اللاهوت الطقسي

الفصل الثانى



الفصل الثانى

الفصل الثانى

الذبائح المقدمة وقود رائحة سرور للرب

أولاً: ذبيحة المحرقة (لاويين 1، 6: 8
13): Burnt offering

هى أول وأهم الذبائح. وُتسمىَّ محرقة لأنها
تُحرق كلها فى النار على المذبح، بل أن مذبح النحاس نفسه كان يسمى
مذبح
المحرقة” وتُسمَّى بالعبرية
عُلَه: Olah” وهى تعنى حرفياً صعيدة: Ascending“، لأنها تُرفع على المذبح ويرتفع دخانها إلى العلا وقود
رائحة سرور للرب وسُمِّيت أيضاً
كليل: Kalil” بالعبرية، واُستخدمت هذه التسمية مرتين (صموئيل الأول 7:
9، مزمور 51: 19)
وهى تعنى
الكل” أى أنها
تُقدَّم كلها للرب.

وأول ذكر للمحرقة كان بعد الطوفان، حينما بنى
نوح مذبحاً
“أصعد محرقات على المذبح” (تكوين 8:
20)

وجاء ذكرها ثانية عندما أمر الله إبراهيم أن يأخذ ابنه وحيده إسحق وُيصعده محرقة
(تكوين 22: 2)
وفى كلتا الحالتين تجلى رضا الله فى أعمق صورة:

ففى حالة نوح: “تنسم الرب رائحة الرضا،
وقال الرب فى قلبه: لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان لأن تصوّر قلب
الإنسان شرير منذ حداثته. ولا أعود أيضاً أُميت كل حي كما فعلت” (تكوين 8:
21).

وفى حالة إبراهيم ناداه ملاك الرب من السماء
قائلاً: “لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئاً، لأنى الآن علمت أنك
خائف الله فلم تمسك ابنك وحيدك عنى. فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراءه
مَمْسكاً فى الغابة بقرنيه. فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضاً عن ابنه..
ونادى ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء، وقال بذاتى أقسمت يقول الرب، إنى من أجل
أنك فعلت هذا الأمر ولم تُمسك ابنك وحيدك، أباركك مبُاركة وأكثر نسلك تكثيراً
كنجوم السماء وكالرمل الذى على شاطىء البحر، ويرث نسلك باب أعدائه، ويتبارك فى
نسلك جميع أمم الأرض من أجل أنك سمعت لقولى..” (تكوين 22: 12-18).

وهكذا يتبين لنا عمق مفهوم المحرقة عند الله إذا
قُدمت طاعة لله وخضوعاً لمشيئته، كتعبير عن منتهى التسليم الكلي لله، وتقديم
الحياة بجملتها له. فإن كانت محرقات نوح وإبراهيم قد أدت إلى كل هذا الرضا الذى
أعلنه الرب، حتى أنه أقسم بذاته أن يبارك إبراهيم ويتبارك فى نسله جميع أمم الأرض،
فكم بالحرى يكون تقديم الرب يسوع لنفسه فى طاعة كاملة للرب حتى الصليب هو المحرقة
العظمى التى أرضت قلب الآب إلى المنتهى، وردت عن العالم كل غضب الله على الإنسان،
ورفعت عنه اللعنة إلى الأبد؟!

لقد افتتح سفر اللاويين بذكر هذه الذبيحة لأنها
تشير بالفعل إلى أول وأهم وجه من أوجه الصليب، وهو طاعة الابن الكاملة للآب!
هذه الطاعة التى ما فتىء المسيح يحققها قولاً وعملاً فى كل أيام حياته على الأرض
حتى إلى الصليب:

V “طعامى أن أعمل مشيئة الذى أرسلنى وأتمم
عمله”
(يوحنا 4: 34).

V “لأنى قد نزلت من السماء، ليس لأعمل مشيئتى، بل مشيئة الذى
أرسلنى” (يوحنا 6: 38).

وهذا ما عبر عنه القديس بولس الرسول بقوله: “الذى
إذ كان فى صورة الله، لم يُحسب خلسة أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلى نفسه، آخذاً
صورة عبد، صائراً فى شبه الناس. وإذ وُجد فى الهيئة كإنسان، وضع نفسه وأطاع حتى
الموت موت الصليب”
(فيلبى2: 6-8).

لذلك كان صليب ربنا موضع مسرة فائقة لقلب الآب،
وكما يقول طقس القداس الإلهى فى دورات البخور: هذا الذى أصعد ذاته
ذبيحة مقبولة على الصليب عن خلاص جنسنا، فاشتمه أبوه الصالح وقت المساء على
الجلجثة“.

هذا الوجه اتضح لنا جداً فى طقس ذبيحة المحرقة،
التى هى أولى الذبائح، والتى بدونها لا يمكن تقديم
ذبيحة الخطية ولا
ذبيحة الإثم ولا ذبيحة السرور بل ولا تقدمة القربان أيضاً
. ومن وضعها فى أول
قائمة الذبائح، أدركنا أنه لولا إرضاء الابن للآب وتقديم طاعته له حتى الموت، ما
أمكن أن يكون هناك مغفرة خطايا، أو سلام للإنسان.

أى أنه لولا طاعة المسيح أولاً، وتقديم نفسه
كذبيحة محرقة، ما أمكن أن يقدم نفسه على الصليب كذبيحة خطية وتُقبل هذه الذبيحة.

لذلك لا نجد فى ذبيحة المحرقة أى ذكر للخطية، بل
يدعوها الطقس “محرقة وقود رائحة سرور للرب” (لاويين 1: 13). وفى مكان
آخر يقول عنها أنها “للرضا” (لاويين 1: 3).

كانت هذه الذبيحة إذاً ذبيحة سرور هكذا قيل عن
المسيح أنه “من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً
بالخزى”
(عبرانيين 12: 2).

ويقدم لنا القديس أغسطينوس تفسيراً
لتعبير
محرقة Holocaust إذ يقول: (ما هى المحرقة؟ إنها الحرق بالنار تماماً،
فإن
Causis
تعنى
حرقاً”، holou تعنى كلها”،
فالمحرقة تعنى حرقها بالنار تماماً. تُوجد بالأكثر نار معينة هى المحبة الحارقة،
حيث يلتهب الذهن بالحب، لينطلق من الذهن إلى بقية الأعضاء.. فيلتهب الإنسان كلية
بنار الحب الإلهى، مقدمين محرقة لله)([1]).
بمعنى آخر المحرقة تعنى تقديم الإنسان كل حياته الداخلية وتصرفاته الظاهرة كذبيحة
حب ملتهبة لحساب الله.

فى هذا يقول القديس أغسطينوس: (عندما
يُوضع الحيوان بأكمله على المذبح ويُحرق بكامله بالنار يُسمى محرقة. ليت النار
الإلهية تُصعدنا بالكلية ويلحق بنا ذلك اللهيب بالتمام)([2]).
كما يقول: (تُسمى الذبيحة محرقة حينما تُحرق بالكامل.. لذلك فكل محرقة هى بالحقيقة
ذبيحة، لكن ليس كل ذبيحة هى محرقة) ([3]).

ويحثنا القديس يوحنا ذهبي الفم على تقديم
حياتنا ذبيحة محرقة للرب بقوله: (ما دام الإنسان أسمى من القطيع، فإنك إذ تُقدم
نفسك ذبيحة تكون أسمى من تلك الذبائح. تُوجد ذبائح أخرى هى بالحقيقة محرقات: أجساد
الشهداء، إذ يقدم الشهداء نفوسهم وأجسادهم أيضاً (محرقة للرب)، هذه الذبائح لها
رائحة عذبة. تستطيع أنت أيضاً إن أردت أن تقدم ذبيحة، فإنه وإن كنت لا تقدر أن
تقدم جسدك محرقة بالنار، لكنك تقدمه بنار أخرى كالفقر الإختيارى فإن كان فى وسع
إنسان أن يقضى أيامه فى ترف وبذخ لكنه يختار الحياة الُمرَّةٍ الشاقة وإماتة
الجسد، أفليست هذه محرقة؟! لتمت (شهوات) جسدك، ولتصلبه، فتتقبل إكليل الاستشهاد.
فالشهداء ينالون الاستشهاد بالسيف، أما هنا فنناله بالذهن بالإرادة القادرة) ([4]).

كانت بداية كلام الرب
لموسى هكذا:

V “إذا قرب إنسان منكم قرباناً للرب..” (لاويين 1: 2).

لاحظ هذا القول جيداً، فالله لا يأمر بأن يُقرب
له قربان، بل يقول: “إذا قرَّب إنسان منكم قرباناً للرب..
فالذى يُسر الرب أن يكون تقديم القربان اختيارياً بإرادة الإنسان ومحض حريته. هذا
هو الشرط الأول فى تقديم القرابين المقبولة أمام الله، لأن الله لا يُسر بالذبائح
بل بالقلب المنكسر والمتواضع كقول المزمور (مزمور 51: 16)، وقد قال على فم
إرميا النبى: “هكذا قال رب الجنود إله إسرائيل: ضُموا محرقاتكم إلى
ذبائحكم وكُلوا لحماً. لأنى لم أكلم آباءكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصر من
جهة محرقة وذبيحة. بل إنما أوصيتهم بهذا الأمر قائلاً: اسمعوا صوتى فأكون لكم
إلهاً وأنتم تكونون لى شعباً وسيروا فى كل الطريق الذى أوصيكم به ليُحْسَن
إليكم” (إرميا 7: 21-23)،
وقال أيضاً على فم هوشع النبي: “إنى
أريد رحمة لا ذبيحة، ومعرفة الله أكثر من محرقات” (هوشع 6: 6).

أما كلمة قربان”
فهى كلمة عبرية من الفعل
قَرَبَ” الذى
معناه
يقترب”.
ومن هنا يتضح أن تقديم القربان هو وسيلة التقرب لله.

V طقس تقديم الذبيحة:

إذا كانت المحرقة ثوراً من البقر (لاويين 1: 3)
أو ذكراً صحيحاً من الغنم أو الماعز (لاويين 1: 10).

1.     كان
على مقدم الذبيحة أن يأتى بذبيحته إلى باب خيمة الاجتماع.

2.     يضع
يده على رأس المحرقة.

3.     يذبحها
على جانب المذبح إلى الشمال أمام الرب (لاويين 1: 3-5 و 11).

4.     على
الكاهن أن يجمع الدم ويقدمه أمام الرب ويرشه مستديراً على المذبح (لاويين 1:
5و11).

5.     يسلخ
المحرقة ويقطعها إلى قطع.

6.     يرتب
بنو هارون الكهنة القطع مع الرأس والشحم فوق الحطب المشتعل على المذبح (لاويين
1: 6-9و12و13).

7.     أما
أحشاؤه وأكارعه (أى الأجزاء غير الطاهرة) فيغسلها بماء ويُوقد الكاهن الجميع على
المذبح محرقة وقود رائحة سرورللرب.

8.     كان
جلد المحرقة يُعطى للكاهن الذى قّرب الذبيحة (لاويين 7: 8)

أما إذا كانت المحرقة من الطير:

1.               
يُقدم من اليمام أو أفراخ الحمام.

2.               
يقدمه الكاهن إلى المذبح ويحز رأسه.

3.               
يعصر دمه على حائط المذبح.

4.               
ينزع حوصلته بفرثها ويطرحها إلى جانب
المذبح شرقاً إلى مكان الرماد.

5.               
يشقه بين جناحيه ولا يفصله.

6.               
يُوقده الكاهن على المذبح.

أول شرط فى المحرقة أن تكون “ذكراً
صحيحاً”.
وفى ذلك إشارة واضحة لشخص المسيح الذى قدم نفسه بلا عيب من أجل
إتمام إرادة الآب. وكونه يجب أن يكون ذكراً، فذلك باعتباره الأقوى والأكمل ممثلاً
آدم الثانى الذى جاء لكى يخلّص آدم الأول، كقول القديس غريغوريوس النزينزى:

(إنه لذلك، ومن أجل هذا السبب أُعطى الناموس:
لكى يقودنا إلى المسيح، وهذا هو القصد من الذبائح.. فهوذا
حمل”
نمسك به لأجل براءته.. إنه
كامل” ليس فقط
بسبب الوهيته، ولكن أيضاً بسبب الناسوت الذى اتخذه كحجاب للاهوته، مساو لذاك الذى
مسحه، وأتجرأ وأقول مساو لله.
ذَكرَ” لأنه قُدم من أجل آدم، بلا
عيب” من أجل أن يشفى الفساد الذى سببته الخطية..] ([5]).

لقد حدد هنا أن تكون المحرقة هنا ذكراً، ويرى العلامة
أوريجانوس
أن التمييز بين الذكر والأنثى فى المفهوم الروحى لا يعنى التمييز
بين الجنسين الرجال والنساء، إنما يُشير إلى تمييز روحى بين الرجولة الروحية
الناضجة والجادة وبين أنوثة التدليل والترف. لهذا كثيراً ما يقول إننا سنجد فى يوم
الرب نساء كثيرات كرجال أقوياء فى عينى الرب، ورجالاً كثيرين هنا يظهرون فى يوم
الرب كنساء إذ عاشوا حياتهم فى تدليل وتنعم بالملذات الجسدية.

والشرط الثانى هو: “إلى باب
خيمة الاجتماع يقدمه للرضا عنه أمام الرب”
، كان على مقدم الذبيحة أن يأتى
بذبيحته إلى باب خيمة الاجتماع. وفى هذا رمز إلى من يريد الإستفادة من خلاص
المسيح – يجب أن يُحضر المسيح الفادى أمام الله..
فبدونه نحن لا نستحق شىء
ونحن فى حالة عداوة مع الله.. وهذا الأمر لا يستطيع أن يقوم به إنسان نيابة عن
آخر. وأما السبب فيوضحه الله “للرضا عنه أمام الرب” وفى ذلك إشارة إلى
ذبيحة المسيح الذى صُلب خارج أورشليم، وقَبل راضياً أن يموت من أجل خلاص البشرية
بإرادته التى عبَّر عنها قائلاً: “لهذا يحبني الآب، لأنى أضع نفسي لأخذها
أيضاً. ليس أحد يأخذها منى، بل أضعها أنا من ذاتى” (يوحنا 10: 17و 18)

وفى هذا يقول القديس كيرلس الكبير:

(لأن موت الابن، الذى بذل حياته من أجل حياة العالم،
قُدِّم أمام عينى الله أبيه. فإذا كان حقاً أنه “عزيز فى عينى الرب موت
أتقيائه” (مزمور 116: 15)،
فكيف لا ينظر الآب إلى موت ابنه؟ كانت ذبيحة
الشريعة القديمة تُقدم أمام الرب: وهوذا
عمانوئيل”
قد فتح لنا بموته باب قدس الأقداس. فبموت المسيح صار لنا قدوم إلى الهيكل المقدس
الذى نصبه الرب لا إنسان (عبرانيين 8: 2) الذى هو أورشليم السمائية) ([6]).

وكما يقول العلامة أوريجانوس: (إلى الباب
وليس فى الداخل، بل خارج المدخل. بالحقيقة كان يسوع خارج الباب إذ “جاء
إلى خاصته وخاصته لم تقبله”
(يوحنا 1: 11) فلم يأت داخل خيمة
(الأمة اليهودية) التى جاء من خلالها إلى الباب ليقدم محرقته، بل تألم خارج
المحلة. عندما جاء ابن صاحب الكرم أخذه الكرامون الأشرار وأخرجوه خارج الكرم
وقتلوه (متى 21: 38). هذه هى إذن التقدمة التى عند باب خيمة
الاجتماع يقدمه للرضا عنه أمام الرب”، إذ هل يوجد من هو مرضى لديه أكثر من
المسيح “الذى بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب” (عبرانيين 9: 14))
([7]).

أما الشرط الثالث لذبيحة المحرقة فهو أن
مُقدم الذبيحة “يضع يده على رأس المحرقة فيرضى عليه للتكفير عنه”.

ووضع اليد على الذبيحة إشارة إلى أن الذبيحة
صارت نائبة عن مُقدِّمها، وهو مُمثل فيها وكأن الشخص بوضعه يده على رأس الذبيحة
صار هو والذبيحة واحداً. وكل ما يجرى على الذبيحة كأنه يجرى عليه. والذى لم يكن
ممكناً أن يعمله للرضا عنه يناله من تقديمه للذبيحة التى تُحرق عوضاً عنه. وهكذا
نستطيع أن نفهم من ذبيحة المحرقة كيف أننا

“مملؤون
فيه” (كولوسى 2: 10)،
وأننا “أعضاء جسمه من لحمه ومن
عظامه”
، “من التصق بالرب فهو روح واحد” (كورنثوس
الأولى 6: 17)
صرنا معه واحداً.

يعلَّق العلامة أوريجانوس على وضع اليد
على رأس المحرقة، قائلاً:

(لقد وضع فى جسده خطايا الجنس البشرى، إذ هو رأس
جسد الكنيسة (أفسس 1: 22و23)) ([8]).
ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم: (كيف جعل نفسه مُصالحاً؟ لقد حمل العقاب
الذى علينا، خاضعاً للتأديبات التى نستحقها، متنازلاً إلى ما نحن عليه. أتريد أن
تعرف كيف احتمل هذا كله؟ يقول الرسول: “المسيح إفتدانا من لعنة الناموس،
إذ صار لعنة لأجلنا” (غلاطية 3: 13))
([9]).
فإن كانت لعنة الناموس قد حلت بنا بسبب كسرنا للوصية الإلهية، انحنى هو ليحمل عنا
اللعنة ويرفعنا من اللعنة إلى مركزه المبارك.

أما الشرط الرابع لذبيحة المحرقة فهو ذبح
العجل أو الضأن أو الماعز على جانب المذبح إلى الشمال أمام الرب، ويقرِّب بنو
هارون الكهنة الدم ويرشون الدم مستديراً على المذبح الذى لدى باب خيمة الاجتماع.

أن أول ما يريد الله أن يعلّمه لبنى إسرائيل من
خلال شريعة الذبائح عموماً هو أن الخطية أجرتها موت. والموت هنا يتمثَّل فى ذبح
حيوان برىء نيابة عن الخاطىء. وكان الذبح يتم بواسطة مُقدم الذبيحة لكى يشعر أن
خطيته هى التى تسببت فى موت هذا الحيوان البرىء. ولكن الذبح صار فيما بعد من
اختصاص الكهنة فى هيكل سليمان.

أما إذا كان القربان من
الطير: من اليمام أو أفراخ الحمام، كان الكاهن هو الذى يذبحه ويعصر دمه على حائط
المذبح.

أما كونها تُذبح على شمال المذبح، فللشمال
معنيان فى العهد القديم. هو المكان الذى يأتى منه الدمار والموت (انظر إرميا 1:
14، 4: 6، حزقيال 9: 2)
وهو مكان سُكنى الله ومنه سيأتى (مزمور 48: 2،
حزقيال 1: 4)
وفى هذا النص نحن أمام المعنى الثانى.

وبعد أن ينتهى مُقدم القربان من ذبح ذبيحته،
تبدأ خدمة الكهنة برش دم الذبيحة مستديراً على المذبح. وفى هذا إشارة إلى أن دم
المسيح قد سُفك لأجل العالم كله: “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه
الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية”
(يوحنا
3: 16).

الدم المقدس هو سر قوة الذبيحة، به نتطهر من كل
خطية (يوحنا الأولى 1: 7)، وكما يقول القديس بولس: “لأنه إن كان دم
ثيران وتيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يقدس إلى طهارة الجسد، فكم بالحرى يكون
دم المسيح الذى بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب، يطهر ضمائركم من أعمال ميتة
لتخدموا الله الحى..” (عبرانيين 9: 13و14)
، وجاء فى سفر الرؤيا عن
المفديين أنهم “بيّضوا ثيابهم فى دم الخروف” (رؤيا يوحنا 7: 14)،
وأنهم غلبوا إبليس بهذا الدم الثمين (رؤيا يوحنا 12: 11).

أما الشرط الخامس فهو طقس تنفرد به ذبيحة
المحرقة وهو ضرورة سلخ الذبيحة: “يسلخ الذبيحة ويقطعها إلى قطعها”.

كان مُقدم الذبيحة هو الذى يسلخها ويقطعها، ثم
صار هذا الجزء من الطقس فيما بعد من اختصاص اللاويين. ليظهر كل ما فيها أمام الله
حتى أعماقها الداخلية وفى ذلك إشارة إلى الفحص الذى جازه المسيح فى كل أعماله
وأقواله؟ فما وُجد فيه علة البتة بشهادة بيلاطس البنطى الذى صلبه (أى الذى ذبحه)
(لوقا 23: 22)
وشهادة إشعياء الذى شهد له من بعد “لم يعمل ظُلماً ولم
يكن فى فمه غش
(إشعياء 53: 9)، بل وشهد هو لنفسه وشهادته حق: “من
منكم يبكتنى على خطية؟”
(يوحنا 8: 46) قال هذا يسوع، وهو يتقدم إلى
الصليب شهادة لبر ذبيحته!!

يقدم لنا العلامة أوريجانوس تفسيراً آخر،
فيرى فى سلخ المحرقة أى انتزاع الجلد عن اللحم رمزاً لانتزاع الحرف عن تفسير كلمة
الله لكى يظهر التفسير الروحى الداخلى العميق، أما تقطيع الأعضاء وترتيبها على
المذبح فيشير إلى الانطلاق من لمس هدب ثوب السيد المسيح (متى 9: 20) إلى
التمتع بغسل قدميه بدموعنا ومسحهما بشعر رأسنا (لوقا 7: 44)، ثم إلى دهن
قدميه بالطيب، وأخيراً الاتكاء على صدره كما فعل القديس يوحنا الحبيب فيستريح
فكرنا ونتأهل لإدراك أسراره الإلهية ونُحسب أهلاً أن نتقبل أمه أماً لنا كما تمتع
القديس يوحنا فى لحظات الصلب. بمعنى آخر يرى العلامة أوريجانوس فى طقس
ذبيحة المحرقة النمو المستمر فى الحياة الروحية والإنطلاق من شرب اللبن الخاص
بالأطفال أو بالضعفاء (لمس هدب الثوب) إلى التمتع بالطعام القوى الذى للبالغين
(الاتكاء على صدره). فمن كلماته فى هذا الشأن: (أظن أن الكاهن الذى يُخرج اللحم
الذى للعجل المُقدم محرقة بسلخ جلده إنما هو ذاك الذى يرفع الحرف عن كلمة الله
(كورنثوس الثانية 3: 6)
، معرِّياً الأعضاء الداخلية أى يصير له الإدراك الروحى
والعلم الداخلى الخاص بالكلمة. يتحقق هذا على المذبح، فى مكان عال ومقدس وليس فى
مكان سفلى.

فالأسرار الإلهية غالباً ما لا يُكشف غطاؤها
لأناس غير متأهلين يسلكون فى السفليات والأرضيات وينطلقون من الأرض إلى الأرض،
إنما يكشف الغطاء لمن يحسبون كمذبح للرب، الذين يشعلون النار الإلهية بلا توقف،
ويميتون (شهوات) الجسد بلا انقطاع. على مثل هؤلاء نضع عجل المحرقة ونقطع أعضاءه
قطعاً، فنشرح التدبير والتوافق بين الأعضاء كلمس هدب ثوب المسيح، وغسل قدميه
بالدموع ومسحها بشعر الرأس، أما ما هو أفضل فهو دهن قدميه بالطيب وأعظم من هذا
الاتكاء على صدر المسيح (يوحنا 13: 25و21: 20). أى تقدم هذا، إذ يتمتع كل
واحد منا بالفهم الروحى حسب قامته وبما يناسبه، فيتمتع البعض بالأمور البدائية
وآخرون يتقدمون أكثر فى الإيمان بالمسيح، وآخرون يُحسبون كاملين فى معرفته ومحبته.
هذا هو تقطيع العجل عضواً عضواً) ([10]).

ثم بعد ذلك: “يجعل بنو هاون الكاهن
ناراً على المذبح ويرتبون حطباً على النار ويرتب بنو هارون الكهنة القطع مع الرأس
والشحم فوق الحطب الذى على النار التى على المذبح. وأما أحشاؤه وأكارعه فيغسلها
بماء ويوقد الكاهن الجميع على المذبح، محرقة وقود رائحة سرور للرب”.

كان هذا هو واجب الكهنة بنو هارون أن يجعلوا
ناراً على مذبح المحرقة. وكان لازماً عليهم أن تكون هذه النار مشتعلة ليل نهار بلا
توقف، لأن الله نفسه هو الذى أضرمها، فكانت تُعتبر ناراًمقدسة ([11]).
هذه النار لم تكن تُستعمل فى أى استخدام عادى، ولا كانت النار المعتادة التى
تُستخدم فى خدمة الأقداس. ومن هذه النار المقدسة التى على مذبح المحرقة كانوا
يُوقدون على مذبح البخور ويُقدمون البخور فى مجامرهم. هذه النار المقدسة تشير إلى
ذبيحة المسيح: “الذى بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب” (عبرانيين
9: 14).

كان من واجب الكهنة أيضاً أن يرتبوا الحطب على
النار. وكان لازماً فحص الحطب قبل إحضاره إلى المذبح، إذ ينبغى أن لا يكون مصاباً
بأى حشرات أو ديدان، وهكذا يرتبونه بعد فحصه ويضعونه بعناية فوق النار، فكل خدمة
الرب يجب أن تؤدى بكل عناية وتوقير. ثم يرتبون القطع مع الرأس والشحم فوق الحطب،
لأنه ينبغى أن يكون “كل شىء بلياقة وبحسب ترتيب” (كورنثوس
الأولى 14: 40)،
ثم بعد ذلك يغسلون الأحشاء والأكارع بماء، وفى هذا العمل ما
يُشير إلى طهارة المسيح فى الداخل كما من الخارج، وما أجراه الكاهن بالرمز عملياً
قد اتصف به المسيح بالفعل ذاتياً، فقد كان كاملاً فى سريرته، كما كانت أعماله
الظاهرة عنواناً لنواياه الباطنة.

ويرى العلامة أوريجانوس وكثير من الآباء
فى غسلها بالماء حتى الأحشاء الداخلية إشارة إلى عمل المعمودية، إذ بها تغتسل
طبيعتنا الداخلية خلال دم الذبيحة والماء وتتجدد بصلب الإنسان القديم والتمتع
بالإنسان الجديد.

وفى النهاية “يُوقد الكاهن الجميع على
المذبح محرقة وقود رائحة سرور للرب”،
وفى ذلك يقول القديس كيرلس
الكبير:

(المسيح هو المحرقة، لأنه قُدِّم ككل، وليس
جزئياً، لله وللآب رائحة طيبة) ([12]).

من أجل ذلك كانت المحرقة رائحة سرور للرب، لأنها
اختصت كلها بالله دون سواه، إشارة إلى طاعة المسيح الكاملة وخضوعه التام لمشيئة
الآب الذى بمحبته الفائقة للآب ولنا “أسلم نفسه لأجلنا قرباناً وذبيحة لله
رائحة طيبة”
(أفسس 5: 2).

وإن لم يكن الإنسان
قادراً على تقديم عجل صحيح فلُيقدم من الغنم ضأناً أو ماعزاً غير أن طقس المحرقة
مطابقاً له يحمل ذات المفاهيم

ومن لا يستطيع أن يقدم عجلاً أو ضأناً أو ماعزاً
فليقدم يمامتين أو فرخى حمام، الأمر الذى يسهل على الفقراء تقدمته. ولهذا كان يعطى
قدْرَ ما تسمح له يده (لاويين 5: 7و12: 8).

الله لا تهمه قيمة
التقدمة مادياً لكنه يطلب القلب، يريدنا ألا نظهر فارغين أمامه.

فى الطيور لا يقبل الله إلا تقدمة اليمام
والحمام. يرى القديس اكليمندس الإسكندرى أن اليمام يشير إلى الخوف من
الخطية وصغار الحمام إلى الوداعة وعدم الأذية ([13]).
ويرى العلامة أوريجانوس أن بعضاً من اليمام لا يقبل الذكر إلا أنثى واحدة
لا يقترب إلى غيرها حتى إن ماتت، لذا فهو رمز للطهارة. أما الحمام فيشير إلى
الكنيسة الحمامة الحسنة الحاملة لروح الله القدوس الذى ظهر على شكل حمامة عند عماد
السيد المسيح، كما يشير الحمام إلى حياة البساطة، وكأن هذه التقدمة إنما هى تقدمة
الكنيسة التى تظهر كفقيرة فى هذا العالم لا تملك إلا اليمام والحمام، لكنها غنية بطهارتها
وبساطة قلبها خلال عمل الروح القدس فيها.

وبجانب هذه المحرقة الاختيارية التى كان يُقدمها
الإسرائيلى متى أراد، كانت هناك المحرقات الطقسية التى تقدَّم فى مناسبات مختلفة،
وكانت تمثل التكريس الكلى للشعب باعتباره “مملكة كهنة وأمة مقدسة”
(خروج 19: 6)
وترمز إلى المسيح المحرقة الدائمة التى قدمها مرة واحدة فاستقطبت
جميع المحرقات والذبائح، وهذه هى المحرقات الطقسية التى كانت تقدم عن الشعب كله:

 

1 – المحرقة اليومية فى الصباح
وفى المساء (خروج 29: 38-42، عدد 28: 3- 8) خروفان حوليان كل
يوم دائماً” يقدم أحدهما فى الصباح والآخر فى العشية. كان خروف العشية تظل
النار مشتعلة فيه حتى الصباح، ثم يُقدم خروف الصباح فتظل النار مشتعلة فيه حتى
المساء، كانت هذه هى المحرقة الدائمة العامة التى يقدمها الكهنة عن الشعب.

 

2 – وفى تكريس الكهنة: كان يُقدَّم
ثيران وكباش وحملان (خروج 29: 15-18، لاويين 8: 18-21).

 

3 – وفى أيام معينة من
السنة وفى الأعياد كانت تُقدم المحرقات الآتية:

أ. فى السبوت حملان
إضافيان خلاف المحرقة اليومية (عدد 28: 9و10).

ب. فى بداية الشهور
القمرية كان يُقدم ثوران وكبش وسبعة حملان (عدد 28: 11- 14).

ج. وفى عيد الفطير كان
يُقدَّم فى كل يوم من سبعة أيام العيد ثوران وكبش وسبعة حملان (عدد 28: 17-25).

د. وفى عيد الحصاد: خروف
حولى (لاويين 23: 10-14)

ه. وفى عيد الخمسين:
ثوران وكبش وسبعة حملان ثم ثور وكبشان وسبعة حملان تصاحب تقدمة خبز الترديد (لاويين
23: 17-21، عدد 28: 26-31).

و. وفى اليوم الأول من
الشهر السابع: ثور وكبش وسبعة حملان، بالإضافة إلى تقدمة بداية الشهور (عدد1:
29-6).

ز. وفى يوم الكفارة: كان
يُقدَّم:

من أجل الكهنة       :
كبش (لاويين 16: 3).

ومن أجل الشعب     :
كبش (لاويين 16: 5).

ومن أجل اليوم نفسه:
ثور وكبش وسبعة حملان

 (عدد
29: 7-11).

ح. وفى عيد المظال: كان
يُقدَّم 13 ثوراً وكبشان و14 حَمَلاً فى اليوم الأول. ثم يتناقص عدد الثيران
المقدَّمة واحداً كل يوم إلى أن يصبح 7 ثيران وكبشين و14 حملاً فى اليوم السابع من
العيد (عدد 29: 12-34).

ط. اليوم الثامن من عيد
المظال: ثور وكبش وسبعة حملان.

 

4. محرقات تُقدَّم للتطهير:

i –     بعد ولادة الأطفال (لاويين 12): يُقدم
حمل أو فرخ حمام أو يمام حسب استطاعة مُقدم الذبيحة.

ii –    بعد
الشفاء من البرص (لاويين 14): يُقدم حمل أو فرخ حمام أو يمام حسب استطاعة
مُقدم الذبيحة.

iii –    بعد
الشفاء من السيل (لاويين 15: 13-15 و25-30): يُقدم فرخ حمام أو يمام.

 

5. نذر النذير:

 يُقدم
فرخ حمام أو يمام محرقة إذا تنجس عن اضطرار خلال أيام انتذاره. وفى ختام أيام
انتذاره يُقدم حملاً محرقة للرب (عدد 6).

 

6. المحرقة الملازمة لذبيحة الخطية التى
يقدِّمها الفقير:

فرخ حمام أو يمام (لاويين 5: 7-10).

 

7. المحرقة الملازمة لذبيحة الخطية تُقدمها
الجماعة إذا أخطأت سهواً:
ثور واحد (عدد 15: 22-26)

وبعد أن استعرضنا كل هذه المحرقات التى بلا عدد
بما فيها المحرقة اليومية الدائمة، ومحرقات الأعياد والمناسبات، ومحرقات تكريس
الكهنة، ومحرقات التطهير، ومحرقات النذيرين، والمحرقات المصاحبة لذبائح الخطية،
نأتى إلى ما قاله الرب لموسى بخصوص شريعة المحرقة وما يلزم مراعاته فيها:

V “وكلم الرب موسى قائلاً: .. هذه شريعة
المحرقة، هى المحرقة تكون على الموقدة فوق المذبح كل الليل حتى الصباح ونار المذبح
تتقد عليه. ثم يلبس الكاهن ثوبه من كتان ويلبس سراويل من كتان على جسده ويرفع
الرماد الذى صيَّرت النار المحرقة إياه على المذبح ويضعه بجانب المذبح. ثم يخلع
ثيابه ويلبس ثياباً أخرى، ويُخرج الرماد إلى خارج المحلة إلى مكان طاهر. والنار
على المذبح تتقد عليه، لا تُطفأ. ويُشعل عليها الكاهن حطباً كل صباح، ويُرتب عليها
المحرقة ويُوقد عليها شحم ذبائح السلامة، نار دائمة تتقد على المذبح لا تطفأ”
(لاويين 6: 8-13).

لاحظ أن شريعة المحرقة تتركز فى كونها تظل فوق
المذبح كل الليل حتى الصباح، والنار التى على المذبح تلتهم المحرقة مع شحم ذبائح
السلامة، نار دائمة تتقد على المذبح، لا تُطفأ، ومحرقة دائمة لا يخلو المذبح منها.
وفى ذلك إشارة إلى ذبيحة المسيح الكاملة التى صارت محرقة ووقوداً مستمراً أمام
الآب يشْتَمّه كل حين وإلى الأبد رائحة سرور ورضا، فيتحنن قلبه على البشرية بسبب
بر المسيح وطاعته حتى الموت من أجل خلاص جنس البشر. وكما التهمت النار الذبيحة
هكذا ابتلع الموت إلى غلبة بموت المسيح وقيامته. والكتان الذى يلبسه الكاهن لكى
يرفع رماد المحرقة ويضعه بجانب المذبح يشير إلى بر المسيح الذاتى وجسد قيامته،
لأنه إذ أطاع حتى الموت موت الصليب، لكى يكمل مشيئة أبيه الصالح، قام ببِّره
الذاتى غالباً الموت وحاملاً معه مفاعيل عمله العجيب الذى أكمله على الصليب. ثم
بعد ذلك يخلع ثيابه ويلبس ثياباً أخرى ويُخرج الرماد إلى خارج المحلة إلى مكان
طاهر دعى “مرمى الرماد” (لاويين 4: 12)، محاط بسور حتى لا
يأخذ أحد من الرماد الذى فيه، ولكى لا تذريه الرياح .. حتى آثار الرماد مقدس لا
يُمس! كل هذه العناية تدل على أن الرماد هو الشهادة على أن النار قد فعلت فعلها
كاملاً وأن الذبيحة قد قُبلت إذ التهمتها نار الله. وفى هذا المعنى نقرأ القول
“ليذكر
كل تقدماتك ويستسمن محرقاتك”
(مزمور 20: 3). والكلمة المترجمة
يستسمن”
تفيد فى الأصل
يحول
إلى رماد كل محرقاتك” دليلاً على قبولها. لقد كان منظر حمل الرماد إلى مكان
طاهر خارج المحلة بمثابة جنازة صامتة مهيبة. وهو يحمل
إلينا تعليماً هاماً “فلنخرج إذاً إليه خارج المحلة حاملين عاره”
(عبرانيين 13: 13).

إنها صورة لتقديس كل ما يمس الذبيحة الحقيقية
كقبر السيد المسيح الذى فيه اضطجع واهب الحياة، والذى قيل عنه: “ويكون
محله
(قبره) مجداً” (إشعياء11: 1).

ويهمنا أن نشير إلى أن الكلمة العبرية التى
تُرجمت
تتقد”
أو
يوقد”
فى ذبيحة المحرقة غير الكلمة المترجمة
يحرق”
فى ذبيحة الخطية. فاللفظة المستعملة فى ذبيحة المحرقة هى نفسها التى اُستخدمت فى
إيقاد البخور. أما اللفظة المترجمة
يحرق”
فى ذبيحة الخطية فمعناها الحرق بإطلاق المعنى. ففى ذبيحة المحرقة يقصد الوحى إيضاح
المعنى بأنها “وقود رائحة سرور للرب”. أما فى ذبيحة الخطية فيرمى
الوحى إلى إظهار حقيقة الإنهاء على الخطية وإبادتها.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى