علم المسيح

129- اليونانيون يطلبون أن يروا يسوع



129- اليونانيون يطلبون أن يروا يسوع

129- اليونانيون يطلبون أن يروا يسوع

وحبة الحنطة
أتى ميعادها لتقع على الأرض

كانت
أُورشليم تضج بالحجاج اليهود الآتين من كل أرجاء العالم، ولكن كان يوجد كثيرون
بينهم ليسوا يهوداً، وإنما إمَّا دخلاء من الأُمم أو مواطنون أجانب أحبُّوا عبادة
يهوه واحترموها واعتادوا أن يحضروا الفصح. هؤلاء سمعوا عن المسيح فتكتَّلوا وجاءوا
يطلبون أن يروه. ولكنهم تخشَّعوا ولم يذهبوا إليه مباشرة، فتوسطوا إلى فيلبُّس أحد
تلاميذ المسيح أن يقدِّم رغبتهم للمسيح، ولكن فيلبُّس بدوره خشي ذلك فقال
لأندراوس. أمَّا يسوع فكان ردُّه أن تؤجَّل الزيارة لما بعد أن تقع حبة الحنطة
وتموت، حتى يستطيع العالم كله أن يأكل منها ويعيش، وليس أن ينظر ويتكلَّم وحسب.
لأن الساعة كانت ساعة ختام أعمال وقفل حسابات وقبول دعوة سريعة للمجد. ثم أعطى
المسيح تعبيراً إلهياً عن قيمة موته، كحبة حنطة اختيرت لأن تُلقى في الأرض لتموت
إلى حين وتختفي عن الأنظار، ولكن بعد ذلك توجد بثوب جديد يملأ العالم بهاءً
ومجداً. وهكذا إن بقيت حبة الحنطة وحدها للنظر والحديث والحدث فهي تحيا لنفسها،
ولكن إن وقعت وماتت تحيا في ملايين الناس بلا حصر. فلو نُظر إلى موت المسيح وآلامه
بنظرة الوحدة والتفرُّد في الذات نجدها حزينة، ولكن إن رؤيت بعد قيامها ومجدها فلن
يتصوَّر العالم مقدار الفرح والسعادة التي عمَّت وتعم الناس من جراء قيامته ظافراً
غالباً الموت والخطية. ولذلك قال مَنْ جَزَعَ من موت الشهادة للإيمان عن حب لنفسه
فإنه بجهالة يهلكها إذ يبقى وحده ليموت وحده، ولكن إن أبغض ذاته وقدَّمها قرباناً
وشهادة فإنه يحفظها إلى حياة أبدية وسعادة بلا حصر.

وهكذا
مَنْ ينشغل بخلاص الآخرين لا ينشغل بآلامه أو موته.

 

130- حينما
أحس المسيح بقرب الساعة وانزعجت نفسه

كان
ذلك قبل الصليب بأيام قليلة، وكانت الظروف والحوادث التي تجري بسرعة تباعاً
مشبَّعة برائحة الصليب وقد ألقى عليها ظلَّه الثقيل. وفجأة يمثُل أمامه منظر الكأس
المذاب فيه كل خطايا العالم الذي رأت مشيئة الآب إلاَّ أن يشربه! فجفل المسيح من
شناعة الفضيحة والعار! وانحنت نفسه فيه تأبى أن تتجرَّع أوساخ الناس وتضع عليها
أوزارهم!” الآن نفسي قد اضطربت. وماذا أقول؟ أيها الآب نجِّني من هذه
الساعة. ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة. أيها الآب مجِّد اسمك”
(يو
12: 27و28). وكأن الاسم الكريم الذي حمله، اسم الآب، قد طالته هذه الخطايا
والأوساخ فصرخ أن يتمجَّد الاسم! ولكن الاسم قد تمجَّد بالصليب ولم يطاله إثم.
فردَّ الآب: “مجَّدت وأُمجِّد أيضاً” (يو 28: 12). “مجَّدت”
لأن كل ما وُضِعَ على المسيح من أوزار وأوساخ كلمات الكتبة والفرِّيسيين نفضه الآب
عن ابنه وارتد نحو صانعيه؛ “وأُمجِّد
أيضاً” فيما هو مزمع أن يوضع عليه من “آثام جميعنا”. الأمر الذي

ستظهر معركته الختامية في جثسيماني وشيكاً. ولمَّا ظنَّ الناس أن السماء تكلِّمه،
كشف الغطاء عن واقع الحديث أنه من أجل الناس قد صار:
“ليس من أجلي صار هذا الصوت بل من أجلكم” (يو 30: 12)، لأن
الذي سيتمجَّد لا يتمجَّد من أجل نفسه، بل يتمجَّد
في عيون الناس لمجد الله
بالنهاية.

العالم
تجمَّع باليهود وتدبيراتهم وأعلن دينونتهم للمسيح وملكوته. حسناً، فبهذه الدينونة
انكشف كذب العالم وكذب رئيس هذا العالم. وهكذا بدينونة المسيح، كأن العالم قد أدان
نفسه وأدان رئيسه جهاراً. وهكذا طُرح خارج ملكه الكاذب وأُسقط من علوه المزيَّف:
“الآن دينونة هذا العالم. الآن يُطرح رئيس هذا العالم خارجاً.” (يو 31:
12).

مقالات ذات صلة

والمسيح
يصوِّر عملية رَفْعهِ على الصليب أنها هي بذاتها رِفْعَةٌ إلى السماء، حيث من مصدر
القوة والحب يجذب إليه الجميع: “وأنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إليَّ
الجميع” (يو 32: 12)، ليشتركوا في ارتفاعه، إن بالصليب أو بالقيامة، ويكون
لهم النصيب في ملكوته السمائي.

 

131- المسيح
يختتم أعماله

+
النور معكم زماناً قليلاً بعد، فسيروا ما دام لكم النور لئلاَّ يُدرككم
الظلام. والذي يسير في الظلام لا يعلم إلى أين يذهب. ما دام لكم النور آمنوا
بالنور لتصيروا أبناء النور. تكلَّم يسوع بهذا ثمَّ مضى واختفى عنهم”
(يو
12: 35-37)

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى