عهد قديم

الإصحاح السادس



الإصحاح السادس]]>الإصحاحالسادس

 

نذير الرب

بعد كشف حقيقة نبوتنا لله وأن لكل واحدسمة خاصة (الراية) وأن شعب الله هو شعب لهُ خدمة كهنوتية وهو شعب فى غربة مرتحلتجاه أورشليم السمائية الله فى وسطه. وهذا الشعب قد عزل الخطية من وسطه نأتى هنالنرى أن علينا أن نكرس ذواتنا لله تماماً.

فكلمة نذير مأخوذة من الفعل العبرى” نذر” أى تكريس أو تخصص. ويعقوب أطلق لقب نذير على يوسف (تك 26:49) لأنقلبه كان قد تخصص للرب. ولاحظ أن من كرس قلبه للرب مثل يوسف تنهال عليه البركاتمثله.

وهذا الإصحاح يأتى مباشرة بعد شريعة كشفالخاطئة فنجد هنا من ينذر نفسه بإرادته لله. وكأن الخطية تسبب العار لمرتكبها أمامن يتقدس ويتكرس لله يضىء وسط إخوته مثل يوسف. وراجع مراثى أرمياء (8،7:4) فترىصورة النذير الحقيقى (أنقى من الثلج… ثم إذا أسلم ذاته للخطية فتصير صورته أشدظلاماً من السواد.

مقالات ذات صلة

وكما كان البرص رمز للخطية ونتائجهاوالأبرص رمز للإنسان بعد السقوط فالنذير رمز لآدم قبل السقوط. ولا يوجد نذير حقيقىفى هذا العالم سوى المسيح الذى قال ” طعامى أن أصنع مشيئة الذى ارسلنى. ولاحظأن آدم كان ممنوعاً من شجرة والنذير ممنوع من الكروم أى شجرة أيضاً.

وكما كان النذير لهُ سمات معنية مثلالشعر الطويل هكذا المسيحى يجب أن تكون عليه سمات الرب يسوع.

وإنتذار الأشخاص للرب كان بثلاث طرق

أ‌-                                           أنيختار الرب شخصاً بذاته ليخدمه مثل شمشون ويوحنا المعمدان (اختبروا وهم فى البطن)

ب‌-                                       أنينذر الأباء أولادهم للرب مثل أم صموئيل (1صم11،10:1)

ج- أن ينذر شخص نفسه للرب فترة من حياتهوهذا هو موضوع هذا الإصحاح

وكان النذير فى العهد القديم ينذر نفسهلفترة معينة أما المسيحى فهو مكرس لله كل الحياة.

وربما كانت شريعة النذير هى الأساسللحركات الرهبانية فى المسيحية وفيها يتخلى الراهب عن كل رباط دموى يربطه بالعالم(الأب والأم والزوجة…) ويتخلى عن كل مباهج العالم.

 

آية 2:-  كلم بنياسرائيل و قل لهم اذا انفرز رجل او امراة لينذر نذر النذير لينتذر للرب.

إذا إنفرز = هى دعوة إختيارية لمن يريد وكانالنذير يقضى وقته فى دراسة الشريعة وممارسة العبادة وأعمال المحبة للآخرين

 

الآيات 4،3:- فعن الخمر والمسكر يفترز و لا يشرب خل الخمر و لا خل المسكر و لا يشرب من نقيع العنب و لاياكل عنبا رطبا و لا يابسا. كل ايام نذره لا ياكل من كل ما يعمل من جفنة الخمر منالعجم حتى القشر.

الخمر يشير للفرح العالمى وهنا يمنع عنالنذير أن يفرح بأفراح العالم فيمتنع عن الخمر وكل ما يمت لهُ بصلة حتى البذار = العجم.هو من أجل الرب يترك حتى ما هو محلل بمحصن إرادته لا كشىء دنس بل لأنه مهتمبالطعام الآخر ” قائلاً مع المسيح طعامى أن أعمل مشيئة الذى أرسلنى وأتممعمله. ولعل الله أراد أن لا يسكر النذير فينسى وصايا الله (أم 5:31) والمسيحى حينيتخلى عن مباهج العالم وملذاته فهو لأن عينه على السماء وأفراحها (وهذا ما نفعلهفى الصيام)

 

آية5:- كل ايام نذرافترازه لا يمر موسى على راسه الى كمال الايام التي انتذر فيها للرب يكون مقدسا ويربي خصل شعر راسه.

ترك الشعر عيب للرجل (1كو14:11) فيكون منيترك شعره مثلاً لمن يتخلى عن المجد العالمى والكرامة الزمنية لينشغل بالكرامةوالمجد السماوى (المسيح رفض الملك فى العالم) وعدم قص الشعر إشارة لإهمال زينةالجسد والإنفصال عن العالم

 

الآيات 6-8:-  كل ايامانتذاره للرب لا ياتي الى جسد ميت. ابوه و امه و اخوه و اخته لا يتنجس من اجلهمعند موتهم لان انتذار الهه على راسه. انه كل ايام انتذاره مقدس للرب.

الموت يساوى الخطية والمعنى أن لا يتلامسمن كرس نفسه لله مع الخطية. وأيضاً مطلوب من النذير أن لا ينشغل بالعلاقات الجسديةفهو منشغل الآن بالله فقط وهذا معنى كلام السيد المسيح ” من أحب أباً أوأماً… أكثر منى فلا يستحقنى”. ولاحظ أن الله لا يرفض العلاقات الدموية بليريدنا أن نرتفع بأفكارنا بأننا أعضاء فى العائلة السماوية وأن الذى مات لنا هو فىالسماء وأننا ذاهبون إليه. (لو60:9 + مت 47:12)

هنا نرى أن الشركة الروحية تبتلع كلعلاقة جسدية وترتفع بها.

لأن إنتذار إلهه على رأسه = كان الشعر غير الحليقعلامة على أن هذا الشخص نذير للرب، والناس يرون الشعر المسترسل ويعلمون هذا. فإذاتلامس النذير مع ميت يكون هذا أمام الناس فيه إهانة لله فهو فى مدة تكريسه قد تخصصبالكامل لله. وهذا لنا نحن المسيحيين لهُ معنى أن الناس ترى فينا أننا شعب المسيحفلا يجب أن يرانا الناس ونحن نخطىء بل ” ليرى الناس أعمالكم الصالحة فيمجدواأباكم الذى فى السموات”

ولاحظ أن النذير مطلوب منه أكثر مما يطلبمن الكاهن فى العهد القديم فكان يسمح للكاهن أن يشرب الخمر لكن بعيداً عن الخيمة.وفى لمس الميت تشابهت شريعة النذير مع رئيس الكهنة.

 

الآيات 9-12:- و اذا مات ميتعند بغتة على فجاة فنجس راس انتذاره يحلق راسه يوم طهره في اليوم السابع يحلقه. وفي اليوم الثامن ياتي بيمامتين او بفرخي حمام الى الكاهن الى باب خيمة الاجتماع.فيعمل الكاهن واحدا ذبيحة خطية و الاخر محرقة و يكفر عنه ما اخطا بسبب الميت ويقدس راسه في ذلك اليوم. فمتى نذر للرب ايام انتذاره ياتي بخروف حولي ذبيحة اثم واما الايام الاولى فتسقط لانه نجس انتذاره.

رأس إنتذاره = أى رأسه فى أيام إنتذاره

والآن كيف يتطهر النذير لو تلامس مع ميتمات فجأة وتلامس معهُ دون أن يقصد. فمع أن ما حدث لا ذنب لهُ فيه ولكن إلى هذاالحد يريد الله أن يشرح كراهيته للخطية وحبه للطهراة والنقاوة. وفى هذه الحالة علىالنذير أن يحلق رأسه وفى اليوم الثامن يقدم ذبائح. وحيث أن الذبائح تشير للمسيح فىتطهير سوى بدم المسيح. وحلق الرأس والبدء من جديد مع الذبيحة هذا ما حدث مع المسيححينما مات وقام وقمنا معهُ فكان لنا بداية جديدة. لأنه لو قلنا أن النذير يشبه آدمقبل السقوط فالتلامس مع ميت يشبه السقوط. ففى البداية الجديدة مع الذبيحة وفىاليوم الثامن (يوم القيامة) نرى صورة لما حدث مع المسيح وكنيسته. ولاحظ أن الخطيةتجعلنا نخسر الكثير فقد خسر النذير مدة إنتذاره الأولى ليبدأ من جديد. وعلى النذيرأن يقدم ذبيحة إثم بعد أن يقرر أن يبدأ ثانية فهو قد أخطأ فى حق الرب (آية12).يتضح هنا الصرامة فى القداسة.

 

الآيات 13-24:-  و هذه شريعةالنذير يوم تكمل ايام انتذاره يؤتى به الى باب خيمة الاجتماع. فيقرب قربانه للربخروفا واحدا حوليا صحيحا محرقة و نعجة واحدة حولية صحيحة ذبيحة خطية و كبشا واحداصحيحا ذبيحة سلامة. و سل فطير من دقيق اقراصا ملتوتة بزيت و رقاق فطير مدهونة بزيتمع تقدمتها و سكائبها. فيقدمها الكاهن امام الرب و يعمل ذبيحة خطيته و محرقته. والكبش يعمله ذبيحة سلامة للرب مع سل الفطير و يعمل الكاهن تقدمته و سكيبه. و يحلقالنذير لدى باب خيمة الاجتماع راس انتذاره و ياخذ شعر راس انتذاره و يجعله علىالنار التي تحت ذبيحة السلامة. و ياخذ الكاهن الساعد مسلوقا من الكبش و قرص فطيرواحدا من السل و رقاقة فطير واحدة و يجعلها في يدي النذير بعد حلقه شعر انتذاره. ويرددها الكاهن ترديدا امام الرب انه قدس للكاهن مع صدر الترديد و ساق الرفيعة وبعد ذلك يشرب النذير خمرا. هذه شريعة النذير الذي ينذر قربانه للرب عن انتذارهفضلا عما تنال يده حسب نذره الذي نذر كذلك يعمل حسب شريعة انتذاره.و كلم الرب موسىقائلا. كلم هرون و بنيه قائلا هكذا تباركون بني اسرائيل قائلين لهم. يباركك الرب ويحرسك.

عندما تكتمل أيام النذر التى نذرهاالنذير (قال التلمود أن أقل مدة هى ثلاثون يوماً) كان عليه أن يلتوم بطقس معيننراه فى هذه الآيات.

وإذا كان المسيحى هو نذير لله كل العمرفيكون أن مدة إنتهاء أيام النذر هى إشارة لموته.

1-                يقدمالنذير ذبائح فكأن كل جهادنا على الأرض لا يقبل إلا فى ذبيحة المسيح

2-                هويقدم ذبائح (رمز لتقديم المسيح نفسه ذبيحة) ويقدم فطير رمز لحياة المسيح التى كانتبلا خطية فالمسيح أعطانا حياته.

3-                يحلقرأس إنتذاره= أى شعر رأسه الذى كان مسترسلاً أيام إنتذاره. ويحرق شعره فى نار ذبيحة السلامة.فإن كان إرخاء الشعر عيب وعار فهى هو يحلقه رمزاً لعودة كرامته لا على أساس زمنىعالمى بل كرامة شركة الأمجاد الأبدية. والشعر يحرق مع ذبيحة السلامة. فذبيحةالسلامة تشير لشركة الكنيسة كلها كهنة وشعب وهذه الصورة تكون الآن فى التناولولكنها ستكتمل فى السماء. وهناك معنى آخر يراه النذير فى العهد القديم أنه هوكنذير يريد لو قدم نفسه ذبيحة وحيث أنه لن يقدر فها هو يقدم شعره على المذبح.والنذر عموماً نوع من تقديم الإنسان  نفسه ذبيحة. وتقديم الشعر على المذبح إشارةلقبول الله لهذه الذبيحة فالنار هى نار إلهية مقدسة. وتقديمها مع ذبيحة السلامةيشير أن كل ما نقدمه لا يقبل سوى بالذبيحة والترديد أمام الرب علامة لعرض النذيرعمله وتكريسه وتقدماته امام الرب (الكل منك وإليك) ثم يأخذ الكاهن نصيبه علامةقبول النذير وإشتراك الكاهن مع النذير.

4-                يشربخمراً رمزاً للتمتع بالفرح وهذا يشبه قول سفر الرؤيا ” هناك يمسح الله كلدمعة من عيونهم ” هناك فى السماء الفرح الحقيقى حيث ننسى كل أحزان وألامالعالم ويشبه قول السيد المسيح “إنى من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلىذلك اليوم حينما أشربهُ معكم جديداً فى ملكوت أبى ” مت 29:26. فالمسيح بموتهثم قيامته ثم صعوده للسماء إنتهت أيام إنتذاره على الأرض. وبعد إنتهاء مدةإنتذارنا نحن أيضاً سيشرب المسيح مع شعبه كأس الفرح الحقيقى.

5-                يقدمالنذير تقدمات أخرى إختيارية قدر إمكانية. فذبيحة المسيح ألهبت قلوب شعبه بمحيتهفهم يريدون أن يقدموا لهُ كل شىء. وهناك معنى آخر فالشريعة هنا تلزم النذير أنيقدم حتى لا يشعر أنه بنذره أصبح مديناً لله بل يظل مديوناً له.

ملحوظات

1-                فى(1كو15:11) نجد أن بولس يرى أن المرأة التى لا تحلق رأسها فهذا مجد لها. فإذافهمنا أن المرأة تشير للنفس البشرية وعريسها المسيح فمجد العروس أن تتكرس وتخشعلعريسها

2-                كانيمكن لشخص أن يكون نذيراً بالنيابة عن آخرين كأن يتحمل نفقات نذره ومن هنا نفهمكيف إشترك بولس مع آخرين فى نذر أنفسهم (اع 23:21-26)

3-                كماوضع الله شريعة النذير فى العهد القديم وطلب من إببراهيم أن يترك أهله وبلدهليعتزل الشر. هكذا فى العهد القديم يقول معلمنا يوحنا ” لا تحبوا العالم ولاالأشياء….

4-                نرىفى الشعر أيضاً رمز للقوة (شمشون) ففى وقت النذر يكون الإنسان قوياً بالله جميل أنينتهى هذا الإصحاح بالبركة فكما قلنا، يوسف لأنه كان نذير كان بركة وكل من كرسنفسه لله يجد بركة

 

آية24:-يباركك الرب.    ويحرسك

يباركك = بركات روحية ومادية وفى كل ما تمتدإليه يده والبركة هى كل ما هو خير وجيد وصالح

يحرسك = من أعداء الجسد والروح ومن خطر يرعاكالله (مز 5:121-8)

 

آية25:-  يضيء الرببوجهه عليك و يرحمك.

يضيىء الرب بوجهه عليك. ويرحمك

يضىء الرب بوجهه عليك = أى يشرق بنوره عليك فيملأكمن الفهم وينير بصيرتك ويهديك

ويرحمك = ينظر إلى ضعفك وإحتياجك له وتجد نعمةفى عينيه ويعاملك بالرحمة.

 

آية26:-  يرفع الرب وجههعليك و يمنحك سلاما.

يرفع الرب وجهه عليك. ويمنحك سلاماً

يرفع الرب وجهه عليك = أى ينظر إليك نظرة خاصةوينظر إليك طول السنة بل كل العمر.

ويمنحك سلاماً = سلام روحى ونفسى ومادىوجسدى. سلام مع الله والناس والنفس

 

ملاحظات على هذه البركة الكهنوتية

1-                تعجباليهود من ذكر إسم الرب فى هذه البركة ثلاث مرات وإعتبروه سر إلهى يفوق العقولوهذا نفهمه نحن كمسيحيين فهو إشارة لسر الثالوث الأقدس. كقول السيرافيم فى(أش 6قدوس قدوس قدوس + رؤ 8:4)

2-                البركةالأولى خاصة بالآب وهى البركة والحماية والحراسة فهو يحرس تابعيه فهو القادر علىكل شىء. والبركة الثانية خاصة بالإبن النور الحقيقى الذى يضىء والذى أرسله الآبكنور للعالم وبصليبه كانت المراحم الإلهية فكلمات النور والرحمة فى البركة الثانيةتختص بالإبن. والبركة الثالثة خاصة بالروح القدس وعمله، فمن ثماره السلام والسلامالذى يفوق كل عقل (غل 22:5+فى 7:4) ورفع الرب وجهه علينا يشير لإرسال الروح القدسليسكن فينا وهو يأخذ من الأشياء التى للمسيح ويعلنها لنا

3-                الطلبةالثانية هى نتيجة للأولى مثال يحرسك هى نتيجة أنه يبارك وهو رحمنا بعد أن أشرق نورالمسيح أى بعد أن تجسد

4-                المسيحقبل صعوده بارك التلاميذ وبركة الكاهن هى نموذج لعمل المسيح على الأرض فبركةالكاهن تكون بإستخدام إسم الرب

5-                بناءعلى هذه البركة الثالوثية نفهم لماذا أمر المسيح التلاميذ حين يعمدون أن يعمدوابإسم الآب والإبن والروح القدس. (راجع 2كو14:13)

6-                هكذاتصنع الكنيسة فدائماً يصلى الكاهن ” السلام لجميعكم ” ويرد الشعب”ولروحك”

7-                الكاهنلا يبارك من نفسه بل هو يستمدها من الله واهب البركة

هذه البركة الثالوثية نرى فيها نوع منالتدرج فالبركة الأولى أن يحرس الرب ويحمى ويمنع الأذى هى مرحلة أولية والبركةالثانية نجد فيها تعبير أعمق يدل على بدء تكوين علاقة شخصية مع الله وأن الله يضىءذهن ويرشد ويقود الإنسان ولكن هذا حدث لجميع المسيحيين ثم نأتى للبركة الثالثة فأنيرفع الرب وجهه لإنسان ويبين رضاه ويثبت سلامه لهُ (هذا معنى الكلمة الأصلى) هنانصل لكمال عمل الله مع الإنسان ونرى فيه مدى خصوصية العلاقة. بل أن كلمة سلامالعبرية هو شالوم لا تعنى بمجرد إنقطاع العداء بل تدل على التمام والكمالوالسلامة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى