آريوس
بدعة
أريوس
إنتشرت
البدعة الأريوسية فى أوساط مكة وقريش قبل الإسلام وقالوا أن الله سابق للإبن أى
سابق لزمان كلمة الله فيكون المسيح إله مخلوق من إله أكبر وكان شعارهم ” ألله
أكبر من الإبن (المسيح) وأصبح فى السماء إلهين شريكين وقد اشار القرآن إلى هذه
الشيعة التى كانت ضد المسيحية فى سورة الإسراء /110 وسورة النحل / 5 وفى سورة
التوبة / 29 ألخ
هرطقة
آريوس: حول طبيعة المسيح
كان
اريوس ينكر لاهوت المسيح ويرى أنه أقل من الآب في الجوهر وأنه مخلوق ومازالت جذور
الاريوسية قائمة حتى الآن حتى بعد أن شجبها مجمع نيقي ة المسكونى سنة 325 م ظل
اريوس والاريوسيين من بعده سبب تعب وشقاق وشك للكنيسة المقدسة
بدعة
آريوس
اتخذت
الآريوسية اسمها من الكاهن المبتدع آريوس.
كان
ليبيّ المنشأ، وتعلّم في مدرسة انطاكية لدى لوكيانوس الشهير، ثم انتقل إلى مصر حيث
رُسم كاهناً سنة 310، وأصبح خادماً لإحدى كنائس الإسكندرية،
وبسبب
تعاليمه المناقضة للإيمان القويم، حرمه مجمع محلّي عُقد في الاسكندرية سنة 320
برئاسة الاسكندر أسقف تلك المدينة،
فالتجأ
الى نيقوميذية حيث كان أسقفاً صديقه أوسابيوس المؤرخ، وألّف هناك، لنشر تعاليمه،
كتاب “الوليمة”،
وهو
مزيج من النثر والشعر والأناشيد الدينية الشعبية.
وانتشرت
أفكاره وتعاليمه في مختلف كنائس الشرق والغرب،
وانقسم
المسيحيون بين مساند له ومناوئ. فالتأم في نيقية سنة 325 المجمع المسكوني الأول
وحرم بدعته، فنفاه عندئذ الامبراطور قسطنطين، إلاّ أنّه عاد فعفا عنه بعد بضع
سنوات.
لكن
اثناسيوس أسقف الاسكندرية رفض استقباله، فحصل له أتباعه أن يلتحق بإكليروس
القسطنطينية، إلاّ أنه توفي سنة 336 قبل دخوله المدينة.
+
ولد اريوس فى ليبيا 270م
+درس
الكثير من العلوم ثم جاء الى الاسكندرية والتحق بمدرستها اللاهوتية .
+نبغ
فى دراسته حتى تكبر وسعى لنوال الكهنوت وحاول الانضمام الى ملاتيوس اسقف اسيوط
وحرضة على العصيان على القديس بطرس خاتم الشهداء .
+لكنه
ادرك انه بهذا لم يصل للدرجات الكهنوتية فترك ملاتيوس وتصالح مع البابا بطرس
+تم
رسامته شماسا ثم قسا 306 م
بدعة
اريوس:
انكر
اريوس لاهوت السيد المسيح وادعى انه مخلوق وغير مساو للاب فى الجوهر .
وبدا
اريوس فى نشر ضلاله حتى بعد البابا بطرس وجاء البابا الكسندروس
وتم
عقد مجمع لمناقشة بدعة اريوس .
المجمع
النيقى وقراراته:
قرر
المجمع وضع قانون الايمان النيقى نسبة الى البلد التى انعقد المجمع فيها وهى (نيقيه)
وبعد
الفصل فى قضية اريوس تم الفصل فى باقى القضايا من حيث تحديد يوم عيد القيامه
ومشكلة
معمودية الهراطقة .
مجمع
نيقية انعقد 325م
بدعوة
من الامبراطور قسطنطين الكبير وحضره 318 اسقفا ووضع قانون الايمان
و20
قانون لسياسة الكنيسة .
اولا:
مقدمة عن بدعة أريوس
1.
الاريوسية هى بدعة ظهرت فى القرن الثالث الميلادى وبالتحديد عام 318 م على يد كاهن
بالإسكندرية يدعى اريوس فى عهد البابا الكسندروس البابا ال19من بابوات الكرسى
السكندرى.
2.
بدعة اريوس تنحصر فى قضيتين بخصوص طبيعة السيد المسيح الإلهية (الابن) وهم:
أ-
إن الابن ليس أزليا مع الأب.
ب-
إن الابن كائن مخلوق.
إنّ
تعاليم آريوس يمكن إيجازها في النقاط التالية:
أ)
إنّ الله واحد أحد، أزلي غير مولود، وكل ما سواه من الكائنات مخلوق من العدم
بإرادته الحرة.
ب)
إنّ الكلمة كائن وسط بين الله والخلائق؛ فالله قد خلقه من العدم قبل سائر الخلائق،
ثم أعطاه أن يخلق جميع المخلوقات؛ لذلك نستطيع أن ندعوه إلهاً، فهو إله ثانٍ أدنى
من الله. وهذا التمييز بين الإله الأول والإله الثاني، استقاه آريوس من الفلسفة
الأفلاطونية.
ج)
كذلك نستطيع أن ندعو الكلمة “ابن الله” أو “مولوداً من الله”،
الاّ أنّ تلك البنوّة الالهية ليست في الواقع إلا تبنّياً. فالكلمة ليس من جوهر
الله، إنما تبنّاه الله منذ خلَقه، استباقاً لاستحقاقاته. وفكرة التبنّي هذه أخذها
آريوس عن بولس السميساطي.
د)
إنّ الكلمة، بما أنّه مخلوق، فهو معرّض من طبيعته للخطيئة، لكنه في الواقع استطاع
أن يحيا حياة قداسة وكمال ولم يسقط قط في الخطيئة. فهو أدنى من الله، ولكنه أقدس
جميع الخلائق، ولا يمكن أن يُخلق كائن أعلى منه.
ه)
إنّ الروح القدس هو أوّل خلائق الكلمة، وهو أيضاً ليس من جوهر الله.
الفكر
الاريوسى
بخصوص
طبيعة السيد المسيح (الابن):
1-
آن الابن ليس أزليا مع الأب وقد بنوا هذه النظرية على:
التمسك
الشديد على وحدانية اللة وحدانية مطلقة وان هناك هوة عظيمة لا نهائية تفصل بين
اللة والناس،ولقد أراد اللة ان يخلق العالم ولكنة بمقتضى طبيعته لايمكنة آن يخلق
الكون المادى مباشرة ولذلك فقد خلق اللوغوس لهذا الغرص بصفته ابنا له.
2-
أن الابن كائن مخلوق وقد بنوا نظريتهم على فكرتين:
أ-أن
كان المسيح ابن اللة فهو متأخر فى الوجود عن اللة.
ب-أن
الأب منفرد انفرادا تاما، كما أنة روحاني روحانية مطلقة وذلك يتعارض مع آن يكون أن
الابن قد وجد من جوهر الأب وانما وجد بعملية خارجية محدودة او بفعل صادر عن إرادة
الأب،وعلى ذلك فلقد كان الأب وحدة هو الموجود أولا ثم بعد ذلك اوجد الابن من العدم.وعلى
هذا الأساس بنى الاريوسين عقيدتهم فى المسيح وساقوا فى تأيد عقيدتهم كل نصوص
الكتاب المقدس التى تبدوا أنها تضمن اعتباران عقيدتهم.
ولهم
منهج ثابت فى التفكير وهو:
1-
إخضاع علوم اللاهوت لعمليات التفكير الفيزيقي الرياضي
2-
تفسير الكتاب المقدس تفسيرا نقديا
3-
تحويل علم اللاهوت الى علم بالمصطلحات والمواصفات الفنية أى اصبح علم يمكن
استنباطه فىالقياس وما لايمكن استنباطه.
4-
إخضاع المسيحية للمنطق والفلسفة.
وللاريوسية
أخطارها ومضارها العقيدية:
1-
تصور اللة تصورا خاطئا.
2-
إنكار الوحي الإلهي.
3-
إنكار معرفة الابن معرفة جوهرية عن الأب.
4-
هدم عقيدة الفداء والكفارة.
ثانيا:
طرق مواجهتها من الكنيسة
1-
انعقد مجمع مكانى عام 321 م بمدينة الاسكندرية لمحاكمة اريوس والرد على بدعته
أعلنوا تجريدة من الكهنوت.
2-
وانعقد مجمع مسكونى فى نقية عام 325 م من 318 أسقفا أى سدس أساقفة العالم المسيحى
أن ذاك وقد اقر المجمع مايلى:
قانون
الأيمان الذى وضعة اثناسيوس شماس البابا الاكسندروس السكندرى ينص على: بالحقيقة
نؤمن باله واحد الله الاب ضابط الكل خالق السماء والارض مايرى وما لايرى نؤمن برب
واحد يسوع المسيح ابن الله الوحيد المولود قبل كل الدهور نور من نور اله حق من اله
حق مولود غير مخلوق واحد مع الاب فى الجوهر الذى به كان كل شيى الذى من اجلنا نحن
البشر ومن اجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء تانس
وصلب عنا فى عهد بيلاطس البنطى تألم ومات وقبر وقام من بين الاموات فى اليوم
الثالث كما فى الكتب وصعد الى السموات وجلس عن يمين أبيه وأيضا يأتى فى مجده ليدين
الاحياء والاموات الذى ليس لملكه انقضاء. ثم حرم اريوس ونفيه.
3-
وقد صدر سنة 428 م فى عهد ثيودسيويوس الثانى قانونا يقضى بستئصال الاريوسية فى كل
انحاء الامبراطورية الرومانية
ثالثا:
الكنائس التى تؤمن بالبدعة الاريوسية
1-
المشكلة الاريوسية لم تنته بذلك وصارت لها ذيول أزعجت الكنيسة وقتا طويلا بعد مجمع
نيقية،وقد امتدت الاريوسية حتى ألان بطرق عديدة نذكر منها:
أ-
تأليف الاغانى الشعبية لنشر بدعتهم فى كل مكان منذ القرن الرابع الميلادى،
ب-
رواج البدعة بتأثير اليهود لان عقلية اليهود يمكنها تقبل الأفكار الاريوسية لما
فيها من قوة الاعتقاد فى وحدانية اللة وإنكارها لاهوت السيد المسيح
2-
وبقت لها زيول فى اسبانيا والولايات الجرمانية حتى القرن السادس.
3-
السيطرة على كراسي الاسقفيات الهامة برسامة أساقفة تتبع العقيدة الاريوسية ونجحوا
هذه السياسة نجاحا تاما فى بلاد الشرق الأقصى وشمال العراق حتىظهور النسطورية
وسيطرتها على تلك الكنائس.
4-
حاليا ظهرت بشكل جديد فى القرن التاسع عشر الميلادى فى شكل طائفة بروتستانتية تدعى
شهود يهوة وتنشر الفكر الاريوسى فى كل العالم المسيحى
رابعا:
الكنائس التى لا تؤمن بالبدعة الاريوسية
أ-جميع
الكنائس الرسولية وهم:
1-عائلة
الكنيسة الارثوذكسية الشرقية اللاخلقيدونية القديمة
2-عائلة
الكنيسة الارثوذكسية الشرقية الخلقيدونية
3-عائلة
الكنيسة الكاثوليكية الغربية الخلقيدونية
ب-جميع
الكنائس البروتستانتية فى العالم
مجمع
نيقية
سنة
325 التأم في نيقية حوالى 300 أسقف، وحكموا على آريوس وأعلنوا تعاليمه مناقضة
للإيمان القويم، وأوجزوا إيمانهم في القسمين الأول والثاني من قانون الإيمان الذي
لا نزال نتلوه اليوم، أي من أوّله حتى عبارة “وبالروح القدس”.
ونلاحظ
في معظم التعابير المتعلقة بيسوع المسيح دحضاً لتعاليم آريوس.
فيسوع
هو “ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور”.
وبينما
كان يقول آريوس ان الكلمة قد خلقه الله من العدم، يعلن المجمع أنه “مولود غير
مخلوق”.
والفرق
كبير بين الخلق والولادة.
فالخلق
يعني اختلافاً في الجوهر والطبيعة، أمّا الولادة فتعني أن ابن الله هو من ذات جوهر
الله.
لذلك
يضيف قانون الإيمان أن يسوع المسيح هو “مساوٍ للآب في الجوهر”، أو،
ترجمة أدقّ، “واحد مع الآب في الجوهر”.
والجوهر
هنا هو جوهر الألوهة أو الطبيعة الإلهية. فكما أن الآب إله، هكذا الابن أيضاً إله،
والآب والابن لهمَا جوهر واحد، أي طبيعة إلهية واحدة.
فالابن
واحد مع الآب في الجوهر، إلاّ أنه متميّز عنه في الأقنوم.
والأقنوم
كلمة
سريانية ترجم بها الآباء كلمة اليونانية، وتعني الشخص، أي الكائن الذي يقوم به
الجوهر.
فالجوهر
لا يمكن أن يقوم دون كائن فرد يحمله.
فالطبيعة
الإنسانية مثلاً لا يمكن أن توجد دون إنسان فرد، دون شخص بشري يحملها، فتقوم به
إلى الوجود.
كذلك
جوهر الله هو واحد، والطبيعة الإلهية هي واحدة.
إلاّ
أنّ تلك الطبيعة تقوم في ثلاثة أشخاص ندعوهم أقانيم، لأنه بهم يقوم جوهر الله أو
الطبيعة الإلهية الواحدة:
أقنوم
الآب، وأقنوم الابن، وأقنوم الروح القدس.
وأقنوم
الابن هو الذي تجسّد في شخص يسوع المسيح.
إن
الفرق في النظرة الى يسوع المسيح بين آريوس وآباء نيقية
أن
آريوس يعتبر المسيح خليقة، فينكر الوهيته وينكر معاً الثالوث الأقدس وتجسّد الله.
فالذي
تجسّد وصار إنساناً، في رأي آريوس، ليس الله، بل كائن وسط بين الله والإنسان، وفي
الواقع كائن أقرب إلى الإنسان منه إلى الله، لأنه مخلوق من الله.
أما
آباء نيقية
فقد
أعلنوا أن الذي ظهر لنا في يسوع المسيح ليس كائناً وسطاً بين الله والإنسان، بل
الله نفسه في شخص كلمة الآب الأزلي وابنه الوحيد، الواحد معه في الجوهر.
وهذا
ما يجب أن نركّز عليه اليوم، عندما نتكلّم عن
ألوهية
المسيح.
إيماننا
بألوهية المسيح ليس اعتقاداً أسطورياً بكائن وسط بين الله والإنسان، نزل في أحد
الأيام من أعالي السماء ودخل في إنسان.
أن
مثل هذا الاعتقاد نجده في بعض الديانات القديمة، وهو لا يمتّ إلى المسيحية بشيء.
إيماننا
المسيحي هو الإيمان بأن الله نفسه، في كيانه وشخصه، قد حضر إلينا في شخص يسوع
المسيح.
فمَن
رأى يسوع رأى الله،
ومَن
اتحد بيسوع اتحد بالله،
ومَن
اعتمد باسم يسوع اعتمد باسم الله.
ولأن
الله نفسه قد حضر إلينا في شخص يسوع، فيسوع يستطيع أن يؤلّهنا.
هذا
هو البرهان الذي ردّده مراراً آباء الكنيسة.
فلو
اعتبرنا يسوع مجرّد إنسان لاستحال عليه أن يوصلنا إلى الله.
ولكن،
بما أن يسوع إله، فهو يستطيع أن يوصلنا إلى الله.
هذا
هو المعنى العميق للعقيدة المسيحية القائلة ان يسوع نفسه الكلمة المتجسّد، الأقنوم
الثاني من الثالوث الأقدس، وانه إله حق وإنسان حق، وانه شخص واحد في طبيعتين،
طبيعة إلهية وطبيعة إنسانية.
كيف
يجب أن نفهم العلاقة بين الطبيعتين في شخص يسوع الواحد؟ هذا ما تطرّقت إليه
المجامع المسكونية التي تلت مجمع نيقية.
من
هو أريوس؟
كان
آريوس (256-336م) مواطن من ليبيا التابعة لكنيسة الأسكندرية والأقباط لهذا يطلق
عليهم أقباط ليبيا، وقد أستطاع آريوس صاحب أكبر هرطقة فى التاريخ فى القرن الرابع
الميلادى أن يقسم العالم المسيحى. وتلقى تعليمه اللاهوتى فى أنطاكية فى مدرسة
لوقيانوس, وعندما ذهب إلى الأسكندرية وخدم فيها سامه البابا بطرس بابا الأسكندرية
شماساً.
ودرس
بمدرسة لوكيانوس بأنطاكية حيث كان زميل دراسة لبعض الأشخاص الذين أرتقوا فيما بعد
إلى درجات الرئاسة الكهنوتية. وهم الذين عضدوه ودفعوا به للمضى فى طريق الكفاح
لأجل نشر أفكاره. وكل هؤلاء الزملاء الذين درسوا فى مدرسة لوكيانوس صاروا يلقبون
بأسم “اللوكيانيين” أو “الاتحاد اللوكيانى”. وهذا لا يمنع أن
آريوس درس أيضاً فى مدرسة الاسكندرية اللاهوتية قبل دراسته بأنطاكية.
وقد
شايع ملاتيوس لدى خروجه على البابا بطرس. ثم تراجع فسيم شماساً. ثم انتقد رئيسه في
أمر توبة الجاحدين فقطع. فالتجأ على أخيلاس فسامه كاهناً. ثم وثق فيه الكسندروس
فجعله خادم كنيسة بفالكس.
وكان
آريوس فيما يظهر عالماً زاهداً متقشفاً يجيد الوعظ والإرشاد فالتف حوله عدد كبير
من المؤمنين ولا سيما عذارى الإسكندرية اللواتي نذرن أنفسهن للعمل الصالح، فأصبحن
فخر كنيسة مصر. وانضم إلى هؤلاء عدد كبير من رجال الاكليروس الذين وجدوا في وعظه
غذاء للنفوس فآثروا الاصغاء إليه على الرغم من التخالف في التعليم بينه وبين
الأسقف رئيس الكنيسة.
ووافق
آريوس لوقيانوس المعلم الأنطاكي وأخذ عنه. ولعله درس عليه، ولا نعلم بالضبط وتمام
الوضوح ما علّمه لوقيانوس. كما أنه لم يبقَ من تعاليم آريوس إلا مقتطفات يسيرة
جاءت في بعض “الردود” عليه! ولا سيما ما كتبه القديس اثناثيوس الكبير
وما أورده القديس امبروسيوس.
وما
يجوز قوله عن مذهب آريوس أنه كان محاولة جديدة لتأكيد وحدانية الآب وتخفيض منزلة
الابن Subordinationisme والروح القدس.
فالآب
وحده في نظر آريوس استحق لقب الإله. أما الابن فإنه لم يكن سوى إله ثانوي مخلوق من
العدم بإرادة الآب. بيد أنه تميز عن سائر المخلوقات في أنه كان صورة الآب في
الجوهر Ousia وإرادته وقدرته ومجده. والثالوث في نظر آريوس ثلاثة في الأقنوم
ولكنهم ليسوا واحداً إلا باتفاق المشيئات.
ومما
أخذه سوزومينس المؤرخ على آريوس أنه كان لسانياً منطقياً متطرفاً، جرّه تطرفه هذا
إلى الوقوع في الخطأ.
ويمكن
أن يقال أن آريوس جمع فى تعليمه بين إتجاهين مختلفين لمدرستى أنطاكية والاسكندرية.
وفيما بعد أخذ المنتمون لمدرسة أنطاكية يهاجمونه ويتهمونه بأنه سكندرى، فى حين أن
المنتمين إلى مدرسة الأسكندرية كانوا يحاربونه متهمينه بأنه أنطاكى.
أستوطن
أريوس فى الاسكندرية حيث رسمه الأسقف بطرس كاهنا.. وأظهر فى أول حياته ميولاً
متعصبة متمردة لأنه قبل رسامته وبعدها كان منضماً للأسقف المنشق ميليتوس أسقف
ليكوبوليس (أسيوط).
ولهذا
السبب جرد من رتبته الكهنوتية، إلا أنه فيما بعد أعيد مرة أخرى إلى رتبته على يد
الأسقف أخيلاس خليفة الأسقف بطرس. وما لبث أن عمل على تأييد إنتخاب الكسندروس
أسقفاً للاسكندرية خلفاً لأخيلاس. وإن كان أريوس نفسه قد أستطاع بتأثير ثقافته
وصفاته الشخصية أن يصير ذو شأن كبير فى المدينة.
وى
عام 285 م عندما أصبح الأنبا بطرس السابع عشر وقد اصدر البطريرك قراراً بان جميع
الذين اجبروا لكى يدعوا للأوثان وكانوا ضعفوا وأفقدهم العذاب الشديد شعورهم
وإحساسهم وأنكروا السيد المسيح. واصدر أمراً بقبولهم رعايا فى الكنيسة مرة أخرى
بدون فحص أو قصاص أو عقاب بدنى أو روحى.
وبناء
على قرار البطريرك بقبول التائبين ومن المعتقد أن آريوس بخر للأوثان فذهب آريوس
إلى البطريرك واعلن خضوعه وندمه فقبله ورسمه شماساً ورقى لوظيفة واعظ لفصاحتة
وقدرته على الخطابة وكان آريوس يمزج اقوالة باقوال الفلاسفة ولكن لم يكن هذا هو
الخط الكنسى البسيط التى أتبعته كنيسة الأسكندرية فى تعليمها، وكان آريوس بدا فى
بدعة جديدة فى المسيحية فجردة البطريرك من وظيفته وأصدر قرار بحرمانه من الوعظ
وحرمه البابا بطرس ومما يذكره المؤرخون أنه عندما جاء وقت إستشهاده أرسل آريوس
وجهاء مدينة الأسكندرية للبابا بطرس فى السجن ليحله ولكنه أعلن أنه رأى رؤيا أن
آريوس مزق ثوب الرب (أى كنيسته) وزاده فى الحرم.
ولكن
للأسف عندما جاء البابا أرشيلاوس حله وسامه كاهناً وسلمه كنيسة بوكاليا، وهى كنيسة
الإسكندرية الرئيسية فى ذلك الوقت، ممأ أعطاه شهرة وجمع الأتباع خاصة لأنه عنده
موهبة الوعظ والخطابة.
وكان
مزهوا بنفسه متفاخراً بقدراته الأنسانية ولم يطوعها فى وداعة القديسيين فغلب تكير
عقله الإيمان وعندما أراد أن يبشر الوثنيين سقط فى هرطقته، وجاء لاهوته حصيلة
فكرفلسفى لاهوتى عقلانى
(حوالى
عام 318م) اصطدم مع الكسندروس بسبب الإختلاف حول تفسير نص فى الكتاب المقدس خاص
بشخص ابن الله. وكان الكسندروس قد أعطاه – كما أعتاد الأسقف أن يفعل مع الكهنة –
موضوعاً ليبحثه. وفى الشرح الذى قدمه أريوس حاول أن يعبر عن ابن الله بمفاهيم
مخالفة للإيمان المستقيم.
رأى
الكسندروس فى تقرير آريوس محاولة للتقليل من شأن ابن الله وتحقيره… وأثبتت
الاتصالات بين الرجلين على أن آريوس أصر على رأيه وأعتبر أفكار الكسندروس أنها تتبع
فكر بدعة سابيلوس وبالرغم من هذا فإن الأسقف لم يتعجل فى اتخاذ أى اجراء ضد كاهنه.
إلا أنه فيما بعد أضطر الأسقف أن يتخذ قراراً من مجمع قسوس الكنيسة، أدان فيه
أريوس بسبب بدعته وقطعه من شركة الكنيسة.
رحل
أريوس الى فلسطين ثم اتجه إلى سوريا قاسياً الصغرى. وتمكن من أن يجمع حوله عدد من
الأساقفة وأفقوه على آرائه، وكان من بين هؤلاء “أوسابيوس أسقف
فيقوميديا” اللوكيانى، “وأوسانيوس أسقف قيصرية” الأوريجانى. وان
الأساقفة الذين تجمعوا حوله قد أيدوه وبرأوه فى مجمع عقدوه. وطالبوا بأن يعود مرة
أخرى الى الكنيسة.. وسرعان من كتب أريوس أقراراً وافقوا عليه فى مجمع عقدوه فى
نيقوميديا، وأرسله كرسالة إلى أسقف الاسكندرية الذى رفضه. ودعا بالطبع إلى مجمع
بالاسكندرية سنة 318م اعتمد ادانة أريوس.
وبعد
ذلك بقليل، بسبب الاضطرابات التى نشأت نتيجة للمصادمات التى وقعت بين قسطنطين
الكبير وليكينيوس، تمكن آريوس من العودة مرة أخرى إلى الاسكندرية. حيث أخذ بعمل
بحماس شديد وبأساليب مبتكرة لأجل ترويج أرائه ونشرها بين الجماهير عن طريق
الأحاديث والأشعار… وقد ساعد على نشر أريوسيته ما كان يظهر به أريوس من مظاهر
الورع والتقوى إلى جانب ما يتصف به من الكبرياء والتباهى وحبه للنضال.. وكان يجرى
مباحثاته اللاهوتية مع الشعب. فأنتهز الوثنيون تلك الفرصة وأخذوا يسخرون من
المسيحية فى مسارحهم بسبب تلك المناقشات.
وهكذا
أثار هذا الموقف قلق قادة الكنيسة. كما أزعج الامبراطور أيضاً، الذى رأى أن هذه
المشاكل ستكون خطراً على السلام الذى حققه بجهود مضنية وكفاح مرير ولكنه لم يتوقع
أن تكون خطراً على السلام على المدى البعيد. لذلك فهو إذ رأى أن هذه المعركة تبدو
أمراً تافهاً لا يستحق أن يصدر له نطقاً سامياً، فأكتفى بأن أرسل
“هوسيوس” أسقف قرطبة بأسبانيا إلى الاسكندرية بخطاب إلى رؤساء الأطراف
المتنازعة. ولكن هذه المحاولة لم تأت بأية نتيجة. عندئذ دعا الأمبراطور إلى مجمع
عام يعقد فى نيقية عام 325 والذى أشتهر بأسم، “المجمع المسكونى الأول”…
وقد
أدان هذا المجمع تعاليم أريوس وحرم أسقف نيقوميدية مع ثلاثة أساقفة أخرين لتأييدهم
لتعاليم أريوس. أما أريوس فأنه فى البدء أُرسل إلى نيقوميديا مكبلاً بالقيود، ثم
نفى بعد ذلك إلى الليريا… ألا أنه على الرغم من هذه التدابير فإن هذه المحاولة
للتهدئة لم تنجح، لأن أصدقاء أريوس أستمروا فى نشر مبادئه وتعاليمه… ولذا أقتنع
قسطنطين – بواسطة العناصر المهادنة للأريوسية والمحبة لها، وتأثر بهم. مما جعله
يستدعى أريوس من منفاه عام 327. وبعد تحريض من أسقف نيقوميديا عرضوا صيغة إعتراف
إيمان على الأمبراطور أخفوا عنه فيها. حقيقة عقيدة أريوس، وكانت كنيسة نيقوميديا
قد وافقت على هذه الصيغة فى المجمع الذى عقد بها. إلا أن الأرثوذكسيين لم يجبروا
على منح أريوس العفو. حتى أن الكسندروس أسقف الأسكندرية وأثناسيوس الذى خلفه لم
يقبلاه فى الاسكندرية.
ولم
يرغب قسطنطين حينئذ أن يؤزم المسائل أكثر بأن يفرض على أسقف الاسكندرية – بأن يقل
أريوس. بل أنه فى الواقع عندما طلب أنصار أريوس من الأمبراطور – برسالة محررة
بلهجة شديدة – أن يتدخل لأجل تأمين عودة أريوس إلى الاسكندرية، غضب قسطنطين وأعاد
أدانتهم بمرسوم آخر أسماهم فيه “بالبورفوريين” أى أنهم مشايعون لتعليم
“بورفيريوس”.
وبعد
وساطات متعددة غيروا مرة أخرى من مشاعر قسطنطين ورحل أريوس إلى القسطنطينية حيث
أعترف بالإيمان الأرثوذكسى أمام الأمبراطور وتمسك بأن يصير مقبولاً بطريقة رسمية
على نطاق أوسع بالكنيسة. إلا أن الأمر بتحديد موعد بقبوله فى كنيسة القسطنطينية قد
تلاشى نهائياً، إذ أن أريوس سقط ومات فى مرحاض عام فجأة ليلة الموعد المحدد لقبوله.
مؤلفات
أريوس:
أستحوذ
أريوس على مركز هام فى التاريخ الكنسى، لكنه لم يترك أثاراً كثيرة. فقد كتب
أعمالاً قليلة نسبياً وصلنا منها النذر اليسير. وهذه الكتابات التى وصلتنا عبارة
عن رسائل خارجية. إلا أنها فى واقع الأمر تحوى إعترافاته وهى:
(أ)
رسالة إلى أسقف نيقوميدية:
وقد
حفظها لنا إبيفانيوس فى كتابه “باناريون”. وكذلك ثيئودوريتس فى كتابه
“التاريخ الكنسى”. وفى هذه الرسالى يحتج على تحامل الكسندروس ضده وضد
أتباعه ويعرض أراءه وتعاليمه فى صراحة تامة. ويقول أن الابن إله لكنه “ليس
غير مولود Agenntos” “ولا جزء من غير المولود” وفى النهاية يستنجد
باوسابيوس أسقف نيقوميديا مسميا إياه أنه من “الاتحاد اللوكيانى”.
(ب)
رسالة إلى الكسندروس أسقف الاسكندرية:
حفظت
هذه الرسالة فى أعمال “أثناسيوس عن المجامع”. وفى كتاب
“باناريون” لابيفانيوس. كما حفظت باللغة اللاتينية فى كتاب
“الثالوث لايلارى”. وهى الاعتراف الإجمالى الى كان قد قدمه لمجمع
نيقوميديا الأول والذى عقده الأريوسيون المنفيون. وفى هذه الرسالة تحاشى التعبيرات
المثيرة وأعتبر أن “الأبن قد ولد قبل كل الدهور”. إلا أنه لم يكن
موجوداً من قبل أن يولد.
(ج)
إعتراف الإيمان:
حفظت
هذه الرسالة فى التاريخ الكنسى لسقراط والتاريخ الكنسى لسوزومينوس). وفى هذه
الرسالة حجب عقيدته الحقيقية وقال بأن الإبن قد ولد قبل كل الدهور (لأنه لو كتبت
كلمة gegennimenos المولود” بحذف حرف n منها أى gegenimenos لتغير معناها وأصبحت تعنى المخلوق وليس المولود.
(د)
“ثاليا”:
حفظ
أثناسيوس فى كتاباته بعض نصوص هذا الكتاب. وكلمة “ثالثا” معناها مأدبة
أدبية. وقد دبجها كلها تقريباً بأبيات منظومة وبلحن نسائى. وفى إفتتاحيتها نجده
يظهر نفسه أنه مملوء بالعقيدة والعواطف الشجية عندما يتعرض للحديث عن الله..
“بحسب
إيمان مختارى الله… عارفى الله…
أبناء
قديسين. ذوى التعاليم الشرعية الثابتة.. حاصلين على روح الله القدس…
أنا
نفسى تعلمت هذا.. من حكمة المشاركين.. السابقين.. عارفى الله..
حسب
كل أقوال الحكماء.. أتيت أنا مقتفياً أثر كل هؤلاء..
وأنا
ذو السمعة الحميدة.. متمش بنفس العقيدة..
ومتحمل
كثيراً من أجل مجد الله.. بنفس حكمة الله..
وفيما
عدا هذا، يبدو أنه كان لأريوس مجموعة أخرى من الأشعار لكل مناسبة من مناسبات
الحياة. (كما أشار بذلك أثناسيوس) فى المجموعة التى تسمى “البحرية”،
“الرحى” “الرحلة”.. الخ.
ووفقاً
لما يقوله أثناسيوس فإن كل هذه القصائد قد دبجت بلهجة ونغمة داعرة مثل التى كان
يكتب بها سوتيادوس أشعاره القومية.. كانوا يتغنون بها فى مأدبهم بضجيج ضخب وعبث..
فكر
آريوس
كان
آريوس ذو موهبة فى الخطابة فصيحاً بليغا قادر على توصيل أفكارة بسلاسه بين العامة
والمفكرين ونشر آريوس افكاره عن المسيح مستغلاً مركزه كشماس وواعظ فى الأسكندرية،
ولم تكن فكرته عن المسيح من بنات أفكاره ولكنها كانت فى الأصل نقلها من يهودى
متنصر أسمه فيلون اليهودى فى نظريته عن اللوغس (الكلمة) Logos
وكانت فكرتة تتلخص فى:
أن
الكلمة كائن متوسط يعبر الهوة التى لا تعبر بين ايلوهيم والعالم.. خلق ايلوهيم
الكلمة ليخلق به العالم والمادة
وإيلوهيم
الإله الحقيقى فى نظر فيلون عال عن المادة ولا يمكن أن يتصل بها مياشرة من غير
وسيط.. هذا الوسيط هو المسيح الكلمة.
ولم
يكن فيلون هو فقط الذى تأثر به آريوس ولكنه تأثر أيضاً ب أفلوطين فى نظريته فى
النوس Nous ومركز الكلمة المتوسط بين الإله أو ” الواحد” وبين
العالم.
وفى
الحقيقة أن آريوس لم يأتى بفكراً جديداً ولكن أستهوته الفكر الفلسفى اليهودى الأصل
الناتج من فكر فيلون اليهودى عن اللوغس، والفكر الوثنى القادم من أفلوطين فى
“النوس” ومزج هاتين النظريتين وألبسهما لباساً مسيحياً بإستغلال آيات من
الإنجيل لتأييد فكره بنصوص من الكتاب المقدس وأعتقد أنه ساندت رأيه وكان تعليق
البابا أثناسيوس عن آراء آريوس ” أنها آراء وثنية ”
ولما
أنحرف آريوس عن الفكر المسيحى المستقيم بالتأويل، أعتبرت المسيحية الأرثوذكسية
تفكيره كفراً وزندقة وأشتعلت نار الخلاف وتأججت نار الفرقة عندما قال آريوس عن
المسيح كلمة الإله: ” أنه خالق ومخلوق.. خالق الكون، ومخلوق من الإله “
وقالت
الكنيسة: ” أن المسيح مولود.. غير مخلوق، وهو كان بأقنومه الأزلى قبل أن يولد
من العذراء مريم بل قبل الدهور،, ومنذ الأزل، وهو من ذات جوهر الآب، ومن طبعه،
وأنه لم تمر لحظة من الزمان من الزمن كان الآب موجودا من دون اللوغوس (الكلمة)،
وهو المسيح قبل التجسد ”
كان
آريوس يقول بأنّ الكلمة ليس بإله، بل بما أنه “مولود” من الله الآب فهو
لا يُشاركه طبيعتهِ، بل تقوم بينهما علاقة “تبنّي”، فالكلمة إذاً ليس
بأزليّ بل هو مجرد خليقة ثانويّة أو خاضعة.
حُرِمَ
آريوس وأنصاره في المجمع المسكونّي النيقاويّ الأوّل عام 325 وعلى إثره نُفيَ. لكن
هذا لم يمنع هذه البدعة من التوسع جغرافياً ومن استخدام أصحابَها لأغراضٍ سياسيّة.
وتعليم
آريوس نادى بإمكانية التغيير الأخلاقى عند المسيح، وأنه لهذا كان الكلمة قابل
للنمو أو التطور الخلقى، وأنه عندما كان يفعل الخير طان يصنعة بإرادة حرة كان
يمكنها أيضاً أن تختار فعل الشر، وعلى ذلك يكون الخلاص الذى صنعة المسيح عملاً قام
به كائن محدود، أقام ذاته مخلصاً بفعل إرادته الحرة، ومن ثم فلا تكون كفارته
خلاصاً للجنس البشرى كله إلا من قبيل إظهار أمكانية كسب الخلاص، وليست هناك نفس
بشرية واحدة يمكن أن تكون بريئة كل البراءة من وصمة الضعف البشرى.
ولقد
علم آريوس بأنه كان فى المسيح امكانية لأختيار الخير أو الشر، وحرية الأختيار تقوم
فى العقل أو الروح أو النفس الأنسانية الناطقة العاقلة، النفس الأنسانية الناطقة
العاقلة هى العنصر الهام المسيطر على الطبيعة البشرية المفروض فيها بالضرورة
القدرة على عمل الشر وبفضلها يكون النمو فى الخير أو الشر ممكناً وزيادة على ذلك
فإن هذه النفس هى التى بها يتميز شخص عن غيره، فهى مقر أو مركز قوة تقرير المصير
وهى القوة التى تتميز بها الشخصية الحقيقية لكل أنسان والتى تتكون بها شخصيته
المستقلة عن كل أنسان آخر.
في
عام 334 أعادَ الأمبراطور قسطنطين آريوس من منفاهُ وبسبب نفوذ بعض الشخصيات المهمة
كأسقف القسطنطينية أوسابيوس النيقوميديّ والأمبراطور كوستانتيوس الثاني أصبحت هذه
البدعة حتى عام 359 ديناً رسمياً للأمبرطورية الرومانية.
رد
فعل الآريوسيين حول قرارات المجمع النيقاوى
أنقسمت
فيما بعد الآريوسية عدة طوائف لنفس البدعة وهم:
الطائفة
الأولى: فكان البعض يعتقد بصحة قانون الإيمان النيقاوي رغم تشكيكهم بمساواة الابن
للآب في الجوهر هؤلاء دُعيوا بأشباه الآريوسيين.
الطائفة
الثانية: كان يطعن في صحة قانون الإيمان النيقاوي معتبراً أن طبيعة الابن هي
مختلفة تماماً عن طبيعة الآب.
الطائفة
الثالثة: ظهرت أيضاً جماعة ثالثة تعتقد بأن الروح القدس هو أيضاً خليقة ثانوية.
مع
صعود فالنتِس عام 361 إلى العرش بدأت الأمور تعود إلى مجراها الطبيعي أي لما جاءَ
في مجمع نيقية المسكوني. فينا بعد أُعلن الإيمان النيقاوي عام 379 إيماناً قويماً
وديناً رسميّاً للإمبراطورية بفضل الإمبراطور ثيودوسيوس. تثبَّت هذا الإيمان
بواسطة المجمع المسكوني الثاني في القسطنطينية عام 381.
بالرغم
من هذا فقد استمرت الآريوسية لقرنين من الزمن وخصوصاً بين الشعوب الجرمانية التي
كانت قد بُشِّرَت عن يد مُرسَلين آريوسيين.
الفكر
الأريوسى
حاول
أريوس تفسير الإيمان المسيحى بطريقة يمكن لمن لهم الفكر الوثنى وخاصة الفلاسفة
منهم أن يفهم ألإيمان المسيحى فمزج بين الإله المسيحى وآلهة الوثن حتى يتقبلوه،
فسقط فى هوه الهرطقة وبعد عن المسيحية تماماً، وجاء تفسيره خالياً من المفاهيم
المسيحية الأساسية ومن الحكم السليم والنظرة الصائبة (30) وعقيدة تدور حول النقاط
التالية:
1
– الوحدانية: كان إهتمامه أنحصر فى تأكيد الوحدانية، والأساس الأول هو فى بساطة
” الفردية ” الذى هو الإله الذى يعتقد فيه، وهو فى نظره الواحد، المطلق،
الغامض، البعيد، غير المعروف، الذى لا يدرك، ولا يمكن الإلتقاء به، نخفى فى سر
أزلى، منفصل عن البشر بهوة غير محدودة (31) هكذا فهم الوحدانية بطريقة عددية، غير
قادر على إدراك ” وحدة ” الثالوث القدوس فى الجوهر.
2
– لكى يخلق الإله المسكونة، أوجد اللوغوس قبل الزمن (32) من العدم، كأداه للخلقة،
لهذا فهو ليس بالحق الإله بالطبيعة، إنما هو أبن الإله بمعنى أخلاقى، إنه كائن
وسيط بين ألإله والعالم.
3
– صار اللوغوس جسداً بمعنى أنه قام بعمل النفس فى يسوع المسيح.
4
– الروح القدس هو أول خلائق اللوغوس، فهو إله أقل من اللوغوس.
بهذا
الفكر عزل آريوس الإله عن البشرية، وقدم إلهه إلى البشرية كأنه كائناً جامداً،
فألغى أنشودة الحب الإلهى والتضحية والفداء فى المسيحية وأفسد سر الخلاص، متجاهلاً
النبوات ومنكراً تجديد طبيعتنا خلال التبنى والأتحاد مع الإله الآب فى أبنه.
تعاليم
أريوس:
لا
يتضح من تعاليم أريوس تناسقاً فى كل ما وصلنا من نصوصه حيث أن بعضها كانت تخفى
وراءها واقع الأمر وحقيقته. إذ كانت تعاليمه مضللة.. ويبدو هذا جلياً فى رسالته
إلى أسقف نيقوميدية، وفى باقته الشعرية “ثالثا”. ولم تقتصر تعاليمه هذه
على مدرسة واحدة، كما قال كثيرون – أى أنها لم تنطلق لا عن وحدانية الله الكتابية
التى أعتنقها الأنطاكيون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن الابن تهذب وتشكل بهبوط قوة
إلهية مجردة على يسوع..، كما أنها لم تنطلق عن فكرة الوحدانية التى أعتنقها
السكندريون المتطرفون الذين أعتقدوا بأن هذه الوحدانية الإلهية اتسعت لتحوى كل
الموجودات الإلهية، بل هى نشأت عن فلسفة الوحدانية. وحيث أن أريوس كان موحداً
متطرفاً فإنه أراد أن يؤكد أن الله كان واحداً وأنه فى نفس الوقت متحول. أن حل
وحدانية الله إنما سيعنى تمييزالله إلى أب وابن. أما حل التحول إنما سيكون بواسطة
خليقة هذا العالم. وهو أمر سئ فى كل الأحوال.
وبحسب
هذه الأفكار، فإن الله واحد، غير مولود وحده، سرمدى وحده، ليس له بداية وحده.
الحقيقى وحده، الذى له الخلود وحده. وبجانب الله، لا يوجد كائن آخر.. ولكن عن
طريقه توجد قوة عامة (لا شخصية) هى “الحكمة والكلمة”.. وهذه التعاليم
مأخوذة عن “الوحدانية المقتدرة” التى لبولس الساموساطى. ولكن فكره
اللاهوتى يوضح إعتماداً أكثر على “المدافعين”. وتأثيرات
“الغنوسيين”. فيما أن الله كان واحداً فهو لم يكن أباً “الله لم
يكن دائماً أباً. أما فيما بعد فقد صار أباً”.
ولقد
صار الله أباً عندما أراد أن يخلق العالم. عندئذ خلق كائناً واحداً. هذا الكائن
أسماه الابن، ويسمى استعاريا الكلمة أو الحكمة.
إذن
فحسب تعاليم أريوس توجد حكمتان:
1-
قوة الله الواحدة العامة.
2-
وكائن إلهى ذاتى واحد. وهذا الكائن هو الحكمة الثانية الذى جاء إلى الوجود من
العدم. ومن ثم فهو مخلوق. إذ يقول “كلمة الله ذاته خلق من العدم.. وكان هناك
وقت ما حينما لم يكن موجوداً. وقبل أن يصير لم يكن موجوداً.. بل أنه هو نفسه أول
الخليقة لأنه صار” ويقول أيضاً “الله وحده كان وحده دون أن يكون هناك
الكلمة والحكمة.. ومن بعد ذلك عندما أراد أن يخلقنا عندئذ بالضبط خلق شخصاً وهو
الذى دعاه الكلمة والابن، وذلك كى يخلقنا بواسطته”. ولكى يؤيد تعاليمه استخدم
نصاً خاصاً اقتبسه من سفر الأمثال: “الرب أقامنى أول طرقه..” (أم22: 8)،
وكان أوريجانوس من قبل قد تحدث عن “خضوع الابن”، كما تحدث عن
“ميلاد الكلمة الأزلى” وهنا أخذ أريوس الجزء الأول فقط من تعايم
أوريجانوس، وذلك عندما أضطر فيما بعد أن يقر “بالميلاد قبل الدهور”
مفسراً ذلك بأنه يعنى فقط الزمن الذى سبق خلقه العالم.
فعند
أريوس. يبدأ هذا العالم بخلق الابن، عندما بدأ الزمن أيضاً أن يوجد.. والابن هو
المولود الأول ومهندس الخليقة.. ومن المستحيل عنده أن يعتبر الابن إله كامل.
ويعتبر أن معرفته محدودة لأ،ه لا يرى الآب ولا يعرفه.. والأمر الأكثر أهمية أنه
يمكن أن يتحول ويتغير كما يتحول ويتغير البشر.. “وبحسب الطبيعة فإنه مثل جميع
الكائنات، هكذا أيضاً الكلمة ذاته قابل للتغيير والتحويل ولكن بنفس أرادته المطلقة،
طالما أنه يرغب فى أن يبقى صالحاً.. حينئذ عندما يريد فإنه فى استطاعته هو أيضاً
أن يتحول مثلنا، حيث أن طبيعته قابلة للتغير”.
أن
بولس الساموساطى استعمل اصطلاح “القدرة على الاكتمال الذى أتخذ منه أريوس كل
تعبيراته.. وفقاً لتعليمه وهو أن المسيح هو ظهور بسيط للكلمة فى إنسان. ومن ناحية
أخرى فهو يعتبر إنسان كامل فقط وليس إله كامل.. وبالتالى فإن الأبن يمكن أن يدعى
الله إستعارياً فقط. وهو نفس الأسم الذى يمكن أن يدعى به البسطاء من الناس أيضاً
حينما يصلون إلى درجة كاملة من الروحانية والأخلاق.. وهنا يتضح كل تعليم هرطقة
“التبنى Adoptionism” عن المسيح.
النتيجة
الأولى لهذا التعليم:
هو
أن الإيمان بالثالوث يتلاشى ويذوب.. بالطبع تحدث أريوس أيضاً عن الثالوث إلا أنه
اعتبره أنه قد صدر متأخراً ولم يكن أصلياً وأزلياً. لأنه وفقاص لتعليمه فإن الآب
وحده كان إلهاً أزلياً.
أما
النتيجة الثانية:
فهى
أن الحياة الجديدة للإنسان التى صيغت كنتيجة لتأنس الكلمة، لا تتكون نتيجة تأليه
بل بواسطة سمو روحى وأخلاقى.. وبهذا يتمكن أى شخص أن يقول أن هذا الموقف قد اقتبسه
أريوس من المدافعين الذين وفقاً للتقاليد نشأوا من مدارس فلسفية. وكانوا قد أتخذوا
موقفاً مماثلاً عن الحياة الجديدة.. إلا أن موقف “المدافعين” يجد له
مبرراً بسبب العصر الذى عاشوا فيه والعالم الذى كانوا يتوجهون إليه بالحديث. أما
فيما يتعلق بأريوس فإن الموقف يظهر ركود أفكاره التى ولو أنها كانت حادة. إلا أنها
خالية من الحركة والعمق.
ونتيجة
لتعاليم أريوس بقوله أن كلمة الله مخلوق وقوله عن المسيح أنه انسان مؤله (بضم
الميم وفتح الواو). بسسبب كمال روحى وخلقى. هذه التعاليم نجم عنها نزاع شديد زعزع
أركان الكنيسة والدولة الرومانية.. أن البدعة الأريوسية لم يتم تنظيمها بطريقة
سرية مثل غيرها من البدع والهرطقات. بل دخل فى صفوفها رجال رسميين فى الكنيسة وفى
الدولة. وهددت بالاستيلاء على التنظيم الكنسى بأكمله.. وقد أستمرت المصالحة
السياسية التى تبعت ذلك حتى موت أريوس وقسطنطين بدون أن تكون على حساب قرارات مجمع
نيقية – وذلك عن طريق تفسيرهم المتباين والمؤول بطريقة يشوبها الالتباس.. إلا أن
تعاليمهم لم تأت بنتائج. وذلك لأن زعماء الأرثوذكسية لم يقبلوا أريوس فى الكنيسة
وذلك بسبب إعترافاته المشتبه فيها.. حقاً إنه أثناء هذه الفترة لوحظ تقدم ملحوظ فى
الحركة التى قادت أيضاً إلى تفوق طفيف للأريوسية. وفى الواقع أن الأريوسيين –
بواسطة سلسلة المجامع التى أشرفوا عليها بأنفسهم – نجحوا فى تنحية وأبعاد الرؤساء
من خصومهم بإتهامات باطلة واهية. وهؤلاء الرؤساء هم أوستاتيوس الأنطاكى عام 330م.
وأثناسيوس الاسكندرى عام 335م، وماركيلوس الانقيرى عام 336م.
ساءت
الأحوال بعد وفاة قسطنطين الكبير، لأن حاكم الشرق قسطنديوس، فرض الأريوسية على
المناطق التى كان يحكمها.. أما بعد وفاة أخيه قسطنس عام 350م، فقد فرضها على جميع
أنحاء الامبراطورية.. وسحق هذا الحاكم نشاط معارضيه ومقاوميه الأرثوذكسيين وانشغل
بإحلال أساقفة أريوسيين بدلاً من الأساقفة الشرعيين فى أهم مراكز الشرق وبعض جهات
الغرب.
وبعد
وفاة قسطنديوس أنهار فجأة بناء الأريوسيين الشامخ. لأن يوليانوس الذى كان يدين
بالعقيدة الوثنية عامل جميع المذاهب المسيحية معاملة متساوية. وعندئذ عاد المنفيون
إلى أماكنهم. وبدأت الأرثوذكسية فى أعادة تنظيم شملها. مما جعلها تسود وتنتصر. وقد
وصلت إلى أكبر درجة من السيادة أثناء حكم الامبراطور الأرثوذكسى يوفيانوس.
الفرق
الأريوسية:
كان
البناء الأريوسى فى عهد قسطنديوس على الأقل، يبدو عظيماً فى الظاهر.. إلا أنه كان
من البدء عملاً مزعزعاً. وذلك ليس فقط لأنه حصل على قوته من عناصر كنسية منشقة،
ولكن أيضاً لأن إتجاهه اللاهوتى لم يكن متحداً.. فإن جميع الأريوسيين رفضوا
اصطلاحات مجمع نيقية.. ولكن ليس لأجل الاسباب دائماً.. لذا فإن الخلافات فيما
بينهم انكشفت وتحددت عند كثيرين منهم عن طريق موقفهم من اصطلاحات هذا المجمع.
ولقد
استخدم أباء مجمع نيقية فى قانون الإيمان إصطلاح؟ هومو أوسيوس” أى
“الواحد فى الجوهر مع.. أو المساوى فى الجوهر ل..”. وأرادوا أن يثبتوا
بهذا الاصطلاح أن الابن مع الآب هما واحد. وأن هذا الجوهر هو كيان أساسى واحد..
وأضاف نفس الآباء بعد قانون الإيمان – بسبب المحرومين – نصاً قالوا فيه بأن الابن
“ليس من هيبوستاسيس آخر” أى ” ليس من جوهر أخر”.. وهكذا فقد
أغضب الاصطلاح الاول الأريوسيين المتشددين، أما الإصطلاح الثانى فقد أغضب الأريوسيين
المعتدلين.. (أو أنصاف الأريوسيين Semi
– arians) ويبدو أن القانون دبجه
لاهوتى غربى من المحتمل أن يكون “هوسيوس” أسقف قرطبة. وكلمة Hypostasis “هيبوستاسيس” فيه هى ترجمة للكلمة اللاتينية” Substantia” إلا أنه فى الغرب – نظراً لعجز اللغة اللاتينية حيث كانت كلمة
Substantia تعنى كلاً من “أوسيا” Oucia
أى الجوهر أو الكيان. وكلمة “هيبوستاسيس” Hypostasis أى القوام أو الأقنوم.
وتعنى
كلمة “هيبوستاسيس Hyposasis” اليونانية تعنى القوام، أو الأساس – أو ما يقف عليه الشئ –
“الدعامة” أو طبيعة الشئ، أو الشخص، أو أقنوم (المعرب).
لذا
أوضح أباء نيقية وحدة تشابه هذين الاصطلاحين لأنهم كانوا يخشون لوأنهم اعترفوا
باثنين هيبوستاسيس (أى قوامين) – أن يتهموا بأنهم يقبلون الاعتراف بجوهرين أى
يكونوا مثل الأريوسيين.
1-
الأريوسيون المعتدلون:
كان
الأريوسيون المعتدلون (Semi –
Arians) أوريجانيين قدامى وكان
يتزعمهم أسقف قيصرية أوسابيوس، وهم الذين قبلوا بتعاطف عن رضى تعليماً واحداً
يرتكز على النظرية الأوريجانية الخاصة بخضوع الابن، هؤلاء أصروا على التمييز
المشدد بين الآب والابن.. ورفضوا أيضاً اصطلاحى مجمع نيقية واعتبروهما سابيليان.
ولأنهما لم يردا بين نصوص الانجيل.. إلا أنهم كانوا على استعداد لقبول معنى
“التساوى فى الجوهر Omooucios” لكن بتعبير مخالف.. لهذا تمسكوا بالتعبير “مماثل للآب
فى كل شئ”.
وبعد
موت أوسابيوس قام باسيليوس أسقف أنقيرا وجورجيوس اللاوديكى بتنظيمهم. وتميزوا
بوضوح أكثر من الأريوسيين الآخرين. وذلك فى مجمع ميديولانوس عام 355م. حيث أنهم
قبلوا “تماثل الجوهر” أو التشابه فى الجوهر “هوميوأوسيوس”
الأمر الذى من أجله أطلق عليهم اسم “هوميوأوسيين” وكانوا يختلفون عن
القائلين “بالتساوى فى الجوهر” أى “الهوموأوسيين” قليلاً،
ولذلك أطلق على النزاع بينهم أنه نزاع على لا شئ.
2-
الأريوسيون المتشددون:
هؤلاء
كانوا على عكس المعتدلين. وهؤلاء المتشددون كانوا قد نشأوا عن اللوكيانيين الذين
قبلوا تعليم “بدعة التبنى”.. وكان يرأسهم فى البدء أوسابيوس النيقوميدى.
وفيما بعد أوسابيوس القسطنطينى. وهذا الفريق تشدد فى الفصل بين الآب والابن بدرجة
أكبر.. وان كانوا أحياناً يخفون أراءهم لاسباب تنظيمية. إلا أنهم كانوا متشددين..
وبعد موت أوسابيوس هذا فى عام 341. برز بين صفوفهم “ايتيوس” الانطاكى
الذى اندفع إلى تعليم أريوس الأشد تطرفاً من أجل تكوين فريق أريوسى جديد. وهذا
الفريق الجديد تشكل بطريقة أكثر تنسيقاً على يد تلميذه “يونوميوس”. أن
المنتمين إلى هذا الفريق وضعوا مناهج وأساليب متكاملة.. وتدخلوا بفكرهم ليفحصوا
جوهر كل الكائنات. بما فيها الله أيضاً.. وزعموا أن جوهر الله هو فى عدم الولادة.
أما جوهر الابن فهو فى كونه مولود.. ومن ثم فإن جوهرى الآب والابن ليسا فقط لم
يكونا شبيهين بل نقيضين تماماً.. ولكى يؤكدوا تمييزهم لله الآب بفرادة خاصة وحده.
أعتادوا أن يمارسوا المعمودية بغطسة واحدة فقط بدلاً من ثلاثة غطسات.
بسبب
التباين بينهم، تشكل فريق ثالث بإيحاء من الامبراطور قسطنديوس. هو فريق
“الاوميويين” أى (الشبيهيين) وهؤلاء استخدموا الإصطلاح “أوميوس OMIOS” (أى شبيه أو مثيل)، ألا أنهم لم يكن لاهوتهم الخاص.. بل –
بحسب الظروف – كانوا ينحازون لفريق أو لأخر. وقد أدى ذلك إلى إضفاء تفسيرين على
كلمة “أوميوس OMIOS” فصار من الممكن أن تعنى أما “تشابه الجوهر” أو
تشابه المشيئة.. وأتخذ مشايعو هذا الفريق لزعامتهم أساقفة الحدود الشمالية أمثال
أورساكيوس السنجدونى، وأولتتاس المورصى… وكذلك أكاكيوس القيصرى، وهؤلاء فرضوا
وجهات نظرهم فى المجمع الذى أنعقد فى سرميوس عام 359م.
مواجهة
الأريوسية:
هز
الأريوسيون أرجاء الكنيسة بسبب الطريقة التى ظهروا بها، حيث أنهم – على وجه الخصوص
– نشروا وفرضوا أفكارهم بكل ضرب من ضروب البدع الغريبة على ذلك العصر. فهم لم
يستعينوا فقط بالأحاديث الدينية، وتحرير الرسائل اللاهوتية ونشر عقائدهم على هيئة
أفكار منتظمة قانونية، كما تأمر بذلك “أحكام الرسل” بل كما سبق أن قيل
أيضاً، فإنهم استخدموا كذلك اشعارهم الغنائية التى كانوا يتغنون بها فى كل مناسبة..
أما سلاحهم الأكثر مضاء وصلابة، فكان استغلالهم للقوى السياسية التى أقحموها
للتدخل – لأول مرة – فى شئون الكنيسة الداخلية، وهكذا أبعدوا خصومهم بوسائل عنيفة..
وأرغموا أثناسيوس على أن يبارح كرسيه خمس مرات.. وفى مرتين منها أقاموا أساقفتهم
على هذا الكرسى.. وكان تفوقهم الساحق أكثر ثباتاً واستقروا فى أنطاكيا، بعد عزل
الأسقف أوستاتيوس عام 330م.. وفى عام 360 أقاموا هناك صديقهم ميليتيوس الذى ما لبث
أن أعرب فى الحال عن اتجاهه إلى قانون إيمان نيقية..
أما
فى أسيا فكان نفوذهم أقل، ولو أن موقفهم هناك كان أكثر هدوءا، الأمر الذى لأجله
كان موقف الأرثوذكسيين مرناً..
وفى
القسطنطينية – على مدى أربعين سنة – خلف أربعة أساقفة أريوسيين الواحد الآخر..
وهكذا عندما صار غريغوريوس الثيئولوغوس أسقفاً للقسطنطينية أستقر فى بيت صغير
للصلاة (Chapel)، لأن الأريوسيين كانوا قد أستولوا على جميع الكنائس، ولكن
غريغوريوس خلص القسطنطينية منهم.. وفى الغرب حصلوا على نجاح محدود حيث أستولوا فقط
على بعض مراكز هامة قليلة مثل المديولانيين وذلك لعدة سنوات قليلة فقط.. إلا أنهم
لم يتمكنوا من الوصول إلى كرسى أسقفية روما.
وكانت
حالة المسيحية فى ذلك العصر تثير الحزن والأسى. فبينما أعطيت لها الفرصة لأول مرة
لكى تمد كرازتها فى كل مكان، اضطر قادتها أن يهملوا ذلك قهرا. واضطروا للإنشغال
بأمور عقائدية دقيقة.
كانت
شوارع الاسكندرية تعج بإستمرار للاشتراك بالاساقفة الذين، أما كانوا يفدون نحو
منفاهم وأما كانوا يتوجهون للاشتراك فى المجامع غير المكتملة. وفى وسط هذه
المحازفات والمخاطر أظهرت قيادة الأرثوذكسية شجاعة مقترنة بدبلوماسية تجاه
مضطهديهم، كما أظهرت تمسكاً شديداً بالتقليد والإيمان المسلم.. فكانوا أما ينادون
بعقائدهم وينفون بسببها واما كانوا يحافظون على هذه العقائد ويمكثون فى أماكنهم كى
يصونوا الإيمان الأرثوذكسى الذى لا يطفأ، ومن حول هؤلاء كانت خلايا المؤيدين
المخلصين تصارع وتتصادم من أجل عقيدة مجمع نيقية.
ان
مسئولية الدفاع عن هذه العقيدة كان لها أولاً: مجموعة القادة الأول: الكسندروس
السكندرى. وأوستاتيوس الأنطاكى، وهوسيوس القرطبى.
ثم
بعد ذلك بقليل وقع عبء الدفاع عن عقيدة نيقية على اكتاف القديس أثناسيوس الكبير
الذى أدار النضال طيلة خمسين عاماً تقريباً.. معضداً أيضاً من الأباء الآخرين
أمثال كيرلس الأورشليمى وسرابيون أسقف تيميس، وديديموس الضرير، وهيلاريوس البكتافى
وأخيراً الآباء الكبادوكيين العظام: باسيليوس أسقف قيصرية وغريغوريوس الثيئولوغوس
وغريغوريس النيصصى، أن هؤلاء اللاهوتيين – باستنادهم على حجج وبراهين من الكتاب
المقدس والتقاليد الشرعية الصحيحة – قاموا بتجريد لاهوت أريوس من غطائه المتستر
بالكتاب المقدس. وكشفوا أن الآريوسية إنما هى دراسة فلسفية جافة وعميقة تظهر الله
بدون حياة أو حركة..
كشف
أثناسيوس الكبير أن تعاليم أريوس أدت إلى أمرين غير لائقين:
1-
أذاب التعليم بالثالوث القدوس ولاشاه، وفتح الطريق أمام الاعتقاد بتعدد الآلهة، إذ
أنه سمح بعبادة المخلوق.
2-
قلب “بناء الخلاص” كلية. فإن المخلص الذى أخذ على عاتقه خلاص البشرية
يلزم أن يكون هو نفسه حاصلاً على ملء اللاهوت، ما دام قد أخذ على عاتقه أن يؤله
الإنسان. فكيف يكون من الممكن أن الكلمة الذى يقوم بعمل التأليه لا يكون واحداً فى
الجوهر مع الله؟ إن قمة براهين أثناسيوس هى أن المسيح لم يصر أبناً لله كجزاء
لكماله الأدبى بل على العكس فإنه هو الذى إلهنا (بتشديد اللام) (أى جعلنا الها).
فيقول أثناسيوس “لذلك إذن فالمسيح لم يكن انساناً وفيما بعد صار إلهاً، بل
أنه كان إلها ثم صار إنساناً لكى يؤلهنا” (المقالة الأولى ضد الأريوسيين فقرة
39).
وعلى
الرغم من صرامته وحزمه لم يكن أثناسيوس متصلباً بل كان يعرف كيف يتدبر الأمر بتفهم
وتسامح.. وعندما تخلص من الضغط السياسى الخطير عرض المشكلة بحذر ويقظة أكثر. ووضع
موقف الأرثوذكسيين تحت الفحص. وعندئذ تحقق من قصور وعجز حججهم وسعى لكى يجد لها
علاجاً.. فإن المطابقة المشار إليها سابقاً بين الاصطلاحين “اوسيا” (أى
الجوهر). و”هيبوستاسيس” (أى القوام) صارت مقبولة فى الغرب بدون اعتراض.
ولكن فى الشرق رأى كثير من اللاهوتيين أن فيها خطر البدعة “السابيلية”.
وأدرك أثناسيوس هذه الحيرة وقام بحركة توفيق فعالة أثناء مجمع الاسكندرية عام 362م
حيث أقر بأن كل من لا يرغب فى الإعتراف بصيغة “الاوموأوسيوس” (أى
المساواة أو الوحدة فى الجوهر)، ولكنه يقبل فى نفس الوقت بوحدة “الآب والابن
فإنه يوجد على الطريق المستقيم. وقام بخطوة عوطة التسليم بالمبدأ الشرقى للثالوث
مع التفريق بين معنى الاصطلاحين “أوسيا”، و”هيبوستاسيس” مع
إضافة معنى “طريقة الوجود الخاص بالكيان” إلى “الهيبوستاسيس”..
وهكذا فإن الله يكون من جوهر واحد ولكنه يوجد فى ثلاث أقانيم (هيبوستاسيس) أو
أشخاص (بروسوبا)، وهذه الصيغة توسع فيها أكثر الأباء الكبادوكيوسن بعد ذلك.. ومن
ذلك الوقت فتح الباب أمام جماعة “الهوميواوسيين”. وأن غالبية الذين
رجعوا وانضموا إلى أتباع مجمع نيقية الأرثوذكسيين، وصلوا أيضاً بعد ذلك إلى قبول
مبدأ “الهوموأوسيوس” (التساوى أو الوحدة فى الجوهر) ولكن البعض من هؤلاء
لم يكونوا على استعداد لقبول الاعتقاد بمساواة الروح فى الجوهر أيضاً (أى مع الآب
والابن).. ولهذا السبب ضمن مجمع نيقية ضمن قانون الإيمان. مجرد عبارة
“وبالروح القدس” بدون أية خاصية أو صفة أخرى، وكان هؤلاء يعتقدون بثنائى
فقط فى الله بدلاً من الثالوث. ولهذا أطلق عليهم أسم “أعداء الروح”
ولآنه كان يتزعمهم “مقدونيوس”. الذى جرده “الأوميوون” من
رتبته. لهذا أطلق عليهم أيضاً أسم “المقدونيون”. وهؤلاء حكم عليهم
بواسطة مجمع أنطاكية سنة 379م. والمجمع المسكونى الثانى بالقسطنطينية سنة 381م.
ولكى يتجنب الاباء أى مخاطرات جديدة أو أى إساءة فهم للأمور. فانهم لم يستخدموا فى
هذا المجمع الآخير أى اصطلاحات مثيرة، مثل “الهومواوسيوس” بل استخدموا
عبارات متباينة وهى عبارات توضح “المساواة فى الكرامة”. وهم فى هذا قد
أتبعوا السياسة الحكيمة التى كان يسير عليها باسيليوس الكبير. ثم أصدر الامبراطور
ثيئودوسيوس قراراً بوضع حد لهذا الصراع داخل امبراطوريته، فكانت النهاية الحاسمة،
مما أدى إلى الاعتراف بشكل دينى واحد وهو المسيحية الأرثوذكسية التى أقرها
“داماسوس” أسقف روما. “وبطرس” أسقف الاسكندرية. وبالتالى أنضم
غالبية الآريوسيين إلى الكنيسة، أما البقية الذين تخلفوا فقد أنضموا على التوالى
إلى بدع وهرطقات أخرى، وخاصة أنضموا إلى النسطورية وهى البدعة التى حاولت أن تنقص
من ألوهية المسيح بطريقة أخرى.
ما
بين بدعة آريوس ومجمع نيقية
تداعيات
بدعة آريوس: علم الكسندروس بما علّم به آريوس وسمع اعتراض بعض المؤمنين على هذه
التعاليم الجديدة. فدعا الطرفين مناقشة علنية بحضوره. فأوضح آريوس رأيه في الآب
والابن والروح القدس. واستمسك خصومه بولادة الابن من الآب قبل كل الدهور وبمساواة
الابن والآب في الجوهر. وأصغى الكسندروس إلى كل ما قاله الطرفان واثنى على جميع
الخطباء ولكنه قال بولادة الابن قبل كل الدهور وبمساواته للآب في الجوهر وأمر
آريوس أن يقول قوله ومنعه عمّا كان يعلّم به.
واعتز
آريوس بمعلمه وبالأساقفة خارج مصر الذين أخذوا عن لوقيانوس وقالوا أقوالاً مماثلة.
وبين هؤلاء افسابيوس اسقف نيقوميذية واسقف قيصرية فلسطين افسابيوس، وأسقف بيسان
باتروفيلوس، وآيتيوس أسقف اللد وبافيلنوس أسقف صور وغريغوريوس أسقف بيروت
وتثودوتوس أسقف اللاذقية واثناثيوس أسقف عين زربة في قيلقية. فرفض أمر سيده وامتنع
عن الطاعة.
وعلم
الكسندروس أن أساقفة مصر يقولون قوله فدعاهم إلى مجمع في الإسكندرية وأطلعهم على
بدعة آريوس. وكانوا مئة فشجب ثمانية وتسعون قول آريوس وامتنع عن الشجب اثنان فقط.
فقطع المجمع آريوس وهذين الأسقفين وستة قساوسة وستة شمامسة.
آريوس
في فلسطين: وقصد آريوس أسقف قيصرية فلسطين أفسابيوس المؤرخ. وكان الأخير سيداً
منظوراً وعالماً كبيراً، له نفس أفكار آريوس لكنه لا يجاهر بها. وقد يكون لم يتخذ
موقفاً محدداً من عقيدة الثالوث الأقدس. فكتب إلى الكسندروس يلومه على تحريف أقوال
آريوس، وأشار على آريوس بالكتابة إلى أسقف نيقوميذية لتبيان موقفه. فكتب آريوس
إليه وحصر شكواه في أنه قُطع لأنه لم يقل أن الابن غير مخلوق. وافسابيوس أسقف
نيقوميذية رُسم أولاً أسقفاً على بيروت ثم أصبح أسقف نيقوميذية. واتصل بقسطندية
أخت قسطنطين وزوجة ليكينيوس ونال ثقتها فشفعت له عند أخاها قتقرّب من الامبراطور
فخَّف لحاجاته واهتم بشؤونه.
آريوس
في نيقوميذية: ثم أَمَّ آريوس نيقوميذية وعَمَدَ إلى أسقفها واستحمله أموره فنزل
على افسابيوس مُقترح آريوس ولم يدخر عنه وسعاً وحرر إلى جميع الجهات وخصّ الأساقفة
على تأييد آريوس. وجاء في نصه عبارات تشجيع على الجهر. ويقول سوزمينس المؤرخ أن
افسابيوس أسقف نيقوميذية دعا إلى عقد مجمع محلي للنظر في قضية آريوس، واتخذ قراراً
بوجوب قبول آريوس في الشركة ووجوب الكتابة إلى الكسندروس ليرفع الحرم. ورأي
افسابيوس أن يكتب آريوس نفسه مبيناً عقيدته. فكتب كتابة لبقة جاء فيها أنه لم يعلم
غير ما علمه الكسندروس وأنه حرم كل من حرمه سيده ورئيسه. وصنف في هذا الوقت نفسه
رسالة دعاها “الثالية” وضمنها آراءه في الثالوث وبدأها بمدح نفسه فلاقت
رواجاً في بعض الأوساط.
نشاط
الكسندروس: هبّ الكسندروس للدفاع عن الإيمان القويم. فكتب إلى عدد كبير من
الأساقفة خارج مصر، معلناً وحدة الكنيسة ووجوب تبادل الرأي بين الأساقفة، مبيناً
موقفه وموقف المجمع المصري المحلي. وقد قام بإرسال هذا الكتاب إلى ما يقارب
السبعين أسقفاً منهم أسقف أنطاكية، وأسقف حلب.
وتجاوزت
البدعة إلى جميع الأوساط المسيحية في الشرق. وتراشق الخصمان القطع والحرمان. كثرت
النشرات الآريوسية والردود عليها. ومشى استيريوس السفسطي المغالط من قبدوقية إلى
جميع أنحاء الشرق يدعو إلى بدعة آريوس ويدافع عنها بالسفسطة. وكان قد ضحى للآلهة
الوثنية في أثناء الاضطهاد العظيم وتاب وأحب الالتحاق بالاكليروس فمُنع فازداد
سخطاً ومعارضة.
وكان
المجمع المحلي الذي عُقد في نيقوميذية قد كتب إلى الكسندروس ليرفع الحرم عن آريوس
وأتباعه. فامتنع عن ذلك. فاجتمع الاساقفة الأنطاكيين أمثال أفسابيوس القيصري
وبافلينوس الصوري وترفيلوس البيساني وغيرهم في قيصرية فلسطين ومنحوا آريوس وجماعته
حق الرجوع إلى ممارسة الأسرار. فتسلح آريوس بهذا القرار وعاد وجماعته إلى
الإسكندرية ونظم الأغاني والأهازيج وعممها فحفظها أناس من جميع الطبقات وتغنوا بها.
وسرت العدوى إلى السفلة فاندفعوا يرددون هذه العبارات في الاسواق والشوارع.
موقف
الأمبراطور قسطنطين: لما علم بالخلاف، تألم وغضب واستشار في هذا الأمر صديقه
القديم الشيخ التقي هوسيوس أسقف قرطبة. ولم يدرك أهمية النزاع العقائدي وصلته
بألوهية السيد المخلص. وقرر الصديقين أن يرسلا كتاباً إلى الكسندروس وآريوس وعلى
قيام هوسيوس بنفسه بالذهاب إلى الإسكندرية للتحقيق في القضية وإدلاء النصح للطرفين.
ووصل
هوسيوس إلى الإسكندرية فوجد الأساقفة مجتمعين للنظر في بعض الأمور المحلية، ولا بد
وأن قضية آريوس كانت مطروحة للنقاش، حيث أننا لا نعلم الكثير عن هذا المجمع. واتصل
هوسيوس بالطرفين وعاد إلى نيقوميذية فتبعه كلاً من الأسقف الكسندروس وآريوس.
مجمع
أنطاكية: (324-325) توفي فيتالوس أسقف أنطاكية في سنة 319 وخلفه فيلوغونيوس، بعد
وفاة زوجته. وانصرف إلى خدمة الكنيسة بخوف الله وعاد بعدد وافر من الجاحدين إلى
حظيرة الخلاص. وقاوم اضطهاد ليكينيوس وتحمل الشدة واُعتبر معترفاً. وأحزنه أمر
آريوس فبذل وسعه في محاربة هذه البدعة وراسل الكسندروس مثبتاً. ثم رقد بالرب في
الرابع والعشرين من سنة 324.
فخلا
مكانه، وهرع الأساقفة إلى أنطاكية للتشاور في أمر الخلافة الرسولية. فاجتمع في
عاصمة المسيحيين ستة وخمسون أسقفاً. فتشاوروا قي أمر آريوس وبدعته وسلّموا عكاز
الرعاية إلى افستاثيوس أسقف حلب الذي اشتهر بصحة عقيدته وتأييده لألكسندروس.
واتخذوا لمناسبة البحث بدعة آريوس قراراً جاء فيه أنهم يقولون بإله فائق القدرة
أزلي لا يتغير خالق السماء والأرض وكل ما يوجد فيه وبربٍّ واحد يسوع المسيح ابن
الله الوحيد المولود من الآب قبل كل الدهور.
واعترض
على هذا القول ثلاثة أساقفة وهم أفسابيوس أسقف قيصرية فلسطين وثيودوتوس أسقف
اللاذقية ونرقيس أسقف بانياس. فقطعهم المجمع لمدة معينة. ثم أقر نص الرسالة
السلامية ووجهها إلى اسقف رومة وغيره من رؤوساء الكنائس وإلى عدد كبير من الأساقفة.
ويرى
بعض رجال الاختصاص أن أنطاكية سبقت غيرها إلى فكرة المجامع المسكونية وأن هذا
المجمع نفسه اقترح دعوة أساقفة الشرق وآسية الصغرى ومصر والغرب إلى مجمع مسكوني في
أنقيرة للبت في قضية آريوس. ويستند هؤلاء إلى نص العبارات التي قُطع بها الأساقفة
الثلاثة. وجاء في بعض المراجع أن لالكسندروس تعود فكرة المجامع المسكونية. وهناك
أقوال ولكنها ضعيفة في أن لقسطنطين الكبير تعود فكرة المجامع المسكونية.