علم التاريخ

الجزء الأول



الجزء الأول

الجزء
الأول

تاريخ
شعب إسرائيل

إبراهيم
أب الآباء يستقبل الثلاثة الملائكة الذين أنبأوه بميلاد إسحق

“ملاك
الرب يمنع أبانا إبراهيم من ذبح ابنه وحيده إسحق قائلاً لا تمد يدك إلى الغلام ولا
تفعل به شيئاً، لأني الآن علمت أنك خائف الله فلم تُمسك ابنك وحيدك عني” (تك
12: 22)

1-
بداية شعب

شعب
إسرائيل حسب التقليد كان في أصله أرامياً من جهة الجنس، يضرب جذوره عميقاً في أرض
الكلدانيين حيث مدينة أور التي تقع جنوب نهري دجلة والفرات، ثم مدينة حاران في
الشمال وهي مدينة تاريخية مشهورة عاش فيها تارح أبو إبراهيم، وهي المنطقة التي
انحدر منها إبراهيم أبو الآباء الذي- بحسب التوراة- هو أبو كل المؤمنين بالله على
وجه الأرض. هذا الذي دعاه الله ليخرج من موطنه ومن وسط عشيرته، ولينطلق تحت رعاية
الله وتوجيهه، ليتغرَّب في أرض كنعان، حيث استقر في المنطقة الوسطى في فلسطين بعض
الوقت. ولكنه ارتحل قليلاً قليلاً نحو الجنوب حيث جبل حبرون، وضرب خيامه في بئر
سبع، وامتد حتى إلى وادي العريش. لم يفلِّح أرضاً ولا بنى بيوتاً؛ بل عاش هو
وأولاده في الخيام يرعون قطعانهم، ولم يمتلك من الأرض إلاَّ مقدار قبر. وهكذا ظل
متغرِّباً كل أيام حياته: “ثم تصرِّح وتقول أمام الرب إلهك: أرامياً تائهاً
كان أبي، فانحدر إلى مصر، وتغرَّب هناك في نفر قليل، فصار هناك أُمة كبيرة وعظيمة
وكثيرة

(تث 5: 26). كان ذلك حوالي سنة 2000 قبل الميلاد أو بعد ذلك بقليل.

وكان
إبراهيم يُدعى عبرانياً (تك 3: 14)، فالعبرانيون كانوا طائفة من البدو الرحَّل
لهم نظام معيَّن في الحياة وقوانين يعيشون بمقتضاها([1])،
يعيشون حول المدن في نوع من الاستقرار. وقد ترك إبراهيم بصماته المقدَّسة على
أماكن كثيرة في فلسطين، فقد بنى مذابح على مرتفعات بلوطة مورة بقرب شكيم (نابلس
الآن)، ومرتفعات جبل المُوريَّا في أُورشليم، وفي بيت إيل حيث رفع ذبائح كثيرة
وخدم الله حسب شريعة تلك الأيام.

هدف
منذ البداية:

ومنذ
البداية يعلن الله في وضوح عن مقاصده الأزلية المرسومة بدقة، كيف اختار الله
إبراهيم ليكون أباً للإيمان، والوسيط لإبلاغ بركات الإيمان إلى كل أُمم الأرض:

+
“وقال الرب لأبرام: اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي
أُريك، فأجعلك أُمة عظيمة، وأُباركُكَ وأُعظِّم اسمكَ، وتكون بركةً.. وتتبارك فيك
جميع قبائل الأرض” (تك 12: 13)

وبهذا
الوعد، وعلى هذا الإيمان، وبمقتضى هذه الرسالة، تصوَّر شعب إسرائيل في صُلب
إبراهيم، وتسجَّل ميلاده على صفحة تاريخ أعمال الله بالنسبة للعالم.

الروح
القومية:

لقد
أخذ إبراهيم نسله بوعد من فم الله، ومن صُلب حفيده يعقوب- إسرائيل- خرجت الأسباط الاثنا عشر. ولكن العجيب حقا أن تتآلف هذه الأسباط
بغاية السرعة لتأخذ الروح القومية، بالرغم مما كانت تعانيه هذه الأسباط فيما بينها
من اختلافات بلغت أحياناً حد الحروب الداخلية،
حتى كادت تُفني بعضها بعضاً. وأكبر مثل على ذلك قصة محاولة قتل أولاد
يعقوب لأخيهم يوسف، وأخيراً باعوه لقافلة مرتحلة إلى مصر. هذه الروح القومية التي
كانت تتأجَّج في دمائهم- بالرغم من عراكهم الداخلي المستمر- هي التي أهَّلت بني
يعقوب أو شعب إسرائيل لتحديد هويتهم كأُمَّة، كما أن هذه الروح القومية كانت هي
العامل- وليست الأساس- لنصرتهم في الحروب، التي أهلتهم لابتلاع القبائل الصغيرة
المحيطة بهم وتذويبها في النسيج الإسرائيلي.

اسم
“إسرائيل”:

كلمة
“إسرائيل” باللغة العبرية تعني: “الله يجاهد” “
yisrãél يسرائيل”. ولكن أُعطيت ليعقوب بن إسحق بن إبراهيم، بمعنى أنه جاهد
مع الله وغلب، وذلك بعد ليلة جهاد في الصلاة وتوسل حتى الفجر: “فقال له: ما
اسمك؟ فقال: يعقوب. فقال: لا يُدعى اسمك فيما بعد يعقوب بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع
الله والناس وقدرت
” (تك 32: 27و28). ومنذ ذلك الحين ويعقوب يسمَّى: “إسرائيل”.

ثم
أُطلقت كلمة “إسرائيل” على أسباط يعقوب الاثني عشر “بني إسرائيل”. وأول صورة
تكوَّنت لبني إسرائيل كشعب تكوَّنت في مصر عندما هاجروا من أرض كنعان مع أبيهم
يعقوب (إسرائيل)، وكان عددهم آنئذ سبعين نفساً، والتجأوا إلى مصر على أثر مجاعة
اجتاحت العالم مدة سبع سنوات: “جميع نفوس بيت يعقوب التي جاءت إلى مصر سبعون

” (تك 27: 46)،
“وأمَّا إقامة بني إسرائيل التي أقاموها في مصر فكانت أربع مئة وثلاثين
سنة” (خر 40: 12)

أمَّا تاريخ دخول يعقوب (إسرائيل) مصر فيُحدَّد بالتقريب
سنة 1700 ق.م حيث عاصروا في
مصر:

    
·
كل حكم الهكسوس (17001570 ق.م).

    
·
كل ملوك الأسرة الثامنة عشر([2])
(15701300 ق.م) الذين منهم تحتمس الثالث، وأمينوفيس الثالث، وأمينوفيس
الرابع، وأخناتون.

  ·وبعضاً
من ملوك الأسرة التاسعة عشر (13001200 ق.م) ومنهم رمسيس الأول وسيتي
الأول ورمسيس الثاني الذي تمَّ الخروج في أيام مُلكه حوالي سنة 1280 ق.م تقريباً.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى