اللاهوت الروحي

الفصل الثامن



الفصل الثامن

الفصل الثامن

ما يقوي الإيمان

الإيمان فضيلة كسائر الفضائل، يمكن أن تقوى أن
تضعف.

وعلينا نحن، ليس فقط أن تحفظ إيماننا، وإنما
أيضاً أن نسلك في كل الوسائل التي تجعله ينمو ويزداد (2 تس 1: 3، 2كو 8: 7).

فما هى الوسائل التي تقوى إيماننا؟ إنها:

1- الثقة بصفات الله

2- الثقة في صِدق مواعيد الله

3- النظر إلى الله وليس إلى الظروف المحيطة

4- قصص الإيمان، ومعاشرة رجال الإيمان

5- إتضاع القلب والفكر

6- الخبرة مع الله

7- أبصر الله في كل أمر

8- اتخذ الرب صديقاً لك

9- صلاة لأجل الإيمان

 

1) الثقة بصفات الله

أ – ضع في قلبك باستمرار، أن الله صانع الخيرات،
وذلك لكي تقوي إيمانك برعايته وحفظه. قل لنفسك باستمرار (كل الأشياء تعمل معاً
للخير، للذين يحبون الله) (رو 28: 8). وثق أن كل ما يصنعه الله هو خير، وأن كل ما
يسمح به لابد يؤول إلي خير، مهما بدا الأمر غير هذا.

 

 لقد كان
الله يصنع خيرا مع يوسف، حينما سمح أن يباع كعبد، وأن يلقي في السجن ظلماً. وكانت
كل تلك الضيقات ضمن الخطة الإلهية لخير يوسف، ولخير المنطقة كلها. وهكذا قال يوسف
لأخوته الذين باعوه (لستم أنتم أرسلتموني إلي هنا، بل الله) (تك 8: 45)، (أنتم
قصدتم لي شراً. أما الله فقصد به خيراً (تك 20: 50)

 

ب- ثق أيضاً أن الله أب، وأنه محب، وأنه في
محبته، لابد أن يعامل أولاده بحنان، ويعطيهم عطايا صالحة. وقد قال في أبوته
الحانية أنه نقشنا على كفه (أش 16: 49) وفي أبوته يعطينا كل ما نحتاجه، دون أن
نطلب.

 

ج – مما يقوي إيمانك أيضاً، أن تثق بأن الله
قادر على كل شيء. هو يحبك. وهو يريد لك الخير، وهو قادر على صنع هذا كله، مهما كان
الأمر صعباً..

 

إن أبانا إبراهيم، حينما رفع يده بالسكين ليذبح
إبنه وحيده إسحق، كان مؤمناً بأن الله محب، وأنه لابد من وراء ذلك خيراً. وكان
مؤمناً كل الإيمان بأنه سيكون له نسل من أسحق كنجوم السماء حسب وعد الله له..

 

نعم كان مؤمناً أنه حتى لو مات أسحق، فإن الله
قادر أن يقيمه من الأموات، ويحقق به وعده (إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من
الأموات أيضاً) (عب 19: 11). هذا هو الله الذي آمن به، الذي يحيي الموتى، ويدعو
الأشياء غير بالإيمان كأنها موجودة) (رو 17: 4)

 

بالإيمان بقدرة الله على كل شيء، دخل موسى في
البحر الأحمر وعبره. ودخل يشوع في نهر الأردن وعبره، كل منهما مع شعبه..

 

يحدد بمقدار حرف- كذلك ينبغي أن تثق بحكمة الله،
وبأن كل تدابيره صالحة، حتى لو كنت لم تفهم بعد أعماق هذه الحكمة..

 

إن أمنت بحكمة الله، تعيش في سلام، وتقبل كل شيء
برضى. أما إن كانت (حكمتك) البشرية لا تثق بحكمة الله، ستعيش في تذمر وشكوى وتعب
نفسي.. لذلك في كل ما يحدث لك، قل له: أنا واثق يا رب بحكمتك وحسن تدبيرك. وإن كان
فهمي الآن عاجزاً، لأبد أنني سأعرف بعد حين ما قصدته بي، كما عرف يوسف الصديق.

 

إن ثقتك بأن الله صانع الخيرات، وأنه أب محب،
وحكيم في تدابيره، ويريد لك الخير وقادر على ذلك.. كل هذا يعمق إيمانك، ويمنحك
سلاماً في قلبك..

هناك وسيلة أخرى لتقوية الإيمان وهي:

 

2) الثقة في صدق مواعيد الله

لقد وعد الله أبانا ابرام بأنه سوف يعطيه نسلا،
وأعطاه ولو بعد زمن. ووعده بأن نسله سيكون كنجوم السماء في الكثرة، وقد كان.. مع
أن زوجته كانت عاقراً، وكان هو قد تقدم في الأيام وشاخ.

 

ووعد الله شعبه بأنه سيرده من السبى. ورده كما
وعد.

 

ووعد إيليا وقت المجاعة، بأنه سيعوله. وعاله
بأعجوبة (1 مل 3: 17-6). ووعد الله أمنا حواء بأن نسلها سيسحق رأس الحية (تك 15: 3).
وقد حقق هذا الوعد على الصليب في ملء الزمان.

 

ووعد الله بأنه سيسكب روحه على كل بشر (يؤئيل 28:
2). وفعل ذلك في يوم الخمسين، وما زلنا هياكل لروحه القدوس (1كو 16: 3)..

 

وعود الله كلها صادقة. ويعوزنا أن نتتبع وعود
الله منذ القديم.

 

ولكن هناك وعوداً دائمة، يريحنا أن نحيا فيها
بالإيمان.

 

وذلك كقوله (ها أنا معكم كل الأيام وإلي أنقضاء
الدهر) (متى 20: 28)، حيثما اجتمع أثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم (متى
20: 18)، (أعطيكم فماً وحكمة لا يقدر جميع معانديكم أن يقاوموها) (لو 15: 21) (لا
تهتموا كيف أو بما يتكلمون، لأنكم تعطون في تلك الساعة ما تتكلمون به. لأنكم لستم
أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذى يتكلم فيكم” (متى 10: 19، 20). وكذلك قوله
عن الكنيسة إن أبواب الجحيم لن تقوى عليها (متى 16: 18). ليتنا نعيش في هذه الوعود
بكل قلوبنا، لكى تقوى إيماننا.

 

وليتك: أيها القارئ المحبوب تجمع كل وعود الله
وتقرأها باستمرار. وتقول لنفسك: لابد أن يكون الله صادق في وعوده. وبالتالى لابد
أن أعيش سعيداً بهذه الوعود الإلهية.. إن دوام التذكار لوعود الله، يطمئن النفس،
ويقوى الإيمان.. وأيضاً مما يقوى الإيمان:

 

3) النظر إلى الله، وليس إلى الظروف المحيطة

قبيل عبور البحر الأحمر، كل الظروف المحيطة كانت
تدعو إلى اليأس. أما موسى النبى فإنه دعا الناس أن ينظروا إلى الله، وقال لهم
“قفوا وانظروا خلاص الرب.. الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون” (خر 14: 13،
14). كذلك في حرب داود وجليات. لو نظر إلى الجبار القوى المتحدى، ليئس. لكنه
بالإيمان نظر إلى الله الذى سيحبسه في يده (1صم 17). نفس الوضع في معجزة الخمس
خبزات والسمكتين. لما نظر التلاميذ إلى الطعام الموجود، والآلاف المنتظرة، قالوا
“ما هذا لمثل هؤلاء؟!”. ولكن المسيح نظر إلى فوق وبارك. ولو نظر
التلاميذ هكذا بالإيمان إلى فوق، لا طمأنوا ورأوا قوة الله. مرثا نظرت إلى قبر
أخيها الميت منذ أربعة أيام، فقال قد أنتن. أما الرب فقال لها: ألم أقل لك إن آمنت
ترين مجد الله (يو11: 39، 40).

 

إذن علينا أن ننظر دائماً إلى فوق، فيدخل
الإيمان إلى قلوبنا.

 

ننظر إلى الله المحب القادر على كل شئ، ولا نركز
أفكارنا في الظروف المحيطة. لا تنظر إلى قوة أعدائك، إنما أنظر إلى الله الذى
ينقذك منهم. لا تنظر إلى الخطية التى “طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء”
(أم 7: 26)، إنما أنظر إلى الرب يسوع الذى “يخلص شعبه من خطاياهم” (متى
1: 21). كذلك من الأمور التي تقوى الإيمان:

 

4) قصص الإيمان، ومعاشرة رجال الإيمان

وهكذا عندما أراد الله أن يعطى دروس في الإيمان،
قال “تأملوا زنابق الحقل.. ولا سليمان في مجده كان يلبس كواحدة منها”
(متى 6: 28، 29). فإن كان عشب الحقل.. “يلبسه الله هكذا “” أفليس
بالحرى يلبسكم أنتم يا قليلى الإيمان”. وقال أيضاً “أنظروا إلى طيور
السماء”. وفى إحدى المرات، فعلت كما أمر الرب، ونظرت إلى عصفورة في حقل الدير..
أمامها الكثير من الحبوب. ولكنها التقطت اثنتين أو ثلاثاً، وتركت الباقى كله وطارت
“لم تجمع إلى مخازن “كما قال الرب، كانت واثقة أنه في كل مكان تحل فيه،
سيرزقها الله قوتها، فلماذا تخزن إذن؟ أو لماذا تترك الجو العالى الفسيح، وتقبع
إلى جوار الحبوب لتخزن كما تفعل زميلتها النملة (القليلة الإيمان!) التى لا ترتفع
إلى فوق..

 

وقد أعطانا الرب مثالاً شبيه في قصة (المن)
وجمعه.

 

كانوا يجمعونه، على قدر حاجتهم، يوماً بيوم، دون
أن يخزنوا.. والذين خالفوا هذه القاعدة وخزنوا مناً “تولد فيه الدود
وأنتن” (خر 16: 20). كلما يقرأ الإنسان قصصاً عن الإيمان، والثقة بالله،
والأعاجيب التي تحدث مع قديسيه، يمتلئ قلبه إيماناً، ويحب هذه الحياة المملوءة
إيماناً.. كذلك كلما يعاشر رجال الإيمان، يتعلم منهم، وتثيره حياتهم وعمل الله
معهم، لكى يتمثل بإيمانهم” (عب 11: 7). لذلك قال أحد الآباء “شهية هى
أخبار القديسين”..

 

من أجل هذا سجل لنا الكتاب سيراً من الإيمان،
لنتأثر بها ونتعلم.

 

ولكى تقوى إيماننا، إذ نرى أمامنا أمثلة عملية
لحياة الإيمان التي نشتهيها. ونرى أمامنا الطريق الذى سلكه رجال الإيمان. وكيف
عاملهم الله، وكيف تعاملوا هم معه.. وماذا أيضاً؟

 

إن كانت القراءة، فإن المعاشرة تأثيرها أعمق بلا
شك.

 

لذلك عاشروا الذين يتصفون بالإيمان، وامتصوا
الإيمان منهم. فإن الإيمان يناله الإنسان بالتسليم، أكثر مما يناله بالتعليم.
أنظروا كيف يعيشون، وكيف يظهر الإيمان في حياتهم، وكيف يتعاملون مع الله، وكيف
يتصرفون إزاء الأحداث.. وإن أردتم أن تقووا إيمانكم، لابد من صفة تتصفون بها وهى:

 

5) اتضاع القلب والفكر

الإنسان المتضع يقبل كل ما ياتى من الله برضى.
أما الفكر المعتد بذاته فإن يناقش ويجادل، ويرفض ما لا يعجبه، فلا يصل إلى الإيمان
الذى يصل إليه المتضع.

 

الإنسان المتضع يعترف أن عقله محدود، وكل قدراته
محدودة، ولا يمكنه أن يستوعب الله غير المحدود، ولا يدرك أعماق حكمته وصفاته. لذلك
يقبل في إيمان ولا يشك. وإن ضغط عله الفكر، ينسكب أمام الله ويقول “أحكامك يا
رب فوق فهمى، وأعمالك فوق معرفتى. من أنا قدامك؟ وكل معرفتى هى جهالة أمامك.

 

أنا آخذ منك عن طريق التسليم، وليس عن طريق
الفحص..

 

أعطينى يا رب إيمان الأطفال، وليس إيمان
الفلاسفة والحكماء (لو 10: 21). حادثة مثل إلقاء الثلاثة فتية في أتون النار، دون
أن يحترقوا (دا 3: 25). هذه، هل نخضعها لفهمنا المحدود، أم نتقبلها بالإيمان في
اتضاع الفكر الذى ينحنى أمام المعجزة؟! والمعجزة هى عمل الله القادر على كل شئ..
الإيمان يحتاج إلى اتضاع الفكر وبساطة القلب، وأيضاً إلى:

 

6) الخبرة مع الله

إلق نفسك في دائرة الله. عش معه واختبره. جرب
الإتكال عليه. حينئذ سترى عجائب من عمله معك. أما إن كنت طول حياتك تحصر نفسك في
دائرة إمكانيات الفكر، والذكاء البشرى، وخبرات المجتمع، ومشورات الناس، بعيداً عن
الله، تأكل كل يوم من شجرة معرفة الخير والشر، فكيف تصل إذن إلى الإيمان؟! إذن
إختبر عملياً وجود الله فى حياتك. عاشره لتعرف من هو. وكما قال داود النبى
“ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب” (مز 34: 8). ولعل سائلاً يسأل: وكيف ندخل
في الخبرة مع الله؟ أقول:

 

7) إبصر الله في كل أمر

الناس لا يقوى إيمانهم، لأنهم يعيشون في عالم،
فصلوه عن الله.

كل ما يحدث في هذا العالم، يرجعونه إلى أسباب
عديدة ولا يذكرون إسم الله كأنما الكون يدور.. بدون الله.

 

أ – مثال: العالم يستطيع أن يحطم الذرة، ويستخدم
القوة النووية، ويصنع سفن الفضاء، ويصل إلى القمر، ويدور حول الكون، ويتعامل مع
الإلكترونات.. ويصرخ الناس ويقولون: ما أعظم العقل البشرى! أو ما أعظم الشعب الذى
اخترع كل هذه المخترعات..! ولا يذكرون إسم الله إطلاقاً.. أما المؤمن فيقول: مبارك
أنت يا رب الذى خلقت هذا العقل البشرى، ووهبته كل هذه الإمكانيات، وكشفت له ما
وضعته في الطبيعة من قوى.. إن كان عبيدك الترابيون يعرفون كل هذا، فكم وكم تكون
أنت يا غير المحدود، القادر على كل شئ؟! وهكذا يقوى إيمان المؤمن بإرجاعه كل قوة
وكل عجيبة إلى الله..

 

ب – مثال آخر: يمرض إنسان بمرض خطير. ويستطيع
طبيب أن ينقذه من الموت فيشفى. وينذهل المريض وأقرباؤه من مهارة الطبيب، ويشكرونه
في الجرائد ويمدحونه سبب الشفاء. أما الله فلا يتردد إسمه مطلقاً على أفواههم.
ولكن المؤمن يقول: نشكر الله الذى شفى المريض، وكانت يده مع يد الطبيب.

 

ج – مثال ثالث: إنسان يتعرض لحادث تصادم يكاد
يودى بحياته، لولا أن سائق العربة يوقفها بمهارة على بعد سنتيمترات من الرجل.
ويصرخ الناس: يا لمهارة السائق! بينما المؤمن يقول: لقد منح الله هذا الإنسان
عمراً جديداً..

 

ليتك فى كل حادث، تبحث عن أصبح الله فيه، ليقوى
إيمانك.

 

إبحث عن حكمة الله وعمل الله في كل ما يمر بك من
الأحداث اليومية ن حينئذ ستجد الله كائناً أمامك كل يوم، تلمسه وتتعامل معه، وتشعر
بوجوده في كل ما يمر بك من صغيرة وكبيرة. وبهذا يزداد إيمانك يوماً بعد يوم.

 

د- مثال رابع: المؤمن إذا مر على حديقة ورأى
زهرة من الزهور، لا يكتفى بالتمتع بشكلها ورائحتها كما يفعل العلمانيون.. إنما يقف
أمامها منذ هلاً ويقول: ما هذا الجمال الذى خلقته يا رب؟! وما الألوان العجيبة
التي يعجز أمهر الفنانين عن أن يصنعوا مثلها.. لاشك أن الزهور الصناعية جميلة
ومتقنة، ولكنها ليست في هذا التناسق، كما أنها لا حياة فيها، ولا نضارة، ولا رائحة
لها. إنها جمال ميت..!

 

حقاً، إن التأمل في البيعة بهذا الأسلوب، يقوى
الإيمان..

 

أهل العالم يتأملون البيعة منفردة، قائمة بذاتها،
وقد فصلوها عن الله. أما الذى يريد أن يقوى إيمانه فإنه يرى الله في الطبيعة..
أليست هى صنعة يدية؟.. وهكذا كان داود النبى يقول “السموات تحدث بمجد الله،
والفلك يخبر بعمل يديه (مز19: 1). أتراك تعجب بليلة قمرية جميلة، دون أن تمجد الله
خالق القمر؟! تذكر الله هكذا، ليكون الله بالنسبة إليك حقيقة عملية، وليس مجرد
حقيقة عقلية تثبتها البراهين.. بهذا تحيا مع الله كل يوم.

 

إن أردت أن يقوى إيمانك، لا يفضل مخلوقات الله
على الله.

 

لا تبهرك الطبيعة، ولا تنسى الله خالقها. لا
يبهرك العقل البشرى وتصرفه في المادة. وإنما قل: عجيب أنت يا رب! كيف خلقت المادة
هكذا، بهذا الخاصية وبهذا المفعول، بحيث يمكن للعقل أن يستخدمه في كل هذه الأغراض..!
أترانا نعجب بطبيب يستخلص دواء من مادة معينة، بينما ننسى الله الذى وضع هذه
الخاصية في تلك المادة، حتى يمكنها أن تخدم غرض الطبيب..! أمر آخر يمكنه أن يقوى
إيمانك وهو:

 

8) إتخذ الرب صديقاً لك

لو فعلت هذا، لأمكن أن يقوى إيمانك، لأنك ستكون
علاقة مع الله وتتحدث معه بدالة بلا خوف، فتتوطد صلتك به. كثيرون ينظرون إلى الرب
كمجرد إله أو سيد. ولكن هل نظرت إليه أيضاً كصديق ومحب، تثق به وبمحبته وبإخلاصه
لك. إنه يقرع على بابك، ويطلب إليك أن تفتح له كصديق، فيدخل ويتعشى معك وأنت معه
(رؤ3: 20). إن قيلت صداقة الله ومحبته، ستدخل في الإيمان الحقيقى.. تشتاق إلى
رؤياه كصديق، وتحكى له أسرارك، وتتمتع بعشرته ومحبته.. وتحرص كصدق له ألا خدش
شعوره أو تغضبه. وهو نفسه سيكشف لك أسراره، كما كشف لإبراهيم (تك 18: 17). إن الله
يريدك هكذا، لأنه قال “لا أعود أسميكم عبيداً.. بل أحباء” (يو 15: 15)..
إتخذه إذن كصديق أو كأب، تؤمن بأبوته ومحبته، كما تؤمن بسلطانه وقدرته. تحدثه عن
أسرارك، ويحدثك عن أسراره.

 

من قصص الصداقة والصراحة مع الله، مسح إيليا
لأليشع نبياً.

 

قال الرب يوماً لإيليا النبى العظيم إذهب
“مسح ياهو بن نمشى ملكاً على إسرائيل.. وامسح أليشع بن شافات، نبياً عوضاً
عنك” (1مل 19: 16). لم يقل إيليا: حسناً يا رب أن أمسح ياهو ملكاً. ولكن كيف
أمسح نبياً عوضاً عنى؟ وهل استغنيت عن خدماتى؟ هل يحدث هذا بعد تعنى الكثير من
أجلك، وبعد وقوفى ضد آخاب الملك وزوجته إيزابل، وبعد تخليصى البلاد من كل أنبياء
العل وأنبياء السوارى؟.. هل تغيرت محبتك لى؟! لم يقل شياً من هذا، ولم يشك في محبة
الله، بل فعل كما أمره، واثقاً من محبة الله ومن حكمته. بل اعتبرها دالة وصداقة
بينه وبين الله، بها يشركه الله معه في تنفيذ الخطة الإلهية، حتى لو كان منها مسح
نبى عوضاً عنه. فهذا لا يدل على أن الصداقة بينه وبين الله قد انتهت أو نقصت.
بدليل أن الله رفعه إليه إلى السماء في مجد (2مل 2: 11). وبدليل أنه ظهر معه بعد
زمن على جبل التجلى يتحدث إليه (9: 4). إنها المحبة التي يصارحه بها الله، حتى في
الأمور التى تمسه. وكان مسح نبى عوضاً عنه، مقدمة لترقيته إلى حالة أفضل، هى أعظم
من نبى..

 

9) صلاة لأجل الإيمان

أطلب من أجل إيمانك في صلاتك، لكى ينمو ويزداد.

قل له: إعطنى يا رب أن أؤمن بك الإيمان كله.
إعطنى أن أحبك وأثق بك في كل شئ، وأؤمن أنك تفعل بى خيراً مهما كانت الدنيا مظلمة
أمامى. إشعرنى بأن عقلى أصغر بكثير من أن يفهم حكمتك وأحكامك. أنا أعرف أنك صانع
الخيرات، وأنك محب، وأنك ترى كل شئ، وقادر على كل شئ. ومع ذلك كثيراً ما أضعف..
فأعن ضعف إيمانى.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى