علم المسيح

أهمية الإيمان بألوهية المسيح



أهمية الإيمان بألوهية المسيح

أهمية
الإيمان بألوهية المسيح

يعلّم
الكتاب المقدس ألوهية المسيح بجلاء ووضوح. وهذا الأمر مفروغ منه بالنسبة لكل من
يؤمن أن الكتاب هو كلمة اللّه. لا يوجد مجال للجدل في أنّ يسوع المسيح عرّف نفسه
في الإنجيل على أنه اللّه المتجسد. ومن المؤكد أن البشر الذين اختارهم اللّه
لتدوين سجلات العهد الجديد كانوا يتمسكون بهذه الحقيقة الهامة والسامية، ولم
يترددوا في عبادة المسيح كاللّه. ثم أن الكنيسة المسيحية عبر العصور بكافة طوائفها
تمسكت بألوهية المسيح الذي تتعبَّد له. هذا واضح من كافة السجلات العقائدية، من
قوانين الإيمان إلى الترانيم الروحية والكتابات التعبُّدية. ففي كتابات وسجلات كل
جيل وقرن نجد أن التمسّك بألوهية المسيح هو عقيدة كل من قرأوا سجلات الوحي الإلهي
وتبنّوا تعاليمها.

 

إن
إنكار ألوهية المسيح واعتباره مجرد معلّم أو نبي عظيم، يتناقض مع مضمون الوحي
الإلهي. فإنكار تعاليم الوحي الإلهي يبعد الإِنسان عن منبع الحكمة والحق، ويدفعه
إلى تفاسير عقلانية سطحية لأمور لا يمكن فهمها إلاّ بالحكمة الروحية التي أوحى بها
اللّه. فالحياة كل الحياة تكمن في هذا الإدراك الروحي، والاعتراف المخلص بألوهية
الفادي. هذه هي الحياة الأبدية أن يؤمن البشر بالمسيح المخلّص. إن عدم وجود هذا
الإيمان الكتابي بالمسيح يقود إلى موت روحي أبدي. المسيح هو الحياة، ولذلك فإن
«اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَٱلَّذِي لا
يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ
ٱللّٰهِ» (يوحنا 3: 36).

 

التمسُّك
بألوهية المسيح حسب تعليم الكتاب المقدس أمر ضروري للغاية، بحيث يُعتبر المقياس
الأساسي للتمييز بين الحق والباطل، وهذا ما يوجّه انتباهنا إليه الرسول يوحنا في
قوله: «أَيُّهَا ٱلأَحِبَّاءُ، لا تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ
ٱمْتَحِنُوا ٱلأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ ٱللّٰهِ؟ لأنَّ
أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إِلَى ٱلْعَالَمِ… وَكُلُّ
رُوحٍ لا يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي
ٱلْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ ٱللّٰهِ. وَهٰذَا هُوَ رُوحُ
ضِدِّ ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَٱلآنَ
هُوَ فِي ٱلْعَالَمِ» (رسالة يوحنا الأولى 4: 1 – 3).

 

يشدد
الرسول بولس على العقيدة الكتابية الصحيحة بقوله: «وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ
يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلا بِٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ» (1 كورنثوس 12:
3). ومعنى هذا: إن الذي استنار من الروح القدس يعترف بالمسيح يسوع كربّ ومخلّص،
لأنه آمن بألوهية المسيح. فالذي يتأمل يسوع بعينيه غير المستنيرتين من الروح القدس
لا يرى فيه سوى إنسانيته. وقد يصل إلى الإقرار بأن المسيح كان رجلاً عظيماً، وبأن
مبادئه سامية للغاية. هذا كل ما يمكن لإِنسان غير مستنير أن يراه في المسيح. لكن
ذلك غير كاف، لأنه نصف الحقيقة. وحالما يجدّد الروح القدس الإِنسان، وينير بصيرته
الروحية، يرى نفسه خاطئاً أمام اللّه، محكوماً عليه بالقصاص، ويرى في نفس الوقت
بعين الإيمان الجديدة أن يسوع المسيح هو حقاً ابن اللّه المتجسد الذي صُلب لأجل
خطاياه، وقام من الأموات، وهو جالس الآن عن يمين اللّه الآب بكل سلطان وعظمة. كتب
أحد كبار لاهوتيي القرن التاسع عشر عن هذه الحقيقة قائلاً: «كل من يؤمن أن يسوع
الناصري هو اللّه الذي ظهر في الجسد، ويحبه ويطيعه، يكون قد وُلد من اللّه. أما
الذي ينكر هذا الحق فهو ليس إلاّ عدو المسيح. من ينكر الابن ينكر الآب أيضاً.
فنكران الواحد هو نكران للآخر». وهذا ينطبق تماماً على ما أورده الوحي الإلهي على
لسان الرسول بولس عندما كتب قائلاً: «… إِنْ كَانَ إِنْجِيلُنَا مَكْتُوماً،
فَإِنَّمَا هُوَ مَكْتُومٌ فِي ٱلْهَالِكِينَ، ٱلَّذِينَ فِيهِمْ
إِلٰهُ هٰذَا ٱلدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ
ٱلْمُؤْمِنِينَ، لِئَلا تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ
ٱلْمَسِيحِ، ٱلَّذِي هُوَ صُورَةُ ٱللّٰهِ» (2 كورنثوس 4:
3، 4). وبناء على هذا التعليم فإن الهالكين هم الذين لا يرون ولا يؤمنون أن يسوع
هو اللّه المتجسد، لأن معرفة المسيح والإيمان به واضحة وجليّة. ففي الحياة مع
المسيح المجد والبركة والهناء والحيوية. من المحال أن تكون الحياة هنيئة بمعزل عن
مصدرها وبارئها. فالذي يؤمن بالمسيح يحيا إلى الأبد، لأن الإِنسان لا يحيا من
ذاته، بل المسيح هو الذي يحيا فيه. لهذا فإن حياتنا مستترة مع المسيح في اللّه،
وبذلك أصبحنا كاملين فيه لا ينقصنا شيء. فإننا بواسطة الإيمان به فقط نحصل على
الفرح الحقيقي بسبب محبته وافتدائه لنا. ويشرح الرسول بولس أهمية محبتنا للّه
فيقول: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ لا يُحِبُّ ٱلرَّبَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ
فَلْيَكُنْ أَنَاثِيمَ» (أي مرذولاً ومخذولاً) (1 كورنثوس 16: 22)، الكتاب المقدس
يشدد على أن نكران ألوهية المسيح ورفض قبوله وعدم محبته والثقة به وعبادته وخدمته
كإله، هي سبب دينونة اللّه على كل الذين يسمعون الإنجيل ويرفضونه.

 

إن
ألوهية المسيح هي واقع أرسخ من أن يُرفَض، وهي حق أخطر من أن يُنبذ بدون عقاب، لأن
الذين يؤمنون بذلك يخلصون، والذين ليس لهم عيون ليبصروا ويؤمنوا فهم بعدم إيمانهم
قد أهلكوا أنفسهم. «اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ،
وَٱلَّذِي لا يُؤْمِنُ بِٱلابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ
عَلَيْهِ غَضَبُ ٱللّٰهِ» (يوحنا 3: 36).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى