لنتعلم أصول الطريق من عذراء الدهور
، فقد سمت وارتفعت فوق المبادئ والظنون وكل ما يفتكر فيه البشر من حالة السمو والرفعة والمجد ، فنجدها صامته في هدوء ورزانة ، ولا تعبأ بغنى ولا تطمع في مجد ولا تهتم بما يقوله الناس أو ماذا يظنون في شخصها ، بل دائمة المحبة لله سراً في قلبها ، لا تُقلب الكلام وتفتكر في أقوال الله بعقلها وتعيش كالفلاسفة ، بل من يد الله تقبل كل شيء في اتضاع لم يُرى مثله مثيل وصمت أدهش العالم كله فوقف أمامها التاريخ صامتاً يعلن مجد النعمة الذي ملك على قلبها وفكرها بفيض وسكيب لم ولن يأخذه أحد قط ، فقد كان كنز قلبها وشعلة حياتها هو ما تحفظه في قلبها إذ كانت تحفظ جميع كلام ابنها الله الحي القدوس المتجسد متفكرة به في قلبها .
فمن يُريد أن يشتعل حباً ويعرف طريق المحبين فلينظر لجبل الطهارة الشامخ ، شمس المحبة المشرقة ، الأم الدائمة البتولية ، وكيف اتضعت وكيف قبلت كلام الرب وكيف كانت تفكر في قلبها وتحفظ كل ما يقوله رب الجنود الكامل !!!
حقاً يا لها من فهل يوجد من يرى ما أراه ويسمع ما اسمعه في صمت عذراء الدهور الفقيرة في الجسد والغنية في الروح ، هذه التي صارت مثالاً حياً لعمل الله الفائق كل فكر البشر وظنهم !!!