علم التاريخ

اليهودية تحت حكم بيلاطس البنطي (26-36م):



اليهودية تحت حكم بيلاطس البنطي (26-36م):

اليهودية
تحت حكم بيلاطس البنطي (2636م):

(وُجِدَت
أثناء حفريات عُملت في سنة 1961م بمدينة قيصرية لوحة حجرية تحمل اسم “بونتيوس
بيلاطس مع اسم طيباريوس قيصر”)([1])،
وبيلاطس هو خامس حاكم روماني على اليهودية، عيَّنه طيباريوس قيصر سنة 26م، وهذا
يوافق بدء خدمة السيد المسيح تماماً. وطبعاً ليس هذا مصادفة.

وتولَّى
بيلاطس البنطي الحكم في اليهودية من سنة 2636م. وبناءً على تعديل في
حكم مجلس الشيوخ الروماني الصادر في سنة 21م الذي بمقتضاه يصرِّح لحكام الأقاليم
أن يصحبوا زوجاتهم معهم([2])،
أخذ بيلاطس زوجته وأقامت في أُورشليم (مت 19: 27). وقد بدأ بيلاطس حكمه بتحدِّي
اليهود بأن نقل مركز قيادة الجيش من قيصرية إلى أُورشليم، وأحضر تمثال قيصر وشعار
الامبراطورية النسر الذهبي ذا المنكبين العريضين ونَصَبهما ليلاً في مداخل
أُورشليم، مما أثار حفيظة اليهود وجعلهم يتوجَّهون إليه في مقر قيادته في قيصرية
وينازعونه علناً في هذا الأمر، وقد هدَّدهم بيلاطس بالموت. ولكن أمام إصرارهم
وشجاعتهم ستة أيام وهم وقوف لدى البلاط الروماني في قيصرية مقدِّمين حياتهم للموت
بدون خوف أو تردُّد، جعل بيلاطس يرفع التماثيل والشعارات من أُورشليم وينصبها في
قيصرية مرَّة أخرى([3]).

وقد
ذكر هذه الحادثة يوسابيوس القيصري نقلاً عن فيلو اليهودي([4]).
ولمَّا حاول بيلاطس مد مجرى ماء جديد إلى مدينة أُورشليم من على بُعد 25 ميلاً
لتحسين أحوال المدينة، تصدَّى له اليهود لأنه أراد أن يستخدم أموال الهيكل في ذلك،
وكان موسم من مواسم الأعياد الكبرى حيث كان يتجمَّع اليهود ويقدِّمون ذبائحهم، وقد
تزعَّم المقاومة جماعة من الجليليين لأنهم كانوا أكثر اليهود تعصُّباً وأشدهم
استعداداً للثورة، مما جعل بيلاطس يأمر جنوده بأن يعمل فيهم السيوف فذبح منهم
خلقاً عظيماً واختلطت دماؤهم بذبائحهم كما يصف الإنجيل (لو 1: 134)([5])،
وكما يصف يوسيفوس([6]).

وقد
حدث أن قُتل في هذه المذبحة كثيرٌ من أتباع هيرودس أنتيباس رئيس ربع الجليل مما جعل الحقد والضغينة والعداوة تزداد
بين بيلاطس وهيرودس،
والتي أراد بيلاطس
أن يتلافاها في المرَّة الأخرى التي تعرَّض لها عندما قدَّموا إليه
المسيح لمحاكمته وصلبه وعلم أنه من الجليل فأرسله
إلى هيرودس (لو 6: 23
12). ([7])

في
هذه الأثناء ظهر المسيح، وقد وصفه يوسيفوس هكذا:

[كان
رجلاً حكيماً، إن جاز أن ندعوه مجرَّد رجل، لأنه كان يصنع المعجزات، وكان معلِّماً
مقبولاً لدى الذين يُسرُّون بالحق. وقد اجتذب إليه كثيراً من اليهود ومن الأمميين.
وقد كان “مسيحاً” وقد حكم عليه بيلاطس بالصلب بإيعاز من رؤسائنا، لكن الذين أحبوه
لم ينسوه لأنه ظهر لهم حيًّا في اليوم الثالث بحسب ما تنبأ الأنبياء القديسون عنه
بهذه الأمور وبعشرة آلاف أمور عجيبة أخرى تخصه. وجماعة المسيحيين الذين تسمُّوا
باسمه لا يزالون إلى هذا اليوم.] ([8])

أمَّا
بخصوص حادثة صلب بيلاطس للمسيح فيذكرها المؤرِّخ تاسيتوس الوثني باختصار([9]).

وفي
هذه الأثناء قامت مشاغبات وأعمال غير شريفة من بعض اليهود القاطنين في روما، مما
اضطر طيباريوس قيصر إلى نفي أربعة آلاف يهودي من روما إلى جزيرة سردينيا وشرَّد
الباقين خارج البلاد([10]).

وقد
انتهت أيام حكم بيلاطس البنطي في اليهودية (36م) على أثر شكوى تقدَّم بها
السامريون إلى ميثلوس والي سوريا العام ضد بيلاطس، لأنه استخدم ضدهم العنف وذبح
الشعب الأعزل بينما كان متجمِّعاً في جبل جرزيم (المقدَّس بالنسبة للسامريين) وهم
يبحثون عن تابوت العهد والأواني التي يُقال أن عُزّي رئيس الكهنة خبأها في هذا
الجبل بأمر الرب (1أي 6: 6).

وقد
غادر بيلاطس البنطي اليهودية إلى روما لمقابلة طيباريوس قيصر ليعطي تقريراً عن
السبب في هذه الشكوى، وقد أقيل من منصبه وذلك بعد أن حكم اليهودية عشر سنوات([11]).
وبينما بيلاطس في طريقه إلى روما مات طيباريوس قيصر سنة 37م في شهر مارس.

وقد
تعيَّن بدلاً منه لحكم اليهودية مارسيللوس سنة 36م ولم يبقَ في الحكم إلاَّ
مدة قصيرة، لأنه في السنة التالية عيَّن الإمبراطور كاليجولا حاكماً آخر عوضاً عنه
هو ماروللوس([12])
الذي صار والياً على اليهودية إلى أن تحوَّل الحكم فيها من ولاية رومانية إلى
مملكة تابعة للحكم الروماني، وذلك بتولِّي الملك أغريباس الأول عليها من سنة 41م
إلى سنة 44م. ومن بعده عادت اليهودية مرَّة أخرى تحت حكم الولاة الرومان.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى