علم

5- نبذة تاريخيّة عن موقف الأباطرة من المسيحيين مع الإشادة بالمتسامحين والتّنديد بالمتعنّتين



5- نبذة تاريخيّة عن موقف الأباطرة من المسيحيين مع الإشادة بالمتسامحين<br /> والتّنديد بالمتعنّتين

5- نبذة تاريخيّة عن موقف الأباطرة من المسيحيين
مع الإشادة بالمتسامحين والتّنديد بالمتعنّتين

 للبحث
في مسألة مصدر القوانين الّتي تعنينا هنا، نشير إلى وجود مرسوم قديم يقضي بألاّ
يقرّ الامبراطور أيّ إله ما لم يصادق عليه مجلس الشّيوخ؛ يعلم مرقس إيميليوس[1]
ذلك بخصوص إلهه ألبُرنوس
[2]؛ وهذا يؤيّد ما نذهب إليه من أنّ الألوهة عندكم مسألة تابعة لنظر
البشر؛ إن لم يرقْ إله للإنسان فلن يكون إلها؛ ها هو الإنسان إذن بات هو الّذي
يُرجى رضاه على الإله. لذا نجد أنّ تيبريوس [3]
الّذي في عهده دخل اسم المسيحيّين العالم، لمّا أحيط علما من بلاد سورية فلسطين
بالأحداث الّتي جلَت صحّة ألوهته[4]، أحال
المسألة إلى مجلس الشّيوخ، مُدْلِياُ هو الأوّل بموافقته، فرفض مجلس الشّيوخ لأنّه
لم يتحقّق بنفسه؛ تمسّك قيصر بموقفه مهدّدا بالويل متّهمي المسيحيين. ارجعوا إلى
سجلاّتكم تجدوا فيها أنّ نيرون أوّل من شهر السّيف الامبراطوريّ وبمنتهى الوحشيّة
ضدّ هذه الملّة الّتي ظهرت آنذاك تحديدا في رومية؛ لكنّا نعتزّ بأن يكون مثله
مفتتح اضطهادنا. إذ يمكن لكلّ من يعرفه إدراك أنّ لا شيء يدينه نيرون إلاّ وفيه
خير ما. حاول كذلك دومتيانوس، وفيه شيء من وحشيّة نيرون لكنّه احتفظ معها بشيء من
الإنسانيّة، فما لبث أن ارتدع بسهولة عمّا شرع فيه، بل وأعاد كذلك من أمر بنفيهم.
هكذا كان دوما مضطهدونا: بغاة عتاة كفرة فجرة، اعتدتم أنتم أنفسكم إدانتهم ودأبتم[5]
على ردّ الاعتبار لمن حكموا عليهم. لكن ضمن كلّ الأباطرة العقلاء منذ ذاك العصر
حتّى امبراطورنا الحاليّ الإنسانيّ والرّبّانيّ، اذكروا أيّ مضطهد للمسيحيون.
بينما نستطيع أن نذكر منهم حاميا لنا إن رجعتم إلى رسالة مرقس أورليوس الامبراطور
الرّزين الرّصين، حيث يشهد بانتهاء الجفاف الّذي ضرب جيش جرمانية[6]
بغيث يعود فضل الحصول عليه إلى صلوات جنود مسيحيون؛ ولئن لم يرفع العقاب عنهم
جهرة، فقد أبطل مفعوله بنحو آخر علنا، بل مضيفا عقاب مُتّهِميهم وبكلّ صرامة. فأيّ
قوانين هي تلك الّتي لا يسلّطها ضدّنا غير البغاة القساة الكفرة الفجرة المكرة
الخبل؟ الّتي أبطلها جزئيّا تراجانوس برفضه إجراء التّحقيق حولنا، والّتي لم
يطبّقها أباطرة كهدريانوس، مستكشف كلّ غريب، ولا فسبسيانوس، مضطهد اليهود، ولا
بيوس او فيروس. في كلّ الأحوال أرجحُ أن يحكم باستئصال الأشرار الأخيارُ أعداؤهم،
من أن يفعل ذلك حلفاؤهم.



[1]  مرقس إيمليوس:   Marcus Aemilius90-13 ق م ساهم في
نظام الحكم الثّلاثيّ الثّاني ثار على أكتافيوس وهُزم فاعتزل 36م.

[2]  ألبُرنوس:  Alburnusله جبل يحمل نفس الاسم.

[3]  تيبريوس Tiberius 14-37 ونيرونNero  54-68
وفسبسيانوس
 Uespasianus69-79 ودومتيانوس Domitianus 81-96 وهدريانوسHadrianus  117-138
وبيوس
Antonius
Pius
 138-161 وفيروسUerus  أو
كومّودوس
 Commodus( مع مرقس
أورليوس* 161-169): أباطرة رومان.

[4]  صحّة ألوهته: يقصد المسيح.

[5]  اعتدتم/ دأبتم: consuestis/ soliti estis سجع مع مجانسة صوتيّة بالسّين.

[6]  الجفاف الّذي ضرب جيش جرمانية: من المعجزات الّتي أجراها الله على يدي الجنود المسيحيين في الجيش الروماني
ذكرها العديد من الكتّاب القدماء.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى