القسم الادبي

قصيده اراك عصي الدمع لابو فراس الحمداني

أراكَ عـصـيَّ الـدَّمْـعِ شيمَـتُـكَ الصَّـبْـرُ … أمــا لِلْـهَـوى نَـهْـيٌ علـيـكَ و لا أمْــرُ؟
بَـلـى، أنــا مُشْـتـاقٌ وعـنـديَ لَـوْعَــةٌ … ولـكــنَّ مِـثْـلـي لا يُـــذاعُ لـــهُ سِـــرُّ!
إذا اللّيلُ أَضْواني بَسَطْـتُ يَـدَ الهـوى … وأذْلَـلْـتُ دمْـعـاً مــن خَـلائـقِـهِ الـكِـبْـرُ
تَـكـادُ تُـضِـيْءُ الـنـارُ بـيــن جَـوانِـحـي … إذا هـــي أذْكَـتْـهـا الصَّـبـابَـةُ والـفِـكْـرُ
مُعَلِّلَـتـي بـالـوَصْـلِ، والـمَــوتُ دونَـــهُ … إذا مِــتُّ ظَمْـآنـاً فـــلا نَـــزَلَ الـقَـطْـرُ!
حَـفِـظْـتُ وَضَـيَّـعْــتِ الــمَــوَدَّةَ بـيْـنـنـا … وأحْسَـنُ مـن بعـضِ الوَفـاءِ لـكِ العُـذْرُ
ومــــا هــــذه الأيـــــامُ إلاّ صَـحــائــفٌ … ِلأحْرُفِـهـا مـــن كَـــفِّ كاتِـبِـهـا بِـشْــرُ
بِنَفْسي من الغادينَ في الحيِّ غـادَةً … هَــوايَ لـهـا ذنْـــبٌ، وبَهْجَـتُـهـا عُـــذْرُ
تَـروغُ إلـى الواشيـنَ فــيَّ، وإنَّ لــي … لأُذْنــاً بـهـا عــن كـــلِّ واشِـيَــةٍ وَقْـــرُ
بَــدَوْتُ، وأهـلـي حـاضِــرونَ، لأنّـنــي … أرى أنَّ داراً، لسـتِ مـن أهلِهـا، قَفْـرُ
وحارَبْـتُ قَوْمـي فـي هــواكِ، وإنَّـهُـمْ … وإيّــايَ، لــو لا حُـبُّـكِ الـمـاءُ والـخَـمْـرُ
فـإنْ يـكُ مـا قـال الوُشـاةُ ولــمْ يَـكُـنْ … فقـدْ يَهْـدِمُ الإيمـانُ مـا شَـيَّـدَ الكـفـرُ
وَفَـيْـتُ، وفــي بـعـض الـوَفـاءِ مَـذَلَّـةٌ … لإنسانَـةٍ فـي الحَـيِّ شيمَتُهـا الغَـدْر
وَقـــورٌ، ورَيْـعــانُ الـصِّـبـا يَسْتَـفِـزُّهـا … فَـتَــأْرَنُ، أحْـيـانـاً كــمــا، أَرِنَ الـمُـهْــرُ
تُسائلُنـي مـن أنــتَ؟ وهــي عَليـمَـةٌ … وهل بِفَتـىً مِثْلـي علـى حالِـهِ نُكْـرُ؟
فقلتُ كما شاءَتْ وشـاءَ لهـا الهـوى: … قَتيـلُـكِ! قـالـت: أيُّـهــمْ؟ فَـهُــمْ كُـثْــرُ
فقلـتُ لهـا : لـو شَئْـتِ لــم تَتَعَنَّـتـي، … ولم تَسْألي عَنّـي وعنـدكِ بـي خُبْـرُ!
فقالـتْ: لقـد أَزْرى بـكَ الـدَّهْـرُ بَعـدنـا … فقلـتُ: معـاذَ اللهِ بـل أنــتِ لا الـدّهـر
ومـا كـان لِلأحْـزان، ِ لــولاكِ، مَسْـلَـكٌ … إلى القلبِ، لكنَّ الهوى لِلْبِلى جِسْـر
وتَهْـلِـكُ بـيـن الـهَـزْلِ والـجِـدِّ مُـهْـجَـةٌ … إذا مــا عَـداهـا البَـيْـنُ عَذَّبـهـا الهَـجْـرُ
فأيْقَـنْـتُ أن لا عِــزَّ بَـعْـدي لِعـاشِـقٍ، … وأنّ يَــدي مـمّـا عَـلِـقْـتُ بـــهِ صِـفْــرُ
وقلَّـبْـتُ أَمـــري لا أرى لـــيَ راحَـــة،ً … إذا البَيْـنُ أنْسانـي ألَــحَّ بــيَ الهَـجْـرُ
فَعُـدْتُ إلـى حُـكـم الـزّمـانِ وحُكمِـهـا … لهـا الذّنْـبُ لا تُجْـزى بـهِ ولـيَ الـعُـذْرُ
كَـأَنِّــي أُنــــادي دونَ مَـيْـثــاءَ ظَـبْـيَــةً … عـلـى شَــرَفٍ ظَمْـيـاءَ جَلَّلَـهـا الـذُّعْـرُ
تَـجَـفَّـلُ حـيـنــاً، ثُــــمّ تَــرْنــو كـأنّـهــا … تُـنـادي طَــلاًّ بـالـوادِ أعْـجَـزَهُ الـحَُـضْـرُ
فــلا تُنْكِـريـنـي، يـابْـنَـةَ الـعَــمِّ، إنّـــهُ … لَيَـعْـرِفُ مــن أنْكَـرْتـهِ الـبَـدْوُ والحَـضْـرُ
ولا تُنْكِـريـنـي، إنّـنــي غــيــرُ مُـنْـكَــرٍ … إذا زَلَّــتِ الأقْــدامُ، واسْتُـنْـزِلَ الـنّـصْـرُ
وإنّــــــي لَـــجَـــرّارٌ لِـــكُـــلِّ كَـتـيــبَــةٍ … مُــعَــوَّدَةٍ أن لا يُــخِــلَّ بــهــا الـنَّـصــر
وإنّـــــي لَــنَـــزَّالٌ بِـــكـــلِّ مَــخــوفَــةٍ … كَثـيـرٍ إلـــى نُـزَّالِـهـا الـنَّـظَـرُ الـشَّــزْرُ
فَأَظْمَـأُ حتـى تَـرْتَـوي البـيـضُ والقَـنـا … وأَسْغَبُ حتى يَشبَـعَ الذِّئْـبُ والنَّسْـرُ
ولا أًصْـبَــحُ الـحَــيَّ الـخُـلُـوفَ بـغــارَةٍ … ولا الجَيْشَ مـا لـم تأْتِـهِ قَبْلِـيَ النُّـذْرُ
ويــا رُبَّ دارٍ، لـــم تَخَـفْـنـي، مَنـيـعَـةً … طَلَعْـتُ عليـهـا بـالـرَّدى، أنــا والفَـجْـر
وحَــيٍّ رَدَدْتُ الخَـيْـلَ حـتّــى مَلَـكْـتُـهُ … هَـزيـمـاً ورَدَّتْـنــي الـبَـراقِـعُ والـخُـمْــرُ
وساحِـبَـةِ الأذْيـــالِ نَـحْــوي، لَقيـتُـهـا … فـلَـم يَلْقَـهـا جـافـي اللِّـقـاءِ ولا وَعْــرُ
وَهَبْـتُ لهـا مــا حــازَهُ الجَـيْـشُ كُـلَّـهُ … ورُحْـتُ ولــم يُكْـشَـفْ لأبْياتِـهـا سِـتْـر
ولا راحَ يُطْـغـيـنـي بـأثـوابِــهِ الـغِـنــى … ولا بــاتَ يَثْنيـنـي عــن الـكَـرَمِ الفَـقْـرُ
ومــا حاجَـتـي بالـمـالِ أَبْـغـي وُفــورَهُ … إذا لـم أَفِـرْ عِـرْضـي فــلا وَفَــرَ الـوَفْـرُ
أُسِرْتُ وما صَحْبي بعُزْلٍ لَدى الوَغى، … ولا فَـرَســي مُـهْــرٌ، ولا رَبُّـــهُ غُــمْــرُ
ولكـنْ إذا حُــمَّ القَـضـاءُ عـلـى امــرئٍ … فـلـيْـسَ لَـــهُ بَــــرٌّ يَـقـيــهِ، ولا بَــحْــرُ
وقــال أُصَيْحـابـي: الـفِـرارُ أو الــرَّدى؟ … فقلتُ:هـمـا أمـــرانِ، أحْـلاهُـمـا مُـــرُّ
ولكنّـنـي أَمْـضــي لِـمــا لا يَعيـبُـنـي، … وحَسْبُـكَ مـن أَمْرَيـنِ خَيرُهمـا الأَسْـر
يَقولـونَ لـي : بِعْـتَ السَّلامَـةَ بالـرَّدى … فقُلْـتُ: أمـا و اللهِ، مـا نالـنـي خُـسْـرُ
وهـلْ يَتَجافـى عَنّـيَ المَـوْتُ سـاعَـةً … إذا مـا تَجافـى عَنّـيَ الأسْــرُ والـضُّـرُّ؟
هو المَـوتُ، فاخْتَـرْ مـا عَـلا لـكَ ذِكْـرُهُ … فلـم يَمُـتِ الإنسـانُ مـا حَيِـيَ الـذِّكْـرُ
ولا خَـيْـرَ فــي دَفْــعِ الـــرَّدى بِـمَـذَلَّـةٍ … كـمـا رَدَّهــا، يـومـاً، بِسَـوْءَتِـهِ عَـمْـرُو
يَـمُـنُّـونَ أن خَــلُّــوا ثِـيـابــي، وإنّــمــا … عـلـيَّ ثِـيــابٌ، مـــن دِمـائِـهِـمُ حُـمْــرُ
وقـائِـمُ سَـيْـفٍ فيـهِـمُ انْــدَقَّ نَصْـلُـهُ، … وأعْـقـابُ رُمْــحٍ فيـهُـمُ حُـطِّـمَ الـصَّـدْرُ
سَيَذْكُرُنـي قـومـي إذا جَــدَّ جِـدُّهُـمْ، … وفــي اللّيـلـةِ الظَّلْـمـاءِ يُفْتَـقَـدُ الـبَـدْرُ
فـإنْ عِشْـتُ فالطِّعْـنُ الـذي يَعْرِفـونَـهُ … وتِلْـكَ القَنـا والبيـضُ والضُّـمَّـرُ الشُّـقْـرُ
وإنْ مُـــتُّ فـالإنْـسـانُ لابُــــدَّ مَــيِّــتٌ … وإنْ طـالَـتِ الأيــامُ، وانْفَـسَـحَ العُـمْـرُ
ولو سَدَّ غيري ما سَـدَدْتُ اكْتَفـوا بـهِ … ومـا كـان يَغْلـو التِّبْـرُ لـو نَفَـقَ الصُّـفْـرُ
ونَـحْــنُ أُنـــاسٌ، لا تَـوَسُّــطَ بيننا، … لـنـا الـصَّـدْرُ دونَ العالـمـيـنَ أو الـقَـبْـرُ
تَهـونُ علينـا فـي المعـالـي نُفوسُـنـا … ومن خَطَبَ الحَسْناءَ لم يُغْلِهـا المَهْـرُ
أعَـزُّ بَنـي الدُّنيـا وأعْلـى ذَوي الـعُـلا، … وأكْــرَمُ مَــنْ فَــوقَ الـتُّـرابِ ولا فَـخْــرُ

_______________

طبعاً غنتها تيتة أم كلثوم وهذا هو لنك الأغنية للي بيسأل عليها :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

Please consider supporting us by disabling your ad blocker!