اللاهوت الدفاعي

8- هل كان للفلسفة اليونانية أو فلسفة فيلو تأثير على عقيدة اللوجوس في الإنجيل للقديس يوحنا؟



8- هل كان للفلسفة اليونانية أو فلسفة فيلو تأثير على عقيدة اللوجوس في<br /> الإنجيل للقديس يوحنا؟

8- هل
كان للفلسفة اليونانية أو فلسفة فيلو تأثير على عقيدة اللوجوس في الإنجيل للقديس
يوحنا؟

 

 يختلف
اللوجوس عند كل من القديس يوحنا والفلاسفة اليونانيين من جهة ومع لوجوس فيلو من
جهة أخرى. وهذا الاختلاف لا تشابه فيه ولا تقارب إلا في الاسم فقط ” اللوجوس”.

 فالفلاسفة
الإغريق يرون أن الله أزلي وسامي وغير مدرك وغير معروف ولا يحتاج لغيره ومكتف
بذاته، وأنه خير كلي. وأن المادة أزلية ولا بداية لها وهي شر ولا يمكن لله أن يلمس
هذه المادة الشر أو يتعامل معها، ومن ثم دعت الحاجة لوجود وسيط بين الله والمادة
ليقوم بتصنيعها وليس خلقها لأنها، في نظرهم أزلية، هذا الوسيط هو اللوجوس، وهذا
اللوجوس، كما سبق أن أوضحنا هو مجموعة من المثل أو المبادئ أو المبدأ الكلي أو
القوات أو الأفكار، وهو في كل الأحوال غير الله وعميله في الكون وأن كانوا لم
يحددوا له شخصية أو هوية معينة، فهو عندهم ليس بشخص أو كيان متمايز بل مجموعة من
القوات أو المثل أو الأفكار والمبادئ، أو كلمة الإنسان التي تخرج من عقله 00 الخ.

 وبنفس
الطريقة عند فيلو اليهودي؛ فاللوجوس عنده مجرد عقل وإرادة، إرادة الله، مثل
الأفلاطونية، ولكنه لا يميز بين العقل والإرادة بل وتختفي عنده الإرادة في العقل.
كما أن اللوجوس عنده ليس شخص أو كيان متميز، أقنوم، وبالرغم من أن اللوجوس عنده
يبدو وكأنه مشخص إلا أنه لا شخصية له، وعلى سبيل المثال فعندما يتكلم عنه كملاك
يعود بهاجر إلى سارة لا نتصور أنه شخص بل على العكس، فهاجر بالنسبة له مجرد فكرة
مجردة، فهو لا يقصد بهاجر المرأة، خادمة سارة، بل أنه يرى في اسمها رمز ”
للفنون والعلوم الإنسانية التي عادت إلى الفضيلة “، بل ويربط بين اللوجوس
والكون فيقول: ” الكون الفسيح ليس شيء أخر غير لوجوس الله عندما يرتبط بعمل
الكون؛ وأي مدينة فسيحة ليست شيء سوى انعكاس للمعمار عندما ينوي العمل في المدينة”.
فاللوجوس بالنسبة له مجموعة الأفكار التي تقيم في العالم، اللوجوس عنده هو مجموعة
من القوات التي يمكن أن تتحد أو تنكسر بطريقة أو بأخرى. كما أن العلاقة بين الإله
غير المدرك واللوجوس غير واضحة عند فيلو بالرغم من أنه يؤمن مثل الفلاسفة
اليونانيين بأنه لا صلة بينه، اللوجوس، وبين المادة، فهو بالنسبة له فكرة أو أفكار
ومُثل أكثر من كونه إله ثان أو أقل من الله ويبدو غير كامل في ذاته.

 أما
اللوجوس في الإنجيل للقديس يوحنا فهو، كما بينّا، فهو كلمة الله الذي من ذات الله
وفي ذات الله ولكنه متميز في الذات الإلهية لله الواحد، وهو كائن حي عاقل وقد خلق
الكون ككلمة الآب الخالق وهو الذي يديره ويدبره، كما أنه تجسد في صورة
إنسان وحل
بين البشر ” والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب
مملوءا نعمة وحقا ” (يو1: 14)، على الأرض، وظهر للملائكة والبشر ” عظيم
هو سرّ التقوى الله ظهر في الجسد تبرر في الروح تراءى لملائكة كرز به بين الأمم
أومن به في العالم رفع في المجد ” (1تي3: 16)، وقام بإعطاء العالم شريعة الحب
والقداسة والكمال بعد أن أتم وأكمل ناموس العهد القديم وقدم للبشرية الفداء الأبدي
بموته، كإنسان، على الصليب ” لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد
لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ” (يو1: 16)، وقام من
الأموات وظهر لتلاميذه وصعد إلى السموات أمامهم وسوف يأتي في نهاية الأيام ليأخذ
المؤمنين على السحاب ويقيم الأموات الذين ماتوا من آدم إلى يوم المجيء الثاني،
وسيجلس على كرسي مجده، عرش الديان، ويدين المسكونة بالعدل ويجازي كل واحد بحسب
أعماله، وسيكون مع الأبرار في الفردوس: ” ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع
الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب
فيميّز بعضهم من بعض كما يميّز الراعي الخراف من الجداء. فيقيم الخراف عن يمينه
والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت
المعد لكم منذ تأسيس العالم ” (مت25 31-33). وهو دائماً مع شعبة وكنيسة في كل
مكان وزمان ” وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء
الدهر
” (مت28: 20).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى