إنسان محتاج لهذه الأسرار أيضاً فلا يمكن أن يتم أي سر إلا بواسطة الكهنة الذين
يقامون بسر الكهنوت..

 

ولنستعرض
الآن الأسرار الخلاصية التي نعتبرها شيكات النعمة واهبة الخلاص من رصيد دم المسيح
المسفوك على عود الصليب.

 

أولاً: سر المعمودية:

“من
آمن واعتمد خلص” (مر16: 16).

وفي
كتاب المعمودية نجد ما يأتي:

(السيد
المسيح له المجد قال من فمه الطاهر: “يجب أن نكمل كل بر” وقال أيضاً
لتلاميذه الأطهار: “امضوا إلى كل الأمم وبشروهم بالإنجيل وعمدوهم باسم الآب
ولابن والروح القدس”. وكل من آمن واعتمد خلص. فصار هذا العماد متتابعاً من
السيد المسيح وخلفائه سادتنا الرسل الأطهار بالمعمودية المقدسة لأن بها غفران
الخطايا والدخول إلى السموات).

 

هذا
هو سر المعمودية الذي به ننال خلاصاً بغفران خطايانا في استحقاقات دم المسيح
المسفوك على خشبه الصليب.

 

ثانياً: سر المسحة

“وأما
أنتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شئ.. وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه
ثابتة فيكم ولا حاجة بكم إلى أن يعلمكم أحد بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها”
(1يو20: 2،27). وبهذا السر المقدس ينال المؤمن الروح القدس. “ولما وضع بولس
يديه عليهم حل الروح القدس عليهم” (أع6: 19). ودور الروح القدس في الخلاص في
غاية الأهمية إذ أنه يقوم بعمليتي:

1-
التحرير:

إذ
أنه هو القوة المحررة من سلطان الخطية كما يقول بولس الرسول: “ناموس روح
الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت” (رو2: 8).

 

2-
التثبيت:

إذ
يثبت المؤمن في شخص المخلص ربنا يسوع المسيح فيثبت في الخلاص “ولكن الذي
يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله. الذي ختمنا أيضاً وأعطى عربون الروح في
قلوبنا” (2كو21: 1،22).

وهذا
هو عين ما توضحه الكنيسة في الصلوات الخاصة بهذا السر كما ترى مما يأتي:

 

“أنعم
بالروح القدس عند نضحة الميرون المقدس ليكن خاتماً محيياً وثباتاً لعبيدك بابنك
الوحيد يسوع المسيح ربنا..” (كتاب الصلوات الطقسية).

أرأيت
إذن يا أخي المبارك تضامن هذين السرين في عملية الخلاص!.

 

فبالمعمودية
ننال خلاصاً من قصاص الخطية وعقوبتها.

وبالمسحة
ننال خلاصاً من سلطان الخطية ومحبتنا لها.

 

وذلك
عن طريق ثباتنا في الروح القدس الذي حل فينا.

عزيزي
إن كان الأمر بهذين السرين كما رأيت الآن نراك يا من قبلتهما مغلوباً من شهواتك
مستعبداً لأدناسك؟. أليس لأنك لم تفهم فاعلية النعمة التي أعطيت لك؟

 

أتريد
أن تخضع لفاعلية المسحة المقدسة حتى يعمل فيك روح هذه المسحة ليحررك من قيود
الخطية وأغلالها؟!.

 

“هو
ذا الآن وقت مقبول، إخضع لسلطان الروح وأصغ لتبكيتاته وأطع توجيهاته، سلم له
القيادة فيحررك بالتمام. وأضرم موهبة الله التي فيك” (2تى6: 1).

ثالثاً: سر التوبة:

 

“توبوا
وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تأتى أوقات الفرح من وجه الرب”. (أع19:).

وفي
صلوات هذا السر وضعت الكنيسة هذا القول:

“اللهم
أنعم علينا بغفران خطايانا باركنا،طهرنا حاللنا..”

 

فان
فاعلية سر التوبة هو كفاعلية سر المعمودية حتى دعاها مجمع قرطاجنة “التوبة
معمودية ثابتة”. وفي ذلك قال القديس أوغسطينوس: “إن الخطية إذا فعلها
موعوظ تغسل بالمعمودية وإذا فعلها معمد تترك بالتوبة”.

 

رابعاً: سر الشركة

“من
يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت في وأنا فيه” (يو56: 6). وفي صلوات هذا السر وضعت
الكنيسة هذا القول: “أنت يارب علمتنا هذا السر العظيم الذي للخلاص”
(صلاة بعد الاستعداد).

ونستطيع
أن نركز فاعلية هذا السر في الخلاص فيما يلي:

 

1-
المغفرة:

 “لأن
هذا هو دمى الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا”.
(مت28: 26).

 

2-
التثبيت:

 “من
يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت في وأنا فيه” (يو56: 6).

وبثباتنا
في شخص المخلص يحررنا من سلطان الخطية ومحبتها “إن حرركم الابن فبالحقيقة
تكونون أحراراً” (يو36: 8).

 

ولعلك
من هذا تستطيع أن ترى أن فاعلية هذا السر تقابل فاعلية سر المسحة الذي به نثبت
أيضاً في المسيح:

“ولكن
الذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله” (2كو21: 1).

 

ولقد
وفق القديس باسيليوس في جمعه بين الفكرتين في عبارة واحدة وضمنها قداسة الإلهي:

“إذ
طهرتنا كلنا تولفنا بك من جهة تناولنا من أسرارك الإلهية. لكي نكون مملوئين من
روحك القدوس وثابتين في إيمانك المستقيم بالمسيح يسوع ربنا”. (صلاة خضوع للآب
سراً).

 

تضامن
السرين:

وكما
رأيت يا أخي تضامن سرى المعمودية والمسحة في خلاص الموعوظ هكذا أيضاً ترى تضامن
سرى التوبة والشركة لخلاص المؤمن على النحو التالي:

فبالتوبة..
ننال خلاصاً من قصاص الخطية الفعلية وعقوبتها.

وبالشركة..
ننال خلاصاً من سلطان الخطية ومحبتها.

وذلك
عن طريق ثباتنا في شخص الرب يسوع المخلص بالروح القدس الذي يملأنا. وهو الذي
يحررنا “إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحراراً” (يو34: 8).

هذا
هو عمل هذين السرين في حياتك..ولكن لماذا أنت لا تقدر ذلك؟. لماذا تمارس هذه
الأسرار شكلياً دون التمتع بقوتها؟.. أخشى يا عزيزي أن ينطبق عليك القول:

“لك
صورة التقوى ولكنك تنكر قوتها” (2تى5: 3).

فاقدم
على هذه الأسرار بمفهوم جديد واضعاً نصب عينيك غاية واضحة وهي (الخلاص) لا مجرد
إتمام مراسيم طقسية..

الخلاصة

*
الخلاص هو غاية:

تجسد
المسيح، كرازة الرسل، إيمان الجميع.

*
وهو غاية رسالة الكنيسة تبرز في:

التذكارات
الكنسية:

السنوية:
أسبوع الآلام – الأعياد.

الشهرية:
احتفال يوم 29 من كل شهر.

الأسبوعية:
صومي الأربعاء والجمعة – قداس الأحد.

اليومية:
مناسبات صلوات سواعي النهار.

كتب
الصلوات الطقسية:

الأبصلمودية:
إذا أحببنا اسم الخلاص..نعطى..الخلاص.

الأجبية:
بشروا من يوم إلى يوم بخلاصة.

الخولاجى:
خلصت حقاً.

الأسرار
الإلهية:

المعمودية:
من آمن واعتمد خلص.

المسحة:
ناموس روح الحياة.. أعتقني من ناموس الخطية.

التوبة:
توبوا وارجعوا لتحمى خطاياكم.

الشركة:
علمتنا هذا السر العظيم الذي للخلاص.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى