علم

24- قدسية البتولية



24- قدسية البتولية

24- قدسية البتولية

ويستطرِد
ميثوديوس لِيُعلِّم العذارى أنَّ مذبح الله الغير دموي
unbloody altar يرمُز لجماعة المُتبتِلات العفيفات، وهكذا تظهر البتولية كشيء
عظيم مجيد، لذا يجب أن تُحفظ بلا دنس في نقاوة كاملة بدون أي مُشاركة في شهوات
الجسد وأهوائه، بل يجب أن تُوضع أمام تابوت العهد، مُتمنطِقة بالحِكمة من أجل قُدس
الأقداس، مُرسِلة رائحة حُب عبقة للرب، لأنه يقول: ”وتصنعُ مذبحاً لإيقاد البخور
من خشب السَّنطِ تصنعهُ. طُولهُ ذِراع وعرضهُ ذِراع. مُربَّعاً يكونُ. وارتفاعهُ
ذِراعان. منهُ تكونُ قُرونهُ. وتُغشِّيه بذهبٍ نقيٍ سطحهُ وحِيطانهُ حواليه
وقُرونهُ. وتصنعُ لهُ إكليلاً من ذهبٍ حواليه. وتصنعُ له حلقتين من ذهبٍ تحت
إكليلهِ على جانبيهِ. على الجانبينِ تصنعهُما. لتكونا بيتين لِعَصَوينِ لحملِهِ
بهما. وتصنعُ العصوين من خشب السَّنط وتُغشِّيهِما بذهبٍ. وتجعلهُ قُدَّام الحجاب
الذي أمام تابوت الشهادة. قُدَّام الغِطاء الذي على الشهادة حيث أجتمعُ بِكَ.
فيُوقِدُ عليهِ هرون بخُوراً عَطِراً كُلَّ صباحٍ. حين يُصلحُ السُّرجَ يُوقِدهُ.
وحين يُصعِدُ هرون السُّرُج في العشية يُوقدهُ. بخُوراً دائِماً أمام الرب في
أجيالِكُم. لا تُصعِدُوا عليهِ بَخُوراً غريباً ولا مُحرِقةً أو تقدمةً. ولا
تسكُبُوا عليهِ سكِيباً“ (خر 30: 1 – 9).

 

ويرى
القديس أنَّ خيمة الاجتماع هي ظِلْ للكنيسة التي هي صورة الأشياء السماوية، فيقول:
”أنَّ اليهود تنبأوا بحياتنا هذه ولكننا نتنبأ عن الحياة السماوية، لأنَّ خيمة
الاجتماع رمز للكنيسة، إذاً من اللائِق أن تكون المذابِح رموزاً للأشياء التي داخل
الكنيسة، فالمذبح النحاس رمز لجماعة الأرامِل، لأنهن مذبح حي لله، إليه يُحضرنَ
العجول والعشور والتقدمات التي يرغبنَ في تقديمها بحسب إرادتهن الحُرَّة كذبيحة
لله، أمَّا المذبح الذهب الموضوع داخل قُدس الأقداس أمام تابوت العهد، الذي لا
تُقدَّم عليه ذبائِح القرابين فيرمُز إلى هؤلاء الذين يعيشون في بتولية، لأنَّ
هؤلاء حفظوا أجسادهم طاهرة نقية، مثل ذهب خالِص، من كلّ شهوة جسدية، والذهب يُمدح
لسببين:

 

الأوَّل:
لأنه لا يصدأ.

الثَّاني:
لأنه يُشبِه في ألوانه أشعة الشمس.

 

وهكذا
هو رمز مُناسِب للبتولية التي بلا أي عيب أو دنس بل مُشرِقة دوماً بالنور الإلهي،
لذلك أيضاً تقف قريبة من الله في قُدس الأقداس، ومثل البخور، تُقدَّم للرب الصلوات
التي تُقبل كرائحة عَطِرة، كما أوضح يوحنَّا البتول أنَّ البخور الذي في مجامِر
الأربعة والعشرين قسيساً هو صلوات القديسين.

 

بعد
ذلك يتحدَّث القديس ميثوديوس البتول عن أنَّ الإنسان يأتي إلى العالم ممنوحاً
جمالاً فريداً مُرتبطاً ونابِعاً من الحكمة الإلهية، لأنَّ النَّفْس البشرية
تُشابِه فعلاً ذاكَ الذي كوَّنها وخلقها، عندما تعكِس صورته النقية.

 

ولأنَّ
الجمال الغير جسدي، الذي لا يبتدأ ولا يفسد، الذي لا يتغيَّر ولا يشيخ، الذي لا
يحتاج لشيء، الذي يستريح في نفسه وفي النور الذي في المواضِع التي لا يُعبَّر عنها
ولا يُدنى منها ”الذي وحده له عدم الموت ساكناً في نور لا يُدنى منه الذي لم يرهُ
أحد من الناس ولا يقدِر أن يراه“ (1تي 6: 16) خلقنا على صورته، لذلك نِفوسنا عاقلة
خالدة، ولأنها خُلِقت على صورة الله، لذلك هي جميلة جمالاً فائِقاً، ولذلك أيضاً
تسعى الأرواح الشِّرِّيرة لكي تُدنِس صورتها الجميلة الشبيهة بالله، كما يُوضِح
إرميا النبي وهو يُوبِخ أورشليم ”جبهةُ امرأةٍ زانيةٍ كانت لَكِ أبيتِ أن تخجلي“
(إر 3: 3) مُوبِخاً إيَّاها وهي التي فسدت وقدَّمت نفسها للقُوَّات التي حاربت
ضدها لِتُدَنِسها، تلك التي تسعى لتُسقِط كلّ نفس مخطوبة للرب، وتُدنِس جمال عقلها
النقي.

 

ويستمر
ميثوديوس في حديثه عن جمال النَّفْس، فيُؤكِد أنَّ مَنْ يحفظ هذا الجمال بلا عيب
ولا تغيير كما خلقهُ ذاكَ الذي صنعهُ وشكِّلهُ، مُحاكياً ومُقتدياً بالطبيعة
الأبدية، ويُصبِح مثل صورة مجيدة ومُقدسة، سيُنقل إلى السماء إلى مدينة الطوباويين
وسيسكُن هناك.

 

والإنسان
يحفظ جماله كامِلاً بلا دنس عندما يحميه بالبتولية فلا ”تعميه حرارة الفساد التي
من الخارِج“ بل يظل كما هو ويتزيَّن بالبِّر ويتقدَّم كعروس لابن الله كما قال هو
نفسه، ويتحدَّث ميثوديوس عن أنَّ نور العِفة يجب أن يُضاء في الجسد كما في مِصباح،
وذلك في مَثَلْ العشر عذارى، لأنَّ عدد العشر عذارى يرمُز للنِفوس التي آمنت بيسوع
المسيح، وترمُز العشرة إلى الطريق الوحيد الصحيح المُؤدي إلى السماء.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى