انجيل لوقا

الإصحَاحُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ



الإصحَاحُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ]]>

الإصحَاحُالثَّانِي وَالْعِشْرُونَ

 

ثلاثةأسئلة يسألها رؤساء اليهود (متى 15:22-40)

سؤالالمسيح الذي لا يرد عليه (متى 41:22-46)

 

المثل الثالث : عرس إبن الملك مت1:22-14

الآيات(1-3): “وجعل يسوع يكلمهم أيضاً بأمثال قائلاً. يشبه ملكوت السماوات إنساناًملكاً صنع عرساً لابنه. وأرسل عبيده ليدعوا المدعوين إلى العرس فلم يريدوا أنيأتوا.”

العريسهو المسيح والعروس هي الكنيسة ككل أو كل نفس بشرية، فالنفس مدعوة لا أن تكونمتفرجة في هذا العرس بل هي العروس التي تتحد بعريسها على مستوى أبدي. وما هوالعرس؟ هو دعوة لكل نفس للفرح الدائم من خلال أسرار مقدسة وغفران وسلام يفوق العقلوتعزيات وأفراح روحية. ولكن للأسف فهناك نفوس من أجل بؤسها الداخلي ترفض أن تفتحقلبها لعريسها لتفرح. والمثل قاله المسيح عن اليهود الذين يرفضونه، وقد أرسل لهمرسلهُ بل هو أتى شخصياً ليدعوهم ولكنهم رفضوه ورفضوا تلاميذه. ونلاحظ أن المسيح لايرغب أن يغتصب قلب عروسته بغير إرادتها فهو يرسل عبيده ليقنعوها أن تقبله بإقتناعكامل، يعلن حبه تاركاً لها الإختيار. والمسيح لا يمل من أن يرسل لنا دائماً رسلهلدعوتنا من خلال خدامه وإنجيله وصوت الروح القدس ومن خلال ظروف وأحداث الحياة. وهوواقف على الباب ويقرع .. (رؤ20:3). ونلاحظ أن هناك إرساليتين (آية3) هم أنبياءالعهد القديم الذين تنبأوا عن المسيح. ثم (آية4) هم التلاميذ والرسل والكنيسة. يشبهملكوت السموات= الملكوت السماوي هو الكنيسة وهي في عرس دائم، أقامها الملك=الآب لإبنه ينعم بها، وتنعم هي بحلوله في وسطها. وبإتكائها على صدره، تتقبلمنه أسرار أبيه وتتمتع بإمكانياته الإلهية حتى ترتفع به وفيه إلى حضن أبيه تنعمبشركة أمجاده.

·    هذا المثلقدّمه المسيح لقادة اليهود ولليهود الذين رفضوا ملكوت المسيا السماوي وهو مقدم لكلنفس منّا ترفض ملكوته الحقيقي في داخلها.

 

آية(4): “فأرسل أيضاً عبيداً آخرين قائلاً قولوا للمدعوين هوذا غذائي أعددتهثيراني ومسمناتي قد ذبحت وكل شيء معد تعالوا إلى العرس.”

تعالواإلى العرس= هذهدعوة تحمل قوة وسلطاناً تقدر أن تجتذب القلب إلى العريس، لكن دون إلزام أو إجبار.وقد دفع العريس ثمن الدعوة من حياته التي بذلها كذبيحة لمصالحتنا مع الآب= ثيرانيومسمناتي قد ذبحت. بل أعطى لنا جسده مأكلاً ودمه مشرباً= هوذا غذائي قدأعددته. فالآب هو صاحب الدعوة والإبن هو العريس الذي يدفع تكاليف العرس والروحالقدس هو الذي يعمل فينا ليهيئنا للعرس. وهذا ما يقدم للإبن الضال حين يعود، أنيأكل من العجل المسمن (لو22:15-24)

 

الآيات(5،6): “ولكنهم تهاونوا ومضوا واحد إلى حقله وآخر إلى تجارته. والباقونامسكوا عبيده وشتموهم وقتلوهم.”

هذاما فعله اليهود إذ رفضوا الدعوة. وهناك حتى الآن من يرفض دعوة المسيح للولائمالروحية فلا وقت لديهم بسبب أعمالهم. تهاونوا= لأنهم إعتمدوا على أنهمأولاد إبراهيم وأن لهم الهيكل والناموس والوعود. (أر1:7-7) وهؤلاء يمثلون من يرفضالتوبة والعمق مكتفياً بأنه مسيحي، هذا يُحرم من أفراح العُرس. وهناك من يرفضالمسيح لإنشغاله بأموره الزمنية حقله.. تجارته. وهذا يمثل من يدعي أن لاوقت لديه للإنشغال بالروحيات بسبب أعماله وظروفه. أمّا بالنسبة لليهود فإن قادتهمإنصرفوا عن المسيح لإهتمامهم بالتجارة في الدين وتحولت العبادة إلى بيع وشراء.وإنشغل كل واحد بأملاكه أي حقله. ثم قاموا على المسيح وتلاميذه وقتلوهم إذ ظنوا أنالمسيح وبالتالي تلاميذه سيحرمونهم من أملاكهم وتجارتهم.

ونلاحظ التسلسل [1] تهاونوا .. [2] مضوا إلىحقله= الاهتمام بنفسه وبأملاكه [3] الاهتمام بتجارته= لقد تحوَلت حياة الشخصلتجارة في كل شئ [4] الهجوم على المسيح إذ يظنوا أنه ينافس إلهتهم التي هيمكاسبهم.

 

الآيات(7-9): “فلما سمع الملك غضب وأرسل جنوده واهلك أولئك القاتلين واحرق مدينتهم.ثم قال لعبيده أما العرس فمستعد وأما المدعوون فلم يكونوا مستحقين. فاذهبوا إلىمفارق الطرق وكل من وجدتموه فادعوه إلى العرس.”

هنانرى الدعوة موجهة للأمم عن طريق الرسل. ولقد أحرق تيطس أورشليم فعلاً وأحرق هيكلهاسنة 70م. وإنتهت إسرائيل كأمة من وقتها. وقوله مفارق الطرق= فأمام كل إنسانطريقان يسلك في أحدهما [1] الإيمان بالمسيح فتغفر خطاياه ويحيا في طهارة لائقة بهكعروس للمسيح [2] رفض المسيح والإهتمام بلذات العالم. والرسل أرسلهم المسيح لمنيفكر في أي الطريقين يسلك ليساعدوه في القرار علًّه يقرر أن يسلك في طريق الإيمان.أمّا من إتخذ قراراً أن يكون ضد المسيح فهذا لن يقبل الدعوة بل سيعتذر أو سيهاجمالمسيح ورسله.

 

آية(10): “فخرج أولئك العبيد إلى الطرق وجمعوا كل الذين وجدوهم أشراراً وصالحينفإمتلأ العرس من المتكئين.”

المسيح أتى لأجل العشارين والخطاة ليطهرهم. فهودعا الجميع حتى السامرية. ولكن بعد أن يدعوهم عليهم أن يعتمدوا فيلبسوا الحلةالأولى. وأمّا الخطاة الذين يأتوا تائبين فالتوبة تلبسهم الحلة الأولى (الإبن الضال).فالمسيح قطعاً لن يدعو الخطاة ويتركهم بخطيتهم!! أو يليق هذا بعرس إبن الملك، بلهو يطهرهم بل يلبسوا المسيح ويكون لهم صورته من المحبة والتواضع، والوداعة والحكمةوالطهارة والبساطة (رو14:13) فلابد أن نلبس المسيح فهو برنا وقداستنا وبدونالقداسة لن نعاين الرب (عب14:12).

 

آية(11): “فلما دخل الملك لينظر المتكئين رأى هناك إنساناً لم يكن لابساً لباسالعرس.”

قارنمع (صف7:1،8). إذاً الدعوة للجميع والمعمودية للجميع، ولكن بالمعمودية نحصل علىثياب العرس وبالتوبة نحفظها. ولكن هناك من يأخذ ثياب العرس ثم يختار مرة أخرى طريقالخطية، يعود إلى مفارق الطرق ويختار الطريق الآخر فيفقد لباسه ويرتدي لباساًغريباً ويكون عوضاً أن يلبس المسيح أي أن تكون له صورة المسيح أنه تصبح له صورةالعالم. ولنلاحظ أن من يفعل هذا لهو أكثر شراً من اليهود الذين رفضوا الحضورأصلاً. أمّا هذا فَقَبِلَ ثم إرتدَّ وأضاع ثيابه التي حصل عليها بالمعمودية عوضاًعن أن يحفظها نامية بواسطة الروح القدس وجهاده وتوبته.

 

آية(12): “فقال له يا صاحب كيف دخلت إلي هنا وليس عليك لباس العرس فسكت.”

لقدإنتهى الوقت الذي كان يمكنه فيه أن ينسج لنفسه ثوب العرس وليس له عذر فلذلك يصمت.هؤلاء هم من إكتفوا من المسيحية بالإسم دون أن يعملوا أعمالاً صالحة.

 

آية(13): “حينئذ قال الملك للخدام اربطوا رجليه ويديه وخذوه واطرحوه في الظلمةالخارجية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان.”

الخدام همالملائكة. اربطوايديه ورجليه= الإنسان الذي رفض بالحب أن يلبس ثوب العرس، فينال الحل منالخطية مقيداً نفسه بنفسه بخطاياه، فهذا يُربط أي لا يعرف أين يذهب ولا ماذا يفعل،لقد إختار الظلمة الداخلية إذ بخطاياه إنطمست عيناه ولم يكن قادراً أن يرى الربوهو في العالم (مت8:5) فبخطيته إنغلقت عيناه الداخلية وكان غير قادر أن يرى الرببالروح. لذلك فعقوبته أن ينال أيضاً الظلمة الخارجية ويُحرم من أن يعاين الله مثل القديسين (1يو2:3) فهذا إمتداد لما صنعهبنفسه على الأرض أمّا البكاء وصرير الأسنان فيشيرلأن الجسد سيقوم ليشترك مع النفس في مرارة الظلمة الخارجية. وقوله الخارجية أي هوخارج أورشليم السماوية التي نورها هو المسيح نفسه (رؤ5:22).

 

آية (14): “لأن كثيرين يدعون قليلينينتخبون.”

علىكل مؤمن أن لا يتشابه مع الناس بدعوى أن الكل يفعل ذلك فقليلين هم الذين ينتخبون،قلة هي التي تغلب ويكون لها نصيب في العرس السماوي أمّا الكثرة التي نراها تتلذذبالشر فستفقد نصيبها في هذا العرس.

 

ثلاثة أسئلة يسألها رؤساء اليهود

السؤالالأول : بخصوص الجزية مت15:22-22 + مر13:12-17 + لو20:20-26

(مت15:22-22):”حينئذ ذهب الفريسيون وتشاوروا لكي يصطادوه بكلمة. فأرسلوا إليه تلاميذهم معالهيرودسيين قائلين يا معلم نعلم انك صادق وتعلم طريق الله بالحق ولا تبالي بأحدلأنك لا تنظر إلى وجوه الناس. فقل لنا ماذا تظن أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا.فعلم يسوع خبثهم وقال لماذا تجربونني يا مراؤون. اروني معاملة الجزية فقدموا لهديناراً. فقال لهم لمن هذه الصورة والكتابة. قالوا له لقيصر فقال لهم أعطوا إذا مالقيصر لقيصر وما لله لله. فلما سمعوا تعجبوا وتركوه ومضوا.”

الفريسيين=حزب ديني أومدرسة يهودية كانت موجودة أيام المسيح. وأطلق عليهم هذا الإسم نسبة لكلمة عبريةمعناها منفصل. وكان المسيح يهاجمهم بسبب ريائهم. ويمكن تسمية الفريسيين بالمتزمتينوالصدوقيين بالعقلانيين.

الهيرودسيين=هم طائفةسياسية تتبع هيرودس الكبير وكان منهم من الفريسيين وأيضاً من الصدوقيين ويؤمنون أنأمال الأمة اليهودية تتعلق بآل هيرودس كسد منيع في وجه سيطرة الرومان وهم من أطلقعلي خبثهم خمير هيرودس في مقابل خمير الفريسيين (مر15:8+ لو1:12) وكان القيصر فيذلك الوقت هو طيباريوس الذي إشتهر بالقسوة. وكانت الجزية مفروضة على كل رأس علامةللخضوع لقيصر. وكانت الجزية مكروهة عند الفريسيين الذين إعتقدوا أنها ضد شريعةموسى، أما الهيرودوسيين الذين يتشيعون لهيرودس الأدومي راغبين أن يكون ملكاً علىاليهودية فكانوا يرحبون بالجزية تملقاً للرومان ولقيصر لينالوا مأربهم، لذلك كانهمهم الموالاة لروما وحفظ هدوء الشعب من أي مؤامرة ضد روما. وكان هناك تذمر بيناليهود المتعصبين إذ يرفضون دفع الجزية، وبسبب هذا قامت ثورات مثل ثورة ثوداسويهوذا الجليلي وقد قتلهم الرومان في فترة قريبة وأنهوا ثورتهم (أع36:5،37).والجليليين الذين تسموا بإسم يهوذا الجليلي قتلهم بيلاطس وخلط دمهم بذبائحهم(لو1:13).

والغريبهنا أن يجتمع الفريسيين والهيرودسيين على المسيح مع إختلافهم في المبادئ. فنحنيمكننا أن نتوقع هذا السؤال من الهيرودسيين فهم كان يجمعون الجزية ويعطوا قيصرنصيبه ويختلسون الباقي ولكن الفريسيين ممتنعون عن دفع الجزية متذمرين ضدها، بليعتبرون الهيرودسيين خونة ضد أمتهم وناموسهم. ولكن لأجل أن يتخلصوا من المسيح فلامانع أن يتحدوا.

ولوأجاب المسيح بأن نعطي الجزية لقيصر تنفر منه الجموع وتنفض من حوله وتفقد ثقتها فيهكمخلص من المستعمر ولو رفض لأعتُبِرَ مثير فتنة ضد قيصر. إعطوا إذاً ما لقيصرلقيصر= هي رد على الفريسيين الذين رفضوا طاعة السلطات الحكومية وقد أمر الكتاببطاعتها. ولنلاحظ أن قيصر أعطاهم حكومة مستقرة وحماية وأنشأ لهم طرق فيكون من حقهالجزية. وهكذا فعلى المسيحي أن يطيع حكومته (رو1:13-7). وعلينا أن نخضع لحكومتناوقوانينها طالما أن ذلك لا يتعارض مع ما لله ووصاياه. والعجيب أنه قدَّم الطاعةلقيصر عن الطاعة لله، ففي طاعة قيصر أي الرؤساء شهادة حق لله نفسه. فليس هناك ثنائيةبين عطاء قيصر حقه وعطاء الله حقه فكلاهما ينبعان عن قلب واحد يؤمن بالشهادة للهمن خلال الأمانة في التزامه نحو الآخرين ونحو الله والكلمة الأصلية لإعطوا هيسددوا أو إدفعوا. فهذه الجزية واجبة فقيصر يدافع ويحمي ويمهد الطرق.. الخ. إعطواما لله لله= هذا رد على الهيرودسيين الذين ينسون واجباتهم نحو الله بجريهموراء قيصر. والله له القلب والنفس بل الحياة كلها. الإنسان هو العملة المتداولةعند الله. أروني معاملة الجزية= هي الدينار وهو قطعة عملة رومانية. وكانتعادة تدفع كجزية وعليها صورة قيصر. وكون أنهم يقدمون له الدينار فهذا إعتراف منهمأنهم تحت حكم قيصر فالعملة الجارية تظهر نظام الحكم والسلطة القائمة ويدفع منهاالجزية. (عملة اليهود الشاقل بلا صورة تماماً فهم يرفضون التماثيل والشعارتالوثنية ويُسَمّى عملة القدس ويستخدم للمعاملات الدينية. وللمعاملات المدنية يستخدممعاملة الجزية).

يامعلم نعلم أنك صادق..= هذاتملق ومديح للخديعة بعد ذلك. والمديح هدفه أن يفقد حذره منهم فيخطئ في كلامه.والله خلقنا على صورته ولما فقدنا هذه الصورة أتى الروح القدس ليعيدنا إليها(غل19:4) ومن لا توجد عليه وفيه هذه الصورة سيرُفض. فكما يحمل الدينار صورة قيصرهكذا ينبغي أن نحمل صورة الله لنقدم للملك السماوي عملته الروحية تحمل صورتهوكلمته فنصير عملة متداولة في السماء يمكننا أن ندخلها ويجدوا علينا ثياب العرس،وكما أن أي دولة لا يمكنك أن تتعامل فيها بعملة لا يكون عليها صورة ملك هذهالدولة، فنحن لا يمكننا دخول السماء إلاّ كعملة عليها صورة الله ملك السماءوالأرض، ملك الملوك. فكما يطلب قيصر صورته على عملته هكذا يطلب المسيح صورته فينا.ولكن إن وُجِدَ في إنسان صورة الشيطان يستعبده الشيطان (يو44:8+ 1يو7:3-10).

(لو21:20): لا تقبل الوجوه= لا تحابي وجوه العظماء فتغيرالحق إرضاء لهم. ومع كل الحكمة في إجابة المسيح هذه، وأنه لم يخطئ في حق قيصرإتهموه بأنه يفسد الأمة ويمنع أن تعطي جزية لقيصر قائلاً أنه ملك (لو2:23). وفيهذا لم يدافع المسيح عن نفسه. لقد قدَّم مبدأ الخضوع للسلطات ليس خوفاً ولا دفاعاًعن نفسه بل كمبدأ على المسيحيين أن يمارسوه وإن إتهم بخلاف ما يمارس.

 

السؤالالثاني : بخصوص القيامة من الأموات مت23:22-33 + مر18:12-27 + لو27:20-39

(مت23:22-33):”في ذلك اليوم جاء إليه صدوقيون الذين يقولون ليس قيامة فسألوه. قائلين يامعلم قال موسى إن مات أحد وليس له أولاد يتزوج أخوه بامرأته ويقيم نسلاً لأخيه.فكان عندنا سبعة اخوة وتزوج الأول ومات وإذ لم يكن له نسل ترك امرأته لأخيه. وكذلكالثاني والثالث إلى السبعة. وآخر الكل ماتت المرأة أيضاً. ففي القيامة لمن منالسبعة تكون زوجة فأنها كانت للجميع. فأجاب يسوع وقال لهم تضلون إذ لا تعرفونالكتب ولا قوة الله. لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكةالله في السماء. وأما من جهة قيامة الأموات أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل اللهالقائل. أنا اله إبراهيم واله اسحق واله يعقوب ليس الله اله أموات بل اله أحياء.فلما سمع الجموع بهتوا من تعليمه.”

الصدوقيون=هم فرقةيهودية دينية ينتسبون إلى مؤسس فرقتهم صادوق الذي ربما يكون هو صادوق الذي عاشأيام داود وسليمان وفي عائلته حفظت رياسة الكهنوت حتى عصر المكابيين، أو هو صادوقآخر عاش حوالي سنة 300ق.م. حسب رأي البعض وهذه الفرقة كما يقول يوسيفوس كانتمناقضة للفريسيين، لكن مع قلة عددهم كانوا متعلمين وأغنياء وأصحاب مراكز وإحتلوامركز القيادة في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد في العصرين الفارسيواليوناني. وأحبوا الثقافة اليونانية وإهتموا بالسياسة أكثر من الدين. فسيطر عليهمالفكر المادي ولم يستطيعوا أن يقبلوا عودة الروح إلى الجسد بعد إنحلاله فأنكرواالقيامة، ولذلك إصطدموا بكلمات السيد المسيح في هذا الشأن إذ كان يتحدث عن الملكوتالسماوي وأنه ملكوت أبدي. وأنكروا قانونية أسفار العهد القديم ما عدا أسفار موسىالخمسة (لذلك فإن المسيح حين جاوبهم أتى لهم بآية من أسفار موسى الخمسة التييعترفون بها) وإستخفوا بالتقليد على خلاف الفريسيين الذين حسبوا أنفسهم حراساًلتقليد الشيوخ لذلك كرههم الفريسيين. ولكن كان الفريسيون على إستعداد لوضع يدهم فييد خصومهم الصدوقيون لمقاومة المسيح. وظن الصدوقيون بأن أسفار موسى لا تذكر شيئاًعن القيامة من الأموات. (أع8:23). بل هم ظنوا أنه بخصوص الزواج الناموسي، حينمايموت زوج بدون أطفال فتلتزم زوجته بالزواج من أخيه أو أقرب ولي له (تث5:25،6)ويكون الأطفال بإسم الميت. ظنوا في هذا تأكيداً لعدم القيامة من الأموات. ولأنهم تعلقوابالحياة السياسية والعالم فحسبوا القيامة حياة زمنية مادية. وهذه القصة التيإستخدمها الصدوقيون هنا، كانت غالباً مستخدمة في الحوار بين الصدوقيين والفريسيينالذين كانوا يعلمون بأن هناك زواج في السماء. وقدّم الصدوقيون القصة للمسيح علىأنها لغز يصعب حله. وإشتملت إجابة المسيح على:-

1- أظهرلهم أنهم لا يعرفون حتى الكتب الخمسة التي لموسى والتي يؤمنون بها= تضلون إذ لاتعرفون الكتب. وإستخدم السيد المسيح قول الله لموسى (خر6:3،15) وأنه إلهإبراهيم وإسحق ويعقوب، والله لا يمكن أن يكون إله أموات بل إله أحياء. (هل نعرف الكتابالمقدس وقوته على تغيير حياتنا بل ولادتنا ثانية (1بط23:1).

2- إنالحياة في الأبدية ستكون كحياة الملائكة بلا شهوات ولا جنس، إذ لا موت ولا إنقراضللجنس البشري، أجسادنا ستكون روحية لا مادية، ومن تذوق الفرح الروحي لا يعود يحتاجبعد للفرح المادي. لذلك لن تناسبنا الشهوات بل سيكون المؤمنين في مجد نوراني. وهمتعمدوا أن يقولوا أنها لم تنجب حتى لا يقول المسيح تكون زوجة لمن أنجبت منه.

(لو34:20):-هذا الدهر= الأرض التي نحيا عليها الآن. (لو35:20):- ذلك الدهر= السماء.

 

السؤالالثالث : عن الوصية العظمى مت34:22-39 + مر28:12-34

(مت34:22-39):”أما الفريسيون فلما سمعوا انه ابكم الصدوقيين اجتمعوا معاً. وسأله واحد منهموهو ناموسي ليجربه قائلاً. يا معلم أية وصية هي العظمى في الناموس. فقال له يسوعتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الأولى والعظمى.والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك.”

ناموسي=أي مفسرقانوني للناموس.

إتفقالفريسيين أن يوقعوا المسيح فأرسلوا له هذا الناموسي ليمتحنه في مسألة حيرتهموإختلفوا بخصوصها فيما بينهم، على أي الوصايا هي العظمى، وأيها هي الثقيلة وأيهاهي الخفيفة وأيها هي المهمة. وكانت لهم منازعاتهم الساخنة. ففي رأيهم أنه لابد أنتكون هناك وصية هي الأعظم فمنهم من قال أنها حفظ السبت ومنهم من قال تقديم الذبائحومنهم من قال أنها الختان. وهذا الناموسي الذي أرسلهُ الفريسيين ليمتحن السيد يبدوأنه كان في داخله باحثاً عن الحقيقة بصدق فحين أجابه السيد فرِح بالإجابة فمدحهالسيد (مر34:12). وفعلاً تتفق إجابة المسيح مع أن الوصايا العشر مقسمين للوحينالأول يختص بالله والثاني يختص فيما للإنسان، وهكذا لخص السيد الوصايا أن تحب اللهوتحب قريبك وكان هدف الفريسيين أن المسيح يتكلم عن تعاليمه ويميزها عن تعاليمموسى، أو أن يجيب بان الناموس ناقص فيشتكون عليه. ولكن إجابة السيد كانت مملوءةحكمة فحب إخوتنا مكمل لحبنا لله، ولا يمكننا أن نحب الله غير المنظور ولا نحبإخوتنا المنظورين وأراد السيد بإجابته أن يظهر لهم أن الوصايا ليست موضوع نزاععقلي وبحث ومناقشات وجدل بل هي حب، حياة حب، يحيا الإنسان لله وللناس.

يتعلقالناموس كله والأنبياء= منيتمم وصية الحب لله وللإخوة يتقبل هبات الله وأولها الحكمة خلال الروح القدس.ومحبة الله تجعلنا نَحْفَظْ وصاياه. بل إن من له الروح القدس الذي يعطي المحبة لايحتاج للناموس (غل22:5،23).

وكأنالوصية هي تمتع بسمة داخلية، حياة داخلية يعيشها الإنسان في أعماقه وتُعْلَن خلالإيمانه ومحبته لله ومعاملاته مع الناس. ولأنها حياة داخلية قال السيد من كل قلبكوكل نفسك وكل فكرك أي بكل كيانك ومشاعرك وقلبك.

(مر34:12).المسيحيشجعه ليستمر ليصل للمعرفة الحقيقية ويدخل ملكوت الله فليس كافياً أن يكون المرءليس بعيداً عن ملكوت الله. بل عليه أن يعرف حاجته للمسيح المخلص. هو ليس بعيداً إذكان باحثاً عن الحقيقة بصدق مبتعداً عن خبث الفريسيين، وهو فهم الناموس فهماًصحيحاً فبالتالي سيسهل عليه أن يعرف المسيح. فالمسيح غاية الناموس بل أن وصيةالمحبة هذه يستحيل تنفيذها بدون المسيح، فكيف نحب كل الناس حتى أعدائنا إن لم نكنفي المسيح. والسبب بسيط أن الله محبة. فبدون معونة منه لا توجد محبة حقيقية. لذلكفأول ثمار الروح القدس “المحبة”. والروح القدس هو الذي يسكب محبة اللهفينا (غل22:5،23).

 

سؤالالمسيح الذي لا يرد عليه مت41:22-46 + مر35:12-37 + لو41:20-44

(مت41:22-46):”وفيما كان الفريسيون مجتمعين سألهم يسوع. قائلاً ماذا تظنون في المسيح ابنمن هو قالوا له ابن داود. قال لهم فكيف يدعوه داود بالروح رباً قائلاً. قال الربلربي اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. فان كان داود يدعوه رباً فكيفيكون ابنه. فلم يستطع أحد أن يجيبه بكلمة ومن ذلك اليوم لم يجسر أحد أن يسألهبتة.”

السيدهنا يفحم اليهود بسؤال تستدعى إجابته إعترافهم بلاهوته كما بناسوته، بهذا السؤاليظهر السيد لاهوته مستخدماً المزمور (110) الذي يعتبره اليهود مزمور خاص بالمسيا.وهم يفهمون أن المسيا لابد أن يكون إبن داود. ونلاحظ أن المسيح قبل هذا اللقب يومدخوله أورشليم فبالتالي هو يشير لنفسه، ويشير لنفسه أنه إبن داود ورب داود. السيديسأل ليُعلِّم. والمعنى أن الآب رب داود والإبن أيضاً رب داود وقد رفعه الله الآبوأعطاه إسماً فوق كل إسم في الأعالي وأجلسه عن يمينه ووضع أعداؤه عند موطئ قدميه،بعد أن أكمل الفداء. وكأن السيد يحذرهم من المقاومة، فهو جاء ليخلص لا ليدين، يفتحالباب لقبولهم حتى لا يوجدوا في يوم الرب كأعداء مقاومين. المسيح بهذا السؤال يكشفلهم طريق الخلاص. إجلس عن يميني= أي في ذات مجدي وهذا تم بعد الصعود. أضعأعداءك.. هذا سيتم في المجئ الثاني. لقد إكتفى الفريسيين بأن يعلنوا أن المسيحالآتي سيكون ملكاً يخلصهم من الإستعمار الروماني، أما المسيح هنا فيعلن أنهالمسيا، هو الرب السماوي الذي ملكه سماوي. هو أصل وذرية داود (رؤ16:22). ولقد أدركالكل أن المسيا سيكون إبن داود حتى الأعمى (لو39:18). أمّا ما يثيره المسيح هناجديداً أنه الرب. الرب= الله الآب. ربي= سيد وإله داود. إذ لا يمكنأن يدعو إنسان إبنه أو حفيده “ربي”. المسيح إبن داود بحسب النبوات= (إش6:9،7+1:11،2،10+ أر5:23،6+ مز20:89-29)

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى