اللاهوت الطقسي

هوت_طقسى_1_طقوس_العهد_القديم_الأعياد_03[1].html



الفصل الثالث

عيد
الفطير
Feast of Unleavend Bread

مقالات ذات صلة

بمغيب شمس اليوم الرابع
عشر يبدأ عيد الفطير وهو اليوم الخامس عشر من شهر نيسان. ويُشتق اسمه من الكلمة
العبرية “مصوت =
Mazzot ” ويسمى فى الكتاب “خبز المشقة(تثنية
16: 3).

كان يبدأ فى ليلة الفصح
نفسها ويستمر سبعة أيام فيها يأكلون فطير وهو الخبز الوحيد الذى كان مسموحاً به
طيلة الأسبوع. والنفس التى تأكل خميراً تُقطع من جماعة إسرائيل. (انظر خروج 23: 15،
لاويين 29: 6-8، عدد 28: 17، تثنية 16: 1-4)

والأصل فى أكل الفطير
أن يكون نوعاً من التشهيل وتعبيراً عن خلاص الله السريع إذا اضطروا للخروج وحملوا
عجينهم قبل أن يختمر ووضعوه فى ثيابهم (خروج12: 34) وخبزوا خبز ملة فطيراً
إذا كان لم يختمر لأنهم طُردوا من مصر ولم يقدروا أن يتأخروا فلم يصنعوا لأنفسهم
زاداً (خروج12: 39)، لذلك أصبح من رموز أكل الفطير الإشارة إلى ذلك الخروج
السريع (تثنية16: 3).

اليوم الأول واليوم
السابع محفلاً مقدساً لا يعملون فيهما أى عمل (لاويين 23: 7و8) إلا ما هو
لازماً لإتمام طقس الفرح فى العيد. بعد محرقة الصباح المعتادة، كانت تُقدم ذبائح
وتقدمات العيد. هذه كانت تتألف فى كل يوم من أيام العيد السبعة، من ثورين ابنى بقر
وكبش وسبعة حملان
(خراف حولية) لذبيحة محرقة، ومعها تقدمة الدقيق المخصصة، وكذلك تيساً واحداً
لذبيحة خطية للتكفير عنهم (عدد 28: 19-24).

بعد الإنتهاء من هذه
الذبائح العامة عن كل الشعب كانت تُقدم تقدمات الشعب الخاصة (تثنية 16: 16و 17)
وكان ذلك يتم عادة فى اليوم الأول الموافق 15 نيسان.

كان عيد الفطير يأتى
بعد الفصح مباشرة، لأنه هو نتيجة له!! وإذا كان الخمير يرمز للشر، فالمؤمن الذى
تقدس بدم المسيح – الذى يشير إليه دم خروف الفصح – كيف يحيا مع الخمير، أو يكون فى
حياته خمير؟! إن مدة العيد – وهى سبعة أيام – تشير إلى دورة الحياة بأكملها.
والفترة التى يشير إليها عيد الفطير هى مدة وجود الكنيسة على الأرض أو حياة المؤمن
على الأرض.. فإبتداء من الفصح – أى موت المسيح – إلى ظهوره الثانى هى فترة
يغتذى المؤمنون فيها بالمسيح “تبشرون بموتى وتعترفون بقيامتى وتذكروننى إلى
أن أجىء ” (انظر كورنثوس الأولى 11: 25و26).

ويهمنا أن نشير هنا أن
فطير العهد القديم لا يشير إلى الإفخارستيا، بل إلى الدخول فى الإيمان المسيحى حيث
أنه يمثل الميول الداخلية الخالية من الشر والخبث للمعمَّدين الجدد.

لقد ربطت المسيحية هذا
الرمز بالخليقة الجديدة التى أكملها لنا المسيح! وهنا يقول الشهيد القديس
يوستين:
[ما يعنيه الفطير هو أنكم لا تعودون إلى الأعمال العتيقة التى للخميرة
الشريرة، ولكنكم فهمتم (أيها اليهود) كل شىء بمعنىً جسدى محض. لهذا أوصاكم الله أن
تعجنوا خميرة جديدة بعد سبعة أيام الفطير، وهى تعنى ممارسة الأعمال الجديدة. ]([1]).

أما القديس هيبوليتس
فيأخذ الخميرة الجديدة ويعمل منها فكراً جديداً، يشير به إلى عمل الإفخارستيا فى
حياتنا. فيقول: [دع اليهود يأكلون الفطير سبعة أيام حتى إلى سبعة دهور العالم، أما
نحن فالمسيح فصحنا قد ذُبح لأجلنا وقد قبلنا منه عجينة جديدة بإتحادنا معه]([2])

والقديس كيرلس
الإسكندرى

أيضاً يرى أن الفطير يشير إلى حياة الإنسان الذى يشترك فى الإفخارستيا، فيقول: [النص
الكتابى الذى يَفرِض على اليهود أن يأكلوا خبزاً غير مختمر، مغزاه الرمزى هو أنَّ
الذين اشتركوا فى المسيح ينبغى أن يغذوا نفوسهم برغبات نقية غير مختمرة، معتادين
على أسلوب طاهر من الحياة الخالية من أية خلطة بالخبث.. ]([3])،
ويعود فى عظته عن العبادة فيقول فى هذا الموضوع: [نحن جميعاً الذين تقدَّمنا
واشتركنا فى الحياة الأبدية بواسطة السرائر (المقدسة)، علينا أن نحاول بلا انقطاع
أن نحفظ الناموس الذى وُضِع للفصح. فينبغى علينا بالتأكيد ألاَّ نكفَّ عن الاحتفال
بالوليمة فى المسيح متخلِّصين من كل خميرة من محيطنا ومن كل مكان نسكن فيه. إن
المدعوين إلى الإيمان والبر الذين هم فى المسيح ويحتفلون بالوليمة روحياً، عليهم
ألاَّ يفعلوا ذلك بخمير الخبث والخطية، بل على العكس، فهم إذ يطهَّرون من الخميرة
العتيقة يتحولوَّن إلى شىء أفضل ويظهرون كعجينة جديدة مع أسرهم وذويهم، أى كل
الشعب الغفير الذى قَبِلَ الإيمان. ]([4])،
ثم يتكلم عن الخميرة الجديدة التى ليست من هذا العالم: [وكما يقول بولس الرسول أن
خميرة صغيرة تُخمر العجين كله، هكذا فإن أقل قدر من البركة والصلاح يُصلح كل
الإنسان ويملأه بالقوة والفعل هكذا حينما يصير المسيح فينا ونصير نحن أيضاً فيه،
كما يقال أن العجين كله اختمر أو صار خميراً أو الخميرة صارت فى العجين كله، هذا
هو بالإختصار معنى الكلام!

فإن كنا نتوق إلى
الحياة الأبدية، وإذا كنا نصلى لنحصل على واهب الحياة الأبدية داخلنا، فلا يليق أن
نكون كالمستهترين ونرفض البركة، أو نجعل الشيطان بحيله الخبيثة يُوقعنا فى فخ من
فخاخه أو فى مجد باطل. لأنه حقاً هذا المكتوب: “كل من يأكل من هذا الخبز أو
يشرب من هذا الكأس بدون استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه ” (كورنثوس
الأولى 11: 29)]
([5])

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى