كتب قداسة البابا شنوده الثالث

مفهوم الحب عند البابا شنودة

الحب ما هو؟ وأنواعه 23/12/2007 الأهرام – بقلم قداسة البابا شنوده الثالث سألني البعض‏:‏ هل يمكن أن تحدثنا أو تكتب لنا عن الحب؟ أم أنك ـ كرجل دين ـ تتحرج من الخوض في مثل هذه الموضوعات؟ فقلت‏:‏ كلا‏,‏ ليس هناك من حرج‏,‏ فليست الحساسية في الموضوع الذي يتكلم فيه رجل الدين‏,‏ إنما المهم في الأسلوب الذي يتكلم به‏,‏ وطريقة معالجة الموضوع بحيث تحتفظ بوقارها‏.‏ ـ والحب علي أنواع‏:‏ أهمها المحبة التي تربط بين الإنسان وخالقه‏.‏ فالله ـ تبارك اسمه ـ بسبب محبته لنا‏,‏ يتولانا بالرعاية والعناية‏,‏ ويغدق علينا من كرمه وعطائه‏.‏ ونحن نحب الله من أعماق قلوبنا‏.‏ وتظهر محبتنا له في إيماننا به‏,‏ وفي طاعتنا لوصاياه‏,‏ وبأن نحيا حياة الفضيلة والبر التي ترضيه‏.‏ ـ وكما نحب الخير‏,‏ نحب الغير‏:‏ نحب الناس جميعا‏,‏ لا بالكلام ولا باللسان‏,‏ بل بالعمل والحق نخلص لهم ونعمل علي إسعادهم بقدر طاقتنا‏.‏ وفي مقدمة هؤلاء‏:‏ الأهل والأقارب والأصدقاء‏,‏ وكل من يسمح الله بأن يوجدوا في طريقنا لكي نعمل معهم خيرا‏..‏ ـ ومن الحب السامي أيضا حب الوطن‏,‏ وهو غريزة في الإنسان بحيث يحب بلده وشعبه بالمعني الواسع‏,‏ كما يحب قريته أو الحي الذي ولد فيه‏,‏ أو الذي فيه ذكريات‏.‏ ـ انتقل من هذا كله‏,‏ إلي النوع الذي يظن البعض أن الحديث عنه لا يخلو من الحرج‏,‏ وهو الحب الذي بين فتي وفتاة‏,‏ أو بين رجل وامرأة‏,‏ والشباب قد يسأل عن هذا الموضوع في شئ من الحياء كأنه يعبر خطا أحمر‏!!‏ ـ هنا وأتذكر سؤالا قدمته لي صحفية مشهورة منذ نحو‏35‏ عاما‏,‏ حيث قالت لي ما الفرق بين الحب والشهوة؟‏.‏ وكانت إجابتي الحب يريد دائما أن يعطي‏,‏ والشهوة تريد دائما أن تأخذ‏.‏ الشهوة تريد أن تشبع ذاتها‏,‏ ومن النادر أن تشبع‏.‏ فهي تريد باستمرار‏,‏ وقد يكون الطرف الآخر ضحيتها‏.‏ وليس هذا هو الحب بمعناه الحقيقي‏. ـ فالذي يحب فتاة لا يضيع سمعتها بكثرة لقاءاته معها‏,‏ ولا يشغل فكرها بحيث تفشل في دراستها أو في عملها‏,‏ والأهم من هذا كله أنه لا يضيع عفتها‏,‏ ويلقيها إلي مستقبل مظلم‏!‏ فإن كان يحبها لكي يتزوجها‏,‏ فليحفظها نقية وسليمة إلي حين يتم الزواج‏.‏ ـ كذلك فلنفرق بين الحب العاطفي والحب الجنسي‏,‏ فالحب العاطفي لا خطر منه‏,‏ ويمكن للشباب من الجنسين أن يحبوا بعضهم بعضا‏,‏ إن كان حبا طاهرا في نطاق الحياة الجامعية أو الزمالة في العمل‏,‏ طالما يكون ذلك مجرد مشاعر بريئة لا علاقة له بالجسد وغرائزه‏.‏ أما الحب الجنسي‏,‏ فله خطورته وانحرافاته‏,‏ وقد سمح به الله في محيط الزواج‏,‏ وبه يتم إنجاب البنين واستمرارية الجنس البشري‏,‏ وفي غير الزواج لا يسمح به‏.‏ ـ قرأت مرة لأحد الكتاب أنه عرض لموضوع الحب فقال إن الحب هو أكثر العواطف أنانية ولعله يقصد أن رجلا يحب امرأة‏,‏ فيهمه أنها لا تحب أحدا غيره‏.‏ كذلك فإن امرأة تحب رجلا‏,‏ فلا تقبل أبدا أن يحب امرأة غيرها ومن هذين المثالين‏,‏ واضح أن هذا الحب يرتبط بالغيرة‏.‏ ومثل هذه الغيرة تحمل في داخلها أمرين هما عدم الثقة بالنفس‏,‏ ومعها الشك في الطرف الآخر أن تكون له علاقة آثمة مع طرف ثالث‏,‏ ولكن المرأة الواثقة بأنوثتها‏,‏ وبقوة جاذبيتها‏,‏ وبشدة تأثيرها علي الرجل‏,‏ لا تجد سببا يجعلها تغار من امرأة أخري‏,‏ بل لا تحسب أن هناك امرأة أخري تنافسها‏.‏ وكذلك الرجل الواثق من محبة امرأته له‏,‏ والذي لا يشك أبدا في إخلاصها له‏.‏ ـ موضوع آخر في الحب‏,‏ وهو مدي العلاقة بين الشابات والشبان الزملاء في الجامعة‏,‏ وأنا دائما أقول إن الطالبة التي تتحدث مع كل زملائها بروح جامعية‏,‏ وفي أدب وحشمة‏,‏ لا يشك فيها أحد‏,‏ لأنه من غير المعقول‏,‏ ومن غير الممكن أن تكون في علاقة خاطئة مع الكل‏..‏ وبنفس الوضع الطالب الذي يتحدث مع كل الفتيات والزميلات بالروح الجامعية المعروفة‏.‏ إنما تبدأ الشكوك تحوم في حالات التخصص‏,‏ أي عندما تخصص فتاة في الحديث مع شاب معين بالذات من زملائها‏,‏ وتذاكر معه‏,‏ وتتبادل معه كراسات المحاضرات‏,‏ وتلتقي به دون غيره‏.‏ هنا تبدأ الألسنة والشائعات‏,‏ وتصبح سمعتها وسمعته داخل علامة استفهام؟‏!‏ ـ وهنا قد يسأل البعض ألا يكون الحب بين زميل وزميلة في الجامعة مقدمة لزواجهما؟‏.‏ وفي الإجابة علي هذا السؤال نقول إنه يندر زواج اثنين في نفس العمر‏,‏ فغالبا ما يكون الزوج أكبر سنوات من الزوجة‏.‏ ثم إن الطالب سوف لا يتزوج إلا بعد التخرج‏,‏ وبعد أن يقضي فترة الخدمة العسكرية‏,‏ ثم ينتهي منها ليجد وظيفة أو عملا يدر عليه رزقا‏(‏ إنه كان ذلك ممكنا‏)‏ بحيث يمكنه أن يجد مسكنا خاصا‏,‏ ويكون له مال يتقدم به للزواج‏..‏ وكل ذلك يستغرق سنوات‏.‏ فهل ستبقي زميلته منتظرة له طول هذه المدة؟ وهل سيبقي الحب بينهما قائما‏,‏ كما هو؟‏!‏ علي الرغم من انقطاع الزمالة الدراسية التي كانت تسمح بالتلاقي كل يوم تقريبا‏,‏ وعلي الرغم من اختلاف ظروف الحياة‏.‏ لذلك فموضوع الزواج بين زميل وزميلة في الجامعة‏,‏ يحتاج إلي روية ومزيد من العمق في التفكير‏.‏ ـ وفي مجال الحب‏,‏ هناك نصيحة أقولها لكل فتاة‏:‏ ضعي ضوابط لمشاعرك وعواطفك‏.‏ ولا تفرطي أبدا في نفسك‏.‏ فغالبا ما لا يقبل أي شاب أن يتزوج من فتاة فرطت في نفسها معه‏,‏ وقد تحوطه الشكوك بأنه إن تزوجها قد تفرط في نفسها مع غيره‏,‏ مادمت هي سهلة بهذا الوضع‏!‏
كوني حافظة لنفسك كل الحفظ‏..‏ ولتعرفي أن المحجوب مرغوب‏.‏ ومن الناحية الأخري يقول المثل إذا كثر العرض‏,‏ قل الطلب‏.‏
ـ أخيرا أقول للشباب‏:‏ لتكن قلوبكم وإذهانكم عامرة بما يشغلها من مشاعر روحية وأفكار عميقة خاصة بمستقبلكم‏,‏ ولا تتركوا فرصة لأي فكر جنسي أن يدخل ويعشش داخلكم‏,‏ وأقول للفتاة‏:‏ احتفظي دائما بحيائك‏,‏ فإن الحياء زينة المرأة‏.

_________________ image

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

Please consider supporting us by disabling your ad blocker!