سلسلة دراسة الذبائح טֶבַח والتقديمات (30) تعبير دمٍ ولحم
[جـ] التعبير [ دمٍ ولحم ] :يُصوَرُ ضعف الطبيعة الإنسانية وسرعة زوالها، أي يُعبَّر عن ضعف بشريتنا ، وأيضاً يُعبَّر كتعبير رئيسي في العهد الجديد على الوقوع تحت سلطان عبودية الخطية والموت ، لذلك مكتوب أن دمٍ ولحم لا يرثان ملكوت الله ، وذلك بسبب طبيعة الإنسان الساقطة تحت سلطان الموت الناشئ من تيار الفساد الذي سطا على إنسانيتنا التي سقطت بحريتها وإرادتها ، فتغيرت الطبيعة البشرية من حالة مجد وشركة مع الله في النور ، لحالة من الهوان والظلمة التي لا تقدر أن تتعامل مع الله النور الحقيقي ، لأن عندما يُشرق الله تتبدد الظلمة وتتلاشى ، لذلك قال الله لموسى لا يراني إنسان ويعيش ، لا لأنه يريد أن يُميت الإنسان بل لأن طبيعة ظلمة الإنسان الساقط لن تحتمل نور الله وبهاء مجده ، لذلك حينما رأى الشعب لمحة من نور الله على وجه موسى صرخوا ولم يحتملوا فوضع برقع ليستطيعوا النظر إليه !!! [ فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما، لكي يُبيد بالموت ذاك الذي له سُلطان الموت، أي إبليس، ويعتق أولئك الذين – خوفاً من الموت – كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية ] [ عبرانيين 2: 14 – 15 ] فهذا اللفظ [ دمٍ ولحم ] يُشير لحالتنا الساقطة كمخلوقات (كدمٍ ولحم) ، أي في حالتنا الطبيعية كبشر واقعين تحت سلطان عبودية الخطية لا نستطيع المشاركة في مجد الله : [ إن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله ] [1كورنثوس 15: 50]، والذي يرث ملكوت الله الإنسان الجديد النوراني المخلوق حسب الله ، أي المولود من فوق وله طبع سماوي ، أي المولود من الله … + مصطلح دمٍ ولحم ورؤية الله ومعرفته الحقيقية وحرب القوات الشريرة : أيضاً تعبير [ دمٍ ولحم ] يوجه قلب الإنسان لمعرفة الله الحقيقية واستعلانه الخاص ، فتعبير دمٍ ولحم يدل على عجز المعرفة الإنسانية لأنها مرتبطة بالخطية ، لذلك يفشل الإنسان في إقامة علاقة مع الله القدوس ولا يقدر بالتالي على معرفته ، لأن الله لا يتعامل مع خطية ، وأيضاً الإنسان في حالة السقوط وسيطرة الخطية على قلبه لا يقدر أن يرى الله أو يتعرف عليه حتى لو اقترب إليه ، لذلك معرفة الله الحقيقية لا تأتي على مستوى اللحم والدم ، بل تأتي برؤية خاصة معلنه من السماء في داخل القلب سراً وكما قال الرب لبطرس حينما قال أنت هو المسيح ابن الله الحي : [ إن لحماً ودماً (حسب الترجمة الحرفية) لم يُعلن لك لكن أبي الذي في السماوات ] ( مت16: 17 ) . وهذا يعني بالطبع أن يترك الإنسان نهائياً كل جهد للاستناد على الرؤية الإلهية بالسلطان الإنساني : [ لما سُرَّ الله الذي أفرزني ( اختارني وخصصني ) من بطن أمي . ودعاني بنعمته . أن يُعلن ابنه فيَّ لأُبشر به بين الأمم، للوقت لم استشر لحماً ودماً ] ( غلاطية 1: 15 – 16 ) …
