كتب

الفصل الأول



الفصل الأول

الفصل الأول

البدع والهرطقات

لماذا وكيف ظهرت في فجر المسيحية؟

 

1 – ما معنى الهرطقات
والبدع؟

كلمة هرطقة هي كلمة
يونانية “
αίρεσις Hairesis ” من الفعل ” haireomai αρέομαι “، ويعني يختار –
choose “
، ومعناها اختيار،
وقد استخدمت للتعبير عن المدارس الفكرية الهيلينية، اليونانية، كما استخدمت في
العهد الجديد بمعنى ” شيعه، مذهب، بدعة ” وذلك للتعبير عن الجماعات
اليهودية مثل ” شيعة (
αίρεσις) الصدوقيين ” (أع17: 5) و ” مذهب (αίρέσεως) الفريسيين ” (أع5: 15؛ أنظرأع5: 26). وقد استخدمها المؤرخ
والكاهن اليهودي يوسيفوس المعاصر لتلاميذ المسيح (35-100م) بهذا المعنى والوصف
وطبقها على المذاهب اليهودية التي كانت سائدة في عصره وهي الفريسيين والصدوقيين
والآثينيين(1).
كما استخدمت من وجهة نظر اليهود لوصف الجماعة المسيحية في أيامها الأولى والتي
نُظروا إليها كجماعة خارجة من اليهودية ومن ثم دُعيت ب ” الطريق الذي يقال له
شيعة
(αίρεσιν) ” (أع14: 24) و ” مذهب (αίρέσεως) يقاوم في كل مكان ” (أع22: 28)، كما وُصف القديس بولس ب
” مقدام شيعة
(αίρέσεως) الناصريين ” (أع5: 24).

واستخدمت في الكنيسة
الأولى بمعنى ” بدعة (بدع
αίρεσεις) ” (غل20: 5)، لوصف الجماعات التي خرجت عن التسليم
الرسولي وتعاليم الكنيسة “
الإيمان المسلّم مرة للقديسين
(يه3)، والذين وُصفوا بأصحاب ” البدع
(αίρεσεις) ” (1كو19: 11)، والذين يقول عنهم القديس بطرس أنهم معلمون
كذبة ”
الذين يدسّون بدع (αίρεσεις) هلاك وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون
على أنفسهم هلاكا سريعا “
(2بط1: 2).

وشاع بعد ذلك تعبير
هراطقة للتعبير عن أصحاب البدع والهرطقات التي خرجت عن المسيحية وصار لهم فكرهم
الخاص. وقد استخدم القديس إيريناؤس هذه التعبير بكثرة عن أصحاب البدع والهرطقات
الذين خرجوا عن التعليم المسيحي المسلم مرة من الرب يسوع المسيح نفسه للرسل
وخلفائهم في تسلسل رسولي كان معروفا للجميع، وأدعى هؤلاء الهراطقة لأنفسهم كتباً
سرية نسبوها للرسل وزعموا أن المسيح أعطاها لكل واحد منهم، ممن نسبوا لهم أناجيل
أو رؤى أو أعمال، سراً!!! ورد عليهم في كتابه ضد الهرطقات (
Contra Haereses Against
Heresies
). ويقول العلامة ترتليان
(155-220م) ” لأنهم هراطقة فلا يمكن أن يكونوا مسيحيين حقيقيين لأنهم
حصلوا على ما أتبعوه ليس من المسيح بل باختيارهم الخاص، ومن هذا السعي جلبوا على
أنفسهم وقبلوا اسم هراطقة. وهكذا فلكونهم غير مسيحيين لم ينالوا أي حق في الأسفار
المسيحية المقدسة؟ ومن العدل أن نقول لهم ” من أنتم؟ من أين ومتى جئتم؟
ولأنكم لستم منا ماذا تفعلون بما هو لنا؟ حقاً، بأي حق يا مركيون تقطع خشبي؟ ومن
الذي سمح لك يا فالنتينوس أن تحول مجاري نبعي؟ “(2).

2 – أصل الهرطقات
والبدع وكيفية انتشارها:

لماذا نشأت الهرطقات
والبدع في المسيحية أصلا؟

1 – بسبب الخلط بين
الإيمان المسيحي والفكر اليهودي الغير مهيأ لقبول المسيح كفادي البشرية ومخلصها
وملك ملكوت السموات والذي توقع مسيح يملك ويسود على العالم سياسيا ويجعل من اليهود
سادته، وبالتالي رأى في المسيح يسوع مجرد نبي مثل سائر أنبياء العهد القديم، وأن
كانوا قد رفعوه إلى درجة الألوهية المكتسبة وقالوا أنه رئيس الملائكة، ولكنه ليس
هو المسيح الذي يحقق الطموحات والأحلام اليهودية السياسية!! وهذا تبلور في الهرطقة
الأبيونية.

2 – الخلط بين الإيمان
المسيحي والفكر الغنوسي (المحب للمعرفة) الوثني والذي نادى بأن المادة شر وبالتالي
لا يمكن للمسيح الإله أن يتجسد ويتخذ من هذه المادة، الشر، جسداً، أو يتحد بها!
ومن ثم قالوا أن المسيح ظهر في شبه الجسد وهيئة الإنسان دون أن يكون إنساناً حقيقياً
ودون أن يكون له جسداً حقيقياً! وهذا ظهر في الغنوسية المسيحية.

3 – الخلط بين الإيمان
المسيحي والفكر الفلسفي اليوناني، خاصة الأفلاطوني، والذي لم يتصور أن الله يمكن
أن يخلق المادة أو يتخذ منها جسداً ومن ثم قالوا أن الله خلق الكلمة اللوجوس،
المسيح، قبل خلقة الكون، من جوهر شبيه بجوهر الله الآب، وأعطاه سلطاناً أن يخلق
الكون ويدبره، ولما أخطأت البشرية صار الكلمة نفسه جسداً بمعنى تحول إلى الإنسانية،
دون أن يتخذ جسداً من هذه الإنسانية، وفداها على الصليب ثم عاد لملكوته من جديد!

4 – قوة شخصية قادة
الهراطقة الذين لم يكونوا، جميعهم، بالضرورة من الأذكياء والمتعلمين بدرجة كبيرة،
بل كانوا يتميزون بقوة الإرادة والجراءة الكبيرة في إعلان أفكارهم، كما كانوا
يتميزون بالمقدرة الجدلية الكبيرة للإقناع بأفكارهم وجمع الناس حولهم، حتى نسبت
أفكارهم الهرطوقية بأسمائهم.

5 – ملائمة الفكر
الهرطوقي وتكيفه مع الأحوال الاجتماعية والسياسية وملاءمته للعقليات المعاصرة له.

ولم يكن لهرطقات القرون
الثلاثة الأولى موطئ قدم في الكنيسة المسيحية الأولى فقد ولدت ونمت، في معظمها،
خارج الكنيسة وانحصرت في دوائر صغيرة وقليلة جداً، خارج الكنيسة أيضا، وانتهت قبل
نهاية القرن الرابع. وكانت الهرطقة الأولى التي كان لها موطئ قدم داخل الكنيسة هي
الهرطقة الأريوسية. التي استخدمت الأفكار الفلسفية لتوفق بين كون المسيح كلمة الله
(اللوجوس) وبين الآب.

والسؤال الآن هو؛ كيف
نشأت البدع الهرطقات في المسيحية خاصة في القرنين الأول والثاني؟
وكيف
تعامل معها تلاميذ المسيح ورسله وتلاميذهم من الآباء ا
لرسوليين
ومدافعوا الكنيسة الأولى؟

2 – انتشار المسيحية في
العالمين اليهودي والوثني:

 بعد صعود الرب يسوع
المسيح إلى السماء وحلول الروح القدس على التلاميذ بدءوا الكرازة في العالم أجمع
كما أوصاهم الرب نفسه قائلا ” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم
الآب والابن والروح القدس
” (مت19: 28). وكان عليهم أن يواجهوا العالمين،
اليهودي الذي يؤمن بإله واحد ولا يعرف شيئاً عن التعدد في الذات الإلهية لله
الواحد، وذلك على الرغم من الإشارات الكثيرة الموجودة في أسفار العهد القديم والتي
تتكلم عن روح الله القدوس وعن كلمة الله الخالقة. لكنهم لم يفهموا ذلك، وأنقسم
اليهود، في نظرتهم للرب يسوع المسيح إلى ثلاث فئات؟

(1) الأولى رفضت
الإيمان نهائيا وقاومت المسيحية في كل مكان مقاومة حتى الدم
.

(2) والثانية هي التي
تتلمذت على يدي الرب يسوع المسيح نفسه وآمنت به كالإله المتجسد وصارت مسيحية بمعنى
الكلمة، وكما تسلمت التعليم من الرب نفسه ” لأنني تسلمت من الرب ما سلمتكم
” (1كو23: 11). ومن هذه الفئة خرج المسيحيون الأول الذين حملوا البشارة
بالإنجيل للعالم أجمع.

(3) والثالثة، آمنت
بالمسيحية واليهودية في آن واحد! بمعنى أنها احتفظت بكل عوائد وتقاليد ونواميس
اليهودية والتي كانت رموزا وظلالاً للعهد الجديد كما يقول الكتاب ” فلا
يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت، التي هي ظل الأمور
العتيدة
” (كو16: 2، 17)، وحفظوا السبت واحتفلوا مع المسيحيين بالأحد!!
ونظر بعضهم للمسيح كابن الله (الناصريين)، ونظر البعض الأخر للمسيح كنبي مثل موسى
ولكنهم آمنوا بأنه مخلوق أعظم من جميع الأنبياء وأعظم من الملائكة ورؤساء الملائكة
(الأبيونيين).

 كما واجهت
المسيحية الفلسفات اليونانية والديانات الوثنية بفئاتها المختلفة والتي تؤمن
بمجموعات عديدة من الآلهة. فآمن عدد كبير من هذه الفئة بالمسيحية ببشارة الرسل كما
جاء في الكتاب المقدس، ولكن فئات قليلة منها، خاصة من أصحاب الفكر الغنوسي السابق
للمسيحية، خلطت بين أفكارها السابقة وبين المسيحية واعتبرت الرب يسوع المسيح كواحد
من آلهتهم العديدة، وقالوا أنه جاء للعالم في شبه جسد ولم يتخذ جسدا حقيقياً إنما
مجرد مظهر الجسد!! وفي الوقت نفسه واجهت المسيحية القوة العاتية للإمبراطورية
الرومانية، والتي اتهمتها بمعاداة الدولة الرومانية وعدم الولاء للأباطرة الرومان
لإيمان المسيحيين بملك آخر هو يسوع المسيح!!

 وقد أستخدم
هؤلاء الهراطقة كل أسفار العهد الجديد أو بعض منها ولكنهم كتبوا الكثير من الكتب
الأخرى على غرار أسفار العهد الجديد وأسموها أناجيل أو أعمال للرسل أو رسائل أو
رؤى مثل رؤيا القديس يوحنا ونسبوا بعضها للرسل كما نسب البعض الآخر لكتابها الذين
كتبوها!!

 

 ولذا فقد
كان على الرسل وخلفائهم من بعدهم مواجهة كل هؤلاء؟ اليهودية والوثنية والإمبراطور
الروماني من جهة، والهراطقة، أصحاب البدع الذين خلطوا بين المسيحية واليهودية أو
بين المسيحية والوثنية وتفنيد كتبهم التي أسموها بأسماء أسفار العهد الجديد وكشف
زيفها وتحريمها من جهة أخرى. وكان أول من بدأ في مقاومة هذه الهرطقات والبدع هو
القديس يوحنا الرسول ثم تلاه أغناطيوس الإنطاكي تلميذ بطرس الرسول فيوستينوس
الشهيد وإيريناؤس 00الخ.

 وسنناقش المسيحية
اليهودية والهرطقة الأبيونية في الفصل التالي وسنناقش الدوسيتية والغنوسية في
الجزأين الثاني والثالث. ولكن سنقدم هنا نبذة سريعة عن الدوسيتية والغنوسية حتى
يكون حديثنا في الفصول التالية واضحاً.

(1) الدوسيتية – Docetism:

 الدوسيتية
كما جاءت في اليونانية ”
Doketaiδοκεται “، من التعبير
dokesisδοκεσις ” والفعل δοκέω – dokeō “ ” والذي يعني ”
يبدو –
to seem “، ” يظهر “، ” يُرى “، وتعني الخياليةPhantomism، وهي هرطقة ظهرت في القرن
الأول، في عصر رسل المسيح وتلاميذه، وقد جاءت من خارج المسيحية، وبعيداً عن
الإعلان الإلهي، وخلطت بين الفكر الفلسفي اليوناني، الوثني، والمسيحية وقد بنت
أفكارها على أساس أن المادة شر، وعلى أساس التضاد بين الروح وبين المادة التي هي
شر، في نظرها، ونادت بأن الخلاص يتم بالتحرر من عبودية وقيود المادة والعودة إلى
الروح الخالص
للروح السامي، وقالت أن الله، غير مرئي وغير معروف وسامي وبعيد
جدا عن العالم، ولما جاء المسيح الإله إلى العالم من عند هذا الإله السامي ومنه،
وباعتباره إله تام لم يأخذ جسدا حقيقيا من المادة التي هي شر لكي لا يفسد كمال
لاهوته، ولكنه جاء في شبه جسد، كان جسده مجرد شبح أو خيال أو مجرد مظهر للجسد، بدا
في شبه جسد، ظهر في شبه جسد،، ظهر كإنسان، بدا كإنسان، وبالتالي ظهر للناس وكأنه
يأكل ويشرب ويتعب ويتألم ويموت، لأن الطبيعة الإلهية بعيدة عن هذه الصفات البشرية.
بدا جسده وآلامه كأنهما حقيقيان ولكنهما في الواقع كانا مجرد شبه(3).

 ولم يكونوا مجرد جماعة
واحدة بل عدة جماعات، فقال بعضهم:

1 – أن الأيونAeon، إي الإله، المسيح، جاء في شبه جسد حقيقي.

2 – وأنكر بعضهم اتخاذ
أي جسد أو نوع من البشرية على الإطلاق. أي كان روحاً إلهياً وليس إنساناً فيزيقياً(4).

3 – وقال غيرهم أنه
اتخذ جسدا نفسيا
Psychic، عقليا، وليس ماديا.

4 – وقال البعض أنه
اتخذ جسداً نجمياً
Sidereal.

5 – وقال آخرون أنه
اتخذ جسدا ولكنه لم يولد حقيقة من امرأة(5).

 وجميعهم لم يقبلوا
فكرة أنه تألم ومات حقيقة، بل قالوا أنه بدا وكأنه يتألم وظهر في الجلجثة كمجرد
رؤيا.

 وكان أول من استخدم
تعبير الدوسيتية ”
Doketaiδοκεται ” هو سيرابيون أسقف إنطاكية (190 – 203م) في معرض حديثه عن
إنجيل بطرس الأبوكريفي (6)،
المنحول والمزور، ويقول عنه وعنهم ” لأننا حصلنا على هذا الإنجيل من أشخاص
درسوه دراسة وافيه قبلنا، أي من خلفاء أول من استعملوه الذين نسميهم دوكاتي ”
Doketaiδοκεται “، (لأن معظم آرائهم تتصل بتعليم هذه العقيدة، فقد استطعنا
قراءته ووجدنا فيه أشياء كثيرة تتفق مع تعاليم المخلص الصحيحة، غير أنه أضيف إلى
تلك التعاليم إضافات أشرنا إليها عندكم “(7).

 كما أشار إليهم القديس
أغناطيوس الإنطاكي (35 – 107)، وحذر المؤمنين من أفكارهم الوثنية قائلا: ” إذا
كان يسوع المسيح – كما زعم الملحدون الذين بلا إله – لم يتألم إلا في الظاهر، وهم
أنفسهم ليسوا سوى خيالات (بلا وجود حقيقي) فلماذا أنا مكبل بالحديد
(8)، ” وهو إنما
أحتمل الآلام لأجلنا لكي ننال الخلاص، تألم حقا وقام حقا، وآلامه لم تكن خيالا،
كما أدعى بعض غير المؤمنين، الذين ليسوا سوى خيالات
(9)، ” لو أن
ربنا صنع

 

ما صنعه في الخيال لا
غير لكانت قيودي أيضا خيالا
(10).

 كما ذكرهم أيضا القديس
أكليمندس الإسكندري مدير مدرسة الإسكندرية اللاهوتية سنة 216م وذكر مؤسسهم، كجماعة،
في القرن الثاني بالقول أن شخصاً معيناً هو جولياس كاسيانوس (
Julias Cassianus) مؤسس الخيالية(11).
ويصفهم العلامة هيبوليتوس (استشهد سنة 235م) باعتبارهم فرقة غنوسية(12). وقال القديس
جيروم (متوفى سنة 420م) عن بداية ظهور فكرهم بأسلوب مجازي أنه ” بينما كان
الرسل أحياء وكان دم المسيح لا يزال ساخناً (
Fresh)
في اليهودية، قيل أن جسده مجرد خيال(13).

(2) الغنوسية Gnosticism:

 وفي نفس الوقت كان
هناك جماعة أخرى هي جماعة الغنوسية وهي حركة وثنية مسيحية ترجع جذورها إلى ما قبل
المسيحية بعدة قرون. وكان أتباعها يخلطون بين الفكر الإغريقي – الهيلينتسي – والفكر
المصري القديم مع التقاليد الكلدانية والبابلية والفارسية (خاصة الزردشتية التي
أسسها الحكيم الفارسي ذردشت (630-553 ق م)، والتي تعتمد على ثنائية الخير والشر،
النور والظلمة، وكذلك اليهودية، خاصة فكر جماعة الأثينيين (الأتقياء) وما جاء في
كتابهم ” الحرب بين أبناء النور وأبناء الظلام “، والفلسفات والأسرار
والديانات الثيوصوفية(14).
وفوق ذلك الفلسفة الأفلاطونية، فلسفة وفكر أفلاطون (427 – 347 ق م)، الذي تأثرت به
كثيراً وأخذت عنه أفكارها الجوهرية عن الإله غير المدرك والكون، والتي كانت منتشرة
في دول حوض البحر المتوسط في القرن الأول. وكان الفيلسوف اليهودي فيلو من أكثر
مناصريها، فقد أعتقد، أفلاطون، أن الله غير مدرك ولا يتصل بالمادة، وأن هناك قوة
سامية ” اللوغوس –
λόγος
– logos
” التي خلقت العالم
المادي، وهو كلمة الله أو عقل الله “. وأن البشر يصارعون من أجل التحرر من
سجن الجسد، وانه يمكن إعادة التجسد (التناسخ – أي تعود الروح في أجساد أخرى أكثر
من مرة –
Reincarnation) لأولئك الذين لم يتحرروا بالموت. بل ويرى بعض العلماء أن كل أصول
الغنوسية موجودة عند أفلاطون(15)
لذا يقول العلامة ترتليان ” أنا أسف من كل قلبي لأن أفلاطون صار منطلق كل
الهراطقة
(16).

 ومعنى الغنوسية
” حب المعرفة ” ومنها ”
Gnostic – غنوسي – محب المعرفة ” من كلمة ” ςισωνγ
gnosis ” التي تعني ” معرفة “. وهي عبارة عن مدارس وشيع
عديدة تؤمن بمجموعات عديدة من الآلهة. وكانت أفكارهم ثيوصوفية سرية. ولما ظهرت
المسيحية خلط قادة هذه الجماعات بين أفكارهم، وبين بعض الأفكار المسيحية التي تتفق
معهم!! وتتلخص أفكارهم في الآتي:

(1)
الإيمان بإله واحد مطلق غير مدرك ولا معروف وأسمى من أن يعرفه مخلوق ما، فهو روح
محض ومطلق، هذا الكائن عرفوه بأسماء كثيرة أهمها ” البليروما –
πληρωμα ” والذي يعني الملء ويشير إلى قدرات هذا
الإله الكلية. وقد ترجمت كلمة بليروما في الرسالة إلى كلوسي ب ” ملء اللاهوت
“؛ ” الذي فيه (المسيح) يحل كل ملء اللاهوت جسديا ” (2: 9)، كما
أسموه أيضاً ” بيثوس –
ΒυθοςBythos “، العمق.

(2) هذا
الإله، يقولون، أنه انبثق منه، بثق من ذاته،
أخرج من ذاته، خرج منه بالانبثاق عدد لا يحصى من الكائنات الإلهية، أو القوات
الروحية ذات الأنظمة المختلفة التي أسموها بالأيونات (
αιωνοςAeons) والتي توالت في الانبثاق من ذاتها إلى ما لا
نهاية.

أو كما قالت الكثير من فرقهم أن هذا الإله بثق من ذاته 365 ايون وكل أيون بثق من
ذاته 365 وهكذا كل واحد بثق من ذاته 365 على ما لا نهاية!!! هذه القوات المنبثقة
من الإله السامي، والتي انبثقت من الأيونات نفسها، كان لها أنظمة مختلفة وأسماء
مختلفة وتصنيفات وأوصاف مختلفة(17).
ومن ثم فقد آمنوا بمجموعة كبيرة من الآلهة.

(3) وقالوا
بالوجود السابق
للمادة، وأن هذا الإله السامي والصالح لم يخلق المادة التي
كانت موجودة، بحسب الفكر الأفلاطوني سابقا، بل أخرج، انبثق من ذاته، العالم الروحي
المكون من هذه الأيونات، وتكون هذه الأيونات مع الإله السامي البليروما (
Pleroma)، أو الملء الكامل، دائرة الملء الإلهي. وأن هذا الإله السامي
الذي أخرج العالم الروحي من ذاته لم يخلق شيئاً. فهم
يؤمنون بأزلية المادة.

(4) ومن هذه الأيونات
قامت الحكمة، صوفيا (
ΣoφíαSophia)، التي بثقت، أخرجت، من ذاتها كائناً واعياً، هو الذي خلق المادة
والعوالم الفيزيقية، وخلق كل شيء على صورته، هذا الكائن لم يعرف شيئاً عن أصوله
فتصور أنه الإله الوحيد والمطلق، ثم أتخذ الجوهر الإلهي الموجود وشكله في أشكال
عديدة، لذا يدعى أيضا بالديميورج (
Demiurge)، أي نصف الخالق. فالخليقة مكونة من نصف روحي لا يعرفه هذا
الديميورج، نصف الخالق ولا حكامه(18).

ومن هنا فقد آمنوا أن
الإنسان مكون من عنصرين عنصر إلهي المنبثق من الجوهر الإلهي للإله السامي ويشيرون
إليه رمزيا بالشرارة الإلهية، وعنصر مادي طبيعي فان
ي. ويقولون
أن البشرية بصفة عامة تجهل الشرارة الإلهية التي بداخلها بسبب الإله الخالق الشرير
وارخوناته (حكامه). وعند الموت تتحرر الشرارة الإلهية بالمعرفة، ولكن أن لم يكن
هناك عمل جوهري من المعرفة تندفع الروح، أو هذه الشرارة الإلهية، عائدة في أجساد
أخرى داخل الآلام وعبودية العالم(19).

وأعتقد بعضهم بالثنائية
(
Dualism) الإلهية أي بوجود إلهين متساويين في القوة في الكون؟ إله الخير،
الذي خلق كل الكائنات الروحية السمائية، وإله الشر الذي خلق العالم وكل الأشياء
المادية!! وربطوا بين إله الشر وإله العهد القديم!! وقالوا أن المعركة بين الخير
والشر هي معركة بين مملكة النور ضد مملكة الظلمة!!

 وأعتقد بعضهم أن إله
الخير خلق الروح وقد وضعها إله الشر في مستوى أدني في سجن الجسد المادي الشرير.
وهكذا فأن هدف البشرية هو الهروب من سجن الجسد المادي الشرير والعودة إلى اللاهوت
أو التوحد مع إله الخير!! وقد فهموا خطأ قول القديس بولس بالروح ” إذا أن كنتم
قد متم مع المسيح عن أركان العالم فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض

لا
تمسّ ولا تذق ولا تجس. التي هي جميعها للفناء في الاستعمال حسب وصايا وتعاليم الناس.
التي لها حكاية حكمة بعبادة نافلة وتواضع وقهر الجسد ليس بقيمة ما من جهة إشباع البشرية
” (كو20: 2-23).

 وآمن بعضهم بوجود
مستويات روحية مختلفة للكائنات البشرية، وقالوا بالاختيار السابق وزعموا أن أصحاب
المستوى الروحي الأعلى ضامنون الخلاص مستخدمين قول القديس بولس بالروح ” لان
الذين سبق فعرفهم سبق فعيّنهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه ليكون هو بكرا بين اخوة كثيرين.
والذين سبق فعيّنهم فهؤلاء دعاهم أيضا. والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضا. والذين بررهم
فهؤلاء مجدهم أيضا
” (رو29: 8-30). وأن أصحاب المستوى الروحي المنخفض ليس
لهم خلاص، أما الذين في المنتصف فعليهم أن يجاهدوا للخلاص!!

 وآمنوا أنه يوجد حق
مُعلن في جميع الأديان. والخلاص بالنسبة لهم ليس من الخطية بل من جهل الحقائق
الروحية التي يمكن الوصول إليها بالمعرفة التي جاءت عن طريق رسل، خاصة المسيح كلمة
(اللوجوس –
λογοςLogos) الإله الحق. وليس بآلامه وتقديم ذاته للموت بل بتعليمه وكشفه
للأسرار ومفهوم الخلاص. فالخلاص، من وجهة نظرهم، يتم فقط من خلال المعرفة (
gnosis)، ومن ثم خلطوا بين أفكارهم القديمة وفهمهم الخاطئ لقول القديس
يوحنا بالروح ” وتعرفون الحق والحق يحرركم ” (يو32: 8) وأيضا
” كان إنسان مرسل من الله اسمه يوحنا. هذا جاء للشهادة ليشهد للنور لكي يؤمن الكل
بواسطته.
لم يكن هو النور بل ليشهد للنور. كان النور الحقيقي
الذي ينير كل إنسان آتيا إلى العالم. كان في العالم وكوّن العالم به ولم يعرفه العالم.
إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله. وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد
الله أي المؤمنون باسمه. الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل
بل من الله
” (يو6: 1-13).

 وقالوا أن المسيح قد
كشف المعرفة الضرورية للخلاص. ولذا فقد نادوا بوجود مجموعة من التعاليم السرية
الخاصة جداً والتي زعموا أن المسيح قد كشفها وعلمها لتلاميذه ربما لسوء فهمهم
لآيات مثل ”
وبأمثال كثيرة مثل هذه كان يكلمهم حسبما كانوا يستطيعون
أن يسمعوا. وبدون مثل لم يكن يكلمهم. وأما على انفراد فكان يفسر لتلاميذه كل شيء

(مر33: 4-34) و”
لكننا نتكلم بحكمة بين الكاملين ولكن بحكمة ليست من هذا
الدهر ولا من عظماء هذا الدهر الذين يبطلون. بل نتكلم بحكمة الله في سرّ. الحكمة المكتومة
التي سبق الله فعينها
قبل الدهور لمجدنا ” (1كو6: 6-8)(19).

 ومن ثم زعموا وجود
مجموعة من التعاليم السرية التي كتبوها في كتب ونسبوها لرسل المسيح وتلاميذه
وبعضهم نسب لقادتهم وذلك اعتمادا على ما جاء في الإنجيل للقديس يوحنا ” وآيات
أخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا
أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه ” (يو30: 20و31)،
و” وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع أن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه
يسع الكتب المكتوبة ” (يو25: 21)(20).
يقول القديس إيريناؤس أسقف ليون بالغال (فرنسا حاليا) ” أولئك الذين يتبعون
فالنتينوس (ق2م) يستخدمون الإنجيل للقديس يوحنا بوفرة لشرح أفكارهم التي سنبرهن
أنها خاطئة كلية بواسطة نفس الإنجيل “(21).

واعتقدوا في المسيح
اعتقادات كثيرة، أهمها:

1 – اعتقاد الدوستية (Docetism) القائل أن المسيح أحد الآلهة العلوية
وقد نزل على الأرض في جسد خيالي لا حقيقي، أنه روح إلهي ليس له لحم ولا دم ولا
عظام، لأنه لم يكن من الممكن، من وجهة نظرهم، أن يتخذ جسدا من المادة التي هي شر
في نظرهم! لذا قالوا أنه نزل في صورة وشبه إنسان وهيئة بشر دون أن يكون كذلك،
جاء في شكل إنسان دون أن يكون له مكونات الإنسان من لحم ودم وعظام،
جاء
في ” شبه جسد ” و” هيئة الإنسان “
، وقالوا أنه لم يكن
يجوع أو يعطش أو ينام، ولم يكن في حاجة للأكل أو الشرب 00 الخ وأنه كان يأكل ويشرب
وينام متظاهرا بذلك تحت هيئة بشرية غير حقيقية. وشبهوا جسده بالنور أو شعاع الشمس،
فأن النور وشعاع الشمس يمكن لهما أن يخترقا لوحا من الزجاج دون أن يكسرا هذا اللوح
“. كان مجرد خيال(22). جاء في
أعمال يوحنا “(23)
أحد كتبهم، أن المسيح عندما كان يسير على الأرض لم يكن يترك أثرا لأقدامه، وعندما
كان يوحنا يحاول الإمساك به كانت يده تخترق جسده بلا أي مقاومة حيث لم يكن له جسد
حقيقي. وكانت طبيعة جسده متغيرة عند اللمس، فتارة يكون ليناً وأخرى جامداً ومرة
يكون خالياً تماماً. كان بالنسبة لهم مجرد شبح وحياته على الأرض خيال. وكان يظهر
بأشكال متعددة ويغير شكله كما يشاء وقتما يشاء!! ويبدو أنهم فهموا خطأ قول القديس
بولس الرسول بالروح ” الله أرسل أبنه في شبه جسد الخطية ”
(رو3: 8)، ” ولكنه أخلى نفسه أخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس وأذ
وجد في الهيئة كإنسان
” (في 7: 2-8).

 أي أنهم ركزوا على
لاهوته فقط وتجاهلوا ناسوته تماما!!

2 – كما كان لهذه
الجماعات، أيضا، اعتقادات أخرى في المسيح، فقالوا أن المسيح الإله نزل على يسوع
الإنسان وقت العماد وفارقه على الصليب، وقالوا أيضا أن المسيح الإله والحكمة الإلهية
نزلا على يسوع واتحدا به وفارقاه أيضا عند الصليب!
وفيما يلي
أهم أفكار قادتهم كما نقلها القديس إيريناؤس أسقف ليون:

(1) عقيدة ساتورنينوس (Saturninus) في خلق الكون:

 كما شرحها
القديس إيريناؤس. ونلخصها كالآتي:

(1) الآب (غير
المدرك وغير المرئي)
.

(2) الممسوح (أو
المسيح).

(3) القوات الفائقة.

(4) سبعة ملائكة خلقوا
العالم، من بينهم إله اليهود (صباؤ
وت).

(5) ملائكة أخرى ورؤساء
ملائكة وسلطات وقوات.

(6) الشيطان.

(7) أرواح شريرة.

(8) أول كائن بشري (آدم
– آداماس).

(9) سلالة بشرية شريرة.

(11) سلالة بشرية خيرة
تملك شرارة الحياة بداخلها.

يقول القديس إيريناؤس
” ومن هؤلاء جاء
ساتورنينوس 000 وأشار إلى آب واحد
(مفرد) غير مدرك من الكل خلق الملائكة ورؤساء الملائكة والقوات والسلاطين.
أما العالم وكل ما فيه فقد خلقته جماعة معينة من سبعة ملائكة. وعلاوة على ذلك فقد
خُلق الكائن البشري (الإنسان) بواسطة الملائكة
استجابة لظهور صورة مضيئة
انبثقت من حضرة القوة الفائقة (المطلقة). وعندما لم يستطع (هؤلاء الملائكة)، كما
يقول، كبح ذلك حيث تراجعوا في الحال فحذروا أحدهم الآخر قائلين ” لنصنع
الإنسان على صورتنا كشبهنا “. وعندما أتخذ شكلا لم يكن قادرا على أن يقف
منتصباً لعدم مقدرة الملائكة أن يعطوه القوة ولكنه انطوى على الأرض مثل الدودة. ثم
أشفقت عليه القوة الفائقة لأنه جاء إلى الوجود على شبهها، وأرسلت له (هذه القوة)
شرارة الحياة، التي أنهضت الكائن البشري وجعلته حياً.

ثم يقول، وبعد نهاية
(حياة الإنسان)، ترجع شرارة الحياة هذه إلى العناصر المثيلة لها (مجال الخلود)
وتنحل العناصر الأخرى التي جاءت منها إلى الوجود.

ثم أدعى أن المخلص الذي
لا جنس له (بلا ميلاد) غير مادي (بلا جسد) ولا شكل له ظهر (افتراضا) ككائن بشري في
المظهر فقط. وقال أن إله اليهود هو أحد الملائكة. وبسبب أن كل القوات أرادت أن
تبيد أبيه (الآب)، فقد جاء المسيح ليدمر إله اليهود وليخلص الذين يؤمنون به، أي
الذين فيهم شرارة الحياة. هذا الهرطوقي كان أول من قال أن الملائكة خلقوا سلالتين
من البشر، واحدة شريرة والأخرى صالحة (ربما يقصد ذرية قايين وذرية شيث). ولأن
الأرواح الشريرة كانت تساعد الأشرار فقد جاء المخلص ليدمر البشر الأشرار والأرواح
الشريرة وليخلص الصالحين.

(2) عقيدة باسيليدس (Basilides) في خلق الكون:

 يقول القديس إيريناؤس
أن باسيليدس طور عقيدة خلق الكون كالآتي: فقال ” أن العقل (ناوس –
Nous) كان هو بكر الآب غير المولود (الذي لم يولد). والذي منه ولد
اللوجوس (
Logos)، ومن اللوجوس (Logos) فرونيسيس (Phronesis)، ومن فرونيسيس (Phronesis) صوفيا (الحكمة Sophia) وديناميس (القوة – Dynamis)، ومن صوفيا (الحكمة – Sophia) وديناميس (القوة
Dynamis) خُلقت القوات والسلاطين والملائكة. الذين يدعونهم الأول،
وبواسطتهم خُلقت السماء الأولى. ثم تشكلت قوات أخرى منبثقة من هذه وخلقت سماء أخرى
شبيهة بالأولى؛ وبنفس الطريقة، عندما تشكلت قوات أخرى بالانبثاق عنهم ومتماثلين مع
الذين فوقهم تماماً، شكلوا هم أيضاً سماء ثالثة، ثم من هذه المجموعة الثالثة، في
ترتيب أدنى، كان هناك تتابع رابع لهذه القوات وهكذا، على نفس المثال أعلنوا أن
هناك الكثير والكثير من القوات والملائكة، وثلاثمائة وخمس وستين سماءً، تشكلت!! أي
أن عدد السموات على عدد أيام السنة!!

وقد شكل (خلق) هؤلاء
الملائكة الذين يحتلون السماء السفلى، أي المرئية لنا كل شيء في هذا العالم.
وجعلوا لكل منهم حصة على الأرض وعلى الأمم التي عليها. وكان رئيس هؤلاء
(الملائكة)، كما زعموا، هو إله اليهود، ولأنه أراد أن يخضع كل الأمم لشعبه، أي
اليهود، فقد قاومه كل الرؤساء الآخرين وواجهوه. وكانت كل الأمم الأخرى في عداوة مع
أمته. ولكن الآب غير المولود (الذي لم بولد) ولا اسم له أدرك أنهم يجب أن يدمروا،
أرسل مولوده الأول العقل (ناوس –
Nous
الذي يسمى المسيح، ليخلص الذين يؤمنون به من قوة أولئك الذين خلقوا العالم “.

 ويقول عن المسيح: ”
وظهر على الأرض كإنسان، لأمم هذه القوات وصنع معجزات 000 كان
قوة غير مادية، وعقل
Nous الآب غير المولود (الذي لم يولد). وكان يغير مظهره كما يشاء “.

(3) عقيدة كاربوكريتس (Carpocrates) في خلق الكون:

 ويقول القديس إيريناؤس
” يقول كاربوكريتس وأتباعه أن العالم والأشياء التي فيه خلقتها الملائكة
الأقل بدرجة عظيمة من الآب غير المولود (الذي لم يولد).
وقالوا أيضا أن يسوع
هو ابن يوسف، وكان مثل البشر الآخرين باستثناء أنه يختلف عنهم في الاعتبارات
التالية، فقد كانت نفسه نقية وراسخة، وقد تذكر بدقة تلك الأشياء التي شاهدها
داخل مجال الآب غير المولود (الذي لم يولد). وعلى هذا الاعتبار فقد نزلت عليه قوة
من الآب التي بواسطتها يمكن أن يهرب من خالقي العالم. ويقولون أنه بعدما مر من
خلالهم جميعاً وبقي في نقطة حراً، صعد ثانية إليه وإلى القوات التي بنفس الطريقة
احتضنت مثل هذه الأمور لنفسها
“.

(4) عقيدة ماركيون (Marcion):

 والذي نادى بأن إله
الناموس والأنبياء هو خالق الشرور الذي يبتهج بالحرب 00 ولكن يسوع أشتق من
الآب
الذي هو فوق الإله الذي خلق العالم، وجاء إلى اليهودية في زمن بيلاطس
البنطي الحاكم الذي كان وكيلا لطيباريوس قيصر وظهر في شكل إنسان
لأولئك الذين في اليهودية لاغياً الناموس والأنبياء وكل أعمال ذلك الإله الذي خلق
العالم، والذي يدعوه أيضا بخالق الكون. وبتر الإنجيل الذي بحسب لوقا، وأزال كل ما
كتب فيما يختص بسلسلة نسب الرب، ووضع جانباً كماً كبيراًَ من تعليم الرب الذي فيه
يسجل أن الرب يعترف بأن خالق الكون هو أبوه. ” وأزال من رسائل بولس الرسول كل
ما يختص بكون الله هو خالق العالم وأنه أبو الرب يسوع المسيح. كما أزال الكتابات
النبوية التي اقتبسها للإعلان عن مجيء الرب مقدماً.

وعلم أن الخلاص يمكن أن
تحصل عليه تلك النفوس التي تعلمت هذه العقيدة فقط 000 وقال أن قايين ومن هم على
شاكلته والسدوميين والمصريين وآخرين غيرهم، بل وكل الأمم التي سلكت كل أنواع البغض،
خلصت بواسطة الرب في نزوله إلى الهاوية وفي جريهم إليه ورحبوا به في مملكتهم. ولكن
الحية التي كانت في ماركيون أعلنت أن هابيل وأخنوخ ونوح والرجال الأبرار الآخرين
الذين جاءوا من البطريرك إبراهيم، مع كل الأنبياء وأولئك الذين أرضوا الله لم
يشاركوا في الخلاص، حيث يقول لأن هؤلاء الناس علموا أن إلههم كان يجربهم بثبات
،
لذا فالآن شكوا في لأنه كان يجربهم، ولم يسرعوا إلى يسوع، ولم يؤمنوا بإعلانه،
ولذا فقد أعلن أن نفوسهم ستبقى في الهاوية “.



(1) Bil.
Jud. II ,Viii,I, Ant. XIII,V,9.

– 7 –

(2) Tertullian,
The Prescription Against Heretics.

– 8 –

(4)
Robert
Jonse Heresies & Schisms In Early Church.

(5) Catholic
Enc. Docetism.

(6) يرجع هذا الكتاب إلى القرن الثاني وقد
جدت منه نسخة في أخميم سنة 1886م، وهي في متحف القاهرة الآن. أنظر ترجمته الكاملة
في كتابنا ” هل صلب المسيح حقا وقام ” ص 92 ـ 96.

(7) يوسابيوس ك 6 : 12.

(8) رسالته إلى ترالس 10 : 1.

(9) رسالته إلى أزمير (سميرنا) 2.

– 12 –

(10) السابق 4 : 2.

(11)
Storm. 3:13; 7:17.

(12)
Refutation of All Heresies 8:1-4.

(13)
Adv.
Lucif. 23. See also The Creeds p. 34.

(14)
See Pre-Christian Gnosticism Edwin M.
Yamac chi pp. 21-27 & The Secret
Books of the Egy. Gmo. Jeam Doresse.

– 13 –

(15)
A Comprehensive Study of Heretical Beliefs Spaning 2000 Years History (From
33-200AD ).

(16)
Tertullian A Treatise On The Soul.

(17)
A Comprehensive Study of Heretical Beliefs
Spaning 2000 Years History (From
33-200AD ).

– 14 –

(19)
Ibid.

– 15 –

(19)
Robert
Jonse Heresies & Schisms In Early Church.

(21)
Irenaeus Against Heresies b 3. 11.

(22) Irenaeus
Ag. Her. 1:24,2. وتاريخ
الفكر المسيحي د القس حنا
الخضري ج 1 : 206

(23)
See NT Apoc. Vol. 2

– 17 –

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى