علم

الكتاب الأول: الفصل السابع



الكتاب الأول: الفصل السابع

الكتاب
الأول: الفصل السابع

7-
الابن صورة الله
غير المنظورة

ملخص:

 إن
مماثلة
Likeness المسيح للآب تُؤكَّد بالاستناد إلى القديس بولس، والأنبياء،
والأناجيل، وخاصة بالاعتماد على خلقة الإنسان على صورة الله.

 

 48
يقول الرسول إن المسيح هو صورة الآب، لأنه يدعوه: ” صورة الله غير المنظور،
بِكر كل خليقة “. انتبه من فضلك، فهو يقول بِكر وليس أول الخليقة، حتى نؤمن
به أنه مولود حسب طبيعته[1]، وأنه الأول بسبب أزليته. وفي مكان آخر أيضاً، فإن
الرسول قد أعلن أن الله جعل الابن: ” وارثاً لكل شيء، الذي به أيضاً عمل
العالمين، الذي هو بهاء مجده وصورة جوهره” (عب2: 1و3). فالرسول يدعو المسيح
صورة الآب، بينما يقول آريوس إنه ليس مثل الآب، فلماذا إذن يُسمَّى صورة إن لم يكن
مماثلاً (للآب)؟ إن البشر لن يقبلوا أن تكون الصور التي تُعمل لهم غير مماثلة لهم،
وآريوس يقول إن الآب ليس مثل الابن، وأن الآب قد وَلَد شخصاً ليس مماثلاً له،
وكأنه غير قادر أن يَلِد المماثل لنفسه.

 49
يقول الأنبياء: ” بنورك نرى نوراً” (مز9: 36)، وأيضاً ” الحكمة هي
شعاع النور الأزلي ومرآة جلال (بهاء) الله التي لا عيب فيها وصورة صلاحه”
(حكمة26: 7). انظر أيَّة أسماء يعلنونها! ” شعاع ” لأنه في الابن يُشرق
مجد الآب بوضوح، و”المرآة التي لا عيب فيها” لأن الآب يُرى في الابن[2]،
و”صورة صلاحه” لأن الذي يُرى منعكساً في آخر ليس جسم ما، بل كل القوة
التي للاهوت، تُرى في الابن. إن كلمة ” صورة ” تُعلِّمنا أنه لا يوجد
اختلاف، بل تعنى “التعبير” أو “نسخة طبق الأصل لهيئة الآب”،
و”البهاء” يُعبِّر عن أزليته[3]. إن ” الصورة ” في الحقيقة
ليست هي لملامح أو تقاطيع جسدية، كما أنها ليست مصنوعة بالألوان، ولا شُكِّلت في
(قالب) شمع، وإنما هي مستمدة ببساطة من الله، صادرة من الآب، رُسمت من الينبوع
الأصلي.

 50
وبواسطة هذه الصورة فإن الرب قد أظهر الآب لفيلبس بقوله: ” الذي رآني فقد رأى
الآب فكيف تقول أنت أرِنا الآب؟ ألست تؤمن إني أنا في الآب والآب فيَّ؟”[4].
حقاً إن من ينظر إلى الابن، يرى الآب في صورة شخصية[5]. لاحظ أي نوع من الصورة
نتكلم عنه. إنه الحق، البر، قوة الله[6]، وهى ليست صماء، لأنها هي
“الكلمة”، وليست عديمة الحس لأنها “الحكمة”، وليست باطلة
وغبية، لأنها هي القوة، وليست بلا روح، لأنها هي الحياة، وليست ميتة لأنها هي
القيامة[7]. فأنت ترى إذن بينما الكلام هو عن صورة، فإنما المعنى المقصود هو الابن
الذي هو صورة الآب، حيث إنه لا يمكن لأي كائن أن يكون هو صورة نفسه.

 51
ربما أكون قد وضعتُ ودوَّنتُ كثيراً من شهادات الابن، ولئلا نظهره ربما كأنه يشهد
لنفسه أكثر، لهذا دعنا نتوجه إلى الآب لنتعلم منه، لأنه يقول: ” نعمل الإنسان
على صورتنا ومثالنا” (تك26: 1). إن الآب يقول للابن: ” على صورتنا
ومثالنا”، بينما أنت أيها الهرطوقي تقول إن الابن ليس مثل الآب.

 52
يقول القديس يوحنا: ” أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله ولم يُظهر بعد ماذا
سنكون، ولكن نعلم أنه إذا أُظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو” (1يو2: 3). يا
للجنون الأعمى! يا للعناد الذي لا يخجل! نحن بشر، ورغم ما نحن عليه فإننا سوف نكون
مثل الله، فهل نجرؤ نحن وننكر أن الابن هو مثل الله؟

 53
لذلك يقول الآب: ” نعمل الإنسان على صورتنا وشبهنا”. عند بدء العالم
نفسه، وكما قرأت، كان الآب والابن موجودين. وأنا أرى خليقة واحدة، وأنا أسمع ذاك
الذي يتكلم[8]، وأنا أعترف بذاك الذي يعمل[9]، ولكنني أقرأ عن صورة واحدة، مثال
واحد. إن هذا المثال
Likeness (الشبه) لا يخص التعدد والاختلاف ولكن يخص الوحدة. فما تدَّعيه
إذاً أنت لنفسك، إنما قد أخذته من ابن الله، إذ أنك ترى في الواقع أنه لا يمكنك أن
تكون ” على صورة الله” إلاَّ بفضل ” صورة الله” (يقصد الابن).

===

[1]
المقصود بنوته للآب، وهنا يشير القديس أمبروسيوس إلى كولوسى15: 1.

[2]
قارن يوحنا45: 12 ” والذى يرانى يرى الذى أرسلنى”.

[3]
إن بهاء أو ضياء أي جسم يظل موجوداً طالما أن هذا الجسم موجود؛ ولأن الآب أزلى
فالابن الذى هو بهاؤه يجب أن يكون هو أزلياً أيضاً.

[4]
انظر يو9: 1410.

[5]
أو من يرى الآب فى الابن يراه كما فى صورة شخصية
Portrait.

[6]
المسيح هو: الحق: يو6: 14؛ البر: إر16،33، إر6: 23، 1كو30: 1؛ قوة الله: 1كو24: 1.

[7]
المسيح هو: الكلمة: انظر يو1: 118؛ الحكمة: 1كو24: 1، 1كو30: 1؛ القيامة والحياة:
يو25: 11.

[8]
يقصد الآب.

[9]
يقصد الابن.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى