مريم العذراء القديسة

المباركة فى النساء



المباركة فى النساء]]>

المباركة فى النساء

أليصاباتالعاقر ومريم العذراء تتّحدان في الابتهاج عينه، ابتهاج ابنة صهيون، شعب إسرائيلالذي كان ينتظر، من خلال آلام تاريخه، الخلاص الأخير الذي سوف يمنحه إيّاه المسيح.أليصابات العاقر، وهي تشعر بطفلها يرتكض في أحشائها، وتدرك أنّ مريم العذراء تحملفي أحشائها المسيح الموعود به، تفقه أنّ نبوءات ابنة صهيون تحقّقت، وأنّ ابنالعاقر وابن العذراء سيكونان في أصل الشعب الجديد الذي لا يُحصَى، شعب إسرائيلالجديد المولود من الله. وتنطلق من فمها البركة التي أوحى بها إليها الروح القدسالذي امتلأت منه: “مباركة أنت في النساء ومبارك ثمرة بطنك”. هذا القوليجب فهمه بالمعنى الكتابي للفظة “البركة”.

إنّاليصابات، بقولها إنّ مريم ويسوع هما مباركان، تعني أنّهما موضوع بركة الربّ،وتشكر لله ما صنعه لهما وما صنعه لنا بواسطتهما. فالبركة هي نشيد شكر لله. مريمويسوع هما مباركان، أي إنّهما يشتركان في بركة الربّ ويسهمان في قصده الإلهي. يومالشعانين ستهلّل الجموع ليسوع معلنة إيّاه المسيح والملك، ومستخدمةً اللفظة عينها:

“مبارك الآتي باسم الرب” (متى 21: 9)

“مباركة المملكة الآتية، مملكة داود أبينا” (مر 11: 9-10)

مقالات ذات صلة

“مبارك الملك الآتي باسم الرب” (لو 19: 38).

“مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل” (يو 12: 13).

ويسوع نفسهفي موضع آخر يطبّق هذا الهتاف مجيئه الثاني المجيد في نهاية الأزمنة: “فإنّيأقول لكم: إنّكم لن ترونني من الآن حتى تقولوا: مبارك الآتي باسم الرب” (متّى23: 39). هذا يدلّ على أنّ بركة أليصابات تتسم بسمة ماسيوية وإسختولوجية. إنّهاتحيّي مريم العذراء “المباركة” وتحيّي فيها “المبارك” اللذينيأتيان باسم الرب، إنّها تحيّي في مريم العذراء أمّ المسيح الملك، الملكوت الآتي.

إنّ لقب”المبارك” كان عند اليهود مرادفًا لله الذي كانوا يخشون التلفّظ بانه.”فالمبارك” يعني يهوه الله. هكذا يبدأ نشيد زكريا، مشيرًا إلى اسم اللهوإلى موضوع تسبحته: “مبارك الربّ إله إسرائيل” (لو 1: 68). وفي أثناءمحاكمة يسوع، يسأله رئيس الكهنة: “أأنت المسيح ابن المبارك؟” (مر 14:61). وفي العهد القديم يبارك ملكيصادق إبراهيم بقوله: “مبارك أبرام من اللهالعليّ، خالق السماوات والأرض، ومبارك الله العليّ الذي أسلم أعداءَك إلىيدك” (تك 14: 19- 20).

وتُوجَّهأيضاً البركة عينها إلى يهوديت لكونها بقدرة الله قطعت رأس عدوّ شعب الله. وتجدرالمقارنة بين هذه المقاطع الثلاثة:

 

تك 14: 19- 20

 

مبارك إبراهيم

من قبل الله العليّ

خالق السماء والأرض

 

ومبارك الله العليّ

 

الذي أسلم أعداءك

الى يديك

يهوديت 13: 18

 

مباركة أنت، يا بنيّة

من قبل الله العليّ

فوق جميع النساء

اللواتي على الأرض

ومبارك الربّ الإله

خالق السماوات والأرض

الذي هداك لضرب

رأس قائد أعدائنا

لو 1: 42

 

مباركة أنت

 

في النساء

 

ومبارك ثمرة بطنك

 

أليصاباتتعبّر عن إيمانها بالمسيح الملك وبمجيء الملكوت في شخصه، وفي الوقت عينه تشكر للهمَن يأتي إليها باسم الربّ هو وأمّه، حاملاً الخلاص للعالم. يهوديت أُعلنت”مباركة فوق جميع النساء اللواتي على الأرض” لأنّها خلّصت الشعب منعدوّه أليفانا رئيس قوّاد جيش أشور. ومريم تُعلَن هنا “مباركة فيالنساء” لأنّها تحمل في أحشائها المسيح مخلّص جميع الشعوب.

 

مريم العذراء “أمّ ربّي”

بعدأن تُبارَك يهوديت، “يُبارَك الربّ الإله الذي هداها لضرب رأس قائدأعدائنا”. هنا، بعد أن تُبارَك مريم العذراء، يُبارَك ثمرة بطنها، الربّ يسوعالمسيح. ففي مريم العذراء لم يعد الربّ المخلّص قدرة تأتي إلى الإنسان من الخارجبل صار شخصاً متجسّدًا في أحشاء مريم العذراء. أليصابات تقول عنه إنّه”ربّي”. ومريم هي “أمّ ربّي”. وفي ذلك تذكير بقول داود فيالمزمور 110: “قال الربّ لربّي: إجلس عن يميني، حتى أجعل أعداءك موطئًالقدميك”. والسيّد المسيح نفسه يسأل اليهود عن معنى هذا القول: “كيف يقالإنّ المسيح هو ابن داود، وداود نفسه يقول في سفر المزامير: قال الربّ لربّي: إجلسعن يميني، حتّى أجعل أعداءك موطئًا لقدميك؟ فداود يدعوه ربًّا، فكيف يكون هوابنه؟” (لو 20: 41- 43). لا جواب على هذا السؤال إلاّ بالاعتراف بأنّ المسيحهو كإنسان ابن داود وكابن الله ربّ له. هتاف أليصابات إعلان إيمان بألوهية المسيح.ومن ألوهية المسيح تتّخذ مريم العذراء أشرف لقب لها، كما سنرى في مجمع أفسس، لقب”والدة الإله”، لأنّها ولدت المسيح الذي هو الربّ ابن الله.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى