اللاهوت الدفاعي

الباب السابع



الباب السابع

الباب
السابع

قضية
لاهوت السيد المسيح (*)

نحن
نؤمن بأن السيد المسيح هو الله الظاهر فى الجسد ” عظيم هو سر التقوى الله ظهر
فى الجسد” ولذلك نحن مسيحيون. أى أننا نعبد السيد المسيح، الله، المخلص،
الفادى، والسيد المسيح كما سبق أن أشرنا ليس كباقى البشر. فهو آية الآيات.

قال
إشعياء النبى ” ولكن يعطيكم السيد نفسه آية. ها العذراء تحبل وتلد أبناً
وتدعو اسمه عمانوئيل” (أش7: 14).

وقال
المسيح له المجد ” كما كان يونان آية لأهل نينوى كذلك يكون ابن الإنسان أيضاً
لهذا الجيل” (لو11: 30).

 

فالمسيح
هنا آية فى تجسده وآية فى قيامته من الأموات. وصدى لهذه الأقوال قال القرآن:


ولنجعله آية للناس ورحمة منا” (سورة مريم: 21).


وجعلناها وابنها آية للعالمين” (سورة الآنبياء: 91).

أجل!
فالقرآن يبين أن المسيح آية وهو فوق الطبيعة من كل الوجوه.

 

فهو
آية فى مولده، وآية فى رسالته، وآية فى قيامته، وآية فى رفعه حياً إلى السماء،
وآية فى مجىئه الثانى وحكمه يوم الدين.

 

1-
آية فى مولده:

ظهر
بمعجزة. شخص عجيب فريد فوق مستوى البشر!


جميع الآنبياء ولدوا بحسب ناموس الطبيعة، أما المسيح فوحده ولد من أم بتول لم
يمسسها بشر” (سورة مريم 20).

 

ملاك
عظيم من الملائكة المقربين يبشر به مريم الطهور فتحمل كلمة الله وروحه وتلد وهى
عذراء! تلد ابناً خالياً بريئاً من الخطية الأصلية ومن الخطايا الفعلية! لم يمسه
الشيطان قط!

 

2-
آية فى رسالته ومعرفته للغيب:

إن
رسالة السيد المسيح حسبما وصفها القرآن الكريم قد امتازت وانفردت بتأييد الروح
القدس. وكان موضوع رسالته هو الإنجيل، أى الخبر المفرح، وتأيدت دعوته بالمعجزات.
فكان مطلعاً على سرائر الناس ” وأنبأكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن
فى ذلك لآية لكم أن كنتم مؤمنين ” (سورة آل عمران 29) وكان يعرف الغيب ويعلم
المستقبل المجهول. ويورد القرآن الكريم نبوته الكبرى عن آخرته أنه سوف يموت ويبعث
عقب موته حياً. فقال “السلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً”
(سورة مريم: 33)

 

وخاتم
رسالة السيد المسيح فى القرآن هو المعجزات التى تشهد له بالتفوق على جميع الأنبياء
وهى نوعان:

1-   
المعجزات التى تمت فى شخصه المبارك كالحبل به
وميلاده بأعجوبة ونبوغه فى الحق صبياً وإرتفاعه حياً. فهو آية فى شخصه منذ دخوله
إلى العالم إلى حين خروجه منه وإلى يوم مجيئه ثانية.

2-         
المعجزات التى أتمها فى غيره مثل ابراء الأكمة
وتطهير الأبرص وإحياء الموتى.

 

3-         
آية فى قيامته:

أن
السيد المسيح له المجد رئيس السلام قد حمل السلام للعالم يوم مولده ويوم موته ويوم
قيامته المجيدة كقوله حسب عبارة القرآن “سلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم
أبعث حياً” (سورة مريم 33).

 

والإنجيل
يعرفنا أن قيامة السيد المسيح
من الأموات
هى آيته الكبرى (لو11: 30) التى تعتبر ختماً لصدق رسالته (رو 1: 5) وأساساً
لتبريرنا (رؤ4: 24) وسبباً لرجائنا بعد الموت فى البعث والنشور. قال السيد المسيح
له المجد ” إنى أنا حى فأنتم ستحيون”(يو4: 19).

 

4-         
آية فى رفعه حياً إلى السماء:

أن
القرآن الكريم يشهد أنه كما دخل السيد المسيح إلى العالم بمعجزة فريدة خرج منه
بمعجزة فريدة. وذلك أمر لا مثيل له فى تاريخ البشرية كلها.

 

ورفع
السيد المسيح حياً إلى الله عقيدة راسخة فى القرآن يؤكدها فى مكة والمدينة ثلاث
مرات.

فالمسيح
حى ولايزال حياً عند الله.

” إذ قال الله يا
عيسى إنى متوفيك ورافعك إلىَّ” (سورة آل عمران 55).

بل
رفعه الله إليه” (سورة النساء 157).

فارتفاع
المسيح إلى السماء بعد موته وقيامته ميزة انفرد بها السيد المسيح عن سائر البشر.

 

5-         
آية فى حكمه يوم الدين:

قال
السيد المسيح “متى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع الملائكة القديسين معه
فحينئذ يجلس على كرسى مجده” (مت 25: 31).

وقال
القديس بطرس الرسول “وأوصانا أن نكرز للشعب ونشهد بأن هذا هو المعين من الله
دياناً للأحياء والآموات” (أع 10: 42).

وصدى
لهذه الأقوال قال القرآن الكريم ” وأنه لعلم للساعة” (سورة الزخرف: 61).

 


فالمسيح سيظر ثانية” (عب9: 8) وهذه ميزة خارقة أن يرجع المسيح إلى العالم
ثانية فى آخر الأزمان مما لم يقل مثله فى القرآن عن نبى أو رسول.

سيرجع
المسيح ثانية ليدين الأحياء والأموات، أو بعبارة الحديث ” حكماً مقسطاً
“.

قال
الجلالان: ” وإنه – أى عيسى. لعلم الساعة – تعلم بنزوله “.

قال
الزمخشرى: ” وأنه لعلم للساعة أى شرط من أشراطها يعلم بها فسمى الشرط علماً
لحصول العلم به”.

فالمسيح
آية فى كل شئ وهو عجيب من البداية إلى النهاية، ويكفى أن حكمه فى يوم الدين هو سيد
الأحكام وقضاءه على جميع البشر هو
القضاء
الآخير!

قال
القرآن الكريم عنه ” ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً” (سورة النساء
158).

هذا
وقد أطلق على السيد المسيح ألقاب إلهيه وأخرى نبويه (*) تؤكد لاهوت (**).

الباب السابع 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


(1)

 

 

 

 

الباب السابع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


(*)

الباب السابع 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


(*)

 

 


 

الباب السابع 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


(*)
 

 

القرآن
الكريم

العهد
الجديد

العهد
القديم

 

الرسول
(*)

 

” إنما المسيح عيسى
ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ” (سورة النساء 170).

” أنا أعرفه لأني
منه وهو أرسلني ” (يو 7: 29).

” لأن الرب مسحنى
لأبشر المساكين. أرسلني لأعصب منكسرى القلب ” (أش61: 1).

 

الذكى

 

” لأهب لك غلاماً
ذكياً ”
(سورة مريم 18).

” قدوس بلا شر

(عب 7: 26).


قدوس القديسين ” (دا
9: 24).

 

المبارك

 

” وجعلني مباركاً
أينما
كنت “(**)
(سورة مريم 31).

” والذين تقدموا
والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين أوصنا. مبارك الآتي باسم الرب ”
(مر 11: 9).


مبارك الآتي باسم الرب ”
(مز 118: 26)

 

 

 

الباب السابع 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


(*)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هل ألوهية السيد المسيح
الوهية مدعاة؟:

 

قال المعترض: ”
إننا لا نجد فى أقوال المسيح الثابتة شيئاً يشير من قريب أو من بعيد إلى هذه
الألوهية المدعاة” (دعوة الحق صفحة 226).

 

التعليق:

فات سيادته أن السيد
المسيح فضلا عن تعليمه بعقيدة الثالوث الأقدس قد ذكر الشئ الكثير جداً عن لاهوته
المبارك. ولنذكر بعض ذلك على سبيل المثال لا الحصر:

1-         
عن مساواته للآب فى الجوهر قال: ” أنا
والآب واحد ” (يو 14: 9)

2-    وعن
وجوده الأزلى قبل كون العالم قال: ” والآن مجدنى أيها الآب عند ذاتك بالمجد
الذى كان لى عندك قبل كون العالم” (يو 17: 5).

3-    وعن
وجوده فى كل مكان وزمان قال: “ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر ”
(مت 28: 19، 20). ” وأقول لكم أيضاً إن اتفق اثنان منكم على الأرض فى أى شئ
يطلبانه فانه يكون لهما من قبل أبى الذى فى السموات. لأنه حيثماً اجتمع اثنان أو
ثلاثة باسمى فهناك أكون فى وسطهم” (مت 18: 19، 20).

4-    وعن
علمه بكل شئ قال: ” لتعرف جميع الكنائس أنى أنا الفاحص الكلى والقلوب. وسأعطى
كل واحد منكم بحسب أعماله ” (رؤ 2: 23).

5-    وعن
صدور الوحى منه للأنبياء والرسل قال: ” لذلك ها أنا أعطيكم فماً وحكمة لا
يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها أو يناقضوها ” (لو 21: 14، 15).

6-         
وعن قداسته المطلقة قال: ” من منكم يبكتنى
على خطية ” (يو 8: 16).

7-    عن
قدرته على الخلاص وغفرانه للخطايا قال: ” ابن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص ما
قد هلك” (لو 19: 10). وقال أيضاً ” لكى تعلموا أن لابن الإنسان سلطاناً
على الأرض أن يغفر الخطايا ” (مت 9: 6).

8-    وعن
إحيائه للبشر يوم القيامة قال: ” تأتى ساعة فيها يسمع الذين فى القبور صوته
فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين فعلوا السيئات إلى قيامة
الدينونة ” (يو 5: 27 – 29).

9-    وعن
أنه ديان الأحياء والأموات قال: ” الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة
للابن” (يو5: 22). ” فان ابن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه مع ملائكته
وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله ” (مت 16: 27).

10-      وعن
إجابته للدعاء واستجابته للصلاة قال: ” مهما سألتم باسمى فذلك أفعله ”
(يو 14: 13).

11-      وعن
وجوب اعتمادنا على اسمه قال: ” عمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس ”
(مت 28: 19).

12-      وقد
أوصنا أن نؤمن به إيماننا بالله فقال: “أنتم تؤمنون بالله فآمنوا
بى”(يو14: 1).

13-      ودعانا
أن نتكل عليه فقال: ” تعالوا إلىَّ يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا
أريحكم” (مت 11: 28).

14-      وبين
أن حبنا له يقتضى إطاعة وصاياه فقال: ” إن كنتم تحبوننى فاحفظوا
وصاياى” (يو 14: 15).

15-   وأن ننادى
باسمه مخلصاً لكل الشعوب فقال: ” هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغى أن المسيح
يتألم ويقوم من الأموات فى اليوم الثالث وأن يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا
لجميع الأمم” (لو 24: 46، 47).

16-      وأن
نكرس له حياتنا بجملتها ويكون هو موضوع استشهادنا فقال: ” من أضاع حياته من
أجلى يجدها ” (مت 10: 37 – 39).

 

فهل بعد كل هذه الأقوال
البينة لا يرى المعترض أن المسيح قد أعلن عن شخصيته الإلهية؟

 

من هو المسيح؟

كتب أحد الخدام يقول:
قابلتنى سيدة فاضلة تعرف أنى خادم للإنجيل فسألتنى معترضة: ” إن المسيح رائع،
وقد عمل أعمالاً عجيبة، وصنع معجزات تفوق الخيال، وعلم تعاليم خالدة. والعجيب أنكم
تقولونه ما لم يقله”. فتعجبت وسألت: ” ماذا قلنا؟ ” قالت:
“تقولون إنه الله، وهو لم يذكر ذلك فى أى موضع من الكتاب، فكيف تفترون على
رجل صالح مثل هذا؟ ” ففتحت كتابى وطلبت منها أن تتابع معى ما قاله المسيح عن
نفسه وترى بعينها المكتوب فى الكتاب: وقت المحاكمة يقول البشير(مرقس14: 61 – 64).

 

” أما هو فكان
ساكتاً ولم يجب بشئ. فسأله رئيس الكهنة أيضاً: ” أأنت المسيح ابن
المبارك؟”، فقال يسوع: ” أنا هو. وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن
يمين القوة، وآتياً فى سحاب السماء”. فمزق رئيس الكهنة ثيابه وقال: ” ما
حاجتنا بعد إلى شهود؟ قد سمعتم التجاديف! ما رأيكم”. فالجميع حكموا عليه أنه
مستوجب الموت “.

 

أليس هذا غريباً؟ ماذا
قال المسيح حتى يمزق رئيس الكهنة ثيابه ويكسر الوصية (لاويين10: 6)،معرضاً نفسه
للموت؟ وما هى التجاديف التى قالها المسيح حتى تجعل رئيس الكهنة فى غير حاجة إلى
شهود، ويصدر الحكم فوراً بالموت؟ لقد قال: “أنا هو”.

 

فى لغتنا الجميلة
” أنا هو” لا تعنى شيئاً يستوجب كل غضب رئيس الكهنة! لكن فى اللغة
الأصلية التى
سمعها
السامعون وقتها تعنى اسم الجلالة اللَّه ” فقال الله لموسى: ” أهيه الذى
أهيه ” (خروج 3: 14).

 

فحينما سأل رئيس الكهنة
السيد المسيح: ” أأنت المسيح ابن المبارك؟” قال له: ” أنا هو
“. فحق للرئيس أن يمزق ثيابه ويقول: سمعتم التجاديف! إنسان يقول عن نفسه إنه
الله.إنه مستوجب الموت.

 

وألتفت إلى تلك السيدة
وقلت: ” لقد قالها المسيح، ونحن لم نقلها “. ثم سارعت بشاهد آخر قبل أن
أسمع رد فعلها (يوحنا 10: 33) (أجابه اليهود: ” لسنا نرجمك لأجل عمل حسن، بل
لأجل تجديف، فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً “. ثم قلت لها: ” إن
المعول عليه هو
اللغة
الأصلية وفهم السامعين لها. لقد فهم سامعو المسيح ما يعنيه بكلامه، فقد كان يعلن
لهم أنه الله. (يوحنا 19: 17) ” فلما رآه رؤساء الكهنة والخدام صرخوا: ”
اصلبه! اصلبه! ” قال لهم بيلاطس: ” خدوه أنتم واصلبوه، لأنى لست أجد فيه
علة “. أجابه اليهود: “لنا ناموس، وحسب ناموسنا يجب أن يموت، لأنه جعل
نفسه ابن الله “. فأجابه اليهود بالقول السابق، الذى فهموه من كلامه معهم.

 

لقد فهم اليهود معنى
البنوة لله وهى أنها تمام المعادلة لله (يو5: 17-18) ” فأجابهم يسوع: ”
أبى يعمل حتى الآن وأنا أعمل “. فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن
يقتلوه، لأنه لم ينقض السبت فقط، بل قال أيضاً إن الله أبوه، معادلا نفسه بالله
“.

 

(يوحنا8: 56-58) قال
المسيح: ” أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومى فرأى وفرح ” فقال له اليهود
” ليس لك خمسون سنة بعد، أفرأيت إبراهيم؟” قال لهم يسوع ” الحق
الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن”. فرفعوا حجارة ليرجموه. أما
يسوع فأختفى وخرج من الهيكل مجتازاً فى وسطهم ومضى هكذا “. هنا يعلن السيد
المسيح ألوهيته، فكلمة ” كائن ” (دائم الوجود) هى ” يهوه ”
اسم الجلالة ” الكائن والذى كان والذى يأتى”. وعرف اليهود المعنى. لذلك
رفعوا حجارة ليرجموه.

 

ثم سألت السيدة: ”
هل لازلت تظنين أننا نضع فى فم المسيح كلاماً عن نفسه لم يقله؟ “. فأجابت:
” ما كنت أعلم كل هذا. لكن! “. فسارعت أقول: ” اتركى لكن لنهاية
الحديث، فمازال عندى الكثير “.

 

السيد المسيح هو النبى
الوحيد الذى لم يتردد أبداً فى أقواله. لم يؤجل سائلاً وجه إليه سؤالاً بحجة أن
سيسأل من أرسله. ولم يقل أبداً ” هكذا قال السيد الرب ” لكنه كان يقول.
” سمعتم إنه قيل، أما أنا فأقول “. وهذا القول فى منتهى الخطورة إذا كان
من شخص عادى، فهو يقول إنه يكمل شريعة موسى ” أما أنا أقول “. فالمسموح
له أن ينطق بهذا القول هو أعلى من الله، أو هو الله نفسه. ولا يمكن لأحد أقل من
مُعلن شريعة موسى أن يقول هذا. فلابد أن يكون قائل ” أما أنا فأقول ” هو
الله نفسه الذى له حق توضيح قانونه حتى يستطيع الناس تطبيقه (مثل حق المشرع فى وضع
اللائحة التفسيرية لتشريعه). المسيح هو الوحيد الذى لم يعتذر أو يناقض نفسه، بل
قال ” السماء والأرض تزولان، ولكن كلامى لا يزول ” (مر 13: 31).

 

الكتاب المقدس يعلمنا
أن العبادة والسجود لله وحده:

·              
 (لو4: 8) ” إنه مكتوب: للرب إلهك تسجد
وإياه وحده تعبد “.

·      (يو4:
42) ” الله روح. والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغى أن يسجدوا “.
ومع هذا نجد السيد المسيح يقبل هذا السجود من
كثيرين دون اعتراض:

·      من
الأبرص فى (مت8: 2) “وإذا أبرص قد جاء وسجد له قائلاً: ” يا سيد، إن
أردت تقدر أن تطهرنى”. فمد يسوع يده ولمسه قائلاً: ” أريد فاطهر. وللوقت
طهر برصه.

·      من
المولود أعمى (يو9: 35 – 38) ” فسمع يسوع أنهم أخرجوه خارجاً، فوجده وقال له:
” أتؤمن بابن الله؟ ” أجاب ” من هو يا سيد لأومن به؟ ” فقال
له يسوع ” قد رأيته، والذى يتكلم معك هو هو” فقال ” أومن يا سيد،
وسجد له “.

·              
من التلاميذ (مت 14: 33) ” لما دخلا
السفينة سكنت الريح. والذين فى السفينة جاءوا وسجدوا له قائلين ” بالحقيقة
أنت ابن الله! “.

·      من
توما (يو 20: 27 -29) ” قال لتوما ” هات إصبعك إلى هنا وابصر يدى، هات
يدك وضعها فى جنبى، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا”. فأجاب توما ” ربى
وإلهى”. قال له يسوع ” لأنك رأيتنى يا توما آمنت! طوبى للذين آمنوا ولم
يروا “.

 

آخرون يؤكدون ألوهيته:

من أصدقائه:

·      بولس
فى (فيلبى2: 9-11) ” ذلك رفعه الله أيضاً، وأعطاه اسماً فوق كل اسم لكى تجثو
باسم يسوع كل ركبة ممن فى السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن
يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب “.

·              
بولس فى (تيطس2: 13) ” منتظرين الرجاء
المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح “.

·      بطرس
فى (متى 16: 15-17) “قال لهم: وأنتم من تقولون إنى أنا؟ ” فأجاب سمعان
بطرس: ” أنت هو المسيح ابن الله الحى”. فقال له يسوع: ” طوبى لك يا
سمعان بن يونا، إن لحماً ودماً لم يعلن لك، لكن أبى الذى فى السماوات “.

·              
بطرس فى (أعمال2: 36) ” فليعلم يقيناً جميع
بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا، الذى صلبتموه أنتم، رباً ومسيحاً “.

·      يوحنا
المعمدان فى (لوقا 3: 22) ” نزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة.
وكان صوت من السماء قائلاً: ” أنت ابنى الحبيب، بك سررت “.

·      استفانوس
فى (أعمال7: 59) ” فكانوا يرجمون استفانوس وهو يدعو ويقول: “أيها الرب
يسوع اقبل روحى”. ونحن نعرف أن لا أحد يستطيع أن يأخذ الروح إلا معطيها،
ومعنى قول استفانوس للمسيح ” اقبل روحى ” اعترف بألوهيته، وأنه الوحيد
الذى له الحق فى أخذ الروح.

 

الذين لم يؤمنوا
بألوهيته:

من اليهود: على الرغم
من عدم إيمانهم بألوهية السيد المسيح يعترف كتابهم بذلك:

(إشعياء النبى فى7: 14)
” ولكن يعطيكم السيد نفسه آية: ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه ”
عمانوئيل (ومعناه: الله معنا)”. ما رأيك؟ أين المعجزة هنا؟

 

قالت ” عمانوئيل
“.

قلت ” عمانوئيل
تعنى الله معنا”.. ولو كنت يهوديا أسمع كلمات النبى فى عام 70 قبل الميلاد،
لقلت فوراً ” إن الله كان دائماً معنا منذ آيام الأجداد والآباء، أيام
إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى والأنبياء. لم يتخل عنا لحظة. وكان وجوده وسيره
أمامنا يميزنا
عن كل
الشعوب، لذلك فعمانوئىل ليست معجزة.

قالت ” إذا
العذراء تحبل وتلد “.

قلت لو أنك سمعت هذا
الكلام أيام إشعياء وقبل نور إعلان العهد الجديد عن القديسة العذراء لقلت إنها
ليست المعجزة، فأى عذراء تحبل وتلد حينما تتزوج إن لم يكن هناك أى مانع للحمل. وهو
لم يذكر هنا شيئاً عن الزواج أو عدمه، فإذا رأيت عذراء اليوم وغابت عنك عاماً
كاملاً ثم رأيتها ومعها طفلاً يمكن أن أقول ” العذراء ولدت “. فتقول لنا
العذراء: نعم غبت عنكم عاماً تزوجت فيه وسافرت وأنجبت طفلاً أثناء غيابى.. إذاً لا
توجد هنا معجزة.

فقالت محدثتى ”
لست أعرف إذاً أين المعجزة؟ “.

فقلت لها ” السيد
نفسه هو المعجزة، يتجسد ليصير إنساناً!! الإله الروح يصبح مثل البشر!! “.

قالت ” لا يمكن..
مستحيل. هذا ضرب من الخيال “.

قلت ” نعم. لذلك
فهى معجزة فوق العادة، خارقة للطبيعة، فتسمى معجزة، والله على كل شئ قدير ولا يعسر
عليه أمر، إن آراد يكون. وإن أمر يصير “.

 

(وإشعياء 9: 6) يؤكد
صحة ما أقول ” لأنه يولد لنا ولد ونعطى أبناً وتكون الرياسة على كتفه، ويدعى
اسمه عجيباً، مشيراً، إلهاً قديراً، أبا أبدياً، رئيس السلام” نعم يولد لنا
ولد؟ الله يصير إنساناً.. وجاء فى ملء

الزمان
ولم يعرفوه.. جاء من العذراء القديسة مريم ولم يكرموه!!!.

 

وإخوتنا المسلمون
بالرغم من عدم إيمانهم بألوهيته يقول كتابهم:

 

·      سورة
(آل عمران3: 45) ” إذا قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه
المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً فى الدنيا والآخرة ومن المقربين “.

 

المسيح اسمه ”
كلمة الله “. وهل هناك فرق بين الله وكلمته؟ الله وكلمته واحد، فإن سمعت
شخصاً يحدثك تلفونياً، هل تقول له ” أهلاً يا كلمة فلان! ” أم تقول
” أهلاً يا فلان؟” بالرغم من سماعك لكلمة فلان. فالكلمة وصاحبها واحد.
الكلمة هى المعبر عن شخصية المتكلم. قالوا إن الكلمة هنا هى ” كن ”
فيكون التى خلق بها الله المسيح! وهنا يظهر سؤالان:

إن كان هذا هو المقصود
والكلمة مؤنث، فلماذا قال: كلمة اسمه وليس اسمها؟!

ولماذا لم يدع آدم كلمة
الله؟ ألم يخلقه الله بكلمة كن فيكون؟!

إن الوحيد من كل أنبياء
القرآن الذى سمى كلمة الله هو المسيح! لماذا؟ لأن المسيح هو الله.

·       (سورة
النساء4: 171) ” يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا على الله إلا
الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته القاها إلى مريم وروح منه فامنوا
بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون
له ولد له ما فى السماوات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلاً “.

 

أضاف إلى اسم المسيح
الاسم ” روح الله ” وكأنه يريد أن يثبت الفكرة الأولى لمن يشك فى أنه
الله فيقول عنه إنه أيضاً روح الله. وهل هناك فرق بين الله وروحه؟! أليس الله
وروحه واحداً؟! أليس هذا تأكيداً على ألوهية المسيح؟!.

 

·              
 (سورة مريم 19: 34) ” ذلك عيسى ابن مريم
قول الحق الذى فيه يمترون (أى يشكون) “.

 

عيسى قول الحق؟! ومن هو
الحق؟ إنه الله سبحانه. لم يقل إن عيسى عنده الحق، أو يعرف الحق، بل هو نفسه الحق.
فهل هناك تأكيد أكثر من ذلك على أن المسيح هو الله؟!

 

ثم قلت لتلك السيدة:
” أختم حديثى معك بما قاله أستاذ جامعى كان يوماً ما ” لا أدرباً ”
ثم آمن بالمسيح، قال، أحاول أن أمنع من يجرؤ أن يقول: إنى أقبل المسيح كمعلم
أخلاقى عظيم، ولكنى لا أقبل دعواه بأنه الله، فهذا ما لا يجب أن يقوله عاقل! فلو
جاءك شخص لا تعرفه وقال لك: أنا الله! وتركك قبل أن تسأله البرهان، فماذا يكون رد
فعلك؟ هناك احتمالان:

 

·      إما
أن يكون صادقاً فى دعواه، فأنت لم تر الله قبل ذلك، لأنه لا يراه أحد ويعيش، لكن
فى ذات الوقت الله يستطيع أن يكون فى الهيئة التى يريدها، لذلك فاحتمال الصدق
وارد.

·              
وإما يكون كاذباً! وفى هذه الحالة هناك
احتمالان:

 إما يكون كاذباً، ولم يعرف أنه كاذب، فيكون مخدوعاً عن إخلاص،
وبذلك يكون مجنوناً.

 أو يكون كاذباً ويعرف أن ما يقوله كذب، فأعطى الصورة الخاطئة عن
قصد، فيكون بذلك مخادعاً. ولو ترك
نفسه لحكم
الموت نتيجة لهذا الادعاء الكاذب، لكان أحمق.

 

فلو طبقنا هذه النظرية
على السيد المسيح (مع الإعتذار الشديد) الذى قال كما ذكرت إنه الله، فهناك
احتمالان:

 

 إما أن يكون صادقاً، وليس أمامك إلا أن تسجد له وتقول: ” ربى
وإلهى “.

 أو يكون كاذباً، فلو كان كذلك لكان هناك احتمالان:

 

·      كاذباً
عن إخلاص، أى لم يعرف أنه كاذب، فيكون بذلك مخدوعاً، فيكون مجنوناً! فهل كان
المسيح كذلك؟! حاشا وألف حاشا. لقد شهد أعداؤه قبل أصدقائه قائلين:

 

” ولما جاء إلى
وطنه كان يعلمهم فى مجمعهم حتى بهتوا وقالوا: ” من أين لهذا هذه الحكمة
والقوات؟”. (متى 13: 54) و” ولما كان السبت ابتدأ يعلم فى المجمع.
وكثيرون إذ سمعوا بهتوا قائلين: ” من أين لهذا هذه؟ وما هذه الحكمة التى
أعطيت له حتى تجرى على يديه قوات مثل هذه؟ أليس هذا هو النجارابن مريم”.
(مرقس6: 2،3). و” وأما يسوع فكان يتقدم فى الحكمة والقامة والنعمة، عند الله
والناس”. (لوقا2: 52).

 

واسمع ما يقوله القرآن
فى (سورة آل عمران 3: 45) عن السيد المسيح ” إذ قالت الملائكة يا مريم إن
الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً فى الدنيا والآخرة ومن
المقربين”.. حقاً إنه الذى لم يفعل خطية وهو الشفيع فى الآخرة!!!

 

إذاً ليس أمامنا إلا
افتراض آخر: إنه كاذب وهو يعرف ذلك. فكيف يعلم تلاميذه الصدق ويقول ” بل ليكن
كلامكم: نعم نعم، لا لا. وما زاد على ذلك فهو من الشرير.. “؟؟

 

ثم لو كان يعرف أنه
كاذب، وأن نتيجة ذلك أنه سيساق إلى الموت صلباً لما سكت، بل يعلن فوراً كذبه لأن
الحياة غالية، أو قل وإنه واتته فرصة ذهبية للخروج من هذه الورطة حينما قال له
بيلاطس: ” أما تكلمنى؟ ألست تعلم أن لى سلطاناً أن أصلبك وسلطاناً أن
أطلقك؟”! (يوحنا 19: 10). فيعلن فوراً كذبه ويعتذر عن كل ما قال، لكن اسمع
بماذا أجابه يسوع: أجاب
يسوع:
” لم يكن لك على سلطان البتة، لو لم تكن قد أعطيت من فوق. لذلك الذى أسلمنى
إليك له خطية أعظم” (يوحنا 19: 11).

 

إذاً هذا الفرض أيضاً
مرفوض. فلا يبقى أمامنا إلا الاحتمال الأول، وهو أنه الله الواجب العبادة.

 

قالت محدثتى: ”
معك كل الحق. لم أكن أعلم كل هذا. فعلاً السيد المسيح هو الله الذى أعلن ذلك قولاً
وفعلاً “.

 

بين السيد المسيح وآدم:

يرى بعض المفسرين أن
آدم حسب النص القرآنى يشترك مع السيد المسيح فى الوجود بكلمة الله وأمره (إن مثل
عيسى عند الله كمثل آدم خلقه). فهذا التفسير مردود حيث أن القرآن لم يقل عن آدم
إنه كلمة الله أو كلمة من الله كما قال عن السيد المسيح. أما المعنى الصحيح لوجه
الشبه بين آدم والسيد المسيح، كما يرأه المفسرون، هو أن ظهور كلمة الله إلى العالم
كان متعلقاً بإرادة الله كخلق آدم، حيث أنه كما أحب الله وأراد فخلق آدم من تراب
بلا آب ولا أم، شاءت محبته أن يكون كلمته الأزلى إلهاً متجسداً اسمه المسيح عيسى
بن مريم دون أن يكون له أب بشرى.. لأنه لو كان السيد المسيح قد سمى كلمة الله لأنه
خلق بقوة كلمته لما كان هناك فرق بينه وبين مخلوقات الله، ويلزم أن نطلق لفظ كلمة
الله على كل المخلوقات لأنها خلقت
جميعاً بقوة
كلمته وليس فى ذلك من الصواب شئ.

 

قال السدى: لقيت أم
يحيى (أليصابات أم القديس يوحنا المعمدان) أم عيسى فقالت يا مريم أشعرت بحبلى؟
فقالت مريم وأنا أيضاً حبلى قالت (أم يحيى) إنى وجدت ما فى بطنى يسجد لما فى بطنك.
فذلك قوله تعالى (مصدقاً لكلمة من الله) تفسير أبى السعود محمد ابن محمد العمادى ص
223.

 

وقال أيضاً فى ص 134
(الكلمة هى اللاهوت). ونكتفى بهذه الأقوال لأنها بعينها هى ما قيل عن السيد المسيح
فى الإنجيل المقدس.

 

الإسلام يشهد للسيد
المسيح بأنه روح من الله:

 

جاء فى (سورة المائدة
110) ” وإذ قال
الله يا
عيسى بن مريم اذكر نعمتى عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس فى
المهد وكهلا.. وجاء فى سورة البقرة 78،253: وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه
بروح القدس”.

 

قال العالم الفقية
الشيخ محمد الحريرى البيومى فى كتاب الروح وماهيتها ص 53 (الروح
القدس هو روح الله).

 

الإسلام يشهد للولادة
العجيبة للسيد المسيح:

وقد شهد بذلك فى سورة
مريم: ومن البديهى أن الشخص الذى يولد بغير طبيعة البشر والمألوف لا يمكن أن يكون
إلا شخصاً خرج عن دائرة البشر. ومن الخطأ أن يخلط البعض بين خلق آدم وميلاد السيد
المسيح فآدم خلق خلقاً من تراب ولم يولد. كما أن آدم لم يذكر عنه أنه كلمة الله أو
روح له (كما سبق الإشارة) وآدم كان ينبغى أن يوجد من غير أب لأنه كان الأب الأول
للبشر. أما السيد المسيح فعند ولادته كانت الأرض قد عمرت بالآباء الوالدين
والأبناء المولودين.

 

الإسلام يشهد للسيد
المسيح بعلم الغيب:

جاء فى سورة آل عمران،
على لسان السيد المسيح: ” وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون فى بيوتكم إن فى ذلك
لآية لكم إن كنتم مؤمنين “.

 

جاء فى تفسير الجلالين
لهذه: (فكان يخبر الشخص بما أكل وبما يأكل بعد (وهنا نجد أن النص والتفسير صريحان
فى أن المسيح كان يعلم الغيب وينبئ بما فى الصدور. والإسلام يشهد أن معرفة الغيب
محصورة فى الله وحده، جل شأنه، فقد جاء فى سورة المائدة (يوم يجمع الله الرسل
فيقول ماذا أجبتم. قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب). وجاء أيضاً فى سورة
الأنعام ” وعنده مفاتيح الغيب لا

يعلمها
إلا هو”.. من هذه الآيات وغيرها يؤكد القرآن أن البشر أجمعين بما فيهم الرسل
والأنبياء ليست لهم هذه القدرة على علم الغيب؛ وهذه المقدرة لله وحده دون شريك:
أليس فى هذا دليل على أن السيد المسيح هو الله لأنه هو عالم بالغيوب.

 

الإسلام يشهد للسيد
المسيح بالقدرة على الخلق وإقامة الموتى:

 

فقد جاء فى (سورة آل
عمران) ” وأبرى الأكمة والأبرص وأحيى الموتى بإذن الله”. وجاء فى (سورة
المائدة) ” وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذنى وإذ تخرج الموتى
بإذنى”. وقد أشار الإمامان الجلالان فى تفسيرهما إلى هذه الحوادث فقالا
(فأحيا عازر صديقاً له وابن العجوز وابنة العاشرة فعاشوا وولدلهم).. وإن كان بعض
المفسرين يحاولون أن يقللوا من شأن السيد المسيح فى المقدرة قائلين إنه يصنع هذا
بأمر الله فنجد أن الإسلام يشهد بأن هذه القدرة هى لله فقط، فقد جاء فى (سورة
الحج) ” وهو الذى أحياكم يميتكم ثم يحييكم”. وفى (سورة يس) ” قال
من يحيى العظام وهى رميم قل يحييها الذى أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم”.
وجاء فى (سورة الشورى) ” أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولى وهو يحيى
الموتى وهو على كل شئ قدير”. فإذا كان الإسلام يشهد بأن الذى يحيى العظام وهى
رميم هو الذى أنشأها أول مره فقط، فمن يكون السيد المسيح الذى يشهد له الإسلام
بأنه يحيى الموتى؟ أليس هو الله الحى القيوم المحيى المميت الأزلى الذى أنشأها أول
مرة.

 

الإسلام يشهد للسيد
المسيح بأنه الديان:

      روى
البخارى فى الجزء الثالث ص 107 قائلاً (لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم
حكماً مقسطاً) وفى هذا دليل كافٍ على أن السيد المسيح فى مجيئه الثانى سيأتى
دياناً عادلاً وهذا هو إيماننا المسيحى كما جاء بالإنجيل المقدس ” لأن الآب
لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن” (يو5: 22).. وجاء أيضاً ”
وها أنا آتى سريعاً وأجرتى معى لأجازى كل واحد كما يكون عمله ” (رؤ22: 21)
وفى هذا دليل قاطع على ألوهية السيد المسيح، لأن الدينونة لله وحده.

 

من جهة أخرى فإننا نرى
أن كل الخليقة تحمل فى ثناياها آثار صفات المسيح خالقها وتشير إلى شخصيته القدسية.
ومما يملؤنا سعادة أن نطالع وجه المسيح فى مرآة الطبيعة لأن ” الكل به وله قد
خلق” (كو1: 16).

 

فنحن نرى فى الوجود
” رئيس الحياة ” (أع3: 15).

ونرى فى النور ”
النور الحقيقى الذى ينير كل إنسان آتياً إلى العالم ” (يو1: 9).

ونرى فى الشمس ”
شمس البر والشفاء فى أجنحتها ” (ملا4: 2).

ونرى فى الكواكب ”
كوكب الصبح المنير” (رؤ22: 16).

ونشاهد فى البحار
” الماشى على أعالى البحر” (أى9: 8، مت 14: 26).

ونشاهد في الأنهار
” معطى العطشان من ينبوع الحياة مجاناً ” (رؤ 21: 6).

ونشاهد فى الصخور
” صخر الدهور” (أش 26: 4).

ونشاهد فى السحاب
” ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير” (مت 24: 30)

ونشاهد فى الفردوس
” شجرة الحياة ” (رؤ2: 7).

ونجد فى الفلوات ”
الأسد الذى من سبط يهوذا” (رؤ5: 5).

ونجد فى المراعى ”
حمل الله الذى يرفع خطية العالم” (يو1: 29).

ونجد فى الطرق المعبدة “الطريق
والحق والحياة” (يو 14: 6).

ونجد فى المعابد
والهياكل ” من هو أعظم من الهيكل” (مت 12: 6).

ونجد فى الآثار ”
فى يديه أثر المسامير” (يو 20: 25).

وندرك فى عصير الكرمة
” جسده المكسور” (1كو11: 24).

وندرك فى الخمر ”
دمه الذى للعهد الجديد” (مت 26: 28).

وندرك فى المائدة
” الطعام الباقى للحياة الأبدية” (يو6: 27).

وندرك فى كل ما هو شهى
” مشتهى كل الأمم” (حجى2: 7).

ونتصفح الوجهاء فننظر
من هو ” أبرع جمالاً من بنى البشر” (مز 25: 2).

ونتصفح الملوك فننظر
” ملك الملوك ورب الأرباب ” (رؤ 19: 16).

ونتصفح الآباء فننظر
” أباً أبدياً رئيس السلام” (أش9: 6).

ونتصفح الأبناء فننظر
” ابن الله الوحيد” (يو3: 18).

ونتصفح المعلمين فننظر
” المعلم الواحد المسيح” (مت 23: 8).

وهو بين الحكماء ”
المذخر فيه جميع كنوزالحكمة والعلم” (كو2: 3).

وهو بين الأطباء ”
أخذ أسقامنا وحمل أمراضنا” (مت8: 17).

وهو بين الأصدقاء
” محب ألزق من الأخ” (أم 18: 24).

وهو بين الرعاة ” الراعى الصالح الذى يبذل نفسه عن
الخراف” (يو 10: 11).

ونتأمل فى جسم بشريتنا
فنرى أننا ” أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه”(أف5: 30)

ونتأمل فى جميع الخيرات
فنرى ” عطية الله التى لا يعبر عنها” (2كو9: 15).

نتأمل فى المضطهدين
فنرى ” مكروه الأمة” (أش 49: 7).

نتأمل فى المنبوذين
فنرى ” محتقر الشعب” (مز22: 6).

نتأمل فى الموتى
المغلوبين على أمرهم فنرى الظافر ” البكر من الأموات” (رؤ1: 5).

 

المسيح الكل فى الكل

أيتها القبة الزرقاء من
صار فوقك ” أعلى من السموات” (عب7: 26).

أيتها العروش الخاوية
من صار بعدك ” كرسيه إلى دهر الدهور”؟ (عب1: 8).

أيتها الصحف كم أنت
مدينة إلى ” الألف والياء” (رؤ1: 8).

أيها الأزل وأيها الأبد
أخبرونا عن ” الأول والآخر البداية والنهاية”! (رؤ1: 17)

إنه ” المسيح الكل
وفى الكل ” (كو3: 11).

لأنه ” يملأ
الكل” (أف4: 10).

و ” من أجله الكل
وبه الكل” (عب2: 10).

و ” هذا هو رب
الكل” (أع 10: 36).

و ” له المجد
والسلطان إلى آبدالآبدين. آمين” (رؤ1: 6).



(*) لمزيد من التفاصيل أنظر
كتابنا: السيد المسيح هل هو الله.

(*) ليس المقصود بالألقاب النبويه أن السيد المسيح ليس هو الله. ولكن
بوصفه الكلمه الكائن فى الله وبتجسده وظهوره بيننا أنبأنا عن أمور لم نكن نعرفها
عن الله.

(**)
أنظر كتابنا السيد المسيح هل هو الله. وهو تسجيل لمناظرة قدمناها فى التلفزيون
الكندى وتشمل الإجابة على كافة الاعتراضات الموجهة ضد عقيدتنا فى لاهوت السيد
المسيح.

(1)
يدعى البعض بأن السيد المسيح دعى كلمة الله لأنه مخلوق بكلمة الله. وللرد على ذلك
نقول بأن السيد المسيح لم يدع (كلمة الله) لأنه مخلوق بكلمة الله. أى نطقه الذاتى
الداخلى، وإلا فكل الخلائق مخلوقة بكلمة الله فهل ندعوها كلمة الله؟

و”كلمة الله”
هذا غير كلمته المكتوبة فى الكتاب المقدس. “فكلمة الله” ذات اسمه
المسيح، والكلمة المكتوبة ليست بذات.

و”كلمة الله”
تجسد، والكلمة المكتوبة لم تتجسد.

والكلمة المكتوبة ليست
الله و” الكلمة المتجسد” هو الله.

وقد دعي المسيح ”
كلمة الله ” استعارة وتشبيهاً بالكلمة الموجودة في كياننا العاقل ونفوه بها
وقت التكلم. فالكلمة هي :

أولاً : إعلان المتكلم
لأنها تترجم أفكاره وتبيان مقاصده ودليل على سجاياه. فكذلك السيد المسيح هو إعلان
الله للناس ، وبدونه لا نعرف الله كقوله ” الله لم يره آحد قط الابن الوحيد
الذى هو في حضن الآب هو خبر ” ( يو ا : 18 ).

= ثانياً : الكلمة هى
قوة المتكلم لأن إرادته تنفذ بتأثيرها كما جاء في سفر الجامعة ” حيث تكون
كلمة الملك فهناك سلطان ” ( جا 8 : 4 ) فكذلك المسيح هو قوة الله الذى به خلق
العالم وخلص. ( عب 1 : 3 ).

ثالثاً : الكلمة هي ذات
وجوه دائم ملازم للعاقل الناطق ، فكذلك المسيح موجود آزلياً مع الآب ، لهذا لقب
بكلمة الله لوجوده الأزلي معه ولأنه هو منه فهو حسب الجوهر مع الآب والروح القدس
ذات إلهية واحدة.

وعليه فاسم المسيح كما
ورد في القرآن ” كلمة منه ” يحتمل معني إلهياً لأن هذه الكلمة اسم شخص
هو المسيح لا اسم أمر ، وهذا الشخص صادرر ” منه ” – من الله – أزلياً
غير مخلوق ، وهو ” روح الله ” كما يقول القرآن – المسيح ، عيسى ، أبن
مريم – وقعت في الإعراب بدلاً من ” كلمة الله ” وأسماء الأشخاص لا تبدل
من أمر معنوي.

ولكن لأن المعترضين لا
يؤمنون بلاهوت السيد المسيح فيضطرون أن يفسروا ذلك اللقب الكبير باشتقاقه من الأمر
” كن “.

ومما يدل على إن ”
الكلمة ” اسم شخص لا اسم أمر كما يريدون :

أولاً : ألقابه ”
المسيح عيسى ، ابن مريم.

ثانياً : توابعه : منه
، اسمه ، ومن المقربين.

وكلها تعود إلى مفرد
مذكر.

قال فخر الرازى في
تفسير ” إن الله يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله ” (سورة آل عمران:
39). وبقولة أيضاً:”ان المراد بكلمة”من الله هو..عيسى”وكان يحيى
أول من صدق إن المسيح هو كلمة الله وروحه

” وسمى عيسى كلمة
من الله.. إن الكلمة كما أنها تفيد المعاني والحقائق كذلك عيسى كان يرشد إلى
الحقائق والأسرار الإلهية “.

وهذا اللقب ” كلمة
الله ” في معناه الكامل على ضوء التوارة والإنجيل حيث اقتبسه القرآن وصدقة
وشهد له – هذا اللقب يرفع المسيح فوق المخلوقين إلى صلة ذاتية خاصة مع الخالق.

ولنا الحق كله بأن نفهم
على ضوء التوراة والإنجيل ما غمض في القرآن من النقاط المشتركة. لأن القرآن ذاته
عندما يكون في حالة شك من شهادته أو من فهمها يحيلنا إلى الكتاب المقدس ” فإن
كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك ” ( سورة يونس
: 94 ).

فمن الواضح البين أن
لقب ” كلمة الله ” خص به القرآن السيد المسيح وحده ولم يخص به أحداً
سواه.

فجميع المخلوقات خلقتت
بأمر الله ولم يقل عن أي مخلوق منها إنه كلمة الله.

وجميع الأنبياء تكلموا
بكلام الله ولم يقل عن أى نبى منهم إنه كلمة الله.

ولكن ” كلمة الله
” الوحيد الكائن من قبل أن يلقي إلى مريم سمى ” بكلمة الله ”
و” بكلمة من الله ” صادر منه عن طريق الصدور لا عن طريق الخلق لأن
الكلمة والمتكلم واحد.

” في البدء كان
الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله “.

(*)
آدم جسد أرضى.أمّا السيد المسيح فهو روح سماوى يعطى الحياه “فيه كانت الحياة
والحياة كانت نور الناس” (يو1 :4)..الروح هو الذى يحى.. الكلام الذى أكلمكم
به هو روح وحياة” (يو6 :63 ).

وفسرها الإمام فخر
الرازى “روح منه” بقوله : إنه روح الله لأنه واهب الحياه للعالم فى
أديانهم.

وفسرها الإمام البيضاوى
بقوله : ” روح منه ” ذو روح صدر منه تعالى لا بتوسط ما يجرى مجرى الأصل
والمادة. وقيل سمى روحاً لأنه كان يحيى الأموات وقلوب البشر” وبما أن المسيح
” روح محيى ” حسب عبارة الإنجيل (1كو 15 :45) و” الله روح”
حسب عبارة الإنجيل أيضاً (يو4 :24) والمسيح ” روح منه” حسب عبارة القرآن
(سورة النساء : 170) فكل هذا يعنى أن أقنوم المسيح روح من طبيعة الله وجوهره. فروح
الله الصادر من الله شبيه به، لأن المصدر والصادر منه واحد فى الله، وهو منه وفيه
لأن الله لا يتجزأ، فهو بهاء مجده ورسم جوهره” (عب1 :3 ).

قال السيد المسيح
” أنا أعرفه لأنى منه” (يو7 :29 ).

وقال أيضاًً ” قد
خرجت من عند الآب وأتيت إلى العالم” (يو 16 :28 ).

وقال رسله الحواريون
” لهذا نؤمن أنك من الله خرجت” (يو 16 :30 ).

ومن المهم أن نعرف
الفرق بين قول القرآن عن آدم “ثم سواه ونفخ فيه من روحه” (سورة السجدة :
9) وبين قوله عن المسيح “كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه” (سورة النساء
: 170) فالقول الأول ” نفخ فيه من روحه” يعنى أن النفخة لآدم صادرة من
الروح. والقول الثانى “روح منه” يعنى أن المسيح هو ذات الروح معطى
الحياة !.

(** ) جاء اسم المسيح
فى الكتاب المقدس مئات المرات وأكده القرآن الكريم إحدى عشرة مرة.

إن كلمة ”
المسيح” مشتقة من المسح. والمسحة فى الكتاب المقدس هى زيت أو دهن مقدس يركب
من أفخر الأطياب يصب على شخص لتكريسه لخدمة مقدسة معينة.

فكانوا يمسحون الكهنة
وقت تنصيبهم للكهنوت كقول الله لموسى ” وتمسحهم وتملأ أياديهم وتقدسهم
ليكهنوا لى” (خر 28 :41 ).

وكانوا يمسحون الأنبياء
وقت دعوتهم للنبوة كقول الله عنهم “لا تمسوا مسحائى ولا تسيئوا إلى
أنبيائى” (مز105 :15). وكقول الله لإيليا “امسح أليشع بن شافاط من آبل
محوله نبياً عوضاً عنك”(1مل 19 :16).

وكانوا يمسحون الملوك
وقت تتويجهم للملك كقوله “فأخذ صادوق الكاهن قرن الدهن من الخيمة ومسح
سليمان. وضربوا بالبوق وقال جميع الشعب ليحيى الملك سليمان” (1مل1 :39 ).

أما عيسى فلم يمسح بدهن
أو أطياب من إنسان لوظيفته، بل كانت مسحته خاصة روحية من الله بروح الله وتدل على
علاقة سرية فائقة غير منظورة. كقول سليمان الحكيم عنه ” منذ الأزل مسحت”
(أم8 :32). وقول إشعياء عنه “روح الرب على لأنه مسحنى لأبشر المساكين”
(أش 61 :6). وكقول داود عنه ” أحببت البر أبغضت الإثم من أجل ذلك مسحك الله
إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك” (مز 45 : 7 ).

وكل إنسان ممسوح يمسح
لوظيفته الخاصة أما ملكاً أو كاهناً أو نبياً، أما عيسى فهو المسيح الذى اجتمعت
فيه الوظائف الثلاث معاً : الملك والكهنوت والنبوة، مما لم يجتمع لأحد من البشر !

والناس يمسحون لآجال
محددة، فى مجالات أرضية، أما يسوع فهو المسيح أمس واليوم وإلى الأبد (عب 13 :8)
وملكه سماوى لا أرضى كقوله ” مملكتى ليست من هذا العالم ” (يو 18 :36)
وكهنوته ليس بذبائح حيوانية، بل توسط لغفران خطايا كل البشر بدم نفسه وليس فى
هياكل بل فى السماء عينها (عب9 :11 ،12 ).

ونبوته ليست برؤى أو
أحلام بل كان هو ذات كلمة الله وصورته المعلنة للبشر كقول الإنجيل ” الله لم
يره أحد قط الابن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبر” (يو1 :18 ).

فمسحة المسيح التى مسحه
الله بها هى نبوة، كهنوت، وملكية فالمسيح هو النبى الأعظم، والكاهن الأعظم، الملك
الأعظم، واختصاصه باسم ” المسيح ” لهذه المسحات الثلاث دليل على كمالها
فيه حتى عرف بها وعرفت به.

والقرآن على آثار
التوراة والإنجيل إذ يعترف لعيسى ابن مريم باختصاصه باسم”المسيح”(ال
التعريف والفردية) يقوله بكل تلك الخصال. فمسحة النبوة ومسحة الكهنوت ومسحة
الملكية انتهت إليه واستكملت فيه.

ومما يسترعى النظر أن
المسيح يدعوه داود النبى ” الرب” (مز 110 :11) و” الملك” (مز2
:5) و” الكاهن” (مز 110 :4). ويدعوه إشعياء النبى “عمانوئيل”
(أش7 :14) و”إلهاً قديراً” (أش9 :6). ويراه دانيال النبى – آتياً على
سحاب السماء فى هيئة ابن الإنسان وتتعبد له كل الشعوب وسلطانه سلطان أبدى (دا7 :13
،14). ويقول عنه ميخا النبى ” مخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل” (مى5:
2 ).

فلقب ” المسيح”
فى الكتاب المقدس ذاخر بالمعانى الجليلة والمعنى الكامل لاسم ” المسيح ”
يجب أن نفهمه فى القرآن على ضوء التوراة والإنجيل اللذين يأخذ القرآن عنهما
ويصدقهما

إن القرآن يقول إن
الملائكة بشرت بهذا الاسم وهى تحمله معها من السماء إلى الأرض، ويقول إن الله ذاته
هو الذى بشر به العذراء بواسطة الملائكة، إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك
بكلمة منه اسمه المسيح

فهو اسم سماوى من الله
مباشرة، وعندما يعلن الله اسماً يعلق على هذا الاسم رسالة خاصة، ومهما كان معنى
هذا الاسم العجيب ،فإنه يعنى أن الله مسحه وأرسله للعالمين “ولنجعله آية
للناس ورحمة منا” (سورة مريم : 21 )
.

وتصديق القرآن على هذا
الاسم يدل على أن عيسى بن مريم هو مسيح الله المنتظر موضوع أحلام وآمال البشرية
جيلاً بعد جيل. وفيه دلالة واضحة على أنه هو حامل الرسالة العظمى التى تنبأ عنها
جميع الأنبياء ووصفوها فى شخصه.

وبتفتيش القرآن كله لا
نجد سوى عيسى ابن مريم وحده فوق جميع الأنبياء والمرسلين قد انفرد باسم ”
المسيح” وانفراده به ميزة اختص بها دون سواه !

(*)
كلمة ” عيسى” مأخوذة عن الكلمة العبرية “يشوع” وصيغتها
اليونانية “يسوع” معناها المخلص، وقد دعى السيد المسيح بهذا الاسم فى
العهد القديم والعهد الجديد والقرآن الكريم. وصار هذا الاسم اسمه العلم وورد فى
الإنجيل مئات المرات.

(**) ورد هذا الاسم فى القرآن الكريم 25 مرة.

إن يسوع “أى
المخلص” لم يصنع خلاصاً سياسياً ليدفع بالسيف استعباد دولة لدولة أخرى، بل
صنع خلاصاً روحياً لجميع البشر من كل الدول وفى كل العصور، خلاصاً من الخطايا
بكفارته على الصليب “هوذا حمل الله الذى يرفع خطية العالم” (يو1 :29)
فقد أرضى عدل الله وقداسته، وضحى بدمه، ومنح الرحمة والغفران والمصالحة للمذنبين،
وأنعم عليهم بالعفو الأبدى، وحررهم من سلطان الخطية لحياة القداسة. وهو سيخلصنا من
الموت وينقذنا من القبور فى اليوم الأخير “من يد الهاوية أفديهم عن الموت أخلصهم”
(هو 13 :14 ).

وقد قال بفمه الصادق
” كما رفع موسى الحية فى البرية هكذا ينبغى أن يرفع ابن الإنسان لكى لا يهلك
كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يو3 :15 ).

وقال القديس بطرس
الرسول ” وليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسم أخر تحت السماء قد أعطى بين
الناس به ينبغى أن نخلص” (أع4 :12 ).

(*) قال ذلك
المسيح عن نفسه – حسب عبارة القرآن – حينما نطق طفلاً وليداً بل وبنوته ترتقى إلى
ما قيل الولادة إذ هو كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه.

فهو يحسب الكتاب المقدس
الكلمة الكائن في الله وبتجسده وظهوره بيننا أنبانا عن كل ما لا نعرفه ويلزمنا
معرفته عن الله.

” الله بعد ما كلم
الآباء بالأنبياء قديماً بأنواع وطرق كثيرة كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في أبنه
” ( عب 1 : 1 – 2).

(*) إن
إرسال الله للمسيح إلى العالم يتميز عن إرسال الله للمرسلين والرسل من البشر
.

فعلي
ضوء الكتاب المقدس نعرف إن المسيح مرسل من الله إرسالية إلهية فريدة كصدور الكلمة
من المتكلم وكأشعة الشمس من الشمس فالمرسل والراسل من طبيعة واحدة
.

والقرآن
إلى حد ما يعلن أن أقوال المسيح المرسل بها للبشر ليست بواسطة جبريل أو غيره من
الملائكة بل هى مناجاة مباشرة بين الله والمسيح كقوله ” ويعلمه الكتاب
والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بنى إسرائيل” (سورة آل عمران : 48 ، 49
)
.

(**)هذا
هو السيد المسيح الذى ظل طوال حياته وفى كافة المواقف المبارك أينما كان
.

فأى
نبى خصه الله بمثل هذه البركة فى كل دقائق حياته ؟ ” أينما كنت ” ! من
من البشر لا تتغلب عليه فى ساعة من ساعات حياته عوامل ومواطن الضعف ويكون دائماً
أبداً مباركاً ؟

” إن قلنا ليس لنا خطية نضل
أنفسنا وليس الحق فينا ” (1يو 1 : 8 )
.

إنما
واحد فقط الذى لم يخطئ قط، واحد فقط الذى رافقته البركة والنعمة، وتأيد بالروح من
المهد إلى اللحد إلى المجد ” وجعلنى مباركاً أينما كنت ” ! هذا هو
المسيح ؟

(*) كان
المسيح فى كل أموره عجيباً. فهو آية الآيات، وهو
المثل الآعلى للناس، ليس فى
ساحات القتال بل فى ميدان التقوى والقداسة وخدمة الآخرين كقوله
حسب عبارة القرآن – “وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حياً !
وبراً بوالدتى؟ ولم يجعلنى جباراً شقياً” (سورة مريم : 23 )
.

فالقرآن
ينزهه عن كل إثم ويعتبره المثل الأعلى الذى لا تشوبه شائبة
.

 (**)قال
مفسرو الإسلام بالإجماع : الوجاهة فى الدنيا هى النبوة وفى الآخرة هى الشفاعة
(البيضاوى صفحة 99 )
.

وزاد
الإمام فخر الرازى فقال : هى براءة من العيوب فى الدنيا وكثرة ثوابه فى الآخرة.
واستجابة دعائه فى الدنيا وعلو درجته فى الآخرة. بل أكثر من ذلك. فوصفه بالوجاهة
يعنى زعامة النبوة وزعامة فى الشفاعة، والتقدم والدرجات العلى، هو وجه الأنبياء
والمرسلين، المقدم فى الدنيا عليهم والمقرب فى الآخرة من عرش الجلالة
.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى