عهد قديم

الإصحاح الخامس عشر



الإصحاح الخامس عشر]]>الإصحاح الخامس عشر

 

الآيات(1-6) :-

وكان بعد ذلك أنابشالوم اتخذ مركبة وخيلا وخمسين رجلا يجرون قدامه. وكان ابشالوم يبكر ويقف بجانبطريق الباب وكل صاحب دعوى آت إلى الملك لأجل الحكم كان ابشالوم يدعوه إليه ويقولمن أية مدينة أنت فيقول من أحد أسباط إسرائيل عبدك. فيقول ابشالوم له انظر أموركصالحة ومستقيمة ولكن ليس من يسمع لك من قبل الملك. ثم يقول ابشالوم من يجعلنيقاضيا في الأرض فيأتي إلى كل إنسان له خصومة ودعوى فانصفه. و كان إذا تقدم أحدليسجد له يمد يده ويمسكه ويقبله. وكان ابشالوم يفعل مثل هذا الأمر لجميع إسرائيلالذين كانوا يأتون لأجل الحكم إلى الملك فاسترق ابشالوم قلوب رجال إسرائيل.

أتخذ مركبة وخيلاً.وخمسين رجلاً يجرون أمامه: هذا ما تعلمه إبشالوم من جده الوثنى كيف يبدومهيباً فى مركبات وخيول. والله طلب أن لا يفعل ملوك إسرائيل هذا حتى لا يجرون وراءالكرامات الزمنية وحتى لا يعتمدون على قوتهم الذاتية بل على قوة الله. والرجالالذين يجرون أمامه غالباً كان لهم زى خاص. وغالباً فقد فرح شعب إسرائيل بهذهالصورة وفضلها عن صورة داود المتواضع. ويكشف هذا التصرف عن هدف إبشالوم من العودةإلى أورشليم، فهو أتى بروح محبة المجد الباطل والعجرفة ليغتصب عرش أبيه وركبمركبات وخيلاً ورجال يجرون أمامهُ بينما أبوه يركب بغلاً. داود هيأ ملكه بسنواتضيق كثيرة وصلوات وجهاد وهذا يأتى ليملك خلال المجد الباطل والمظاهر الخارجية.والعجيب أن زادت شعبيته بهذا. ولم يكتفى بهذا بل صار فى خداع يمالئ الشعب. يقف عندباب المدينة ليمنع المتقاضين من الوصول إلى أبيه ويعطى إهتماماً لكل واحد فيسألهعن مدينته وسبطه ثم يقول لهُ فى نفاق دون فحص لقضيته ودون أن يعرف من هو البرئ ومنهو الظالم بل يقول لكل الطرفين أنظر أمورك صالحة ومستقيمة أى الحق معك. ثميقول كاذباً لكن ليس من يسمعك من قبل الملك فالملك صار عجوزاً لا يهتمبالقضاء فليس لديه وقت فهو يظهر أبوه أنه غير صالح ليظهر أنه وحده القادر علىالملك وعلى التقاضى. هو لم يكن يريد أن يقضى بل أن يثير الناس على أبيه الملك. ثميقول من يجعلنى قاضياً فشهوة قلبه الرئاسة. بل فى رياء كان يقبل أى إنسانيأتى ليسجد لهُ كإبن الملك. وبهذا إستمال إبشالوم قلوب الناس.

 

مقالات ذات صلة

الآيات(7-9) :-

وكان بعد ذلك أنابشالوم اتخذ مركبة وخيلا وخمسين رجلا يجرون قدامه. وكان ابشالوم يبكر ويقف بجانبطريق الباب و كل صاحب دعوى آت إلى الملك لأجل الحكم كان ابشالوم يدعوه إليه ويقولمن أية مدينة أنت فيقول من أحد أسباط إسرائيل عبدك. فيقول ابشالوم له انظر أموركصالحة ومستقيمة ولكن ليس من يسمع لك من قبل الملك. ثم يقول ابشالوم من يجعلنيقاضيا في الأرض فيأتي إلى كل إنسان له خصومة ودعوى فانصفه. وكان إذا تقدم أحد ليسجدله يمد يده ويمسكه ويقبله. وكان ابشالوم يفعل مثل هذا الأمر لجميع إسرائيل الذينكانوا يأتون لأجل الحكم إلى الملك فاسترق ابشالوم قلوب رجال إسرائيل.

فى نهاية 40 سنة: الكتاب لميحدد متى بدأ حساب الأربعين سنة وغالباً هى منذ مُسِحَ داود ملكاً على يد صموئيلفهذا الحدث من الأحداث الهامة التى يدونها التاريخ. وذهب إبشالوم كاذباً إلى داودبأنه نذر نذراً إن أرجعه داود لأورشليم وعفا عنهُ يذهب إلى حبرون ويقدم ذبائحوداود فرح بالتأكيد لتدين إبنه فسمح لهُ.

 

الآيات(10-12) :-

وأرسل ابشالوم جواسيسفي جميع أسباط إسرائيل قائلا إذا سمعتم صوت البوق فقولوا قد ملك ابشالوم في حبرون.وانطلق مع ابشالوم مئتا رجل من أورشليم قد دعوا وذهبوا ببساطة ولم يكونوا يعلمونشيئا. وأرسل ابشالوم إلى اخيتوفل الجيلوني مشير داود من مدينته جيلوه إذ كان يذبحذبائح وكانت الفتنة شديدة وكان الشعب لا يزال يتزايد مع ابشالوم.

وضع إبشالوم خطتهلإنتزاع العرش وقد أحكمها تماماً.

1-   الإصحاح الخامس عشرهو بدأ سابقاً بإستمالة الجماهير.

2-   يعلن توليه الحكم فى حبرون حيث ملك داود      7سنة وهناك يجمع كل من يؤيده.

3- صوت البوق هو بديل التليفون والتليغراف الآنفهناك نافخى أبواق فى كل مكان وحينما يضرب بالبوق فى حبرون تضرب كل الأبواق وينتشرالخبر فى دقائق فى كل إسرائيل وحينما يُسمع البوق فالجواسيس المنتشرون يقولون أنإبشالوم قد ملك ويفرح الناس بمن أحبوه وربما تصوّر الناس أن داود مات أو تنازل عنالحكم لإبنه إبشالوم. فينادى به كل إسرائيل ملكاً فى وقت واحد.

4- أخذ إبشالوم معهُ إلى حبرون 200 من عظماءالمملكة فيبدو أمام الناس فى حبرون أنهم موافقين على ملكه أى أن داود قد وافقبالإضافة إلى أنه يحرم داود من التشاور مع رجاله المخلصين فى هذه الساعات الحرجة.

5- إستعان إبشالوم بشخص ذكى جداً هو أخيتوفل توسمفيه الرغبة مع القدرة على خيانة داود، وهو فى هذا يشبه بيهوذا فى خيانته لسيدة كماتشابها فى طريقة موتهما (مز9:41 + يو18:13). وغالباً فإن داود كان قد أستغنى عنأخيتوفل لأنه إكتشف مكره ودهائه. وغالباً فإن أخيتوفل هو العقل المدبر لهذهالمؤامرة. وغالباً فأخيتوفل هو جد بثشبع وربما حزن لمؤامرة داود ضد أوريا زوجها (2صم 3:11 +2صم 34:32)

6-   يهجم إبشالوم على قصر داود ويقتله ويعلن موته.

الآيات(13،14) :-

فأتى مخبر إلى داودقائلا إن قلوب رجال إسرائيل صارت وراء ابشالوم. فقال داود لجميع عبيده الذين معهفي أورشليم قوموا بنا نهرب لأنه ليس لنا نجاة من وجه ابشالوم أسرعوا للذهاب لئلايبادر ويدركنا وينزل بنا الشر ويضرب المدينة بحد السيف.

داود المملوء من روحالله أدرك الخطة وهرب سريعاً قبل أن يقتل فوجود داود حياً وهو يعلن أنه لم يتخلىعن العرش سيسبب مشاكل لإبشالوم.

ولكنبالتأكيد فداود فى هذه اللحظات الصعبة تذكر النبوة “لا يفارق السيفبيتك” ومن الناحية الأخرى كانت خطة داود ناجحة إذ أعطته الوقت ليجمع قواته فىمواجهة إبشالوم ويضرب المدينة بحد السيف: داود فى ضيقته يهتم بالمدينة وأنلا تسيل دماء بريئة.

 

آية (17) :-

وخرج الملك وكل الشعبفي أثره ووقفوا عند البيت الأبعد.

البيتالأبعد: خرج الملك وكل رجاله فى أثره ووقفوا عند آخر بيت من بيوتالمدينة ليعبر أمامهُ كل رجاله ويطمئن عليهم، هو أخذ معهُ كل من يريد أن يتبعه ومنلا يريد تركه لإبشالوم المعجب به ومن المؤكد أن من إختار إبشالوم سيعانى منهكثيراً بعد ذلك. وهكذا المسيح يريدنا أن نهرب معهُ من خطايا العالم ومن الشيطانولكن من يريد أن يبقى مع الشيطان فليفرح به للحظة ولكن بعد ذلك تقع عليه الآلام.ومن تبع داود فى ضيقته هم عبيده الأمناء الذين حملوا معهُ الصليب وهم سيتمجدونمعهُ. ولقد رتل داود المزمور الثالث فى هذه المناسبة.

 

الآيات(18-22) :-

وجميع عبيده كانوايعبرون بين يديه مع جميع الجلادين والسعاة وجميع الجتيين ست مئة رجل أتوا وراءه منجت وكانوا يعبرون بين يدي الملك. فقال الملك لاتاي الجتي لماذا تذهب أنت أيضا معناارجع وأقم مع الملك لأنك غريب ومنفي أيضا من وطنك. إمسا جئت واليوم اتيهك بالذهابمعنا وأنا انطلق إلى حيث انطلق ارجع ورجع اخوتك الرحمة والحق معك. فأجاب اتايالملك وقال حي هو الرب وحي سيدي الملك انه حيثما كان سيدي الملك أن كان للموت أوللحياة فهناك يكون عبدك أيضا. فقال داود لاتاي اذهب واعبر فعبر اتاي الجتي وجميعرجاله وجميع الأطفال الذين معه.

عندماهرب داود إلى جت نظم جيش قوامه 600 جندى وأقام لهم إتاى الجتى قائداً لهم وغالباًإستمرت هذه الفرقة مع داود فى ملكه على حبرون ثم على أورشليم على كل إسرائيلوكانوا يتكونون من إسرائيليين وجتيين. وهناك من رأى أن إتاى الجتى هو إبن أخيش ملكجت الذى أحب داود. وفى فترة إقامة داود فى جت إنجذب إليه إتاى وتبعه هو ورجالهالجتيين ثم تهودوا بعد أن ملك داود. ولاحظ رقة مشاعر داود وأنه لا يريد أن يرهقإتاى معهُ وهو غريب ولكن إتاى رفض أن يترك داود فى ضيقته فتشبه براعوث. وعزى اللهقلب داود على عقوق إبنه بإخلاص إتاى. ومن ناحية الرمز فإبشالوم ومن معهُ يشبهوناليهود الذين رفضوا المسيح وإتاى ورجاله يشبهون الأمم الذى قبلوا الآلام مع المسيحولم يتركوه بل خرجوا معه خارج المحلة يحملون عاره. (عب13:13). وفى أية (18) بينيديه: كان داود قائداً منظماً محنكاً حتى فى ساعة الهرب يرتب جيشه ويمرون بينيديه كقائد يرتبهم ولا يعبر إلاّ بعدهم وفى (19) أقم مع الملك: عجيب أنيسمى داود إبشالوم الملك فهو الملك الآن ومعنى أية (20) لا يليق أن أحملك بكل هذهالأتعاب والمخاطر.

 

آية (23) :-

وكانت جميع الأرض تبكيبصوت عظيم وجميع الشعب يعبرون وعبر الملك في وادي قدرون وعبر جميع الشعب نحو طريقالبرية.

الشعبيبكى وداود يعبر وادى قدرون. وبنات أورشليم بكوا والمسيح يحمل الصليب كما عبر إبنداود أيضاً وادى قدرون لينطلق للآلامات (يو1:18).

 

الآيات(24-29) :-

وإذا بصادوق أيضا  جميعاللاويين معه يحملون تابوت عهد الله فوضعوا تابوت الله وصعدابياثار حتى انتهى جميع الشعب من العبور من المدينة. فقال الملك لصادوق ارجع تابوتالله إلى المدينة فان وجدت نعمة في عيني الرب فانه يرجعني و يريني إياه ومسكنه.وأن قال هكذا أنى لم اسر بك فهانذا فليفعل بي حسبما يحسن في عينيه. ثم قال الملكلصادوق الكاهن اانت راء فارجع إلى المدينة بسلام أنت واخيمعص ابنك ويوناثان بنابياثار ابناكما كلاهما معكما. انظروا أنى اتوانى في سهول البرية حتى تأتى كلمةمنكم لتخبيري. فارجع صادوق وابياثار تابوت الله إلى أورشليم وأقاما هناك.

أتىالكهنة بالتابوت وراء داود لعلمهم أن داود يملك بأمر الله عكس هذا المتمرد إبشالومولكن داود رفض تحريك التابوت وراءهُ مؤمناً أن الله إن كان يريده سيعيده ثانيةلأورشليم مستسلماً إستسلاماً كاملاً لإرادة الله. وهو خشى أن يصيب التابوت شئ وفى(27) أأنت راءٍ: راءٍ هنا ليست بمعنى نبى إنما تعنى أن يكون لداود كعينليرى ماذا يفعل إبشالوم ويخبر داود. وجاءت الترجمة فى أماكن كثيرة ألست أنت راءٍأى ألست أنت قادر أن ترى ماذا يحدث وفى (28) يتضح كلام داود أن صادوق يرى ماذايحدث ويُرسل له فى سهول البرية من يخبره وداود سوف يتوانى أى ينتظر بعض الوقتحتى تأتى رسالة من صادوق.

 

الآيات(30-37) :-

وأما داود فصعد في مصعدجبل الزيتون كان يصعد باكيا ورأسه مغطى ويمشي حافيا وجميع الشعبالذين معه غطوا كل واحد رأسه وكانوا يصعدون وهم يبكون. واخبر داود وقيل له أناخيتوفل بين الفاتنين مع ابشالوم فقال داود حمق يا رب مشورة اخيتوفل. ولما وصلداود إلى القمة حيث سجد لله إذا بحوشاي الاركي قد لقيه ممزق الثوب والتراب علىرأسه. فقال له داود إذا عبرت معي تكون علي حملا. ولكن إذا رجعت إلى المدينة وقلتلابشالوم أنا أكون عبدك أيها الملك أنا عبد أبيك منذ زمان والان أنا عبدك فانكتبطل لي مشورة اخيتوفل. أليس معك هناك صادوق وابياثار الكاهنان فكل ما تسمعه منبيت الملك فاخبر به صادوق وابياثار الكاهنين. هوذا هناك معهما ابناهما اخيمعصلصادوق ويوناثان لابياثار فترسلون على أيديهما إلى كل كلمة تسمعونها. فأتى حوشايصاحب داود إلى المدينة وابشالوم يدخل أورشليم.

صعدداود باكياً: فالموقف صعب، ولم نسمع أن داود بكىحينما هرب من شاول لكنه قطعاً يبكى لخيانة إبنه لهُ وإبنهُ الذى يحبه. وهو قال”خطيتى أمامى فى كل حين” لذلك نفهم أن بكاء داود كان لأنه علم أن كل هذهالآلام بسبب خطيته وقلب مثل هذا يغفر لهُ الله … “حولى عنى عينيك فإنهما قدغلبتانى”. وفى (31) يظهر أن داود يعرف دهاء أخيتوفل ويصلى أن يحمق اللهمشورته وفى (32) داود يسجد فهو إعتاد الصلاة وعجيبة الإستجابة الفورية لصلاته إذإستجاب الله بإرسال حوشاى الأركى الذى سيبطل مشورة أخيتوفل. ولاحظ صلاة داود أنيحمق الرب مشورة أخيتوفل فى آية (31) وفى آية (32) الإستجابة السريعة لله. وعموماًفهذه حكمة إلهية عند داود أن يرسل رجلاً حكيماً مثل حوشاى ليبطل مشورة رجل داهيةمثل أخيتوفل. ويبدو أن حوشاى كان غائباً حين هرب داود وحينما علم بالخبر أتى إليهفى حزن شديد ولكن داود أقنعه أن بقائه بجانب أخيتوفل وإبشالوم أفضل، فضلاً عن أنسنه الكبير سيعوق حركتهم وكانت محبة حوشاى بلسماً لجراح داود.

عموماًفالمزامير التى أنشدها داود أثناء هربه تظهر أنه لم يفقد رجاءه فى الرب مدركاً أنكل هذه الآلام إنما هى تأديب لهُ، هذا التسليم لإرادة الله هو سر عظمة داود.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى