اللاهوت الروحي

الفصل الخامس



الفصل الخامس

الفصل الخامس

فائدة الصلاة حسب نظام معين موضوع

مقالات ذات صلة

36- فائدة الصلاة حسب
نظام معين موضوع

إذا لم يكن لنا نظام
معين أو قانون منتظم في صلواتنا وتركنا لأنفسنا الحرية لنصلى متى أحسسنا بالرغبة
في الصلاة فان هذا يمثل خطرا كبيرا على حياتنا الروحية وينتهى غالبا الى الإهمال
الكلى للصلاة, حيث أن الصلاة من أصعب الممارسات الروحية على الجسد الذي يميل دائما
الى الراحة أو الانشغال بالأمور المادية التى تناسب طبيعته، لذلك لما سئل القديس
أغاثون ” أى فضيلة أعظم في الجهاد ” أجاب ” ليس جهاد أعظم من أن
نصلى دائما لله، لان الإنسان إذا أراد أن يصلى كل حين حاول الشياطين أن يمنعوه ,
لأنهم يعلمون بان لا شئ يبطل قوتهم سوى الصلاة أمام الله. كل جهاد يبذله الإنسان
في الحياة ويتعب فيه لابد أن يحصد منه الراحة أخيرا الا الصلاة، فان من يصلى يحتاج
دائما الى جهاد حتى آخر نسمة (عن بستان الرهبان).

 

لذلك أجمع الآباء
القديسون على وجوب الالتزام بقانون منظم لأنهم رأوا أن هذا الأمر يناسب الجميع ولا
سيما المبتدئين في حياتهم الروحية حتى يتعودوا على النظام في صلواتهم مما يساعدهم
في حياتهم الروحية عموما، ويقول القديس جيروم ” يجب أن نعين أوقاتا للصلاة
حتى إذا حدث وانشغلنا بأى عمل فان الوقت نفسه يذكرنا بواجبنا”.

 

ومن ذلك نستنتج أن
ارتباطنا بقانون محدد للصلاة هو عون لنا، فأكثرنا يحتاج الى نوع من الواقع أو
المشجع للصلاة، وهذا ما يحققه هذا النظام ويجعلنا ننتظم في تأدية واجباتنا الروحية
والا أصبحنا مهملين وكاسرين للقانون الروحى الموضوع لنا من آبائنا الروحيين وهذا
يعتبر خطية يجب التوبة عنها والاعتراف بها ” لان من يعرف أن يعمل حسنا ولا
يعمل فذلك خطية له (يع 4: 17)، والصلاة هى حسنة الحسنات التى يجب أن نهتم بها
ونعمل ها بكل اجتهاد ونشاط.

 

أن أكثر ما يهم الله هو
أن تتحرك إرادتنا نحوه ونسعى للاقتراب إليه والالتصاق به باستمرار، واتخاذنا قاعدة
محددة أو نظام معين للصلاة نرتبط به ونعمل جهدنا للالتزام به هو في حد ذاته تصميم
على الصلاة والتحدث الى الله بانتظام بغض النظر عن الحالة الروحية التى نكون عليها،
وقانون الصلاة هو بمثابة عهد لاستمرار الإنسان في الصلاة وأن يكون أمينا الى الموت
رغم كل الظروف والمعوقات، وواضح أن ربط أنفسنا بهذا القانون هو بمثابة عمل من
أعمال الإرادة البعيدة الأثر، وهو أفضل من ترك أنفسنا نصلى حينما نشعر بتأثير
عارض، لأنه مهما يكن هذا التأثير قويا في حينه فانه سيضعف ويزول بعد فترة دون أن
يترك أثرا.

 

أن الرب يسوع المسيح
ركز كثيرا في وصاياه على وصاياه على وجوب الصلاة والمواظبة عليها باستمرار مثل
قوله ” اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة (مت 26: 41)

 

ينبغى أن يصلى كل حين
ولا يمل (لو 18: 10) كل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه (مت 21: 22) ووصايا
معلمنا بولس الرسول ” حارين في الروح.. عابدين الرب… مواظبين على الصلاة
(رو 12: 11، 12) فيها بالشكر (كو 4: 2) “. وغيرها هذا كثير.

 

فان أصابت الإنسان حالة
فتور أو جفاف روحى وضاعت منه كل أهداف الصلاة يكفيه أن يحتفظ بهذا وهو أنه يصلى
لان الرب أوصى بالصلاة وكرر هذه الوصية كثيرا وركز عليها، وهو يصلى كابن مطيع
لوصية أبيه السماوى، وبذلك يحتفظ بقانونه في الصلاة ولا يتخلى عنه مهما كانت
الظروف، والله الطيب المحب يعطيه ما يشاء من تعزيات وزيارات النعمة في الوقت الذى
يريده وبالطريقة التى يختارها حينما يراه أمينا في صلواته وجهاده، دون أن يجعل
المصلى هذه التعزيات وزيارات النعمة هى هدف صلواته ومركزها لان ملكوت الله لا يأتى
بمراقبة (لو 17: 20) “ولأنه ليس بكيل يعطى الله الروح (يو 3: 34).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى