دراسات وأبحاث في الكتاب المقدس
سلسلة دراسة الذبائح טֶבַח والتقديمات (42) ذبيحة المحرقة ذبيحة الطاعة (معنى العصيان)
دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس الذبيحة טֶבַח – ط ب ح ؛ θυσίας σΦάζω Sacrifice 166 – Sacrifices 142 – Sacrificing 12 42 4 – ذبيحة الصليب في ضوء ذبائح العهد القديم ثانياً : الخمسة أوجه من ذبيحة الصليب
تابع [1] الوجه الأول من أوجه الصليب ذبيحة المحرقة ( ذبيحة الطاعة ) – עלׇה
ὁλοκαύτωμα معنى العصيان للرجوع للجزء السابق أضغط : هنـــــــــــــــا
[INDENT]ذبيحة المحرقة ، ذبيحة الطاعة [/INDENT]أن أول وأهم وجه من أوجه الصليب هو : طاعة الابن للآب ! [ أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائرا في شبه الناس. و إذ وُجِدَ في الهيئة كإنسان وضع نفسه و أطاع حتى الموت موت الصليب ] (فيلبي 2: 7 – 8) وقبل أن نتكلم عن طاعة الابن للآب وندخل في عمق الصليب ، ينبغي أن نعرف أولاً أهمية هذه الذبيحة بالنسبة لحالة السقوط الذي تم في الخليقة ، لأنه منذ بداية حياة الإنسان حدثت مأساة تُسمى العصيان [ ἀπεὶθει – apeitheia – لا يطيع ، مُعاند ، لا يقنع ، لا يؤمن ، يعصى ، عاصي ] وممكن للمعنى أن يشمل معنى [ يضل – يفسد ] ويُفيد معنى التضليل أو الضلال والتيه والحيدان عن الطريق المستقيم وبمعنى أدق الضلال عن الحق ، وأصل الكلمة مشتق من الكلمة التي تعني [ يثق – يعتمد على ] والكلمة هنا [ عصيان ] تظهر كنتيجة عكسية للثقة والاعتماد ، والثقة عموماً تستند على أمانة الله في مواعيد عهده ، واختياره ووعده [ الرب لي فلا أخاف ، ماذا يصنع بي الإنسان … الاحتماء بالرب خيرٌ من التوكل على إنسان … أما الرب فعضدني … قوتي وترنيمتي الرب وقد صار لي خلاصاً … يمين الرب صانعة ببأس ، يمين الرب مرتفعة … لا أموت بل أحيا وأُحدث بأعمال الرب ] (أنظر المزمور 118) ؛ [ في ذلك اليوم يلتفت الإنسان إلى صانعه وتنظر عيناه إلى قدوس إسرائيل . ولا يلتفت إلى المذابح صنعة يديه ولا ينظر إلى ما صنعته أصابعه السواري والشمسات ] (إشعياء 17: 7 – 8) عموماً المعنى العام للكلمة [ العصيان ] باختصار تُفيد أو تحمل معنى يُقنع أو يستميل ، وذلك للتضليل والإفساد [ فلم يسمعوا لي ولم يميلوا أُذنهم بل ساروا في مشورات وعناد قلبهم الشرير وأعطوا القفا لا الوجه . فمن اليوم الذي خرج فيه آباؤكم من أرض مصر إلى هذا اليوم أرسلت إليكم كل عبيدي الأنبياء مُبكراً كل يوم ومرسلاً . فلم يسمعوا لي ولم يميلوا أُذنهم بل صَلَّبوا رقابهم أساءوا أكثر من آبائهم ] [ أنظر إرميا الإصحاح السابع بكاملة وذلك للأهمية ] عموماً نجد أن الله أوصى آدم مُعطياً وصية واحدة لتحفظ حريته واختياره قائلاً : [ من جميع شجر الجنة تأكل وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها … ] (تكوين 1: 16 – 17) ولكن آدم عصى الله وكسر الوصية [ فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجُلها أيضاً معها فأكل ] (تكوين 3: 6) وبالطبع الخليقة كلها بدورها سارت على نفس ذات الدرب في طريق التمرد والعصيان [ بمعصية الإنسان الواحد جُعل الكثيرون خُطاة ] (رومية 5: 19) ، وطبعاً المعصية هنا لها معنى هام وخطير لابد من فهمه بدقة وتركيز ، لأننا إن لم نفهم معنى المعصية الحقيقي وخطورته من جهة خبرتنا كبشر ، لن نقدر أن نستفيد من ذبيحة المحرقة التي قدمها ربنا يسوع بذبيحة نفسه … فكلمة معصية [ ἀφίστημι – aphistemi ] كفعل متعدِ يعني [ حالة تمرد ، ضلال ] ، وكفعل لازم يعني [ يخرج ، ينسحب ، يُغادر ] ، وفي اليونانية الكلاسيكية تعني يُخبأ أو يعزل من علاقة أو ينعزل عن شركة مع شخص . وتعني أيضاً أن ينقلب ضد أحدهم بسبب العصيان . وتعني في الفعل [ غير متعمد أن يعزل نفسه ] ، ولنا أن نفهم أن أحياناً الإنسان لا يقصد أن ينعزل عن الله عن قصد ، ولكن طبيعة العصيان التلقائي وعدم الطاعة ونتيجته الطبيعية هو الانعزال والانفصال ، وتعني أيضاً [ يرحل ، ينسحب من ، يستسلم ل ، تدهور ] ومن هذا الكلمة يشتق المعنى [ عصيان – ارتداد – هروب ] . [1] المعنى العبري للكلمة في العهد القديم : ترد كلمات فئة هذه الكلمة أكثر من 250 مرة في الترجمة السبعينية ، مترجمة لحوالي 40 كلمة عبرية مختلفة ، لهم أهمية لاهوتية خاصة ، حين يستخدمون لترجمة أشكال من الكلمة מַעַל إذ تُستخدم في التصرف بخيانة أو ضد القانون ، أو ليعصى أو يتعدى على ، أو يثور : * التصرف بخيانة أو ضد القانون [ وقاوموا عُزيا الملك وقالوا له ليس لك يا عُزيا أن تُوقد للرب بل للكهنة بني هارون المُقدسين للإيقاد (تصرف ضد القانون) . أخرج من المقدس لأنك خُنت وليس لك من كرامة من عند الرب الإله ] (2أخبار أيام 26: 18) [ لأن الرب زلل يهوذا بسبب آحاز ملك إسرائيل أَجمحَ (ضلل) يهوذا وخان الرب خيانة (الرب أزل يهوذا بسبب آحاز ملكها الذي ضلل شعبها وخان الرب خيانة) … وفي ضيقه زاد خيانة بالرب ، الملك آحاز هذا (وكان آحاز يزيد خيانة للرب كلما اشتد عليه الضيق) ] (2أخبار أيام 28: 19، 22) * ليعصى يتعدى على [ في أيامه عصى أدوم من تحت يد يهوذا وملكوا على أنفسهم ملكاً … فعصى آدوم من تحت يد يهوذا إلى هذا اليوم . حينئذ عصت (ثارت وانفصلت) لبنة في ذلك الوقت من تحت يده لأنه ترك الرب إله آبائه ] (2أخبار أيام 21: 8 و10) * يعصى – يثور – يتمرد [ اثنتي عشر سنة استُعبدوا لكدرلعومر والسنة الثالثة عشر عصوا عليه ] (تكوين 14: 4) ، [و عصوا و تمردوا عليك و طرحوا شريعتك وراء ظهورهم و قتلوا أنبياءك الذين اشهدوا عليهم ليردوهم إليك و عملوا إهانة عظيمة ] (نح 9 : 26) [2] معنى الكلمة في اليونانية الكلاسكية وتظهر في العهد القديم بهذه المعاني : * تعني النقل بمعناه الواسع [ ثم نقل من هُناك إلى الجبل شرقي بيت إيل ونصب خيمته ] (تكوين 12: 8) * الفصل بين الأشخاص [ فأبعده شاول عنه (أبعد داود عنه) وجعله له رئيس ألفٍ فكان يدخل ويخرج أمام الشعب ] (1صموئيل 18: 13) ، [ أبعدوا عني يا جميع فاعلي الإثم . لأن الرب قد سمع صوت بكائي ] (مزمور 6: 8) * الانسحاب من علاقة أو الفك من إلزام أو من وضع [ ومن ابن خمسين سنة يرجعون (ينسحبون) من جُند الخدمة ولا يخدمون بعد ] (عدد 8: 25) ، [ من أجل ذلك ابتعد (الانسحاب من وضع) الحق عنا ولم يُدركنا العدل . ننتظر نوراً فإذا ظلام . ضياء فنسير في ظلام دامس ] (إشعياء 59: 9) وسوف نشرح في الجزء القادم معنى العصيان الأساسي في السياق الديني وخطورة وضعه ….
_____________________ للدخول على فهرس الموضوع للمتابعة والتدقيق أضغط : هنــــــــــــــــــــا