نسيب عريضة ( شعراء حمص في المهجر )
شعراء حمص في المهجر
نسيب عريضة
1888 ـ 1946
ولم يشذّ نسيب عن إخوانه أعضاء الرابطة القلميّة من حيث شعورهم بغربتين متلازمتين: غربتهم عن الوطن المادي وغربتهم عن الوطن الروحي . ولعلّ الغربة الثانية كانت الأقسى على قلبه . فلاعجب أن تسمع للأسى في شعره أنغاماً شجّية وأن تبصر فيه كل ألوان الحيرة والوحدة والوحشة . ومن أجمل قصائده الوطنيّة: الحنين ( إلى فلسطين ) و( ياحمص ياأم الحجار السود )
وهذه نفحات من بعض قصائده :
1- إلى فلسطين : من وراء البحار ألقاها في حفلة الجامعة العربية في بروكلن سنة 1938 لمناسبة وعد بلفور :
فتعلو وتهبُطُ منّا الصّدورُ ونهفُو وأبصارُنا مُطرِقـــةْ
ومن خلفِ هذاالخضمِّّ البعيدِ نُحييّكِ بالدَّمعةِ المُحــرقةْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جهادُكِ أورى زِنادَ النفـــوسِ فطارت شرارتُها مُبرقـــةْ
جهادٌ ملأتِ به الخافِقَيـــــنِ فضاقت به القوّةُ المُرهِقــةْ
وسَطّرتِ آياته في الخلــودِ بأرواحِ أبنائكِ المُزهََقَـــةََ
ـــــــ
2- أمام الغـــــــــروب :
فما نالَ قلبي ُمنــــــــاه وما ذاقَ غيــــرَ الخطــــــــــوبْ
ــــــــــــ
حَنانيّكَ داعي الرّحيــــــلْ أنمضي كــذا مُرغميـــــــنْ ؟
ولم نروِ بعـــــدُ الغـليلْ فمهــــــلاً ودَعنا ِلحيـــــنْ !
أتمضي الحيـاة ســـــدى وما طال فيهـــــا المَقـــــامْ
ولمْ نجتــــــــــــــــزْ المُبتـــدا فسرعانَ يأتـــــي الختــــامْ !
ـــــــــــــ
3- رباعيّــــات :
حياةُ شكَّ ومـوتُ شـكَّ فلْنغمُـرَ الشـــــكَّ بالمُدامْ
آماُلنا شَعشَـت فغـابتْ كالآلِ أبقـى لنــــــــــا الاوامْ
لابأس . ليس الحيــاةُ الاّ مرحلـةٌ بدؤها ختـــــــــامْ
ـــــــ
4- سِـــــيّان :
يانفــسُ فالآتـــــــي مثلُ الـذي يمضـي
ـــــــــــــــــــــــــ
فافعـلْ كما تهـوى ياقلــبُ لاتحـذَرْ
إن كنـتَ من تبـرٍ ماضـّرك المصَهرْ
ـــــ
5- يانفْــــسُ :
يانفْسُ , مالكِ والأنيــــــــــــــــــــن ؟ تتألّميــــــــــــــــــــن وتؤلِميـــــــــــــــنْ !
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
يانفْسُ مالكِ في اضطــــــــــــــــراب كفريســــــــــةٍ بين الذئــــــــــــــابْ ؟
هلاّ رجَعــــــــــــــــــــتِ إلى الصواب وبدلــتِ رَيْبك باليقيـــــــــــــــــــــــنْ !
ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
6- النهــــاية :
رُبَّ عارٍ ؛
رُبَّ نارٍ ؛
حركـــتْ قلـــــــــــــبَ الجبــَـــــــــــانْ
كلُّهــا فينــــــــــا ولكن لم تحــــــــــــــــــــــرّك
ســاكناً الاّ الّلســـــــــــــــــــــــــــــــانْ
ـــــــــــــــــــ
وادفنــــوه ؛
أسكنــــــوهُ
هُوَّةَ اللـــــــــحد العميـــــــــــــــق
واذهبـــــــــوا لاتندبــــــــــــــــــوه , فهو شعْــــــــــبٌ
ميّـــــــــــــــــــتٌ ليسَ يفيــــــــــــــــــقْ
ـــــــــــــــــــــــ
7- سِفـــر الدّهـــور :
ذو ثــراءٍ يحســـــــــــــــــــبُ المـــــــــــالَ غنىً وهــــــــــــــو غـــــــــــــــرورْ
يَملِكُ المــــــــــــــــــــالَ ولكــــــــــــــــن هــو للمــــــــــــــــــالِ أجيــــــــــرْ
دعْكَ منــــــــــــــــــه . وأقلــــــــــــــــــــبِ الصفحةَ في سفر الدَّهـــــــــــورْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8- أم الحجـــار السّـــود :
ياكعبـةَ الأبطـــــــــــــــــالِ , انّ ثـــــــــــــــــــــــــــــــــــراكِ
غِمــدٌ لســــــــــــــــــــيفِ الله في مثـــــــــــــــــــــــــــــواكِ
ولَكم لنا مــــــن خشْعــــــــــــــــــــــــــةٍ وسجـــــــــــــــودِ
فـــــي هيكـــــــلِ النَّجــــــــــــــــــــــــــوى ومن تمجيـــــــــــدِ !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يادهـــرُ قد طــالَ البُعــــــــــــــــــــادُ عن الوطــــــــــــنْ
هـــلْ عودةٌ تُــــــــــرجى وقد فــــــــــاتَ الظَّعــــــــــــنْ
عُـــــدْ بي الى حمــــص ولوحشْـــــــــــــــــو الكفـــــــنْ
واهتفْ : أتيــــــــــتُ بعـــــــــــــــاثرٍ مـــــــــــــــــــــــــردودِ
واجعـــــــــــــــــلْ ضـــــــــــــريحي من حجــــارٍ ســــــــــودِ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9- علــى قبــري :
يدان بلا جســــمٍ تُمـدّانِ في الفضــــــــــا تُمدّانِ من صخــــــــرٍ على القبر يربِضُ
فيُمناهُما مبســوطةٌ تشــــــــحذُ الجَــــدا لتُشبِع جوعَ النفسِ والجوعُ يرفضُ
ويُسراهُما فيها فــــــــــــؤادٌ مـــــــــــضرّجٌ تُقدّمه للناس , والناسُ تُعــــــــــرضُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتخليداً لذكراه فقد أطلقت مديرية التربية بحمص إسمه على إحدى الثانويات .
وأخيراً وبعد أكثر من 60عاماً على رحيله ,نرفع نداءنا إلى المغتربين وإلى أهالي مدينة إبن الوليد ومسؤوليها لتحقيق أُمنيته ونقل رفاته إلى بلده .
1/3/2004 المهندس جورج فارس رباحية
المصـــادر :
ــــــــ
1ـ نسيب عريضة : مناهل الأدب العربي 1950
2ـ مجلة جادة الرشاد: حنا خباز 1923
3ـ تاريخ حمص الجزء 2 : منير الخوري عيسى أسعد 1984
4ـ أدبنا وأدباؤنا في المهاجر : جورج صيدح بيروت 1957

