اللاهوت الدفاعي

الفصل السابع



الفصل السابع

الفصل السابع

قانونية العهد الجديد وتأكيد وحيه

 

قبل أن نبدأ دراستنا في هذا الفصل يجب أن نذكر
بعض الأسئلة التي لابد منها وهى ؛ من الذي قرر صحة ووحي وقانونية أسفار العهد
الجديد، وأسفار العهد القديم أيضا، ورفض غيرها من الكتب التي انتشرت في أوساط
الهراطقة؟ وهل كانت الكنيسة هي التي قدمت للمؤمنين هذه الأسفار بعينها دون غيرها،
أو بمعنى آخر ؛ هل الكنيسة هي أم القانونية وحاكمتها وقاضيتها ومنظمتها وسيدتها،
كما يتصور البعض من النقاد؟ والإجابة التي يؤكدها التاريخ والتقليد والأسفار
المقدسة نفسها هي ؛ كلا، فالكنيسة كانت مبنية على أساس كلمة الله في هذه الأسفار
المقدسة وليست مقررة لها ” مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح
نفسه حجر الزاوية ” (أف20: 2)، فقد أقرت الكنيسة الأولى بصحة ووحي هذه
الأسفار وأدركتها وشهدت لها وبشرت بها وحفظتها بالروح القدس وسلمتها للأجيال التالية
كما تسلمتها هي من السيد المسيح ورسله ولم تقررها.

 كما أن
كلمة قانون أو قانونية لم تستخدم للتعبير عن وحي أسفار العهد الجديد، الأناجيل
الأربعة، الإنجيل بأوجهه الأربعة، وسفر أعمال الرسل ورسائل الرسل، بولس ويعقوب
وبطرس ويوحنا ويهوذا أخو يعقوب، وسفر الرؤيا، وقبولها ككلمة الله ذات السلطان
الإلهي حتى القرن الرابع الميلادي، وإنما قبلت هذه الأسفار حتى قبل أن تكتب
باعتبارها كلمة الله ووحيه الإلهي. وكان لهذا القبول الذي سمى بعد ذلك بالقانونية،
أسبابه ومبرراته:

1 – رسوليه الرسل، شهود العيان، وعمل الله
معهم:
فقد كتب هذه الأسفار ودونها بالروح القدس رسل المسيح وشهوده الذين سلموا
لهم نفس ما دون فيها من قبل شفاهه مؤيدين بالعجائب والمعجزات التي تدل على عمل
الروح القدس فيهم وكلامه على لسانهم وبأفواههم أو كما يقول الكتاب “ شاهدا
الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس
” (عب4: 2)،
وكانت عجائب وآيات كثيرة تجرى على أيدي الرسل ” (أع43: 2)،
” وجرت على أيدي الرسل آيات وعجائب كثيرة في الشعب ” (أع12: 5؛ 8: 6؛3:
14؛12: 15)، والتي تؤكد رسوليتهم كرسل الرب يسوع المسيح وأن كل ما ينادون به
ويعلمونه هو كلام الله بالروح القدس. يقول القديس بولس بالروح ” بقوة آيات
وعجائب بقوة روح الله
حتى أنى من أورشليم وما حولها إلى الليريكون قد أكملت
التبشير بإنجيل المسيح ” (رو19: 15)، “ أن علامات الرسول صنعت بينكم
في كل صبر بآيات وعجائب وقوات
(2كو12: 12)، ” انتم شهود
والله كيف بطهارة وببر وبلا لوم كنا بينكم انتم المؤمنين كما تعلمون كيف كنا نعظ
كل واحد منكم كالأب لأولاده ونشجعكم ونشهدكم لكي تسلكوا كما يحق لله الذي دعاكم
إلى ملكوته ومجده. من اجل ذلك نحن أيضا نشكر الله بلا انقطاع لأنكم إذ تسلمتم
منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله التي
تعمل أيضا فيكم انتم المؤمنين
” (1تس10: 2-13).

2- التقليد الرسولى المسلم من رسل المسيح: فقد
كان
الذين
قبلوا هذه الأسفار في البداية هم نفس الذين تسلموا ما جاء فيها من قبل شفوياً
وكانوا يحفظون كل ما كتب فيها ككلمة الله ووحيه الإلهي بل واكثر مما كتب فيها، حيث
كرز رسل المسيح ونادوا لهم بالإنجيل وحفظوه لهم بأسلوب التعليم والتسليم الشفوي
كما يقول الكتاب ” أمدحكم أيها الاخوة على إنكم تذكرونني في كل شيء وتحفظون
التعاليم كما سلمتها إليكم
” (1كو2: 11)، ” لأنني تسلمت من الرب
ما سلمتكم أيضا
” (1كو23: 11)، ” فإنني سلمت إليكم في الأول ما
قبلته أنا أيضا
” (1كو3: 15)، ” وما تعلمتموه وتسلمتموه
وسمعتموه ورأيتموه في فهذا افعلوا ” (فى9: 4)، ” لأنكم إذ تسلمتم
منا كلمة خبر من الله قبلتموها لا ككلمة أناس بل كما هي بالحقيقة ككلمة الله
التي تعمل أيضا فيكم انتم المؤمنين ” (1تس2: 13). هذا التعليم أو التسليم كان
يسلم من الرسل إلى تلاميذهم وتلاميذهم يسلمونه لآخرين وهكذا ” وما سمعته
مني بشهود كثيرين أودعه أناسا أمناء يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضا

“(2تى2: 2). فلما دونت الأناجيل كان هؤلاء يحفظون كل ما دون فيها بل وأكثر
مما دون فيها.

3 – تسليم الأسفار للكنيسة الأولى: كما أن
الذين استلموا هذه الأسفار وقبلوها هم الذين طلبوا من الرسل أن يدونوا لهم ما سبق
أن تسلموه شفوياً، ومن ثم فقد دونت بالروح القدس لهم وأمامهم وبمعرفتهم ومن ثم
قبلوها بكل قداسة ووقار ككلمة الله الموحى بها من الروح القدس.

 

1
الرسل وقانونية العهد الجديد

كتبت معظم أسفار العهد الجديد قبل سنة 70
ميلادية عندما كان معظم تلاميذ المسيح ورسله أحياء حيث كتب دون الإنجيل للقديس متى
والإنجيل للقديس مرقس فيما بين سنة 50 وسنة 62م ودون الإنجيل للقديس لوقا فيما بين
سنة 60 و62م وسفر أعمال الرسل قبل سنة 67م وكتب القديس بولس رسائله الأربع عشره
فيما بين سنة 50 وسنة 67م والقديس يعقوب الرسول فيما بين سنة 49 و 62م حيث يرى
البعض أنها كتبت قبل مجمع أورشليم سنة 50م ويرى البعض الآخر أنها كتبت في أواخر
حياته فيما بين سنة 60 وسنة 62م وكتب القديس بطرس رسالتيه قبل استشهاده سنة67م،
وكتب القديس يهوذا أخو القديس يعقوب رسالته بعد رسالة بطرس الثانية وقبل سنة 70م،
ودون القديس يوحنا الإنجيل الرابع وسفر الرؤيا وكتب رسائله الثلاث فيما بين سنة 80
وسنة 96م حيث ترك العالم حوالي 100م. وقد قبلت الكنيسة هذه الأسفار فور تدوينها
واستخدمها الرسل في كرازتهم كالإنجيل المكتوب، وكانت تقرأ في الكنائس واجتماعات
العبادة، في الكنائس التي كتبت فيها ولها أولاً، مع أسفار العهد القديم بالتساوي،
مبنيين على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية
” (أف20: 2)، “ لتذكروا الأقوال التي قالها سابقا الأنبياء القديسون
ووصيتنا نحن الرسل وصية الرب والمخلص
” (2بط‌2: 3)، خاصة في أيام الأحد،
يقول القديس يوستينوس الشهيد في بداية القرن الثاني: “ وفى يوم الأحد
يجتمع كل الذين يعيشون في المدن أو في الريف معاً في مكان واحد وتقرأ مذكرات الرسل
(الأناجيل) أو كتابات الأنبياء بحسب ما يسمح الوقت
” (
Abol: 47).

 ويقول القديس بولس بالروح لأهل تسالونيكى
” أناشدكم بالرب أن تقرا هذه الرسالة على جميع الاخوة القديسين
(1تس27: 5).

 ويؤكد
سفر الرؤيا على ترتيب الكنيسة وطقسها في قراءة الأسفار المقدسة في الاجتماعات
والقداسات، وعلى حقيقة وحي السفر، فيقول ” طوبى للذي يقرا وللذين يسمعون
أقوال النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها
لان الوقت قريب ” (رؤ3: 1) وتتكرر
في السفر عبارة “ من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس ” سبع
مرات (رؤ7: 2،11،17،29؛6: 3،13،22).، و” من له أذن فليسمع
(رؤ9: 13)، كما يؤكد على حقيقة قراءة السفر عموماً ككتاب مقدس لا يجوز تحريفه أو
زيادة حرف عليه أو نقص حرف منه عندما يختم السفر بقوله ” لأني اشهد لكل من
يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب
أن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات
المكتوبة في هذا الكتاب ” (رؤ18: 22).

 وكانت
تنسخ نسخاً من هذه الأسفار وترسل للكنائس القريبة والمجاورة، وكانت كل كنيسة تحتفظ
بالسفر الذي كتب لها أصلاً، سواء كان هذا السفر إنجيل من الأناجيل الأربعة أو
رسالة من رسائل الرسل أو سفر الأعمال أو سفر الرؤيا، وتحتفظ بنسخ من الأسفار التي
كتبت أو أرسلت للكنائس الأخرى. يقول القديس بولس في رسالته إلى
كولوسى” ومتى قرئت عندكم هذه الرسالة فاجعلوها تقرا أيضا في كنيسة
اللاودكيين والتي من لاودكية تقراونها انتم أيضا
” (كو16: 4).

 وهكذا
بدأت تتجمع أسفار العهد الجديد معاً بالتدريج حسب المناطق والكنائس التي أرسلت
إليها أولاً حيث بدأت تتجمع رسائل القديس بولس معاً ثم الأناجيل. ويجب أن نضع في
الاعتبار أن الأناجيل الثلاثة الأولى، ثم إنجيل يوحنا بعد ذلك، كانت الأسرع في
الانتشار يليها رسائل بقية الرسل التي كتب بعضها قبل الأناجيل وسفر الرؤيا. كما
كنت الرسائل تنتشر في المناطق المجاورة للأماكن التي أرسلت إليها أولاً، أما
الأناجيل فقد كان انتشارها مرتبطاً بكرازة الكثير من الرسل التي حملوها معهم إلى
أماكن متفرقة من العالم. ومن هنا تأخر الاعتراف ببعض هذه الرسائل وسفر الرؤيا في
البلاد التي لم ترسل إليها أولاً، وذلك على الرغم من القبول الفوري لها في الأماكن
التي أرسلت إليها أصلاً.

 وقد
انتشرت هذه الأسفار المقدسة بسرعة نسبية نتيجة لانتشار المسيحية في بلاد كثيرة،
خاصة بلاد حوض البحر المتوسط في أفريقيا وآسيا وأوربا مثل فلسطين وسوريا ومصر وآسيا
الصغرى واليونان وروما وقبرص وأطراف الجزيرة العربية وفارس والهند وغيرها من
البلاد، حيث يذكر سفر أعمال الرسل أناس من بلاد وجنسيات كثيرة كانت حاضرة عظة
القديس بطرس الأولى وتعليم بقية الرسل عند حلول الروح القدس على التلاميذ يوم
الخمسين ” فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين واليهودية
وكبدوكية وبنتس واسيا وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان
والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء كريتيون وعرب ” (أع 8: 2-11). كما بشر
القديس فيلبس الخصى الحبشي وزير ملكة الحبشة (أع 8). وقد حمل هؤلاء الناس بزار
الإيمان إلى بلادهم ثم ذهب الرسل إلى هذه البلاد بعد ذلك ونشروا الإيمان فيها.
وبعد رجم القديس أستفانوس يقول الكتاب ” أما الذين تشتتوا من جراء الضيق
الذي حصل بسبب استفانوس فاجتازوا إلى فينيقية وقبرس وإنطاكية وهم لا يكلمون أحدا
بالكلمة إلا اليهود فقط. ولكن كان منهم قوم وهم رجال قبرسيون وقيروانيون الذين لما
دخلوا إنطاكية كانوا يخاطبون اليونانيين مبشرين بالرب يسوع وكانت يد الرب معهم
فآمن عدد كثير ورجعوا إلي الرب
” (أع22: 11-24) وبشر بولس الرسول في
أثينا وكورنثوس (أع 1: 18). ويقول في الرسالة إلى رومية “ بقوة آيات
وعجائب بقوة روح الله حتى أني من أورشليم وما حولها إلى الليريكون
(مقاطعة
رومانية تقع فى يوغسلافيا حاليا) قد أكملت التبشير بإنجيل المسيح
” (رو19: 15). هذا غير البلاد التي بشر فيها بقية الرسل والتي لم تذكر في سفر
الأعمال. ومن ثم انتشرت أسفار العهد الجديد المقدسة في كل هذه البلاد فيما بين سنة
50 وسنة 68م فقد كُتب الإنجيل للقديس متى في فلسطين وانتشر منها إلى دول كثيرة،
وعندما ذهب القديس توما إلى الهند كان يحمل معه نسخة منه وعندما بشر القديس برنابا
في قبرص حمل معه نسخة منه أيضاً، وعندما مات ودفن هناك وضعت معه نسخة من هذا
الإنجيل. وكتب الإنجيل للقديس مرقس في روما ولما سافر إلى مصر حمل معه نسخة منه
إليها وأنتشر منهما إلى بلاد كثيرة، وأرسل القديس لوقا الإنجيل الثالث وسفر أعمال
الرسل إلى العزيز ثاوفيلس وانتشرا من إنطاكية واليونان إلى بقية البلاد، ولأن
القديس لوقا كان رفيقاً للقديس بولس لذا فمن الطبيعي أنهما حملا هذا الإنجيل معهما
في البلاد التي بشرا وكرزا فيها، ومن الطبيعي أنهما تركا منه نسخاً في هذه البلاد.
كما أقتبس القديس بولس من الإنجيل للقديس لوقا، كسفر مقدس وموحى به، ومن سفر
التثنية بصيغة واحدة هي “ لأن الكتاب يقول ” والتي تعنى الكتاب
المقدس ” لأن الكتاب قول لا تكم ثوراً دارساً (تث4: 25) والفاعل
مستحق أجرته
” (لو7: 10) ” (1تى18: 5). وكتب الإنجيل للقديس يوحنا
في أفسس بآسيا الصغرى وكانت معه الأناجيل الثلاثة الأولى وأشار لما جاء في بعض
أحداثها وأضاف معلومات توضح بعض ما جاء فيها ثم دون بالروح القدس أعمال وأقوال
للسيد المسيح لم تذكر فيها وتمثل 90% من هذا الإنجيل.

 كما
أشار القديس بطرس لوحي وانتشار كل رسائل القديس بولس فقال ” واحسبوا أناة
ربنا خلاصا كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضا بحسب الحكمة المعطاة له كما
في الرسائل كلها
أيضا متكلما فيها عن هذه الأمور التي فيها أشياء عسرة الفهم
يحرفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضا لهلاك أنفسهم ”
(2بط15: 3،16). وأقتبس القديس يهوذا أخو يعقوب في رسالته من رسالة القديس بطرس
الثانية (2بط2: 3-3) بقوله ” وأما انتم أيها الأحباء فاذكروا الأقوال التي
قالها سابقا رسل ربنا يسوع المسيح. فانهم قالوا لكم انه في الزمان الأخير سيكون
قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات فجورهم
” (يه18،19).

 

2 – الأباء الرسوليين
وأسفار العهد الجديد

الأباء الرسوليين هم تلاميذ الرسل وخلفائهم
الذين تتلمذوا على يديهم وخدموا معهم وكانوا معاونين لهم وصاروا خلفاء لهم
واستلموا مسئولية الكرازة والخدمة من بعدهم، وحملوا الإنجيل، سواء الشفوي أو
المكتوب، وكان مصدر عقيدتهم ومصدر تعليمهم، ومن ثم فقد استشهدوا بآياته ونصوصه في
كرازتهم وعظاتهم وتعليمهم، وكتاباتهم التي بقى لنا منها عدداً كاف ليكشف لنا عما
تسلموه من الرسل وما تعلموه وعلموه من عقائد، على رأسها وحي كل أسفار الكتاب
المقدس، خاصة أسفار العهد الجديد التي تعنينا في هذا الفصل، ولاهوت السيد المسيح،
ابن الله والإله الآتي من السماء والواحد مع الآب في الطبيعة الإلهية والجوهر
الإلهي والمساوي له في كل شئ، وعقيدة الثالوث في الذات الإلهية، وحقيقة صلب السيد
المسيح وقيامته وعقيدة الفداء بدمه المسفوك على الصليب.

 وكان
على رأس هؤلاء الشخصيات التالية التي تركت لنا أعمالاً مكتوبة ظلت ومازالت تشهد
للأجيال لصحة كل نقطة وكل حرف وكل كلمة وكل آية وكل فقرة وكل إصحاح وكل سفر في
العهد الجديد والكتاب المقدس كله.

 

1- القديس اكليمندس الروماني (30 – 100م)

 كان القديس اكليمندس الروماني (30 -100م) أسقفا
لروما (يوسابيوس ك 3ف15)، كما كان أحد تلاميذ ومساعدي القديس بولس الرسول والذي
قال عنه انه جاهد معه في نشر الإنجيل (في3: 4)، والذي تعرف على الكثيرين من الرسل
وتعلم منهم، يقول عنه القديس إريناؤس أسقف ليون (120 -202م) أنه رأى الرسل
الطوباويين وتحدث معهم وكانت كرازتهم لا تزال تدوي في أذنيه وتقاليدهم ماثلة أمامه
عينيه (
Adv.
Haer.b.3: 31
).

 هذا
القديس أشار في رسالته التي أرسلها إلى كورنثوس، والتي كتبها حوالي سنة 96م، إلى
تسليم السيد المسيح الإنجيل للرسل ومنحه السلطان الرسولى لهم فقال ” تسلم
الرسل الإنجيل لنا من الرب يسوع المسيح، ويسوع المسيح أًرسل من الله. المسيح، إذا،
من الله والرسل من المسيح وكلاهما ينبعان من إرادة الله بترتيب منظم. وقد حمل
الرسل بشارة اقتراب الملكوت السماوي بعد أن استمدوا معرفتهم من قيامة السيد المسيح
وتأكدوا من كلام الرب بالروح القدس
“. كما أشار إلى ما جاء في الأناجيل
الثلاثة الأولى وأقتبس منها على أساس أنها أقوال المسيح، وكلمة الله التي يجب أن
تطاع فقال:

+ – ” تذكروا أقوال الرب يسوع كيف قال: ويل
لذلك الإنسان (الذي به تأتى العثرات) كان خير له أن لا يولد من أن يكون حجر عثرة
أمام مختاري، كان خيراً أن يعلق (في عنقه) حجر رحى ويغرق في أعماق البحر من أن
يعثر أحد مختاري ” (7: 46،8 مع مت16: 18؛24: 26؛مر42: 9؛لو2: 17).

+ ” لنذكر على وجه الخصوص أقوال الرب يسوع
التي قالها عندما كان يعلم الوداعة وطول الأناة لأنه تكلم هكذا: ارحموا ترحمون.
اغفروا يغفر لكم. وكما تفعلون يعطى لكم، وكما تدينون تدانون، وكما تعطفوا يظهر لكم
العطف “(1: 13،2)

 كما
اقتبس ما جاء في (ف8: 46) ما جاء في متى24: 26 ولوقا1: 17،2، واقتبس في (ف46) معظم
ما جاء في الإصحاح الأول من الرسالة إلى العبرانيين، كما اقتبس قوله ” الذي
وهو بهاء مجده … صار أعظم من الملائكة بمقدار ما ورث اسماً افضل منهم ” (2:
36 مع عب3: 1،4). واستشهد أيضا برسائل القديس بولس الأخرى (1كورنثوس وأفسس
و1تيموثاؤس وتيطس)، واقتبس من رسالة يعقوب، كما يدل ما كتبه على معرفة واضحة
بالإنجيل للقديس يوحنا.

 ثم يؤكد
لنا بصورة مطلقة إيمان الكنيسة بوحي كل أسفار العهد الجديد فيقول عن رسالة القديس
بولس الرسول التي أُرسلت إليهم من قبل ” انظروا إلى رسالة بولس الطوباوى. ماذا
كتب لكم في بداية الكرازة بالإنجيل
؟ في الواقع فقد كتب لكم بوحي من الروح
القدس رسالة
تتعلق به وبكيفا (أي بطرس) وأبولوس “.

 كما
أشار في رسالته إلى لاهوت المسيح وصلبه وقيامته فقال:

 ” لنركز أنظارنا على دم المسيح
متحققين كم هو ثمين لدى أبيه، إذ سفكه لأجل خلاصنا، وقدم نعمة التوبة
للعالم كله… لنكرم الرب يسوع المسيح الذي قدم دمه لأجلنا… وقد صار
الرب يسوع المسيح باكورة الراقدين من الأموات
“.

 

2 – القديس أغناطيوس الإنطاكى (30 – 107م)

 كان القديس أغناطيوس الإنطاكى
(30 – 107م) أسقفاً لإنطاكية وتلميذاً لبطرس الرسول وقال عنه المؤرخ الكنسي
يوسابيوس القيصري (340م) ” أغناطيوس الذي اختير أسقفاً لإنطاكية خلفاً لبطرس
والذي لا تزال شهرته ذائعة بين الكثيرين ” (يوسابيوس ك3ف2: 36). وقد كتب هذا
الرجل سبعة رسائل أكد فيها على المساواة بين ما كتبه الرسل وبين أسفار العهد
القديم باعتبارهما، كليهما، كلمة الله الموحى بها وأسفار مقدسة وأستشهد فيها بما
جاء في الإنجيل للقديس متى والإنجيل للقديس لوقا وسفر أعمال الرسل وما جاء في
الرسائل إلى رومية وكورنثوس الأولى وأفسس وكولولسى وتسالونيكى الأولى وكانت آيات
الإنجيل للقديس يوحنا مؤثرة جداً على عقله وفكره وقلبه ويبدوا أنه كان السفر
المفضل لديه. وفيما يلي جدول بأهم ما أستشهد به وأشار إليه من الأناجيل الثلاثة
وبعض الرسائل:

 

ع ج

الموضوع

اغناطيوس

مت33: 12

الشجرة تعرف من ثمارها

أفسس14: 2

مت12: 19

من يقبل فليقبل

سميرتا 1: 6

رو39: 24

كن دائماً حكيماً كالحية ونقياً كالحمامة

بوليكاربوس2: 2

18:
1يو

يسوع المسيح أبنه الوحيد

مقدمة رومية

يو28: 16؛30: 10


يسوع المسيح الذي خرج من الآب

 الواحد وهو معه وذهب إليه

مغنيسية2: 7

يو6: 3-8 انعكاس لحديث الرب

مع نيقوديموس

الروح الآتي من الله: لأنه يعرف من

أين يأتي وإلى أين يذهب

 

يو10: 4،14؛33: 6

تعبير الماء الحي

رومية13: 7

يو31: 12؛30: 14؛11: 16

إبليس رئيس هذا العالم

رومية 1: 7

أف25: 5،29

أوصى أخوتي باسم الرب أن يحبوا

نسائهم كما أحب الرب الكنيسة

بوليكارب1: 5

1تس17:
5

صلوا بلا انقطاع

أفسس1: 10

رو3: 1

يسوع المسيح الذي من نسل داود

حسب الجسد

أف2: 20

 

 كما
أشار لوحي كل رسائل القديس بولس الرسول وإيمان الكنيسة في عصره أنها كلمة الله
فقال ” وقد اشتركتم في الأسرار مع القديس بولس الطاهر الشهيد المستحق كل
بركة … الذي يذكركم في كل رسائله بالمسيح يسوع
” (أفسس12).

 كما
تحدث عن لاهوت المسيح ودعاه سبع مرات ب “ الله ” و ” إله
” و “ إلهنا ” فى قوله عنه “ الله الكلمة
” و ” دعي المسيح إله ورب الجنود ” و ” ظهر لإبراهيم
وأسحق ويعقوب ودعى إله ” و ” عرشك يا الله “… الخ.
وعن صلبه وقيامته قال ” يسوع المسيح… تألم حقا ً على عهد بيلاطس
البنطى، وصلب حقاً ومات حقاً أمام السمائيين والأرضيين ومن تحت الأرض
وقام حقاً من الأموات
“(ترالس 1: 9،2).

 

3 – القديس بوليكاربوس (65 – 155م)

 أسقف سميرنا بآسيا الصغرى والذي قال عنه كل من
القديس إريناؤس والمؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري أنه كان تلميذاً للقديس يوحنا
وبعض الرسل الذين أقاموه أسقفاً على سميرنا بآسيا الصغرى والذي استلم منهم التقليد
الرسولي، يقول عنه القديس إريناؤس ” إنه لا يزال ثابتاً في مخيلتي نوع
الاحتشام والرصانة الذي كان يتصف به القديس بوليكاربوس مع احترام هيئته ووقار
طلعته وقداسة سيرته، وتلك الإرشادات الإلهية التي كان يعلم بها رعيته وبابلغ من
ذلك كأني أسمع ألفاظه التي كان ينطق بها عن الأحاديث التي تمت بينه وبين القديس
يوحنا الإنجيلي وغيره من القديسين الذين شاهدوا يسوع المسيح على الأرض وترددوا معه
وعن الحقائق التي تعلمها وتسلمها منهم ” (الآباء الرسوليين للقمص تادرس يعقوب
ص126).

 وقد كتب
رسالة قصيرة سنة 110م أستشهد فيها 122مرة من الكتاب المقدس كله منها 100 من 17
سفراً من العهد الجديد، الأناجيل الثلاثة الأولى وسفر أعمال الرسل والرسائل إلى
كورنثوس الأولى والثانية وغلاطية وأفسس وفيلبى وتسالونيكى الأولى والثانية
وتيموثاؤس الأولى والثانية والعبرانيين ورسالة بطرس الأولى ورسالة يوحنا الأولى، و
12 سفر فقط من العهد القديم.

 ومثل
الآباء في عصره وفى فجر الكنيسة الباكر فقد أكد على وحي رسائل القديس بولس ككلمة
الله الموحى بها فقال “ فلا أنا ولا أي إنسان آخر قادر على أن يصل إلى
حكمة المبارك والممجد بولس الذي كان قائماً يعلم بين الذين عاشوا في تلك الأيام،
وعلم الحق بدقة وثبات، وبعد رحيله ترك لكم رسائل إذا درستموها صرتم قادرين على أن
تبنوا إيمانكم الذي تسلمتموه
” (مشاهير الرجال ف2: 3). كما أقتبس في فقرة
واحدة آيتين واحدة من سفر المزامير والأخرى من الرسالة إلى أفسس بقوله “
كما قيل في الكتب المقدسة
: أغضبوا ولا تخطئوا (مز5: 4) لا تغرب الشمس على
غيظكم (أف46: 4) ” حيث أكد لنا نظرة الكنيسة في عصره إلى كل منهما باعتباره
سفر مقدس وكلمة الله. وفيما يلي جدول ببعض مما اقتبسه واستشهد به:

عهد جديد

الموضوع

بوليكاربوس

مت1: 7،2

متذكرين ما قاله المخلص لتعليمنا ” لا
تدينوا لكي لا تدانوا. اغفروا يغفر لكم. ارحموا فترحمون وبالكيل الذي تكيلون فبه
يكال لكم ”

3:
2

مت13: 6

ولنطلب من الله … أن ” لا يدخلنا في
تجربة “

2:
7

مت14: 26

لأن الرب قال” الروح يقظ أما الجسد فضعيف

2:
7

لو20: 6

متذكرين ما قاله المخلص ” … طوبى للفقراء
والمضطهدين من أجل البر لأن لهم ملكوت السموات “

3:
2

رو10: 14،12

وكلنا سنقف أمام منبر المسيح وسيقدم كل منا
حساباً عما فعله

2:
6

1كو2:
6

ألا تعرفون أن القديسين سيدينون العالم

2:
11

2كو14:
4

الذي أقامه من بين الأموات سيقيمنا نحن أيضاً

2:
2

غل1: 1

الذين يؤمنون بربنا يسوع المسيح ” وبأبيه
الذي أقامه من الأموات

3:
12

أف18: 6

صلوا من أجل جميع القديسين

18:
6

فى21: 3

أخضع له كل شئ ما في السماء وما على الأرض

1:
2

1تس22:
5

امتنعوا عن كل شر

1:
11

2تس15:
3

ولا تحسبوهم أعداء

4:
11

1تى10:
6

محبة المال أصل الشرور

1:
4

2تى12:
2


فأننا سنحكم معه ” بشرط أن نؤمن

2:
5

عب20: 6؛3: 7

الله الآب أبو ربنا يسوع المسيح، ويسوع المسيح
” رئيس الكهنة الأزلي ” ابن الله

2:
12

1بط8:
1،12


الذي وأن لم تروه تحبونه، ذلك وأن كنتم لا ترونه الآن لكن تؤمنون به فتبتهجون
بفرح لا يوصف ومجيد

3:
1

1بط24:
2


الذي حمل خطيانا في جسده على الخشبه “، ” الذي لم يفعل خطية ولا وجد
في فمه مكر “

1:
8

1يو2:
4،3: 8: 3

كل روح لا يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في
الجسد، هو ضد المسيح “، ” ومن لا يعترف بشهادة الصليب فهو من الشيطان

1:
7

وإلى جانب ما سبق يقول عن لاهوت المسيح وقيامته
” الذي سيؤمن بربنا وإلهنا يسوع المسيح وبأبيه الذي أقامه من الأموات
” (2: 12 مع
Lightfoot,p.181). ويقول أيضاً ” فلنلتصق دائماً برجائنا وعريس عدالتنا يسوع
المسيح الذي حمل خطايانا في في جسده على الخشبه (الصليب) ” (1: 7).

 

4 – الدياديكية (أو تعليم الرسل الأثنى عشر)
(100م)

كُتب هذا الكتاب في نهاية القرن الأول وأقتبس
كثيراً من الإنجيل للقديس متى وأشار إلى الإنجيل ككل، سواء الإنجيل الشفوي أو
المكتوب بقوله ” كما هي عندكم في الإنجيل ” (3: 15،4) و ” كما أمر
الرب في إنجيله ” (2: 8) و ” حسب ما جاء في الإنجيل ” (3: 11) و
” كما يقول الإنجيل ” (3: 15)، و يقتبس من الإنجيل للقديس متى بقوله
” لا تصلوا كما يصلى المراؤون، بل كما أمر السيد في إنجيله، فصلوا هكذا:
أبانا الذي في السموات …الخ ” (2: 8) و ” لأن الرب قال لا تعطوا الخبز
للكلاب ” (5: 9). ويختم الكتاب بالقول “ ولكن كما كتب: سيأتي
الرب ومعه القديسون ” (زك5: 14) ثم يضيف ” وسينظر العالم مخلصاً آتياً
على سحب السماء ” (مت3: 24).

 

5- رسالة برنابا (حوالي
سنة 100م)

 يجمع
العلماء على أن هذه الرسالة قد كتبت في نهاية القرن الأول وأن كاتبها مستقيم الرأي
(أرثوذكسي) واقتبست من الإنجيل للقديس متى (16: 20) باعتباره كتاب مقدس وموحى به
من الله بقوله ” كما هو مكتوب: كثيرون يدعون وقليلون ينتخبون ”
(4: 14 مع مت16: 20). كما أقتبست من رسالتي بولس الرسول إلى تيموثاؤس 1و2. وقالت
عن لاهوت المسيح وصلبه وقيامته ” يا أخوتي إذا كان السيد قد أحتمل أن يتألم
من أجل نفوسنا وهو رب المسكونة… فكيف قبل أن يتألم على أيدي الناس؟ ولكي
يعطل الموت ويبرهن على القيامة من الأموات ظهر بالجسد واحتمل الآلام
وكان عليه أن
يتألم على الصليب

لذلك نعيد اليوم الثامن بفرح. اليوم الذي قام فيه المسيح من الأموات وظهر وصعد
إلى السماء ” (5: 5،12).

 

6 – الرسالة الثانية المنسوبة لاكليمندس
الروماني (بداية القرن الثاني)

 والتي
يجمع العلماء على أنها ترجع لبداية القرن الثاني، وترجع قيمتها بالنسبة لنا في هذا
المجال، لكونها كانت تعبر عن فكر إحدى الجماعات المسيحية فى بداية القرن الثاني
وشهادتها لوحي أسفار العهد الجديد وقانونيتها، فهي تقتبس من الأناجيل الأربعة
كثيراً وتسبق هذه الاقتباسات عبارات ” لأن الرب يقول في الإنجيل ” (
2clem5: 8)
و ” يقول كتاب مقدس آخر ” (
Ibid4: 2). ويؤكد استخدام الكاتب للفعل المضارع ” يقول ” أنه
يشير إلى الأناجيل المكتوبة وإيمانه بأنها كلمة الله وكتابه المقدس. وفيما يلي
أثنين من اقتباساته:

+ من الإنجيل للقديس متى ” الذي يعترف بي
قدام الناس سأعترف به قدام أبى ” (مت 32: 10) و ” أخوتي هم الذين يعملون
إرادة أبى ” (مت16: 10).

 

3 – أباء الكنيسة في القرن الثاني الميلادي

+ من الإنجيل للقديس لوقا ” يقول الرب في
الإنجيل: إذا لم تحفظوا القليل فمن يعطيكم العظيم؟الأمين في القليل جداً أمين
أيضاً في الكثير ” (
Ibid5: 8 مع لو21: 8؛3: 10؛10: 16-12).

شهد القرن الثاني للميلاد انتشارا واسعاً
للمسيحية في كل البلاد المحيطة بالبحر المتوسط، في آسيا وأفريقيا وأوربا، وقد عبر
يوستينوس الشهيد في بداية القرن الثاني (120 م) عن هذا الانتشار بقوله للإمبراطور
الروماني “ لا توجد سلالة واحدة من البشر سواء كانت بربر أو إغريق، سواء
كانت ساكنة خيام أو بدو متجولين بينها مصلين ومقدمي شكر لا يقدمون صلواتهم
باسم يسوع المصلوب
” (
Dial: 117)، وقال العلامة ترتليان (145-220م)، من شمال أفريقيا، في دفاعه الذي
أرسله إلى الإمبراطور الروماني ” نحن نملأ كل مكان بينكم، المدن والقرى
والأسواق والمعسكر والقبائل والجماعات والقصر ومجلس الشيوخ والساحة العامة، ولم
نترك لكم شيئاً سوى معابد آلهتكم
“. هذا الانتشار، الذي بدأ في أيام
الرسل وامتد بعدهم، كان وراءه العشرات بل والمئات من خلفاء الرسل وتلاميذهم الذين
استلموا منهم الإنجيل الشفوي والإنجيل المكتوب، بل وكانت هناك ضرورة لوجود نسخ من
الإنجيل المكتوب في كل في هذه البلاد، هذه النسخ التي بدأت في الانتشار أولاً عن
طريق الرسل أنفسهم. وهذا أدى بطبيعة الحال لوجود مئات بل آلاف النسخ منه في كل
تجمعات المسيحيين في هذه البلاد.

وكان بعض الآباء من آباء الكنيسة في كل هذه
البلاد قد كتبوا عشرات الكتب في تعليم الإيمان وشرح العقيدة وتفسير الأسفار
المقدسة نفسها، ومن ثم استشهدوا في كتاباتهم بمعظم آيات الكتاب المقدس واقتبسوا
منها بغزارة شملت جميع آيات العهد الجديد. وقد أحصى أحد العلماء عدد الاقتباسات
التي اقتبسها آباء الكنيسة الذين كتبوا قبل مجمع نيقية سنة 325م، بحسب الكتب التي
لا تزال باقية معنا، فبلغ عددها 32000 (اثنان وثلاثون ألفا)، وذلك غير الذي
اقتبسوه في الكتب الأخرى التي لم يصلنا منها شئ، وعندما أضاف ما اقتبسه المؤرخ
الكنسي المعاصر لمجمع نيقية يوسابيوس القيصري المتوفى سنة 340م بلغ عدد الاقتباسات
38000 (ثمانية وثلاثين ألف) اقتباساً.
ومن هؤلاء الآباء:

 

1- بابياس أسقف هيرابوليس (60 – 130م)

 ويقول عنه القديس إريناؤس والقديس جيروم أنه كان
تلميذاً للقديس يوحنا ورفيقاً للقديس بوليكاربوس وكان أسقفاً لهيرابوليس فريجية
بآسيا الصغرى وجمع التقاليد الشفوية عن أفواه الرسل ووضع كتاباً من خمس مقالات في
تفسير كلام الرب. وكان يهتم بكلام الرسل الحي المنقول عنهم بنفس درجة الكلام
المكتوب، ويعبر عن ذلك بقوله: “ وإذا جاءني أحد ممن تبع الشيوخ نظرت
في كلام الشيوخ مما قاله أندراوس أو بطرس أو فيلبس أو توما أو يعقوب أو
يوحنا أو متى أو أحد تلاميذ ربنا أو أرستون أو يوحنا الشيخ. فأنى ما ظننت أن ما
يستقى من الكتب يفيدني بقدر ما أنقله من الصوت الحي الباقي
” (آباء
الكنيسة في القرون الثلاثة الأولى أسد رستم ص 42).

 وهو
يؤكد لنا هنا وجود الإنجيل الشفوي، من خلال تلاميذ الرسل ومن استمعوا إليهم وحفظوا
ما تسلموه منهم مع الإنجيل المكتوب جنباً إلى جنب مما يؤكد استحالة التفكير في
مجرد تغيير أو تعديل حرف واحد في كلمة الله المكتوبة، أو في العقيدة التي تسلمها
آباء الكنيسة من الرسل.

 

2- يوستينوس الشهيد (100 – 165م)

 من نابلس بفلسطين وقد كرس حياته للدفاع عن
المسيحية وكان من أول المدافعين عنها وقد بقى لنا مما كتبه دفاعين عن المسيحية كان
قد وجههما إلى الإمبراطور الروماني أنطونيوس بيوس (138 – 161 م) والسانتوس
الروماني (يوسابيوس ك4ف18)، وحوار مع شخص يدعى تريفو اليهودي. وقد شهد فيهم
للأناجيل الأربعة وأشار إليهم أكثر من سبع عشرة مره بعبارات مثل: ” لأن
الرسل سلموا لنا في المذكرات التي دونوها والتي تسمى أناجيل
” (
1Apol 97-Dial.103).
“. ثم يقول معبرا عن فكر معاصريه في وحي العهد الجديد ” لأنه كما آمن
إبراهيم بصوت الله وحسب له ذلك براً ونحن بنفس الطريقة آمنا بصوت الله الذي تحدث
لنا بواسطة رسل المسيح وأعلن لنا بواسطة الأنبياء حتى الموت أن إيماننا تبرأ بكل
ما في العالم
” (
Dial.19). كما تحدث عن انتشار الأسفار المقدسة، العهد الجديد والعهد
القديم، في كل مكان في العالم كان يوجد به مسيحيون، وعن قراءتها في اجتماعات
العبادة في الكنائس في كل مكان “ وفى اليوم الذي يدعى الأحد يجتمع معاً كل
الذين يعيشون في المدن أو في الريف في مكان واحد وتقرأ مذكرات الرسل (الأناجيل) أو
كتابات الأنبياء بحسب ما يسمح الوقت، وعندما يتوقف القارئ يعلم الرئيس وينصح
بالعمل بهذه الأمور السارة
” (
1Apol.67).
كما اقتبس واستشهد بكثير من آياتها ؛

+ فقد استشهد بما جاء في الإنجيل للقديس متى عن
ظهور النجم للمجوس وقت ميلاد السيد المسيح، فى قوله ” عندما ظهر نجم في
السماء وقت ميلاده كما هو مسجل في مذكرات رسله (أي الأناجيل) أدرك المجوس، من
العربية، العلامة بهذه فأتوا وسجدوا له ” (
Dial.106.4 مع متى 1: 2).

+ واستشهد بما جاء في الإنجيل للقديس لوقا عن
سقوط عرق كقطرات دم من السيد وهو في البستان ” مكتوب في المذكرات التي دونها
الرسل وأتباعهم (أي الأناجيل)، كما قلت، ان عرقه سقط مثل قطرات دم عندما كان يصلى
ويقول ” أن أمكن فلتعبر عنى هذه الكأس ” (
Dial,103.8 مع لوقا 42: 22،44).

+ واستشهد بالكثير مما جاء في الإنجيل للقديس
يوحنا مثل قوله ” قال المسيح أيضاً: أن لم تولدوا ثانية فلن تدخلوا ملكوت
السموات ” (
Apol.61.4).
مشيراً إلى حوار الرب مع نيقوديموس ” الحق الحق أقول لك أن كان أحد لا يولد
من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله. قال له نيقوديموس كيف يمكن الإنسان أن يولد وهو
شيخ العله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانية و يولد. أجاب يسوع الحق الحق أقول لك أن كان
أحد لا يولد من الماء و الروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله ” (يو3: 3-5).

+ وقال عن سفر الرؤيا ” وعلاوة على ذلك
لدينا أيضاً رجل يدعى يوحنا وهو أحد رسل المسيح تنبأ في رؤيا صارت له ” (
Dial.81.4).

 وقال عن
لاهوت المسيح أن الكنيسة تنادى ب ” تعاليم اللوغوس (السيد المسيح، كلمة الله)
لأنه إلهي “، ثم يقول ” ونحن نعبده “، ويقول أيضاً
أن اللوغوس الذي هو المسيح هو الذي كلم موسى النبي من العليقة وقال له ” أنا
أكون الذي أكون، إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب
“. وقال عن صلبه
وقيامته ” لأنه حقاً بقى المسيح على الشجرة (الصليب) حتى المساء تقريباً
ودفنوه في المساء وفى اليوم الثالث قام ثانية “.

 

3 – تاتيان السوري (110 – 172 م)

 هذا الرجل كان تلميذا ليوستينوس الشهيد، ثم
أنحرف عن الإيمان السليم، وقد جمع فيما بين (166 – 170 م) الأناجيل الأربعة في
كتاب واحد أسماه ” دياتسرون ” أي الرباعى وقد أنتشر هذا الكتاب بغزارة
في سوريا حتى جمع منه ثيودوريت، أسقف
Cyrus بسوريا، سنة 420م اكثر من 200 نسخه في كنائسه وأستبدلها بالأناجيل
الأربعة. ويبدأ هذا الكتاب بمقدمة الإنجيل للقديس يوحنا ” في البدء كان
الكلمة.. ” وينتهى أيضا بخاتمة الإنجيل للقديس يوحنا ” وأشياء أخر كثيرة
صنعها يسوع.. ” وهو يشهد للإنجيل بأوجهه الأربعة باعتباره الإنجيل الواحد.

 

4 – الوثيقة الموراتوريه (170م)

وجدت هذه الوثيقة الموراتورية أو المخطوطة
الموراتورية في المكتبة الامبروسية
Ambrosian بميلان سنة 1740م ونشرها العالم الإيطالي
موراتورى
Muratori فدعيت باسمه. وكانت مكتوبة باللاتينية. وترجع نصوص هذه المخطوطة،
التي كتبت أصلاً باليونانية، كما تؤكد هي نفسها، للنصف الثاني من القرن الثاني
الميلادي حيث تقول الوثيقة ” كتب هرماس (كتابه) الراعي حديثاً جداً في زماننا
في مدينة روما عندما كان يجلس شقيقه الأسقف بيوس
Pius على كرسى الكنيسة في روما ” (M. Frag.
James R. Adair , Jr.
). وكانت سطورها الأولى مفقودة وتبدأ بعبارة عن الإنجيل الثاني
الذي للقديس مرقس وتقول ” الذي فيه كان حاضراً وقد دونه “، ثم تتحدث عن
الإنجيل الثالث الذي للقديس لوقا مما يؤكد أنها تحدثت في السطور المفقودة عن
الإنجيل للقديس متى ثم الإنجيل للقديس مرقس والذي تبقى منه هذا السطر المذكور
أعلاه.

 
كتاب الإنجيل الثالث، الذي بحسب لوقا، هذا الطبيب لوقا بعد صعود المسيح (قيامته)؟
أخذه بولس معه كخبير فى الطريق (التعليم)، دونه باسمه حسب فكره، مع أنه لم ير الرب
فى الجسد، ولأنه كان قادراً على التحقق منه، فقد بدأ يروى القصة من ميلاد يوحنا.

 رابع
الأناجيل هو الذي ليوحنا (واحد) من الرسل. الذي عندما حثه تلاميذه وأساقفته قال:
صوموا معي من اليوم ولمدة ثلاثة أيام وما يعلن لكل واحد فلنقوله بعضنا لبعض. وفى
نفس الوقت كُشف لأندراوس، أحد الرسل، أن ما ينجح (يفحص) الكل فيه يجب أن يدون
يوحنا كل شيء باسمه. ولذا فعلى الرغم من وجود أفكار متنوعة تعلم في الإنجيل ككل
(أي الأناجيل الأربعة) إلا أن هذه الأمور لا تسبب اختلافاً لإيمان المؤمنين، لأن
كل ما في جميعها أُعلن بالروح الواحد.

 فكل شيء
معلن في الكل: ما يختص بالميلاد وما يختص بالآلام وما يختص بالقيامة وما يختص
بالأحاديث مع التلاميذ، ما يختص بمجيئه الأول محتقر في تواضع، الذي تم، والثاني
ممجد في قوة ملوكية. فما العجيب إذا في أن يورد يوحنا نقاط خاصة في رسائله أيضاً،
فهو دائماً صادق مع نفسه، إذ يقول هو نفسه ” الذي رأيناه بعيوننا وسمعناه
بآذاننا ولمسته أيدينا نكتبه لكم “. فهو يعترف هكذا أنه ليس شاهد عيان فقط بل
كاتب أيضاً لكل عجائب الرب بالترتيب.

 ولكن
أعمال الرسل مكتوبة في كتاب واحد. فقد لخص لوقا للعزيز ثاوفيلس الأمور العديدة
التي حدثت في حضوره.. “.

 وتتحدث
الوثيقة أو المخطوطة بعد ذلك عن كل رسائل القديس بولس عدا الرسالة إلى العبرانيين،
وتتكلم عن رؤيا يوحنا ورسالة يهوذا ورسالتين للقديس يوحنا. ثم تتحدث عن بعض الكتب
الأبوكريفية، أي المزيفة. وتؤكد لنا هذه الوثيقة ثلاثة حقائق جوهرية هي: (1) إيمان
الكنيسة في القرن الثاني للميلاد بوحي أسفار العهد الجديد وكتابتها وتدوينها
بالروح القدس، (2) وأنها أسفار مقدسة وذات سلطان إلهي، (3) كما تميز تماماً بين
هذه الأسفار المقدسة وبين الكتب المزيفة التي قالت عنها أنه ” لا يمكن أن
تقبل (الكتب الابوكريفية، المزيفة) في الكنيسة الجامعة. لأنه لن يخلط الخل مع
العسل “.

 وعلى
الرغم من هذه الوثيقة لا تذكر الرسالة إلى العبرانيين وكذلك الرسالة الثالثة
للقديس يوحنا ورسالة يعقوب ورسالتا بطرس فهذا لا يدل على عدم الإيمان بوحيها وقداستها
أو إنكارها لأن هذه المخطوطة لم تذكر هذه الرسائل لا بين الأسفار المقدسة الموحى
بها ولا بين الأسفار المزيفة فقد ذكرت هذه الرسائل في كثير من كتابات الكثير من
آباء القرن الثاني الميلادي الذين استشهدوا بآياتها واقتبسوا نصوصها وشهدوا لها.
يقول العلامة الإنجليزي وستكوت أن عدم ذكر هذه الرسائل قد يرجع لوجود فجوة أو شق
في المخطوطة نفسها. وعلى أية حال فهذه الرسائل مستشهد بها جيداً وبدرجة كافية في
مصادر أخرى.(
Insp. and Can.
205
).

 

5- إيريناؤس أسقف ليون
(120 – 202 م)

 كان إيريناؤس أسقف ليون بفرنسا حاليا أحد الذين
تتلمذوا على أيدي تلاميذ الرسل، خاصة القديس بوليكاربوس، وخلفائهم، وكان حلقة وصل
بين الآباء الرسوليين تلاميذ الرسل ومن جاءوا بعده. وقد كتب مجموعة من الكتب
بعنوان ” ضد الهراطقة ” دافع فيها عن المسيحية وأسفارها المقدسة وأقتبس
منها حوالي 1064 اقتباسا منها 626 من الأناجيل الأربعة و325 من رسائل القديس بولس
الرسول الأربعة عشر و112 من بقية أسفار العهد الجديد، منها 29 من سفر الرؤيا. وأكد
على حقيقة انتشار الأناجيل الأربعة في كل مكان بقوله ” لقد تعلمنا خطة
خلاصنا من أولئك الذين سلموا لنا
الإنجيل الذي سبق أن نادوا به للجميع
عامة، ثم سلموه لنا بعد ذلك، حسب إرادة الله، في أسفار مقدسة ليكون أرضية وعامود
إيماننا … فقد كانوا يمتلكون إنجيل الله، كل بمفرده، فقد نشر متى إنجيل مكتوب بين
العبرانيين بلهجتهم عندما كان بطرس وبولس يكرزان ويؤسسان الكنائس في روما. وبعد
رحيلهما سلم لنا مرقس تلميذ بطرس ومترجمه، كتابة ما بشر به بطرس. ودون لوقا، رفيق
بولس في سفر الإنجيل الذي بشر به (بولس)، وبعد ذلك نشر يوحنا نفسه، تلميذ الرب
والذي اتكأ على صدره إنجيلا أثناء أقامته في أفسس في آسيا الصغرى
” (
Ag.Haer.3:
1
).

 وقال عن
وحدة الإنجيل “ ليس من الممكن أن تكون الأناجيل أكثر أو أقل مما هي عليه
الآن حيث يوجد أربعة أركان في العالم الذي نعيش فيه أو أربعة رياح جامعة حيث
انتشرت الكنيسة في كل أنحاء العالم وأن “عامود الحق وقاعدة ” الكنيسة هو
الإنجيل روح الحياة، فمن اللائق أن يكون لها أربعة أعمدة تنفس الخلود وتحي البشر
من جديد، وذلك يوضح أن الكلمة صانع الكل، الجالس على الشاروبيم والذي يحتوى كل شيء
والذي ظهر للبشر أعطانا الإنجيل في أربعة أوجه ولكن مرتبطين بروح واحد
… ولأن
الإنجيل بحسب يوحنا يقدم ميلاده الأصلي القدير والمجيد من الآب، يقول ” في
البدء كان الكلمة وكان الكلمة عند الله وكان الكلمة الله ” و ” كل شيء
به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان… ولكن الذي بحسب لوقا يركز على شخصيته
(المسيح) الكهنوتية فقد بدأ بزكريا الكاهن وهو يقدم البخور لله. لأن العجل المسمن
(أنظر لوقا 23: 15)، الذي كان سيقدم ذبيحة بسبب الابن الأصغر الذي وُجد، كان يعُد
حالاً… ويركز متى على ميلاده الإنساني قائلاً ” كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن
داود ابن إبراهيم ” و ” وكان ميلاد يسوع المسيح هكذا “. فهو إذا
إنجيل الإنسانية، ولذا يظهر [ المسيح ] خلال كل الإنجيل كإنسان وديع ومتواضع.
ويبدأ مرقس من جهة أخرى بروح النبوة الآتي على الناس من الأعالي قائلاً ” بدء
إنجيل يسوع المسيح، كما هو مكتوب في اشعياء النبي ” مشيراً إلى المدخل المجنح
للإنجيل. لذلك صارت رسالته وجيزة ومختصره لمثل هذه الشخصية النبوية ” (
Ibid.
3: 11,8
).

 وكتب
الكثير عن لاهوت المسيح وصلبه قيامته. ومما قاله عن لاهوت المسيح أن الكنيسة تؤمن
” بأنه يجب أن تنحني كل ركبة للمسيح يسوع ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا “.

 

6 – القديس أكليمندس الإسكندرى (150 – 215م)

 كان القديس اكليمندس الإسكندرى مديراً لمدرسة
الإسكندرية اللاهوتية وتلميذاً للعلامة بنتينوس ومُعلماً لكل من العلامة أوريجانوس
وهيبوليتوس وكان كما يصفه المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري ” متمرساً في
الأسفار المقدسة ” (ك5ف1)، وينقل يوسابيوس عن كتابه وصف المناظر أنه أستلم
التقليد بكل دقة من الذين تسلموه من الرسل، فقد كان هو نفسه خليفة تلاميذ الرسل أو
كما يقول هو عن نفسه إنه ” التالي لخلفاء الرسل ” (يوسا. ك6ف13)،
” ويعترف بأن أصدقاءه قد طلبوا منه بإلحاح أن يكتب من أجل – الأجيال
المتعاقبة – التقاليد التي سمعها من الشيوخ الأقدمين ” (ك6ف8: 13)، وذلك
باعتباره أحد خلفائهم. ومن ثم فقد سجل التقليد الشفوي الذي سمعه ورآه وتعلمه وعاشه
وحوله إلى تقليد مكتوب، كما شرحه ودافع عنه. وينقل عنه يوسابيوس، أيضا، قوله عن
معلميه الذين استلم منهم التقليد ” وقد حافظ هؤلاء الأشخاص على التقليد
الحقيقي للتعليم المبارك، المسلم مباشرة من الرسل القديسين بطرس ويعقوب ويوحنا
وبولس، إذ كان الابن يتسلمه عن أبيه (وقليلون هم الذين شابهوا آباءهم) حتى وصل
إلينا بإرادة الله لنحافظ على هذه البذار الرسولية “
(ك5ف5: 11).

 وقد
أقتبس من أسفار العهد الجديد 1433 مرة منها 591 من الأناجيل الأربعة

و731 اقتباسا من رسائل القديس بولس الرسول و111
من بقية العهد الجديد.

 

7- العلامة ترتليان (145 -220 م)

 وقال العلامة ترتليان، من قرطاجنة بشمال أفريقيا
والذي قال عنه القديس جيروم أنه ” يعتبر رائداً للكتبة اللاتين “، عن
صحة ووحي الأناجيل الأربعة “ أن كتاب العهد الإنجيلي هم الرسل الذين عينهم
الرب نفسه لنشر الإنجيل إلى جانب الرجال الرسوليين الذين ظهروا مع الرسل وبعد
الرسل … يوحنا ومتى اللذان غرسا الإيمان داخلنا، ومن الرسوليين لوقا ومرقس اللذان
جدداه لنا بعد ذلك
” (
Ag.Marcion4: 2). كما اقتبس من كل أسفار العهد الجديد واستشهد بأكثر من 7000
(سبعة آلاف) اقتباساً.

 وهناك
الكثير من قادة الهراطقة في القرن الثاني، مثل ماركيون الهرطوقى الغنوسى الذي كتب
(سنة140 م) والذي كان يستخدم الإنجيل للقديس لوقا وعشر من رسائل القديس بولس،
وفالنتينوس الغنوسى أيضا والذي استشهد بالإنجيل للقديس متى ولوقا ويوحنا والرسائل
إلى رومية و1كورنثوس وافسس وغيرها من أسفار العهد الجديد (أنظر الجدول).

 والجدول
التالي يوضح لنا أن آباء الكنيسة في القرنين الأول والثاني استشهدوا واقتبسوا من
جميع

أسفار العهد الجديد، كل حسب الموضوع الذي كتب
فيه واحتياجه لآيات من سفر أو أسفار معينه. ولا يعنى عدم استخدام أحدهم لسفر معين
أو أسفار معينة، في كتاباته التي وصلت إلينا، أنه لم يعترف به أو بها، وإنما
استشهد بآيات معينه في مواضيع معينه وجدت فيما أستشهد به وأقتبس منه من أسفار (تدل
علامة + فى الجدول على استشهاد الكاتب واقتباسه من السفر، وتدل العلامة = على
استخدامه لأفكار السفر بشكل غير مباشر بينما تشير علامة (-) إلى قبول مبدئي للسفر:

 

اغناطيوس

بوليكاربوس

ماركيون

فالنتينوس

يوستينوس

إريناؤس

اكليمندس

ترتليانوس

موراتورى

اورجانوس

متى

+

+

 

+

+

+

+

+

+

+

مرقس

=

+

 

+

+

+

+

+

+

+

لوقا

+

+

+

+

+

+

+

+

+

+

يوحنا

=

=

 

+

=

+

+

+

+

+

أعمال

+

+

 

 

 

+

+

+

+

+

رومية

+

+

+

+

 

+

+

+

+

+

1كورنثوس

+

+

+

+

 

+

+

+

+

+

2كورنثوس

 

+

+

+

 

+

+

+

+

+

غلاطيه

 

+

 

 

 

+

+

+

+

+

أفسس

+

 

 

 

 

+

+

+

+

+

فيلبى

 

+

 

 

 

+

+

+

+

+

كولوسى

+

 

+

 

 

+

+

+

+

+

1تسالونيكى

+

+

 

 

 

+

+

+

+

+

2تسالونيكى

 

+

+

 

 

+

+

+

+

+

1تيوثاؤس

 

+

 

 

 

+

+

+

+

+

2تيموثاؤس

 

+

 

 

 

+

+

+

+

+

تيطس

 

 

 

 

 

+

+

+

+

+

فليمون

 

 

+

 

 

 

 

+

+

+

عبرابيين

 

+

 

 

 

+

+

+

+

+

يعقوب

 

 

 

 

 

+

 

 

 

 

1بطرس

 

+

 

+

 

+

+

+

 

+

2بطرس

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1يوحنا

 

+

 

+

 

+

+

+

+

+

2يوحنا

 

 

 

 

 

+

 

 

+

3يوحنا

 

+

 

 

 

 

 

 

 

 

يهوذا

 

 

 

 

 

 

+

+

+

+

رؤيا

 

 

 

+

+

+

+

+

+

+

 

4 – قانون القديس أثناثيوس الرسولى (367م)

القديس أثناثيوس

 وهناك الكثير من الآباء في القرنين الثالث
والرابع مثل العلامة اوريجانوس والمؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري والعلامة ديديموس
الضرير والقديس أغسطينوس والقديس كيرلس الأورشليمى وغيرهم من الذين اقتبسوا من كل
أسفار العهد الجديد أو استشهدوا بها، إلى جانب المجامع التي أقرت قانونية هذه
الأسفار، مثل مجمع لاودكيا (364م) والقديس جيروم الذي قام بالترجمة اللاتينية
المعروفة بالعامية
vulgate.

 وفى سنة
367م كتب القديس أثناثيوس الرسولى في رسالته الفصحية التاسعة والثلاثين يؤكد إيمان
الكنيسة كلها في العالم اجمع بصحة ووحي أسفار العهد الجديد ال 27وهم كالآتي ”
الأناجيل الأربعة التي بحسب متى ومرقس ولوقا وبوحنا، يليها أعمال الرسل والرسائل
السبع المسماة بالرسائل الجامعة – وهى رسالة ليعقوب واثنتان لبطرس وثلاث ليوحنا
ورسالة يهوذا، إلى جانب أربعة عشر رسالة لبولس الرسول كتبت بالترتيب التالي ؛
الأولى لروما واثنتان لكورنثوس وواحدة لغلاطية يليها رسالة لأفسس ثم رسالة لفيلبى
وأخرى لكولوسى ورسالتان لتسالونيكى والرسالة إلى العبرانيين وبعدهما رسالتين
لتيموثاؤش ورسالة الرسولى

إلى تيطس وأخيرا رسالة إلى فليمون، وبعد ذلك
رؤيا يوحنا “.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى