صراخ الخاطئ حينما يحس أن الخطية حجبت نور الآب ونور الابن عنه
للقمص متى المسكين
عن كتاب مع المسيح في آلامه حتى الصليب
صفحة 223 – 225
(1973)
+ هذه الصرخة يا أحبائي ، هي صراخ الخاطئ حينما يحس أن الخطية حجبت نور الآب ونور الابن عنه .
هذه هي ظلمتنا التي نعيش فيها بين الحين والحين ، حينما تُستعلن الخطية وحينما نحسها بالضمير الشفاف وبنور الإنجيل والآية ، وعلى ضوء الكلمة والعظة ، وعلى ضوء التأمل والتعمق بالقلب .
نواجه هذه الظلمة عينها ، لا مفر ، ظلمة مرعبه للغاية هي .
ولكن شكراً للنور الحقيقي الذي لا يُمكن أن تدركه ظلمة ، ولا يمكن أن يحتويه قبر الخطية ، فقد استطاع أن يجوزها عني ، ماسكاً بيدي أنا الإنسان الخاطئ الذي قد صارت فيَّ الخطية وصار لي الظلام رفيق حياة ، وما صار لي النور تماماً بعد .
فلا تخف أبداً … نعم … فمن ظلمة إلى نور … حيث يملك النور ولا يمكن أن تملك الظلمة علينا من بعد .
نجوز بالحقيقة في نور الضمير ، وجع الخطية وظلمتها ، حزنها وكآبتها ، وكأننا ننزل القبر بأقدامنا ، ولكن سرعان ما يشع علينا نور الرجاء ، نور المسيح ، نور الصليب ، نور القبر الفارغ ونقوم ، بتعزية الكاهن وبتعزية الكنيسة وبسرّ التوبة وبرجاء الإفخارستيا . نقوم من جديد في نور يكاد يشملنا ، نتسربل به .
حقاً هو لا يدوم معنا ، لأننا لا زلنا نعيش بجسد الخطية ، ولكن … سوف نقوم بهذا الجسد عينه غير الفاسد الذي تنقى وتجدد واستنار بنور المسيح والقيامة منذ الآن . وإذ يقوم ( في المجيء الثاني ) ، فلن يسود عليه الموت بعد .
بل ومنذ الآن ، وكل من أشرقت عليه قيامة المسيح ، فلن يرى الموت حتى ولو مات (يو11: 25) . ولن تحتويه ظلمة القبر ، حتى ولو حكموا عليه مغاليق الحديد ومتاريس النحاس والأقفال . سوف ينطلق من العالم ، من شمسها الضعيفة ومن نورها الضعيف ، إلى شمس البرّ ، النور الأبدي . نعم ، سوف يدخل مجال النور ، ولن تحتويه ظلمة قط .
يا أحبائي – اليوم أيضاً ظلمتنا ، ينبغي أن نجوزها مع المسيح من الساعة السادسة وحتى التاسعة ، من وراء حجاب الخطية الذي ينبغي أن ينشق (ولا) نعيش أبداً خلفه . ثم وبعد التاسعة يشرق علينا نور الرجاء ، النور الذي أتى ودخل العالم ولن يتركه ، نور المسيح الذي قام من بين الأموات لكي نعيش في نوره إلى الأبد .
هذا هو الصليب .
هذا هو يوم القضاء العظيم ، يوم البراءة التي نالتها البشرية ، من الحكم الذي صدر على المسيح وتقبله كمستحق الموت ، رفعه عنا ومزقه على الصليب ، وقام في نُصره القيامة ببشرية مجدده ، بخليقة لا يُمكن أن يملك عليها الموت ، ولا يُمكن أن تسود عليها الخطية . بل برّ في برّ إلى الأبد .
نعم يا رب . نعم يا يسوعنا المصلوب .
نعم يا يسوع ساعات الظلام من السادسة إلى التاسعة .
يا من جزت هذا كله عني ,
نعم يا رب ، أذكرني ، أذكرني أنت الآن وأنت في ملكوتك .
واذكر شعبك لكي لا يستثقلوا الظلمة إذا غشيتهم ثلاث ساعات.
ولكي لا يدخلوا اليأس أبداً طالما أنت هتكت ستار الظلمة بقيامتك ، إذ قمت أيها النور الحقيقي ، وفيك أدخلت البشرية في نور ابدي .
أدخلنا اليوم يا ابن الله في هذا الصليب … ، لندخل معك القضاء ونخرج مغفوري الخطايا والزلات .
آمين . برَّئنا يا ابن الله واقبلنا ، هذا اليوم ، لنكون شركاء حبك العظيم الذي دفعك إلى هذا الصليب .
آمين ليتمجد اسمك في كنيستك من الآن وإلى الأبد آمين