اللاهوت العقيدي

الفصل الرابع



الفصل الرابع

الفصل الرابع

وظائف الكهنوت وألقابه

35- وظائف وألقاب الكهنوت ودرجاته

إن كان جميع المؤمنين كهنة، وإن كانوا جميعهم
متساوين، فلماذا إذن كل هذه الوظائف المميزة: وكلاء سفراء – ملائكة – ورعاة –آباء
– معلمين – مرشدين – مدبرين – كهنة. وواضح طبعاً أن كل هذه الوظائف لم تكن لجميع
المؤمنين، وإنما لمجموعة مميزة منهم..؟!

 

لأنه إن كان الجميع وكلاء، فمن يكون باقى الناس
إذن؟ وإن كان الكل رعاة، فمن يكون أفراد الرعية؟! ولو كان الكل آباء، فمن يكون
الأبناء؟! وإن كان الكل معلمين، فمن الذين يتتلمذون عليهم؟! وهكذا مع باقى الصفات.

 

وطبعاً هذا يدل على أن رجال الكهنوت كانوا
مجموعة مميزة بوظائف ليست للكل. وهذا يرد على إعتراض المساواة..

 

وبنفس الاسلوب نقول إنه واضح من الكتاب أن كل
المؤمنين لم يكونوا أساقفة وقسوساً وشمامسة.

 

نحاول إذن في الصفحات المقبلة أن نتناول كل لقب
وكل وظيفة من هذه التسع التي ذكرناها، ونورد النصوص التي تؤيدها من آيات الكتاب،
حتى يكون كل ما نقوله مؤسساً على الحق الكتابى أو الحق والإنجيلى.

 

36- وكلاء

1- السيد المسيح وصف الرسل الإثنى عشر بأنهم
وكلاء.

وهذا واضح من مثل السهر والاستعداد. لأنه لما
قال بطرس: “يا رب. النا تقول هذا المثل، أم للجميع ايضاً؟” أجابه الرب: “يا
ترى من هو الوكيل الأمين الحكيم، الذي يقيمه سيده على عبيده، ليعطيهم في
حينة” (لو 12: 42).

 

أمامنا في هذه الآية: وكيل، وعبيد. والوكيل مقام
من السيد على هؤلاء العبيد والسيد نفسه هو الذي أعطاه هذه الصفة وهذه المسئولية،
وكلفه بأن يعطى عبيده طعامهم الروحى.

 

2- إذن هنا تمايز، فليس الكل وكلاء، وليس الكل
متساوين..

نقول هذا على الرغم من أن الوكيل هو أيضاً عبد
كالباقين، إذ يقول الرب عنه: “طوبى لذلك العبد، إذا جاء سيده ووجده يفعل
هكذا” (لو 12: 43). ولكنه متميز عن باقى العبيد، من جهة عمله واختصاصاته،
ومسئوليته عنهم أمام سيد الكل الذي اقامة عليهم.

 

3- فإنكان هذا الوكيل يعطى الطعام الروحى لهذا
الشعب في حينه، والشعب باستمرار –عبر الأجيال كلها – يحتاج إلى الطعام الروحى، إذن
لابد من وكلاء يستمرون في اعطاء الشعب طعامه، إلى أن يأتى رب الكل – في مجيئه
الثانى – فيجدهم يفعلون هكذا..

 

4- أيستطيع المؤمنون بعد كل هذا كل هذا، أن
يقولوا كلنا وكلاء، ولا فارق؟! لأننا كلنا ملوك وكهنة!! وهكذا يقومون بحركة ثورة
وتمرد، لا تتفق مع التعليم الإنجيلى..! أم أنهم في اتضاع قلب، وفى تسليم لتعليم
الرب نفسه في كتابه، يخضعون لهذا الوكيل، الذي أقامة الرب على عبيده، وكلفه بأن
يعطيهم طعامهم في حينه، وقال عنه إن عقوبة شديدة تحل على هذا الوكيل إن هو أهمل
العناية بالناس..؟ (لو 12: 46).

 

5- على أن الوكالة لم تكن فقط للرسل الإثنى عشر.
إنما بولس الرسول وكل مساعديه كانوا أيضاً وكلاء.

 

قال القديس بولس الرسول عن نفسه وعن زملائه:

“هكذا فليحبنا الإنسان كخدام المسيح،
ووكلاء سرائر الله. ثم يسال في الوكلاء، لكى يوجد الإنسان امينا” (1كو 4: 1،
2)

 

6- هنا سرائر الله. وخدام له وكلاء عليها، على
أسرار الكنيسة. وليس الكل وكلاء على السرائر الإلهية. بل قال الرسول هذا في معرض
الحديث عن نفسه وعن أبولس (1كو 4: 6).

 

7- على أن القديس بولس، لم يتكلم عن نفسه كوكيل
من جهة سرائر الله فقط وإنما من جهة التعليم أيضاً، لأنه استؤمن فيه على وكالة.

 

فقال: إن كنت أبشر فليس لى فخر، إذ الصرورة
موضوعة على. فقد استؤمنت على وكالة، فويل لى إن كنت لا أبشر ” (1كو 9: 16،
17).

 

8- إذن لا يستطيع أحد أن يقول مع بولس الرسول: “ويل
لى إن كنت لا أبشر “، ما ما لم يكن قد استؤمن على وكالة.

 

تقول: وماذا أفعل في الغيرة المقدسة التي في
قلبى، من جهة أن يؤمن الناس، فلابد أن اكرز لهم؟

 

أقول لك: حسنة هذه الرغبة ومقدسة، ولكن يجب أن
تفعل هذا من خلال الكنيسة. هى ترسلك لتبشر، بعد أن تمنحك إحدى درجات الشماسية..

 

لعلك تتعجب وتستثقل الأمر، وتريد أن تعمل من
خارج الكنيسة بمفردات مستقلاً!! إذن اسمع الحق الكتابى:

” كيف يؤمنون بمن لم يسمعوا؟ وكيف يسمعون
بلا كارز؟ وكيف يكرزون إن لم يرسلوا؟!” (رو 10: 14، 15).

وأنت إذن كيف تكرز إن لم ترسل حسب قول الرسول؟!

على كل نؤجل هذا الموضوع الآن، ونرجع إلى صفة
رجال الكهنوت كوكلاء فنقول:

 

9- لم يطلق لقب الوكلاء على الإثنى عشر فقط،
وإنما على بولس أيضاً، وعلى مساعديه. وأيضاً على الأساقفة.

 

فقيل: “ليكن الأسقف بلا لوم كوكيل
لله” (تى 1: 7).

 

السيد المسيح هو صاحب الكرم، أقام عليه وكلاء
(مت 20: 8) والوكلاء هم الرسل، كما وكل الأنبياء من قبل (ار 1: 10). والرسل أقاموا
أساقفة، سماهم الكتاب ايضاً وكلاء (تى 1: 7). وهؤلاء الأساقفة أقاموا قسوساً
وشمامسة

 

10- هؤلاء كلهم يعملون باسم الله وسلطانه. لأن
التوكيل الذي منحهم إياه، يحمل تفويضاً منه لهم في العمل.

 

هم يمثلونه على الرض. لذلك قال لهم: “الذي
يسمع منكم، يسمع منى. والذى يرذلكم يرذلنى” (لو 10: 16) ” من يقبلكم
يقبلنى ´ مت 10: 40).

إنهم مفرضون منه، ليكملوا العمل الذي بدأه. لذلك
هم أيضاً يدعون سفراء.

 

37- سفراء

يقول القديس بولس الرسول في (2كو 5: 20):

“الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه..
إذن نسعى كسفراء للمسيح، كأن الله يعظ بنا، نطلب عن المسيح: تصالحوا مع الله”.
مع الله الذي “أعطانا خدمة المصالحة” (2كو 5: 18).

 

عمل المصالحة قام به السيد المسيح، الذي أقام
صلحاً بين الله والعالم (2كو5: 19). وعمل المصالحة مستمر، لأن الإنسان دائماً يخطئ
وينفصل عن الله. وعمل المصالحة هذا عهد به الرب إلى خدامه، رجال الكهنوت، وكلاء
الله على الأرض (تى 1: 7) يسعون كسفراء للمسيح، يقولون للناس: تصالحوا مع الله.

 

السفير يقوم بعمل المصالحة. والسفير أيضاً يوصل
كلمة الله إلى الناس. وهذا العمل المزدوج قام به الرسول:

 

فقال: “لأعلم جهار بسر الإنجيل، الذي لأجله
أنا سفير في سلاسل” (أف 6: 20). ولا يزال هذا العمل المزدوج مستمراً

 

38- ملائكة

1- أطلق هذا اللقب على رجال الكهنوت، وقد قيل
هذا في وضوح عن يوحنا المعمدان كاهن ما بين العهدين، ابن زكريا الكاهن.

 

قال عنه الله: “ها أنا أرسل أمام وجهك
ملاكى، الذي يهيئ طريقك قدامك” (مر1: 2، ملا 3: 1).

 

و الملاك هو رسول بين السماء والأرض. كما قال
القديس بولس عن الملائكة: “أليسوا جميعاً أرواحاً خادمة، مرسلة للخدمة لأجل
العتيدين أن يرثوا الخلاص” (عب 1: 14).. هكذا أيضاً الكهنة: شخصيات خادمة،
مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص. انهم – كالملائكة – منفذو مشيئة الله
على الأرض.

 

2- وأطلق لقب ملائكة على رعاة (أساقفة) الكنائس
السبع التي في آسيا، فقيل إنهم ملائكة الكنائس. وهذا اللقب صدر من فم الرب نفسه..

 

فقال لتلميذه القديس يوحنا: اكتب إلى ملاك كنيسة
أفسس.. إلى ملاك كنيسة سميرنا.. إلى ملاك كنيسة فيلادلفيا.. (رؤ2: 3)..

 

وطبعاً لا يمكن أن يدعى كل المؤمنين أنهم ملائكة
الكنائس، وانهم وكلاء الله، وسفراء المسيح. وإلا كان كل منهم ” يرتئى فوق ما
ينبغى..” (رو 12: 3)

 

3- ولكن لعل البعض يعترض قائلا:

كيف نسمى رجال الكهنوت ملائكة، ولهم أخطاء؟!

ونحن نجيب: هكذا السيد المسيح سمى كهنة كنائس
آسيا ملائكة، في نفس الوقت الذي ذكر فيه أخطاءهم..

 

قال الرب عن ملاك كنيسة أفسس: “اذكر من أين
سقطت وتب” (رؤ 2: 5) فعلى الرغم من السقوط، ولحاجة إلى التوبة، وتركه لمحبته
الأولى، سماه ملاكاً، لأن هذه وظيفته ككاهن.

 

وقال لملاك كنيسة ساردس: “أنا عارف أعمالك،
أن لك اسماً أنك حى وأنت ميت” (رؤ 3: 1). انه ملاك الكنيسة، حتى لو كان في
هذه الحالة المؤسفة جداً.

 

وبنفس الوضع كان ملاك كنيسة لاودكية يحمل لقب
ملاك، أو وظيفة ملاك، على الرغم من قول الرب له: “هكذا لأنك فاتر، وليست
حاراً ولا بارداً، أنا مزمع أن أتقياك من فمى” (رؤ 3: 16).

 

حياة الكاهن شئ. ومسئولياته وسلطاته شئ آخر. إن
وضعه الكهنوتى لا يتغير بسبب خطيئته كإنسان. إننا لا نؤمن بعصمة الكاهن، لكننا
نعتقد بسلطانه.

 

4- إن العصمة لله وحده. والفحص في سلوك الناس
وديونتهم، أمور من اختصاص الله، هو وحده الفاحص القلوب والكلى (رؤ 2: 23). فمن أنت
أيها الإنسان يا من تدين غيرك (رو 14: 4)

 

5- ومع ذلك إن حوربت بإدانه أحد الآباء الكهنة،
فتذكر قول الكتاب عن ايليا النبى العظيم الذي أغلق لسماء وفتحها: “إيليا
النبى العظيم الذي أغلق السماء وفتحها:

 

” ايليا كان إنساناً تحت الآلام
مثلنا” (يع 5: 17).

 

6- واقرأ قصة ” يهوشع الكاهن العظيم ”
الذي مع انه كان في خطية، لابساً ثياباً قذرة ” إلا أن ملاك الرب إنتهر
الشيطان من أجله قائلا: “لينتهرك الرب يا شيطان لينتهرك الرب.. أليس هذا شعلة
منتشلة من النار” (زك 3: 2، 3).

 

واستخدام الوحى الإلهى عبارة ” الكاهن
العظيم ” على الرغم من خطيئته. وقال له: “قد أذهبت عنك إثمك، وألبسك
ثياباً مزخرفة” (زك 3: 4).

 

وإن الكاهن هو ملاك الكنيسة بحكم وظيفته.
والمفروض أن يكون كالملاك في نقاوته. وترمز إلى هذا الثياب البيضاء التي يلبسها
أثناء الخدمة. ومع ذلك، فحتى إن أخطأ فلا يزال هو ملاك الكنيسة. وسنضرب مثالاً آخر،
ولو أنه بعيد عن الكهنوت، ولكن نذكره من جهة الشبه.

 

7- مثال شاول الملك، ولقبه ” مسيح
الرب”.

 

قام صموئيل النبى بمسح شاول ملكاً، فصار مسيحاً
للرب. ثم أخطأ شاول، ورفضه الرب وقيل عنه: “وذهب روح الرب من عند شاول، وبغته
روحى ردئ من قبل الرب” (1صم 16: 14). وكان الشيطان يصرعه ويبغته. فيضرب داود
له على العود ليهدأ (1صم 16: 23).

 

وشاول هذا اضطهد داود وظلمة، وحاول قتله أكثر من
مرة. ولما وقع في يد داود، نصحة رجاله أن يقتله، قال داود موبخاً رجاله على
نصيحتهم الخاطئة:

 

” حاشا لى من قبل الرب، أن أعمل هذا الأمر
بسيدى مسيح الرب، فأمد يدى إليه، لأنه مسيح الرب هو” (1صم 24: 6).

 

وكان يحترمه كمسيح للرب، على الرغم من كل شروره.
ولما مات شاول بكاه داود ورثاه. وعاقب الشخص الذي انهى عليه قائلاً له:

 

كيف لم تخف أن تمد يدك لتهلك مسيح الرب”
(2صم 1: 14).

 

وهكذا ظل لقب ” مسيح الرب ” هو لقب
شاول الملك، حتى بعد موته، على الرغم من رفض الرب له، وعلى الرغم من أخطائه
العديدة.. إننا هنا نتكلم عن الوضع السليم، حسب تعليم الكتاب، وحسب امثولة رجال
الله القديسين، كداود..

 

نطرق نقطة أخرى من صفات رجال الكهنوت وهى:

 

39- رعاة

وقد اطلق هذا اللقب على الآباء الرسل، ثم أيضاً
على الاباء الأساقفة وحسب تعليم الكتاب المقدس.

 

قال السيد المسيح لبطرس: “ارع غنمى.. ارع
خرافى” (يو 21: 15، 16)

 

وقال القديس بولس الرسول لأساقفة أفسس: “احترزوا
إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة، لترعوا كنيسة
الله التي اقتناها بدمه” (أع 20: 28).

 

وهذا الآية واضحة في الربط بين الأسقفية وعمل
الرعية.

 

وهذا الربط يظهر ايضاً في قول القديس بطرس
الرسول عن ربنا يسوع المسيح: “ارعى نفوسكم واسقفها” (1بط 2: 25).

 

ونفس الوضع في حديث القديس بطرس الرسول إلى
أساقفة الشتات حيث يقول لهم: “ارعوا رعية الله التي بينكم نظاراً (1).. لا
كمن يسود على الأنصبة، بل صائرين أمثلة للرعية. ومتى طهر رئيس الرعاة تنالون إكليل
المجد الذي لا يبلى” (1بط 5: 2- 4). وفى توزيع الرتب والمسئوليات، قال القديس
بولس إن الله:

 

” أعطى البعض أن يكونوا رسلاً، والبعض
أنبياء، والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلمين.. لعمل الخدمة، لبنيان جسد
المسيح” (أف 4: 11، 12).

 

40- آباء

رجال الكهنوت في كل درجاتهم يدعون آباء.

ومع ذلك يعترض البعض على ذلك بقول الرب لتلاميذه:
“ولا تدعوا لكم أباً على الأرض، لأن أباكم واحد الذي في السموات” (مت 23:
9).

 

لذلك رأينا من الأفضل أن نخصص فصلاً خاصاً عن
هذا الموضوع، نتحدث فيه عن الأبوة الروحية التي للكهنوت (انظر الفصل الخامس من هذا
الكتاب).

 

(1) كلمة أسقف (ابسكوبس باليونانية) تترجم أيضاً
ناظر. فالأساقفة نظار. يشبهها قول الرب في سفر حزقيال: “قد جعلتك رقيباً لبيت
إسرائيل. فاسمع الكلمة من فمى، وانذره من قبلى” (حز 3: 17، 23: 7).

 

41- معلمون

ليس لكل أحد سلطان أن يعلم، بل للذين أعطى لهم.

لذلك قيل في (رو 12: 7): ” أم المعلم ففى
التعليم”. وقال القديس بولس إن الله: “وضع في الكنيسة أولاً رسلاً،
ثانياً أنبياء، ثالثاً معلمين” (1كو 12: 28). وقال أيضاً: ” إنه أعطى
البعض أن يكونوا رسلاً، والبعض أنبياء والبعض مبشرين، والبعض رعاة ومعلمين”
(أف 4: 11).

 

وهذه الآية تربط بين الرعاية والتعليم. ولما كان
الأساقفة هم الرعاة، لذلك نجد من شروط السقف أن يكون ” صالحاً للتعليم”
(1تى 3: 2)

 

وفى الرسالة إلى تيطس، يقول القديس بولس عن
الأسقف، إنه يجب أن يكون ” ملازماً للكلمة الصادقة التي بحسب التعليم، لكى
يكون قادراً أن يعظ بالتعليم الصحيح ويوبخ المناقصين” (تى 1: 9).

 

ويقول للقديس تيطس أسقف كريت: “وأما أنت
فتكلم بما يليق بالتعليم الصحيح ويوبخ المناقضين” (تى 1: 9)

 

ويقول للقديس تيطس كريت: “وأما أنت فتكلم
بما يليق بالتعليم الصحيح” (تى 2: 1).

 

ويقول للقديس تيموثاوس أسقف أفسس: “اكرز
بالكلمة. اعكف على ذلك في وقت مناسب وغير مناسب. وبخ انتهر عظ، بكل أناة
وتعليم” (2تى 4: 2) ” لاحظ نفسك والتعليم، وداوم على ذلك.. ” (1تى
4: 16).

 

وعمل التعليم مرتبط بالكهنوت منذ العهد القديم
(ملا 2: 7). وفى العهد الجديد صار للرسل، والأساقفة وباقى رجال الكهنوت.

 

المسيح إلهنا المعلم الصالح، عهد إلى الرسل
بالتعليم، حينما قال لهم: “اكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها” (مر 16: 15)
” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم.. وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم
به” (مت 28: 19، 20). والرسل سلموا التعليم للأساقفة، وأمروهم أن يعلموا
الشعب.

 

وهؤلاء رسموا قسوسا وشمامسة، ليكونوا أمناء على
التعليم. وفى (1تى 5: 17) يتحدث الرسول عن القسوس: “الذين يتعبون في الكلمة
والتعليم”.

 

وبقيت عبارة العهد القديم قائمة: “من فم
الكاهن تطلب الشريعة”.

 

أو كما ورد في سفر ملاخي النبى: “لأن شفتى
الكاهن تحفظان معرفة. ومن فمه يطلبون الشريعة، لأنه رسول رب الجنود” (ملا 2: 7).

 

حقاً، ما أعجب هذا الوصف الذى قيل هنا عن الكاهن
إنه ” رسول رب الجنود”.

 

ليس عمل الكاهن إذن مقتصراً على تقديم الذبائح،
إنما من أهم أعمالة: التعليم..

 

لأنه من فم الكاهن تطلب الشريعة. والشريعة
موجودة كما في العهد القديم، كذلك أيضاً في العهد الجديد، تحتاج إلى من ينقلها إلى
سماع وافهام الناس.

 

ولكن البعض يريدون أن يتعلموا من الروح القدس
مباشرة! ويفهمون خطأ قول الكتاب: “ويكون الجميع متعلمين من الله” (يو 6:
45).

 

إن كان الله يريدنا أن نتعلم منه مباشرة، فلماذا
إذن أعطى البعض أن يكونوا معلمين (أف 4: 11)؟

 

ولماذا وضع في الكنيسة معلمين (1كو 12: 28)؟
ولماذا أمر الساقفة بالتعليم (1تى 4: 16)؟ ولماذا أمر بالوعظ والكرازة (2تى 4: 2)؟

 

عبارة ” يكون الجميع متعلمين من الله
” نفهمها بآية أخرى هى: “الذي يسمع منكم، يسمع منى” (لو 10: 16).

 

أى أن التعليم يكون مصدره هو الله، وشريعته التي
تخرج من فم الكاهن، وليس من الهراطقة أو المبتدعين أو الأنبياء الكذبة، أو مدعى
العلم والمعرفة وليس من الحية التي تكلمت في أذن الإنسان الأول، وليس من الذات..
إنما إن تعلمت من وكيل الله، يكون التعليم هو من الله، الذي قال لوكلائه: “لستم
أنتم المتكلمين بل روح أبيكم” (مت 10: 20).

 

أما أن ينتظر كل مؤمن أن يكلمة الله مباشرة في
كل صغيرة وكبيرة، ويصبح كل واحد من رجال الوحى، فهذه كبرياء مستترة ترفض سماع
التعليم. وهؤلاء لا نضمن ما هو الروح الذي سيكلمهم!

 

هوذا يوحنا الرسول يقول في صراحة كاملة: “لا
تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح هل هى من الله..” (1يو 4: 1).. العل
الجميع – عل مختلف مستوياتهم. لهم موهبة تمييز الأرواح؟!

 

على أن هذه النقطة تحتاج إلى شرح كثير0 فكل
الطوائف لها اجتماعات للوعظ والتعليم، ولها رجالها المسئولون عن تعليم الشعب..

هنا ونقف أمام آية تحتاج إلى شرح وهى قول الرب
لتلاميذه القديسين:

” ولا تدعوا معلمين. لأن معلمكم واحد هو
المسيح” (مت 24: 10).

لا يقصد السيد المسيح اطلاقاً الغاء التعليم،
لأنه دعا إلى ذلك بقوله: “وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أو صيتكم به” (مت
28: 19). ولا يتفق الغاء التعليم مع الحق الكتابى، ولا مع نشر الإيمان، ولا مع
إرسال الله للأنبياء، ولا مع قوله عن الكاهن إن ” من فمه يطلبون
الشريعة” (ملا 2: 7).

 

إنما عبارة: “معلمكم واحد هو المسيح ”
قالها السيد لرسله فقط، وليس لجميع الناس. وتنطبق ايضاً على خلفائهم.

 

وبنفس المعنى قال: لا تدعوا لكم أباً، ولا تدعوا
سيدى. أما باقى المؤمنين، فلهم آباء روحيون، ولهم معلمون، فهكذا تعليم الكتاب
بعهديه القديم والحديث.

 

هناك كلام كان الرب يقوله لتلاميذه فقط، وكلام
آخر يقوله لجميع الناس. لذلك قال له بطرس في مثل السهر والاستعداد:

 

” يا رب ألنا تقول هذا المثل أم للجميع
أيضاً” (لو 12: 41).

 

أما الذين يقدمون آية وواحدة، لينشروا بها
تعليماً، تاركين باقى آيات الكتاب التي يتكامل بها المعنى ن فهؤلاء يوبخهم الرب
قائلاً:

 

” لا تضلوا إذ لا تعرفون الكتب” (مت
22: 29، مر 12: 24).

 

فى كل تعليم إذن، علينا لكى نفهم المعنى، أو
نتعمق فيه، أن نجمع الآيات الخاصة بهذا الموضوع ” قارنين الروحيات
بالروحيات” (1كو 2: 13) في غير تحيز أو تعصب. ننتقل إلى نقطة أخرى من عمل
رجال الكهنوت وهى انهم:

 

42- مرشدون ومدبرون

1- يتكلم القديس بولس الرسول فى (عب 13) عن
المرشدين فيقول:

 

“اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله.
انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم” (عب 13: 7) ويقول أيضاً: “اطيعوا
مرشديكم واخضعوا، لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم، كأنهم سوف يعطون حساباً، لكى يفعلوا
ذلك بفرح، غير آنين أن هذا غير نافع لكم “(عب 13: 17).

 

2- وواضح هنا أنه لا يتكلم عن مرشدين عاديين،
وإنما عن أشخاص من رجال الإيمان، وهم في موضع المسئولية. ويجب لهم الخضوع والطاعة.

 

ليسوا هم أشخاصاً عاديين تأخذون منهم إرشاداً.
لأنهم ” يسهرون لأجل نفوسكم ” ولأنهم يتصرفون بأسلوب من ” يعطى
حساباً”. وهم يئنون لم تستجيبوا للإرشاد.

 

وكل هذا يدل على أنهم في موضع المسئولية، أو في
موقف الآباء الروحيين، الذين يتمثل المسترشدون وبإيمانهم. كما أن الطاعة والخضوع
هما لمن يكونون في هذا المستوى.

 

3- ومن جهة عمل الكهنة كمدبرين، يقول القديس
بولس:

 

” أما الشيوخ (أو القسوس) المدبرون حسناً،
فليحسبوا أهلاً لكرامة مضاعفة، ولا سيما الذين يتعبون في الكلمة ولتعليم”
(1تى 5: 7). ويقول: “المدبر فباجتهاد.

 

و المدبر Hegwman أو ايغومانوس، ويمكن أن تترجم قمص.

 

وهذا أيضاً ليس للكل. إنما للمجموعة الميزة التي
ذكرناها. ولذلك يقول القديس بولس عن المدبرين:

 

” ثم نسالكم أيها الاخوة أن تعرفوا الذين
يتعبون بينكم ويدبرونكم في الرب وينذرونكم. وأن تعتبروهم كثيراً جداً في
المحبة” (1تس 5: 12).

 

وواضح أن هذا ليس للكل. والتدبير في الرب، هو
التدبير الروحى أو الكنسى الخاص بعلاقة الناس بالرب، ولذلك قال أيضاً: “وينذرونكم”..
يضاف إلى هذا أنه قال عن هؤلاء المدبرين في (1تى 5: 17) ” ” ولا سيما
الذين يتعبون في الكلمة والتعليم “0 إذن هم ليسوا من العلمانيين، وإنما من
خدام الكلمة. تضاف كذلك عبارة ” الشيوخ ” وهى ترجمة لكلمة (قسوس) أيضاً.

 

43- كهنة

1- رجال الكهنوت، في كل درجاته، دعوا كهنة.

تماماً – كما في الجيش – من القائد العام إلى
العسكرى العادى، كل منهم يلقب بأنه رجل عسكرى.

2- السيد المسيح دعى كاهنا، ودعى أيضاً رئيس
كهنة، بصفته رئيس الكل كهنة العهد الجديد.

 

قيل إنه: “كاهن إلى الابد على طقس ملكي
صادق” (عب 7: 21، مز 110: 4). وفى نفس الوقت قيل عنه إنه رئيس كهنة:

 

“لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا،
قدوس بلا شر ولا دنس، قد انفصل عن الخطاة، وصار أعلى من السموات” (عب 7: 26).

 

” رئيس كهنة مثل هذا، قد جلس في يمين عرش
العظيمة في السموات” (عب 8: 1).

 

انظر أيضاً (عب: 14، 5، 10، 8: 3)..

 

3- بولس الرسول دعى كاهنا (رو 1: 16).

 

وكلمة قسيس تكررت كثيراً في العهد الجديد، وكذلك
كلمة كاهن، ولكن الاخوة البرتستانت يترجمونها شيخاً. ولكنها في الترجمة الكاثوليكية
ليست كذلك.. وسنضرب امثله لذلك:

 

44- أمثلة لترجمة الكهنة والشيوخ

(1تى 5: 17) – الترجمة الكاثوليكية – ”
والكهنة الذين يقومون بعملهم قياماً حسناً يستحقون اكراماً مضاعفاً”.

 

– الترجمة البروتستانتية – ” أما الشيوخ
المدبرون حسناً، فليحسبوا أهلاً لكرامة مضاعفة”.

 

(1تى 5: 19) – الترجمة الكاثوليكية – ” لا
تقبل الشكوى على كاهن، إلا بشهادة شاهدين أو ثلاثة”.

 

– الترجمة البروتستانتية – ” لا تقبل شكاية
على شيخ، إلا على شاهدين أو ثلاثة شهود”.

 

” 1تى 1: 5) – الترجمة الكاثوليكية –
” تركتك في اقريطش، لتتم فيها تنظيم الأمور، وتقيم كهنة في كل بلدة كما
أوصيتك”.

 

(يع 5: 14) – الترجمة الكاثوليكية – ” هل
فيكم مريض؟ فليدع كهنة الكنيسة، ليصلوا عليه، بعد أن يدهنوه بالزيت”.

 

– الترجمة البروتستانتية – ” أمريض أحد
بينكم، فليدع شيوخ الكنيسة، فيصلوا عليه ويدهنوه بالزيت”.

 

(1تى 4: 14) – الترجمة الكاثوليكية – ´لا تهمل
الهبة الروحية التي فيك فقد أوتيتها بالنبوة حين وضع جماعة الكهنة أيديهم
عليك”.

 

– الترجمة البروتستانتية – ” لا تهمل
الموهبة التي فيك، المعطاة لك بالنبوة مع وضع ايدى المشيخة”.

 

45- البروتستانت والترجمة ما بين: قسيس – شيخ –
كاهن

نلاحظ أن الأخوة البروتستانت، كما يترجمون كلمة
قسيس أو كاهن إلى شيخ لمحاربة الكهنوت، كذلك يعملون العكس، فيترجمون كلمة شيخ إلى
قسيس للخلط بين ربتة القسيس ورتبة الأسقف.

 

وسنضرب لذلك مثالين:

(أع 20: 17، 28) – الترجمة الكاثوليكية – ”
فأرسل من ميليطس يستدعى شيوخ الكنيسة في أفسس.. ” وهنا يترجمها البروتستانت
” قسوس الكنيسة ” ويكملون في (ع 28) ” التي أقامكم الروح القدس
عليها أساقفة ” يترجمونها هكذا ليثبتوا أن الأسقف هو القس، الأمر الذى سنرد
عليه في الصفحات المقبلة بمشيئة الرب.

 

كلمة كهنة تشمل كل درجات الكهنوت في لغة الكتاب.

 

وكذلك الترجمة الخاصة بكلمة ” شيوخ ”
فقد يكون الشيخ أسقفاً أو قساً، أو رسولاً

 

و الرسل اطلق على بعضهم كلمة شيخ، كبطرس ويوحنا.

 

1- مثل ذلك قول بطرس الرسول: ” أطلب إلى
الشيوخ الذين بينكم، أنا الشيخ رفيقهم، والشاهد لآلام المسيح.. أرعوا رعية الله
التي بينكم نظاراً..” (1بط 5: 1، 2).

 

وعبارة ارعوا رعية الله، تدل على انهم كانوا
أساقفة، لأن الأسقافة كانوا هم الرعاة، كاتدل على ذلك أيضاً كلمة ”
نظاراً”.

 

ب- ويوحنا الرسول يقول في مستهل رسالته الثانية
والثالثة:

“الشيخ إلى كيرية المختارة ” (2يو 1).

” الشيخ إلى غايس الحبيب” (3 يو 1).

وفى الترجمة الكاثوليكية (الحبر) وهو لقب لرئيس
الكنيسة.

 

46- درجات الكهنوت

1- ونقصد بها الدرجات التي تؤخذ بوضع اليد من
الكنيسة، بصلوات خاصة وأصوام، ومعها موهبة من الروح القدس.

 

2- وكلها درجات كتابية، ذكرت فى الكتاب المقدس،
ونعنى بها:

الأسقفية،

والقسيسة،

والشماسية.

وكلها وردت فى الإنجيل المقدس. وقد ورد في
الدسقولية إن الأساقفة رعاة، والقسوس معلمون، والشمامسة خدام.

 

47- أساقفة

3- وأول أساقفة في الكنيسة، هم الآباء الرسل
القديسون.

ولكنهم كانوا أساقفة بالمعنى المسكونى، وليس
بالمعنى المكانى. أم القديس يعقوب الرسول فكان أسقفاً لأورشليم.

 

4- وقد اطلق لقب ” أسقف ” على السيد
المسيح نفسه..

 

وفى ذلك قال معلمنا القديس بطرس الرسول: “لأنكم
كنتم كخراف ضالة لكنكم رجعتم الآن إلى راعى نفوسكم وأسقفها” (1 بط 2: 25).

 

5- وحسناً الأن ترتبط هنا الرعاية والأسقفية
معاً.

و السيد المسيح هو الراعى الصالح (يو 10: 11).
وهكذا يكون هو أسقف نفوسنا. الأساقفة قد فوضهم السيد المسيح، أن يقوموا بالعمل
الرعوى الذي يعمله هو عن طريقهم.

 

ومن الآمثلة الأخرى التي اجتمع فيها اللقبان: الأسقف
والراعى، قول بولس الرسول لأساقفة أفسس: “احترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية
التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة، لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه”
(أع 20: 28). ونلاحظ هنا أن الأساقفة الرعاة مقامون من الروح القدس.

 

6- و الرسل أيضاً كانوا رعاة أساقفة، أو رؤساء
اساقفة كما كان الرسل كذلك كهنة ورؤساء كهنة.

 

هم أساقفة من جهة الكهنوت، وهم رؤساء أساقفة من
جهة علاقتهم بأبنائهم وخلفائهم الأساقفة.

 

وكذكك بنفس المعنى تماماً، هم كهنة ورؤساء كهنة:
كهنة من جهة عملهم الكهنوتى، ورؤساء كهنة من جهة رئاستهم على كل درجات.

 

7- والأساقفة هم ايضاً وكلاء الله.

 

وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول إلى تلميذه
تيطس أسقف كريت: “يجب أن يكون الأسقف بلا لوم، كوكيل الله ” (تى 1: 7).

 

وبهذا المعنى يكون الرسل أيضاً أساقفة، كوكلاء
الله.

 

وفى هذا قال القديس الرسول عن نفسه وعن مساعدية
العاملين معه: “هكذا فليحسبنا الإنسان كخدام المسيح، ووكلاء السرائر الإلهية.
ثم يسأل في الوكلاء لكى يوجد الإنسان أميناً” (1كو 4: 1، 2).

 

إذن الرسل اساقفة باعتبارهم رعاة، وباعتبارهم
وكلاء الله، وأيضاً من جهة طبيعة عمله الكهنوتى.

 

وجميع رؤساء الكهنة الحاليين، ما هم إلا وكلاء
لرئيس الكهنة الأعظم ربنا يسوع المسيح، وهم كرعاة ووكلاء لرئيس الرعاة (1بط 5: 4).
هم وكلاء للرب في عمل الرعاية وباقى أعمال الكهنوت بما في ذلك التعليم وخدمة
السرائر الإلهية.

 

وطبعاً ليس جميع الناس وكلاء الله، وليسوا
جميعهم رعاة وأساقفة. وبالتالى لا يكون الجميع كهنة كمال يدعى البعض. يضاف إلى هذا:

 

8- إن الكتاب المقدس يشرح الشروط اللازمة لدرجة
الأسقفية.

 

ويوقول من بينها إنه يجب أن يكون ” صالحاً
للتعليم ” ” غير حديث الإيمان لئلا يتصلف ” ” له شهادة حسنة
من الذين هم من خارج” (1تى 3: 2- 7). ويقول عنه في الرسالة إلى تيطس: “ملازماً
للكلمة الصادقة التي بحسب التعليم، لكى يكون قادراً أن يعظ بالتعليم الصحيح ويوبخ
المناقضين” (تى 1: 9).

 

9- وهذه الصفات لا يشترط طبعاً أن تكون لجميع
الناس.

 

ومن هذه الصفات أيضاً أن يكون ” بعل امرأ
واحدة” (تى 1: 6). ” يدبر بيته حسناً، له أولاد في الخضوع بكل وقار.
وإنما إن كان أحد لا يعرف أن يدبر بيته، فكيف يعتنى بكنيسة الله ” (1تى 3: 4،
5).

وهذا الصفات ليست لجميع من اختصاصهم العناية
بكنيسة الله.

 

10- وإن قال أحد إن الأساقفة حالياً غير متزوجين..

نجيب بأنه في العصر الرسولى، ما كان يمكن أن
يحرم من خدمة الكهنوت الأشخاص القديسون الذين سبق لهم الزواج، قبل أن تنظم
البتولية الخاصة بهذه الخدمة، مثل بطرس الرسول مثلاً..

 

ثم بدأ القديس بولس الرسول يشرح أهمية البتولية
ويحث عليها بقوله: “ولكن أقول لغير المتزوجين وللأرامل: إنه حسن إذا لبثوا
كما أنا ” ” أريد أن تكونوا بلا هم. غير المتزوج يهتم فيها للرب كيف
يرضى الرب. وأما المتزوج فيهتم في ما العالم كيف يرضى امراتة” (1كو 7: 8، 32)
وبالتدريج نمت مسالة البتولية في الأساقفة، حتى صارت عرفا متتبعاً، ثم قررتها
الكنيسة في القرن الرابع، في المجمع المسكونى الأول المنعقد في نيقية سنة 325 م.

 

48- قسوس

11- وقد وردت كلمة ” قسوس ” في (أع 14:
23) حيث قيل عن بولس وبرنابا، إنهما في تبشيرهما لسترة وأيقونية وأنطاكية:

 

” انتخبا لهم قسوساً في كل كنيسة. ثم صليا
بأصوام، واستودعاهم للرب الذي كانوا قد آمنوا به” (أع 14: 23).

 

ونلاحظ هنا ان اقامة القسوس صحبتها صلوات وأصوام،
لاشك انها الصلوات الطقسية الخاصة بالسيامة، كما ورد نفس التعبير (الصلاة والصوم)
في وضع اليد على برنابا وشاول (أع 13: 3).

 

على أن كلمة قسيس يترجمها اخوتنا البروتستانت
بكلمة شيخ. وكلمة شيخ هنا لا تعنى شيخاً بمعنى انه رجل كبير السن، إنما بالمعنى
الاصطلاحى. أما الكاثوليك فيترجمونها كاهناً كما ذكرنا.

 

وكلمة شيخ في كثير من الأديان تعنى رجل الدين،
حتى لو كان صغير السن..

 

12- ووردت درجة القسيسة في قول بولس الرسول
لتلميذه تيطس أسقف كريت: “تركتك في كريت، لكى تكمل الأمور الناقصة، وتقيم في
كل مدينة قسوساً (شيوخاً – كهنة) كما أوصيتك” (تى 1: 5).

 

ووردت أيضاً في (يع 5: 14) ” أمريض أحد
بينكم فليدع قسوس الكنيسة (شيوخ أو كهنة الكنيسة) فيصلوا عليه ويدهنوه بالزيت باسم
الرب. وصلاة الإيمان تشفى المريض. وإن كان قد فعل خطية تغفر له”.

 

13- فلو كان الجميع متساوين، ولو كان الكل
ملوكاً وكهنة بالمعنى الحرفى، فلماذا يستدعى المريض هؤلاء القسوس أو هؤلاء
الشيوخ؟! أما كان ممكناً ن يستدعى أى مؤمن ليصلى عليه ويدهنه بالزيت. والكل
مستاوون ولا فارق..

 

14- ومادام اخوتنا البروتستانت لا يؤمنون اطلاقاً
بوجود وسيط بشرى بين الله والناس ن فلماذا يستتدعى هذا المريض وسيطاً، كاهناً كان
أوشيخاً، ليصلى عليه ويدهنه بالزيت؟! لماذا لا يصلى بنفسه، ويدهن نفسه بالزيت؟!

 

لاحظوا إنه لم يقل في هذه الآية: “يستدعى
أحد المؤمنين الذين لهم مواهب الشفاء” (وإنما يستدعى قسوس (شيوخ) الكنيسة.
فلم يتكلم هنا عن الموهبة، إنما عن الوظيفة..

 

15- انظر أيضاً ذكر القسيسة في (1تى 5: 17).

 

أما القسوس (الكهنة – الشيوخ) المدبرون حسناً،
فليحسبوا أهلاً لكرامة مضاعفة، ولا سيما الذين يتعبون في الكلمة والتعليم”.

 

و التعليم – منذ العصر الرسولى – ما كان يؤتمن
عليه أحد، بل كان للرسل ولخلفائهم ومعاونيهم من رجال الاكليروس.

 

فهؤلاء الذين ذكرهم الرسول في (1تى 5: 17)، كان
معهوداً إليهم بأمرين: التعليم والتدبير، فقيل إنهم مدبرون، أى قمامصة (هيغرمانوس)..

 

16- ومع انكار درجات الكهنوت، نرى أن اخوتنا الانجيليين
في مصر، يتمسكون بلقب قسيس أو قس، ولا يحبون أن يكون لقبهم شيخاً، على الرغم من
تمسكهم بالترجمة إلى شيخ في الكتاب المقدس وفى نفس الوقت، يرون أن لقب قسيس لا
يعنى أى معنى من معانى الكهنوت.

 

وهكذا يفرفون عملياً بين كلمة قسيس وكلمة شيخ،
بينما لا يقدمون تفريقاً كتابياً بين اختصاص هذا وذاك.

 

هذا هو اعتقاد الكنيسة المشيخية على الرغم من
لقب أى
Presbeterians المشيخيين

 

أما الاخوة البلاميس |(البليموث) فلا يستخدمون
لقب قسيس اطلاقاً، ويرون أن الجميع اخوة، ولا فارق. فلقب كل واحد منهم هو (أخ)..
أيا كان عمله في الكنيسة. وحتى الرسل يدعونهم اخوة!!

 

أما نحن فتعتقد بكهنوت القسوس وبكهنوت الأساقفة،
بسبب الأعمال الكهنوتية التي عهد بها الرب إليهم، كما شرحنا في الفصل السابق
(الثالث) في هذا الكتاب.

 

إن الموضوع ليس هو مجرد خلاف فى الترجمة، أن
ندعو شخصاً قساً أو شيخا، إنما الأمر الجوهرى هو العمل الكهنوتى الذي يقوم به، فهو
الذي يميزه..

 

أهو الذي يدعوه المريض ليصلى عليه ويدهنه
بالزيت؟ أهو الذي تأتمنه الكنيسة على التعليم، وعلى تدبير المؤمنين؟ أهو الذي يقيم
سر الافخارستيا؟ أهو الذي يعمد؟ أهو المدعو من الله كما هرون..؟ إلخ

 

17- و البلاميس لا يفرقون بين الأسقف والقسيس
كتابياً، على الرغم من أنهم لا يستخدمون لقب هذا ولا ذاك!

 

49- الفرق بين الأسقف والقسيس

18- الفرق الأول: ان الأساقفة لهم حق إقامة
القسوس:

وفى هذا يقول القديس بولس لتلميذه تيموثاوس: “لا
تضع يدك على أحد بالعجلة، ولا تشترك في خطايا الآخرين ” (1تى 5: 22). ويقول
ايضاً لتلميذه تيطس: “تركتك في كريت لكى تكمل ترتيب الأمور الناقصة، وتقيم في
كل مدينة قسوساً (شيوخا) كما أوصيتك” (تى 11: 5).

 

وتذكر قوانين ان القس يقام من أسقف واحد. أما
الأسقف فيضع عليه اليد ما لا يقل عن أسقفين أو ثلاثة.

 

19- و الفرق الثانى أن الأسقف يمكن أن يحاكم
القسوس:

 

وفى ذلك يقول القديس بولس الرسول لتلميذه
تيموثاوس الأسقف في وجوب العدل.

 

فى أمثال هذه المحاكمات: “لا تقبل شكاية
على كاهن (شيخ) إلا على شاهدين أو ثلاثة..” (1تى 5: 19).

 

20- كما أن للأسقف الحق في مكافأة القسوس:

وعن ذلك يقول القديس بولس لتلميذه تيموثاوس في
نفس الرسالة: “أما القسوس (الشيوخ) المدبرون حسناً، فليحسبوا أهلاً لكرامة
أفضل، ولا سيما الذين يتعبون في الكلمة والتعليم” (1تى 5: 17). ننتقل بعد هذا
إلى الحديث عن الشمامسة

 

50- شمامسة

21- ورد ذكرهم لأول مرة في سفر أعمال الرسل (أع
6).

واشترطت فيهم اشتراطات تميزهم عن باقى المؤمنين،
منها:

أ- أن يكونوا مملوءين من الروح القدس والحكمة.

ب- أن يقيمهم الرسل، بوضع اليد عليهم، مع الصلاة.

ج- أن يباشروا مسئوليات معينة فى الكنيسة

 

22- وكانت الخدمة الاجتماعية هى أولى مسئولياتهم.
ونسمع عن القديس اسطفانوس انه كان يعمل أيضا بالكرلزة والتعليم (أع 6: 1، 9، 10).

 

23- وقد وردت درجة الأسقفية، مع درجة الشمامسة
في بدء رسالة القديس بولس الرسول إلى هل فيلبى، حيث قال:

 

“بولس وتيموثاوس عبدا يسوع المسيح، إلى
جميع القديسين في المسيح يسوع الذين في فيلبى، مع أساقفة وشمامسة ” (فى 1: 1).

 

وهنا نراه قد وجه رسالته إلى الكل، مميزاً
الأساقفة والشمامسة عن كل الشعب.

 

فلو كان الكل متساوين، ولو كان الكل كهنة،
فلماذا إذن هذا التمييز في مخاطبته للشعب؟! حقاً إنهم كلهم قديسون في المسيح يسوع،
ولكنهم ليسوا كلهم واحداً في الاختصاصات، وليسوا كلهم واحداً في الكهنوت.

 

23- وقد وردت صفات مميزة للشمامسة في (اتى 3: 8
– 13).

 

إذ قال الرسول: “ليكن الشمامسة كل بعل
امرأة واحدة، مدبرين ألأودهم وبيوتهم حسنا ً”. وهذا الشرط هو احد الشروط
اللازمة للأساقفة ايضاً (1تى 3: 2، 4) وهذا يدل على عظم هذه الدرجة. وهكذا قال
الرسول بعدها:

 

” لأن الذين تشمسوا (أى صاروا شمامسة)
يقتنون لأنفسهم درجة حسنة وثقة كبيرة في الإيمان الذي بالمسيح يسوع” (1تى 3: 13).

 

وهذا الوضع يميزهم بلا شك عن باقى المؤمنين.

 

ولهذا اشترط فيهم أيضاً أن يختبروا أولاً، ثم
يصيروا شمامسة إن كانوا بلا لوم (1تى 3: 10). وعبارة ” بلا لوم ” هى
إحدى الصفات التي اشترطت في الأسقف (1تى 3: 2، تى 1: 7).

 

24- وهنا نرى شروطاً مشتركة بين الأسقف والشماس:

 

إذ يجب أن يكون كل منهما بلا لوم، بعل امرأة
واحدة، قد دبر بيته حسناً، غير بعض الصفات الروحية الأخرى. وهذا كله يدل على عظم
درجة الشماس وتمايزه عن باقى الشعب.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى