اسئلة مسيحية

قرأت رأيا لماكنتوش يقول إنه لم يكن للإنسان ضمير قبل السقوط، إذ لم يكن له علم بالشر، لأن الشر إنما عرف بعد السقوط



قرأت رأيا لماكنتوش يقول إنه لم يكن للإنسان ضمير قبل السقوط، إذ لم يكن له<br /> علم بالشر، لأن الشر إنما عرف بعد السقوط

قرأت رأيا
لماكنتوش يقول إنه لم يكن للإنسان ضمير قبل السقوط، إذ لم يكن له علم بالشر، لأن
الشر إنما عرف بعد السقوط. وآدم لما خلقه الله كان فى حالة من الطهارة لا يعرف
فيها الشر. إذن الضمير وجد بالسقوط، وصار للإنسان ضمير يميز بين الخير والشر.
وكانت باكورة أثمار الضمير أن آدم اختبأ وراء الأشجار من الخوف. فهل صحيح أن
الإنسان كان بغير ضمير قبل السقوط؟

الرد:

أولا:
ماكنتوش هو من زعماء الأخوة البلاميس.

ولذا،
فإن كلامه ينبغى أن يؤخذ بحذر. وكون أن الإنسان لم يعرف الشر إلا بعد السقوط، هذا
لا اعتراض عليه، ولكن الضمير له فوائد كثيرة لا تقتصر على معرفة الشر. وسنناقش معا
ما ذكره ماكنتوش.

1-الشر
ليس له وجود ذاتى، بقدر ما هو إنعدام الخير المقابل له:

فالكذب
هو عدم الصدق

والزنا
هو إنعدام العفة

والقسوة
هى إنعدام الرحمة والشفقة

والكراهية
هى عدم الحب

فالشر
كله سلبيات.

والإنسان
الأول لم يكن على دراية بهذه السلبيات.

 

2-لكن
الإنسان كان على الأقل يعرف أن كلام الحية عكس كلام الله.

فالله
يمنع الأكل من الشجرة قائلا ” وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها
” (تك 2: 17). بينما الحية تغرى بالأكل من الشجرة. الله يقول ” يوم
ةتأكل منها موتا تموت ” (تك 2: 17). والحية تقول ” لن تموتا ” (تك
3: 4).

إذن
واضح أن هناك تناقضا بين كلام الحية والله. وأن ما تدعو إليه الحية هو ضد كلام
الله ومخالفة له

أيا
كان إسم هذه المخالفة مما لم يكن يعرفة آدم وحواء، ولكنه على أية الحالات مخالفة.

 

صحيح
أن آدم وحواء ما كانا يعرفان كل تفاصيل الشر الذى فى الدنيا، ولكنهما على الأقل
كانا يعرفان أن الله نهى عن الأكل من الشجرة، بل إن حواء رددت الوصية بتفصيل أكثر
فقالت ” قال الله لا تأكلا منه (و لا تمساه) لئلا تموتا. إذن كانت تعرف أن
الأكل من تلك الشجرة عصيان الله

 

3-و
هنا احب أن أبدى ملاحظتين:

أ-لو
كان الإنسان لا يميز إطلاقا بين أمر الله وغواية الحية، ما كان عاقبه الله.

فعقوبة
الله لآدم وحواء تدل على أنهما كانا يعرفان.

 وواضح
هذا فى قول الرب لآدم ” أنك أكلت من الشجرة التى اوصيتك قائلا لا تأكل منها
” (تك 3: 17). إذن هو يعاقبه هنا لأنه عصى امره. إذن آدم كان يعرف أنه لم يطع
الله وأنه تعرض لعقوبة

 

ب-
لو كان الإنسان الأول لا يميز إطلاقا، لقلنا إنه لم يكن له عقل.

وهذا
غير مقبول إطلاقا، لأنه كان على صورة الله ومنها العقل. والعقل أحد عناصر الضمير
الذى به يميز. ولو كان بدون عقل، ما كان أيضاً قد عوقب. وفاقد التمييز لا يعاقب.
وواضح عقل ىدم وتمييزه من قوله بعد خلق حواء ” هذه الآن عظم من عظامى، ولحم
من لحمى. هذه تدعى إمرأة لأنها من إمرء أخذت ” (تك 2: 23).

بالعقل
إذن كان الإنسان يميز أن الأكل من الشجرة هو عدم طاعة الله

مادام
له عقل، إذن له فهم، إذن له تمييز. وهو فى كلامه مع الله، لم يقل: ماكنت أعرف،
لأنه كان يعرف.

 

وعندما
اختبأ، لم يكن ذلك لأن ضميره قد ولد وقت ذلك، فأدرك أنه قد أخطأ!! كلا، إنما قال
” لأنى عريان فاختبأت ” (تك 3: 10) وكيف عرف أنه عريان؟!

 

بأكله
من الشجرة وعصيانه لله فقد الصورة الإلهية التى خلق على شبهها، فعرف أنه عريان. أو
فلنقل أن الطبيعة البشرية، إذ دخلتها الخطية، بدأت تفسد، وهكذا فقد بساطته الأولى،
فعرف أنه عريان.

 

إذن
فمعرفته أنه عريان، ليست دليلا على على مولد الضمير، إنما هى دليل على بدء فساد
الطبيعة البشرية.

 

والدليل
على هذا الفساد، أنه من الناحية النفسية، بدأ يخاف، ومن الناحية الجسدية بدأ يعرف
أنه عريان. كذلك فإنه من الناحية الروحية، بدأ يهرب من الله

 

أما
عن الضمير الذى يميز، فمن قبل الخطيئة كان يستطيع أن يميز أن الأكل من الشجرة هو
ضد وصية الله، ولابد أنه كان يعرف أن سماعة لصوت إمرأته فى ذلك هو أيضاً ضد الوصية
الإلهية، لذلك بدأ الله عقوبته له بعبارة ” لأنك سمعت لقول إمراتك وأكلت
” (تك 3: 17)

 

كان
إذن له ضمير يميز. ولكن دائرة ذلك الضمير كانت ضيقة، لقلة المعرفة.

 

الإنسان
حاليا يعرف شرورا لا تحصى. أما آدم فما كان يعرف شيئا منها. وايضاً الآن يعرف
الإنسان شرورا عن طريق العمل والممارسة والخبرة وآدم لم تكن له هذه المعرفة إطلاقا،
لأنه كان نقيا وبسيطا. كل ما كان يعرفه هو وصية الله بعدم الأكل من الشجرة.

 

الضمير
البشرى حاليا اتسعت دائرته جدا، بازدياد معرفته.

وأصبح
يمارس خصائص فى التمييز على نطاق كبير. وكذلك خصائص فى التوبيخ والعقاب. ولا شك
أنم تأنيب الضمير لم يكن موجودا عند آدم قبل السقوط، لأنه لم تكن له خطيئة يبكته
عليها ضميره. كذلك الضمير يحث على الخير. والإنسان الأول كان يفعل الخير تلقائيا
بسبب قداسته. فلما سقط بدأ الضمير يمارس مهمته فى الحث على الخير

 

كان
للإنسان ضمير، وخواص كامنة فيه، استخدمت حينما دعت الحاجة إليها
.

ومثال
ذلك الطفل، يولد بطبيعة بشرية كاملة. ولكنها تنمو فى المعرفة، وتتسع فيها بالوقت
دائرة العقل والضمير. ولها خواص لا يستخدمها إلا حينما يكبر، أو تدعو الحاجة إليها

 

إن
وجود الضمير شئ، واستخدامه على نطاق واسع شئ آخر.

وكلما
تزداد أنواع الخطية فى العالم، تسع تبعا لذلك الدائرة التى يعمل فيها الضمير،
وكذلك كلما تزداد اللمعرفة بألوان جديدة من الخير. واستخدام الضمير عند البالغ،
أوسع من استخدامه عند الطفل. ولكن الضمير أما كونه يقوى فى عمله أو يضعف، بضيق
عمله أو يتسع، فهذا شئ آخر. ومهما ضاق عمله، فهذا لا يمنع وجوده. وكذلك كثير من
طاقات الإنسان.

 

وفى
ذلك كله، لا نستطيع أن نقول إن الإنسان قد خلق بغير ضمير.

التعبير
نفسه ثقيل على السمع.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى