صلاة المسبحة الوردية

دعيت هذه الصلاة بالوردية لأنها بمثابة إكليل من الورود الروحية يقدمه المؤمن للعذراء المجيدة، تكريما لها
أول من دعا إلى صلاة الوردية في العالم هو القديس دومنيكس (1170-1221)، في بلاد أسبانيا وفرنسا، وهو مؤسس رهبنة الدومنيكان وذلك طبقاً للطريقة التي أوحت له بها السيدة مريم العذراء نفسها في رؤيا العذراء المجيدة تكللها أنوار المجد في أعظم بهاء، يحيط بها ثلاث ملكات، ويحيط بكل الملكات الثلاث خمسون وصيفة ترتدي ثياباً مزركشة مختلفة الألوان.، فكانت الأولى ووصيفاتها بلباس أبيض والثانية ومن معها بلباس أحمر والثالثة وتابعاتها بلباس ذهبي.
وقد فسرت العذراء للقديس الرؤيا قائلة: ” أعلم، يا أبني أن الثلاث ملكات هن رمز عن ثلاث مسابح، والعذارى اللواتي يتبعهن كلا منهن يمثلن السلام الملائكي الذي يتلي خمسين مرة في كل مسبحة. أما اللون الأبيض يرمز إلى أسرار الفرح، واللون الأحمر يرمز إلى أسرار الحزن، واللون الذهبي يرمز إلى أسرار المجد. وأعلم أن السلام الملائكي والصلاة الربانية هما عقد منظم حول أسرار تجسد ابني الإلهي وولادته وحياته وموته وقيامته وصعوده ومجده الأبدي.
هذه هي الوردية فانشرها في كل مكان فترجع الخراف الضالة إلى الحظيرة… والخطاة يتوبون والأبرار يتقدمون ويثبتون في النعمة …”
1. أعد من يتلو ورديتي بخشوع، بحمايتي، وبجم من النعم السنية.
2. إن تلاوة الوردية سلاح قوي لمقاومات قوات الجحيم، واستئصال الرذيلة، والانتصار على الإثم.
3. من تلا الوردية بورع، وتأمل في أسرارها المقدسة بخشوع، لن يموت دون توبة، إن كان خاطئاً، ويثبت في النعمة إن كان باراً.
4. من يواظب على تلاوة الوردية لن يموت دون قبول الأسرار المقدسة.
5. إن من يعنون بإذاعة ورديتي أبادر إلى نجدتهم وإغاثتهم في كل احتياجاتهم كافة.
6. إن من يتلون ورديتي هم أولادي، إخوة يسوع المسيح، ابني الوحيد.
7. إن أبناء ورديتي المخلصين ينالون مجداً وسيماً في السماء
إن صلاة المسبحة قديمة العهد علي ما ورد في كتابات المؤرخين القدامي. إذ أن المسيحيين في القرون الأولي كانوا يستعملون الحبل المعقود عقداً معدودة ، في عد أعمالهم التقوية فـيـنـقـلـون إبهامهم علي العقدة تلو الأخري.
و لما تأسـسـت الأديرة و الرهـبـنـات من القرن الرابع و صاعداً ، كان الرهبان يـصـلون الفرض مـشـتـركيـن و كان يـقـتـصـر علي تلاوة الصلاة الربـيـة ” الأبانا ” و ” السلام الملائكي ” و ترتيل المزامير الداودية ، البالغ عددها مئة و خـمـسـيـن مزموراً. و كان الرهبان الأميـيـن الموكلين للعمل في الأرض مـعـفـيـيـن من ترتيل المزامير. إذ كانوا يستعيضون عـنـهـا بتلاوة الصـلاة الربية ثم مئة و خـمـسـيـن مرة السلام الملائكي.
و لما زحفت الجـيـوش الصـلـيـبـيـة إلي الشرق في مـطـلـع القرن الحادي عشر ، كان لابد من إيـجـاد صلاة سـهـلـة و بـسـيـطة بـمـتـناول أولـئـك الجنود الأمـيـيـن. فـأوصي إلـيـهـم قائـدهـم و مرشـدهـم بطرس الناسك باستعمال الحبل المـعـقـود بمئة و خمسين عقدة ، الذي استعمله الرهبان ، أي بتلاوة مئة و خمسين سلاماً للعذراء علي عدد المزامير. ثم أصبحت فيما بعد هذه الصلاة مستعملة لدي كثير من المؤمنين.
إذاً يمكن القول أن صلاة المسبحة هي من وضع بشري إلي أن تدخلت العذراء مريم بـظـهـورها الشهير علي القديس عبد الأحد فـشـددت علي هذه الصلاة و اختارتها كصلاة إلهية مرضية لدي الله و مـحـبـبـة إلـيـهـا. و يـظـهر لنا ذلك جـلـيـاً من خلال ظـهـوراتـها و رسـائـلها إلي العالم ( مثلاً ظهور لورد و فاتيما ) و فيها تلح علي هذه الصلاة مبينة أهميتها في رد الخطأة إلي التوبة ، و لجم الـفـسـاد الذي عم المعمورة ، و قمع الحروب ، و منع امـتـداد البدع و الهرطقات.
و بعد ظهور العذراء علي عبد الأحد ، عمل هذا القديس علي تـنـسـيـق هذه الصلاة فـدعـيـت بصلاة الوردية أو ” المسبحة الوردية ” و نشرها بين المؤمنين.
و هكذا نستطيع تقسيم تاريخ المسبحة إلي قسمين:
القسم أول: ما قبل عبد الأحد ، لما كانت المسبحة صلاة عادية ، و فرضاً تـقـوياً عند المؤمنين باسلوب بسيط
القسم الثاني: مع عبد الأحد بعد ظهور السيدة العذراء عليه ، لما تـنـسـقـت هذه الصلاة و تـنـظـمـت حتي أصبحت مـقـدسـة بـطـلـب إلهي بواسطة العذراء فـكانت ” المسبحة الوردية “.
ظهرت مسبحة العذراء مريم في الألفية الثانية من الميلاد، وقد كان جليا منذ لحظة ميلاد هذه الصلاة القوة العجائبية والنفخة الإلهية التي حولتها في غضون سنوات قليلة إلى أحدى أهم الصلوات في تاريخ المسيحية. فالمسبحة هي الصلاة التي أوقدت قلوب عشرات الآلاف، من المسيحيين بوجه عام ومن القديسين على وجه الخصوص، على مر التاريخ. ورغم بساطتها إلا أنها اتسمت بعمق عجيب واستطاعت أن تغزو كل البلدان وكل اللغات وكل الطقوس وكل الثقافات غزواً هادئاً سعى الجميع إليه.
ورغم أننا نحيا الآن في بداية الألف الثلث لميلاد المخلص، إلا أن هذه الصلاة لازالت حتى يومنا هذا شابة بهية جذابة، ولازالت تجتذب عشرات الملايين وتقود إياهم إلى طريق القداسة، تشبها بالعذراء مريم كاملة القداسة. فالشعب المسيحي عندما يتلو المسبحة، يضع نفسه في “مدرسة العذراء”، تاركاً مثال مريم يقوده عبر طرق هذه الحياة الوعرة، إلى التأمل في جمال وبهاء الحياة الإلهية، وبكلمات أخرى يمكننا القول بأن صلاة المسبحة تجعل المسيحي يتذوق عذوبة حياة النعمة، فيحيا في كنف الله، مصحوباً ومقاداً من “أم الله” مريم أم المخلص.
ولكن لكي يصل المصلى إلى هذه الدرجة الروحية العميقة، يجب عليه أن يتلو المسبحة بتأن متأملاً كلمات”السلام الملائكي” واضعاً أمام عينيه وجه العذراء الكلى العذوبة، تاركاً زمام حياته لأمه العذراء، ومتذكراً دائماً أن مريم هي أم المسيح المخلص، وهى في نفس الوقت أم كل مسيحي مخلص، كانت هذه هي رغبة المسيح الذي، برغم كل آلامه من فوق خشبة الصليب، أعطى أمه ليوحنا الرسول الحبيب لتصبح منذ تلك اللحظة أماً لكل الكنيسة ولكل مسيحي. ومن ثم فالصلاة لمريم ليست إنقاصاً من مكانة الابن، ولكنها على عكس ذلك عوناً روحياً يقود المصلى إلى الابن، عوناً يساعده على أن يعرف ويتيقن من أن الإنسان، بمساعدة النعمة الإلهية، يمكنه أن يصل إلى ما قد وصلت إليه العذراء، فهي برغم كونها إنسانة استطاعت أن تصبح أم الله.
فالمسيح هو وحده الطريق إلى ألآب، ولكن مريم “أم المسيح” هي الطريق للابن، وكما أنه لا يستطيع أحد أن يصل للأب إلا عن طريق الابن ، هكذا يمكننا القول بأنه لا يستطيع أحد أن يصل للابن إلا بصحبة الأم، فهي الدليل والمرشد والمثال الأكمل للقداسة.
والمسبحة ليست إلا صلاة يستطيع المصلى من خلالها أن يتأمل سر ميلاد المسيح(أسرار الفرح)، سر محبة المسيح الكاملة والتي تظهر من خلال آلامه وصلبه(أسرار الحزن)، وسر نصرة وغلبة المسيح على الموت وعلى الخطيئة(أسرار المجد)، مروراً أيضاً ببعض الأوقات الهامة في حياة “الكلمة المتجسدة” (أسرار النور). ومن ثم فالمسبحة ليست صلاة إلى العذراء بقدر كونها صلاة العذراء وبصحبتها إلى الابن.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن أسرار النور التي أضافها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني إلى صلاة المسبحة لا تهدف إلا إلى أغناء هذه الصلاة التي كانت ولازالت مصدر غنى لكل التراث المسيحي عبر كل العصور، وينبوعاً فاض ماء عذباً لكل عطشان ذهب إليه راغباً في الارتواء. وأسرار النور تهدف، عن طريق التأمل في حياة يسوع العلانية، إلى مساعدة المصلى على أن يحيا هذه الصلاة بطريقة تبتعد عن الرتابة، مجدداً دائماً حيويتها عن طريق التأمل في حياة المسيح التي لا يمكن الانتهاء من التأمل فيها.
وأخيراً، فالمسبحة هي الصلاة التي طلبتها العذراء في كل ظهوراتها العجائبية، وهذا يعنى أنها الصلاة المحببة والقريبة إلى قلب أم الله وأم البشر. الصلاة الأكثر غنى رغم كونها الأكثر بساطة، الصلاة التي تضعنا في حضرة الابن وصحبة العذراء، الصلاة التي تؤكد لنا أن الإيمان ممكن وأن القداسة ليست حكراً على بغض المختارين بل هي دعوة كل مؤمن يختار المسيح مخلصاً له والعذراء أماً ومثالاً له.
كيف نصلي الوردية المقدسة
(السيدة العذراء في 13 تشرين الأول 1917- فاطمة)
التأمل عنصر جوهري في الورديّة فبدونه تتحوّل إلى جسد لا روح فيه، وتصبح تلاوتها اعادة آلية لبعض العبارات، مخالفة لوصيّة يسوع (متى 6-7)، عليه فانه لا بدّ من تلاوة الورديّة بهدوء وإطمئنان بغية التوصّل الى تأمل اسرار الحياة الربيّة، من خلال قلب تلكَ التي كانت اقرب الناس إليه.
من منشور لقداسة البابا بولس السادس في الإكرام المريمي 22-3-1974
“هذه العبادة تكون لك سلاحاً تُقاوم بهِ الأعداء المنظورين وغير المنظورين وتكون عربون محبتي للمسيحييّن”…
(البابا بيوس الثاني عشر)
مقدمة:
القديس عبد الأحد الذي ولد سنة 1170 في إسبانيا وتوفيَ سنة 1221، عمِلَ مع أبٍ آخر على إغناء المسبحة بإدخال الأسرار إليها، كما أوحت له السيدة العذراء للتأمّل بحياة يسوع وحياة مريم أمّه. وسميّاها المسبحة “الورديّة”. فقُسِّمت إلى ثلاثة أقسام وأضاف البابا يوحنا بولس الثاني قسم رابع اعلنه في الرسالة الباباوية التي ظهرت في 16 تشرين الأول من العام 2002 وهي أسرار النور إذاً الأسرار أصبحت :
وكل قسم مقسّم بدوره إلى خمس أبيات كلّ بيت يتألّف من عشر حبّات يُضاف حبّة كبيرة بين كل بيت وآخر لتلاوة الصلاة الربّية التي علّمنا أياها سيدنا يسوع المسيح.
وقد خصِّصَ يومَي الأثنين والسبت لأسرار الفرَح، والثلاثاء والجمعه لأسرار الحزن والأربعاء والأحد لأسرار المجد. ويوم الخميس لأسرار النور.
تطلب السيّدة العذراء بإلحاح تلاوة الورديّة وظهر هذا في معظم رسائلها في العالم..
“عوِّدي الأطفال على تلاوة المسبحة وضعي المسبحة تحت وسادة المريض فيتوب ويحظى بميته صالحة”.. السيدة العذراء للقديسة أنجال مؤسِسة راهبات “الأورسولين” 1535.
سألت السيّدة العذراء القديسة كاترين لابوريه عن مسبحتها في إحد الظهورات وطلبت منها تلاوتها كل يوم مع الراهبات1830..
طلبت السيدة العذراء من برناديث سوبيرو في لورد في إحد الظهورات تلاوة المسبحة مع الجماهير وكانت ترى السيدة العذراء تبتسم وبيدها مسبحة من ورد.
وفي فاطمة طلبت السيدّة العذراء منَ الأولاد تلاوة مسبحتهم وعلمتهم صلاة صغيرة يتلونها بعد المجد من كل بيت وهي:
” يا يسوع الحبيب إغفر لنا خطايانا، نجّنا من نار جهنّم والمطهر وخذ إلى السماء جميع النفوس خصوصاً تلكَ التي هيَ بأكثر حاجة إلى رحمتك. آمين”. 1917
” صلّوا! صلّوا! صلّوا! فَيُعطى لكُم. إقرعوا فيُفْتَح لكُم أطلبوا فتَجِدوا. فبالصلاة والتكفير تنالون كلّ شيء إذا كان خيراً لنُفوسِكُم” السيّدة العذراء 1968 سان داميانو- إيطاليا.
“صلّوا من أجل أولادكم ضعوهُم تحتَ حمايتي لأنّي سأضعُهم حولي بشدّة..” سان داميانو إيطاليا..
” الورديّة.. يا أحبّأئي إنها وسيلة دفاعِكم من وجه العدوّ.. هي خلاصكم..” سان داميانو – إيطاليا 1969
” عندما تتلون مسبحة الورديّة, صلّوها بإنتباه وفكّروا بمعنى كلّ كلمة”. الإسكوريال- إسبانيا 1988.

1) نرسم إشارة الصليب:
“بإسم الآب والإبن والروح القُدُس الإله الواحد آمين”.
2) صلاة إلى الروح القُدُس:
3) نتلو فعل الندامة…
4) نُمسك بصليب المسبحة ونتلو قانون الإيمان..
5) نُصَلّي الأبانا على أول حبّة فوق الصليب.
6) نصَلّي ثلات مرّات السلام الملائكي..
7) ثم ” المجدُ للآب والإبن والروح القدس، كما كان في البَدءِ والآن وعلى الدوام، وإلى دهر الداهرين، آمين.
ونُضيف الصلاة التي علّمتها السيدة العذراء للأطفال في فاطمة :
” يا يسوع الحبيب إغفر لنا خطايانا نجّنا من نار جهنّم والمطهر وخذ إلى السماء
جميع النفوس خصوصاً تلكَ التي هي بأكثر حاجة إلى رحمتِك. آمين.”
في كل بيت من المسبحة نتأمل مع مريم بحدث من حياة يسوع.. أن التأمل بالأسرار يُعطي النفوس المستَعِدّة واليقظة النِعَم الكثيرة.
أسرار الفرح .. ليومَي الأثنين والسبت.
السر الأول : البشارة. ثمرة هذا السرّ التواضع. مراجعة لوقا 1/ 26-38
“أقدّم لكِ ايتها البتول الطوباوية جزيل الفرح الذي فرحتِه لأجل بشارتِك من الملاك جبرائيل بالحبل الإلهي.
( مرّة أبانا وعشر مرات السلام وثم المجد وثم صلاة الأطفال في فاطمة، وهكذا في كل بيت من المسبحة)
السرّ الثاني : الزيارة. ثمرة هذا السرّ محبّة القريب. مراجعة لوقا 1/ 39-45
“أقدّم لكِ أيتها البتول الطوباوية جزيل الفرح الذي فرحتِه لأجل زيارتك المقدّسة خالتَك القدّيسة أليصابات”
السرّ الثالث : الولادة. ثمرة هذا السرّ الفقر والتجرّد. مراجعة لوقا2/ 1-7
“أقدّم لكِ أيتها البتول الطوباويّة جزيل الفرح الذي فرحتِه لولادَتِك سيدنا يسوع المسيح في مغارة بيت لحم.
السرّ الرابع : التقدمة. ثمرة هذا السرّ الطهارة وتتميم الوصايا. مراجعة
لوقا 2/ 21-40
“أقدم لك أيتها البتول الطوباويّة جزيل الفرح الذي فرحتِه لمّا قدّمتِ ابنكِ سيدنا يسوع المسيح قرباناً لله على يد سمعان الشيخ في الهيكل.
السرّ الخامس: وجود يسوع في الهيكل. ثمرة هذا السرّ الطاعة والسعي للحصول على يسوع. مراجعة لوقا 2/ 41-50
“أقدّم لكِ أيتها البتول الطوباويةّ جزيل الفرح الذي فرحتهِ لمّا وجدت سيدنا يسوع المسيح في الهيكل يناظر العلماء ويجادلهم”.