كتب

إنجيل يهوذا المزعوم



إنجيل يهوذا المزعوم

إنجيل يهوذا المزعوم

الأنبا بيشوى

 

إنجيل يهوذا المزعوم

كيف يكون يهوذا هو كاتبه؟!

فقرات من إنجيل يهوذا المزيف

كاتب إنجيل يهوذا من طائفة القاينيين

الإجماع على الأناجيل الأربعة منذ أيام الرسل

المسيحية بُنِيَت على شهادة الأنبياء

نبوات عن يهوذا الإسخريوطي

إنتحار يهوذا إسخريوطي يثبت أنه لم يكتب إنجيل

هل سيدمر كتاب إنجيل يهوذا الإسخريوطي
المسيحية؟!

 

إنجيل يهوذا المزعوم:

ظهر فى الآونة الأخيرة مخطوط على ورق البردى
مكتوب عليه باللغة القبطية اسم إنجيل يهوذا. وهذا الموضوع أثار ضجة كبيرة لذلك
نحتاج إلى توضيح بعض الأمور التى تخصه.

كُتب إنجيل يهوذا فى منتصف القرن الثانى
الميلادى باللغة اليونانية. وقد تم العثور على نسخة من هذا الإنجيل فى جبل كرارة
بجانب المنيا فى صعيد مصر، بطريق الصدفة. وهذه النسخة التى تم العثور عليها مكتوبة
على ورق البردى باللغة القبطية وترجع لعام 300م، وهى ليست النسخة الأصلية، لكنها
النسخة الوحيدة الموجودة فى العالم حالياً. هذه النسخة بها كثير من الأجزاء
المفقودة، وهى متهالكة تماماً. لكن فى نهايتها مكتوب بوضوح باللغة القبطية عبارة
“إنجيل يهوذا”.

 

صدرت كثير من الكتب فى الخارج عن هذا المكتشف،
وقد حصلت على البعض منها. من ضمن هذه الكتب كتاب بعنوان
The Lost Gospel أى “الإنجيل المفقود”. كاتب هذا الكتاب لا يؤيد إنجيل
يهوذا أو يعتبره إنجيلاً حقيقياً، لكنه يتحدث من الناحية التاريخية والعلمية ويترك
للقارئ اختيار الاتجاه الذى يناسبه. وعلى غلاف نفس الكتاب مكتوب أيضاً
The Quest for The Gospel of Judas Iscariot بمعنى “حول إنجيل يهوذا الإسخريوطى”. أى أن الكتاب يشمل
المناقشات والحوارات والتساؤلات حول هذا الموضوع.

 

هناك كتاب آخر على سبيل المثال باسم The Gospel of Judas أى “إنجيل يهوذا” . وهذا الكتاب ليس له إتجاه علمى مجرد
لكنه يميل إلى رفض كتاب “إنجيل يهوذا” وإثبات أنه غير صحيح.

 

حينما نقول أن هذا الإنجيل هو غير صحيح لا نقصد
بذلك أن المخطوط ملفق فى هذه الأيام أو أنه ليس مخطوطاً أثرياً. هو مخطوط قديم وهو
حقاً قديم، ومكتوب باللغة القبطية، لكن كاتبه ليس هو يهوذا الإسخريوطى.

 

237- كيف يكون يهوذا هو كاتبه؟!

كيف يكون يهوذا الإسخريوطى هو الذى كتبه ويهوذا
كان قد انتحر بعد أن سلم السيد المسيح؟ فمتى كتبه؟ خاصة أنه كتب عن الساعات
الأخيرة التى سبقت الصلب.

 

مشكلة هذا الإنجيل المزعوم هى أن كاتبه يدَّعى
أن يهوذا كان قد أخذ أمراً من السيد المسيح نفسه بأن يسلمه وقال له يسوع أنه سوف
يكون ملعوناً من الناس لكنه سوف يسيطر عليهم وفى النهاية سوف يأخذ أمجاداً عظيمة
لأنه سيعمل عملاً كبيراً وهو أنه سيضحى بيسوع وبذلك تتم ذبيحة الفداء. وبذلك يكون
قد عمل عملاً عظيماً هو أنه أى يهوذا صار هو السبب فى خلاص البشرية.

 

يدَّعى الكاتب أن يسوع قال ليهوذا أنه سوف يتخطى
التلاميذ جميعاً ويتفوق عليهم جميعاً لأنه سوف يضحى بالإنسان الذى يلبسه. هذا نص
ورد فى إنجيل يهوذا، ولدينا النص الكامل المترجم من القبطية إلى الإنجليزية لهذا
الإنجيل.

 

238- فقرات من إنجيل يهوذا المزيف

لا يتسع الوقت لقراءة النص الكامل لهذا الإنجيل
لذلك سوف نورد فقرات نشرت عن إنجيل يهوذا فى جريدة
The Sydney Morning Herald التى أخذت منا حديث أو مقالة حول هذا الموضوع أثناء وجودنا فى
سيدنى ونشرته فى يوم 7 أبريل عام 2006 على الصفحة الأولى وعلى صفحة 11. وما نشر هو
بعض مقتطفات من أهم ما ورد فى هذا الإنجيل المزعوم. فقد ورد على سبيل المثال
العبارة التالية على لسان يسوع ليهوذا:

 You will exceed all of them. For you will sacrifice the man that clothes me.

وترجمته: “أنك سوف تتفوق عليهم جميعاً
(الآباء الرسل) لأنك سوف تضحى بالإنسان الذى ألبسه”.

هذا طبعاً كلام فيه سخف ولا يليق. فنحن لا نقول
أن المسيح يلبس إنساناً لكننا نقول إن الكلمة تجسد وأن لاهوته اتحد بناسوته.
وتعبير “الإنسان الذى ألبسه” هو تعبير غير سليم.

 

البعض يقولون إنه إنجيل حقيقى.. هذا الإنجيل لا
ينكر أن يسوع صلب. فهو ليس ضد فكرة صلب يسوع، لأن يسوع يقول ليهوذا سوف “تضحى
بالإنسان الذى ألبسه” أى تقدم ذبيحة هى هذا الإنسان.

 

هناك فقرة أخرى يقول يسوع فيها ليهوذا:

You
will be cursed by the other generations and you will come to rule over them
.

وترجمته: “أنك سوف تلعن فى الأجيال الأخرى
لكنك سوف تتمكن من أن تحكمها”.

 

فى موضع آخر أخذه يسوع على حدة وقال له:

Step
away from the others and I shall tell you the mysteries of the kingdom. It is
possible for you to reach it, but you will grieve a great deal
.

وترجمته: “تعالَ بعيداً عن الآخرين وأنا
سوف أخبرك بأسرار المملكة. أنت تستطيع أن تصل إليها لكنك سوف تحزن كثيراً”.

 

وكأنه يقول له ابتعد عن باقى التلاميذ لأنهم لا
يفهمون شيئاً، وتعال أنت الذى سوف تفهم أسرار الملكوت، لأنك تقدر أن تصل إليها،
وإن كنت سوف تحزن كثيراً. ما هو هدف كاتب كتاب كل هدفه هو أن يخرج بيهوذا وكأنه
بطل ضحى بالمسيح؟

 

239- كاتب إنجيل يهوذا من طائفة القاينيين

الكاتب فى الحقيقة هو من طائفة غنوسية اسمها
طائفة القاينيين
Canians، وأصحاب هذه الطائفة يدافعون عن قايين ابن آدم الذى قتل أخاه
هابيل ويبررونه ويبرئونه، كما يبرئون السادوميين أى أهل سدوم وعمورة الذين عاشوا
فى أيام نوح وكانوا يمارسون الشذوذ الجنسى. ويبرئون قورح وداثان وأبيرام الذين
قدموا ناراً غريبة فى أيام موسى النبى فانشقت الأرض وابتلعتهم أحياء ونزلوا أحياء
إلى الهاوية، لأنهم كانوا ينافسون هارون الكاهن فى كهنوته والله هو الذى اختار
هارون. كما قاموا بعمل ثورة ضد موسى النبى. وهم يبرئون عيسو الذى باع البكورية
لأجل أكلة عدس، والمعروف أن يعقوب هو الذى أخذ البركة.. تبرئة قايين.. تبرئة عيسو..
تبرئة السادوميين.. تبرئة قورح وداثان وأبيرام.. كل مجرم أو شرير أو قاتل أو منحرف
فى تاريخ البشرية يثبتون أنه بطل وأن الذين حكموا عليه أو أدانوه هم المخطئين.

 

إنجيل يهوذا مملوء بالهزء والسخرية على تلاميذ
المسيح الأحد عشر الباقين. بمعنى أن المسيح اختار اثنى عشر تلميذاً لم يخرج منهم
سوى واحد فقط صالح.. هل هذا يعقل؟!!! السيد المسيح قال “أَجَابَهُمْ يَسُوعُ:
أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ الاِثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ
شَيْطَانٌ! قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ لأَنَّ هَذَا كَانَ
مُزْمِعاً أَنْ يُسَلِّمَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ” (يو 6: 70-71).
لكن هل يعقل أن يختار أحد عشر من الفاشلين وواحد فقط صالح؟!؟ فما الداعى لهم
إذن؟!؟

 

لكنه اختار يهوذا مع جملة الاثنى عشر لكى يرينا
ما الذى يعمله الخائن، ولكى يكون هذا هو الدور الذى يقوم به، مع أن المسيح لم
يدفعه لذلك بل عاتبه بقوله: “إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ
مَكْتُوبٌ عَنْهُ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ
ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْراً لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ” (مت
26: 24).

 

الغنوسيون لم يقوموا بكتابة إنجيل يهوذا فقط
لكنهم كتبوا إنجيل فيلبس وإنجيل بطرس وإنجيل المصريين وإنجيل مريم وإنجيل أعمال
الرسل وكتبوا كثير من الكتب التى قد تصل إلى خمسين كتاباً وادعوا أنها أسفار مقدسة
أو أناجيل. إلا أن القديس إيرينئوس حوالى عام 180م كتب عن هذا الإنجيل وقال إنه
إنجيل مملوء بالخرافات التاريخية
fictitious
history
أى تاريخ خرافى. وقال إن
الكنيسة لم تقبل سوى أربعة أناجيل فقط هى: متى ومرقس ولوقا ويوحنا . وقد كتبت هذه
الأناجيل حسب ما هو مقرر تاريخياً بحسب رأى العلماء بين عامى 65 و95م. ولدينا
بالفعل نسخة من إنجيل يوحنا ترجع إلى حوالى 200م وقصاصات من إنجيل يوحنا من عام
125م.

 

أما عن إنجيل يهوذا فليس لدينا شئ منه قبل عام
300م. والنسخة الوحيدة هى الترجمة القبطية التى تم العثور عليها مؤخراً. والمعروف
أن زمن كتابة هذا الإنجيل المزعوم لا يتخطى إلى الوراء عام 150م. أما الأناجيل
المعروفة فكتبت بين عامى 65 و95م.

 

240- الإجماع على الأناجيل الأربعة منذ أيام
الرسل

لكن على العموم فى وسط هذا التشويش ألا يجب أن
تكون هناك مرجعية نحتكم إليها؟ فما هى المرجعية التى نحتكم إليها؟

 

جاءنا من يقول إن هذا إنجيل ونحن معنا ما نقول
إنه إنجيل.. فما المرجعية؟ المرجعية هى الكتاب المقدس بأكمله. فالكتاب يقول
“إِنَّ شَهَادَةَ يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ” (رؤ19: 10). ومكتوب
“مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ
الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ” (اف2: 20). هل المسيحية جاءت من
فراغ؟ أم كما رأينا فى سفر إشعياء الأصحاح 53 كثير من الأمور الخاصة بالسيد المسيح
وردت فى نبوة إشعياء. بل أن كل أسفار العهد القديم تشهد للسيد المسيح، تشهد عن
ميلاده، وعن مذبحة أطفال بيت لحم، وعن ميلاده فى بيت لحم، وعن مجيئه إلى مصر، وعن
مقبرة الفخارى إلخ.

 

يجب أن يكون هناك مبدأ وهو أنه حينما تكثر
الأناجيل نحن نحتكم إلى الإجماع. والإجماع شئ هام جداً.. فقد أجمعت الكنائس أن هذه
الأربعة أناجيل هى الأناجيل الحقيقية وهذا الإجماع تسلسل منذ أيام الرسل إلى
أيامنا هذه. لم يحدث أنه كان هناك إجماع على شئ قبل مجمع نيقية وانقلب إلى إجماع
مضاد بعد مجمع نيقية. حتى أن أريوس نفسه الذى أنكر ألوهية المسيح وتم حرمه فى مجمع
نيقية لم يدّعِ أن هناك إنجيلاً آخر غير الأربعة أناجيل المعروفة . ولم يدّعِ
أريوس أن الأناجيل الأربعة بها أى تزوير، بل استخدم نفس الآيات التى استخدمها
الآباء أيضاً فى الرد عليه أو فسروا الآيات التى أساء تفسيرها أو استخدموا آيات
أخرى حاول هو أن يتحاشاها. لكنه لم يدّعِ أنها ليست موجودة. كما أن الآيات التى
استخدمها لم تحذف من الأناجيل، ولازالت موجودة إلى اليوم, ومع أنه أساء تفسيرها،
إلا أن الكنيسة استبقتها كما هى إلى اليوم لأنه لا يمكنها أن تغير شئ. إذن الاجماع
منذ أيام الرسل إلى يومنا هذا هو على الأربعة أناجيل.

هناك أيضاً عملية البحث فى أقدم المخطوطات.

 

241- المسيحية بُنِيَت على شهادة الأنبياء

هناك عمود فقرى فى المسيحية وهو أن المسيحية لم
تأت من فراغ لكنها بنيت على شهادة الأنبياء قبل مجيئ المسيح بمئات أو آلاف السنين.
هناك ما لا يقل عن أربعة آلاف سنة من الرموز والنبوات وسجلت فى التوراة وما بعدها
حوالى 1600 سنة قبل السيد المسيح. فشهادة هذه الأسفار للسيد المسيح لا يمكن
تغافلها خاصة أنها تذكر بدقة أحداثاً حدثت بعد أن قيلت هذه النبوات بآلاف السنين
أو على الأقل مئات السنين.

 

242- نبوات عن يهوذا الإسخريوطي

هل أمر المسيح يهوذا أن يسلمه؟ هل يهوذا خائن أم
أنه غير خائن؟

هذه نقطة الاختلاف..

 

هنا وأطرح التساؤل التالى أمام الجميع: هل عند
أحد ما يثبت من أسفار العهد القديم أن المسيح يأمر يهوذا أن يسلمه؟

 

طبعاً الكل سيجيب بالنفى لكن على أى حال السؤال
مطروح لكل من يحب أن يتبرع بالإجابة فيما بعد..

 

السؤال المناظر فى الاتجاه الآخر: هل توجد فى
العهد القديم نبوات تؤكد أن يهوذا خان السيد المسيح؟

 

هذا ما يجب أن نراه الآن لكى نحسم هذه القضية..

 

فلنبدأ بسفر المزامير ونرى الاقتباسات التى تشير
إلى يهوذا الإسخريوطى، وإن قيل لنا ما الذى يثبت أنها تشير إلى يهوذا نرد بقولنا
عمن تشير إذن إن لم تكن تشير إلى يهوذا..

 

مزمور 41: 9 “رَجُلُ سَلاَمَتِي الَّذِي
وَثَقْتُ بِهِ آكِلُ خُبْزِي رَفَعَ عَلَيَّ عَقِبَهُ!” هنا يتكلم عن شخص
واحد محدد خانه وليس إحدى عشر.

 

مزمور 55: 12-14 “لأَنَّهُ لَيْسَ عَدُوٌّ
يُعَيِّرُنِي فَأَحْتَمِلَ. لَيْسَ مُبْغِضِي تَعَظَّمَ عَلَيَّ فَأَخْتَبِئَ
مِنْهُ. بَلْ أَنْتَ إِنْسَانٌ عَدِيلِي إِلْفِي وَصَدِيقِي. الَّذِي مَعَهُ
كَانَتْ تَحْلُو لَنَا الْعِشْرَةُ. إِلَى بَيْتِ اللهِ كُنَّا نَذْهَبُ فِي
الْجُمْهُورِ.”

 

لأنه أحد تلاميذى لذلك أنا أحزن. هو عتاب مملوء
بالأسى والحزن.

 

وقال فى مزمور 55 أيضاً “أَلْيَنُ مِنَ
الزَّيْتِ كَلِمَاتُهُ وَهِيَ سُيُوفٌ مَسْلُولَةٌ” (مز 55: 21).

 

هذه المزامير هى لداود، هناك مزامير كتبها آخرون
لكن هذه المزامير هى لداود ونحن نعلم أن المسيح هو ابن داود لذلك فإن مزامير داود
لها صدى معين.

 

فى المزمور 109: 6-21 وردت نبوة عن شخص أنا لم
أرَ الكتاب المقدس كله إلى زماننا الحاضر يتكلم باشمئزاز عن إنسان عاش أكثر من هذا
الكلام الذى ورد عن هذا الإنسان. هنا الابن يكلم الآب قائلاً:

 

“فَأَقِمْ أَنْتَ عَلَيْهِ شِرِّيراً
وَلْيَقِفْ شَيْطَانٌ عَنْ يَمِينِهِ. إِذَا حُوكِمَ فَلْيَخْرُجْ مُذْنِباً
وَصَلاَتُهُ فَلْتَكُنْ خَطِيَّةً. لِتَكُنْ أَيَّامُهُ قَلِيلَةً وَوَظِيفَتُهُ
لِيَأْخُذْهَا آخَرُ. لِيَكُنْ بَنُوهُ أَيْتَاماً وَامْرَأَتُهُ أَرْمَلَةً.
لِيَتِهْ بَنُوهُ تَيَهَاناً وَيَسْتَعْطُوا وَيَلْتَمِسُوا خَيْراً مِنْ
خِرَبِهِمْ. لِيَصْطَدِ الْمُرَابِي كُلَّ مَا لَهُ وَلْيَنْهَبِ الْغُرَبَاءُ
تَعَبَهُ. لاَ يَكُنْ لَهُ بَاسِطٌ رَحْمَةً وَلاَ يَكُنْ مُتَرَئِفٌ عَلَى
يَتَامَاهُ. لِتَنْقَرِضْ ذُرِّيَّتُهُ. فِي الْجِيلِ الْقَادِمِ لِيُمْحَ
اسْمُهُمْ. لِيُذْكَرْ إِثْمُ آبَائِهِ لَدَى الرَّبِّ وَلاَ تُمْحَ خَطِيَّةُ
أُمِّهِ. لِتَكُنْ أَمَامَ الرَّبِّ دَائِماً وَلْيَقْرِضْ مِنَ الأَرْضِ
ذِكْرَهُمْ. مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنْ يَصْنَعَ رَحْمَةً بَلْ
طَرَدَ إِنْسَاناً مِسْكِيناً وَفَقِيراً وَالْمُنْسَحِقَ الْقَلْبِ لِيُمِيتَهُ.
وَأَحَبَّ اللَّعْنَةَ فَأَتَتْهُ وَلَمْ يُسَرَّ بِالْبَرَكَةِ فَتَبَاعَدَتْ
عَنْهُ. وَلَبِسَ اللَّعْنَةَ مِثْلَ ثَوْبِهِ فَدَخَلَتْ كَمِيَاهٍ فِي حَشَاهُ
وَكَزَيْتٍ فِي عِظَامِهِ. لِتَكُنْ لَهُ كَثَوْبٍ يَتَعَطَّفُ بِهِ
وَكَمِنْطَقَةٍ يَتَنَطَّقُ بِهَا دَائِماً. هَذِهِ أُجْرَةُ مُبْغِضِيَّ مِنْ
عِنْدِ الرَّبِّ وَأُجْرَةُ الْمُتَكَلِّمِينَ شَرّاً عَلَى نَفْسِي”.

 

هو يتكلم هنا عن شخص محدد وليس فئة من الناس .
هذا الشخص سيأخذ وظيفته آخر، وقد استخدم بطرس الرسول هذا المزمور فى أقواله عن
يهوذا. ويقول “لا يكن مترائف على يتاماه” مع أن الله هو الذى أوصى
باليتيم والأرملة. لكن لأن أولاد هذا الشخص سيكونون خونة وسارقون مثل أبيهم لذلك
ليس لهم رحمة عند الله ولا عند البشر.

 

إن قال أحد أن الكلام على شاول الملك فإننا نعرف
جيداً أن الكلام لا ينطبق على شاول لأن داود بحث عمن فى ذرية شاول لا يزال حياً
حتى يصنع معه معروفاً من أجل يوناثان ابن شاول فوجد ابناً ليوناثان فأحسن إليه
وكان يأكل على مائدة الملك. إذن الكلام لا ينطبق على شاول.

 

ثم يقول المزمور “لِيُذْكَرْ إِثْمُ
آبَائِهِ لَدَى الرَّبِّ وَلاَ تُمْحَ خَطِيَّةُ أُمِّهِ” فما ذنب أمه؟”
ذنبها أنها لم تعرف كيف تربيه ربته على الشرقة فكان يسرق الصندوق وكان خائناً.

 

ويكمل المزمور ” بَلْ طَرَدَ إِنْسَاناً
مِسْكِيناً وَفَقِيراً وَالْمُنْسَحِقَ الْقَلْبِ لِيُمِيتَهُ” والمقصود هنا
هو السيد المسيح الذى قال عنه الكتاب “طوبى لمن يتعطف على المسكين” (مز
1)

 

“وَلَبِسَ اللَّعْنَةَ مِثْلَ ثَوْبِهِ
فَدَخَلَتْ كَمِيَاهٍ فِي حَشَاهُ وَكَزَيْتٍ فِي عِظَامِهِ.” هذه أصعب عبارة
لأنها تقول أن اللعنة دخلت مثل الزيت فى عظامه، إما بمعنى أنها تخللت عظامه أو
تشعبت فيها أو أن النخاع وهو مادة دهنية أصبح هو اللعنة والمعروف أن النخاع هو
الذى يُنتج كرات الدم، بمعنى أنه صار فى داخله مصنع لعنة.

 

ثم نأتى إلى سفر زكريا الذى ورد فيه ما يلى
بخصوص الثمن الذى ثمنوا به المثمن:

 

“فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنْ حَسُنَ فِي
أَعْيُنِكُمْ فَأَعْطُونِي أُجْرَتِي وَإِلاَّ فَامْتَنِعُوا. فَوَزَنُوا
أُجْرَتِي ثَلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ. فَقَالَ لِي الرَّبُّ: أَلْقِهَا إِلَى
الْفَخَّارِيِّ الثَّمَنَ الْكَرِيمَ الَّذِي ثَمَّنُونِي بِهِ. فَأَخَذْتُ
الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ وَأَلْقَيْتُهَا إِلَى الْفَخَّارِيِّ فِي بَيْتِ
الرَّبِّ” (زك 11: 12-13).

 

دعونا نسترجع ما ورد فى الإنجيل بحسب معلمنا متى
عن هذا الأمر:

 

“حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي
أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ نَدِمَ وَرَدَّ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ
إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ. قَائِلاً: قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ
سَلَّمْتُ دَماً بَرِيئاً. فَقَالُوا: مَاذَا عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ!
فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ.
فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ وَقَالُوا: لاَ يَحِلُّ أَنْ
نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ. فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا
بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً لِلْغُرَبَاءِ.لِهَذَا سُمِّيَ ذَلِكَ
الْحَقْلُ حَقْلَ الدَّمِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ. حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ
بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ: وَأَخَذُوا الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ ثَمَنَ
الْمُثَمَّنِ الَّذِي ثَمَّنُوهُ مِنْ بَنِي إسرائيل. وَأَعْطَوْهَا عَنْ حَقْلِ
الْفَخَّارِيِّ كَمَا أَمَرَنِي الرَّبُّ” (مت 27: 3-7).

 

لنا هنا وقفة هامة. فقط نريد أن نوضح أولاً
لماذا قال “كما قيل بأرميا النبى” وليس زكريا النبى؟ هذا لأن سفر أرميا
النبى كان يتبعه أسفار الأنبياء الصغار، ولما كانوا يجمعونهم إلى كتاب واحد كان
سفر أرميا يرد فى البداية، فمن يفتح الكتاب كان يجد سفر أرميا أولاً ثم فى نهايته
وبعد المراثى تأتى أسفار الأنبياء الصغار فكان يطلق اسم ارميا على الكتاب ككل، وإن
كانت به أسفار أخرى تحمل أسماء أنبياء آخرين. وإلى هذا اليوم البعض يسمّون العهد
القديم كله بالتوراة وهى تسمية مشهورة مع أن التوراة هى أسفار موسى الخمسة فقط.
هذه نقطة لا خلاف عليها لكن أوردناها هنا للتوضيح.

 

ما نريد أن نقف عنده هنا هو أنه قد يقول لنا
قائل أن متى الإنجيلى من الممكن أن يكتب ما يعجبه لأنه مغتاظ من يهوذا. لكن
المكتوب هو “لذلك سمى هذا الحقل حقل دم إلى هذا اليوم” أى أنه فى اليوم
الذى كتب فيه متى إنجيله كان لازال الحقل يدعى حقل دم. وإن كان هذا المكتوب غير
صحيح لاعترض اليهود عليه قائلين أين هو حقل الدم هذا؟! ومعنى عبارة “إلى هذا
اليوم” أولاً هو أن هذا الإنجيل كُتب فى وقت قريب جداً من الأحداث، وثانياً
أنه على الأقل الناس الأحياء إلى وقت كتابة هذا الإنجيل كانوا يعلمون قصة حقل الدم
هذا ولم يعترضوا عليها.

 

ومن الناحية التكتيكية للموضوع فإن ذكر عبارة
“إِلَى هَذَا الْيَوْمِ” تفيد كثيراً جداً، ومعناها أن الكاتب واثق من
أن القارئ اليهودى فى ذلك الحين لا يقدر أن يطعن فيما كتبه. وكذلك عند ذكره لأحداث
قيامة السيد المسيح قال “فَشَاعَ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْيَهُودِ إِلَى
هَذَا الْيَوْمِ” (مت 28: 15). فذكره عبارة “إِلَى هَذَا
الْيَوْمِ” تجعل اليهود لا يقدرون أن ينكروا الحدث لأنن ثابت ومشهور. هذا
البعد المنطقى فى الجدل حول القضية لا يمكن إغفاله إطلاقاً.

 

243- إنتحار يهوذا إسخريوطي يثبت أنه لم يكتب
إنجيل

حقيقة أن اليهود لم ينكروا حدث انتحار يهوذا
وحقل الدم قد أكدها سفر الأعمال بصورة أوضح فقال:

“وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ قَامَ بُطْرُسُ
فِي وَسَطِ التَّلاَمِيذِ وَكَانَ عِدَّةُ أَسْمَاءٍ مَعاً نَحْوَ مِئَةٍ
وَعِشْرِينَ. فَقَالَ: أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ
يَتِمَّ هَذَا الْمَكْتُوبُ الَّذِي سَبَقَ الرُّوحُ الْقُدُسُ فَقَالَهُ بِفَمِ
داود عَنْ يَهُوذَا الَّذِي صَارَ دَلِيلاً للَّذِينَ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ.
إِذْ كَانَ مَعْدُوداً بَيْنَنَا وَصَارَ لَهُ نَصِيبٌ فِي هَذِهِ الْخِدْمَةِ.
فَإِنَّ هَذَا اقْتَنَى حَقْلاً مِنْ أُجْرَةِ الظُّلْمِ وَإِذْ سَقَطَ عَلَى
وَجْهِهِ انْشَقَّ مِنَ الْوَسَطِ فَانْسَكَبَتْ أَحْشَاؤُهُ كُلُّهَا. وَصَارَ
ذَلِكَ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أورشليم حَتَّى دُعِيَ ذَلِكَ
الْحَقْلُ فِي لُغَتِهِمْ حَقْلَ دَمَا. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ المزامير: لِتَصِرْ
دَارُهُ خَرَاباً وَلاَ يَكُنْ فِيهَا سَاكِنٌ وَلْيَأْخُذْ وَظِيفَتَهُ
آَخَرُ” (أع1: 15-20).

 

يبدو أن يهوذا عندما شنق نفسه أو سقط من فوق
الجبل وقع على صخرة حادة فشقت بطنه فخرجت أحشاؤه خارجاً.

 

ما يهمنا فى هذه الفقرة جداً هو عبارة
“وَصَارَ ذَلِكَ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أورشليم”. إذن قصة
انتحار يهوذا عرفها الكل، وهذا الكلام قيل بعد قيامة المسيح من الأموات وصعوده إلى
السموات مباشرة، حيث كانت هذه الحادثة حديثة الزمن جداً. وبغض النظر، فإنه عندما
يذكر سفر الأعمال على فم بطرس الرسول هذه العبارة “وَصَارَ ذَلِكَ مَعْلُوماً
عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أورشليم” فإن لم تكن هذه حقيقة واقعة لاعترض بشدة
سكان أورشليم الذين كان أغلبهم وقتئذ من اليهود.

 

هذا الكلام كُتب ما بين سنة 65م- 95م، واستشهد
بطرس الرسول سنة 68 م، ولكن فلنفرض فرضاً أن هذا الكلام كُتب سنة 200 م، وهو ما لم
يحدث لكن فلنفترض ذلك فرضاً، فإن لم يكن حقيقى لاعترض يهود العالم كله على كلام
بطرس الرسول واحتجوا بأنه هذه الأمور لم تصل إلى مسامعهم مطلقاً. أين يوسيفوس
المؤرخ اليهودى؟!، أين فيلو الفيلسوف اليهودى؟! لم يعترض أحد من مؤرخى اليهودى
قائلاً أن المدون فى أسفار العهد الجديد لم يحدث.

 

الشئ الوحيد الذى يحيّر اليهود إلى يومنا هذا هو
قيامة السيد المسيح. فالسيد المسيح عندما قام ظهر لتلاميذه وللمؤمنين فقط، لأن
رؤية المسيح القائم من الأموات هى معاينة للحياة الأبدية. لذلك فإن حدث القيامة
إلى الآن هو ما لا يمكن تصديقه بالنسبة لليهود. لكنهم لا ينكرون أنهم قد صلبوا
السيد المسيح، ولا ينكرون أنه قد صُلب، ولا ينكرون أن يهوذا انتحر، وهنا مربط
الفرس.. فأين فى تأريخ اليهود قولهم أن يهوذا لم ينتحر؟!.. لا يوجد.. وبالتالى
فإنه لم يكتب إنجيل!!..

 

وأنا أركز هنا على قوله: “وَصَارَ ذَلِكَ
مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أورشليم حَتَّى دُعِيَ ذَلِكَ الْحَقْلُ فِي
لُغَتِهِمْ حَقْلَ دَمَا”.

 

إننا نربط نبوة زكريا النبى بما ورد فى إنجيل
متى وسفر أعمال الرسل. ومن الناحية المنطقية نجد عبارتين محوريتين واحدة فى إنجيل
متى والثانية فى سفر أعمال الرسل: “لِهَذَا سُمِّيَ ذَلِكَ الْحَقْلُ حَقْلَ
الدَّمِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ” (مت27) وعبارة “إلى هذا اليوم” هنا
تؤكد أيضاً أن متى الإنجيلى كتب إنجيله قبل خراب أورشليم لأن اليهود بعد خراب
أورشليم لم يكونوا فى أورشليم. أما إذا كتب هذا الكلام فى أى زمن آخر ولم يكن
حقيقى لاعترض اليهود المتفرقين فى العالم بأنه لم يسبق لهم سماع هذا الكلام، إلا
أن أحداً لم يقل ذلك. أما العبارة المحورية الثانية فهى الواردة فى سفر أعمال
الرسل “وَصَارَ ذَلِكَ مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ
أُورُشَلِيمَ” (أع 1).

 

إذن ما كتبه متى فى إنجيله، وما كتبه لوقا فى
سفر أعمال الرسل على لسان بطرس ومستنداً فى كلامه إلى نبوات قيلت فى المزامير مثل
“لتصر داره خراباً وليأخذ وظيفته آخر” وما قيل بالنبى بخصوص حقل الفخارى،
يؤكد أن كتبة العهد الجديد ليسوا أناساً يقصون قصة. فالواحد يقول أن كل الناس
يعلمون ما أقوله والآخر يقول إن ما يدونه يعلمه الكل إلى هذا اليوم.

 

واليهود بالمرصاد لكل شخص فى المسيحية. ومن
المعروف أن أول من اضطهد المسيحيين هم اليهود. ولذلك يقول القديس بولس الرسول عن
اليهود فى رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكى “..اليهود الَّذِينَ قَتَلُوا
الرَّبَّ يَسُوعَ وَأَنْبِيَاءَهُمْ، وَاضْطَهَدُونَا نَحْنُ (الرسل). وَهُمْ
غَيْرُ مُرْضِينَ لِلَّهِ وَأَضْدَادٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ يَمْنَعُونَنَا عَنْ
أَنْ نُكَلِّمَ الأُمَمَ لِكَيْ يَخْلُصُوا حَتَّى يُتَمِّمُوا خَطَايَاهُمْ كُلَّ
حِينٍ. وَلَكِنْ قَدْ أَدْرَكَهُمُ الْغَضَبُ إِلَى النِّهَايَةِ” (1تس 2: 14-16).

 

وعبارة “أضاد لجميع الناس” تعنى أنه
حتى اليهود الذين هم خارج اليهودية أضداد لجميع الناس فى أنحاء العالم.

 

هل معنى ذلك أننا نكره اليهود؟ لا، لأن السيد
المسيح قال “أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ” (مت 5: 44). نحن نحبهم لكننا نقول
لهم أنتم مخطئون. كما أننا لا ندعو إلى استخدام العنف ضد أى إنسان فى العالم سواء
كان يهودى أو غيره. نحن ندعو إلى السلام والمحبة. إلا أن المسيحيين قد قاسوا
كثيراً جداً من اليهود الذين كانوا يقفون لهم بالمرصاد. فلا يمكن أبداً أن يترك
اليهود كتبة الأسفار يقولون “إلى هذا اليوم” أو “وَصَارَ ذَلِكَ
مَعْلُوماً عِنْدَ جَمِيعِ سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ” ولا يعترضون..

 

244- هل سيدمر كتاب إنجيل يهوذا الإسخريوطي
المسيحية؟!

نشكر الرب أن قداسة البابا شنودة الثالث مهتم
جداً بهذا الأمر حيث أن قداسته كان قد وصله 120 صفحة من أولاده فى المهجر فى هذا
الموضوع كما أعلن على أولاده فى إجتماع يوم الأربعاء. وأنا أيضاً سلمت قداسته نسخة
أخرى من كتاب إنجيل يهوذا. وقداسة البابا هو معلم المسكونة وقاضى المسكونة وهذه
ألقابه من أيام القديس أثناسيوس والقديس كيرلس ومن أيام آبائنا العظام البطاركة.

 

فأنا مطمئن جداً أنه كما وعد الرب أنه “فِي
ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ وَعَمُودٌ
لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخُمِهَا” (اش19: 19)، فقداسة البابا هو عمود الإيمان على
كرسى الأسكندرية.

 

إن موضوع إنجيل يهوذا لا يستطيع أن يخرب
المسيحية، فإن ما به ما هو إلا مجموعة من الخرافات التى لا يقبلها العقل، ولازلنا
نضع هذا التحدى فى المنطق: من الذى يستطيع أن يورد من العهد القديم أى الوحى الإلهى،
ما يثبت أن هناك نبوات تشير إلى أن السيد المسيح هو الذى سوف يجعل يهوذا
الإسخريوطى يسلمه. نحن رأينا أن ما ورد فى العهد القديم هو عكس ذلك. إن هذا الأمر
مع الأيام سوف يبين ضعف محتوى إنجيل يهوذا.

 

ما نود أن نضيفه هو أن الغنوسية هى ديانة
عقلانية تعتمد على الفكر الأفلاطونى، وأصحابها خلطوا الفلسفة الهلينية بالمسيحية
بشكل سيئ. وقد رفضت الكنيسة هذه الكتابات الغنوسية وأدانتها واعتبرتها هرطقات. هذا
الإنجيل لا يستطيع أن يدَّمر المسيحية مطلقاً لأن المسيحية مبنية على صخر الدهور
لأن الرب قد وعد وقال “وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ
وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ
تَقْوَى عَلَيْهَا” (مت 16: 18).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى