علم الاخرويات

الفصل الثامن



الفصل الثامن

الفصل الثامن

الملك
الألفي للمسيح

 

1 الملك الألفي تاريخيا

يؤمن المفسرون من أصحاب المدرسة التدبيرية، كما بينا سابقا، بأن
المسيح سيملك على الأرض بعد مجيئه الثاني والاختطاف والضيقة العظيمة لمدة ألف سنة
حرفية على الأرض يعم فيها السلام والرخاء ولا يكون فيها أي نوع من الحروب، وتكون
هذه الفترة هي العصر الذهبي الذي يدوم فيه السلام على الأرض فيسكن فيها الذئب مع
الخروف ويعيش فيها الإنسان والحيوان بدون أن يخاف أحدهما من الأخر، بل يلعب الطفل
مع شبل الأسد ” فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل
والمسمن معا وصبي صغير يسوقها والبقرة والدبة ترعيان تربض أولادهما معا والأسد
كالبقر يأكل تبنا، ويلعب الرضيع على سرب الصل ويمد الفطيم يده على جحر الافعوان
” (اش6: 11،7،8)، وتنتج الأثمار والفواكه بمثل أحجامها الحالية عشرات
المرات..الخ. كما تؤمن بعض الفرق الضالة والمرتدة والخارجة عن المسيحية مثل شهود
يهوه والسبتيين والمورمن وغيرهم بهذا الملك الألفي الحرفي ولكن بمفهومهم الخاص بكل
منهم.

 

(1) الأصل اليهودي لفكرة الملك الألفي الحرفي
والزمني

فهم اليهود معظم النبوات الخاصة بتجسد المسيح، النسل الآتي، نسل
المرأة (تك 15: 3) ونسل إبراهيم (18: 22؛4: 26) ونسل داود (2صم12: 7: رو3: 1) الذي
هو المسيح، ” وأما المواعيد فقيلت في إبراهيم وفي نسله لا يقول وفي الانسال
كأنه عن كثيرين بل كأنه عن واحد وفي نسلك الذي هو المسيح ” (غل 3:
16)، ومجيئه بالجسد، وكونه سيكون ملكا ” ها أيام تأتى يقول الرب وأقيم
لداود غصن بر فيملك ملك وينجح ويجري حقا وعدلا في الأرض
” (إر23: 5)،
فهما حرفيا! وتوقعوا أنه سيأتي ليحكم الأرض من خلالهم ويجعل أورشليم عاصمة للعالم
” أمامه تجثو أهل البرية وأعداؤه يلحسون التراب ” (مز2: 9)، ”
ويكون الملوك حاضنيك وسيداتهم مرضعاتك بالوجوه إلى الأرض يسجدون لك ويلحسون غبار
رجليك فتعلمين أنى أنا الرب الذي لا يخزي منتظروه ” (إش49: 23).

 وكان الدافع الأول لهذا الفكر الغريب هو حالة العبودية التي عاش
تحتها هذا الشعب اليهودي مشتتا وطريدا على وجه الأرض ابتدأ من العبودية في مصر، ثم
السبي الآشوري والبابلي والفارسي، ثم تحت وقوعهم تحت الحكم اليوناني والسوري
والروماني. وقد تطور هذا الفكر بدرجة كبيرة في فترة ما بين العهدين ؛

ومن ثم امتلأت الكتب الأبوكريفية والمنحولة من أمثال رؤيا عزدراس وسفر
اخنوخ وكتاب اليوبيلات ورؤيا باروخ وغيرها، وذلك إلى جانب أقوال الربيين التى وردت
في أجزاء كثيرة من التلمود، بالأفكار التي تتحدث عن ظهور الملك المسيا الذي سيملك
على العالم مدة ألف سنة. ومن ثم أخذوا يفسرون نبوات العهد القديم عن مجيء المسيح،
مسيحهم المنتظر، تفسيرا ماديا خياليا لا يتناسب مع فكر المسيح الذي قال ” مملكتي
ليست من هذا العالم
“، وإنما بما يتناسب مع فكرهم المادي، فقد أدى فشلهم
الديني وفهمهم القاصر لحقيقة ملكوت الله إلى طلب ملكوت مادي أرضى، دنيوي.

E ويتحدث كتاب رؤيا اسدراس (عزدراس 26: 7 – 28)
عن الملكوت، الذي يرى أنه سيمتد 400 سنة في العالم كالآتي: ” سيأتي الوقت
عندما تُرى العلامات التى أنبأت بها، وستظهر المدينة المخفية الآن (أورشليم
السمائية)، والمختومة ستكون مرئية، وسيرى كل الذين خلصوا من الشرور (أي الذين تم
جمعهم من الشتات) أعمالي العجيبة التى سبق أن أنبأت بها، وسيظهر ابني المسيا مع
رفقائه، ويجلب 400 سنة من السلام لكل الأحياء 000 “.

E ويقول كتاب رؤيا باروخ المترجم عن السريانية
والذي يرجع لما بين سنة 100إلى سنة 50 ق. م ” بعد العلامات التي ظهرت والتي
أخبرتك بها عندما تثور الأمم وتتآمر الشعوب ويأتي زمن المسيا، يدعو كل
قبائل الأرض ويعفو عن بعضهم ويقدم البعض للذبح. فكل أمة لم تعرف إسرائيل ولم
تطأ قدامها نسل يعقوب يعفي عنها، ولابد،لكي تكون هناك فرصة للبعض من كل أمة أن
يدينوا لإسرائيل. أما أولئك الذين سادوا علي إسرائيل وعرفوه، سيدينون جميعهم للسيف
.
ويحدث انه، إذ يخضع (المسيا) كل ما في العالم، ويجلس علي عرش ملكه في سلام إلى
الأبد، يحدث أن الفرح يبدو والراحة تظهر. وينزل الشفاء كالندى، وتختفي الأمراض،
ولا يكون هناك قلق ولا تعب ولا مراثي من إنسان، وتنتشر السعادة في كل الأرض. ولن
يموت إنسان قبل وقته… وتأتى وحوش البرية من الأحراش وتخدم الناس. ويلعب الرضيع
علي سرب الصل ويمد الفطيم يده علي جحر الافعوان فتخرج الأفاعي من جحورها وتقدم له
كل ولاء وخضوع تام. وتزول أتعاب الحبل عن النساء وتنقطع آلام الولادة عندهن
وتتبارك ثمرة البطن. ويكون في تلك الأيام، أن الحاصدين لا يعيون وان البناءين لا
يكلون ولا يشقون. إذ أن الأعمال، من ذاتها، تتم بسرعة ونجاح. والقائمون بها يعملون
في قسط وافر من الهدوء والارتياح. ويتمتع الناس بأعمار مديدة، وحياة سديدة، خالية
من كل مرض وشقاء ومن كل تعب وعناء ومن شر الحروب والأوبئة.

 وما أبهى تلك الوليمة الفاخرة التي يتصورونها عندما يكمل كل شئ في
تلك الفصول، حيث يبدأ إستعلان المسيا. ويخرج يهيموث من مكانه ويصعد لوياثان
من البحر. هذان الوحشان الهائلان اللذان خلقا في اليوم الخامس وأبقيا إلى تلك

الساعة. ليكونا طعاما لكل من بقي في ذلك الزمان. والأرض أيضا تخرج
ثمرها آلافا مضاعفة وسيكون علي كل كرمة ألف غصن. وفي كل غصن ألف عنقود. وفي كل
عنقود ألف عنبة. وكل عنبة تنتج ألف كر من الخمر فيفرح الجياع بل يرون عجائب كل
يوم. فإن الرياح ستخرج من قبل الله في كل صباح محملة بالأثمار ذات الروائح العطرية
الذكية. وفي آخر النهار تمتلئ السحب بقطرات الندي البلورية الصحية. وفي ذات الوقت يحدث
أن خزائن المن تنزل من السماء فيأكل منها في تلك السنين أولئك الذين انتهي إليهم
ملء الزمان. وإذ تصير هذه كلها ويكمل زمن مجيء المسيا، يحدث انه يعود في
مجد “(1)

E كما جاء في كتاب أخنوخ الأول الذي كتب فيما بين
سنة 150 وسنة 100 ق. م ؛ ” ويزرعون بفرح إلى الأبد وحينئذ ينجو الأبرار
ويعيشون حتى يلدوا آلافا من الأولاد ويكملون كل أيام شبابهم وسبوتهم في سلام.
حينئذ تفلح الأرض بالبر. وتغرس كلها بالأشجار وتمتلئ بالبركة. وتغرس بها كل شجرة
شهية. ويغرسون فيها كروما. و الكرمة التي يغرسونها فيها تنتج عصيرا فائضا. وكل
مكيال من البذور التي تزرع فيها يحمل ألفا. وكل مكيال من الزيتون ينتج عشر معاصر
من الزيت. وتطهر الأرض من كل خطأ ومن كل أثم ومن كل دنس ومن كل ما جاء ليغير طهارة
الأرض، أزلهم من الأرض. وكل أبناء البشر سيكونون أبرار، وكل الأمم تخدمني
وتباركني، والكل يعبدني.. “(
2).

 

(2) انتقال هذا الفكر إلى بعض الأباء في الكنيسة الأولى

وعلى الرغم من أن هذا الفكر اليهودي عن الملك الألفي السعيد لم يعلم
به السيد المسيح ولم يشر إليه أحد من الرسل، ولأن غالبية المسيحيون الأول كانت من
اصل يهودي، ونظرا للاضطهاد الشديد الذي واجهه المسيحيون من أباطرة الرومان في
القرون الثلاثة الأولى، فقد تأثر بعض الأباء في القرون الثلاثة الأولى، من أمثال
بابياس واريناؤس ويوستينوس الشهيد وترتليان وهيبوليتوس وميثوديوس وكودميانوس
ولاكتانيوس بهذا الفكر وفسروا الآيات التالية من سفر الرؤيا تفسيرا حرفيا:

 
فقبض على التنين الحية القديمة الذي هو إبليس والشيطان وقيده ألف سنة 0 00 لكي لا
يضل الأمم في ما بعد حتى تتم الألف السنة 000 ورأيت نفوس الذين قتلوا من اجل شهادة
يسوع ومن اجل كلمة الله والذين لم يسجدوا للوحش ولا لصورته ولم يقبلوا السمة على
جباههم وعلى أيديهم فعاشوا وملكوا مع المسيح ألف سنة، وأما بقية الأموات فلم تعش
حتى تتم الألف السنة 000 مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى هؤلاء ليس
للموت الثاني سلطان عليهم بل سيكونون كهنة لله و المسيح و سيملكون معه ألف سنة. ثم
متى تمت الألف السنة يحل الشيطان من سجنه (رؤ 20: 2-7).

E يقول بابياس (60 130م) أسقف هيرابوليس أنه سيكون هناك ألف سنة
بعد القيامة من الأموات يملك فيها السيد المسيح على الأرض مع قديسيه لمدة
1000 سنة. وقد ركز فيها على الملاذ الحسية والجسدية فقال ” ستأتي أيام تنمو
فيها الكروم، وعلى كل كرمة عشرة آلاف غصن، وعلى كل غصن عشرة آلاف غصن صغير، وفى كل
غصن صغير حقيقي عشرة آلاف نصل، وكل قمحة ستنتج عشرة آلاف سنبلة وكل سنبلة ستنتج
عشرة آلاف حبة قمح وكل حبة ستنتج عشرة آلاف رطل من الدقيق الفاخر “.

E وكتب يوستينوس الشهيد يقول ” نحن واثقون
أنا والآخرون الذين لنا فكر سليم في كل الأمور كمسيحيين
من أنه سيكون هناك قيامة من الأموات وألف سنة
في أورشليم التي ستبنى آنذاك وتزين وتتسع “. ولكنه عاد وقال أيضا ” أن
كثيرا من المسيحيين المعتبرين لا يأخذون بهذا التعليم ولا يقرونه
“.

E وقال ترتليان (150 225م) ” نعترف بأن لنا وعدا بمملكة على
الأرض، في حين أنها قبل السماء، وإنما في حالة أخرى من الوجود، بقدر ما ستكون بعد
القيامة لمدة ألف عام في مدينة أورشليم التي يبنيها الله
” وليس الذي
يبنيها اليهود كما يقول التدبيريون. ويقول أنه بعد هذه الألف سنة سيحدث فناء
للعالم وتحترق كل الأشياء عند الدينونة.

E كما ربط اريناؤس أسقف ليون (130 202م)، وتبعه فيما بعد كل من كوموديانوس (حوالي
250م) وفيكتورينوس الذي كتب أقدم تفسير لسفر الرؤيا (حوالي 280م) وكذلك أيضا
معاصره لاكتانيوس، بين الملك الألفي للسيد المسيح وبين الرأي القائل بأن عمر
العالم سبعة آلاف سنة فقط على أساس أن الله خلق الأرض في ستة أيام واستراح في
اليوم السابع، واليوم عند الله يساوى ألف سنة، لذا فالمسيح سيأتي بعد خليقة آدم
بستة آلاف سنة ويكون اليوم السابع أو الألف السابع هو يوم الراحة أو الملك الألفي
السعيد.

E وفى القرن الثالث عشر قال بهذا الرأي أيضا ابن
كاتب قيصر في تفسيره لسفر الرؤيا متأثرا بما قاله هؤلاء الآباء ولكنه سقط في خطأ
كبير وهو تحديده للزمن الذي سيأتي فيه الدجال السابق لمجيء المسيح وقال أنه سيأتي
في ختام الألف السابعة لخليقة العالم، ويرى أن العالم قد خلق قبل أيامه ب 6772 أي
سنة 6772 للعالم، وكتب هو تفسيره سنة 1271 للتجسد وبالتالي تمت مدة السبعة آلاف
سنة التي أفترضها سنة 1499م، وفشلت توقعاته والزمن الذي حدده لمجيء الدجال ونهاية
العالم.

 ولكن الأمر الذي يجب أن يلاحظ هو أن فكرة الملك الألفي الحرفي عند
هؤلاء الآباء تختلف كثيرا، بل وجوهريا، عن الفكر التدبيرى، حيث لم يتكلم هؤلاء
الآباء سوى عن ملك المسيح مع القديسين لمدة ألف سنة بعد القيامة من الأموات ولم
يعطوا تفصيلا أكثر من ذلك.

E ويرى المؤرخ الكنسي يوسابيوس القيصري المعاصر
لمجمع نيقية أن هذه الأفكار انتقلت إلى الأباء عن طريق بابياس أسقف هيرابوليس الذي
يصفه بأنه ” محدود الإدراك ” فيقول ” ويدون نفس الكاتب (أي بابياس)
روايات أخرى يقول أنها وصلته من التقليد غير المكتوب وأمثالا وتعاليم غريبة
للمخلص، وأمور أخرى خرافية. ومن ضمن هذه الأقوال انه ستكون فترة ألف سنة بعد قيامة
الأموات، وأن ملكوت المسيح سوف يؤسس على نفس هذه الأرض بكيفية مادية. وأظن أنه وصل
إلى هذه الآراء بسبب إساءة فهمه للكتابات الرسولية، غير مدرك أن أقوالهم كانت
مجازية. إذ يبدو أنه كان محدود الإدراك جداً كما يتبين من أبحاثه. وإليه يرجع
السبب في أن الكثيرين من آباء الكنيسة من بعده اعتنقوا نفس الآراء مستندين في ذلك
على أقدمية الزمن الذي عاش فيه، كإريناؤس مثلا وغيره ممن نادوا بآراء مماثلة

” (ك39: 3).

 :وقد
أختفي القول بالملك الألفي الحرفي بنهاية القرن الثالث بعد أن انتهت فترة الاضطهاد
وانتبهت إليه مدرسة الإسكندرية وتصدى له آباء مثل العلامة أوريجانوس والبابا
ديونسيوس الإسكندري في القرن الثالث الميلادي. ثم جاء القديس اوغسطينوس (354
430م) ودافع عن الملك الألفي الروحي وملكوت المسيح الذي بدأ على
الصليب، وأن الكنيسة في الحاضر هي ملكوت المسيح علي الأرض، وان المسيح يحكم الآن
مع قديسيه وأننا نجوز الآن قيامتنا الأولى غير المنظورة وان الموت الثاني، الجسدي،
لن يكون له سلطان علينا لأننا غلبنا الموت الأول، الخطية.

واعتبر أن كل من ينادي بالملكوت الألفي
دون أن يدري يلغي حقيقة هذا الملكوت الحاضر الذي أسسه
السيد المسيح علي الأرض.
وقال في كتابه ” مدينة الله “، ”
الألف هو مكعب العشرة، إذ أن حاصل العشرة مضاعفاً عشر مرات هو مائة أي المربع على
مستوى مسطح. إذا أعطى المسطح ارتفاعا ليصبح مكعبا، فالمائة تتضاعف عشر مرات، فيكون
الحاصل ألفا. زد على ذلك، إذا كانت المائة تستعمل أحيانا كناية عن الكل كما عندما
قال الرب على سبيل الوعد لمن ترك كل شئ وتبعه أنه ” سيأخذ مائة ضعف ”
(مت29: 19). وقال الرسول وكأنه يفسر هذا: ” لا شئ عندنا، ونحن نملك كل شئ
” (2كو10: 6) 000 فكم بالأولى أن يستخدم (الألف) كناية عن الكل، حيث أن
(الألف) هو المكعب، بينما أن (المائة) مربع فقط؟ ولهذا السبب عينه لا تجد تفسيرا
لكلمات المزمور ” ذكر إلى الدهر عهده كلاما أوصى به إلى (ألف) جيل ”
(مز8: 104) خيرا من فهمها على أنها إلى (كل) الأجيال ” (مدينة الله ج 20 ف7).

 ثم عاد التفسير الحرفي مرة أخري
للظهور بعد القرن السادس عشر مع حركة لوثر وظهور البروتستانتية، وانتشر بقوة في
القرنين 17و 18 في ألمانيا، وأنتشر

في القرن التاسع عشر بغزارة على يد
الأخوة البليموث، وخاصة جون داربى الذي يعاملون أفكاره بكل تبجيل ووقار! ومن أوربا
أنتقل إلى أمريكا وتمسك به قادة الادفنتيست وجعلوه عقيدتهم الأولى والعظمي، ومن
الادفنتست أنتقل إلى شهود يهوه وكل الفرق التي خرجت عنهم، مثل تلاميذ الفجر
الألفي، وجماعة المورمونس وغيرهم. وانتشر هذا التفسير في العالم هذه الأيام بغزارة
شديدة نتيجة لظهور دولة إسرائيل، التي أعلنت هذه التفاسير أنها لابد وأن تكون
موجودة في الملك الألفي ليقود المسيح العالم من خلالها، وإعلانها كدولة واعتراف
العالم بها وخوضها لعدة حروب مع العرب. وأخذوا يعلقون هذه الأحداث، وخاصة حرب
يونيو 1967م، بفكر يهودي غربي واعتبروا أن انتصار اليهود فيها هو بداية لهذا الملك
الألفي.

 

(2) الملك الألفي الحرفي لا يتفق مع التعليم الكتابي

والسؤال الجوهري الذي لا بد أن نسأله
هو هل يتفق فكر الملك الألفي الحرفي هذا مع بقية تعليم الكتاب المقدس عن المجيء
الثاني ونهاية العالم؟ والإجابة بالقطع لا:

1 لم يذكر السيد المسيح ولا تلاميذه ورسله
في كل أحاديثهم عن المجيء الثاني أي شئ عن الملك الألفي نهائياً سواء تصريحا
أو تلميحا
، لا من قريب ولا من بعيد، بل ولا يوجد آية أخرى أو نص آخر في كل
أسفار الكتاب المقدس بعهديه تشير أو تلمح إلى ذلك. فقد كان الحديث دائما عن المجيء
الثاني ثم الدينونة والمجازاة والمصير الأخروي في الحياة الأبدية أو الظلمة
الخارجية:

E قال السيد المسيح ” ومتى
جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده،
ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء،
فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار. ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا
مباركي أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم 000 ثم يقول أيضا للذين عن
اليسار اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته 000 فيمضي
هؤلاء إلى عذاب ابدي والأبرار إلى حياة أبدية
” (مت 31: 25-46 ؛ أنظر
الفصل الأول).

2 لم ترد هذه العقيدة مطلقاً في جميع قوانين إيمان
الكنيسة المسيحية في كل المسكونة،
بل أن قوانين الإيمان التى صدرت عن
جميع الكنائس الشرقية والغربية صرحت بمعارضتها ورفضها، كما لم ترد في أي من كتب
الصلوات والقداسات:

E فنقول في قانون الإيمان الذي تردده جميع
الطوائف الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية ” وأيضا يأتي في مجده
ليدين الأحياء والأموات 000 وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي آمين

“.

E ونصلى في القداس الكيرلسى
للقديس كيرلس عامود الدين ” وننتظر مجيئه الثاني الآتي من السماوات،
المخوف والمملوء مجداً في انقضاء هذا الدهر، هذا الذي يأتي فيه ليدين المسكونة
بالعدل، ويعطى كل واحد على حسب أعماله، إن كان خيراً أو كان شراً “.
كما
نصلى في القداس الذي للقديس أغريغوريوس الثيؤلوغوس ” أظهرت لي إعلان
مجيئك، هذا الذي تأتى فيه لتدين الحياء والأموات، وتعطى كل واحد على حسب أعماله

“.

3 هناك اختلاف شديد بين الذين آمنوا بهذه العقيدة
في القرون الثلاثة الأولى
وبين الذين آمنوا بها بدأ من
القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وحتى الآن، بل وهناك فروق كبيرة بين أصحاب الفكر
التدبيرى، بعضهم البعض، وبينهم وبين الفرق المنحرفة من أمثال شهود يهوه والسبتيين
والمورمونس الخ.

4 كما تتعارض هذه العقيدة مع كون المسيح ملك
الملوك ورب الأرباب وكونه الجالس على العرش
والذي يدير
كنيسته بوجوده معها وحضوره الدائم بلاهوته وبروحه القدوس، كما تتعارض مع قوله
مملكتي ليست من هذا العالم ” 00الخ.

5 لم ترد عبارة ” ملك ألف سنة
إلا في فقرة واحدة في سفر الرؤيا
(رؤ1: 20-10)، وسفر الرؤيا بطبيعته
سفر رؤى يستخدم التعبيرات الرمزية والمجازية، بل هو أكثر أسفار الكتاب المقدس في
رمزيته وأسلوبه المجازى، حيث يعتمد على الرمز والمجاز، ويُفسر معظم ما جاء به
بصورة رمزية، وهذه الفقرة، الخاصة بالملك الألفي، بالذات من أكثر الفقرات التى
أختلف حولها المفسرون عبر تاريخ الكنيسة! فكيف تُبنى عقيدة على فقرة واحدة لا توجد
أية آية أخرى تؤيدها، بل على العكس تماما، فكل ما جاء بالكتاب المقدس عن المجيء
الثاني يناقضها تماماً!!

 

2 المسيح ملكا

تنبأ اشعياء النبي منذ القديم أن
النسل الموعود والآتي، الذي سيأتي في ملء الزمان، سيكون ملكا، ولكن ليس مجرد ملك
بشرى عادى يحكم لمدة محدودة سواء كانت عشرات السنين أو حتى ألف سنة وإنما ملك أبدى
لا نهاية لملكه لأنه الإله القدير ” لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون
الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام
لنمو رياسته وللسلام لا نهاية على كرسي داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق
والبر من الآن إلى الأبد
” (اش 6: 9،7). كما سبق أن تنبأ داود النبي
والملك عن كونه، المسيح، رب الكل والجالس لا على عرش أرضى محدود بل على عرش
السماء، عن يمن الآب، على يمين عرش العظمة في السماء ” قال الرب لربي اجلس
عن يميني حتى أضع أعداءك موطئا لقدميك
” (مز1: 110). وأكد السيد المسيح
نفسه هذه الحقيقة في تكرار قوله ” وأيضا أقول لكم من الآن تبصرون ابن
الإنسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء
” (مت 26: 64؛مر62:
13؛لو69: 22). وقال القديس بطرس بالروح ” فيسوع هذا أقامه الله ونحن جميعا
شهود لذلك، وإذ ارتفع بيمين الله واخذ موعد الروح القدس من الآب سكب هذا
الذي انتم الآن تبصرونه وتسمعونه، لان داود لم يصعد إلي السماوات وهو نفسه يقول
قال الرب لربي اجلس عن يميني ” (أع32: 2-34). وأكد هذه الحقيقة أيضا بقية رسل
العهد الجديد في الآيات التالية:

“ها أنا (استفانوس) انظر السماوات مفتوحة
وابن الإنسان قائما عن يمين الله
” (أع 7:
55،56)، ”
من هو الذي يدين؟ المسيح هو الذي مات بل بالحري قام أيضا الذي هو أيضا عن
يمين الله
الذي أيضا يشفع فينا ” (رو8: 34)، ”
فان كنتم قد قمتم مع المسيح
فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن
يمين الله
“(كو3: 1)، ” جلس في يمين
العظمة في الأعالي
” (عب1: 3)، ” جلس
في يمين عرش العظمة في السماوات
” (عب 8:
1)،
” جلس إلى الأبد عن يمين الله ” (عب10: 12). ” فجلس في يمين عرش الله ” (عب12: 2)، ” الذي هو في
يمين الله
إذ قد مضى إلي السماء وملائكة وسلاطين وقوات
مخضعة له ” (1بط 3: 22).

 هو الآن جالس عن يمين العظمة في الأعالي يملك على
كنيسته ويثبت عملها

وذلك حسب وعده الذي وعد القائل ” لأنه
حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم
” (مت 18: 20)، وقوله قبل صعوده ” وها أنا
معكم كل الأيام إلي انقضاء الدهر آمين

(مت 28: 20). وحسب قوله أيضا ” وهذه الآيات تتبع المؤمنين يخرجون الشياطين
باسمي ويتكلمون بالسنة جديدة يحملون حيات وإن شربوا شيئا مميتا لا يضرهم ويضعون
أيديهم على المرضى فيبراون.
ثم أن الرب بعدما كلمهم ارتفع إلى
السماء وجلس عن يمين الله
. وأما
هم فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة
أمين
” (مر17: 16-20).

 ولأن المسيح هو ملك الملوك ورب الأرباب وملك الملكوت لذا يدعى ملكوت
الله أو ملكوت السماوات بملكوت المسيح والله ” فأنكم تعلمون هذا أن كل
زان أو نجس أو طماع الذي هو عابد للأوثان ليس له ميراث في ملكوت المسيح والله
” (أف 5: 5)، وملكوت ابن محبته ” الذي أنقذنا من سلطان الظلمة
ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته ” (كو1: 13)، وملكوت ربنا ومخلصنا يسوع
المسيح
” لأنه هكذا يقدم لكم بسعة دخول إلي ملكوت ربنا ومخلصنا يسوع
المسيح الأبدي
” (2بط1: 11)، وملكوت يسوع المسيح
” أنا يوحنا أخوكم وشريككم في الضيقة وفي ملكوت يسوع المسيح ” (رؤ1:
9). وملكوت المسيح، كما يقول الكتاب، ملكوت أبدى لا نهاية له ولا يمكن أن
يكون محدود بمدة محددة حتى ولو كانت ألف سنة ” سلطانه سلطان ابدي ما لن يزول
وملكوته ما لا ينقرض ” (دا14: 7).

 مما سبق يتأكد ويتبين لنا أن ملكوت المسيح هو ملكوت روحي أبدى ليس له
حدود معينة سواء في الزمان أو المكان، لذا فقد وصفه هو نفسه بقوله ” ملكوت
الله داخلكم
” (لو 17: 21)، كما قال القديس بولس ” لان ليس ملكوت
الله أكلا وشربا بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس
” (رو14: 17)، ونحن
نعيش هذا الملكوت الآن ” شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في
النور الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته
(كو1: 12، 13). فقد بدأ فينا بالفداء علي الصليب وسيستمر فينا بعد القيامة من
الأموات والحياة إلى الأبد في السماء.

 كان المسيح ملكا سماويا وقد تجسد وظهر على الأرض
ليكون ملكا سماويا يجلس
عن يمين العظمة في الأعالي إلى الأبد، وليس لفترة محدودة.
وكان هذا واضحاً في كل آيات الكتاب المقدس، فعندما بشر الملاك العذراء القديسة
مريم قال لها ” هذا يكون عظيما وابن العلي يدعى ويعطيه الرب الإله كرسي داود
أبيه
ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد ولا يكون لملكه نهاية ” (لو31: 1-33). ولما ولد أعلن الفلك عن ميلاده للمجوس
الذين جاءوا من المشرق ليسجدوا له، ليس كملك عادى وإنما كملك تحدثت عنه الأفلاك،
وبحثوا عنه ” قائلين أين هو المولود ملك اليهود فأننا رأينا نجمه في المشرق
وأتينا
لنسجد له
” (مت 2: 2). وعندما تحدث مع تلميذه نثنائيل
وكشف له بعض إسراره ” أجاب نثنائيل وقال له يا معلم
أنت ابن
الله أنت ملك إسرائيل
” (يو49: 1). وعندما
دخل أورشليم في الأسبوع الأخير دخل في موكب ملوكي مشيرا إلى ما سبق أن تنبأ به عنه
زكريا النبي وأستقبله الشعب باعتباره الملك الآتي ابن داود المنتظر، يقول الكتاب
” فكان هذا كله
لكي يتم ما قيل بالنبي القائل ؛ قولوا لابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك
وديعا راكبا على أتان وجحش ابن أتان
000
والجموع الذين تقدموا والذين تبعوا كانوا يصرخون قائلين أوصنا لابن داود
مبارك
الآتي باسم الرب
أوصنا في الأعالي ”
(مت1: 211-9).

 ولما وقف أمام بيلاطس الوالي الروماني ليحاكم كشف
بوضوح عن نوعية ملكه، ملكوته، يقول الكتاب ” فسأله الوالي قائلا اا
نت
ملك اليهود فقال له يسوع أنت تقول
” (مت27:
11)، ثم أضاف موضحاً أنه ليس ملكاً أرضياً جاء ليحكم على الأرض، إنما هو ملك سمائي
روحاني ” أجاب يسوع
مملكتي ليست من هذا العالم لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا اسلم إلي اليهود ولكن الآن ليست مملكتي
من هنا
” (يو 18: 36). فهو لم يأت لمجرد أن يملك
على العالم المادي، بل أنه هو أصلا ملك سماوي له السلطان على كل ما في السماوات
وما على الأرض وهو الذي يسجد له كل من في السماوات ومن على الأرض، كل ما في الكون،
ما يرى وما لا يرى لأنه
” رب الأرباب وملك الملوك ” (رؤ19: 14). وكما يقول الكتاب أيضاً ” رب
الكل
” (أع36: 10)، ومعبود العالمين ” لكي
تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض
“(في2: 10).

 

3 تقييد الشيطان ألف سنة

المسيح له السلطان الكامل على الكون كله:

 ولأن المسيح هو ملك الملوك ورب الأرباب فهو الذي له السلطان على كل
ما في السماوات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى ” فانه فيه خلق الكل ما في
السماوات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى سواء كان عروشا أم سيادات أم رياسات أم
سلاطين الكل به وله قد خلق، الذي هو قبل كل شيء و فيه يقوم الكل
(كو16: 1،17). فهو كما يقول الكتاب ” فوق كل رياسة وسلطان
وقوة وسيادة
وكل اسم
يسمى ليس في هذا الدهر فقط بل في المستقبل
أيضا واخضع
كل شيء
تحت قدميه وإياه جعل رأسا فوق كل شيء(1ف20:
1-22). يقول الكتاب ” فتقدم يسوع وكلمهم قائلا دفع إلى كل سلطان في
السماء وعلى الأرض
(مت 28: 18)، ” كل شيء قد دفع إلى من
أبى ”
(مت27: 11)، ” الآب يحب الابن وقد دفع كل شيء في يده
(يو35: 3). ولأنه صاحب السلطان على كل ما في الكون لذا أعطى
تلاميذه السلطان لشفاء المرضى وإقامة الموتى وإخراج الشياطين.. الخثم
دعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم سلطانا على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل
مرض وكل ضعف ”
(مت10: 1)، ” ودعا الاثني عشر وأبتدأ يرسلهم
اثنين اثنين وأعطاهم سلطانا على الأرواح النجسة ” (مر6: 7)،
وقال لهم ” اشفوا مرضى طهروا برصا أقيموا موتى اخرجوا شياطين مجانا أخذتم
مجانا أعطوا ”
(مت8: 10).

 وقد بدأ هذا الملكوت الروحي بتقييد الشيطان. والسؤال
الآن هو ؛ كيف قيد المسيح الشيطان بينما يحرض الإنسان دائماً على الخطية؟

يقول الكتاب أنه قيد الشيطان بإخراجه من البشر ” واخرج شياطين كثيرة ولم
يدع الشياطين يتكلمون لأنهم عرفوه
” (مر1: 34)، وأعطى تلاميذه ورسله
والكنيسة السلطان لإخراجه ” اشفوا مرضى طهروا برصا أقيموا موتى اخرجوا
شياطين مجانا أخذتم مجانا أعطوا
” (مت10: 8)، ” فرجع السبعون بفرح
قائلين يا رب حتى الشياطين تخضع لنا باسمك. فقال لهم رأيت الشيطان ساقطا مثل
البرق من السماء.ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا
يضركم شيء
” (لو22: 31،32). كما قيده بعد أن سحقه على الصليب حسب وعد
الله القائل للحية ” وأضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها هو
يسحق رأسك
وأنت تسحقين عقبه ” (تك15: 3)، حيث يقول الكتاب ”
واله السلام سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعا نعمة ربنا يسوع المسيح
معكم آمين ” (رو16: 20)، ” فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك
هو أيضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس،
ويعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعا كل حياتهم تحت العبودية

(عب14: 2،15). كما قيده أيضا بأن أعطى لنا السلطان عليه بالصليب أيضا ” ولكن
لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم بل افرحوا بالحري أن أسماءكم
كتبت في السماوات ” (لو19: 10)، ونقلنا من سلطان الشيطان إلى سلطانه

هو بعد أن هزمه ” إذ محا الصك الذي علينا في الفرائض الذي كان
ضدا لنا وقد رفعه من الوسط مسمرا إياه بالصليب ” (كو2: 14)،
” لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلي نور ومن سلطان الشيطان إلي الله
حتى ينالوا بالإيمان به غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين
” (أع26: 18).

 

4 القيامة الأولى والقيامة الثانية

يتحدث الكتاب عن قيامتين ؛ الأولى ويسميها قيامة
الحياة، والثانية ويسميها القيامة من الأموات. وعلى عكس ما يقول
أصحاب الفكر
التدبيرى، يؤكد لنا الكتاب أن القيامة الأولى هي قيامة روحية، قيامة من موت الخطية
كما قيل عن الابن الضال ” لان ابني هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد ”
(لو15: 24). وكما قال القديس بولس ” وأقامنا معه أجلسنا معه في السماويات
” (أف 2: 4- 6)، ” وانتم إذ كنتم أمواتا بالذنوب والخطايا التي
سلكتم فيها قبلا حسب دهر هذا العالم حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن
في ابناء المعصية ” (أف1: 2،2)، ” استيقظ أيها النائم وقم من الأموات
فيضئ لك المسيح
” (أف 5: 11- 14). هذه القيامة الأولى، أي القيامة
الروحية من موت الخطية، يحياها المؤمن مع المسيح بحسب قوله ” الحق الحق أقوال
لكم إنه تأتي ساعة وهي الان حين يسمع الأموات (بالروح) صوت ابن الله والسامعون
يحيون
” (يو 5: 25). يقول الكتاب ؛ ” لان ناموس روح الحياة في
المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية والموت ” (رو8: 2)،
لان اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام
(رو8: 6)، ” وان كان المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطية وأما الروح فحياة
بسبب البر ” (رو8: 10).

 الكتاب إذا يقصد بالقيامة الأولى القيامة الروحية، أما القيامة
الثانية فهي القيامة العامة التي سيقوم فيها جميع الأموات في اليوم الأخير فيقول
سيسمع جميع من في القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلي قيامة
الحياة والذين فعلوا السيئات إلى قيامة الدينونة
” (يو5: 28، 29 ؛ أنظر
الفصل الأول).

 ويعنى قول الكتاب بأصحاب القيامة الأولى هؤلاء الذين ليس للموت
الثاني سلطان عليهم، ليس للموت الأبدي، الهلاك الأبدي سلطان، عليهم، بل وسيواجه
هؤلاء الأبرار هذا الموت الثاني بالقول ” أين شوكتك يا موت أين غلبتك يا
هاوية
” (1كو15: 55). لأن شوكة الموت هي الخطية التي مُحيت في دم المسيح،
وغلبة الهاوية زالت بموته على الصليب. أما الأشرار، أو الأموات روحيا فهم الذين
سيجتازون هذا الموت الثاني ” وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون
والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة
بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني
” (رؤ 21: 8).

 

 وأخيراً
فخير ما نختم به هذا الكتاب هو قول الرب يسوع المسيح في آخر آيات السفر الأخير من
كلمة الله ” وها أنا آتى سريعا وأجرتي معي لأجازى كل واحد كما يكون عمله.
أنا الألف والياء البداية والنهاية الأول والأخر، طوبى للذين يصنعون وصاياه لكي
يكون سلطانهم على شجرة الحياة ويدخلوا من الأبواب إلي المدينة، لان خارجا الكلاب
والسحرة والزناة والقتلة وعبدة الأوثان وكل من يحب ويصنع كذبا. أنا يسوع أرسلت
ملاكي لأشهد لكم بهذه الأمور عن الكنائس أنا اصل وذرية داود كوكب الصبح المنير.
والروح والعروس يقولان تعال ومن يسمع فليقل تعال ومن يعطش فليأت ومن يرد فليأخذ
ماء حياة مجانا 000 يقول الشاهد بهذا نعم أنا آتى سريعا آمين تعال أيها الرب يسوع.
نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم آمين “
(رؤ 22).

 

 

(1) The Syriac
Apocalypse of Paruch-The Apocryphal OT. P884,5
أنظر أيضا المجيء الثاني للمسيح ونهاية العالم ص 197,198).

(2) (‍1Enoch , Apoc. P.196,197)

(3) (أنظر Apoc.OT.p,530,549,593)

(4) Millennialism:
Competing Theories

(5) The
Biblical Truth About The Millennium

(6) History
Of Millennialism

(7) The
Millennium Kingdom

(8) Millennium
Prophecy

(9) Origion
of the Millennial Doctrine

(10) The
Millennium

(11) King
is Coming

(12) The
Two Resurrections

(13) Will
There Be An Earthly Reign of Christ

(14) What is the 1000 Year Reign of
Christ

(15) الأنبا غريغوريوس ” المجيء الثاني الحكم الألفي القيامة الأولى القيامة العامة “.

(16) د. ق إكرام لمعي ” هل يملك المسيح على الأرض؟ “.

(17) د. سعيد سليم سلامه ” الطريق الحق للحياة “.

(18) دار الثقافة ” دائرة المعارف الكتابية “.

(19) د. ق مكرم نجيب ” المجيء الثاني للمسيح ونهاية التاريخ
“.

(20) القس حمدي صادق ” أشهر النبوات “.

(21) د. ق منيس عبد النور ” مجيء المسيح الثاني وسوابقه التاريخية
“.

(22) مجموعة كبيرة من تفاسير سفر الرؤيا.

(23) القس صموئيل مشرقي ” القيامة رجاء البشرية في الخلود. [i]

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى