مريم العذراء القديسة

المرأة الملتحفة بالشمس



المرأة الملتحفة بالشمس]]>

المرأة الملتحفة بالشمس

(رؤ12: 1- 6، 13- 17)

مريمالعذراء تمثّل ابنة صهيون، شعب العهد القديم الذي ينتظر ولادة المسيح المخلّص.وبعد أن ولدت المسيح صارت صورة للكنيسة التي تلد على مدى الزمان أعضاء جسد المسيحالسرّي. اختيارها من قبل الله وعلاقتها بالمسيح هما صورة الكنيسة ومسيرتها عبرالتاريخ. هذا ما يشير إليه النصّ التالي من سفر الرؤيا:

“ثمّ ظهرت في السماء آية عظيمة: امرأة ملتحفة بالشمس، وتحتقدمها القمر، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبًا، وهي حُبلى، وتصيح وقد اعتراهاالمخاض ومشاقّ الولادة. وظهرت آية أخرى في السماء. فإذا تنّين عظيم… ووقفالتنّين قبالة المرأة المشرفة على الولادة، ليفترس ولدها عندما تلده. فولدت ولدًاذكرًا، هو المزمع أن يرعى جميع الأمم بعصاً من حديد، فاختُطِف الولد إلى الله وإلىعرشه، وهربت المرأة إلى البريّة، حيث أعدّ لها الله خلوة، تُعال فيها ألفًا ومئتينوستين يومًا. حينئذ نشب قتال في السماء: ميخائيل وملائكته قاتلوا التنّين… وُطرحالتنّين العظيم، الحيّة القديمة، المسمّى “إبليس” و”الشيطان”مضلّ المسكونة بأسرها، طُرح إلى الأرض وطُرحت ملائكته معه… ولمّا رأى التنّين أنّهقد طُرح على الأرض، طارد المرأة التي ولدت الولد الذَّكر. فأُعطيت المرأة جناحيالعقاب العظيم، لتطير إلى البرّية، إلى خلوتها، بعيدًا عن وجه الحيّة، حيثُ تعالزمانًا، وأزمنة، ونصف زمان. فألقت الحيّة من فيها، في إثر المرأة، ماء كالسيل،لتهلكها به. فأغاثت الأرض المرأة: فتحت الأرض فاها وابتلعت السيل الذي ألقاهالتنّين من فيه. فغضب التنّين على المرأة، وذهب ليحارب باقي نسلها، الذين يحفظونوصايا الله، ويقبلون شهادة يسوع. وأقام على رمل البحر” (رؤ 12: 1- 18).

توحي هذهالرؤيا بالسقطة الأولى التي تعرّض لها الإنسان في بدء الخليقة. ففي كلا النصّينعدّة عناصر مشتركة: المرأة، نسلها، الحيّة، العراك الذي نشب بينهما، انتصار المرأةوولادتها قايين (راجع تك 3: 15- 16، 20؛ 4: 1). إسرائيل في العهد القديم صوّرهالأنبياء بملامح امرأة، “ابنة صهيون” التي تعاني أوجاع الولادة. وبعدتلك الأوجاع تفرح بمجيء المخلّص: “المرأة، إذا ما حان وضعها، تحزن لأنّساعتها قد أتت، ولكنّها متى وضعت الطفل لا تعود تتذكّر شدّتها فرحة بأنّ إنسانًاوُلد في العالم. وأنتم أيضاً، فإنّكم الآن في حزن، ولكنّي سأراكم من جديد، فتفرحقلوبكم، وفرحكم هذا لا يقدر أحد أن ينتزعه منكم” (يو 16: 21- 22). إنّ صورةالمرأة التي تلد ترمز أيضاً إلى عمل فداء المسيح الذي أتمّه بموته وقيامته.

مقالات ذات صلة

ظهور المرأةالملتحفة بالشمس كما صوّرها سفر الرؤيا هو تحقيق الرجاء الماسيوي الذي بدأت ملامحهفي سفر التكوين في وعد الله للمرأة بأنّ نسلها سيسحق رأس الحيّة. هذه المرأةأوّلاً “ابنة صهيون”، شعب العهد القديم الذي بقي ثابتًا في انتظار مجيءالمسيح من خلال أوجاع تاريخه، وهو يرتكز على ذكرى فدائه السابق من عبوديّة مصر،ويرجو خلاصه النهائي، وقد كان في عراك دائم ضدّ قوى الشرّ التي استخدمت الأمم لإزالته.وهذه المرأة هي ثانيًا الكنيسة التي ستعافي الاضطهادات، ولكنّها متيقّنة بالنصر.فإنّها “ملتحفة بالشمس”، أي بنور المسيح ونور حضور الله، و”تحتقدميها القمر”، رمز الدنيويّات التي تزدريها والخلائق التي تسودها، وعلىرأسها إكليل من اثني عشر كوكبًا هم الرسل الاثنا عشر. ستعاني الاضطهاد زمانًايسيرًا تلجأ فيه إلى البرّية، أي إلى الخلوة مع الله لتتأمّل في محبّته وتغتذيبقربان المسيح الذي بقيامته من أن الأموات صار عربون دخولها الممجَّد إلى ملكوتالله.

وهذه المرأةهي أخيرًا مريم العذراء “بنت صهيون” الجديدة أمّ المسيح الفادي الذيارتفع إلى عرش الله. والرؤيا تجمع بين ولادة المسيح على الأرض وولادته بالقيامةإلى السماء بعد آلام الصليب. “فالله، حسب قول بولس الرسول، قد أقام يسوع علىما هو مكتوب في المزمور الثاني: أنت ابني وأنا اليوم ولدتك” (أع 13: 33).ومريم العذراء تشارك ابنها في هذه الولادة بالأوجاع إلى القيامة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى