اللاهوت العقيدي

سابعاً: الاستدعاء “المطوَّل” للروح القدس



سابعاً: الاستدعاء “المطوَّل” للروح القدس

سابعاً: الاستدعاء “المطوَّل” للروح القدس

‘Ep…klesij

هنا نصل
بحسب إيمان الكنيسة
وخصوصاً
في الوقت الحاضر
إلى أهم
مرحلة على مدى الأنافورا كلها: الآن حلول الروح القدس، حيث يتقدس كل الشعب مع
الكاهن ويصير الكل جسداً واحداً بالروح مهيَّأً لاستقبال الجسد الإلهي، ويحل الروح
القدس على الذبيحة (الخبز والخمر) فيجعلهما

بسر لا يُنطق به
جسداً
مقدَّساً ودماً كريماً لمسيحه الضابط الكل [لا يعود الكاهن يصلب عليهما لأن الخبز
والخمر قد صارا جسداً مقدَّساً ودماً زكياً متحداً بالروح القدس.]
([1])

إن فترة
حلول الروح القدس بما تحمله من رهبة حقيقية وقوة تهز كيان النفس وتعيد صياغة القلب
والفكر والحواس، لتنطق بعظمة الكنيسة واستطاعتها

كهيكل حقيقي للإله
أن تعمل
سماءً
(إيرفي
ervei هيكل) على الأرض.

مقالات ذات صلة

وهذا
الاستدعاء الأخير هو الثالث في الاستدعاءات التي سبقت.

أمَّا
الاستدعاء الأول، فكان في طقس تقديم الحمل بعد الدعاء بالاسم ونُطق البركة

باسم الثالوث على الخبز والكأس
وصلاة
الشكر على الكأس، ونعيد نصه للتذكرة كالآتي:

[أيها
السيد
الرب يسوع المسيح الشريك الذاتي وكلمة الآب
غير الدنس المساوي له مع الروح القدس، أنت هو الخبز الحي الذي نزل من السماء
وسبقت
أن تجعل
ذاتك حملاً بغير عيب عن حياة العالم. نسأل ونطلب من صلاحك يا محب
البشر:
أظهر وجهك على هذا الخبز وعلى هذه الكأس هذين اللذين وضعناهما على هذه
المائدة الكهنوتية التي لك، باركهما، قدسهما، طهرهما، وانقلهما.

لكي هذا
الخبز يصير جسدك
المقدس والمزيج الذي
في هذه الكأس يصير دمك الكريم، وليكونا
لنا جميعاً
ارتقاءً وشفاءً وخلاصاً لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا لأنك أنت هو إلهنا يليق بك
المجد مع أبيك الصالح والروح القدس المحيي المساوي لك].

أمَّا الاستدعاء الثاني وأسميناه “الصغير” وهو يأتي قبل تلاوة التأسيس،
ونعيد ذكره أيضاً
للتذكرة:

[املأ هذه
الصعيدة التي لك يا رب بالبركة التي من قبلك
بحلول روحك
القدوس عليها
وبالبركة بارك
وبالتقديس
قدس،

قرابينك هذه
المكرمة السابق وضعها أمامك
هذا الخبز وهذه الكأس].

أمَّا
الاستدعاء الثالث والأخير ويأتي بعد التأسيس والتذكار فنوجزه بعد رفع الأوصاف
المضافة للروح القدس كالآتي:

[أرسل
إلى أسفل من علوك المقدس …
روحك القدوس …

علينا نحن
عبيدك وعلى هذه القرابين التي لك المكرمة السابق وضعها أمامك

على هذه الكأس لكي
“يتطهرا” و“ينتقلا”

وهذا الخبز “يجعله” جسداً مقدساً للمسيح، وهذه الكأس أيضاً دماً كريماً للعهد
الجديد الذي
له.

لكي يكونا
لنا جميعاً نحن الآخذين منهما إيماناً بغير فحص ومحبة بغير مراءاة وصبراً كاملاً
ورجاءً ثابتاً وحراسة وعافية وفرحاً وتجديداً للنفس والجسد والروح، ومجداً لاسمك
القدوس ومشاركة سعادة الحياة الأبدية وعدم الفساد وغفراناً للخطايا].

شرح
الاستدعاء أي الابيكليسيس
™p…klhsij:

كان يعني
بحسب شرح الآباء
في
القرنين الثاني والثالث
إدخال
قوة “الاسم”

أي التأثير بفعل اسم الله
([2]).

وعلى أساس
هذا المفهوم الآبائي الأصيل للاستدعاء ال
Epiclesis يكون واضحاً
أمامنا أن الطقس الأول الذي تم في تقديم الحمل بالنداء باسم الآب والابن والروح
القدس على الخبز وهو على يديّ الكاهن وعلى الكأس وهو في يديّ الشماس، ثم
الدعاء بالبركة بتبريك اسم الآب الضابط الكل وباسم ابنه الوحيد يسوع المسيح وباسم
الروح القدس الباراكليت على كل من الخبز والخمر أيضاً وهما على يدي الكاهن “والشماس”،
يكون هذا أوضح وأقوى استدعاء في الإفخارستيا بأجمعها، لأن الاستدعاء والنداء
والبركة تمت باسم الثلاثة أقانيم كدعاء ومخاطبة مباشرة، (انظر أقوال الآباء صفحة 639 وما بعده). وهذا ما
سبق أن أوضحناه وسوف نعود إليه مرة أخرى.

ولكن الذي يهمنا الآن
من هذا هو أن نتدرج مع القارئ ومع الليتورجيا باختصار شديد لنشرح التاريخ الطقسي
لدخول الاستدعاء عند الآباء وفهمه على أساس لاهوتي.

 

(أ) المرحلة الأُولى في
الاستدعاء

(استدعاء الثالوث)

 

كان أول استدعاء تمَّ
طقسياً هو “استدعاء الثالوث” كما سبق أن قلنا، وتمَّ على أساس لاهوتي
إنجيلي صرف كما يتم في المعمودية تماماً وعلى نفس الخط في المفهوم الطقسي
واللاهوتي، لأن الإفخارستيا أخذت منذ البدء نفس صفة الهيبة السرية والفعالية
التأثيرية التي للمعمودية التي كان جوهرها الدعاء باسم الثالوث على المعمدين: «عمدوهم
باسم
الآب والابن والروح القدس
«(مت 19: 28). وهكذا أيضاً الإفخارستيا فإن الدعاء بتأكيد واستمرار
وإصرار كان المقصود منه تلاوة صيغة التقديس وهو الدعاء باسم الثالوث على مثال
المعمودية تماماً،
وهذا كان أساس ومضمون السر الإفخارستي الذي استلمه الرسل
وسلموه للكنيسة.

ولهذا كان الآباء
الأوائل يصرّون عند الدعاء على هذا “الخبز والخمر” على أن يقولوا “على هذه الخليقة
باعتبار أنها كخليقة مادية تحتاج إلى الدعاء باسم الثالوث لتصير خليقة
روحانية
بشبه ما يحدث في المعمودية، (وهذا المفهوم انحرف فعلاً في المفهوم
اللاهوتي والطقسي معاً لدرجة أن بعض المفسرين الاجتهاديين أرادوا أن يعتبروا
الدعاء باسم الثالوث على الخبز هو معمودية فعلية وتحايلوا على الطقس
بدون وجه حق ولا عن تقليد قديم وأفتوا بضرورة مسح الخبز بالماء أثناء
تلاوة صيغة الدعاء بالثالوث. وهذا في الواقع كان تدميراً لمفهوم سر الإفخارستيا
واعتباره تمثيلية لا يمكن قبولها لاهوتياً، نرجو الإقلاع عن هذه العادة).

لذلك اعتبر القديس
أغناطيوس الأنطاكي أن الخبز بعد الاستدعاء هو “خبز الله”([3]).

ويضيف القديس إيرينيئوس
على ذلك قائلاً: إنه “خبز الله الذي استقبل الدعاء بالاسم”([4]).

ويعلِّق ريتشاردسن على
موضوع فهم الآباء الأوائل للاستدعاء باسم الثالوث على الخبز والخمر قائلاً: إن هذا
هو ما كان يفهمه يوستين الشهيد من جهة فعل الصلاة بتأثير مخاطبة الثالوث. وكان هذا
هو أيضاً أقصى ما بلغه نموذج الأنافورا في الشرق حيث كان حدوث العامل المؤثر فيها
يرجع إلى أقانيم الثالوث الإلهي كل بفعله وفي رتبته.

ويعطينا القديس يوستين
الشهيد طقساً واضحاً ثابت المعالم كعينة من هذا الدعاء (باسم الثالوث) عندما يقول:

[ورئيس الإفخارستيا
يقدم التسبيح والمجد
لأب الخليقة بواسطة اسم
الابن والروح القدس]([5])

كذلك:

[في كل الأشياء التي
نقدمها نباركه الذي صنع كل شيء بواسطة ابنه يسوع المسيح
وبواسطة الروح القدس]([6])
.

ويعلِّق على ذلك
ريتشاردسن بقوله:

[وهذا النموذج من
الاستدعاء (باسم الثالوث) الذي يذكره يوستين في ليتورجية زمانه، ليس هو تمجيداً
ختامياً، بل هو عبارة عن صلاة فيها يذكر الثلاثة أقانيم في الثالوث المبارك
بمخاطبته مباشرة بحسب ترتيبهم وبحسب صفاتهم.]([7])

ونكتفي بهذا القدر هنا
من جهة تاريخ الاستدعاء بالثالوث، ولكن نشير إشارة عابرة إلى أن الدعاء باسم
الثالوث كان يعني ضمناً وبالتأكيد استدعاء الابن واستدعاء الروح القدس مع الآب! فالروح
القدس الذي استأثر أخيراً بالمكانة النهائية في تاريخ الاستدعاء كان وارداً ضمناً
وبتأكيد في مفهوم الرسل إنما من داخل الصيغة
التقديسية العظمى “باسم الآب والابن والروح القدس” وبدون
انفراد.

 

(ب) استدعاء اللوغوس
(الابن)

الأقنوم الثاني من
الثالوث

 

يقول ريتشاردسن معتمداً
على أبحاث ضافية ل“إدموند بيشوب”([8])
قائلاً:

[لقد أوضح إدموند بيشوب
بطريقة قاطعة أنه حتى القرن الرابع لم يوجد أحد قط من الآباء المتكلمين باليونانية
(في الإسكندرية وغيرها) لم يتكلَّم أو لم يشرح ويدلل على الدور الأساسي الذي يقوم
به المسيح الأقنوم الثاني من الثالوث في تقديس الإفخارستيا.]([9])

ويعود
ريتشاردسن
ليؤكد مرحلة طقس استدعاء اللوغوس الأقنوم الثاني بمفرده هكذا:

[هذا الخط الفكري واضح
وثابت في استدعاء اللوغوس في الليتورجيات المصرية كما هو وراد في ليتورجية
سيرابيون وفيما يصفه كليمندس الإسكندري وأوريجانوس وأثناسيوس الرسولي
حيث كان الطقس فيما قبل يوستين وفيما بعده.

ولكن واضح كذلك من
ليتورجية سيرابيون ومن التقليد الرسولي لهيبوليتس ومن ليتورجية “أدّاي وماري” أن
مفهوم استدعاء الروح القدس ليؤثر بنوع ما على مواد
الإفخارستيا بدأ يتجمع وينمو ويزداد منذ القرن الثاني].

واستدعاء اللوغوس أي المسيح شخصياً وبمفرده (غير وروده الواضح في أنافورا سيرابيون)
يظهر بصورة قوية ومنطقية للغاية
من جهة الألفاظ والمعاني في الاستدعاء الذي يتم في “طقس تقديم الحمل” بعد صلاة الشكر على الكأس، قبل الدخول إلى الأنافورا ونقول إن منطق الاستدعاء هنا قوي للغاية
بالنسبة إلى حدود فهم هذه المرحلة المبكرة جداً في تاريخ الليتورجيا، حيث كان
المطلوب في هذه المرحلة أن يتحول الخبز إلى خبز سمائي على مستوى ذبيحة كذبيحة
الحمل الذي ذُبح عن حياة العالم، كذلك نجد أن صيغة الاستدعاء الأثرية تبدو واضحة
كل الوضوح لأنها تتبع التقليد العبري القديم من جهة قولها: “
أظهر وجهك على هذا الخبز”. هذا هو أقدم تعبير يحمل معنى حلول الأقنوم في مفهوم العهد
القديم. وسوف يأتي الكلام عنه في حينه، ولكن نكتفي هنا بهذا القدر من جهة
الاستدعاء لحلول الأقنوم الثاني.

 

(ج) الاستدعاء لحلول
الأقنوم الثالث

الروح القدس

 

هذه هي
المرحلة الثالثة زمنياً وطقسياً ولاهوتياً لاستدعاء الروح القدس كأقنوم يعمل
منفرداً لتقديس الإفخارستيا.

وحسب ما
يقول ريتشاردسن:

[كان
مستحيلاً أن يكون هناك استدعاء كامل ناضج للروح القدس بصفته أقنوماً ثالثاً بمفرده
لتحويل مواد الإفخارستيا إلى جسد ودم المسيح، قبل أن يعلن لاهوت الروح القدس
رسمياً، الأمر الذي لم يتم إلاَّ في القرن الرابع!

غير أن
الإعداد لذلك المفهوم بدأ قديماً جداً … منذ إنجيل القديس يوحنا
حينما
أعلن أكل جسد المسيح وشرب دمه،
وحينما بدأت الليتورجيا تدعو الروح
القدس ليحل على المواد (الإفخارستيا) حتى تصير هذه المواد وسيلة لنوال منافع
الشركة التي وإن تعددت أنواعها
أي أنواع
منافع الشركة
بتعدد الليتورجيات إلاَّ أنها بقيت
متعلقة بروح الله في المسيح
وكان هذا
المفهوم (البدائي) الخاص “بالطعام الروحي” مرحلة (مبكرة) من مراحل فهم عمل
الاستدعاء. ولا ينبغي أن ننظر إليها باستصغار وإلاَّ نكون قد أسقطنا مرحلة هامة من
مراحل تطور ونمو الاستدعاء].

ونُعيد ونوجز هنا قولاً لريتشاردسن يوضح فيه كيف بدأت مرحلة استدعاء الروح القدس مبكرة جداً:

[وواضح من
أنافورا سيرابيون ومن الدسقولية ومن ليتورجية التقليد الرسولي لهيبوليتس ومن
ليتورجية “أدّاي وماري” أن مفهوم استدعاء الروح القدس

ليؤثر بنوع ما
على مواد الإفخارستيا بدأ يتجمع
وينمو ويزداد
منذ القرن الثاني.]([10])

ولكن كما سبق وقلنا أنه قد اتفق العلماء وبلا استثناء على أن الاستدعاء
الكامل الناضج
للروح القدس كأقنوم منفرد يقدِّس ويحوِّل الخبز
والخمر إلى جسد ودم، لم يتكامل إلاَّ في القرن
الرابع.

من هذا يتضح أمامنا أن الاستدعاء عبر على ثلاث مراحل كان فيها الطقس
واللاهوت متفاهمين أشد التفاهم، فما كان يجريه الطقس كان يشرحه اللاهوت تماماً،
وما كان يفهمه اللاهوت كان يؤديه الطقس تماماً. وكان النمو والتدرج في الفهم
اللاهوتي هو الداعي الأول لنمو الطقس وتوضيحه.

وبناءً
عليه عندما نعود إلى الاستدعاء في أنافورا القديس مرقس الرسول (الطقس القبطي) نجد
بكل دقة وبكل وضوح هذه الثلاث مراحل بحدودها الطقسية واللاهوتية:

المرحلة
الأُولى:
استدعاء الثالوث الآب والابن والروح القدس على الخبز والخمر في طقس
تقديم الحمل (للبركة والتقديس).

المرحلة
الثانية:
استدعاء اللوغوس (المسيح) على الخبز وعلى الخمر في تقديم الحمل
للبركة والتقديس والتطهير. وليصيرا جسداً ودماً.

المرحلة
الثالثة:
استدعاء الروح القدس:

(أ) قبل
التأسيس على الخبز والخمر للبركة والتقديس فقط.

(ب) بعد التأسيس على الخبز والخمر ليتطهرا وينتقلا
ويجعلهما جسد ودم المسيح.

هذا ومن المسلم به حسب الطقس القديم وحسب التقليد الإفخارستي أن بواسطة
الاستدعاء يتم تقديس الخبز والخمر، أي أن بعد الاستدعاء يكون عندنا الخبز
إفخارستيا والخمر إفخارستيا. هذه حقيقة ثابتة وواضحة في سر العشاء نفسه. ومعنى هذا
أن عندنا في داخل أنافورا القديس مرقس ثلاث مراحل كملت فيها الإفخارستيا، تحددها
زمنياً وطقسياً هذه الاستدعاءات الثلاثة.

هذه
المراحل الإفخارستية الثلاث التي تحكي تاريخ الإفخارستيا وإن كانت قد تمت طقسياً
على مراحل زمانية متتالية ارتباطاً بالتزام النمو اللاهوتي الذي استغرق هذه
الفترات الزمانية، إلاَّ أن هذه الفترات متقاربة جداً فيما عدا (ب) من المرحلة
الثالثة، أي مرحلة طلب الروح القدس لجعل الخبز جسداً والخمر دماً للمسيح. ونستطيع
أن نقول من واقع النصوص وكلمات الآباء الأوائل أن الثلاث مراحل فيما عدا (ب) يمكن
أن تكون قد تمت في زمان الرسل أنفسهم.

إذاً، وعلى
أساس هذا الوعي بالنسبة للتركيب الليتورجي للأنافورا، نستطيع أن نتصور مراحل النمو
التي عبرت عليها الإفخارستيا
على أيدي
الرسل من بعد العشاء السري مباشرة:

أولاً: مرحلة كان يتم فيها استدعاء
واحد وهو البركة على الخبز باستدعاء الثالوث، وبعدها
إذ يصير الخبز إفخارستيا يُكسر ويُوزع وتتم الشركة منه، وبعد ذلك يبدأ
العشاء (الأغابي)، وفي نهايته
يصير الشكر على الكأس ويُوزع بدون
استدعاء حيث الشكر على الكأس كان بحسب التقليد القديم معتبراً أنه عملية تقديس
بدون استدعاء. وهذا الطقس كله كان يسمَّى
“عشاء الرب”.

ثانياً: ثم
تلاها مرحلة كان يتم فيها استدعاءان، الأول على الخبز

باستدعاء الثالوث، ثم يعقبه مباشرة شكر على الكأس (وكانت تسمَّى إلى زمن قريب،
ربما القرن الثالث عشر أو الرابع عشر

بصلاة “شبهموت الرسل
أو قداس
الرسل”)
([11]).
يتم بعدها استدعاء ثانٍ للمسيح ليكمل التقديس بأن
يجعل الخبز جسداً له والخمر دماً له. وهذا يمثل أول تطور في المفهوم اللاهوتي
يقابله أول تطور
في الطقس
أي
استدعاء المسيح منفرداً
وهذا
الطقس بدأ من بعد إسقاط الأغابي عن سر العشاء.

ثالثاً: وفيه
ثلاثة استدعاءات، الأول والثاني كما هو مذكور أعلاه، ثم الاستدعاء الثالث (أ): أي استدعاء الروح القدس
قبل
التأسيس هكذا:

بعد
استدعاء المسيح لتكميل التقديس (ليجعل الخبز جسداً له والخمر دماً له) أضاف الرسل
كل رسول حسب اختياره وتدبيره صلاة شكر جديدة مطولة لشرح أعمال المسيح في العهد
الجديد. وكانت هذه الصلاة المطولة التي للشكر تسمَّى “صلاة الإفخارستيا الكبرى”.
وكانت تسمَّى باسم صاحبها، أي “إفخارستيا القديس مرقس” أو “إفخارستيا القديس
يعقوب”،
تنتهي باستدعاء الروح القدس للملء فقط
من أجل الحصول على منافع ومواهب روحية من التناول من خبز الإفخارستيا وخمر
الإفخارستيا
([12]).

وهذه كانت تمثل التطور الثاني في المفهوم اللاهوتي للإفخارستيا، كقوة مانحة
للمواهب ويقابلها تطور مماثل في الطقس
باستدعاء الروح القدس منفرداً ليكمل البركة والتقديس. وكان هذا الاستدعاء الثاني محصوراً
في طلب مواهب ومنافع روحية فقط
وهذا الطقس صار يسمَّى بالإفخارستيا، لأن خدمة الليتورجيا صارت تبدأ رسمياً بصلاة الإفخارستيا
الكبرى
وانزوى طقس
التقديم
تقديم الحمل وصار في معظم الكنائس يكمَّل سراً والستارة مسدولة([13]).

وهذه المرحلة استرعت بالذات اهتمام العالِم فرير إذ يتكلَّم عنها باهتمام
(كما سبق وأوضحنا) قائلاً:

[هذا
الاستدعاء البدائي يستحق اهتماماً أكثر مما أُعطي له، إذ يمكن اعتباره ملامح مبكرة
حُفظت في مكانها القديم قبل تلاوة التأسيس وبنفس بساطتها العتيقة فيما تقرره.
وبقيت على ممر الزمن بدون تغيير حتى بعد أن اقتبست الإسكندرية مؤخراً الشكل
المتطور للاستدعاء ووضعته
كما صنع
الآخرون

بعد التأسيس. وبالتالي فإن هذا الاستدعاء ربما يكون كما اقترحنا أعلاه بقايا أثرية
لاستدعاء توقَّف في مكانه، بعد ما انتقل الاستدعاء بكل ثقله ليوضع بعد تلاوة
التأسيس.]
([14])

على كل حال
فإن هذا يدل على أنه سابقاً لم يكن يوجد أيضاً تذكار مطول بأي حال بعد تلاوة
التأسيس، أكثر من هذين المقطعين: [بموتك
يا رب نبشِّر. وبقيامتك نعترف]، فلا يوجد أي
تذكار آخر ولا حتى كلمة “نذكر”.

كذلك أيضاً
فإن الاستدعاء هنا بوضعه الفريد هذا، قد استرعى انتباه كلٍّ من العالِم بومشتارك
وليتزمان، ويقول الأخير فيه هكذا:

[إن الشهادة المشتركة التي تقدمها هذه الثلاث أنافورات الرسمية: سيرابيون،
ودير البلايزه، والقديس مرقس (الطقس القبطي) تقودنا إلى التأكيد من أن
الاستدعاء الذي يأتي قبل تلاوة التأسيس الذي يبدأ بكلمة
(املأ) هو في الحقيقة صفة مميزة خاصة بمصر، إذ لا يوجد أية ليتورجية في أي قطر آخر
لها هذه الصيغة المتصلة بالتسبحة الشاروبيمية،
حيث هذه التسبحة موطنها الأصلي والوحيد هو مصر أيضاً، … فإن كان هذا
الاستدعاء المبدوء ب
(املأ) والذي يأتي قبل التأسيس هو مصري أصيل، فنحن نستخلص من ذلك طبيعياً أن هذا الاستدعاء
كان منذ البدء هو الاستدعاء
(الوحيد)
في مصر
، وهذا ما يقرره وينتهي إليه أيضاً العالِم بومشتارك في
كتابه عن
(ليتورجية
الشرق

سنة 1906). إذ لا يحتمل أن تُقدم نفس الصلاة
رسمياً مرتين وبنفس الصيغة لأجل نزول
الروح القدس، لذلك فكل الاستدعاءات التي تأتي في الليتورجيات المصرية بعد كلمات
التأسيس يتحتم اعتبارها نتيجة التأثير السرياني البيزنطي.
]([15])

على أنه
ينبغي أن لا يتوه عن بالنا أن بردية دير البلايزه تقدم لنا استدعاءً للروح القدس
في هذا المكان
أي قبل التأسيس (في نهاية صلاة
الإفخارستيا الكبرى)
ولكن
تضيف إلى طلب المنافع الروحية طلباً بجعل الخبز أن يصير جسداً والخمر أن يصير دماً،
وبهذا فإن هذه البردية (القرن الخامس أو السادس) تقدم لنا طوراً آخر
متقدماً يوازي تماماً الطور الأخير من حيث النمو اللاهوتي في مفهوم أقنوم الروح
القدس وفاعليته في الإفخارستيا الذي بلغه في القرن الرابع.

ثالثاً: (ب) الاستدعاء
بعد التأسيس:
وفيه صار يتم أربعة استدعاءات، فبعد الاستدعاء الثالث (أ)، أضافت الكنيسة في القرن الرابع على وجه
التحديد على يد أساقفتها استدعاءً رابعاً (الثالث ب)
بعد التأسيس والتذكار وتحدد هذا الاستدعاء لحلول الروح القدس بطلب
جديد هو ليجعل الخبز جسداً للمسيح والخمر دماً للمسيح بالإضافة إلى المنافع
الروحية، هذا باعتبار أن الإفخارستيا أو الليتورجيا أو الأنافورا تبدأ فقط من أول
صلاة الإفخارستيا الكبرى [ارفعوا قلوبكم فلنشكر الرب] حيث حلَّ
التأسيس (تلاوة كلمات المسيح على الخبز والخمر) محل طقس البركة على الخبز والشكر
على الكأس معاً التي تمت في طقس تقديم الحمل.

وهذا الاستدعاء الرابع
(أو الثالث ب) يمثل تطوراً عقائدياً صرفاً حتمت به الصراعات
اللاهوتية بالنسبة لأقنوم الروح القدس في القرن الرابع، وصارت الإفخارستيا من بعد
ذلك تسمَّى بأسماء الأساقفة الذين تولوا هذه الإضافة مع ما يلزمها من تعديلات أخرى،
حتى أنافورا القديس مرقس الرسول نفسها إذ صارت تسمَّى باسم البابا كيرلس الكبير
الذي أكملها.

سبب أهمية
“الاستدعاء” الأخير والتركيز عليه بشدة في الليتورجيات السريانية والبيزنطية:

بحسب
التركيب الليتورجي لأنافورا القديس مرقس (القداس الكيرلسي) في الطقس القبطي

مضافاً إليها طقس تقديم الحمل، وجدنا أن هناك أربعة استدعاءات متتالية تحملها
الأنافورا حتى الآن، وكل واحدة منها لها هيبتها ووقارها وفعلها وتأثيرها الكامل.

ولكن لو
فحصنا الليتورجيات السريانية والبيزنطية بالنسبة لما هو موجود في أنافورا القديس
مرقس (الطقس القبطي)، لوجدنا أنها فقدت جميعاً الثلاثة استدعاءات:

أولاً: استدعاء
الثالوث في التقديم.

ثانياً: ثم
استدعاء الكلمة المسيح في نهاية الشكر على الكأس في طقس التقدمة.

ثالثاً: ثم
استدعاء الروح القدس للملء الذي في نهاية صلاة الإفخارستيا الكبرى قبل التأسيس.

وبذلك لم
يعد في الليتورجيا السريانية أو البيزنطية سوى استدعاء واحد هو الاستدعاء الأخير!

هذا
بالإضافة إلى أن تلاوة التأسيس (تلاوة كلام الرب وذكر البركة والشكر على الخبز
والكأس) فقدت وظيفتها في هذه الكنائس منذ القرن الثامن
([16])
كتقديس فعلي للخبز والخمر يمكن بمقتضاه اعتبار الخبز جسداً أو الخمر دماً كما كان
في القرن الرابع
([17])
إلاَّ (كنيسة روما). وقد صار من أجل ذلك صدام لاهوتي عقائدي لا ينتهي بين اليونان
واللاتين منذ القرن الرابع عشر
([18]).
لذلك أصبح من الطبيعي والمحتم أن يأخذ استدعاء الروح القدس الوحيد

الذي انحصر موضعه بعد التأسيس
كل ثقل مسئولية
التقديس وتحويل الخبز إلى جسد والخمر إلى دم في الليتورجية السريانية والبيزنطية.
ومن هنا صار التركيز اللاهوتي والطقسي معاً على الاستدعاء الأخير في هذه الكنائس
عقيدة شديدة النزعة بصورة حساسة جداً! ولكن العجب حقاً أن تنتقل هذه الحساسية بلا
أي داعٍ

في العصور المتأخرة جداً
للكنيسة
القبطية! التي تحمل ليتورجيتها ثلاثة استدعاءات أخرى كلها بالغة القوة والتأثير.

ونكتفي
بهذا القدر الآن على أننا سنعود إلى هذا الموضوع في شرح القداس.

فحص
الاستدعاء الأخير في أنافورا القديس مرقس (الطقس القبطي):

يوجد تحت
أيدينا ثلاث نسخ من أنافورا القديس مرقس يمكن بواسطة المقارنة بينها دراسة تاريخ
الاستدعاء الأخير. هذه النسخ هي: نسخ رقوق مانشستر التي استخدمناها سابقاً، ونسخة
ليتورجية القديس مرقس البيزنطية التي كان
يستخدمها الملكانيون في مصر، ونسخة أنافورا القديس مرقس
الطقس القبطي
باللهجة البحيرية في مخطوطة برايتمان والتي لا تزال تستخدمها الكنيسة القبطية حتى
اليوم.

التقليد
الرسولي

لهيبوليتس

رقوق
مانشستر

 

القديس
مرقس

نسخة
الملكانيين (البيزنطي)

القديس
مرقس

(النسخة
القبطية البحيرية)

(1)

ونحن
نتوسل إليك، لكي ترسل،

 

 

(1)

ونتضرع
إليك

لكي ترسل،

 

 

(1)

ونتضرع
ونتوسل إليك يا محب البشر الصالح أرسل إلى أسفل من علوك المقدس ومن مسكنك الذي
أعددته
ومن حضنك غير المحصور

(1)

 

وأرسل
إلى أسفل من علوك المقدًّس ومن مسكنك الذي أعددته ومن حضنك غير المحصور ومن كرسي
مملكة مجدك

(2)

روحك
القدوس،

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(2)

روحك
القدوس،

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

(2)

الباراكليت
نفسه روح الحق القدوس

الرب
المحيي الناطق في الناموس والأنبياء والرسل، الحال في كل مكان والمالئ الكل
الفاعل التقديس على الذين اختارهم كمسرتك بسلطان وليس كالخادم، البسيط في طبيعته
الكثير الأنواع في فعله، ينبوع النعم الإلهية، المساوي لك، المنبثق منك، الكائن
معك على كرسي مملكة مجدك ومع ابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلِّصنا وملكنا كلنا
يسوع المسيح.

(2)

الباراكليت
روحك القدوس الكائن بالأقنوم (نفسه) غير المستحيل ولا متغيِّر، الرب المحيي،
الناطق في الناموس والأنبياء والرسل
([19]). الحال في كل مكان ولا يحويه مكان، الفاعل الطهر على الذين أحبهم
بمسرتك بسلطان وليس كالخادم، البسيط في طبيعته الكثير الأنواع في فعله، ينبوع
النعم الإلهية المساوي لك، المنبثق منك، الكائن معك على كرسي مملكة مجدك ومع
ابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح.

(3)

 

على هذه
الذبيحة

التي
لكنيستك المقدسة

(3)

 

على هذه
القرابين السابق وضعها أمامك

على هذا
الخبز

وعلى هذه
الكأس

(3)

علينا
أيضاً

 

 

 

على هذه
الخبزات

وعلى هذه
الكؤوس

لكي روحك
القدوس بقوته الكلية ولاهوته يقدسها ويكملها

(3)

علينا
نحن عبيدك

وعلى هذه
القرابين التي لك المكرمة السابق وضعها أمامك

 

وعلى هذا
الخبز،

وعلى هذه
الكأس

لكي
يتطهرا وينتقلا

 

 

 

الشماس: ننصت:
الشعب آمين

 

(4)

ولتجعل
(أنت) هذا الخبز جسداً مقدساً للمسيح

وهذه
الكأس دماً للعهد الجديد الذي لربنا وإلهنا ومخلِّصنا يسوع المسيح

آمين

(4)

ويجعل
هذا الخبز جسداً

 

 

وهذه
الكأس دماً للعهد الجديد الذي لربنا وإلهنا ومخلِّصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح.

(الشمامسة
ينزلون)!

(4)

وهذا
الخبز يجعله جسداً مقدساً للمسيح

هذا هو بالحقيقة آمين.

وهذه
الكأس أيضاً دماً كريماً للعهد الجديد الذي له

آمين.

ربنا
وإلهنا ومخلِّصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح

– آمين

(5)

لكي تجمع
وتوحد (معك) كل المتناولين منها، حتى يمتلئوا بالروح القدس الذي يثبِّت إيمانهم
في الحق.

(5)

لكي يكون
لنا نحن جميع الآخذين منه إيماناً، تعففاً، شفاءً ومسرة.

 

وتجديداً للنفس والجسد والروح وشركة الحياة الأبدية وصبراً ولاستحقاق
اسمك

القدوس وعدم فساد وغفران
الخطايا.

(5)

لكي يكون
لنا

نحن جميع
الآخذين منه

إيماناً،
تعففاً، شفاءً،

صبراً،
قداسةً،

 

وتجديداً
للنفس والجسد والروح ومجداً لاسمك القدوس ومشاركة سعادة الحياة الأبدية

 

 

وعدم
فساد،

وغفراناً
للخطايا.

(5)

لكي يكون
لنا

نحن جميع
الآخذين منهما

إيماناً
بغير فحص، محبة بغير مراءاة صبراً كاملاً ورجاء ثابتاً وإيماناً وحراسة، وعافية
وفرحاً،

وتجديداً
للنفس والروح

ومجداً
لاسمك القدوس

ومشاركة
سعادة الحياة الأبدية

 

 

وعدم
فساد،

وغفراناً
للخطايا.

(6)

لكي
نستطيع أن نسبحك

ونمجدك
“بابنك المحبوب يسوع المسيح الذي به لك المجد والكرامة (الآب والابن مع الروح
القدس) في كنيستك المقدسة”

(6)

 

 

الذكصا

لكي بهذا أيضاً كما في كل شيء يتمجد ويرتفع ويتبارك اسمك
القدوس الكريم الكلي المجد مع يسوع المسيح لغفران
الخطايا

(6)

 

 

الذكصا

لكي وبهذا كما أيضاً في كل شيء يتمجد ويسبح اسمك الكلي
القدس الكريم والممجد دائماً مع يسوع المسيح والروح القدس

(7) المرد:

الشعب: [كما
كان كذلك يكون من جيل إلى جيل وإلى دهر الدهور]

 

(6)

لكي
وبهذا كما أيضاً في كل شيء يتمجد ويرتفع اسمك العظيم القدوس في كل شيء، كريم
ومبارك مع يسوع المسيح ابنك الحبيب والروح القدس

(7)

الآن وكل أوان وإلى
دهر الدهور آمين.

 

(7)

الشعب: [كما
كان وهكذا يكون من جيل إلى جيل وإلى دهر الدهور آمين].

 

 

ملاحظات على الجدول
السابق:

(أ) الباراكليت روحك
القدوس “الكائن بالأقنوم” = الأصل اليوناني: الباراكليت
“نفسه”
أي: أرسل الروح القدس أقنومياً، أو
بشخصه، أو بذاته، وليس كنعمة أو كقوة صادرة
عنه.

(ب) كلمة الطهر
والطهارة (لكي يتطهرا)، أصلها اليوناني “القداسة” وهي أوضح وأليق لاهوتياً وأسهل
في المعنى.

(ج) كلمة “انقلهما” أو “لكي ينتقلا” التي تأتي في
كل النسخ القبطية هكذا: أنقلهما
ouoqbou، ولكي ينتقلا ntououwteb هي أصلاً باليونانية metapoi»sV ومعناها “اصنعهما (اخلقهما) من جديد” أو “شكلهما من جديد” (وهذا المفهوم القبطي هو أروع
وأعمق
مقابل وأصدق من التعبير البيزنطي
الذي يقول بتحويلهما). أمَّا الكلمة التي تقع مقابل هذا
الاصطلاح عند الملكانيين فواضح أنها
“كملهما”
وهو نفس الاصطلاح الوارد في ليتورجية عهد ربنا.

(د)
يُلاحَظ أن نسخة الملكانيين استخدمت في الخبز والكأس صيغة الجمع “الخبزات والكؤوس”.
وهذا يمثل في الحقيقة وبدقة الطقس القديم فعلاً حيث كان يقدَّس على ثلاث خبزات
وعلى كأسين أو أكثر. وسيأتي الحديث عن ذلك في موضعه (انظر ليتورجية عهد ربنا

النسخة السريانية).

(ه) “اسمك
العظيم القدوس في كل شيء كريم ومبارك”: تبدو هذه الجملة غير منسجمة وغامضة، وهذا
الارتباك ناتج من عدم ترجمة الجملة الآتية ترجمة صحيحة:

«
TÕ mšga Ônom£ sou tÕ pan£gion kaˆ
œntimon kaˆ dedoxasmšnon
» فكلمة “باناجيون pan£gion” تعني “الكلي القداسة” وليس “قدوس في كل شيء”.

وكلمة كريم
هي تكملة صفات اسم الله،

والكلمة
الأخيرة
dedoxasmšnon مقطعها الأول de تفيد الاستمرار. وبهذا ينبغي أن تترجم هذه الجملة الهامة كالآتي: [اسمك
العظيم، الكلي القدس الكريم الممجَّد دائماً].

 

أولاً: مقارنة نص
الملكانيين (البيزنطي) مع النص القبطي البحيري:

1 توجد
فوارق لفظية في تركيب نفس الكلمات يصعب وصفها باللغة العربية ويمكن ملاحظتها في
النسخة اليونانية التي قدمها ليتزمان في كتابه والتي نقلناها للقارئ كما هي.
والفروق اللغوية النحوية تشير إلى أن النصين الملكاني والقبطي أخذا من مصدر واحد
ولكن لم يأخذ الواحد منهما عن الآخر.

2 توجد
زيادات في بعض أوصاف الروح القدس في كل من النسختين توضح أن كل نسخة أضافتها من
عندها خاصة على النص الأصلي المشترك (ليتورجية القديس يعقوب قبل تطويرها) الذي
أخذتا منه كلتاهما([20]).
كذلك فإن نمو كل من النسختين سار الواحد بعيداً عن الآخر، لذلك نشأت تركيبات
مختلفة([21]) وهذا يدلنا على أن التطور والتوسع في هذا التذكار بدأ بعد الانشقاق
أي بعد القرن الخامس.

3 توجد
بعض الاصطلاحات صعب على المترجم القبطي الحديث ترجمتها من اليونانية إلى القبطية
البحيرية وهو النص الوحيد الباقي عندنا، فنجد هذه الاصطلاحات واضحة في النص
اليوناني ونقترح الأخذ بها في الترجمة العربية

4 كيفية
حلول الروح القدس وترتيب عمله على الخبز وعلى الخمر منسقة بوضوح في النص القبطي،
أمَّا النص البيزنطي فإن صياغته مشوهة ومعادة بدون دراية. وهنا يتضح أن الطقس
القبطي هو الأصيل([22]).

5
وتوجد زيادات في النص القبطي في أوصاف المنافع الروحية المطلوب
الحصول عليها من
التناول من الجسد والدم. فمن بين الفوائد الثماني الروحية
التي تذكرها النسخة القبطية، لا يوجد في قداس
القديس يعقوب إلاَّ ثلاث فقط تشترك معها وهي “مغفرة الخطايا، حياة أبدية، وتجديد
الجسد والروح”.

ويمكن
القول بحسب المقارنة العامة أن الاستدعاء المطوَّل والمتطور في أنافورا القديس
مرقس

(الطقس القبطي والطقس
البيزنطي) يأخذ نفس البناء
والتركيب الموجود في ليتورجية القديس يعقوب([23])،
مع مفارقات جانبية طفيفة. إنما التوسعات اللاهوتية في أوصاف الروح القدس والتوسعات
الروحية في أوصاف فوائد التناول تكاد تسير على نفس النمط الواحد الذي سارت

عليه
ليتورجيا القديس يعقوب وهي تتمشَّى مع لاهوت القرن الرابع وما بعده، وكما يقرر
ليتزمان فإن النص الأصلي للاستدعاء في ليتورجية القديس يعقوب هو مأخوذ من ليتورجية
قوانين الرسل (كليمندس)([24]).

أمَّا أهم النصوص
المشتركة بين ليتورجية القديس يعقوب([25]) والنص القبطي
لأنافورا القديس مرقس (الكيرلسي) فتتلخَّص في:

(أ) وصف
الروح القدس بكلمة (باناجيون
Pan£gion =
كُلي القدس) من ليتورجية القديس يعقوب الطقس
البيزنطي، مع أنها في الطقس السرياني جاءت (قدوس
¤gion) فقط.

(ب) وبكلمة
“المحيي” وكلمة
sÚnqronon أي “الكائن واحداً معك على كرسيك” وخطأ فادح أن يُقال “شريك”.

(ج) وكلمة
“المساوي لك” و“الناطق في الناموس والأنبياء”.

(د) أمَّا
إضافة “والناطق”
في العهد الجديد … في
ليتورجية القديس يعقوب، يقابلها في ليتورجية القديس مرقس “الناطق
في
الرسل
”.

(ه) وكلمة
“ابنك الوحيد”.

(و) عبارة “علينا”
بالإضافة إلى “وعلى هذه القرابين”.

(ز) كذلك
عبارة
“الموضوعة أمامك”، ولكن صححتها أنافورا القديس مرقس
القبطية وجعلتها “
السابق وضعها
أمامك”.

(ح) أخذت
أنافورا القديس مرقس الطقس القبطي مرد الشعب
“آمين”
بعد: “على الخبز” و
“آمين” بعد: “على
الكأس”. بالإضافة إلى “آمين” ثالثة بعد: “ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح”. وهو
موضوعها الأصلي الوحيد.

من جهة
منافع الروح المشتركة، توجد ثلاثة فقط مشتركة بينهما: مغفرة الخطايا، وحياة أبدية،
وتقديساً للأجساد و“الأرواح”.

وفي ختام
هذه المقارنة ينبِّه ذهننا العالِم “إدموند بيشوب” بقوله:

[إذ بينما
النص الحالي لأنافورا القديس مرقس يحمل في طياته بقايا مدفونة هي على أعظم درجة من
القيمة الأثرية لليتورجيا الإسكندرانية أي المصرية، إلاَّ أن هذه العناصر قد غطتها
عناصر أخرى غريبة هي بالأساس من طقس أورشليم (ليتورجية القديس يعقوب الرسول)،
إمَّا منقولة كلمة بكلمة أو مشغولة بصورة لغوية عامة. هذا بالإضافة إلى عنصر ثالث
هو محاولة صياغة التركيب بصورة بلاغية بيد معلِّم متفتح.]
([26])

ثانياً: مقارنة
الاستدعاء الأخير للروح القدس

بين نسخة
القديس مرقس
“رقوق
مانشستر” (القرن السادس)

مع نص
أنافورا القديس مرقس “القبطي البحيري” (القرن الثالث عشر):

بمجرد
إلقاء نظرة على الجدول السابق، يتبين للقارئ بوضوح ماذا كانت عليه أنافورا القديس
مرقس قبل القرن السادس، حيث يظهر التطور الكبير الذي حدث للاستدعاء الأخير:

(أ)
مقابل رقم (1) نجد أن موضوع طلب الإرسال (الاستدعاء) الذي أخذ سطرين في مخطوطة
القرن الثالث عشر، لم يزد في مخطوطة مانشستر (القرن الخامس أو السادس) عن مجرد
كلمتين:
“لكي ترسل”!

(ب)
مقابل رقم (2) وهو الجزء الخاص بأوصاف الروح الذي استغرق خمسين كلمة في مخطوطة
القرن الثالث عشر، لم يزد عن كلمتين أيضاً في رقوق مانشستر بواقعية صادقة مذهلة
للعقل
“روحك القدوس”.

(ج)
مقابل رقم (3) وهو الجزء الخاص بكيفية الحلول على القرابين، نجد أن رقوق مانشستر
تلتزم الواقعية باختصار دون إضافة
“مما لك”
التي إن سبقت نفس المخطوطة وذكرتها في “التذكار” (انظر
جدول صفحة 675)
. ولكن تعود وتدقق في ذكر [السابق وضعها أمامك]، لأن الاستدعاء
هنا في اعتبار الأنافورا ليس جديداً.

ولكن
يسترعي انتباهنا جداً أن رقوق مانشستر لا تذكر بأي تحديد كان فعل الروح القدس في
القرابين، فلا تنسب للروح القدس أي شيء عن
“التقديس او
الانتقال”
([27])
مثل أنافورا مخطوطة القرن الثالث عشر. كما يُلاحَظ هنا أن رقوق مانشستر توضح لنا
أول مكان لمرد الشعب
“آمين” بعد ذكر
“الجسد والدم الذين لربنا وإلهنا ومخلِّصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح” مرة واحدة
الذي صار بعد ذلك ثلاث مردات
“آمين” بعد ذكر
“الجسد”، وبعد ذكر “الدم”، وبعد ذكر “الذي لربنا وإلهنا ومخلِّصنا وملكنا كلنا
يسوع المسيح”.

(د)
مقابل رقم (4) وهو الجزء الخاص بفعل الروح القدس في الخبز والخمر، لا نجد رقوق
مانشستر تذكر أي فعل للروح القدس بل تنسب الفعل كلية ومباشرة للآب: [
ولتجعل
(أنت)
([28]) هذا
الخبز جسداً مقدَّساً للمسيح وهذه الكأس دماً للعهد الجديد الذي لربنا…]، حيث
يكون عمل الروح القدس
هنا هو
دور الوساطة
([29]).

وهذا ما
نجده تماماً في ليتورجية القديس يوحنا ذهبي الفم (وهي التي تحاول دائماً مثل رقوق
مانشستر أن تلتزم الاختصار والواقعية والرجوع إلى النصوص الأقدم) إذ تقول مُخاطبةً
الآب: [واجعل (أنت) هذا الخبز جسد مسيحك المكرَّم وأمَّا ما في هذه الكأس فدم
مسيحك المكرَّم]. ولكي يؤكد القديس يوحنا ذهبي الفم على أن دور الروح القدس هو
للوساطة، يكمِّل قائلاً: [محوِّلاً
metabalèn إياهما بروحك القدوس!] (الخولاجي المطبوع).

وفي نسخة
البربريني (القرن الثامن) تكررها ليتورجيا يوحنا ذهبي الفم مرتين مرة على الخبز
ومرة على الكأس
([30]).
ويعلِّق ليتزمان على ذلك قائلاً:

[وكما هو
منتظر فإن ليتورجية ذهبي الفم هنا تظهر ملتزمة بنص بدائي قديم كما هو واضح في كل ملامح هذا التذكار حيث تعكس لنا
نفس لغة قوانين الرسل (كليمندس).]
([31])

وهذا
يوضِّح لنا أنَّه حتى إلى القرن الرابع لم يكن قد استقر تماماً في الليتورجيا دور
الروح القدس المباشر
في
(تحوُّل) الخبز إلى جسد والخمر إلى دم

كأقنوم قائم بمفرده. وهذه الشهادة من ليتورجية يوحنا ذهبي الفم التي لا تزال
تُمارس في كنائس اليونان والروم بنفس هذه الصيغة حتى اليوم تؤكد لنا حقيقة الخطوات
التي مرت عليها الأنافورا في تحديد دور الروح القدس من جهة تقديس وتحويل الخبز
والخمر.

ونجدها هنا
فرصة لكي نطلع القارئ على عقيدة عمل الروح القدس في الإفخارستيا في أيام يوحنا
ذهبي الفم وقد جاء ذلك على لسان صديقه ثيؤذور أسقف مبسوستيا (المصيصا) ونحن هنا
ننقل الكلام على لسان العالِم دكس:

[من الواضح
أن ثيؤدور
يعتبر الخبز والخمر بمعنى ما جسداً ودماً للمسيح منذ لحظة وضعهما على
المذبح عند التقديم حيث يكونان في هذه الحالة “مخيفين”: “رب حقيقي قدوس” ويعاملان
“بتكريم عبادي” و “بسكوت وخوف” وهذا كله في الواقع قبل أن تبدأ الإفخارستيا
(الإشارة هنا واضحة إلى إفخارستية تقديم الحمل).
غير أن
ثيؤذور يحتسب أن السر في هذه المرحلة هو قائم في
“الجسد
المائت”
الذي للمسيح مكفن على المذبح، ثم باستدعاء الروح القدس تتم القيامة
في الإفخارستيا.

ولكن
تعليقنا الذي يلزم أن نقوله على هذا الشرح (الكلام هنا للعالِم دكس) هو أن
الاصطلاحات التي يذكرها ثيؤذور نفسه عن الاستدعاء لا تحوي أي أثر يشير إلى هذا
الشرح الذي قدَّمه ثيؤذور. فالمواد التي يذكرها في الاستدعاء يسميها
“خبز
وخمر”
وليس “جسداً مائتاً”
كما يشرح بعد ذلك، وعندما يستدعي الروح القدس عليهما فلكي يجعلهما
“يظهران
جسداً حقيقياً ودماً حقيقياً”
وليس لكي يبعث فيهما القيامة.]([32])

والذي يوضح لنا بالأكثر طقس الإسكندرية من جهة تحديد عمل الروح القدس في
الاستدعاء في القرن الرابع هو نسخة الأنافورا الباسيلي (المصرية) المخطوطة باللهجة
الصعيدية التي من أوائل القرن الرابع
فهو أقدم بالطبع من الاستدعاء الوارد في رقوق مانشستر حيث يأتي فيها الاستدعاء هكذا: [أرسل روحك
القدوس علينا وعلى هذه القرابين الموضوعة
ليقدسها ويظهرها قدساً لقديسيك]([33]) فقط. ولا يأتي في هذه الأنافورا أي ذكر للتحويل. في حين أنه في
نسخة مصرية أخرى من هذه الأنافورا ولكن أكثر حداثة (وهي النسخة رقم 325 في
المخطوطات اليونانية المحفوظة بالمكتبة الأهلية بباريس)
([34])، نجد أن هذا الاستدعاء اتسع وشمل عقيدة عمل الروح القدس في “جعل” الخبز جسداً
والخمر دماً. وهذا يوضح لنا النمو الذي حدث في القرن الرابع وما بعده من جهة
فاعلية الروح القدس بمفرده في الاستدعاء الأخير على القرابين “السابق وضعها”.

(ه)
مقابل رقم (5): وهو الجزء الخاص بالمنافع الروحية للتناول، نجده يأتي مختصراً
وواضحاً في رقوق مانشستر، ومنه تظهر محاولات إضافة صفة لكل صفة في نسخة القرن
الثالث عشر. فبدل
“الإيمان” يصير “إيماناً بغير فحص” وهكذا …
ولكن الذي يسترعي انتباهنا جداً هو صفة
“الثبات”
التي
تضيفها
نسخة القرن الثالث عشر إلى الرجاء. فهذه الصفة ذات قدم سحيق وهي واردة بصورة ما في
كل الليتورجيات القديمة في هيبوليتس وقوانين الرسل والقديس يعقوب. وهي إما ثبات للمؤمنين
أو ثبات إيمان أو ثبات رجاء. كذلك نجد أن إحدى المنافع المطلوبة في رقوق مانشستر
هي
“ولاستحقاق اسمك القدوس”. وهذه في
الواقع صفة ذات معنى وأهمية وهي واردة في ليتورجية قوانين الرسل إنما بصورة أكثر
تطوراً فهي تأتي هكذا
“ويصيرون مستحقين لمسيحك”.
وقد حولتها أنافورا القديس مرقس (الطقس القبطي) في النسخة الحديثة (القرن الثالث
عشر) إلى
“ومجداً لاسمك القدوس
بدل “
لاستحقاق اسمك القدوس” التي تعود على
المتناول نفسه، أي يأخذ من الجسد والدم قوة تجعله مستحقاً لأن يُدعى عليه اسم
المسيح. أمَّا “
المجد لاسمك
القدوس” فهي تخص تمجيد
اسم
الآب، وهذه نفسها جاءت مرة أخرى مكررة في الجملة التي تليها، فظهر ضعف مناسبتها
هنا.

(و) الذوكصا
الختامية:

يلزمنا هنا
في البداية تكميل الجدول المذكور في الصفحات السابقة وما بعدها بخصوص الاستدعاء،
بإضافة الذوكصا الختامية الواردة في بردية دير البلايزه لأهميتها:

[لنا نحن
عبيدك، امنحنا قوة الروح القدوس لتشديد ونمو إيماننا، ولرجاء الحياة الأبدية
الآتية
بواسطة ربنا يسوع المسيح الذي معه لك أيها الآب المجد مع الروح القدس
إلى الأبد آمين.
]([35])

وفي الواقع
نجد أن هذه الذوكصا الختامية لبردية دير البلايزه أكثر من جميع الذكصولوجيات
الختامية التي للنسخ الأخرى لأنافورا القديس مرقس الرسول قرباً وأصالة للطقس
القبطي. ولو أن كوكن يؤكد أن ذكصولوجية الختام الأصلية والأُولى لابد وأنها كانت
أجمل، حيث كانت تذكر دائماً “
في الروح
القدس”
([36]).

ويُلاحَظ
أن ذكصولوجية ختام بردية دير البلايزه أكثر تشابهاً ومطابقة في أجزاء منها
لذكصولوجية ختام التقليد الرسولي لهيبوليتس.

أمَّا نواة
الذوكصا الختامية للإفخارستيا على الإطلاق، كما وجدت في النصوص الأُولى فهي
الديداخي حيث تأتي: [لأن لك المجد إلى الأبد (إلى الدهور)]، ولكن في نسخة أخرى
للديداخي تأتي متطورة نوعاً ما: [لأن لك المجد والقوة في المسيح يسوع إلى الأبد
(إلى الدهور).]
([37])

وهنا
يلزمنا أن نسجِّل قولاً هاماً جداً في هذه المناسبة لأوريجانوس حيث يكشف لنا عن
صورة الذوكصا الختامية المصرية الصميمة بكل وضوح ودقة: [وكما بدأنا الصلاة بتمجيد
الله فمن المناسب أن نختمها بتمجيد وتسبيح هكذا: “نمجِّد الآب بالمسيح يسوع في
الروح القدس”]
([38]).
وقد أخذها عنه القديس باسيليوس وأدخلها في الليتورجيات البيزنطية ومنه إلى
الليتورجيا السريانية. وهذه الصيغة المصرية الصميمة يتمسك بها القديس كيرلس عمود
الدين بشدة. لذلك فإن غياب هذه الذوكصا الختامية المصرية الصميمة من النسخ الأُولى
لأنافورا القديس مرقس الرسول مثل بردية دير البلايزه وكل النسخ الأخرى بعد ذلك،
يجعلنا نشعر بأن التأثيرات السريانية على الأنافورا المصرية بدأت مبكرة للأسف وظلت
بكامل ثقلها، حيث كان كل همّ اللاهوت السرياني هو وضع الثلاثة أقانيم على مستوى
واحد في كل شيء وفي كل موقف، الذي أخذت عنه مصر بدون اعتبار لتقليدها الأصيل في
تنوع الفعل بين الثلاثة أقانيم!!

إن رقوق
مانشستر تجمع أوصاف اسم الله بوضوح، ولكن لا تذكر الروح القدس مع المسيح في
التمجيد شأنها في ذلك شأن الديداخي فصل 9، وكذلك رسالة أفسس 21: 3. وهي في ذلك
تعتمد على أن قبول الروح القدس هو الذي سيكون عاملاً فينا لتسبيح ولتمجيد اسم الله
مع المسيح، (وهذا وارد في مقدمة الإفخارستيا لسيرابيون) فالروح القدس هنا (في صيغة
رقوق مانشستر) هو في موضع الفاعل في التمجيد وليس في موضع المفعول به.

وتعود رقوق
مانشستر وتذكر في نهاية الاستدعاء “غفران الخطايا” كهدف نهائي لعمل الروح القدس
بتمجيد اسم الله الآب مع المسيح.

(ز) المرد: أساس
مرد الشعب الوارد في نهاية الاستدعاء في انافورا القديس مرقس:

مقابل رقم
(7): نُلاحِظ في آخر الجدول السابق أن مرد الشعب [كما كان هكذا يكون من جيل إلى
جيل وإلى دهر الدهور
“آمين”] أنه يأتي
أصلاً في الأنافورا الملكاني للقديس مرقس كمرد ختامي للاستدعاء، وبالتالي كمرد
ختامي للأنافورا بجملتها حيث بالاستدعاء الأخير تكون قد انتهت كل أفعال وأقوال
التقديس، وخاصة أن المرد ينتهي بكلمة
“آمين”
التي كانت تعتبر ذات وزن عال جداً في تقليد الإفخارستيا الأول، حيث كانت تعتبر
كشركة تامة ومساوية لكل ما قاله الأسقف أو الكاهن، فهنا “آمين” هي الموافقة
الكاملة والشركة الفعلية في الاستدعاء الأخير. ويُلاحَظ أن هذا المرد جاء بهذا
الوضع والمعنى تماماً في نهاية أنافورا سيرابيون.

كذلك
نُلاحظ أن نهاية الاستدعاء في كافة الليتورجيات المذكورة في الجدول أمام رقم (6)

تنتهي بفعل “تسبيح” وتسلمه لفم الشعب لكي يبدأ بالتسبيح الأخير الذي يُلازم نهاية
الليتورجيا كلها قبل الانصراف.

وهذا
التسبيح واضح غاية الوضوح بصورته المختصرة في ليتورجية هيبوليتس:
[لكي
نستطيع أن نسبِّحك ونمجدك].

وهنا تنتهي
الليتورجيا ويبدأ الشعب في التسبيح، كذلك في رقوق مانشستر ينتهي الاستدعاء بصيغة
تسبيحية [لكي بهذا أيضاً كما في كل شيء
يتمجد
ويتبارك ويرتفع اسمك العظيم القدوس الكلي
المجد].
أمَّا نسخة الملكانيين فتضيف على نفس هذه الخاتمة التسبيحية إضافة لتأكيد التسبيح
[… ويُسبَّح اسمك].

ولكن هذا المرد نفسه الذي هو أصلاً مرد على هذه الخاتمة التسبيحية نجد أصوله
الأُولى واردة في ليتورجية التقليد الرسولي لهيبوليتس، إذ ينتهي الاستدعاء بفم
الكاهن أمام رقم (7) هكذا: […بابنك المحبوب يسوع المسيح الذي به لك المجد
والكرامة في كنيستك المقدسة الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين آمين]
هذه الخاتمة نجدها بنصها في الديداخي فصل 9. وهذا في الواقع مأخوذ بنصه من رسالة
أفسس حيث يأتي هكذا: “
له المجد، في الكنيسة
في المسيح يسوع إلى جميع الأجيال لدهر الدهور آمين” (أف 21: 3). هذا أخذته أنافورا القديس مرقس وجعلته مرداً للكنيسة هكذا [كما كان
(لك المجد والكرامة في كنيستك) وهكذا يكون من جيل إلى جيل وإلى دهر الدهور آمين].
ويُلاحَظ أن
اسم “كان” هنا يأتي في اللغة اليونانية في شكل ضمير العاقل الغائب = كما كان “هو” أي “الله”.

ولكن لم تستطع أنافورا القديس مرقس الطقس القبطي أن تُبقي هذا المرد الختامي
في هذا الموضع لئلا تنتهي الأنافورا، ولا يزال أمامها طقس القسمة، الذي جعلته
الكنيسة القبطية
دون كافة الكنائس بعد الاستدعاء مباشرة وبصلاة رسمية خاصة! لذلك رفعت هذا
المرد الختامي من مكانه وقدمته قبل الخاتمة التسبيحية ثم ضمت الخاتمة التسبيحية
على مدخل صلاة القسمة، فظهر المرد للأسف كأنه مرد خاص ب“غفران الخطايا” لأن هذا هو
آخر ما يقوله الكاهن في هذا الموضع قبل المرد. ونفس الشيء حدث في أنافورا القديس
باسيليوس والقديس غريغوريوس الطقس القبطي، حيث يأتي هذا المرد بعد المجمع (ذكر
الأموات)، فظهر للأسف وكأنه مرد خاص بالموتى! فبدأ الشعب يرنمونه بصوت حزين! مع
أنه مرد ختامي تسبيحي بالدرجة الأُولى يختص بتمجيد الله نفسه بواسطة المسيح في كنيسته
من جيل إلى جيل، كما هو وارد في أنافورا سيرابيون، ومجيئه بعد المجمع (ذكر
الأموات) لا ينطبق
معنى ولغة لأن المرد يختص بواحد “شخص عاقل” هو الله “كما كان كذلك
يكون”، فعلى أي شخص من المذكورين في المجمع ينطبق هذا القول؟ ثم إذا كان الموقف
موقف موت فكيف يكون المرد “كما كان كذلك يكون …”؟ أمَّا كيف جاء هذا المرد في
هذا الوضع في أنافورا القديس باسيليوس فسوف نعود إليه عند شرح هذه الأنافورا. ولكن
المطلوب الآن كتصحيح للموقف أن لا يُقال بلحن حزايني.

التقليد
الرسولي

لهيبوليتس([39])

ليتورجية
قوانين الرسل الكتاب الثامن

(المدعو
ليتورجية كليمندس)
([40])

 

ونحن
نتوسل إليك،

 

 

 

لكي ترسل
روحك القدوس

 

على هذه
الذبيحة التي لكنيستك المقدسة

لكي تجمع
وتوحِّد (معك) كل المتناولين منها.

 

 

 

حتى
يمتلئوا بالروح القدس (الذي يثبت إيمانهم في الحق).

لكي
نستطيع أن نسبحك ونمجدك بابنك المحبوب يسوع المسيح.

ونحن
نتوسل إليك، أن تتطلع برحمتك على هذه القرابين الموضوعة أمامك لأنك أنت يا الله
الذي تقف غير محتاج إلى شيء من تقدماتنا. اقبلها إليك كرامة لمسيحك.

وأرسل
إلى أسفل، روحك القدوس الشاهد لآلام المسيح،

على هذه
الذبيحة

لكي يظهر
هذا الخبز ليكون جسد مسيحك، والكأس ليكون دم مسيحك لكي كل المتناولين منه
يتشددوا للتقوى ويفوزوا بغفران الخطايا، وينقذوا من الشيطان وخبثه

وليمتلئوا
من الروح القدس (ويصيروا مستحقين لمسيحك)

ويفوزوا
بالحياة الأبدية بمصالحتك لهم أيها الرب القادر على كل شيء.

 

يُلاحَظ في
هذا الجدول بداية الانتقال من مجرد استدعاء الروح القدس على الذبيحة في هيبوليتس
بقصد إعطائها أو ملئها بالمواهب حتى تنتقل هذه المواهب إلى كل المتناولين منها إلى
استدعاء لدرجة أكثر تقدماً وهي
“لإظهار” الخبز أن
يكون جسداً وإظهار الكأس أن يكون دماً، وهي الدرجة الأُولى التي بدأت في
الاستدعاء من جهة تأثير الروح القدس في المواد. ولكن هذا الاتجاه الطقسي اللاهوتي ليس جديداً أي ليس من القرن الرابع
فنحن نقرأ عنه عند إيرينيئوس فهو يقول بالحرف
الواحد:

[لكي يظهر Ópwj ¢pof»nV (أو يعلن) هذه الذبيحة وهذا الخبز جسداً للمسيح والكأس دماً
للمسيح لكي المتناولون منه …
]([41])

وواضح بحسب رأي الأسقف
وليم أسقف كونيكتيكت([42])
وبحسب أبحاث هاموند([43])
أن كلاً من إيرينيئوس وكاتب ليتورجية قوانين الرسل أخذ هذا المبدأ أي
مبدأ فعل الروح القدس المحصور في استعلان أو في إظهار الذبيحة التي تقدست سابقاً،
يظهر خبزها جسداً للمسيح وكأسها دماً للمسيح من مصدر واحد آخر أقدم
منهما كليهما.

ويُلاحَظ أن كلمة ¢pof»nV “أظهر”
هذا الخبز ليكون جسداً هي بداية مفهوم
“انقل” metapoi»sV = ouoqbou هذا الخبز
ليكون جسداً بحسب الطقس القبطي، أو
“حول”
هذا الخبز ليكون جسداً حسب الطقس السرياني القبطي.

ثالثاً: مقارنة
التذكار في ليتورجية التقليد الرسولي لهيبوليتس

مع نص القديس
مرقس الرسول (الطقس القبطي البحيري):

بالنظر إلى الجدول السابق يتبين لنا أن التذكار في التقليد الرسولي
لهيبوليتس (160
258م) هو في الحقيقة وبلا جدال النواة الأُولى التي انبثقت منها وعنها كل
التذكارات في النسخ المتطورة، وهو يكشف أمامنا كل منابع هذا الاستدعاء ببساطتها
الأُولى. ولو أن ريتشاردسن في تعليقاته على ليتزمان يرى أن [ليتورجية هيبوليتس حدث
لها مراجعة بعد كتابتها
أي بعد زمن هيبوليتس (بداية القرن الثالث) وتعدَّل فيها هذا الاستدعاء ليشمل الروح القدس
بدل “اللوغوس” لأن اللوغوس كان هو عامل التقديس الوحيد في كل زمن هيبوليتس، كما
تتفق في ذلك جميع النصوص الواردة في هذه الحقبة الزمانية (انظر تقرير إدموند بيشوب
صفحة 703). وكذلك يدلل ريتشاردسن على ذلك أيضاً بأن الأسلوب اللاهوتي المكتوب به مقدمة
الإفخارستيا لهيبوليتس هو أسلوب القرن الرابع بلا شك ويحمل صورة للصراع اللاهوتي
وبداية وضع صيغة لقانون الإيمان. ويحشر فيه عمل الروح القدس: “(المسيح) الذي هو
كلمتك غير المفترق الذي خلقت الكل به وفيه كانت مسرتك الذي أرسلته من السماء إلى
بطن العذراء والذي حملته في أحشائها قد صار جسداً الذي هو ابنك المولود من الروح
القدس ومن العذراء”. والذي قام بتنقيح وإعادة ليتورجيا هيبوليتس حرص هنا على أن
يوضح عمل الثالوث في التجسُّد ويبرز دور الروح القدس خاصة
حسب فكر القرن الرابع، تمهيداً لأن يطبق نفس
عمل الثالوث داخل الإفخارستيا.

وهكذا
يعتقد ريتشاردسن أن استدعاء الروح القدس في هيبوليتس هو نتيجة مراجعة دقيقة تمت في
القرن الرابع، وقد امتدت بلا شك إلى كل تركيب الليتورجيا، حاملة معها تيارات العصر
فيما يختص بوصف أقنوم الروح القدس وعمله، والتأكيد على رواية الميلاد التي جاءت في
إنجيل لوقا:
» الروح القدس يحل عليك وقوة
العلي تظللكِ
«(لو 35: 1)، واستخلاص الصيغة القانونية منها “مولود من الروح القدس
ومن العذراء” الذي هو من مميزات لاهوت القرن الرابع
([44]).

وبذلك نجد
أن ريتشاردسن على حق في اعتباره أن استدعاء الروح القدس الوارد في الليتورجية
المنسوبة إلى هيبوليتس هو مراجعة من القرن الرابع بقصد أن يصير “التقليد الرسولي”
على مستوى عقيدة العصر بالنسبة للثالوث وعمله في التجسُّد.

ولكن
ريتشاردسن يستطرد ويقول:

[بالرغم من استدعاء
الروح القدس هكذا صار جزءاً أصيلاً من الليتورجية التي وصلتنا عن هيبوليتس
والتي لا يمكن احتسابها إلاَّ من مدونات بداية القرن الرابع فهو ليس
استدعاءً بالمعنى الطقسي الدقيق لأنه لا يصلى من أجل “تحوُّل” يحدث لمواد
الإفخارستيا، ولكن من أجل إرسال الروح القدس “على الذبيحة”
لكي يمتلئ المتناولون منها بالروح كهدف للإفخارستيا.]([45])

كذلك
يرى
ريتشاردسن([46])
أن النصوص الواردة إلينا في الدسقولية في هذه الحقبة
الزمانية تكشف لنا عن بداية دخول الروح القدس داخل الإفخارستيا كعامل فعَّال، ففي
إحدى الفقرات توجه الدسقولية الكلام للمتناولين هكذا:

[إن الصلاة تُسمع وتُستجاب
بالروح القدس، والإفخارستيا بواسطة الروح القدس تُسمع وتَتَقدَّس.]([47])

ولكن يأتي ليتزمان
وينبِّه ذهننا إلى أن الاستدعاء برمته عند هيبوليتس
يحمل “صفات مصرية” صميمة تشوبها بعض العناصر السريانية([48]):

أولاً: فهو يذكر
هنا قبل حلول الروح القدس صفة للقرابين أنها “ذبيحة” وهذا ما تقوله أنافورا
القديس مرقس الطقس القبطي في الاستدعاء قبل التأسيس وما تقول به أنافورا سيرابيون
أيضاً.

ثانياً: كذلك فإن
الاستدعاء المصري الذي يأتي قبل التأسيس يخلو من ذكر تحوُّل المواد، وقد حافظت على
هذا الاتجاه ليتورجية هيبوليتس أيضاً في استدعائها هذا (الوحيد).

ثالثاً: إن أهم صفة
تميز الاستدعاء المصري الذي يأتي قبل التأسيس بصورة خاصة ومؤكدة، هي كلمة الاتصال
المشهورة “املأ”، وهنا في هيبوليتس نجده يضعها كهدف أساسي من الاستدعاء،
وقد أخذتها حرفياً ليتورجية قوانين الرسل (كليمندس) انظر الجدول
السابق.

فالآن لو طبقنا تحقيقات
ريتشاردسن على تحقيقات ليتزمان بخصوص استدعاء الروح القدس في ليتورجية تقليد الرسل
لهيبوليتس، تظهر أمامنا بلا شك أن هذا التعديل الذي تم على استدعاء الروح القدس
(بعد التأسيس) ونقله إلى موضعه الجديد هذا وبهذه الألفاظ والاتجاهات اللاهوتية
والعقائدية والطقسية، إنما تم في مصر ولكن تحت تأثيرات سريانية. وبذلك أصبح أحد
المصادر الأساسية التي بدأت تتطور على هداه الليتورجية القبطية، والذي بمقتضاه تم
وضع استدعاء جديد فيه يكون بعد التأسيس (حسب الطقس السرياني)، كما جاء في أنافورا
القديس مرقس (الطقس القبطي) مع الاحتفاظ بالاستدعاء الذي جاء قبل التأسيس.

وهنا يلزمنا مرة أخرى
أن نضع أمام القارئ جدول مقارنة بين الاستدعاء قبل التأسيس والاستدعاء بعد التأسيس
كما جاء في أنافورا القديس مرقس (انظر صفحة 692).
ولكن بعد رفع الصفات المزادة للروح القدس التي أُضيفت على الروح القدس في
الاستدعاء الثاني:

الاستدعاء قبل
التأسيس

الاستدعاء بعد
التأسيس

بحلول روحك القدوس
عليها

 

بالبركة بارك
وبالتقديس قدِّس

قرابينك هذه المكرمة

المبدوء بوضعها أمامك

وأَرسل … روحك
القدوس علينا وعلى هذه القرابين

لكي يتطهرا (يتقدسا)
وينتقلا

القرابين التي لك
المكرمة.

السابق وضعها أمامك.

وهكذا يظهر بكل وضوح أن
هنا عملية تكرار تمت بنقل صورة نفس الاستدعاء ووضعها بعد التأسيس إنما بإضافة
العقيدة الجديدة، حيث يزداد هنا الاستدعاء بعد التأسيس ليشمل جعل الخبز جسداً
مقدساً للمسيح والكأس دماً كريماً للمسيح، كما هو مأخوذ عن تعديل النص السرياني.

 

التقليد
الرسولي

لهيبوليتس

رقوق
مانشستر

 

القديس
مرقس

نسخة
الملكانيين (البيزنطي)

القديس
مرقس

(النسخة
القبطية البحيرية)

(1)

ونحن
نتوسل إليك، لكي ترسل،

(1)

ونتضرع
إليك

لكي ترسل،

(1)

ونتضرع
ونتوسل إليك يا محب البشر الصالح

أرسل إلى
أسفل من علوك المقدس ومن مسكنك الذي
أعددته ومن حضنك غير المحصور

(1)

 

وأرسل
إلى أسفل من علوك المقدًّس ومن مسكنك الذي أعددته ومن حضنك غير المحصور ومن كرسي
مملكة مجدك

(2)

روحك
القدوس،

(2)

روحك
القدوس،

(2)

الباراكليت
نفسه روح الحق القدوس

الرب المحيي
الناطق في الناموس

والأنبياء
والرسل، الحال في كل مكان والمالئ الكل

الفاعل
التقديس على الذين اختارهم كمسرتك بسطان وليس كالخدم، البسيط في طبيعته الكثير
الأنواع في فعله، ينبوع النعم الإلهية، المساوي لك، المنبثق منك، الكائن معك على
كرسي مملكة مجدك ومع ابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلِّصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح.

(2)

الباراكليت
روحك القدوس الكائن بالأقنوم (نفسه) غير المستحيل ولا المتغيِّر، الرب المحيي،
الناطق في الناموس والأنبياء والرسل
([49]). الحال في كل مكان ولا يحويه مكان، الفاعل الطهر على الذين أحبهم
بمسرتك بسلطان

وليس
كالخادم، البسيط في طبيعته الكثير الأنواع في فعله، ينبوع النعم الإلهية المساوي
لك، المنبثق منك، الكائن معك على كرسي مملكة مجدك ومع ابنك الوحيد ربنا وإلهنا
ومخلصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح.

(3)

 

على هذه
الذبيحة

التي
لكنيستك المقدسة

(3)

 

على هذه
القرابين

السابق
وضعها أمامك

على هذا
الخبز

وعلى هذه
الكأس

(3)

علينا
أيضاً

 

 

على هذه
الخبزات

وعلى هذه
الكأسات لكي روحك القدوس بقوته الكلية ولاهوته يقدسها ويكملها

(3)

علينا
نحن عبيدك

وعلى هذه
القرابين التي لك المكرمة

السابق
وضعها أمامك

وعلى هذا
الخبز،

وعلى هذه
الكأس لكي يتطهرا وينتقلا

 

 

 

الشماس: ننصت:
الشعب آمين

 

(4)

ولتجعل
(أنت) هذا الخبز جسداً مقدساً للمسيح وهذه الكأس دماً للعهد الجديد الذي لربنا
وإلهنا ومخلِّصنا يسوع المسيح آمين

(4)

ويجعل
هذا الخبز جسداً

 

وهذه
الكأس دماً للعهد الجديد الذي لربنا وإلهنا ومخلِّصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح.

(الشمامسة
ينزلون)!

(4)

وهذا
الخبز يجعله جسداً مقدساً للمسيح

هذا هو بالحقيقة آمين.

وهذه
الكأس أيضاً دماً كريماً للعهد الجديد الذي له

آمين.

ربنا
وإلهنا ومخلِّصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح آمين

(5)

لكي تجمع
وتوحد (معك) كل المتناولين منها، حتى يمتلئوا بالروح القدس الذي يثبِّت إيمانهم
في الحق.

(5)

لكي يكون
لنا

نحن جميع
الآخذين منه

إيماناً،
تعففاً، شفاءً ومسرة.

وتجديداً
للنفس والجسد والروح وشركة الحياة الأبدية
وصبراً
ولاستحقاق اسمك القدوس

عدم فساد
وغفران الخطايا.

(5)

لكي يكون
لنا

نحن جميع
الآخذين منه

إيماناً،
تعففاً، شفاءً، صبراً، قداسةً،

وتجديداً
للنفس والجسد والروح

ومجداً
لاسمك القدوس ومشاركة سعادة الحياة الأبدية

 

 

وعدم
فساد، وغفران للخطايا.

(5)

لكي يكون
لنا

نحن جميع
الآخذين منهما

إيماناً
بغير فحص، محبة بغير مراءاة صبراً كاملاً ورجاء ثابتاً وإيماناً وحراسة، وعافية
وفرحاً، وتجديداً للنفس والروح ومجداً لاسمك القدوس ومشاركة سعادة الأبدية

 

 

وعدم
فساد، وغفراناً للخطايا.

(6)

لكي
نستطيع أن نسبحك ونمجدك

“بابنك
المحبوب يسوع المسيح الذي به لك المجد والكرامة (الآب والابن مع الروح القدس) في
كنيستك المقدسة”

(6)

 

 

الذكصا

لكي بهذا
أيضاً كما في كل شيء يتمجد ويرتفع ويتبارك اسمك القدوس الكريم الكلي المجد مع
يسوع المسيح لغفران الخطايا

(6)

 

 

الذكصا

لكي
وبهذا كما أيضاً في كل شيء يتمجد ويسبح اسمك الكلي القدوس الكريم والممجد دائماً
مع يسوع المسيح والروح القدس

(7) المرد:

الشعب: [كما
كان كذلك يكون من جيل إلى جيل وإلى دهر الدهور]

(6)

لكي
وبهذا كما أيضاً في كل شيء يتمجد ويرتفع اسمك العظيم القدوس في كل شيء، كريم
ومبارك مع يسوع المسيح ابنك الحبيب والروح القدس

(7)

الآن وكل
أوان وإلى دهر الدهور آمين.

 

(7)

الشعب: [كما
كان وهكذا يكون من جيل إلى جيل وإلى دهر الدهور آمين].

 

 

ملاحظات على الجدول
السابق:

(أ) الباراكليت روحك
القدوس “الكائن بالأقنوم” =الأصل اليوناني: الباراكليت
“نفسه”
أي: أرسل الروح القدس أقنومياً، أو بشخصه، أو بذاته، وليس كنعمة أو
كقوة صادرة عنه.

(ب) كلمة الطهر
والطهارة (لكي يتطهرا)، أصلها اليوناني “القداسة” وهي أوضح وأليق لاهوتياً وأسهل
في المعنى.

(ج) كلمة “انقلهما”
أو “لكي ينتقلا” التي تأتي في كل النسخ القبطية هكذا: أنقلهما
ouoqbou، ولكي ينتقلا ~Ntououwteb هي أصلاً باليونانية metapoi»sV ومعناها “اصنعهما (أخلقهما) من جديد” أو
“شكلهما من جديد” (وهذا المفهوم القبطي هو أروع وأعمق مقابل وأصدق من التعبير
البيزنطي الذي يقول بتحويلهما). أمَّا الكلمة التي تقع مقابل هذا الاصطلاح عند
الملكانيين فواضح أنها
“كملهما” وهو نفس
الاصطلاح الوارد في ليتورجية عهد ربنا.

(د)
يُلاحَظ أن نسخة الملكانيين استخدمت في الخبز والكأس صيغة الجمع “الخبزات والكؤوس”.
وهذا يمثل في الحقيقة وبدقة الطقس القديم فعلاً حيث كان يقدَّس على ثلاث خبزات
وعلى كأسين أو أكثر. وسيأتي الحديث عن ذلك في موضعه (انظر ليتورجية عهد ربنا

النسخة السريانية).

(ه) “اسمك
العظيم القدوس في كل شيء كريم ومبارك”: تبدو هذه الجملة غير منسجمة وغمضة، وهذا
الارتباك ناتج من عدم ترجمة الجملة الآتية ترجمة صحيحة:

mšga Ônom£ sou tÕ pan£gion kaˆ œntimon kaˆ dedoxasmšnon

فكلمة
“باناجيون”
pan£gion تعني “الكلي القداسة” وليس “قدوس في
كل شيء”.

وكلمة كريم
هي تكملة صفات اسم الله،

والكلمة
الأخيرة
dedoxasmšnon مقطعها الأول de تفيد الاستمرار. وبهذا ينبغي أن تترجم هذه الجملة الهامة كالآتي: [اسمك
العظيم، الكلي القدس الكريم الممجَّد دائماً].



([16]) يقول يوحنا الدمشقي (القرن الثامن) بالحرف الواحد هكذا:

[إن التقديس لا يتأثر بكلام تلاوة التأسيس ولكن بكلمات
الاستدعاء الذي يأتي بعد التأسيس.] (انظر:
De Fide Orthodoxa, IV, 13 cited by Dix, p. 293)

في
حين أن القديس يوحنا ذهبي الفم في تعليقه على الإفخارستيا يؤكد التقديس الحاصل
بتلاوة التأسيس
(انظر حاشية رقم 17
أسفله) ويضيف يوحنا ذهبي الفم بحسب رواية ريتشاردسن هكذا:

[كذلك
يستخدم ذهبي الفم في لغته صيغتين يميز فيهما بين (1) المسيح الكائن قبل تلاوة
التأسيس مكسور الجسد ومسفوك الدم
“الرب مذبوح وراقد أمامكم”، “نتوسل إلى الحمل
الراقد على المذبح” – وهذه التعبيرات راجعة بالضرورة إلى خدمة التقديم
وبين (2) المسيح الحي الحاضر بعد استدعاء الروح القدس على الخبز والخمر
(الجسد والدم)]
Richardson., op. cit., p. 429.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى