المصالحة مع الصليب
للقمص متى المسكين
عن كتاب مع المسيح في آلامه حتى الصليب
من صفحة 244 - 245
الطبعة الرابعة 1981
+ السلام للصليب الذي عليه دفع المسيح ثمن كل خطايانا
+ السلام للخشبة المحيية التي بها زالت اللعنة وقبلنا الحياة الأبدية
إذن ، جيد لنا أن نُمجد الصليب وإشارة الصليب ، فهو محور كل طقس وبداية ونهاية كل تقديس ، سرّ القوة المتدفقة في كل سرّ ، والنعمة الحالَّة على كل نفس ...
ولكن الأرثوذكسي لا يُعوزه عظة عن تمجيد الصليب ، فهو يعيش هذا التمجيد منذ أن يدخل جرن المعمودية حتى تستودعه الكنيسة إلى مقرة الأخير . فإشارة الصليب ترافقنا من المهد إلا اللحد ، وفي كل قداس ينضح النور على وجهنا من كثرة رشم الصليب .
الذي يعوزنا حقاً بالنسبة للصليب هو أن نتصالح معه ، فبالرغم من فرحنا الشديد به إذا قُدَّم لنا كهدية على هيئة ذهب أو فضة أو خشب منقوش أو سن فيل جميل ، إلا أنه لا يوجد إلا القليل جداً من يحتمل الصليب أو يرضى إذا قُدَّم إليه كصليب حقيقي من الآلام !!! كما رضي به المسيح واحتمله بسرور !!! ...
لا يمكن أن نتصالح مع الصليب إلا إذا كان لنا " فكر المسيح " : " فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً ، الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خُلسة أن يكون معادلاً لله ، لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس . وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " (في2: 5 – 8 ) . " وضع نفسه " ... " وأطاع الموت موت الصليب " ...
فإذ كان لنا فكر المسيح هكذا نكون فعلاً في مصالحة مع الصليب : " وضع نفسه فأطاع حتى الصليب " .
+ حينما نحاول أن نعيش حسب وصايا المسيح ، قبل أن يكون لنا " فكر المسيح " ( 1كو2: 16 ) من جهة المصالحة مع الصليب وطاعة المسير في الدرب المؤدي إليه ، نخفق بشدة ، ويتزيَّف لنا التعليم المسيحي كله ، فنصير مُعلمين كذبة ومتعلمين لأكاذيب .
لأن معرفة الإنجيل ووصايا يسوع لإنسان ليس له " فكر المسيح " من جهة الصليب ، تصبح كلها معرفة للافتخار والمجد ( لحساب الذات ) والدينونة .
أما الذي له " فكر المسيح " ، قد وضع ذاته فعلاً وأطاع مصمماً على المسير في درب الصليب حتى إلى الموت ، فمثل هذا تصير معرفة الإنجيل لا لدينونة آخرين ، ولا لتمجيد الذات أو الافتخار بالمعرفة ، ولكن لقيادة آخرين إلى " فكر المسيح " عينه وللمصالحة مع الصليب .