بدع وهرطقات

5- المسيح والسبت



5- المسيح والسبت

5- المسيح والسبت

من
المسلم به لدى المسيحيين أن المسيح هو مصدر الوحي والإلهام لكتبة العهد القديم
والعهد الجديد (رسالة بطرس الأولى 1: 10-12) وهو غاية الناموس للبر لكل من يؤمن
(رومية 10: 4) وهو فوق الناموس وأعظم من موسى، الذي به صار الناموس (الرسالة إلى
العبرانيين 3: 1-6).

 

يقول
الكتاب العزيز: «اَللّهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً،
بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي
ابْنِهِ – الذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ
العَالَمِينَ» (الرسالة إلى العبرانيين 1: 1-2). فهذا الإله المتجسد، تصدى لناموس
الفرائض بما فيها حفظ السبت في ممارساته:

 

(1)
اختار يوم السبت للعمل، مما أثار اليهود ضده، لأنه حسب مفهوم اليهود نقض السبت
مرات عديدة، وذلك بقيامه بأعمال شفاء، سجلها اليهود عليه كمناقضة لأحكام الناموس،
وأدرجوها في لائحة الإتهام حين قدموه للمحاكمة. وهذه الأعمال هي:

شفاء
الذي كان فيه الروح النجس ببلدة كفرناحوم (الإنجيل بحسب لوقا 4: 31-37).

شفاء
الرجل الذي كانت يده اليمنى يابسة، في المجمع (الإنجيل بحسب لوقا 6: 6-11)

شفاء
الإمرأة المنحنية منذ ثماني عشرة سنة (الإنجيل بحسب لوقا 13: 10-17).

شفاء
الرجل المستسقي في بيت أحد الرؤساء الفريسيين (الإنجيل بحسب لوقا 14: 1-6)

شفاء
المقعد منذ ثمان وثلاثين سنة في رواق بيت حسدا (الإنجيل بحسب يوحنا 5: 6-16)

شفاء
إنسان أعمى منذ ولادته، وكان معروفاً لدى الجيران (الإنجيل بحسب يوحنا 9: 1-41).

السماح
لتلاميذه بقطف السنابل وفركها في يوم السبت (الإنجيل بحسب مرقس 2: 23-27).

 

(2)
لم ينكر المسيح أنه أزال نير السبت، فقد قال لغلاة اليهود الذين احتجوا عليه لكسره
السبت: أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل… وقد سجل يوحنا الإنجيلي ملاحظة مهمة بهذا
الخصوص، إذ قال: «فَمِنْ أَجْلِ هذَا كَانَ اليَهُودُ يَطْلُبُونَ أَكْثَرَ أَنْ
يَقْتُلُوهُ، لأَنَّهُ لَمْ يَنْقُضِ السَّبْتَ فَقَطْ، بَلْ قَالَ أَيْضاً إِنَّ
اللّهَ أَبُوهُ، مُعَادِلاً نَفْسَهُ بِاللّهِ» (الإنجيل بحسب يوحنا 5: 16-18).

 

في
هذه الآيات ما يكفي لدحض حجة الأدفنتست في أمر السبت:

 

فمع
أن الله ارتاح في اليوم السابع من عمل الخليقة (تكوين 2: 2) إلا أنه داوم على عمل
العناية، الذي به يقوم بحاجات مخلوقاته كلها في السبت وغير السبت. ومن أعماله كل
يوم تسيير الكواكب في أفلاكها ونزول الأمطار وهبوب الرياح وغير ذلك. ولو لم يفعل
ذلك نهاراً وليلاً، صيفاً وشتاء، آحاداً وسبوتاً، لعم الهلاك الخليقة كلها.

 

قد
يتذرع السبتيون بكون المسيح في حواره مع اليهود بيَّن لهم أنه يجوز فعل الخير في
السبت. ولكن ما قولهم في أمر المسيح لمقعد بيت حسدا الذي شفاه: قم احمل سريرك
وامش؟ هل يسمح الناموس الخاص بالسبت لأحد أن يحمل سريره ويمشي في السبت؟ كلا!
بدليل قول الفريسيين للمُقعَد الذي شُفي: إنه سبت ولا يحل لك أن تحمل سريرك. (وقد
بنوا اعتراضهم على ما جاء في خروج 20: 10، وإرميا 17: 21).

 

حين
احتج الفريسيون على يسوع لأنه سمح لتلاميذه بأن يقطفوا السنابل ويفركوها يوم السبت
رفض احتجاجهم قائلاً: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لا
الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ. إِذاً ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضاً»
(الإنجيل بحسب مرقس 2: 27-28).

 

فمعنى
هذا أنه لم يفرض على الإنسان أن يخدم السبت. على العكس فإن السبت جُعل لأجل راحة
الإنسان. أي أنه وُضع لكي يخدم الإنسان. وفي تعبير آخر أن الله خلق الإنسان أولاً
ثم عيَّن السبت لخيره، فلا يجوز إذن تفسير الوصية بما يضع نيراً على الإنسان، كما
فعل اليهود حين جعلوا تقديس السبت عين الغاية لا الوسيلة إليها. وبذلك أوجبوا على
الإنسان أن يدوس خيره.

 

يخبرنا
الكتاب المقدس أنه مع كون الأعمال قد أكملت منذ تأسيس العالم، وأن الله دخل في
راحته في اليوم السابع، إلا أن الناموس بما فيه حفظ السبت، لم يستطع أن يوجد
الراحة للبشر. وذلك بسبب العصيان. لذلك يعين الله يوماً آخر للراحة، أي زماناً
لراحته غير زمن راحته في اليوم السابع، وغير راحة الإسرائيليين في أرض كنعان.
وانطلاقاً من هذه الحقيقة قال الرسول: «لأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَشُوعُ قَدْ أَرَاحَهُمْ
لَمَا تَكَلَّمَ بَعْدَ ذالكَ عَنْ يَوْمٍ آخَرَ» (الرسالة إلى العبرانيين 4:
4-8).

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى