علم الكتاب المقدس

أهمية القراءة في كلمة الله



أهمية القراءة في كلمة الله

أهمية
القراءة في كلمة الله

ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله (متى
4: 4
)

النفس
الخالدة، التي قدّرها المسيح بأنها أثمن من العالم كله
(مت16: 26)، من الذي
يخبر عن مصيرها الأبدي، عما ينتظرها بعد القبر، إلا الله في الكتاب المقدس؟
فالكتاب المقدس يحتوي على فكر الله، وحالة الإنسان، وطريق الخلاص، ومكافأة
القديسين، وهلاك الخطاة.

ما
أسعد بني البشر بهذا الكتاب. فلقد تنازل الله بنفسه ليرينا الطريق إلى السماء،
وكتبه لنا في الكتاب المقدس. لكن يا للعجب، فلقد نجح الشيطان في أن يصرف أذهان
الناس عن هذا الكتاب الذي قال عنه القديس أغسطينوس بحق إنه الميقظ لمن خدرتهم
الآثام! وقديماً قال المسيح لجماعة من اليهود « أليس لهذا تضلون إذ لا
تعرفون الكتب »
(مر12: 24) كم تنطبق
هذه الكلمات اليوم على أُناس كثيرين ألقوا كلام الله خلفهم
(مز50: 17)، وبدلاً من
أن يقبلوا بوداعة الكلمة المغروسة القادرة أن تخلص نفوسهم
(يع1: 21)، فإنهم
أفسحوا المجال للشيطان في حياتهم، فجاءت طيور السماء وخطفت الكلمة المزروعة في
قلوبهم!
(مت13: 4، 19).

وكلمة
الله ليست فقط المرشد في رحلتنا للأبدية، بل إنها تعطي المؤهلات الإلهية
لهذه الأبدية؛ إذ بها تولد النفس الولادة الثانية
(إش55: 10،
11، يو3: 5، يع1:
18، 1بط1: 23)، وبها
تتحكم للخلاص
(2تى3: 15)، وبها
يتغير مسار الإنسان
(مز19: 7) وبدون ذلك
لا يمكن لأحد أن يرى أو يدخل ملكوت الله.

الكلمة تكشف للنفس حقيقة حالتها وخرابها، فتقودها إلى إدانة الذات
والاعتراف بالخطايا في محضر الله. وإذ تتم الولادة الجديدة تنال النفس الحياة
الأبدية.

لعل
بعضاً منا قرأ قصة نهضة الإصلاح بقيادة القديس لوثر، وكيف أنها اشتعلت في داخله
بواسطة آية واحدة صغيرة هي « البار بالإيمان يحيا »
(رو1: 17). هذه الآية
الواحدة غيرت التاريخ والجغرافيا في العالم، بل وغيرت حياة الملايين أيضاً!

يقول
الرسول بولس «إذاً الإيمان بالخبر، والخبر بكلمة الله»
(رو10: 17). فكلمة
الله تحمل إلينا الخبر الطيب من أرض بعيدة؛ من السماء. هذا الخبر الذى هو مياه
باردة لنفس عطشانة. وهنا نحن نتذكر كلمات يوحنا بنيان الإنجليزي مؤلف الكتاب
الشهير “سياحة المسيحي” إذ قال: “يوجد رجاء لأعظم خاطئ يقرأ الكتاب
المقدس، ويوجد خطر على أعظم قديس يُهمل قراءة الكتاب المقدس”. الكتب الأخرى
قد تُسِر الذهن، لكن الكتاب المقدس وحده هو الذى يريح الضمير. فليس سوى كلمة الله
تحدثنا عن محبة الله العجيبة، الشافية للإنسان من كل أدوائه، فليس عجيباً أن نسمع
جون وسلى يقول “لقد تنازل الله بنفسه ليرينا الطريق إلى السماء وكتبه في كتاب..
آه أعطني ذلك الكتاب؛ أعطني كتاب الله ذاك بأي ثمن”.

 

لكننا
نتذكر هنا كلام أحد الحكماء قال: لو أن قصد الله من الكتاب المقدس هو أن يكون مجرد
دليل للطريق إلى السماء، إذاً لكان كتاب أصغر حجماً منه كافياً لهذا الغرض. لكن
بين أيدينا كتاب ما أنفعه لنا كما سنوضح الآن.

فالنفس
التي نالت الحياة بالكلمة، تصبح هذه الكلمة لها غذاء الحياة الجديدة. هذه
الحياة التي ليس لها من طعام أو شراب سوى المسيح كما هو مُعلن فى الكتاب المقدس
(مز1: 2، 3).

ويشبه
الرسول بطرس الشهية إلى الكلمة، والتي يجب أن تميز المؤمن فيقول « وكأطفال
مولودين الآن اشتهوا
(لبن الكلمة) العقلي
العديم الغش لكى تنموا به»
(1بط 2: 2). إن الطفل
المولود حديثاً لو قُدِمت له كل ثروات الأرض، فإنها لا تغنيه بديلاً عن لبن
أمه. هكذا يجب أن تكون أشواقنا لكلمة الله لكى نتغذى بها. لكن الكلمة ذاتها ليست
فقط لبناً يناسب الأطفال روحياً، بل إنها أيضاً خبز وطعام يناسب البالغين
(مت4: 4، عب5:
12 14
). إن سِر
الضعف لمؤمنين كثيرين في هذه الأيام هو عدم التغذى المستمر بكلمة الله. فكم ساعة
يقضيها المؤمنون فى تناول الطعام العادي، وكم ساعة يصرفونها في تناول كلمة الله.
إن الإجابة الصادقة على هذا السؤال تكشف سر ضعف الحياة الروحية لمؤمنين كثيرين
يكتفون بالقراءة السطحية للكتاب المقدس. أين نحن من أيوب الذى قال « أكثر من
فريضتي
(قوتي اليومي) ذخرت كلام
فيه »
(أى23: 12)، وهكذا
أيضاً كتب يوحنا الرسول للأحداث لأنهم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيهم
(1يو 2: 14).

وكلمة
الله لا تسد الحاجة فحسب، بل إنها تمتع وتلذذ. فهي ليست غذاء عادياً فقط بل غذاء
حلواً؛ فنقرأ أنها «أحلى من العسل وقطر الشهاد»
(مز 19: 10) نعم فهي
تمنح للنفس نشاطاً
(1صم 14: 29 وإش 50: 4)، وللفم
حلاوة
(أم16: 24 مع
رؤ10: 10
) أكثر مما
يستطيع العسل أن يفعله. لذا فقد قال إرميا « وُجد كلامك فأكلته فكان كلامك لي
للفرح ولبهجة قلبي »
(إر 15: 16).

كلمة
الله أيضاً هي نور للمؤمن « سراج لرجلي كلامك، ونور لسبيلي »
(119: 105). إن الحياة
مظلمة لكثيرين، لكن الكتاب المقدس يملأها بالنور « أنار الحياة والخلود
بواسطة الإنجيل »
(2تى1: 10). وفي عالم
تكتنفه الظلمة الروحية ويسوده الشيطان سلطان الظلمة، فإن خير دليل لنا هو كلمة
الله. يسميها المرنم « أهل مشورتي »
(مز119: 24)، فنحن ليس
لنا مصدر نستمد منه الحكم الصحيح على أى أمر من الأمور سوى « ماذا يقول
الكتاب »
(رو 4: 3). والرب
أوصى يشوع أن يتمسك تماماً للعمل بهذه الكلمة، لكى يُصلح طريقه ويُفلح
(يش 1: 7، 8).

ولا
توجد كلمة واحدة في كتاب الله إلا وتحمل لنا تعليماً وبركة. وما يبدو للبعض أنه
غير ضروري هو نافع للبعض الآخر. هناك قصة طريفة تُحكَى عن ذلك عندما سُئِل رجل
الله داربي مرة: أية خسارة كانت ستحدث لو أن الوحي لم يسجل الآية الواردة في
2تيموثاوس 4: 13 بخصوص الكتب والرقوق؟ أجاب داربي أنه هو على الأقل كان سيخسر
كثيراً. لأنه في أيام نسكه، عندما كان كاهناً في الكنيسة الأنجليكانية، فكر أن
يتخلص من مكتبته، لكن اهتمام بولس بالكتب منعه من ذلك. ونحن نعرف أنه ليس داربي
وحده استفاد من هذه المكتبة، بل مئات الآلاف من الذين قرأوا له بعد ذلك، في مختلف
بقاع الأرض.

ومن
فوائد كلمة الله أنها تطهر الحياة، وتحفظها من كل ما يغاير إرادة الله فينا
(يو 17: 17)، وهى توصف
فى مزمور 19: 8 بأنها « طاهرة». والواقع إن الشخص متى كان تحت تأثير الكتاب
المقدس لا يمكنه أن يحتضن في نفس الوقت تخيلات أو أفكاراً دنسة، ولا عجب فالكتاب
يسمى “الكتاب المقدس” وحسناً قيل: إنك إن قرأت الكتاب المقدس سيحفظك من
الخطية، وإلا فإن الخطية هي التي ستحفظك
(أي تبعدك) من هذا
الكتاب.

يقول
المرنم « بم يزكى الشاب طريقه؟
(والإجابة) بحفظه إياه
حسب كلامك »
(مز119: 9). إنها ماء
ينظف الحياة ويقول الرب يسوع لتلاميذه «أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذى كلمتكم
به»
(يو 15: 3).

وكلمة
الله ليست فقط تحفظ الحياة طاهرة
(1يو 2: 1)، بل إنها
التي يستخدمها الرب يسوع أيضاً فى خدمته الشفاعية لرد شركتنا عندما نخطئ
(يو 13: 3-7،
أف 5: 26
).

ثم
إن النفوس المنحنية والقلوب المنزعجة، ما هو علاجها؟ يقول الحكيم « الغم في
قلب الرجل يحنيه والكلمة الطيبة تفرحه »
(أم12: 25)، كم من
المرات أرسل الرب إلينا هذه الكلمة المفرحة لتعزيتنا عند المرض، ولتشجيعنا وقت
الخطر. قال هيجل فيلسوف الألمان “إن الكتاب المقدس كان لي وقت مرضى خير
معزٍ”. كما قال أيضاً هنري فان دايك “إننا في الكتاب المقدس نجد مشورة
صالحة ساعة الحيرة والتجربة، وتشجيعاً قوياً ساعة الخطر، واصطباراً جميلاً ساعة
الشدة، وتعزية سماوية ساعة الألم والحزن”.

ثم
إن الرب يستخدمه معنا لإرشادنا ساعة التجربة، ولتعضيدنا أثناء الشدة؛ فهو يعرف أن
يغيث المعيىَ بكلمة
(إش50: 4). أثناء
الحرب العالمية الثانية، وفى وقت الفراغ لأحد عمال اللاسلكي الذين كانوا يعملون
على إحدى القطع البحرية أرسل بواسطة جهازه كلمات المزمور الثالث والعشرين والتي
مطلعها « الرب راعى فلا يعوزني شئ »، وعندما أرسل آخر كلمة فى المزمور
تلقى 15 رداً يقول “آمين”. لقد كانت الكلمة لهم ملجأ وسلوى وسط الخطر.

وفى
ظروف الحزن أين نجد تعزيتنا؟ « عزوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام »
(1تس4: 15، 18). كم تكون
النفس فى هذه الظروف مستعدة بترحاب لسماع كلمة الله أكثر من أى شئ آخر. ينتهي كلام
العلماء وينخفض ضجيج المتفلسفين، ويفسح المجال لما « كُتِب لأجل تعليمنا حتى
بالصبر والتعزية بما فى الكتب يكون لنا رجاء »
(رو 15: 4).

وكلمة
الله أيضاً سيف
(أف 6: 17). ففي
حروبنا مع الشيطان حسبنا أن نتبع مثال المسيح عندما كان يجرب من إبليس. قال أحد
المؤمنين من أمريكا إنه مرة هاجمه الشيطان بتجربة وظل يحاربه لعدة ساعات، ولم يجد
أية وسيلة تبعد عنه الشيطان، رغم صلاته إلى الرب. عندئذ تذكر هذا الأخ ما فعله
الرب يسوع فى ساعة التجربة، من ثم قال « اذهب عنى يا شيطان لأنه مكتوب..»،
وقال الآية المناسبة لحالته بصوت مرتفع. يذكر الأخ أنه في الحال انفك عنه المُضايق،
وانتهت التجربة. ومن وقتها – كما يقول ذلك الأخ – اعتاد الانتصار على الشيطان بهذه
الطريقة، وأدراك معنى القول « قاوموا إبليس فيهرب منكم»
(يع 4: 7،
أنظر أيضاً 1يو2: 13، 14
).

وليس
فقط حروبنا مع الشيطان بل أيضاً مع العالم؛ مع الإنسان. فهكذا كان يفعل سيدنا
أيضاً
(يو10: 31 36). ذكر الأخ
هايكوب أحد خدام الرب من هولندا هذه الحادثة أيضاً التى حدثت معه فى بدء حياته
الروحية، عندما كان يقوم بتوزيع نبذ خلاصية فى قطار، فابتدأ أحد المسافرين، وكان
ملحداً، يحاوره فى أمر الإيمان المسيحي. عندئذٍ فتح الأخ هايكوب كتابه المقدس وقرأ
آية ترد على اعتراض ذلك الملحد. ولما فعل ذلك مرتين أو ثلاثة أجابه الملحد باحتداد:
إنني أناقشك أنت ولا أناقش الكتاب المقدس. فأجابه الأخ هايكوب بهدوء “ولكن
الكتاب المقدس وليس أنا هو الذي يستطيع أن يرد عليك”. ولما كرر هذا الأمر
أيضاً مرة أو مرتين، انصرف الرجلعنه وأخذ يقرأ في كتابكان معه، إذ شعر أنه
لا يستطيع أن يقاوم كلمة الله.

« لأن
كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح
والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته »
(عب4: 12).

 

ثم
إن لكلمة الله أهمية خاصة بالنسبة لخادم المسيح. فهذه الكلمة لن ترجع فارغة
أبداً
(إش55: 11)؛ سواء
قدرها الإنسان أو رفضها
(تث18: 18، حز2: 4،5). لكن الويل
كل الويل لمن يرفضها أو يحتقر رسالتها
(يو12: 48، 15: 22).

وهنا
نشير إلى آخر رسالة كتبها الرسول بولس وهي رسالته الثانية لتيموثاوس؛ رسالة الأيام
الأخيرة، التي فيها تركيز واضح على كلمة الله. ففي كل أصحاح من أصحاحاتها الأربعة
نجد تعليماً جميلاً عن قيمة هذه الكلمة.

ففي أصحاح 1: نجد التمسك المطلق بالكلمة (ع13).

وفى أصحاح 2: نجد الدراسة المجتهدة للكلمة (ع15).

وفى أصحاح 3: نجد الإعداد العجيب للكلمة (ع
16،17
).

وفى أصحاح 4: الكرازة المستمرة بالكلمة (ع2).

إن
حاجة البشر الأولى هي كلمة الله. ويخطئ كثيراً من يخدم إذا قدم للنفوس أى طعام آخر،
إذا جعل قوام الخدمة ما يقوله الفلاسفة أو الشعراء، أو إذا نسجها من ذاته وجعلها
تدور حول نفسه كما يفعل العنكبوت. إننا إذا تتبعنا الرسل فى كرازتهم نجد أن المادة
الرئيسية في خدماتهم كانت هي كلمة الله
(أع 2: 16، 25، 34 و17: 2،
11 و1كو 15: 1-4
) بل إن أعظم كارز، وهو الرب يسوع، مع أنه هو
نفسه الذى أوحى بالكلمة فإنه كالقدوة لنا استخدم هذه الكلمة عينها فى كرازته
(لو 4: 16-21).

وهناك
أمران هامان نضعهما أمام من يخدم النفوس عند دراسته لكلمة الله:

أولاً:
لا تكن مجرد ناقل. اشبع أولاً بالكلمة واجعلها تتغلغل فى حياتك فانه
« من فضلة القلب يتكلم الفم ». كثيرون يدرسون الكتاب لكى يعدّوا عظة،
لكن من الأفضل جداً أن تدع كلمة الله تبنيك أولاً وتعلمك
(أنظر إش50: 4). طبِّق
الحق على ضميرك ومارسه قبل أن تعلم به “إنها بشاعة وخيانة للحق أن يتاجر أحد
بالحق الذى لا يشعر بسلطانه على ضميره شخصياً”.

ثانياً:
ادرس الكتاب كله، لا أجزاء بعينها فقط. فأنت لا تعلم نوع المرضى الذين
ستتعامل معهم، ولا أي جزء من كلمة الله يناسبهم ويريد الروح القدس أن يقدمه لهم.
فنبوة عاموس مثلاً، هذه النبوة الصغيرة، التى ربما تكون مهملة من مؤمنين كثيرين،
استخدمها الروح القدوس في مناسبتين من أخطر المناسبات على الإطلاق لتوضيح فكره
وتبليغ رسالته؛ أولاً بواسطة استفانوس
(أع7)، ثم بواسطة
يعقوب
(أع 15). ولولا
إلمامهما بكل ما في الكتاب المقدس لما أمكن لروح الله أن يستخدمهما في هاتين
المناسبتين لإعلان فكره.

 

بقيت
ملاحظة أخيرة عن أهمية كلمة الله بالنسبة لجماعة المؤمنين؛ الكنيسة التي من
امتيازها وفي نفس الوقت مسئوليتها أن تكون « عمود الحق وقاعدته »
(1تى 3: 15)؛ أى شاهدة
له. لكن الشيطان هاجمها من الداخل ومن الخارج ليحولها عن هذه الحالة المباركة.

أين
الملجأ؟ يقول بولس لقسوس كنيسة أفسس، شاعراً بالخطر الذى كان على وشك أن تظهر
آثاره المدمرة بينهم « الآن أستودعكم يا إخوتي لله ولكلمة نعمته القادرة أن
تبنيكم وتعطيكم ميراثاً مع جميع المقدسين »
(أع20: 32).

وإننا
لو تتبعنا التاريخ، سنجد أن كل نهضة حقيقية حدثت بين شعب الله كانت مرتبطة
ارتباطاً وثيقاً بالرجوع إلى كلمة الله والتمسك بها والأمانة لها. هذا ما حدث فى
النهضة المباركة أيام يوشيا
(2أخ34: 19، 30، 31 و35: 6، 12، 13..) وكذا أيام
عزرا ونحميا
(عز 3: 2، 4
و5: 1، 2 و6:
18 و7: 6، 10
و9: 4 و10: 3 ونح 8 و9 و10: 29، 34، 36 و13: 1-3..
). وفي
المسيحية أَلم تكن أعظم خطوة للإصلاح العظيم في أول القرن السادس عشر هي الرجوع
إلى كلمة الله باعتبارها السلطة الأعلى. ولما تحولت نهضة الإصلاح إلى برودة
البروتستانتية بأنظمتها الجافة والميتة، أو بالحري لما تحول التمسك بكلمة الله إلى
تمسك كل جماعة بعقائدها، فإن الرب في رحمته رتب نهضة مباركة أخرى في أوائل القرن
التاسع عشر ميزتها تلك الكلمات المباركة التى قالها الرب لملاك كنيسة فيلادلفيا
ممتدحاً إياه « حفظت كلمتي ولم تنكر اسمي »
(رؤ 3: 8).

وإن
كانت المسيحية كمجموع قد انحرفت اليوم عن الكتاب المقدس كالسلطة العليا، كما يدل
على ذلك هذا العدد الهائل من الطوائف والمذاهب المتعددة، إلا أن المطلوب من
كل جماعة أمينة تريد نهضة حقيقية أن ترجع من جديد إلى كلمة الله. أما إذا لم تكن
الجماعة أمينة فى ذلك، عندئذ تبرز أمانة الفرد. فالمؤمن على أي حال مُطالَب أن
يستمع ليس إلى ما تقوله الكنيسة له، بل بالحري إلى « ما يقوله الروح
للكنائس »
(رؤ 2، 3).

 

هذه
هي أهمية قراءة كلمة الله. فأي كتاب آخر يُسكّن روع الخاطئ من هول الحساب، وأي
كتاب آخر يستميل القلب لمحبة الله، وأي منها يحث الإنسان على طهارة القلب والحياة،
ويُعدّه لسماء مقدسة لا تدخلها الشهوات، ولا تحوم حولها الأدناس، ويسكن فيها الذين
أحبهم المسيح وقد غسلهم من خطاياهم بدمه وجعلهم ملوكا وكهنة لله أبيه، نعم أي كتاب
آخر يفعل كل ذلك وأكثر كما يفعل الكتاب المقدس؟!

في
كلمات قليلة نقول إن هذه الكلمة الإلهية:

بها ننمو1بط2: 2

بها نبنى أع20: 32

بها نتغير 2كو3: 18

بها نغلب أف6: 17، 1يو2: 14، مت4: 1-10

بها ننتعش مز119: 50، تث32: 2

بها نتنقى يو15: 3، أف5: 26، مز119: 11،25،50

بها نرتشد مز119: 105، 24، أم6: 20-23، 2بط1: 19

بها نصلي دا9: 2،3، 1يو5: 14، يو15: 7

بها نُرضي الله 1مل18: 36

 

حقاً
ما أعظم البركات التى يمكن أن تجنيها النفس من هذه الكلمة. قال السياسي والفيلسوف
الأمريكي بنيامين فرانكلين
(1706- 1790)
أيها الشاب نصيحتي إليك أن تربى في نفسك المعرفة بالكتاب المقدس والإيمان الثابت
فيه، فإن ذلك سيعود عليك بالربح الأكيد”.

لذلك
أدعوك أنا أيضاً مستخدماً كلمات كاتب مسيحي غير معروف أن تقرأ هذا الكتاب الذي
يحوي النور الذي يهديك، والطعام الذي يقويك، والبلسان الذي يعالجك، والعزاء الذي
يشجعك. هذا الكتاب الذى هو للمؤمن خريطة المسافر، وعصا الرحال، وبوصلة الملاح،
وسيف المحارب، ودستور المسيحي. إنه حقاً نهر ملذات، ومنجم كنوز، وفردوس أمجاد.
فاقرأه إذاً لتكون حكيماً، أطعه لتعيش قديساً، احفظه فيحفظك.

وعندما
تمضى رحلة العمر، فأي شئ سوف يبقى لنا من عالم السراب والغرور سوى ما حصلناه من
هذه الكلمة؛ فلقد قال المسيح « اعملوا لا للطعام
البائد بل للطعام الباقي للحياة الأبدية 
»
(يو6: 27).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى