اللاهوت الادبي

6) مفوم الحب والصداقة



6) مفوم الحب والصداقة

6) مفوم الحب
والصداقة

1- الحب أولاً لله

مقالات ذات صلة

2- أنواع من المحبة

3- الصداقة

4- المحبة الخاطئة

5- المحبة العملية

6- العلاقة مع الله

 

1- الحب أولاً لله

إن أردنا أن نفهم المحبة على أساسها الحقيقى،
الكتابى، فينبغى أن نضع أمامنا هذه الحقيقة وهى:

المفروض أن المحبة موجهة أولا وقبل كل شئ إلى
الله تبارك إسمه..

وهذا ما يقوله لنا الرب في سفر التثنية (تحب
الرب إلهك من كل قلبك. ومن كل نفسك ومن كل قدرتك) (تث 6: 5) فمادامت هذه المحبة من
كل القلب، إذن كيف تكون باقى المحبات؟ ما الذي نعطيه وكل القلب لله؟ الحل الوحيد
هو:

 

محبتنا لكل أحد، ولكل شئ، تكون من داخل محبتنا
لله.

 

فالقلب كله قد أعطيناه لله. وفى داخل المحبة لله،
نحب كل أحد
. لذلك قال الرب (والثانية مثلها: تحب قريبك
كنفسك) (مت 22: 39) ولماذا قال (مثلها)؟ ذلك لأنها من داخل محبة الله، جزء منها،
ولا تفترق عنها..

 

إذن كل محبة خارج محبة الله، هى محبة خاطئة.

ماذا إذن لو كانت هذه المحبة أكثر من محبتنا
لله؟! هنا يقول الرب (من أحب أبا أو أما أكثر منى فلا يستحقنى. ومن أحب إبنا أو
إبنة أكثر منى فلا يستحقنى) (مت 10: 37).

 

المحبة التي هى أكثر من محبة الله، هى التي تفضل
فيها إنسانا أو شيئا على الله نفسه. ونستطيع أن نقول عنها:

 

إنها محبة خاطئة تتعارض مع محبة الله، ولكنها
تكون في القلب أقوى من المحبة لله..

 

وهنا لا يكون القلب ملكا لله. وتكون هذه المحبة
الخاطئة غريبة عليه، ودخيلة عليه، أخرجت من النطاق الإلهى..!!

 

2- أنواع من المحبة

توجد محبة طبيعية مثل المحبة بين البنوة والأبوة،
لذلك شبه الله محبته لنا بمحبة الأب للأبناء.

وتوجد محبة مكتسبة كمحبة الأصدقاء والأقرباء
والزملاء، أو المحبة بين خطيب وخطيبته، أو بين زوج وزوجته.

والمحبة قد تسلك في درجات..

ربما تبدأ بزمالة، تتدرج إلى تعاون أو صداقة.
والزمالة هى علاقة بين إثنين أو أكثر في رابطة بعمل مشترك أو مصلحة مشتركة. وقد
تؤدى إلى فكر مشترك.. وربما تؤدى الزمالة إلى صداقة

 

وربما يوجد في العلاقات لون من الإعجاب.

 

والإعجاب غير الحب. فربما تُعجب ببطل من أبطال
الرياضة. ولكن ليس معنى هذا أنك تحبه. كذلك قد تعجب بكاتب من الكتاب. يعجبك فكره،
دون أن تكون هناك صلة بينك وبين شخصه. وقد تنشأ بينكما رابطة فكرية، ولكن ليست هى
الحب. وإن تدرجت إلى المحبة، فإنها تكون محبة لفكره أو لأسلوبه، ولكن ليس لشخصه..

 

المحبة هى إلتقاء بين قلبين، أو اتحاد قلبين،
بمشاعر واحدة، أو عواطف واحدة
. ولكن تكون
محبة مقدسة، من المفروض أن تكون هذه المشاعر داخل محبة الله، لا تتعارض معها، ولا
تزيد عليها.

 

 ومن
المشاكل أن توجد محبة من جانب واحد.

 

 لابد أن
يكون هناك شئ من الخطأ، أو عدم التوافق. فالمفروض أن المحبة تولد محبة..

 

ومن شروط المحبة أن تكون عاقلة وحكيمة وروحية،
لأن هناك أنواعا من المحبة قد تسبب ضررا والمحبة الحقيقية ينبغى أن تكون محبة
طاهرة. وهنا نفرق بين المحبة والشهوة وأتذكر أننى قلت مرة في التمييز بينهما:

 

المحبة تريد دائما أن تعطى. والشهوة تريد أن
تأخذ.

 

والشهوة التي تريد دائما أن تأخذ، وتتصف دائما
بالأنانية. وقد تضيع الطرف الآخر الذي تدعى أنها تحبه. وقد تحبسه داخلها، وتحد
حريته في الاتصال بالآخرين وقد تتحول أحيانا إلى غيرة مدمرة..!! إنها في الواقع
ليست محبة حقيقية. فالمحبة الحقيقية تتصف بالعطاء والبذل. وقد تصل إلى التضحية
بالذات..

 

فانظر إلى نفسك، في علاقتك مع الجنس الآخر، أهى
علاقة حب أم شهوة؟

الشاب الذي (يحب) فتاة، فيضيع سمعتها، أو يفقدها
عفتها:

 

هل تسمى هذا حبا أم شهوة؟! لو كان يحبها حقا،
لكان يحرص عليها. يحرص على سمعتها، كما يحرص على سمعة أخته. ويحرص على بتوليتها.
ويحرص على مشاعرها، فلا يشغلها به، ويعلقها بشخصه، وقد يتركها بعد ذلك حيرى، لا
تجد طريقها في الحياة، أو تجده مظلما أمامها أنسطيع أن نسمى هذا حبا.

 

قد يسميه البعض مجرد تسلية في حياة الشباب!!

 

ولكن ما هو ثمن هذه التسلية من الناحية الروحية،
ومن الناحية الاجتماعية..

 

هذه التسلية التي تشغل الفكر، ومن تضيع
المستقبل! وقد تفقد الشاب والشابة نجاحهما في الدراسة أو تفوقهما. وليس في هذا أى
حب لأحد منهما.

 

وما معنى هذه التسلية التي تفقد فيها العفة
والسمعة؟

وتفقد فيها روحيات الاثنين أيضا.

الحب الحقيقى لابد أن يرتبط بنقاوة القلب.

والحب بين الشابين لا يجوز أن يلغى محبتهما لله.

 

فقد قال الرب إن أحب أحدا أكثر منه، فلا يستحقنى
(مت 10: 37) فهل يجوز لشاب أن يحب فتاة أكثر من الله؟! وهل يجوز لشابه أن تحب فتى
أكثر من الله؟! وهل يجوز أن تدخل في هذه المحبة مشاعر تتعارض مع نقاوة القلب التي
بدونها لا يعاين أحد الرب؟!

 

الذى يحبك حقا، لا يمكن أن يُفقِدَك روحياتك.

الذى يحبك حقا، لا يغتصب لنفسه حبك نحو الله،
ولا يقلل من مقداره، ولا يهز داخل قلبك محبتك نحو الله.. ولا يتركك في صراع بين
محبتين.. محبة روحية، ومحبة جسدية، أو محبة نحو الله، ومحبة نحو إنسان..

 

المحبة ليست متعة على حساب الغير!

بل هى إنكار للذات، وبذل للذات، في محبة الغير.
كما فعل يوناثان من أجل صديقة داود. وتعرض لغضب أبيه في دفاعه عنه.

 

وأعظم مثل للحب هو ذبيحة الصليب لأجلنا، التي
قيل فيها (هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد) (يو 3: 16).

إذن ماذا عن الحب الذي يقود إلى الزواج.

المهم في ذلك: ما هو الضمان أنه يقود إلى
الزواج؟

وما هى حدود هذا الحب، أو ماهى حدود العلاقة
التي يسمونها حبا يقود إلى زواج؟ هل هو حب يشترط أن يكون بين خطبين؟ أم هو حب بدون
أية رابطة شرعية؟! وما مصيره؟ وما مدى الحرص الذي يكون حافظا له من الإنحراف.

 

والمحبة الحقيقية هى محبة دائمة.

أى أنها تستمر، لا تسقط أبدا (1كو 13: 8).

 

وإذا كان إثنان يحبان بعضهما البعض محبة قوية،
فإنهما يريدان ليس فقط أن تدوم هذه المحبة بينهما طول عمرهما على الأرض، بل هما
يريدان أن تستمر هذه المحبة بينهما في الأبدية، فيوجدان معا في العالم الآخر. ولا
يتوفر لهما ذلك، إلا لو كانت محبتهما طاهرة، بحيث يذهبان معا إلى الملكوت، في
النعيم الأبدى.. لكن لو ضاع أحدهما في الطريق، فلن يوجدا معا في الملكوت.

 

لابد إذن أن يسند بعضهما البعض في الطريق الروحى.

 

لنفرض أنهما عاشا معا في خطية!! وتاب أحدهما،
ولم يتب الآخر.. إذن سوف يفترقان بعد الموت: أحدهما إلى الفردوس، والآخر إلى
الجحيم. ولن يلتقيا في الحياة الأبدية.. ولا تكون محبتهما دائمة. فالمحبة الدائمة
هى المحبة الروحية.

 

إن الحب له أنواع عديدة تتنوع في مجالاتها.

الحب في أفراد الأسرة الواحدة، بين الآباء
والأبناء، وبين الأخوة والأخوات، وبين الأزواج، وكله حب يوافق عليه الكتاب، وتوافق
عليه الطبيعة.

 

3- الصداقة

وهناك أيضا الحب بين الأصدقاء، كالحب بين داود
ويوناثان. قال فيه داود عن يوناثان بعد وفاته (قد تضايقت عليك يا أخى يوناثان. كنت
حلوا لى جدا. محبتك لى أعجب من محبة النساء) (2صم 1: 26).

ذلك لأنها محبة خالصة بين روح وروح.

لا دخل لمشاعر الجسد فيها.

 

أما المحبة التي يتدخل فيها الجسد، كالمحبة التي
بين زوجين، لا يبيحها الكتاب لفتى وفتاة خارج حدود الزواج.

 

وهنا ونتطرق لموضوع الصداقة. ما مفهومها وما
حدودها؟

 الصداقة
هى مشاعر مودة، يمكن أن تكون بين رجل ورجل، أو بين إمرأة وإمرأة، أو بين عائلة بكل
أفرادها رجالا ونساء، مع عائلة أخرى بكل أفرادها رجالا ونساء
.
ويمكن أن تكون بين الجنسين في حدود المودة الروحية، بشرط أن لا يكون للجسد تدخل
فيها.

والصديق ينبغى أن يكون صادقا في صداقته.

ويكون أيضا أى بارا يقود صديق إلى الخير.

 

فالصديق الذي يدافع عنك في أخطائك، ويثبتك فيها،
ليس هو صديقا بالحقيقة.

لأنه فيما يفعل ليس صادقا، ولا صديقا..

ومحبته لك هى لون من المحبة الضارة..

 

لذلك عليك أن تنتقى أصدقاءك من النوع الذي لا
يشترك معك إلا في عمل البر، ولا يجاملك على حساب الحق، ولا يشجعك على خطأ..

 

4- المحبة الخاطئة

أما المحبة الخاطئة، فتوجد أنواع منها:

إما أنها خاطئة في ذاتها، أو في الوسيلة
والأسلوب، أو في النتيجة.

فمن أمثلة الخطأ في الوسيلة:

محبة رفقة لإبنها يعقوب. أرادت له أن ينال
البركة. ولكنها لجأت إلى وسيلة خاطئة، وهى خداع أبيه، وبهذا عرضته لعقوبة من الله،
فلم يفارقه الخداع. خدعه لابان بتزويجه ليئة بدلا من راحيل وخدعه أبناؤه بادعائهم
أن ابنه يوسف افترسه وحش ردئ.. وعاش يعقوب في حياة كلها تعب.

 

كذلك أخطأت رفقة في أن محبتها لم تكن شاملة فلم
تحب عيسو كما كانت تحب يعقوب. وبالمثل يعقوب لما كبر، لم تكن محبته لابنائه شاملة
أيضا. فاحب يوسف أكثر من الباقين مما سبب لهم غيرة قادتهم إلى إيذائه.

 

إن الرب أرادنا أن نحب الكل، حتى الأعداء
والمسيئين إلينا. وقال الكتاب (إن جاع عدوك فاطعمه، وإن عطش فاسقه) (رو 12: 20).

 

الذى يحب البعض، على حساب البعض الآخر:

يكون في قلبه عدم محبة لهذا الآخر. ومن أمثلة
ذلك أن ايزابل كانت تحب وزوجها الملك آخاب. وفى هذا الحب ساعدته أن يغتصب حقل
نابوت اليزرعيلى. ودبرت في ذلك تهمة باطلة لنابوت بشهود زور، انتهت بها قتله
..
وهكذا كانت محبتها لزوجها محبة خاطئة قادته إلى الظلم والقتل وإلى انتقام الرب منه
(1مل 21).

 

هناك محبة خاطئة من حيث نتائجها:

مثل النسوة اللائى اعجبن بانتصار داود على جليات،
فهتفن له قائلات (ضرب شاول ألوفه، وداود ربواته) (1صم 18: 7) وبهذا غرسن الغيرة في
قلب شاول فاضطهد داود إضطهادا مرا، وسعى إلى قتله وإيذائه.

 

وبالمثل أولئك الرجال الذين هتفوا لهيرودس الملك
قائلين عنه لما خاطبهم (هذا صوت إله صوت إنسان) (أع 12: 22) ففى الحال ضربه الرب
فمات، لأنه لم يعط مجدا لله.

 

هناك محبة أخرى خاطئة، بتشجيع الخاطئين.

ومن أمثلة الذين تبعوا الهراطقة على مدى الأجيال،
وشجوعهم وكونوا لهم شعبية تؤيدهم في أخطائهم اللاهوتية، مما جعلهم يستمرون في
بدعهم وهرطقاتهم، فحرمتهم الكنيسة، وفقدوا أبديتهم أيضا. بينما لو لم يكن هؤلاء
التابعون قد شجوعهم، لكان ممكنا أن يرجعوا عن الهراطقة بسبب عدم التأييد.

 

بل أن كثيرا من هؤلاء التابعين استمروا ينادون
بآراء أساتذتهم الهراطقة حتى بعد موتهم.

 

ليست محبة أن يشجع إنسان أحد الخطاه على خطيئته.

وليست محبة أن يدافع عنه، أو حتى يساعده ماليا
أو ماديا. إنما المحبة الحقيقية هى أن يقوده إلى التوبة، بأن يشرح له الخطأ،
ويبكته عليه، ويدعوه إلى تركه.. حقا إن هذه ليست محبة، بل هى ضرر. والكتاب يقول:

 

(مبرئ المذنب ومذنب البرئ، كلاهما مكرهة للرب)
(أم 17: 15)

 

فهذا الذي يبرئ المذنب، إنما بسبب محبته له،
يفقد محبة الله، ويصير مكرهة له. وحتى محبته الخاطئة للمذنب تتسبب في هلاكه الأبدى.
ويعتبر مشجعه مشتركا معه في الخطية، وفى مسئولية الخطأ ونتائجه وعقوبته.

 

فحينما يهلك هذا المخطئ، يكون من شجعه أحد
الأسباب التي أوصلته إلى الهلاك. وفى نفس الوقت يكون ضد الحق الذي هو الله.

 

الأم التي تغطى على أخطاء ابنها، حتى لا يعرفها
أبوه، فينجو من عقابه:

 

هذه لا تحب ابنها على وجه الحق، بل تضره وتفسده
وتضيع مستقبله وعلاقته بالله.. وكذلك الأم التي تدلل ابنها تدليلا يتلفه.. لهذا
كله يقول أحد الأمثال (الذى يبكيك يبكى عليك، والذى يضحكك، يضحك عليك).

 

إن أحببت إنسانا، لا تدافع عنه في خطئه، إنما
انقذه من خطئه.

وذلك بقيادته إلى التوبة. وهكذا تخلص نفسه،
وأيضا تنقذ نفسك من الاشتراك معه في الدينونة، إن استمر في الخطأ بسبب تشجعيك.
المحبة الحقيقية هى أن تنجيه من أغلاطه، لا أن تبرر أخطاءه أمام الناس.

 

لذلك كان التوبيخ لونا من المحبة.

وكان التأديب ممن له سلطان التأديب، دليلا على
الحب. وفى ذلك قيل عن الله تبارك إسمه (الذى يحبه الرب يؤدبه).

 

بعض الناس – للأسف – يظن أن العقوبة ضد المحبة!!
كلا، فهذا خطأ. لأن العقوبة تكون رادعة عن الاستمرار في الخطأ. وإن لم يستفد بها
المخطئ، يستفيد بها الآخرون. كما قال بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس (الذين يخطئون،
وبخهم أمام الجميع، لكى يكون عند الباقين خوف) (1تى 5: 20).

 

أحيانا يظن البعض أن المحبة تدعوهم إلى مساعدة
الآخرين، ولو في الخطأ.

ومن أمثلة ذلك تلميذ يساعد زميله على الغش في
الامتحان محبة له!! أو أب كاهن يساعد طالب زواج في زيجة غير شرعية زعما بأنه
يساعده على الزواج بمن يحب أو طبيب يساعد فتاة أخطأت بأن يجهضها لتنجو من الفضيحة.

 

ومن أمثلة المحبة الخاطئة، زوج يحبس زوجته في
البيت لتكون له وحده.

الحبي ليس هو الأسلوب السليم، بل تعميق بينه
وبين زوجته هو الذي يجعلها تتمسك به وحده. كذلك محبتها لله، تجعلها لا تخون زوجها
أبدا.. كما أن حبس الزوجة في البيت هو نوع من الأنانية يحرمها فيه من التمتع
بالحياة بلا خطأ.

 

هناك محبة أخرى تخطئ في الأسلوب والوسيلة.

مثل محبة بطرس للمسيح التي جعلته يستل سيفه
ويضرب عبد رئيس الكهنة فيقطع أذنه، فوبخه السيد على ذلك (يو 18: 10، 11).

 

ومن أمثلة هذه المحبة الخاطئة الأم التي من
حرصها على صحة ابنها تمنعه عن الصوم بكافة الطرق بل تذهب إلى أب اعترافه وترجوه أن
يمنعه هو أيضا..

 

عكس ذلك الأم القديسة التي في أيام الاستشهاد،
ذبحوا أبناءها على حجرها، وهى تشجعهم على الاستشهاد.

 

إننا حينما نتكلم عن المحبة، إنما نتكلم عن
المحبة الحقيقة، التي تهدف إلى خلاص نفس الإنسان، وإلى نجاحه بطريقة روحية.

 

5- المحبة العملية

والمحبة الحقيقية هى محبة عملية:

وفى ذلك قال القديس يوحنا الرسول (لا نحب
بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق) (1يو 3: 18) محبة الأسرة لطفلها هى محبة
عملية، فيها الاهتمام بغذائه وصحته ونظافته وتعليمه.. وكذلك الاهتمام بروحياته،
وتلقينه الدين، وتدريبه على الفضيلة..

 

وفى حديث سفر النشيد عن الحب، يقول (اجعلنى
كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدك) (نش 8: 6).

 

عبارة (خاتم على قلبك، تعنى عواطفك ومشاعرك
القلبية أما عبارة (خاتم في ساعدك) فتعنى مد ساعدك للعمل.

 

إن بطرس الرسول حينما قال (لو أنكرك الجميع لا
أنكرك) كان خاتما على القلب. وحينما أنكر، لم يكن خاتما على الساعد..

 

خاتما على القلب تعنى الإيمان، وخاتما على
الساعد تعنى الأعمال.

 

والمحبة نحو الله تتطلب الإثنين معا. والمحبة
نحو الناس تتطلب المشاعر والعمل أيضا. هذه هى المحبة العملية.

 

ومن جهة الرعاية يقول الكتاب (الراعى الصالح
يبذل نفسه عن الخراف) (يو 10: 11) وبذل النفس هو المحبة العملية.

 

والله – كراع صالح – يقول عنه الكتاب إنه (بين
محبته لنا. لأننا ونحن بعد خطأة، مات المسيح لأجلنا). رو 5: 8) إنها محبة عملية،
فيها التجسد والصلب والفداء.

 

المحبة عاطفة، تترجم ذاتها إلى عمل.

يقول الرب (يا ابنى اعطنى قلبك) (أم 23: 26) فهل
هذا يعنى مجرد العاطفة؟ كلا، لأنه يقول بعدها مباشرة (ولتلاحظ عيناى طرقى) هنا
الحب والعمل معا. وهكذا نرى الرب يقول في ذلك: (إن أحبنى أحد يحفظ كلامى) (يو 14: 23)
إن حفظتم وصاياى، تثبتون في محبتى) (يو 15: 10).

 

فالمحبة لله، ليست محبة نظرية، ولا هى مجرد
عواطف.

 

محبتك لله تتجلى في طاعته وحفظ وصاياه. كما تظهر
في نشر ملكوته على الأرض. في خدمته، وخدمة كنيسته، وخدمة أولاده..

أما أن تقول إنك تحب الله، وأنت جالس في خمول لا
تعمل شيئا، فهذا كلام نظرى لا يقبل منك.

وهنا أذكر بإعجاب، أولئك الذين بشروا بكلمة الله
في بلاد تأكل لحوم البشر هذه هى المحبة العملية الباذلة. محبة الشخص الذي يعطى
الناس كلمة الله لكى يتغذوا، حتى لو أن بعضهم تغذى به هو!

 

6- العلاقة مع الله

حينما نتكلم عن المحبة، لا نتكلم فقط عن
المعاملات المتبادلة مع الناس، بل بالأكثر العلاقة مع اله وحينما تكلم السيد
المسيح مع الآب عن علاقته بتلاميذه، في الإصحاح المشهور (يو 17)، قال: (الكلام
الذي أعطيتني قد أعطيتهم)، ((عرفتهم اسمك، وسأعرفهم. ليكون فيهم الحب الذي أحببتنى
به وأكون أنا فيهم) (يو 17: 8، 26)

 

علاقة معرفة وحب. وكمثال للبذل فيها:

 

يقول بولس الرسول عن خدمته لله: بأسفار مرارا
كثيرة، بأخطار في البر، بأخطار في البحر، بأخطار من جنسى، بأخطار من الأمم، بأخطار
من أخوة كذبة.. في برد وعرى، في جوع وعطش. في تعب وكمد..) (2كو 11: 26، 27).

 

وتسأله أهذه هى الخدمة؟ وكأنه يجيب: بل هذا هو
الحب.

وأنت: هل حبك لله كلام أم عمل؟

هل فيه بذل وعطاء، ونشر لكلمة الله؟

هل فيه ضبط للسانك، وضبط للسانك، وضبط لفكرك،
وضبط لشهواتك؟

هل الحب يظهر في صلواتك، وفى خدمتك، وفى
احتمالك؟

 

هل في صلاتك تقول مع المرتل في المزمور (باسمك
ارفع يدى، فتشبع نفسى كما من لحم ودسم) (مز 63: 4)
.

 

هل خدمتك حب؟ كما كانت خدمة السيد المسيح الذي
قيل عنه إنه أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم حتى المنتهى) (يو 13: 1)

المحبة الحقيقية هى أيضا محبة بلا رياء (رو 12: 9)

سواء كانت تجاه الله أو تجاه الناس.

لا تكون قلوبنا غير ألسنتنا. ولا تكون ألسنتنا
غير مشاعرنا.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى