لم يعد عمرنا يتحدد بحسب الجسد

(يوحنا11: 26) ، فالمسيح الرب لم يعطنا مجرد امتداد في العمر الجسدي على الأرض ، بل امتد عمرنا للأبدية ذاتها ، لأنه لم يعطنا ما هو حسب الجسد الترابي ، بل أعطانا ما هو حسب طبعه الإلهي ، إذ قام بجسم بشريتنا الذي مات به ولكنه مَجَّدَهُ بقيامته ، وقد أضاف حياته على حياتنا ، فمنحنا سنين الأبدية كلها والتي لا يُمكن أن تُقاس أو تُعد بالأيام والسنين البشرية الزائلة حسب الجسد الترابي الذي أُخِذَ من الأرض …
يا إخوتي أن المسيح الرب رفع عن كل من يؤمن به ويصير معه واحداً في سر الحياة الذي نلناه على المذبح المقدس ، تحديد العمر ، فصار عمرنا عمره هو ، أي الأبدية كلها وعمقها في المجد ، وعمرنا في المسيح الرب لا يبدأ إطلاقاً من حادثة الموت الجسدي ، بل من لحظة الشركة في موته بالمعمودية وقبول الروح القدس والميلاد الجديد ، وتجديد هذا الذي نُلناه منه باتخاذ موقف واضح وصريح بتوبة صادقة الآن ، حتى ندخل في رؤية القيامة ونفرح لأن ليس لنا موت يسود علينا لأننا انتصرنا عليه في المسيح الرب القدوس الذي اتحدنا به لأنه هو من أحبنا وصار معنا واحداً في جسم بشريتنا ، لأن الكلمة صار جسداً ومات وأماتنا معه وقام من الأموات ووهبنا حياة أبدية لا تزول ، فلن نموت بل ولن نرى الموت ، موت الرُعبة وسطوة الشيطان ، لأننا لسنا من أهل الجحيم ولا من هلاك ، بل نحن من رب الحياة الذي خرج من جنبه المطعون دمٍ وماء !!!
فعمرنا في المسيح يبدأ منذ الآن وفي صميم هذا الدهر الذي نعيش فيه ، بل ويمتد بنا عبر كل الحوادث والآلام والضيقات والاضطهادات ليرتفع بنا ويمتد إلى الأبدية ، فالموت الذي نذوقه بالآلام وأوجاع وضيقات هذا الدهر إلى موت الجسد ذاته فأنه لا يقطع ولا يوصل بين حياتنا الآن والأبدية قط ، فعمرنا يبدأ في طفولة روحية مقدسة بالمعمودية والإيمان ، ولن ينتهي ، بل ولن يتوقف ، بل سننمو في هذا الدهر وتتحقق فينا الأبدية بفعل عمل المسيح داخلنا بالروح القدس حسب مسرة الله أبينا في المسيح يسوع !!!
، فلنا أن نأتي للرب ونهزم خطايانا وكل موتنا فيه لأن الضامن هو دمه المسفوك على الصليب ، فلنا الآن ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع (عبرانيين 10 : 19) لأن الرب وَحَّدنا في نفسه وفي جسده وفي روحه القدوس ، وجعلنا فعلاً أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه (أفسس5: 30) .
أن كل صلواتنا التي تنبع من إيماننا الحي ومحبتنا للرب ودموعنا المقدسة تُحول لنا الأيام إلى خلود في المسيح لأن ما يُحركها فينا هو روح المسيح ، روح قيامته الذي يسكن فينا ولا يُفارق ، والخدمة التي ببذل المحبة الصادقة للرب وإعطاء مال الظُلم ببذخ وسخاء لحساب إخوة المسيح الرب وصرف الوقت في خدمة المرضى والمحتاجين لتعزية وسند أو لمن يُعلمهم أو يكسيهم ، يحول الوقت المرفوض إلى وقت مقبول ، والفراغ إلى ملء عظيم جداً …
ونأكل ونفرح ونُصلي ببهجة لأن حبيبنا الذي رقد في الرب الآن أسعد مما كان فيه وينتظر ذهابنا إليه لأننا معه واحد لا ننفصل قط ، لأننا أعضاء في الكنيسة الحية المرتبطة معاً بسر امتداد جسد المسيح الحي الذي لا يسود عليه موت قط أو يمسه فساد إطلاقاً …
فافرحوا يا أحبائي ولنُعيد قائلين

