مقالات متفرقة لقداسة البابا شنودة الثالث قساوة القلب
كتب قبطية
مقالات متفرقة لقداسة البابا شنودة الثالث
[COLOR=#008000][COLOR=#008000]قساوة القلب
[FONT=Times New Roman]قساوة القلب لها اتجاهان: قساوة في التعامل مع الناس، وقساوة في التعامل مع الله. أما القساوة في التعامل مع الله، فهى الرفض المستمر للحياة مع الله ولطاعة وصاياه، وإغلاق القلب تجاه محبته، وعدم الانجذاب نحو إحسانات الله التي يظهرها للانسان في عديد من المناسبات…
[FONT=Times New Roman]أما القسوة ف[FONT=Times New Roman]ي التعامل مع الناس، فمظهرها قسوة المعاملة، والكلمة القاسية، والنظرة القاسية، والعقوبة القاسية، والتوبيخ القاسى. وقد تكون القسوة على الجسد في تعذيبه، أو قد تكون القسوة على النفس في إذلالها وسحقها، والتشهير بها، والعنف في معاملته
[FONT=Times New Roman]والانسان الخاطئ يقع في هذين النوعين من القساوة.
[FONT=Times New Roman]وعكس القوة: الرحمة والحنو والعطف والإشفاق…
[FONT=Times New Roman]إن القسوة كثيراً ما تكون مظهراً أو نتيجة لكبرياء القلب.
[FONT=Times New Roman]وعلى القساة أن يحترسوا، وليخافوا على انفسهم من قساوة قلوبهم. لئلا يلاقوا نفس المعاملة. وبالكيل الذي به يكيلون، يُكال لهم ويزاد! فإن القسوة مكروهة من الكل. كما كانت قسوة فرعون الذي ما كان يلين مطلقاً ولا يتوب..
[FONT=Times New Roman]أما القلب الطيب، فإنه قريب جداً من الله، فهو كعجينة لينة في يد الله يشكلّها مثلما يشاء. وعكس ذلك القساة لأن قلوبهم صخرية صلبة، لا تستجيب لعمل النعمة فيها!
[FONT=Times New Roman]القلب القاسى – من جهة الحياة الروحية – يعيش في جو من اللامبالاة! كلمة الله لا تترك تأثيرها فيه. فهو لا يتأثر بكلام الروح. بل قد يسخر منه ويتهكم، ويرفض السماع! تصبح وصايا الله ثقيلة عليه، بينما الثقل كله هو في القلب!
[FONT=Times New Roman]إنه لا يتأثر إطلاقاً بأى دافع روحى. لا يتأثر بحنان الله، ولا حتى بإنذاراته وعقوباته! ولا يتأثر أيضاً بالأحداث مهما كانت خطيرة! لا يؤثر فيه مرض، ولا موت أحد أحبائه! ولا تؤثر فيه صلاة ولا عظة، ولا كلمة روحية. وكل إحسانات الله اليه، يقابلها بنكران الجميل، أو ينسبها إلى أسباب بشرية!
[FONT=Times New Roman]وقساوة القلب تؤدى إلى العناد والمكابرة. والشخص القاسى القلب، قد تشرح له خطأه لمدة ساعات، وكأنك لم تقل شيئاً! إنه لا يعترف بالخطأ، بل يصّر على موقفه. قلبه صخرى، لا يلين ولا يستجيب!
[FONT=Times New Roman]وبسبب إصراره وعناده وعدم استجابته، تتخلى عنه النعمة، وينحرف إلى الضياع! مثل هذا الإنسان، توبته ليست سهلة
[FONT=Times New Roman]الانسان الرقيق الحساس، دموعه قريبة. أما القاسى فيندر أن تبتل عيناه مهما كانت الأسباب! لأن الدموع دليل على رقة الشعور. أما القاسى فلا رقة في مشاعره، سواء في تعامله مع الله أو مع الناس.
[FONT=Times New Roman]قساوة القلب تقود أيضاً إلى الحدة والغضب (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)…
[FONT=Times New Roman]فالشخص القاسى القلب تشتعل مشاعره ضد الآخرين بسرعة، ويحتّد ويثور، ويهدّد وينذر. ولا يحتمل أن يمسّه أحد بكلمة. وفى نفس الوقت لا يراعى شعور الآخرين. فيجرح مشاعر غيره بسهولة وفى لا مبالاة! ولا مانع عنده من أن يهين غيره ويشتمه ولا يبالى بوقع الألفاظ عليه…
[FONT=Times New Roman]وهنا يجمع بين أمرين متناقضين: فيكون حساساً جداً من جهة المعاملة التي يعامله بها الناس، بينما لا إحساس له! إطلاقاً من جهة تعامله هو مع الآخرين.!
[FONT=Times New Roman]فهو، إذا وبخّ غيره – بحق أو بغير حق – يكون كثير التوبيخ وعميقه. واذا غضب على أحد، يكون طويل الغضب وعنيفه..
[FONT=Times New Roman]فى قسوته لا يحتمل أحداً. ويريد أن يحتمله الكل! وعليهم ألاّ يثوروا بسبب ثورته عليهم، بل يتقبلوها كما لو كانوا يستحقون ما ينالهم منه!
[FONT=Times New Roman]وعموماً، فالقسوة منفرة. ومن يتصف بها يخسر من يتعامل معهم من الناس، ويفشل في حياته الاجتماعية…
[FONT=Times New Roman]أسباب قسوة القلب:
[FONT=Times New Roman]* ربما من أسباب هذه القسوة، طباع موروثة عن الآباء أو الأمهات..
[FONT=Times New Roman]وهنا قد يسأل البعض: ما ذنب انسان ورث طبعاً قاسياً؟ بينما غيره قد وُلد وديعاً، وليس في حاجة إلى بذل مجهود لمقاومة قسوة كالتى وُلد بها غيره..
[FONT=Times New Roman]وهنا نقول إن الطبع يمكن تغييره مهما كان موروثاً.. والذى يبذل جهداً لتغيير طبعه، تكون مكافأته عند الله أكثر…
[FONT=Times New Roman]* من أسباب قسوة القلب أيضاً، الكبرياء التي تدفع الإنسان إلى أن يبالغ في كرامته وعزة نفسه، ووجوب احترام الناس له، بأسلوب يجعله يقسو على كل شخص يظن أنه يمس كرامته بشئ!
[FONT=Times New Roman]والكبرياء تجعل القسوة تظهر في ملامحه وفى نظراته، وفى حدة صوته، وفى نوعية ألفاظه، وطريقة معاملاته... [FONT=Times New Roman]مصدر المقال: موقع الأنبا تكلاهيمانوت.
[FONT=Times New Roman]* ومما يقسّى القلب أيضاً، تأثير الآخرين: إما بأصدقاء يوحون اليه بمعانٍ جديدة عن القوة والبطولة، أو عن الحرية وما يلزم له من حقوق.. وهكذا يثور على كل سلطة أو رئاسة، سواء في البيت أو في الدراسة. بل قد يثور أيضاً على النظام وعلى القانون! ويرى الرجولة في أن يفرض رأيه!
[FONT=Times New Roman]وفى بعض بلاد الغرب: كثير من الشباب – حينما يشعرون بنضوجهم – يرفضون الخضوع لآبائهم بحجة الحرية الشخصية! ويعتبر الشاب أن نصيحة والده له، هي مجرد رأى يمكن أن يأخذ به، أو لا يأخذ! وهكذا يتقسى قلبه من جهة والده. ويصر على أنه هو صاحب القرار، مهما كان قليل الخبرة في الحياة!
[FONT=Times New Roman]يلزم اذن أن نربى أولادنا منذ طفولتهم المبكرة، حتى لا تتلفهم أفكار جديدة عليهم، تتلفهم وتقسى قلوبهم، وتدفعهم إلى الجدل في البديهات، والى رفض كل شئ لمجرد الرفض!
[FONT=Times New Roman]تلك الأفكار التي تصّور لهم الطاعة ضعفاً، والخضوع خنوعاً، والهدوء خوفاً وجبناً..!! وفى تقسية قلوبهم، تقلب لهم كل الموازين، فيفرحون بذلك إحساساً منهم بالوجود وبالشخصية…! وكما تصل اليهم تلك الأفكار من أشخاص، يمكن أن تصل اليهم من بعض الكتب والمطبوعات…
[FONT=Times New Roman]وما نقوله عن تأثر الصغار بأفكار غيرهم، يمكن أن نقوله عن الكبار أيضاً!
[FONT=Times New Roman]مثال ذلك في محيط الأسرة: زوجة الأب التي تقسى قلب زوجها على أولاده من زوجة سابقة. وتظل تحدثه عن أخطائهم وخطورتها، حتى يثور عليهم ويقسو في معاملتهم..! أو مثل أم تظل تصب في أذن إبنها المتزوج أحاديث عن أخطاء زوجته، أو إهانات هذه الزوجة لها، حتى تتغير معاملته لزوجته ويقسو عليها…
[FONT=Times New Roman]فعلى كل إنسان أن يكون حريصاً، ولا يسمح للقسوة أن تزحف اليه من الآخرين، ولا يصدق كل ما يسمعه…