اللاهوت الطقسي

+ كيف صارت مدينة الله المقدسة، مدينة الإثم وسفك الدماء:



+ كيف صارت مدينة الله المقدسة، مدينة الإثم وسفك الدماء:

+ كيف صارت
مدينة الله المقدسة، مدينة الإثم وسفك الدماء:

من المؤسف حقاً أن تصير أورشليم
مدينة الملك العظيم قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها!!

كيف تحولت أورشليم التي
أحبها الله أكثر من جميع مساكن يعقوب، إلي المدينة السافكة الدماء، مدينة الإثم،
قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها؟!..

ولكن هذا هو واقع أورشليم الذي حيّر الأنبياء
وأطلق ألسنتهم بالدهشة والتعجب علي مدي تاريخها الطويل:
كيف جلست وحدها المدينة
الكثيرة الشعب؟ كيف صارت كأرملة – العظيمة في الأمم؟ السيدة في البلدان صارت تحت
الجزية!” (مراثي إرميا 1: 1).

ولعل السبب في تقلب أورشليم وخيانتها لإلهها هو
ذلك الاعتقاد الخاطئ الذي تملك علي شعبها بحصانة المدينة ومناعتها وعدم قابليتها
للإنكسار لمجرد كونها مدينة الله التي تضم الهيكل موضع قدسه بغض النظر عن شر
سكانها والقائمين علي خدمة هيكلها وهكذا تحول يقين الإيمان في وجود الله في مسكن
قدسه إلي بجاحة اللامبالاة برجاء كاذب علي حماية الله بالرغم من شر أفعالهم. وما
أردأ هذا اللون من التدين الغاش الذي يمكن أن ندعوه التدين القومى الذي يظن صاحبه
أنه مقبول لدى الله لمجرد انتسابه إلي جنس معين أو عقيدة معينة.. وهذا ما حذر منه
القديس يوحنا المعمدان بكل شدة قائلاً:
ولا
تفتكروا أن تقولوا في أنفسكم لنا إبراهيم أباً لأني أقول لكم إن الله قادر أن يقيم
من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم” (متي 3: 9).

كما حذرهم إرميا النبي قائلاً: هكذا قال رب الجنود إله
إسرائيل اصلحوا طرقكم وأعمالكم فأسكنكم في هذا الموضع. لا تتكلوا على كلام الكذب
قائلين هيكل الرب هيكل الرب هو.. ها أنكم متكلون علي كلام الكذب الذي لا ينفع.
أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذباً وتبخرون للبعل وتسيرون وراء آلهه أخرى لم
تعرفوها ثم تأتون وتقفون أمامي في هذا البيت الذي دعي باسمى عليه وتقولون قد
أنقذنا، حتي تعملوا كل هذه الرجاسات؟! هل صار هذا البيت الذي دعي باسمي عليه مغارة
لصوص في أعينكم؟!” (إرميا 7: 3

11)
.
ووبخهم ميخا النبي قائلاً:
اسمعوا
هذا يارؤساء بيت يعقوب وقضاة بيت إسرائيل الذين يكرهون الحق ويعوّجون كل مستقيم،
الذين يبنون صهيون بالدماء وأورشليم بالظلم، رؤساؤها يقضون بالرشوة وكهنتها
يعلّمون بالأجرة وأنبياؤها يعرفون بالفضة وهم يتوكلون علي الرب قائلين أليس الرب
في وسطنا؟ لا يأتي علينا شر! لذلك بسببكم تُفلَح صهيون كحقل وتصير أورشليم خرباً
وجبل البيت شوامخ وعر” (ميخا 3: 9

12).

والواقع أن هذا الرجاء الكاذب جعل أورشليم تصم
آذانها عن تحذيرات أنبيائها بل وتصمم علي رفض توبيخهم وإذا أرادت التخلص منهم
قتلتهم ظناً منها أنها قادرة أن تُسكت أصواتهم وتستريح من إزعاجهم:
حتي أن جميع رؤساء
الكهنة والشعب أكثروا الخيانة حسب كل رجاسات الأمم ونجسوا بيت الرب الذي قدسه في
أورشليم: فأرسل الرب إله آبائهم إليهم عن يد رسله مبكراً ومرسلاً لأنه شفق على
شعبه وعلي مسكنه، فكانوا يهزأون برسل الله ورذلوا كلامه وتهاونوا بأنبيائه حتي ثار
غضب الرب علي شعبه حتى لم يكن شفاء” (أخبار الأيام الثاني 36: 14
16).

كما شهد عليهم إيليا النبى قائلاً: لأن بنى إسرائيل قد
تركوا عهدك ونقضوا مذابحك وقتلوا أنبياءك بالسيف فبقيت أنا وحدى وهم يطلبون نفسى
ليأخذوها” (ملوك الأول 19: 10).

وكما رفضوا الأنبياء في العهد القديم وقتلوهم
هكذا رفضوا المخلص رب الأنبياء لما جاء إليهم وقتلوه.. كما شهد عنهم القديس
استفانوس رئيس الشمامسة قائلاً:
ياقساة
الرقاب وغير المختونين بالقلوب والآذان أنتم دائماً تقاومون الروح القدس. كما كان
أباؤكم كذلك أنتم. أى الأنبياء لم يضطهده أباؤكم؟ وقد قتلوا الذين سبقوا فأنبأوا
بمجئ البار الذي أنتم الآن صرتم مُسلِّميه وقاتليه”
(أعمال الرسل 7: 51
و52).

ما أخطر هذا الرجاء الكاذب في معية الله لنا
بينما نحن بعيدون عنه بأفعالنا وقلوبنا!..
هذا الشعب يكرمنى
بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عنى بعيدا” (مرقس 7: 6). لأن ذلك يؤدى حتماً
إلي غلظة الرقاب وقساوة القلوب ويجعل الإنسان أداة في يد الشيطان ليعمل ضد مشيئة
الله ووصاياه.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى