علم الكنيسة

الغرض من التأديب



الغرض من التأديب

الغرض
من التأديب

1-
حفظ مجد الله

 بالتأكيد
ينبغي أن يكون شاغلنا الأول في ممارسة التأديب هو حفظ مجد الله وكرامة اسمه القدوس.
فالله يسكن في الكنيسة، وإذا سمح بالشر في وسطها، فإن اسم المسيح الكريم سيقترن
بهذا الشر، وبالتالي سيهان هذا الاسم الغالي والقدوس. إن الكنيسة ينبغي أن تظل
المكان الذي يحتفظ بحضوره المقدس، ومجده وكرامته ينبغي أن يصانا وذلك بأن تحكم
الجماعة على كل صور الخطية والشر التي تظهر. هذا بالتأكيد ينبغي أن يكون الغرض
الأول للتأديب الكنسي. وبعلاج الخ المخطئ والحكم على الشر سنبرر اسم الرب القدوس
ونحافظ على مجده وكرامته. أما الجماعة التي ترفض أن تحكم على الشر سواء كان
تعليمياً أم أدبياً فهي ليست كنيسة الله على الإطلاق، لأنها تجلب الإهانة
والاحتقار على اسمه القدوس.

 

مقالات ذات صلة

 2-براءة
الجماعة

 يقترن
أمر براءة الجماعة أمام عيون العالم، بواسطة التأديب والحكم على الشر، اقتراناً
مباشراً بما سبق. فعلينا أن نضيء كأنوار في وسط العالم حتى يرى الناس أعمالنا
الحسنة ويمجدوا أبانا الذي في السماوات (مت 5: 16). وشهادتنا هي أن نظل على هذه
الصورة، لأن العالم يلاحظ سلوك أولئك المرتبطين بجماعة الله.

 

 عندما
يزل مؤمن في خطية أو شر، فإن اسم الرب يهان، وشهادة الكنيسة تشان. ولكن إذا حكم
على شر كهذا وتنفذ التأديب على الشخص المذنب، فإن شهادة الجماعة ستحفظ في عيون
العالم رغم الإهانة. لأنه عندما يرى أن فاعل الشر عزل عن شركة الجماعة، فإن احترام
العالم للكنيسة سيرد، والجماعة ستتبرر علناً من الشر الذي ظهر بكل أسف في وسطها،
وقداسة اسم الرب، المرتبط بالجماعة ستتزكى.

 

 إن
كنيسة كورنثوس، بعد أن مارست التأديب، وعزلت الخبيث من وسطها، أمكن لبولس أن يكتب
إليها قائلاً “في كل شيء أظهرتم أنفسكم أبرياء في هذا الأمر” (2 كو 7: 11).

 

 أما
إذا كان هناك شخص يسير بغير اكتراث، وأمكن علاجه بالتأديب، وتحسن سلوكه، فإن ذلك
أيضاً سيكون ظاهراً أمام العالم، وسيتمجد اسم الرب، والشهادة الحسنة ستنبع من
الكنيسة. وهذا غرضاً هاماً وضرورياً للتأديب في اجتماع المؤمنين.

 

 3-علاج
المخطئ

 وهناك
غرض ثالث للتأديب وهو أن يعالج المذنب ويتعلم كيف كان ينبغي أن يسلك بحسب كلمة
الله. فلقد أعطانا الله كلمته. ونحن مسئولون أن نقرأها ونتعلمها، تحت إرشاد الروح
القدس لنعرف ما هو فكر الله بالنسبة لسلوكنا وتصرفنا. فالكتاب كله “نافع
للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب الذي في البر” (2 تي 3: 16). أما إذا لم
يبال المؤمن ولم يعتبر كلمة اله، بل سار معاكساً لها، فإنه يجب أن يوقظ من حالته
هذه ليفهم ما الذي كان يجب أن يتعلمه من كلمة الله، وأي سلوك كان يجب أن يكون
سلوكه، وذلك بممارسة الجماعة لواجبها في تأديبه. وهكذا فإنه بالتأديب يتدرب
القديسون في طريق الرب، ويتعلمون الطاعة لكلمته.

 

 4-
فائدة النفوس وردها

 كما
سبق أن قلنا فإن الغرض السامي للتأديب هو علاج المخطئ، ورده إلى الشركة مع الرب
ومع شعبه. والتأديب في كل أشكاله المتنوعة يجب أن يكون غرضه دائماً هو الإصلاح
والبركة. هذا ما نجده في عبرانيين 12: 10 و 11 عن غرض الله من تأديبه لأولاده، فهو
“للمنفعة (أو لمنفعتنا) لكي نشترك في قداسته” كما أنه “يعطي أخيراً
للذين يتدربون به ثمر بر للسلام”. وهكذا ينبغي أن تبحث الكنيسة دائماً عن
المنفعة والخير الروحي للنفوس عند ممارسة التأديب. فقد يكون تأديباً بانياً لتعليم
النفوس، أو يكون وقائياً لحفظهم من الشر، أو مصححاً فيه تصحيح لسلوكهم، وقد يكون
له طابع العقاب. لكنه دائماً نافع لقلوب الذين يتدربون به.

 

 وإنه
من المهم أن نلاحظ أنه حتى عندما يكون التأديب في أشد صوره – أي حالة العزل من
الجماعة وتوقف ممارسة التأديب. فإن الغرض من ذلك هو، كما قال الرسول بولس في 1
كورنثوس 5، أن يهلك الجسد [1] الذي تسبب في الخطية المشينة، وينكسر تماماً
“لكي تخلص الروح في يوم الرب يسوع” (1 كو 5: 5). هذا ثمين جداً، وجدير
بالملاحظة وهو ما ينبغي أن نحرص عليه دائماً، ويكون نصب أعيننا ونحن نمارس التأديب.
فلا يجب أن يكون في قلوبنا سوى هذا الغرض.

 

 ولا
ينبغي أن تكون الروح في ممارسة التأديب هي إبعاد الشخص المخطئ للتخلص من الإهانة
التي فعلها، ولا لإراحة الجماعة من المتاعب التي يسببها. ولا ينبغي أن يكون الشعور
إذ ذاك هو ممارسة الانتقام[2] من الشخص المسيء، بل على العكس ينبغي أن يصاحب عملاً
كهذا شعور عميق بالحزن لأن تأديباً كهذا أصبح ضرورياً. وعملية عزل شخص خارجاً
ينبغي أن يصاحبها صلوات كثيرة حتى يأتي التأديب بغرضه، ويؤثر في المخطئ جاعلاً
إياه يتوقف عن تصرفه الخاطئ ويرجع إلى الرب وإلى شركة القديسين.

 

 هذه
النتيجة المباركة نجدها في الشخص الذي عزله الكورنثيون من وسطهم باعتباره شخصاً
خبيثاً. إذ في الرسالة الثانية لهم نجد الرسول يصرح بأن العقاب الذي تنفذ فيه أصبح
كافياً، وأنهم يجب أن يسامحوه ويعزوه ويمكنوا له المحبة حتى لا يبتلع من الحزن
المفرط (2: 6 – 8). فالهدف من العزل قد تحقق. وها قد انكسر وتاب، وعاد إلى الرب،
وأصبح مؤهلاً لن يسامحه القديسون وترد شركته مع الجماعة. ويا لها من نتيجة مباركة
للتأديب، ينبغي دائماً أن نهدف إليها ونصلي لأجلها.

——————–

[1]
1 كورنثوس 5 تحدثنا عن أمرين هما: التأديب الكنسي، والسلطان الرسولي. فالكنيسة كان
عليها أن تعزل الخبيث من وسطها (قارن 4 مع ع 13). أما التسليم للشيطان لهلاك الجسد
فكان بسلطان رسولي (قارن ع 4 و 5 مع 1 تي 1: 20). وواضح أن هذا السلطان الرسولي لا
يملكه أحد في الوقت الحاضر (المعرب).

[2]
طبعاً المقصود هنا هو عدم الانتقام الشخصي. فهذا يجب أن نتركه للرب (رو 12: 19(.
لكن هناك انتقام لأجل الرب، ولأجل الإهانة التي لحقت اسمه. هذا الانتقام أظهره
قديماً فينحاس (عد 25)، وأظهره الكورنثيين في العهد الجديد (2 كو 7: 11). وطريقة
ذلك في العهد الجديد هي قطع كل صور الشركة مع المخطئ المعزول دون أية شفقة على
الإطلاق (المعرب).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى